الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيه أَبُو ذَر: سَأَلت النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- عَن قَوْله: {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا} [يس: 38] . قَالَ مستقرها تَحت الْعَرْش.
قلت: رَضِي الله عَنْك! جَمِيع مَا سَاقه فِي التَّرْجَمَة مُطَابق لَهَا من ذكر العروج والصعود نَحْو ذَلِك، إِلَّا حَدِيث ابْن عَبَّاس، فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا قَوْله:" رب الْعَرْش الْعَظِيم ".
فَوجه مطابقته - وَالله أعلم - أَنه نبّه على بطلَان قَول من أثبت الْجِهَة والحيّز. وَفهم من قَوْله: " ذِي المعارج " أَن العلوّ الفوقي مُضَاف إِلَى الْحق على ظَاهره. فبيّن البُخَارِيّ أنّ الْجِهَة الَّتِي يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا سَمَاء، والحيّز الَّذِي يصدق عَلَيْهِ أَنه عرش، كل ذَلِك مَخْلُوق مربوب مُحدث، وَقد كَانَ الله وَلَا مَكَان ضَرُورَة. وَحدثت هَذِه الْأَمْكِنَة. وحدوثها وَقدمه جل جلاله يحِيل وَصفه بالتحيّز فِيهَا لِأَنَّهُ لَو تحيّز لاستحال وجوده قبل الحيّز مثل كل متحيّز. تَعَالَى الله عَن ذَلِك.
(366 - (8)
بَاب قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} [فاطر:
41] .)
فِيهِ عبد الله بن مَسْعُود: جَاءَ حبر إِلَى رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله يضع السَّمَاء على إِصْبَع، وَالْجِبَال على إِصْبَع، وَالشَّجر والأنهار على أصْبع، وَسَائِر الْخلق على إِصْبَع، ثمَّ يَقُول بِيَدِهِ أَنا الْملك.
فَضَحِك رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-، وَقَالَ: وَمَا قدرُوا الله حق قدره ".
قلت: رَضِي الله عَنْك! ظنّ الْمُهلب أَن قَول النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- وضحكه ردّ على الحبر، وَلَيْسَ كَذَلِك فقد تقدّم فِي الحَدِيث أَنه ضحك تَصْدِيقًا للحبر وَذكره مُسلم أَيْضا.
ولمّا اعْتقد الْمُهلب هَذَا اسْتشْكل إِيرَاد البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي تَفْسِير الْآيَة، لِأَن ذَلِك يُوهم تصويب قَول الحبر.
وَالْحق عندنَا أَن الحَدِيث تَفْسِير لِلْآيَةِ. والأصابع والقبضة وَالْيَد فِي حَقه تَعَالَى إمّا صِفَات، وَإِمَّا رَاجِعَة إِلَى الْقُدْرَة على خلاف فِي ذَلِك. وَقد تقّدم.
وَيحْتَمل أنّ يكون النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-، صدّق الحبر مُطلقًا وَهُوَ الظَّاهِر.
وَيحْتَمل أَنه أنكر عَلَيْهِ فهمه من الْأَصَابِع الْجَوَارِح، وَحِينَئِذٍ تَلا:" وَمَا قدرُوا الله حق قدره ".
وَإِن بنينَا على تَصْدِيقه مُطلقًا فتلاوة الْآيَة على من كيّف مُطلقًا.