المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18 - باب عيش السلف - المطالب العالية محققا - جـ ١٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌36 - بَابُ اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إِجْمَالًا وتفصيلًا

- ‌37 - باب الترهيب من الكذب

- ‌38 - باب ترويح القلوب لتعي

- ‌39 - باب التحذير من الكذب على رسول الله [صلى الله عليه وسلم

- ‌33 - كِتَابُ الرَّقَائِقِ

- ‌1 - بَابُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ

- ‌3 - باب الوصايا النافعة

- ‌4 - بَابُ حُسْنُ الْخُلُقِ

- ‌5 - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الدِّين، وَبَذْلِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ دونه

- ‌6 - باب ٌ

- ‌7 - بَابُ الضِّيقِ عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا

- ‌8 - باب ٌ

- ‌10 - بَابُ وُقُوعِ الْبَلَاءِ بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ ابْتِلَاءً

- ‌11 - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ

- ‌12 - باب ذم الغضب

- ‌13 - بَابُ فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الْمَعْصِيَةَ مِنْ خَوْفِ الله تعالى

- ‌14 - بَابُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَةِ

- ‌15 - بَابُ التَّرْهِيبِ مِنْ مَسَاوِئِ الْأَعْمَالِ

- ‌16 - بَابُ التَّخْوِيفِ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌17 - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌18 - باب عيش السلف

- ‌19 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْمُبَاهَاةِ بِالْمَطْعَمِ [وَالْمَلْبَسِ]

- ‌22 - بَابُ فَضْلِ الرِّزْقِ فِي الْوَطَنِ

- ‌23 - بَابُ إِظْهَارِ عَمَلِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَخْفَاهُ

- ‌24 - باب جواز الاحتراز بتحصيل القوت، مع العمل [الصالح]

- ‌25 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي التَّسْهِيلِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا

- ‌26 - باب فضل مخالطة الناس، والصبر على أذاهم

- ‌27 - بَابُ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ

- ‌28 - بَابُ فَضْلِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌29 - باب ذكر الأبدال

- ‌30 - بَابُ بَرَكَةِ أَهْلِ الطَّاعَةِ

- ‌31 - باب ما يكرم به الرجل الصالح

- ‌32 - باب ما جاء في القُصَّاص والوُعّاظ

- ‌33 - بَابُ كَرَاهِيَةِ تَنْجِيدِ الْبُيُوتِ بِالسُّتُورِ، وَالتَّبَقُّرِ فِي التزين

- ‌34 - بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّبَخْتُرِ فِي الْمَشْي

- ‌35 - باب ذم الشح

- ‌36 - باب فضل من أحب لقاء اللَّهِ تَعَالَى

- ‌37 - بَابُ التَّحْذِيرِ مِنَ الرِّيَاءِ، وَالدُّعَاءِ بِمَا يُذْهِبُهُ

- ‌38 - بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ مُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ

- ‌39 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا

- ‌40 - باب بقية التحذير من الرياء

- ‌41 - باب فضل الجوع

- ‌42 - باب فضل الفقير القانع

- ‌43 - باب ذم الكبر

- ‌44 - باب الصمت

- ‌45 - باب الإِيثار

- ‌46 - باب قصر الأمل

- ‌47 - باب السلامة في العزلة

- ‌48 - باب الحُزْن

- ‌49 - باب فضل الحِدَّة

- ‌50 - باب الاستعطاف

- ‌51 - باب خير الجلساء

- ‌52 - بَابُ فَضْلِ سُكْنَى الْمَقَابِرِ

- ‌53 - بَابُ فَضْلِ هَجْرِ الْفَوَاحِشِ

- ‌54 - باب ثمرة طاعة الله تعالى

- ‌55 - باب فضل البكاء من خشية الله تعالى

- ‌56 - باب التوبة والاستغفار

- ‌57 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّنَطُّعِ

- ‌60 - باب محبة المؤمن لقاء الله تعالى

- ‌34 - كتاب الزهد والرقائق

- ‌1 - باب اجتناب [الشبهات]

- ‌ باب فضل كتم الغيظ

- ‌3 - باب الأمر بالمعروف

- ‌4 - باب النصيحة من الدين

- ‌5 - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ [لَا يَأْتَمِرُ]

- ‌6 - باب فضل الورع والتقوى

- ‌7 - باب فضل الخوف من الله -تعالى- والبكاء من خشيته

- ‌8 - باب القصاص في القيامة

- ‌35 - كِتَابُ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ

- ‌1 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ

- ‌5 - باب جوامع الدعاء

- ‌6 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الإِفراد بِالدُّعَاءِ

- ‌7 - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ بِالدُّعَاءِ

- ‌8 - باب ما يقول إذا دعا للقوم

- ‌9 - باب الدعاء بكف واحد

- ‌10 - بَابُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِرْجَاعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَسُؤَالِ الله عز وجل كل شيء

- ‌11 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ

- ‌12 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ

- ‌14 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ

- ‌15 - باب ما يقول من طنَّت أذنه

- ‌16 - باب ما يقول من ركب السفينة

- ‌17 - بَابُ مَا يُرَدُّ بِالدُّعَاءِ مِنَ الْبَلَاءِ

- ‌18 - باب دعاء المريض

- ‌19 - باب أفضل الدعاء

- ‌20 - بَابُ الدُّعَاءِ لِلْغَيْرَى

- ‌21 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الدُّعَاءِ عَلَى النَّفْسِ وَالْوَلَدِ

