الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعمر: " بعنيه " قَالَ: هُوَ لَك يَا رَسُول الله. قَالَ: " بعنيه " فَبَاعَهُ من النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ: " هُوَ لَك يَا عبد الله بن عمر، تصنع بِهِ مَا شِئْت ".
وَفِيه ابْن عمر: بِعْت من أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان مَالا بوادي الْقرى بِمَال لَهُ بِخَيْبَر. فَلَمَّا تبايعنا رجعت على عَقبي حَتَّى خرجت من بَيته خشيَة أَن يرادّني فِي البيع، وَكَانَت السّنة أَن الْمُتَبَايعين بِالْخِيَارِ حَتَّى يفترقا. قَالَ عبد الله: فَلَمَّا وَجب بيعى وَبيعه رَأَيْت أَنِّي قد غبنته بِأَنِّي قد سقته إِلَى أَرض ثَمُود بِثَلَاث لَيَال، وساقني إِلَى الْمَدِينَة بِثَلَاث لَيَال.
قلت: رَضِي الله عَنْك! أَرَادَ البُخَارِيّ إِثْبَات خِيَار الْمجْلس بِحَدِيث ابْن عمر مَعَ عُثْمَان. وَلما علم أَن الحَدِيث الأول يُعَارضهُ لِأَن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- يصرف فِي الْبكر تصّرف الْمَالِك بِنَفس تَمام العقد لفظا، اسْتَأْنف عَن ذَلِك بقوله فِي التَّرْجَمَة:" وَلم يُنكر البَائِع على المُشْتَرِي "، يَعْنِي أَن هَذِه الْهِبَة إِنَّمَا مَضَت بإمضاء البَائِع، وَهُوَ سُكُوته النَّازِل منزلَة قَوْله: أمضيت العقد، لَا بِلَفْظ العقد الأول خَاصَّة. وَالله أعلم.
(193 - (8)
بَاب ذكر الْأَسْوَاق)
وَقَالَ عبد الرَّحْمَن: لما قدمنَا الْمَدِينَة [قلت] : هَل من سوق فِيهِ تِجَارَة؟ قَالَ: دلّوني على السُّوق. وَقَالَ عمر: ألهاني الصّفق بالأسواق.
فِيهِ عَائِشَة: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-: " يَغْزُو جيشٌ الْكَعْبَة فيخسف بأولهم
وَآخرهمْ ".
قُلْنَا: يَا رَسُول الله، كَيفَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ؟ [وَفِيهِمْ أسواقهم وَمن لَيْسَ مِنْهُم؟] قَالَ: يخسف بأولهم وَآخرهمْ ثمَّ يبعثون على نياتهم.
وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-: " صَلَاة أحدكُم فِي جمَاعَة تزيد على صلَاته فِي سوقه وبيته " الحَدِيث. وَفِيه أنس: كَانَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فِي السُّوق - وَقَالَ مرّة بِالبَقِيعِ - فَقَالَ رجل: يَا أَبَا الْقَاسِم فَالْتَفت إِلَيْهِ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فَقَالَ: " إِنَّمَا دَعَوْت هَذَا، فَقَالَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] : " تسمّوا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي ".
وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: خرج النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فِي طَائِفَة من النَّهَار وَلَا يكلّمني حَتَّى أَتَى سوق بني قينقاع. فَجَلَسَ بِفنَاء بَيت فَاطِمَة فَقَالَ: " أَثم لكع، أَثم لكع؟ فحسبته شَيْئا فَظَنَنْت أَنَّهَا تلبسه سخاباً أَو تغسله فجَاء يشتدّ حَتَّى عانقه وقبّله
…
الحَدِيث.
وَفِيه ابْن عمر: أَنهم كَانُوا يشْتَرونَ الطَّعَام من الركْبَان على عهد النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَبعث عَلَيْهِم من يمنعهُم أَن يبيعوا حَيْثُ اشتروه حَتَّى يبلغوه حَيْثُ يُبَاع الطَّعَام.
قلت: رَضِي الله عَنْك! إِنَّمَا أَرَادَ بِذكر الْأَسْوَاق بِإِبَاحَة المتاجر وَدخُول السُّوق وَالشِّرَاء فِيهِ للْعُلَمَاء والفضلاء. وَكَأَنَّهُ لم يَصح عِنْده الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ: " شَرّ الْبِقَاع الْأَسْوَاق، وَخَيرهَا الْمَسَاجِد ". وَهَذَا إِنَّمَا خرج على الْأَغْلَب لِأَن الْمَسَاجِد يذكر فِيهَا اسْم الله تَعَالَى.
والأسواق قد غلب على أَهلهَا الْغَلَط وَاللَّهْو والاشتغال بِجمع المَال والتكالب على الدُّنْيَا من الْوَجْه الْمُبَاح وَغَيره، وَأَنه إِذا ذكر الله فِي السُّوق فَهُوَ من أفضل الْأَعْمَال.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن وَاسع أَنه قَالَ: " سَمِعت سَالم بن عبد الله يَقُول: من دخل السُّوق فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير كتبت لَهُ ألف حَسَنَة وتمحى عَنهُ ألف ألف سَيِّئَة وَبنى لَهُ بَيت فِي الْجنَّة.
وَكَذَلِكَ إِذا لغى فِي الْمَسْجِد ولغط فِيهِ أَو عصى ربّه لم يضّر الْمَسْجِد وَلَا نقص من فَضله وَإِنَّمَا أضرّ نَفسه، وَبَالغ فِي إثمه.
وَقد روى عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه أَنه قَالَ: " من عصى الله فِي الْمَسْجِد فَكَأَنَّمَا عَصَاهُ فِي الْجنَّة. وَمن عَصَاهُ فِي الْحمام فَكَأَنَّمَا عَصَاهُ فِي النَّار. وَمن عَصَاهُ فِي الْمقْبرَة فَكَأَنَّمَا عَصَاهُ فِي عرصات الْقِيَامَة. وَمن عَصَاهُ فِي الْبَحْر فَكَأَنَّمَا عَصَاهُ على كف الْمَلَائِكَة ".
وَذهب الْمُهلب فِي حَدِيث عَائِشَة إِلَى من كثر سَواد العصاة تلْزمهُ الْعقُوبَة مَعَهم. وَإِن مَالِكًا استنبط من الحَدِيث معاقبة جليس شَارِب الْخمر وَإِن لم يشرب. وَهَذَا عِنْدِي مَرْدُود فَإِن الْعقُوبَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث هِيَ المحنة السماوية والمحن السماوية لَا تقاس بهَا الْعُقُوبَات الشَّرْعِيَّة. وَلِهَذَا قَالَ -[صلى الله عليه وسلم]-: " ويبعثون على نياتهم " دلّ على أَن الْمُقَاتلَة عوقبوا والسوقة امتحنوا مَعَهم فِي الدُّنْيَا خاصّة. ثمَّ وَرَاء ذَلِك نظر فِي مصاحبة أهل الْفِتْنَة للتِّجَارَة مَعَهم هَل هِيَ من قبيل إعانتهم على مَا هم عَلَيْهِ؟ أَو يُقَال: إِن ضَرُورَة الْوُجُود توجب معاملتهم، وكل على