الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: رَضِي الله عَنْك {لَا يُطَابق حَدِيث عمر مَقْصُود التَّرْجَمَة، لِأَن عمر رضي الله عنه هُوَ الْمَالِك لمنافع وَقفه، من شَاءَ فَلهُ ذَلِك. وَلَا كَذَلِك الْمُوصى على أَوْلَاده، فَإِنَّهُم إِنَّمَا يملكُونَ المَال بقسمة الله وتمليكه، لَا حقّ لمَالِكه فِيهِ بعد مَوته.
فَكَذَلِك كَانَ الْمُخْتَار أَن وصىّ الْيَتِيم لَيْسَ لَهُ الْأكل من مَاله إِلَّا أَن يكون فَقِيرا فيأكل. ومختلف فِي قَضَائِهِ إِذا أيسر. وَالله أعلم.
(171 - (5)
بَاب إِذا وقف أَرضًا وَلم يبيّن الْحُدُود فَهُوَ جَائِز. وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة)
فِيهِ أنس: كَانَ أَبُو طَلْحَة أَكثر أنصاريّ بِالْمَدِينَةِ مَالا من نخل. وَكَانَ أحبّ أَمْوَاله إِلَيْهِ بيرحاء. وَكَانَت مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد. وَكَانَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- يدخلهَا وَيشْرب من مَاء فِيهَا طيّب.
قَالَ أنس لما نزلت: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} [آل عمرَان: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله} إِن الله تَعَالَى يَقُول: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} ، وَإِن أحبّ أَمْوَالِي إليّ بيرحاء. وَإِنَّهَا صَدَقَة لله عز وجل أَرْجُو برّها وَذُخْرهَا عِنْد الله فضعها حَيْثُ أَرَاك
الله. فَقَالَ: بخ، ذَلِك مَال رابح - أَو رَايِح - وَقد سَمِعت مَا قلت، وإنى أرى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين. قَالَ: أَبُو طَلْحَة: أفعل يَا رَسُول الله، فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة فِي أَقَاربه وَبنى عَمه.
وَفِيه ابْن عَبَّاس: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله {إِن أمه توفيت، أينفعها إِن تَصَدَّقت عَنْهَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فإنّ لي مخرافاً. فَأَنا أشهدك أَنِّي تَصَدَّقت بِهِ عَنْهَا.
قلت: رَضِي الله عَنْك} الْوَقْف لَازم بالبيّنة، وَاللَّفْظ الْمشَار بِهِ إِلَى الْمَقْصُود فقد يتلفّظ باسمه الْعلم وبحدوده. وَقد يتَلَفَّظ باسمه المتواطئ خَاصَّة. وَقد يذكر الْعلم وَلَا يذكر المحدودية. فبيرحاء علم حَائِط بِعَيْنِه، وَلم يذكر حُدُوده. والمخراف: الْحَائِط. وَقد ذكره مُنْكرا متواطئاً لكنّه قصد فَكَأَنَّمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِلَفْظِهِ مطابقاً لنيّته، وَكِلَاهُمَا جَائِز ولازم لَهُ دينا. لَكِن إِذا أشهد احْتَاجَ فِي المتواطى إِلَى ذكر الِاسْم الْعلم زِيَادَة على ذَلِك، أَو الْحُدُود. وَهَذَا كُله بعد اللُّزُوم.
وترجمة البُخَارِيّ مُطَابقَة صَحِيحَة، وانتقدها الْمُهلب فَقَالَ: إِن كَانَ الْوَقْف غير ذِي اسْم يعرف، فَلَا يجوز حَتَّى يذكر الْحُدُود. قَالَ:" وَلَا خلاف فِي هَذَا " وَوهم، بل لَا خلاف فِيمَا إِذا أَرَادَهُ البُخَارِيّ - وَالله أعلم - لِأَنَّهُ إِنَّمَا تعرض لجَوَاز الْوَقْف. وَلَقَد ثَبت أَن الْوَقْف على هَذِه الصُّورَة لَازم لَهُ. وَلَو استفتى من وقف بِهَذِهِ الصِّيغَة الْمُنكرَة لفظا الْمُتَعَيّن مقصودها نيّة، هَل يجب عَلَيْهِ تَنْفِيذ الْوَقْف لألزمناه ذَلِك، وأوجبنا عَلَيْهِ الْإِشْهَاد بِصِيغَة دَالَّة بنصّ أَو ظَاهر.