الفصل: ‌18 - باب عيش السلف

‌18 - باب عيش السلف

ص 3153 - [1] قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، ثنا يُونُسُ بْنُ عُبيد عن عِكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة (1)، فوجد أبا بكر رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ:"مَا أَخْرَجَكَ فِي هَذِهِ الساعة؟ "، فقال رضي الله عنه: أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"ما أخرجك يا ابن الخطاب؟ "، قال رضي الله عنه:"أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَعَدَ عمر رضي الله عنه، وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يحدثهما، ثم قال: "هل [بكما](2) قوة تنطلقان إِلَى هَذَا النَّخْلِ، فَتُصِيبَانِ طَعَامًا وَشَرَابًا وَظِلًّا (3)؟ "، قَالَ: قُلْنَا (4): نَعَمْ. قَالَ: "مرُّوا بِنَا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهان الْأَنْصَارِيِّ"، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَيْدِينَا، فسلَّم فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأُمُّ الْهَيْثَمِ رضي الله عنها وَرَاءَ الْبَابِ، تَسْمَعُ الْكَلَامَ وَتُرِيدُ أَنْ يَزِيدَهَا (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أراد صلى الله عليه وسلم أن ينصرف خرجت أم الهيثم رضي الله عنها خَلْفَهُمْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ سَمِعْتُ والله تسليمك، ولكن أردت أن تزيدنا مِنْ سَلَامِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَقَالَ: "أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟ مَا أُرَاهُ"، قَالَتْ: هُوَ قَرِيبٌ، ذَهَبَ يستعذب

(1) في نسخة (و) و (س): "الظهر".

(2)

ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل، والمثبت من باقي النسخ.

(3)

قوله "وظلا": ساقط من نسخة (س)، وفي نسخة (و):"وطلاء".

(4)

قوله "قلنا": ساقط من نسخة (س).

(5)

في نسخة (س): "يزيدهما".

ص: 210

لَنَا الْمَاءَ، ادْخُلُوا، فَإِنَّهُ يَأْتِي السَّاعَةَ إِنْ شاء الله تعالى، فبسطت لهم بِسَاطًا تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ وَفَرِحَ بِهِمْ، وقرَّت عَيْنُهُ بِهِمْ، وَصَعِدَ عَلَى نَخْلَةٍ فصرم عِذْقا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"حَسْبُكَ يَا أَبَا الْهَيْثَمِ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، تَأْكُلُونَ مِنْ رُطَبِه ومن (1) بُسْرِه وَمِنْ تَذْنُوبه، ثُمَّ أَتَاهُمْ بِمَاءٍ فَشَرِبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هذا من النعيم الذي تسألون عنه"، وقامت أم الهيثم رضي الله عنها تَعْجِنُ لَهُمُ وَتَخْبِزُ، وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر وعمر رؤوسهم للقائلة، فانتبهوا وقد أدرك طعامهم، فوُضع الطعام بين أيديهم، فأكلوا وشبعوا وحمدوا الله تعالى وردَّت عليهم أم الهيثم رضي الله عنها بَقِيَّةَ العِذْق، فَأَكَلُوا مِنْ رُطَبِه وَمِنْ تَذْنُوبه، فسلَّم عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ودعا لهم.

(1) قوله "ومن": ساقط من نسخة (س).

ص: 211

3153 -

[1] الحكم عليه:

هذا إسناد ضعيف؛ لضعف زكريا بن يحيى، وشيخه عبد الله بن عيسى.

وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 103)، ثم قال: قال أبو زُرعة: هذا حديث منكر.

وقال ابن كثير في التفسير (4/ 583): غريب من هذا الوجه.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 316)، ثم قال: رواه البزّار، وأبو يعلى =

ص: 211

= باختصار قصة الغلام، والطبراني كذلك، وفي أسانيدهم كلها عبد الله بن عيسى أبو خلف، وهو ضعيف.

ص: 212

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (1/ 214).

وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 103) عن أبي زُرعة، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى الخزاز المقرئ البصري به، وذكر أول الحديث.

وساق ابن كثير في التفسير (4/ 583) لفظ ابن أبي حاتم، فذكره بلفظ قريب من لفظ الباب.

وأخرجه العُقيلي (2/ 286)، قال: حدّثنا داود بن محمَّد، والطبراني في الكبير (19/ 253)، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، وجعفر بن محمَّد الفريابي، ثلاثتهم: عن زكريا بن يحيى به، بلفظ قريب.

قال العُقيلي: وقد رُوي في هذا الباب أحاديث من غير هذا الوجه صالحة الإسناد.

وأخرجه البزّار (1/ 315)، قال: حدّثنا محمَّد بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثنا أَبُو خَلَفٍ عبد الله بن عيسى به، فذكره بتمامه، مع زيادة حروف في آخره. وسيأتي في الطريق الثاني لهذا الحديث.

ورُوي عن ابن عباس، دون ذكر عمر رضي الله عنه أخرجه الحاكم (3/ 286) من طريق هلال بن بشر، ثنا أَبُو خَلَفٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى به، وذكر أول الحديث.

وأخرجه ابن حبّان: كما في الإحسان (7/ 324)، والطبراني في الأوسط: كما في مجمع البحرين -خ- (ق 279 ب)، والصغير (ص 92)، وابن بَشْكَوال في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 630) من طريق عبد الله بن كَيسان، حدّثنا عِكرمة به، بنحوه مع زيادة في آخره.

