الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: رَضِي الله عَنْك! مَا وَجه دُخُول حَدِيث حُذَيْفَة فِي التَّرْجَمَة ومضمونها طول قيام اللَّيْل. وَإِنَّمَا فِي الحَدِيث السِّوَاك بِاللَّيْلِ؟ .
قلت: قد استشكله ابْن بطال حَتَّى عد ذكره فِيهَا من غلط النَّاسِخ، أَو لِأَن البُخَارِيّ رحمه الله اخترم قبل نسخ كِتَابه. وَيحْتَمل عِنْدِي - وَالله أعلم - أَن يكون فِي الحَدِيث إِشَارَة إِلَى معنى التَّرْجَمَة، من جِهَة أَن اسْتِعْمَال السِّوَاك حِينَئِذٍ يدلّ على مَا يُنَاسِبه من إِكْمَال الْهَيْئَة، وَالتَّأَهُّب للعبادات، وَأخذ النَّفس حينئذٍ بِمَا يُؤْخَذ بِهِ فِي النَّهَار، فَكَانَ ليلته [صلى الله عليه وسلم] نَهَارا، وَهُوَ دَلِيل طول الْقيام فِيهِ، إِذْ النَّافِلَة المخففة لَا يتهيأ لَهَا هَذَا التهيأ الْكَامِل. وَالله أعلم.
(62 - (3)
بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي السّفر
.)
فِيهِ مُورق: قلت لِابْنِ عمر: تصلي الضُّحَى؟ قَالَ: لَا. قلت فعمر؟ قَالَ: لَا. قلت فَأَبُو بكر؟ قَالَ: لَا. قلت فالنبي [صلى الله عليه وسلم] ؟ قَالَ: لَا إخَاله.
وَفِيه ابْن أبي ليلى: قَالَ مَا حَدثنَا أحد أَنه رأى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] يُصَلِّي الضُّحَى غير
أم هاني، قَالَت: إِن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] دخل بَيتهَا يَوْم فتح مَكَّة، فاغتسل، وَصلى ثَمَان رَكْعَات. فَلم أر صَلَاة قطّ أخف مِنْهَا، غير أَنه يتم ركوعها وسجودها.
قلت: رَضِي الله عَنْك! إِن قلت: مَا وَجه مُطَابقَة حَدِيث ابْن عمر للتَّرْجَمَة وَهِي مَخْصُوصَة بِصَلَاة الضُّحَى فِي السّفر. وَحَدِيث ابْن عمر نفي مُطلق عَن الْحَضَر وَالسّفر؟
قلت: أشكل هَذَا على ابْن بطال، فَحَمله على غلط النَّاسِخ، وَأَنه نقل الحَدِيث من التَّرْجَمَة الَّتِي بعد هَذِه وَهِي قَوْله:" بَاب من لم يصلّ الضُّحَى، وَرَآهُ وَاسِعًا ". وَهُوَ مَعْذُور إِذا ذهبت فكرته فِي غور هَذَا المُصَنّف للقصور، فَإِن بَحر البُخَارِيّ رحمه الله عميق، وقطره فِي أصُول الشَّرِيعَة غريق. وَالَّذِي لَاحَ لي أَن الحَدِيث مَكَانَهُ من التَّرْجَمَة على الصِّحَّة. وَإِن البُخَارِيّ لما اخْتلفت عَلَيْهِ ظواهر الْأَحَادِيث فِي صَلَاة الضُّحَى، كَحَدِيث أبي هُرَيْرَة:" أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث، لَا أدعهن: صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، ونوم على وتر، وَصَلَاة الضُّحَى ". نزل حَدِيث النَّفْي على السّفر، وَنزل حَدِيث الْإِثْبَات على الْحَضَر. وَترْجم لحَدِيث أبي هُرَيْرَة " بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر "، وَهُوَ فِي حَدِيثه بَين. فَإِن قَوْله:" ونوم على وتر " يفهم الْحَضَر. وَالتَّرْغِيب فِي الصّيام أَيْضا.
والتأكيد يدلّ على الْحَضَر إِذْ الْوَاجِب مِنْهُ فِي السّفر، لم يُؤَكد فِيهِ فضلا عَن النَّافِلَة. وَأدْخل حَدِيث أم هاني فِي هَذِه التَّرْجَمَة، لِأَنَّهُ عليه السلام يَوْم فتح مَكَّة لم يكن مُقيما بوطنه، فنبّه على أَن أمرهَا فِي السّفر على حسب الْحَال، وتسهيل فعلهَا، لِئَلَّا يتخيل أَنَّهَا مَمْنُوعَة فِي السّفر، أَو مبتدعة. وَالله أعلم.
وَيُؤَيّد حمل حَدِيث ابْن عمر على السّفر أَنه كَانَ لَا يسبح فِي السّفر،