الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي النَّفْي عبارَة عَن النَّفس على وَجه مَخْصُوص، وَلَيْسَ هُوَ اُحْدُ فِي قَوْله تَعَالَى:{قل هُوَ الله أحد} ، هذاك من الْوحدَة أَي الْوَاحِد. وَهَذَا كلمة مترجلة فِي النَّفْي لبنى آدم، هَذَا أَصله.
فَإِذا قَالَ الْقَائِل: " مَا فِي الْبَيْت أحد " لم يفهم إِلَّا نفى الأناس. وَلِهَذَا كَانَ قَوْلهم: " مَا فِي الدَّار أحد إِلَّا وتداً " اسْتثِْنَاء من غير الْجِنْس.
وَمُقْتَضى الحَدِيث إِطْلَاقه على الْحق، لِأَنَّهُ لَوْلَا صِحَة الْإِطْلَاق مَا انتظم الْكَلَام، كَمَا لَا يَنْتَظِم فِي مثل قَول الْقَائِل:" مَا أحسن من ثوبي "، إِذْ الثَّوْب لَيْسَ من الأحدييّن، بِخِلَاف " أحد " أعلم من زيد لِأَن زيدا من الأحديين.
(363 - (5)
بَاب قَوْله تَعَالَى: {ولتصنع على عَيْني} [طه: 39]- تغذي - وَقَوله: {تجرى بأعيننا} [الْقَمَر:
14] .)
فِيهِ ابْن عمر: ذكر الدَّجَّال عِنْد النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-، فَقَالَ: إِن الله لَا يخفى عَلَيْكُم. إِن الله لَيْسَ بأعور - أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه -، وَإِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور عين الْيُمْنَى.
وَفِيه أنس: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-: مَا بعث الله من نبيّ إِلَّا أنذر قومه الْأَعْوَر
الْكذَّاب. إِنَّه أَعور وَإِن ربّكم لَيْسَ بأعور، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ " كَافِر ".
قلت: رضى الله عَنْك! وَجه الِاسْتِدْلَال على إِثْبَات الْعين لله، لَا بِمَعْنى الْجَارِحَة من قَوْله:" إِن الله لَيْسَ بأعور "، إِن العور عرفا عدم الْعين، وضد العور ثُبُوت الْعين. فلمّا نفى عَن الْحق جل جلاله هَذِه النقيصة وَهِي عدم الْعين لزم ثُبُوت الْكَمَال بضدها، وَهُوَ وجود الْعين، وعَلى التَّمْثِيل والتقريب للفهم، لَا على معنى إِثْبَات الْجَارِحَة.
وَبَين الْمُتَكَلِّمين خلاف فِي مُقْتَضى لفظ الْعين وَنَحْوهَا:
فَمنهمْ من جعلهَا صِفَات سمعية أثبتها السّمع لَهُ، وَلم يهتد إِلَيْهِ الْعقل. وَكَذَلِكَ الْوَجْه وَالْيَد وَالْجنب.
وَمِنْهُم من جعلهَا كِنَايَة عَن صفة الْبَصَر. وَالْيَد كِنَايَة عَن صفة الْقُدْرَة.
وَمِنْهُم من آمن بهَا إِيمَانًا بِالْغَيْبِ، وفوّض فِي مَعْنَاهَا إِلَى الله تَعَالَى. وَالله أعلم.