قال ابن حبّان: خبر غريب. وقال الطبراني: لم يروه عن عبد الله بن كيسان إلَّا الفضل. =

ص: 212

= قلت: وفيه أن المستضيف للنبي-صلى الله عليه وسلم هو أبو أيوب، قال المنذري في الترغيب (4/ 206): وقد رُويت هذه القصة من حديث جماعة من الصحابة، مصرح في أكثرها بأنه أبو الهيثم، وجاء في معجم الطبراني الصغير، والأوسط، وصحيح ابن حبّان من حديث ابن عباس وغيره، أنه أبو أيوب الأنصاري، والظاهر أن هذه القصة اتفقت مرة مع أبي الهيثم، ومرة مع أبي أيوب، والله أعلم. أهـ.

ونقل البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 106 أ) مختصر هذا النص، وعزاه للمنذري.

قلت: سنده ضعيف، عبد الله بن كيسان، هو المروزي أبو مجاهد، قال الحافظ في التقريب (ص 319): صدوق يخطئ كثيرًا.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 317)، ثم قال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه عبد الله بن كيسان المروزي، وقد وثَّقه ابن حبّان، وضعَّفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وقال العراقي: وأما حديث قصدهم منزل أبي أيوب، فرواها الطبراني في المعجم الصغير من حديث ابن عباس بسند ضعيف. (المغني مع الإحياء 2/ 10).

وأخرجه الحافظ في نتائج الأفكار: كما في الفتوحات الربانية (5/ 231)، ثم قال: هذا حديث حسن، فيه غرابة من وجهين: أحدهما: ذكر أبي أيوب، والثاني: ما في آخره من التسمية والحمد وقصة فاطمة، والمشهور في هذا قصة أبي الهيثم بن التَّيِّهان.

ويشهد للحديث ما رُوي عن أبي هريرة، وأبي سَلَمة، وأبي عَسيب، وابن عمر، وابن مسعود، وأبي بكر الصديق، كما يلي:

1 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه مسلم (3/ 1609)، ومن طريقه ابن بَشْكَوال في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 628)، والحسين المروزي في زيادات زهد ابن المبارك (ص 412)، وأبو يعلى (11/ 41)، والطبري في التفسير =

ص: 213

= (30/ 287)، وفي تهذيب الآثار -مسند عمر- (2/ 55)، وأبو عَوانة (5/ 376)، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 197)، والطبراني في الكبير (19/ 257)، والبيهقيُّ في الشعب (4/ 144) بنحوه إلى قوله:"إياك واللبون".

ولفظ مسلم: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال:"ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ "، قالا: الجوع يا رسول الله. قال: "وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا"، فقاموا معه، فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلًا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أين فلان؟ "، قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعِذْق فيه بُسْر وتمر ورُطَب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المِدْية، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إياك والحلوب"، فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العِذْق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر:"والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم".

قلت: الرجل الأنصاري المذكور في المتن هو أبو الهيثم، قاله ابن بَشْكَوال، والمنذري في الترغيب (4/ 205). وقال العراقي في المستفاد من مبهمات المتن والإسناد (ص 91): هو أبو الهيثم مالك بن التَّيِّهان، كما في أحكام إسماعيل القاضي، وقيل أبو أيوب الأنصاري، ذكره أبو ذر في كتاب معيشة النبي صلى الله عليه وسلم.

2 -

حديث أبي سَلَمة رضي الله عنه: أخرجه أحمد في الزهد (ص 57) من طريق أبي عَوانة، واللفظ له، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 196) من طريق هُشيم، كلاهما: عن عمر -يعني ابن أبي سَلَمة- عن أبيه، سمعه منه يقول: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه إلى أبي الهيثم بن التَّيِّهان، وهو مالك بن التَّيِّهان، فدخل على امرأته فقال:"أين أبو الهيثم؟ "، قالت: ذهب يستعذب لنا، فبينما هم =

ص: 214

تسألن عن هذا

= كذلك إذ جاء، فقال لامرأته: ويحك، ما صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا؟، قالت: لا.

قال: قومي، فعمدَت إلى شعير فطحنته، وقام إلى غنم فذبح لهم شَاةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا تذبحن ذات در". فطبخ لهم وقدمه بين أيديهم فأكلوا، ثم تناول شنًّا أو دلوا فشرب ومن مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لتسألن عن هذه الشربة".

وإسناده ضعيف، عمر بن أبي سَلَمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، صدوق يخطئ. (التقريب ص 413).

3 -

حديث أبي عَسيب رضي الله عنه: أخرجه أحمد (5/ 81)، والطبري في التفسير (30/ 287)، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 194)، والبيهقيُّ في الشعب (4/ 143) من طريق حَشْرَج بن نُباتة عن أبي نُصيرة، عن أبي عَسيب قال: فذكره مختصرًا، وزاد في آخره: يا رسول الله، أإنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟، قال:"نعم، إلَّا من ثلاث: خرقة يكف بها الرجل عورته، أو كسرة يسد بها جوعته، أو حجرًا يتدخل فيه من الحرِّ والقرِّ".

وإسناده ضعيف، حَشْرَج بن نُباتة، صدوق يهم. (التقريب ص 169).

وذكره ابن كثير في التفسير (4/ 584)، ثم قال: تفرد به أحمد.

4 -

حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 254)، حدّثنا محمَّد بن زكريا الغلابي، ثنا بكار بن محمَّد السِّيريني، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خرج في ساعة لم يكن يخرج فيها، ثم خرج أبو بكر فقال له: ما أخرجك يا أبا بكر؟ .. الحديث بنحوه، مع زيادة في آخره.

