الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(138 - (7)
بَاب قسْمَة الإِمَام مَا يقدم عَلَيْهِ، ويخبأ لمن يحضرهُ أَو غَابَ عَنهُ)
فِيهِ الْمسور: أهديت للنَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أقبية من ديباج مزرّرة بِالذَّهَب فَقَسمهَا فِي نَاس من أَصْحَابه. وعزل مِنْهَا وَاحِدَة لمخرمة فجَاء مخرمَة، وَمَعَهُ ابْنه الْمسور بن مخرمَة، إِلَى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَسمع صَوته فَأخذ قبَاء فَتَلقاهُ بِهِ، واستقبله بأزراره. وَقَالَ: يَا أَبَا الْمسور: خبأت لَك هَذَا مرّتين، وَكَانَ فِي خلقه شّدة.
قلت: رَضِي الله عَنْك {فِي الْكَلَام الْمَشْهُور بَين النَّاس الْهَدِيَّة لمن حضر، وَفِي هَذَا الحَدِيث خلاف ذَلِك. وَإِن الْأَمر موكول إِلَى الِاجْتِهَاد.
(139 - (8)
بَاب الْغَازِي فِي مَاله حيّاً وميّتاً، مَعَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وولاة الْأَمر)
فِيهِ ابْن الزبير: لما وقف الزبير يَوْم الْجمل دَعَاني فَقُمْت إِلَى جنبه. فَقَالَ: يَا بنّي} إِنَّه لَا يقتل الْيَوْم إِلَّا ظَالِم أَو مظلوم. وَإِنِّي لَا أَرَانِي إِلَّا سأقتل الْيَوْم مَظْلُوما، وَإِن من أكبر همي لديني. أفتري ديننَا يبْقى من مالنا شَيْئا؟ قَالَ: يَا بني! بِعْ مالنا واقض ديني. وَأوصى بِالثُّلثِ، وَثلثه لِبَنِيهِ، يعْنى بني عبد الله بن الزبير. يَقُول: ثلّث الثُّلُث، فَإِن فضل من مالنا شَيْء بعد قَضَاء
الدّين، فثلثه لولدك. وَكَانَ بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وَعباد. وَله يؤمئذ تسع بَنِينَ وتسع بَنَات. قَالَ عبد الله: فَجعل يوصيني بديني وَيَقُول: يَا بنيّ {إِن عجزت عَن شَيْء مِنْهُ، فَاسْتَعِنْ بمولاي. قَالَ: فوَاللَّه مَا دَريت مَا أَرَادَ حَتَّى قلت: يَا أَبَت من مَوْلَاك؟ قَالَ: الله. فوَاللَّه مَا وَقعت فِي كربَة من دين إِلَّا قلت: يَا مولى الزبير} اقْضِ عَنهُ دينه فيقضيه.
فَقتل الزبير وَلم يدع دِينَارا وَلَا درهما، إِلَّا أَرضين: مِنْهَا الغابة وَإِحْدَى عشرَة دَارا بِالْمَدِينَةِ، ودارين بِالْبَصْرَةِ، وداراً بِالْكُوفَةِ، وداراً بِمصْر. وَإِنَّمَا كَانَ دينه الَّذِي عَلَيْهِ أَن الرجل كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فيستودعه إِيَّاه. فَيَقُول الزبير: لَا وَلكنه سلف، فإنيّ أخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَة وَمَا ولى إِمَارَة قطّ، وَلَا جباية خراج، وَلَا شَيْئا إِلَّا أَن يكون فِي غَزْوَة مَعَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، أَو مَعَ أبي بكر، وَمَعَ عمر وَعُثْمَان فحسبت مَا عَلَيْهِ من الدّين ألفي ألف ومأتي ألف. قَالَ: فلقى حَكِيم بن حزَام عبد الله، فَقَالَ: يَا ابْن أخي! كم على أخي من الدّين؟ فكتمه. وَقَالَ: مئة ألف. فَقَالَ حَكِيم: وَالله مَا أرى أَمْوَالكُم تسع لهَذِهِ. قَالَ لَهُ عبد الله: أفرأيتك إِن كَانَت ألفي ألف ومئتي ألف؟ قَالَ: مَا أَرَاكُم تطيقون هَذَا؟ فَإِن
عجزتم عَن شَيْء مِنْهُ فاستعينوا بِي. وَكَانَ الزبير اشْترى الغابة بسبعين وَمِائَة ألف. فَبَاعَهَا عبد الله بِأَلف ألف وسِتمِائَة ألف. ثمَّ قَامَ. فَقَالَ: من كَانَ لَهُ على الزبير حق فليوافنا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عبد الله بن جَعْفَر، وَكَانَ على الزبير أَربع مئة ألف. فَقَالَ لعبد الله: إِن شِئْتُم تركتهَا لكم. قَالَ عبد الله: لَا. قَالَ: فَإِن شِئْتُم جعلتموها فِيمَا تؤخرون إِن أخّرتم. ثمَّ قَالَ عبد الله: لَا. قَالَ: فَاقْطَعُوا لي قِطْعَة. قَالَ عبد الْملك: لَك من هَهُنَا إِلَى هَهُنَا. قَالَ: فَبَاعَ مِنْهَا فَقضى دينه فأوفاه. وبقى مِنْهَا أَرْبَعَة أسْهم وَنصف. فَقدم على مُعَاوِيَة وَعِنْده عمر بن عُثْمَان وَالْمُنْذر بن الزبير وعبد الله بن زَمعَة - فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: كم قوّمت الغابة؟ قَالَ: كل سهم مئة ألف. قَالَ: كم بقى؟ قَالَ: أَرْبَعَة أسْهم وَنصف. فَقَالَ الْمُنْذر بن الزبير: قد أخذت سَهْما بمئة ألف. وَقَالَ عمر بن عُثْمَان: قد أخذت سَهْما بمئة ألف. قَالَ مُعَاوِيَة: كم بَقِي؟ قَالَ سهم وَنصف. قَالَ: قد أَخَذته بِخَمْسِينَ ومئة ألف. فَلم فرغ ابْن الزبير من قَضَاء دينه. قَالَ بَنو الزبير: اقْسمْ بَيْننَا ميراثنا. فَقَالَ: لَا اقْسمْ بَيْنكُم حَتَّى أنادي بِالْمَوْسِمِ أَربع سِنِين: أَلا من كَانَ لَهُ على الزبير دين، فليأتنا فلنقضه {قَالَ: فَجعل كل سنة يُنَادي بِالْمَوْسِمِ. فَلَمَّا قضى أَربع سِنِين قسم بَينهم. وَكَانَ للزبير أَربع نسْوَة، وَرفع الثُّلُث فَأصَاب كل امْرَأَة ألف ألف ومئتا ألف.
قلت: رَضِي الله عَنْك} وَجه مُطَابقَة التَّرْجَمَة للْحَدِيث أَن الزبير مَا وسع عَلَيْهِ بِولَايَة وَلَا جباية، بل ببركة غَزوه مَعَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-. فَبَارك الله فِيهَا سَهْما من الْغَنَائِم لطيب أَصْلهَا، وسداد مُعَامَلَته فِيهَا.
ووهّم شَارِح البُخَارِيّ راويّ الحَدِيث فِي أَسبَاب الْجُمْلَة، فَقَالَ: التَّحْقِيق: إِنَّهَا سَبْعَة