الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإخوان لي أَنا أَصْغَرهم. أَحدهمَا أَبُو بردة وَالْآخر أَبُو رهم، إِمَّا فِي بضع أَو ثَلَاثَة وَخمسين رجلا من قومِي. فَرَكبْنَا سفينة فَأَلْقَتْنَا السَّفِينَة إِلَى النَّجَاشِيّ بِالْحَبَشَةِ ووافقنا جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَصْحَابه عِنْده، فَقَالَ جَعْفَر: إِن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بعثنَا هَهُنَا وأمرنا بِالْإِقَامَةِ فأقيموا مَعنا. فَأَقَمْنَا مَعَه حَتَّى قدمنَا جَمِيعًا، فَوَافَقنَا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] حِين افْتتح خَيْبَر فَأَسْهم لنا - أَو قَالَ - فأعطانا مِنْهَا. وَمَا قسم لأحد غَابَ عَن فتح خَيْبَر مِنْهَا شَيْئا إِلَّا أَصْحَاب سَفِينَتنَا مَعَ جَعْفَر وَأَصْحَابه قسم لَهُم مَعَهم.
قلت: رَضِي الله عَنْك! الْأَحَادِيث مُطَابقَة للتَّرْجَمَة إِلَّا حَدِيث أبي مُوسَى فَإِن ظَاهره أَن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- قسم لَهُم من أصل الْغَنِيمَة مَعَ القائمين وَإِن كَانُوا غائبين تَخْصِيصًا لَهُم، لَا من الْخمس إِذْ لَو كَانَ مِنْهُ لم تظهر الخصوصية لِأَن الْخمس لعامة الْمُسلمين. والْحَدِيث نَاطِق بهَا. وَالله أعلم.
(25 -]
كتاب الْجِزْيَة [)
(141 - (1)
بَاب الْجِزْيَة وَالْمُوَادَعَة مَعَ أهل الْحَرْب)
وَقَوله تَعَالَى: {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يحرّمون مَا حرّم الله وَرَسُوله وَلَا يدينون دين الْحق من الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون} [التَّوْبَة: 29] وَمَا جَاءَ فِي أَخذ الْجِزْيَة من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس والعجم. وَقَالَ ابْن
عُيَيْنَة: عَن ابْن أبي نجيح قلت لمجاهد: مَا شَأْن أهل الشَّام عَلَيْهِم أَرْبَعَة دَنَانِير، وَأهل الْيمن عَلَيْهِم دِينَار. قَالَ: جعل ذَلِك من قبل الْيَسَار "
فِيهِ جَابر بن زيد: عَن بجالة قَالَ: كنت كَاتبا لجزء بن مُعَاوِيَة عَم الْأَحْنَف وأتانا كتاب عمر بن الْخطاب قبل مَوته بِسنة: فرقوا بَين كل ذِي محرم من الْمَجُوس وَلم يكن عمر أَخذ الْجِزْيَة من الْمَجُوس حَتَّى شهد ابْن عَوْف أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أَخذهَا من مجوس هجر.
وَفِيه عمر بن عَوْف: أَن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- بعث أَبَا عُبَيْدَة إِلَى الْبَحْرين يَأْتِي بجزيتها. وَكَانَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] هُوَ الَّذِي صَالح أهل الْبَحْرين وأمّر عَلَيْهِم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ، فَقدم أَبُو عُبَيْدَة بِمَال من الْبَحْرين فَسمِعت الْأَنْصَار بقدومه فَوَافَقت صَلَاة الصُّبْح مَعَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَلَمَّا انْصَرف تعرضوا إِلَيْهِ فتبسّم حِين رَآهُمْ، وَقَالَ: أظنكم سَمِعْتُمْ أَن أَبَا عُبَيْدَة قد جَاءَ بِشَيْء. قَالُوا: أجل. قَالَ: فأبشروا وأمّلوا مَا يسركم. فوَاللَّه لَا الْفقر أخْشَى عَلَيْكُم وَلَكِن أخْشَى أَن تبسط عَلَيْكُم الدُّنْيَا كَمَا بسطت على من قبلكُمْ فتتنافسوها كَمَا تنافسوها وتهلككم كَمَا أهلكتهم.
وَفِيه جُبَير بن حَيَّة: بعث عمر النَّاس فِي أفناء الْأَمْصَار يُقَاتلُون الْمُشْركين. فَأسلم الهرمزان، فَقَالَ: إِنِّي مستسرك فِي مغازيّ هَذِه، قَالَ نعم مثلهَا وَمثل من فِيهَا من النَّاس من عَدو الْمُسلمين مثل طَائِر لَهُ رَأس وَله جَنَاحَانِ وَله رجلَانِ.
فَإِن كسر أحد الجناحين نهضت الرّجلَانِ بالجناح وَالرَّأْس وانكسر الْجنَاح الآخر نهضت الرّجلَانِ وَالرَّأْس وَإِن شرح الرَّأْس ذهبت الجناحان وَالرجلَانِ. وَالرَّأْس كسْرَى والجناح قَيْصر والجناح الآخر فَارس فَمر الْمُسلمين فلينفروا إِلَى كسْرَى.
قَالَ جُبَير: فندبنا عمر. وَاسْتعْمل علينا النُّعْمَان بن مقرن حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض العدّو وَخرج علينا عَامل كسْرَى فِي أَرْبَعِينَ ألفا فَقَالَ ترجمان لَهُ: ليكلمني رجل مُسلم فَقَالَ الْمُغيرَة: سل عَمَّا شِئْت. قَالَ: مَا أَنْتُم؟ قَالُوا: نَحن أنَاس من الْعَرَب كُنَّا فِي شقاء شَدِيد وبلاء شَدِيد نمصّ الْجلد والنوى من الْجُوع ونلبس الْوَبر وَالشعر، ونعبد الْحجر وَالشَّجر. فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ بعث إِلَيْنَا رب السَّمَوَات وربّ الأَرْض نبيّاً من أَنْفُسنَا نَعْرِف أَبَاهُ وأمّه فَأمرنَا نبيّنا أَن نقاتلكم حَتَّى تعبدوا الله وَحده، أَو تؤدّوا الْجِزْيَة. وَأخْبرنَا نبينّا عَن رِسَالَة ربّنا أَنه من قتل منّا صَار إِلَى الْجنَّة فِي نعيم لم ير مثله قطّ. وَمن بقى منّا ملك رِقَابكُمْ فَقَالَ النُّعْمَان: رُبمَا أشهدك الله مثلهَا مَعَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فَلم يندّمك وَلم يخزك. وَلَكِن شهِدت الْقِتَال مَعَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كثيرا، كَانَ إِذا لم يُقَاتل فِي أول النَّهَار انْتظر حَتَّى تهب الأوراح وتحضر الصَّلَوَات.
قلت: رَضِي الله عَنْك! إِن أَرَادَ البُخَارِيّ بالموادعة عقد الذِّمَّة لَهُم بِأخذ الْجِزْيَة وإعفائهم بعد ذَلِك من الْقَتْل، فَهَذَا حكم الْجِزْيَة. وَالْمُوَادَعَة غير ذَلِك. وَإِن أَرَادَ مُشَاركَة قِتَالهمْ مَعَ إِمْكَانه قبل الظفر بهم، وَهُوَ معنى الْمُوَادَعَة فَمَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث مَا يطابقها إِلَّا تَأَخّر النُّعْمَان عَن مُقَابلَة الْعَدو وانتظاره زَوَال الشَّمْس فَهُوَ موادعة فِي هَذَا الزَّمَان مَعَ الْإِمْكَان لمصْلحَة. وَالله أعلم.