وسنده تالف، محمَّد بن زكريا، قال الذهبي: يضع الحديث (المغني 2/ 581)، وبكار بن محمَّد، قال أبو زُرعة: ذاهب الحديث. (المغني 1/ 111) وعبد الله بن عمر هو العمري، قال الحافظ: ضعيف. (التقريب ص 314).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 319)، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه بكار بن =

ص: 215

= محمَّد السِّيريني، وقد ضعَّفه الجمهور، ووثَّقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات.

5 -

حديث ابن مسعود رضي الله عنه: أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 259) من طريق الكلبي، حدثني الشعبي عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود: أن أبا بكر خرج لم يخرجه إلَّا الجوع .. الحديث بنحوه، إلى قوله: إياك واللبون.

وسنده ضعيف جدًا، الكلبي هو محمد بن السائب، قال الحافظ: متهم بالكذب، ورُمي بالرفض. (التقريب ص 479).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 319)، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه محمَّد بن السائب الكلبي، وهو كذاب.

6 -

حديث أبي بكر رضي الله عنه: أخرجه أبو يعلى (1/ 79)، وسنده ضعيف جدًا، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الحديث القادم برقم (3154).

وأخرج قوله: "إياك واللبون" كل من: ابن ماجه (2/ 1061) واللفظ له، وأبي يعلى (11/ 37)، وأبي عَوانة (5/ 378) من طريق يزيد بن كَيسان عن أبي حازم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أتى رجلًا من الأنصار، فأخذ الشفرة ليذبح لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إياك والحلوب".

وإسناده ضعيف، يزيد بن كَيسان هو اليَشْكُري، صدوق يخطئ. (التقريب ص 604).

قلت: وبما سبق ذكره من المتابعات والشواهد، يرتقي حديث الباب إلى الحسن لغيره، والله الموفق، لا إله غيره.

ص: 216

3153 -

[2] وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثنا محمَّد بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثنا أَبُو خَلَفٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: حَتَّى أَتَيْنَا (1) مَنْزِلَ مَالِكِ بْنِ التَّيِّهان أَبِي الْهَيْثَمِ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه. وزاد في آخره: "ثم دعا لهم بخير"، ثم قال صلى الله عليه وسلم لِأَبِي الْهَيْثَمِ:"إِذَا بَلَغَكَ أنْ قَدْ أَتَانَا رقيق فأتنا". قال أبو الهيثم رضي الله عنه: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ أُتي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم برقيق، أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَعْطَانِي رَأْسًا فَكَاتَبْتُهُ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَمَا رَأَيْتُ رَأْسًا كَانَ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى: فَحَدَّثْتُ بِهِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُسْلِمٍ الْمَكِّيَّ، فَحَدَّثَنِي بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَتْ لَهُ أُمُّ الْهَيْثَمِ (2): لو دعوت لنا، قال صلى الله عليه وسلم:"أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عليكم الملائكة".

(1) في نسخة (س): "أتيناه".

(2)

في مسند البزّار: "أم أبي الهيثم".

ص: 217

3153 -

[2] الحكم عليه:

ضعيف؛ لوجود عبد الله بن عيسى، وشيخه إسماعيل بن مسلم.

ص: 217

تخريجه:

هو في مسند البزّار (1/ 315)، ثم قال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إلّا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا رواه عن يونس إلّا عبد الله بن عيسى.

ويشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه الترمذي (4/ 504)، والطبري في التفسير (30/ 287)، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 195)، والطبراني في الكبير (19/ 256)، ومن طريقه أبو نُعيم في معرفة الصحابة -خ- (2/ 175 أ)، والحاكم (4/ 131)، والبيهقيُّ في الشعب (4/ 154) من طريق آدم بن أبي إياس، =

ص: 217

= حدّثنا شيبان أبو معاوية، حدّثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير عَنْ أَبِي سَلَمة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فذكر الحديث بنحوه.

ولفظ الترمذي: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر فقال: ما جاء بك يا أبا بكر؟، فقال: خرجت أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنظر في وجهه والتسليم عليه. فلم يلبث أن جاء عمر فقال: "ما جاء بك يا عمر؟ "، قال: الجوع يا رسول الله. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وأنا قد وجدت بعض ذلك"، فانطلقوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهان الْأَنْصَارِيِّ، وكان رجلًا كثير النخل والشاء، ولم يكن له خدم، فلم يجدوه فقالوا لامرأته:"أين صاحبك؟ "، فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها فوضعها، ثم جاء يلتزم النبي صلى الله عليه وسلم ويفديه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطًا، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أفلا تنقّيت لنا من رُطَبه؟ "، فقال: يا رسول الله، إني أردت أن تختاروا -أو قال- تخيروا من رُطَبِه وبُسْرِه، فأكلوا وشربوا من ذلك الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة: ظل بارد، ورُطَب طيب، وماء بارد"، فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تذبحن ذات در"، وقال: فذبح لهم عناقًا، أو جَدْيًا، فأتاهم بها فأكلوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هل لك خادم؟ "، قال: لا. قال: "فإذا أتانا سبي فائتنا"، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اختر منهما"، فقال: يا نبي الله، اختر لي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفًا"، فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلّا أن تعتقه، قال: فهو عتيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ لَمْ يبعث نبيًا ولا خليفة إلّا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالًا، ومن يُوق بطانة السوء، فقد وُقي". =

ص: 218

= قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص.

وأخرجه البخاريُّ في الأدب المفرد (ص 64)، قال: حدّثنا آدم به، وذكر آخر الحديث -قصة الخادم-.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار -مسند عمر- (2/ 56)، وفي مسند ابن عباس (1/ 280) من طريق يحيى بن أبي بكير، حدّثنا شيبان به، ببعضه.

