الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَلبه الوجع، وعندكم الْقُرْآن، فحسبنا كتاب الله عزّو جلّ. وَاخْتلف أهل الْبَيْت واختصموا، فَمنهمْ من يَقُول: قرّبوا، يكْتب لكم رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- كتابا لن تضلّوا بعده. وَمِنْهُم من يَقُول مَا قَالَ عمر. فلمّا كثر اللَّغط وَالِاخْتِلَاف عِنْد النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- قَالَ: قومُوا عنىّ.
فَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: إِن الرزيّة كل الرزّية مَا حَال بَين أَن يكْتب لَهُم رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- الْكتاب من أجل اخْتلَافهمْ ولغطهم.
قلت: رَضِي الله عَنْك! قصد بِهَذِهِ التَّرْجَمَة التَّنْبِيه على أَن الْمُخَالفَة الَّتِي وَقعت أَحْيَانًا لما طلب مِنْهُم لم تكن عُدُولًا عَن الِاعْتِصَام إِذْ لم يخالفوا وَاجِبا وَلم يُؤثر عَنْهُم ذَلِك.
وصور الْمُخَالفَة فَهموا فِيهَا عدم الْعَزْم عَلَيْهِم وتمكينهم من بعض الْخيرَة. وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ خلافًا، وَلكنه إِخْبَار لما كَانَ لَهُم فِيهِ خِيَار، وَإِن كَانَ الْعلمَاء الْمُحَقِّقُونَ أَنْكَرُوا اجْتِمَاع الطّلبَة والخيرة وَلَو كَانَ الطّلب ندبا، وعدّوا ذَلِك تناقضاً لَا سَبِيل إِلَيْهِ شرعا، وَلَا يُوجد من الْعلمَاء من أجَاز ذَلِك وَهُوَ نفس البُخَارِيّ. وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
(71 -
[كتاب التَّوْحِيد] )
(359 - (1)
بَاب قَوْله تَعَالَى: {إنى أَنا الرَّزَّاق ذُو القوّة المتين} )
فِيهِ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- مَا أحد أَصْبِر على أَذَى سَمعه من الله، يدّعون لَهُ الْوَلَد، ثمَّ يعافيهم ويرزقهم.
قلت: رضى الله عَنْك! وَجه مُطَابقَة الحَدِيث لِلْآيَةِ على صِفَتي الرزق وَالْقُوَّة أَي الْقُدْرَة.
أما الرَّزَّاق فَوَاضِح بقوله: " ويرزقهم ". أما الْقُدْرَة وَالْقُوَّة فبقوله: " مَا أحد أَصْبِر على أَذَى سَمعه من الله عز وجل " فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى قدرَة الله على الْإِحْسَان إِلَيْهِم مَعَ كفرهم بِهِ.
وَأما الْبشر فَإِنَّهُ لَا يقدر على الْإِحْسَان إِلَى المسئ طبعا وَكَيف يتكلّف ذَلِك شرعا، لِأَن الَّذِي يحمل على الْمُكَافَأَة والمسارعة بالعقوبة خوف الْفَوْت. وَالله سُبْحَانَهُ قَادر أزلاً وأبداً، لَا يعجزه شئ وَلَا يفوتهُ.
والتلاوة: {إِن الله هُوَ الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة المتين} [الذاريات: 58] .