الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(240 - (9)
بَاب حسن المعاشرة مَعَ الْأَهْل)
فِيهِ عَائِشَة: جلس إِحْدَى عشرَة امْرَأَة فتعاهدن أَن لَا يكتمن من أَخْبَار أَزوَاجهنَّ شَيْئا.
قَالَت الأولى: زَوجي لحم جملٍ غثّ على رَأس جبل، لَا سهلٍ فيرتقي، وَلَا سمين فَينْتَقل.
قَالَت الثَّانِيَة: زَوجي لَا أبث خَبره، إِنِّي أَخَاف أَن لَا أذره، إِن أذكرهُ أذكر عُجَره وبجره.
قَالَت الثَّالِثَة: زَوجي العشنق، إِن أنطق أطلق، وَإِن أسكت أعلق.
قَالَت الرَّابِعَة: زَوجي كليل تهَامَة لَا حرّ وَلَا قر، وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة.
قَالَت الْخَامِسَة: زَوجي إِن دخل فَهد، وَإِن خرج أَسد، وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد.
قَالَت السَّادِسَة: زَوجي إِن أكل لف، وَإِن شرب اشتفّ، وَإِن اضْطجع التفّ وَلَا يولج الكفّ ليعلم البثّ.
قَالَت السَّابِعَة: زَوجي غياياء - أَو عياياء - طباقاء. كل دَاء لَهُ دَاء. شجك أفلّك، أَو جمع كلا لَك.
قَالَت الثَّامِنَة: زَوجي المسّ مسّ أرنب، وَالرِّيح ريح زرنب.
قَالَت التَّاسِعَة: زَوجي رفيع الْعِمَاد، طَوِيل النجاد، عَظِيم الرماد، قريب الْبَيْت من الناد.
قَالَت الْعَاشِرَة: زَوجي مَالك، وَمَا مَالك، مَالك خير من ذَلِك. لَهُ إبل كثيرات الْمُبَارك، وقليلات المسارح، وَإِذا سمعن صَوت المزهر أيقنّ أَنَّهُنَّ هوالك.
قَالَت الْحَادِيَة عشر: زَوجي أَبُو زرع، وَمَا أَبُو زرع؟ ، أنَاس من حلىّ أذنىّ، وملأ من شَحم عضديّ، بجحني فبجحت إليّ نَفسِي، وجدني فِي أهل غنيمَة بشقّ، فجعلني فِي أهل صَهِيل وأطيط ودائس ومنق. فَعنده أَقُول فَلَا أقبّح، وأرقد فأتصّبح، وأشرب فأتقنح.
أم أبي زرع فَمَا أم أبي ذرع؟ عكومها رواح، وبيتها فساح. ابْن أبي زرع فَمَا ابْن أبي زرع؟ مضجعه كمسلّ شطبة، ويشبعه زراع الجفرة. بنت أبي زرع فَمَا بنت أبي زرع؟ طوع أَبِيهَا وطوع أمّها، وملّ كسائها، وغيظ جارتها. جَارِيَة أبي زرع فَمَا جَارِيَة أبي زرع؟ لَا تبثّ حديثنا تبثيثاً، وَلَا تملأ بيتنا تعشيثاً.
قَالَت: خرج أَبُو زرع والأوطاب تمخض، فلقى امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين يلعبان من تَحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها. فنكحت بعده رجلا سرياً. ركب شريا، وَأخذ خطياً، واراح علىّ نعما ثرّيا، وَأَعْطَانِي كلّ رَائِحَة زوجا. وَقَالَ: كلي أم زرع، وميرى أهلك.
قَالَت: فَلَو جمعت كل شَيْء أعطانيه مَا بلغ أصغرانية أبي زرع.
قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها فَقَالَ لي رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-: كنت لَك يَا عَائِشَة كَأبي زرعٍ لأم زرع.
وَفِيه عَائِشَة: كَانَ الْحَبَش يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ. فسترني رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- وَأَنا أنظر. فَمَا زلت أنظر حَتَّى كنت أَنا أنصرف، فاقدروا قدر الْجَارِيَة الحديثة السن تسمع اللَّهْو.
قلت: رَضِي الله عَنْك! نبّه بِهَذِهِ التَّرْجَمَة على أَن إِيرَاد هَذِه الْحِكَايَة من النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- لَيْسَ خلياً عَن فَائِدَة شَرْعِيَّة، بل مُشْتَمِلًا عَلَيْهَا. وَتلك الْفَائِدَة: الْإِحْسَان فِي معاشرة الْأَهْل كَمَا ندب الله سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ. وَفِي بعض طرقه أَنه قَالَ لَهَا: كنت لَك كَأبي زرع لأم زرع غير أَنِّي لَا أطلقك.