وإسناده ضعيف لعنعنة عبد الملك وهو مدلس، ذكره الحافظ في أهل المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين، وهم من لا يقبل حديثهم إلّا إذا صرحوا فيه بالسماع. (انظر طبقات المدلسين ص 41).

وأخرجه البيهقي في الشعب (4/ 146) من طريق عمر بن أبي سَلَمة عن أبيه به، فذكره بنحو لفظ الترمذي من غير إطالة، وليس فيه قول الرسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ لم يبعث نبيًا ولا خليفة .. "

وسنده ضعيف، عمر بن أبي سَلَمة، هو ابن عبد الرحمن الزهري، قال الحافظ: صدوق يخطئ. (التقريب ص 413)، وهو مرسل، أبو سَلَمة لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. (انظر المراسيل ص 255).

كما يشهد للحديث: ما ورد في تخريج الطريق السابق برقم (1)، وبمجموعه يرتقي حديث الباب إلى مرتبة الحسن لغيره.

ويشهد لقصة الرقيق: ما أخرجه معمر في الجامع (11/ 439) عن سعيد بن عبد الرحمن الجَحْشِي، عن بعض أشياخهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-انطلق إلى رجل من الأنصار يلتمسه، فلم يجده، فجلس حتى جاء الرجل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وضع في وسطه حبلًا ثم ارتقى نخلة له، فقطع منها عِذْقًا، فقربه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم دخل غنمه فأخذ شاة ليذبحها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اجتنب الدر"، قال: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حين =

ص: 219

= فرغ: "إذا جاءنا سبي فأتنا"، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سبي، فقسمه بين الناس حتى لم يبق عنده إلّا عبدان، فجاء الأنصاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اختر أيهما شئت"، قال: بل أنت فَخِرْ لي يا رسول الله!، قال: فمسح النبي صلى الله عليه وسلم إحدى يديه على الأخرى مرتين وهو يقول: "المستشار أمين، المستشار أمين، خذ هذا -لأحدهما- فإني قد رأيته يصلي".

وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ سعيد بن عبد الرحمن.

كما أخرج أبو يعلى (12/ 371)، قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، حدّثنا أَبِي عَنْ دَاوُدَ، عَنْ محمَّد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُدْعان، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أتاه أبو الهيثم الأنصاري فَاسْتَخْدَمَهُ، فَوَعَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إن أصاب سبيًا، فلقي عمر فقال له: يَا أَبَا الْهَيْثَمِ، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قد أصاب سبيًا فأته، فتنجَّز عِدَتَكَ. فمضى أبو الهيثم وعمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أبو الهيثم أتاك يتنجز عِدَتَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَصَبْنَا غُلَامَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ". قال: فإني أستشيرك، فقال:"المستشار مؤتمن، خُذْ هَذَا، فَقَدْ صَلَّى عِنْدَنَا، وَلَا تَضْرِبْهُ، فإنا نهينا عن ضرب المصلِّين".

وإسناده مسلسل بالضعفاء، سفيان بن وكيع ضعيف جدًا. (انظر التقريب ص 245)، وداود، هو ابن أبي عبد الله، مقبول. (التقريب ص 199)، ومحمد بن عبد الرحمن، هو عبد الرحمن بن محمَّد بن جُدْعان بن زيد، غير معروف، لم يرو عنه غير داود بن أبي عبد الله. (انظر التقريب ص 350)، وجدة ابن جُدْعان لا تعرف. (التقريب ص 763).

وأخرج الخطيب في تاريخ بغداد (13/ 284) من طريق داود بن الزِبْرِقان عن محمَّد بن عُبيد الله، عن قَرَظَة العِجلي، عن النُّعمان بن بَشير قال: وعد النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا غلامًا من الفيء، فجاء الرجل لطلب عدته، فقال:"لم يبق إلّا غلامان". قال: يا رسول الله، فأشر علي أيهما آخذ. قال:"خذ هذا -لأحدهما- ولا تضربه، فإني رأيته يصلِّي، وقد نهيت عن ضرب المصلِّين، والمستشار مؤتمن". =

ص: 220

= وسنده واه، فيه داود بن الزِبْرقان، قال الحافظ: متروك، وكذَّبه الأزدي. (التقريب ص 198).

ويشهد لقوله: "أفطر عندكم الصائمون .. " ما يلي:

أخرج معمر في الجامع (10/ 381) واللفظ له، ومن طريقه كل من: أحمد (3/ 138)، وأبي داود (3/ 367) مختصرًا، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (7/ 287)، وفي الآداب (ص 212)، والبغويُّ في الأنوار (2/ 664) عن ثابت البناني، عن أنس، أو غيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة، فقال:"السلام عليكم ورحمة الله". فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلَّم ثلاثًا، ورد عليه سعد ثلاثًا لم يسمعه، فرجع واتبعه سعد فقال: يا رسول الله، بأبي أنت، ما سلمت تسليمة إلّا وهي بأُذني، ولقد رددت عليك ولم أُسمعك، أحببت أن أستكثر من سلامك ومن البركة، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيبًا فأكل منه نبي الله صلى الله عليه وسلم. فلما فرغ، قال:"أكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون".

وإسناده رجاله ثقات إلّا أن رواية معمر عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها. (انظر التقريب ص 541).

وأخرجه ابن أبي شيبة (3/ 100) واللفظ له، ومن طريقه أبو يعلى في المسند (7/ 291)، وأخرجه أحمد (3/ 118)، والدارميّ (2/ 40)، والطبراني في الأوسط (1/ 208)، والحسن بن الخلال في الأمالي (ص 34) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند أهل بيت، قال:"أفطر عندكم الصائمون، وكل طعامكم الأبرار، ونزلت عليكم الملائكة".

