الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قلت: رَضِي الله عَنْك!] احْتمل عِنْد البُخَارِيّ دفع الثّمن إِلَيْهِ أَن يكون بَاعه عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لم يكن يملك سواهُ. فَلَمَّا أحجف بِنَفسِهِ تولى النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- بَيْعه بِنَفسِهِ، لأجل تعلق حق التَّدْبِير. والحقوق إِذا أبطلت احْتِيجَ فِي فَسخهَا إِلَى الحكم. فعلى هَذَا التَّأْوِيل، يكون دفع الثّمن إِلَيْهِ حَتَّى يُنْفِقهُ على نَفسه.
وَاحْتمل عِنْده أَن يكون بَاعه عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مديان. وَمَال الْمديَان يقسم بَين الْغُرَمَاء. وَيكون سلمه إِلَيْهِ ليقسمه بَين غُرَمَائه. وَلِهَذَا ترْجم على التَّقْدِيرَيْنِ. وَالشَّارِح بعيد عَن هَذَا كُله. فَتَأَمّله.
(41 -
[الْخُصُومَات] )
(223 - (1)
بَاب من ردّ أَمر السَّفِيه والضعيف الْعقل وَإِن لم يكن حجر عَلَيْهِ الإِمَام)
وَيذكر عَن جَابر أَن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- ردّ على الْمُتَصَدّق قبل النَّهْي ثمَّ نَهَاهُ وَقَالَ مَالك: إِذا كَانَ لرجل على رجل مَال وَله عبد لَا شَيْء لَهُ غَيره. فَأعْتقهُ لم يجز عتقه.
وَمن بَاعَ على الضَّعِيف وَنَحْوه دفع إِلَيْهِ ثمنه وَأمره بالإصلاح وَالْقِيَام بِشَأْنِهِ فَإِن أفسد بعد مَنعه، لِأَن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- نهى عَن إِضَاعَة المَال. وَقَالَ للَّذي يخدع فِي البيع: إِذا بَايَعت فَقل: " لَا خلابة " وَلم يَأْخُذ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] مَاله.
فِيهِ ابْن عمر: كَانَ رجل يخدع فِي البيع، فَقَالَ لَهُ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-: إِذا بَايَعت فَقل: " لَا خلابة ". فَكَانَ يَقُول.
وَفِيه جَابر: إِن رجلا أعتق عبدا لَيْسَ لَهُ مَال غَيره، فردّه النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فابتاعه مِنْهُ نعيم بن النحّام.
قلت: رَضِي الله عَنْك! هَذِه التَّرْجَمَة وَمَا سَاقه مَعهَا من محاسنه اللطيفة. وَذَلِكَ أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي سَفِيه الْحَال قبل الحكم هَل ترد عقوده؟ اخْتلف قَول مَالك فِي ذَلِك، فَاخْتَارَ البُخَارِيّ ردّها، وَاسْتدلَّ بِحَدِيث الْمُدبر. وَذكر قَول مَالك فِي ردّ عتق الْمديَان قبل الْحجر إِذا أحَاط الدّين بِمَالِه. وَيلْزم مَالِكًا رد أَفعَال سَفِيه الْحَال لِأَن الْحجر فِي السَّفِيه والمديان مطرد. ثمَّ فهم البُخَارِيّ أَنه يرد عَلَيْهِ حَدِيث حبّان فَإِن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- اطلع على أَنه يخدع. وأمضى أَفعاله الْمَاضِيَة والمستقبلية فنبه على أَن الَّذِي تُرِيدُ أَفعاله هُوَ الظَّاهِر السَّفه، الْبَين الإضاعة، كإضاعة صَاحب الْمُدبر. وَالتَّفْصِيل بَين الظَّاهِر السَّفه والخفي السَّفه أحد أَقْوَال مَالك أَيْضا. وَأَن المخدوع فِي الْبيُوع يُمكنهُ الِاحْتِرَاز وَقد نبهه رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- ثمَّ فهم أَنه يرد عَلَيْهِ كَون النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- أعْطى صَاحب الْمُدبر ثمنه وَلَو كَانَ مَنعه لأجل السَّفه لما سلّم إِلَيْهِ الثّمن. فنبه على أَنه إِنَّمَا أعطَاهُ بعد أَن علمه طَرِيق الرشد، وَأمره بالإصلاح وَالْقِيَام بِشَأْنِهِ. وَمَا كَانَ السَّفه حِينَئِذٍ فسقاً. وَإِنَّمَا نَشأ من الْغَفْلَة وَعدم البصيرة بمواقع الْمصَالح فَلَمَّا بَينهَا لَهُ كَفاهُ ذَلِك.
وَلَو ظهر للنَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- من حَاله بعد ذَلِك، أَنه لم يتَنَبَّه وَلم يرشد لمَنعه التَّصَرُّف مُطلقًا، وَحجر عَلَيْهِ حجرا مطّرداً. وَقد أغْنى البُخَارِيّ الشَّارِح بإشاراته على