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن وكيع، عن سفيان، إلّا زهير بن عباد، ورواه الناس عن وكيع، عن هشام، ولم يذكروا سفيان.

قلت: سنده منقطع، يحيى لم يسمع من أنس، وروايته عنه مرسلة. (انظر المراسيل ص 240).

ص: 221

3154 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، ثنا الْمُحَارِبِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُبيد اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر رضي الله عنه قَالَ: [فَاتَنِي](1) الْعِشَاءُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَتَيْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكُمْ عَشَاءٌ؟، قَالُوا: لَا، وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا عَشَاءٌ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي فَلَمْ يَأْتِنِي النَّوْمُ مِنَ الْجُوعِ، فَقُلْتُ: لَوْ خَرَجْتُ إلى المسجد فصلَّيت وتعلَّلت حَتَّى أُصبح، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ تَسَانَدْتُ (2) إِلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ كذلك، إذ طلع عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: من هذا؟، قلت: أبو بكر، قال: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكَ فجلس إلى جنبي، فبينا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-فَأَنْكَرَنَا، فَقَالَ:"مَنْ هذا؟ " فبادرني (3) عمر رضي الله عنه فقال: هذا أبو بكر وعمر، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما أخرجكما هذه الساعة؟ "، فقال (4) عمر رضي الله عنه: خَرَجْتُ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ سَوَادَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَذَكَرَ الَّذِي كَانَ، فَقُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَأَنَا وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْوَاقِفِيِّ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهان، فَلَعَلَّنَا نَجِدُ عِنْدَهُ شَيْئًا يُطْعِمُنَا"، فَخَرَجْنَا نَمْشِي فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْحَائِطِ فِي الْقَمَرِ، فَقَرَعْنَا الْبَابَ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَنْ هَذَا؟، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَفَتَحَتْ لَنَا فَدَخَلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَيْنَ زَوْجُكِ؟ " قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ (5) الْمَاءِ مِنْ حَشِّ (6) بَنِي حَارِثَةَ، الْآنَ يَأْتِيكُمْ، قَالَ: فَجَاءَ يَحْمِلُ قِرْبَةً حَتَّى أَتَى بِهَا [نَخْلَةً](7) وَعَلَّقَهَا عَلَى كُرْنافة مِنْ كَرانيفها ثُمَّ أَقْبَلَ علينا،

(1) في الأصل: "فاتتني"، والمثبت من باقي النسخ.

(2)

في نسخة (و) رسمت بهذا الشكل: "سابدت"، وعلق في الهامش، فقال:"كذا".

(3)

في نسخة (و): "فبادر لي".

(4)

في نسخة (س): "قال".

(5)

قوله "من": ساقط من نسخة (س).

(6)

في نسخة (س): "حس".

(7)

في الأصل: "فحلها"، والمثبت من باقي النسخ.

ص: 222

فقال: مرحبًا وأهلًا، ما زار ناسًا (1) أَحَدٌ قَطُّ مِثْلُ مَنْ زَارَنِي، ثُمَّ قَطَعَ لنا عِذْقًا فأتانا به فجعلنا نُنَقِّي منه في القمر ونأكل، ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَالَ فِي الْغَنَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِيَّاكَ والحلوب -أو قال- إياك وذات الدر"(2). فأخذ رضي الله عنه شاة، فذبحها وسلخها، وقال (3) لامرأته: قومي، فطحنت وَخَبَزَتْ وَجَعَلَتْ تَقْطَعُ فِي الْقِدْرِ مِنَ اللَّحْمِ وتوقد تحتها حتى فرغ (4) الخبز (5) واللحم، فثرد وغرف عليه مِنَ الْمَرَقِ وَاللَّحْمِ، ثُمَّ أَتَانَا بِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، ثُمَّ قَامَ إلى القربة وقد [صفقتها](6) الرِّيحُ فَبَرَّدَ، فَصَبَّ فِي الإِناء ثُمَّ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَرِبَ، ثم ناول أبا بكر (7) رضي الله عنه فشرب، ثم ناول عمر رضي الله عنه فَشَرِبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الحمد لله الذي (8) خَرَجْنَا لَمْ يُخْرِجْنَا إِلَّا الْجُوعُ، ثُمَّ رَجَعْنَا وقد أصبنا هذا، لتسألن عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَذَا مِنَ النَّعِيمِ"، ثم قال صلى الله عليه وسلم لِلْوَاقِفِيِّ:"مَا لَكَ خَادِمٌ يَسْقِيكَ الْمَاءَ؟ " قَالَ: لا، والله يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ، فَأْتِنَا حَتَّى نَأْمُرَ لَكَ بِخَادِمٍ"، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى أَتَاهُ سَبْيٌ، فَأَتَاهُ الْوَاقِفِيُّ فَقَالَ:"مَا جَاءَ بِكَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعْدُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي، قال:"هذا سبي، فقم فاختر منه"، فقال: كن أنت تختار لي، فقال صلى الله عليه وسلم:"خُذْ هَذَا الْغُلَامَ وَأَحْسِنْ إِلَيْهِ"، قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقَصَّ عَلَيْهَا (9) الْقِصَّةَ، قَالَتْ: فَأَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ له؟، قال: قلت له كن أنت الذي تختار لي، [قالت: قد أحسنت، قَالَ لَكَ أَحْسِنْ إِلَيْهِ، فَأَحْسِنْ إِلَيْهِ] (10)، قَالَ: مَا الْإِحْسَانُ إِلَيْهِ؟، قَالَتْ: أَنْ تُعْتِقَهُ، قَالَ: فهو (11) حر لوجه الله تعالى.

(1) في نسخة (و) و (س): "ناس".

(2)

في نسخة (و) و (س): "وذوات الدر".

(3)

في نسخة (و): "فقال".

(4)

في نسخة (و): "بلغ".

(5)

في نسخة (س): "الحر"، بدون نقط.

(6)

ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل، والنقل من باقي النسخ.

(7)

(في نسخة (و) و (س): "أبو بكر"، وعلق في هامش (و):"كذا لعله أبا بكر".

(8)

قوله "الذي": ساقط من نسخة (و).

(9)

جاء في الأصل: "عليها عليها"، مكررة.

(10)

ما بين المعقوفتين ثبت من نسخة (و) و (س)، وهو في الأصل كما يلي:"قالت قد أحسنت فما قال لك قال أحسن إليه".

(11)

في نسخة (و) و (س): "هو".

ص: 223

3154 -

الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، فيه يحيى بن عُبيد الله التيمي وهو متروك، وفيه أبو هشام الرفاعي، وهو ضعيف.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 318)، ثم قال: رواه الطبراني، ورواه أبو يعلى أتم منه، وفيه يحيى بن عُبيد الله بن مَوهب، وقد ضعَّفه الجمهور، ووثِّق، وبقية رجاله ثقات.

ص: 224

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (1/ 79). =

ص: 224

= وأخرجه المروزي في مسند أبي بكر (ص 94) من طريق أبي موسى الهَرَوي، وعبد الرحمن بن صالح، قالا: حدّثنا عبد الرحمن بن محمَّد المحاربي به، بلفظ قريب.

وأخرجه السهمي في تاريخ جرجان (ص 359) من طريق عُبيد بن يعيش، حدّثنا المحاربي به مختصرًا، وسقط من إسناده: أبو بكر.

ولحديث الباب شواهد مطولة ومختصرة، وقد ذكرتها في تخريج الحديث الماضي برقم (3153 [1]، و [2])، والله الموفق، لا إله غيره.

ص: 225

3155 -

وقال مُسَدَّد: حدّثنا [بَشير بن سُريج](1) عن نُفيع بن الحارث قال: سمعت أم سلمة رضي الله عنها [تَقُولُ](2): "لَمْ يُنخل لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دقيق قط".

(1) في جميع النسخ: "بِشر بن شُريح"، والتصويب من كتب الحديث، والتراجم.

(2)

في الأصل: "يقول"، والمثبت من باقي النسخ.

ص: 226

3155 -

الحكم عليه:

هذا إسناد ضعيف جدًا؛ لوجود نُفيع بن الحارث وهو متروك، وبَشير بن سُريج وهو ضعيف.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 312)، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه نُفيع أبو داود، وهو متروك.

وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 103 ب) مختصر، ثم قال: رواه مُسَدَّد.

ص: 226

تخريجه:

أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 329) من طريق المصنِّف بلفظ قريب.

ولفظه: "لم نَنخل لرسول الله صلى الله عليه وسلم دقيقا قط".

ويشهد له ما رُوي عن أبي الدرداء، وعائشة، وسهل، وأنس رضي الله عنهم كما يلي:

1 -

ما رُوي عن أبي الدرداء: أخرجه البزّار: كما في الكشف (4/ 266)، والطبراني في الأوسط: كما في مجمع البحرين -خ- (279 ب) واللفظ له، وابن السُّنِّي في القناعة (ص 66) من طريق يونس بن بُكير، عن سعيد بن مَيسرة، عن أنس، عن أبي الدرداء قال:"لم يكن يُنخل لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدقيق، ولم يكن له إلّا قميص واحد". =

ص: 226

= قال البزّار: لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ، إلّا بهذا الإسناد عن أبي الدرداء وحده، ويونس قد حدَّث عن سعيد بأحاديث لم يتابع عليها، واحتملت على ما فيها.

وقال الطبراني: لم يُرو عن أبي الدرداء إلّا بهذا الإسناد.

قلت: سنده ضعيف جدًا، فيه سعيد بن مَيسرة، قال الذهبي: واه. وقال ابن عَدي: هو مظلم الأمر (المغني 1/ 266) ويونس بن بُكير: صدوق يخطئ (التقريب ص 613).

2 -

وما رُوي عن عائشة: أخرجه أحمد (6/ 71) من طريق سليمان بن رُومان مولى عُروة عن عُروة، عن عائشة أنها قالت:"والذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق ما رأى منخلًا، ولا أكل خبزًا منخولًا، منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قُبض"، قلت: كيف تأكلون الشعير؟، قالت:"كنا نقول أف".

وسنده ضعيف، ذكره الهيثمي في المجمع (10/ 312)، ثم قال: رواه أحمد، وفيه سليمان بن رُومان ولم أعرفه، وبقية رجاله وثِّقوا.

ورُوي بعضه عن عائشة رضي الله عنها وهو الحديث الآتي برقم (3159)، وسنده ضعيف أيضًا.

3 -

وما رُوي عن سهل بن سعد: أخرجه البخاريُّ (فتح 9/ 549).

ولفظه: قال أبو حازم: سألت سهل بن سعد، فقلت: هل أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النقِي؟ فقال سهل: "ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّقِي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله". قال: فقلت: هل كانت لكم فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مناخل؟، قال:"ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلًا من حين ابتعثه الله، حتى قبضه الله"، قال: قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟، قال:"كنا نطحنه، وننفخه فيطير ما طار، وما بقي ثرّيناه فأكلناه".

والنّقِي: هو الخبز الأبيض الحُوَّارَى (انظر النهاية 5/ 112). وثرّيناه: أي بلَّلناه بالماء (الفتح 9/ 550). =

ص: 227

= 4 - وما رُوي عن أنس: أخرجه ابن ماجه (2/ 1107) من طريق سعيد بن بَشير، ثنا قتادة عن أنس بن مالك قال:"ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رغيفًا مُحَوَّرا بواحد من عينيه، حتى لحق بالله".

والرغيف المُحَوَّر: هو الخبز الذي نُخل مرة بعد مرة (انظر النهاية 1/ 458).

وسنده ضعيف، سعيد بن بَشير هو الأزدي، قال الحافظ: ضعيف (التقريب ص 234). وقتادة مدلس لا يقبل حديثه إلّا مصرحًا فيه بالسماع (انظر طبقات المدلسين ص 43) وقد عنعنه هنا.

ص: 228

3156 -

[1] وقال إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَتْ: حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ لعمر رضي الله عنهما: لَوْ أَنَّكَ لَبِسْتَ ثِيَابًا أَلْيَنَ مِنْ ثِيَابِكَ، وأكلت طعامًا ألين من طعامك، فقال رضي الله عنه:"أنا أخاصمكِ إِلَى نفسِك، أَلَمْ تَعْلَمِي مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[وَأَبِي بكر] (1) كذا وكذا؟ "، حتى بكت. قال رضي الله عنه:"قَدْ قُلْتُ لَكِ، وَلَكِنِّي (2) أُشَارِكُهُمَا فِي عَيْشِهِمَا الشديد، لعلي أشاركهما في عيشهما الرضي؟ ". فأقرَّ به وقال: نعم.

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من جميع النسخ، والمثبت من رواية البيهقي في الشعب، والسياق يقتضيه.

(2)

في نسخة (و): "لكنني".

ص: 229

3156 -

[1] الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد رجاله ثقات، لكنه معلول، كما في التخريج.

وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 104 أ) مختصر، ثم قال: رواه إسحاق بن راهويه، والنسائيُّ في الكبرى، وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له، وعبد بن حُميد

فإن كان مصعب بن سعد سَمِعَهُ مِنْ حَفْصَةَ، فَهُوَ صَحِيحٌ، وإلَاّ، فَهُوَ مرسل صحيح الإسناد.

قلت: عبارة البوصيري: فإن كان مصعب بن سعد سمعه. أهـ. ذكرها الحافظ هنا، وهي في الطريق القادم برقم (2).

ص: 229

تخريجه:

أخرجه البيهقي في الشعب (5/ 159) من طريق المصنِّف بلفظ قريب.

وتابع المصنِّف كل من: ابن سعد في الطبقات (3/ 210)، وهنَّاد (2/ 360). =

ص: 229

= وأخرجه ابن شبَّه في تاريخ المدينة (3/ 801) قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد به، بلفظ قريب.

وذكره ابن الجوزي في صفوة الصفوة (1/ 147) عن مصعب بن سعد به، بلفظ قريب.

ورُوي من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه النُّعمان، عن مصعب بن سعد به.

أخرجه ابن المبارك (ص 201)، ومن طريقه كل من: النسائيّ في السنن الكبرى: كما في تحفة الأشراف (8/ 108)، ومسند الفاروق لابن كثير (2/ 645)، والحاكم (1/ 123)، والبيهقيّ في الشعب (7/ 367)، وأخرجه علي بن المديني: كما في مسند الفاروق (2/ 645)، وابن أبي شيبة (13/ 227)، وعبد بن حُميد في المنتخب (1/ 69)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 188) قال: حدّثنا ابن نُمير، وأبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين (ص 139)، والبيهقي أيضًا من طريق عثمان بن أبي شيبة، والضياء في المختارة (1/ 210) من طريق الفضل بن سهل الأعرج، جميعهم: عن محمَّد بن بِشر، كلاهما: عن إسماعيل بن أبي خالد به.

قال ابن المديني: وهذا عندنا مرسل؛ لأنّ مصعب بن سعد لم يلق حفصة، فانقطع من ها هنا.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما، فإن مصعب بن سعد كان يدخل عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو من كبار التابعين من أولاد الصحابة رضي الله عنهم.

وخالفه الذهبي في التلخيص فقال: فيه انقطاع.

وذكر الدارقطني في العلل (2/ 139) هذا الأثر، ولم يُشر إلى هذه العلة، وإنما إلى علة أخرى فقال: يرويه إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عنه: فرواه عبد الله بن المبارك، ومحمد بن بِشر العَبْدي عن إسماعيل، عن أخيه النُّعمان، عن مصعب بن سعد، عن حفصة، وخالفهما أبو أسامة، ويزيد بن هارون، فروياه عن إسماعيل، عن مصعب بن سعد، ولم يذكرا بينهما أخا إسماعيل. وقول ابن المبارك ومحمد بن بِشْر =

ص: 230

= أولى بالصواب، والله أعلم.

قلت: طريق ابن المبارك هذه ذكرها الحافظ هنا في المطالب، وهي الطريق القادم برقم (2).

والذي يظهر صحة سماع مصعب بن سعد لهذا الأثر من حفصة رضي الله عنهما كما نص على ذلك الحاكم، معتمدًا في ذلك على كون مصعب من كبار التابعين من أولاد الصحابة، وكان يدخل عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ويؤيده إخراج الضياء له في المختارة، مما يُفيد صحة السماع، ويُفهم من صنيع الدارقطني في علله موافقته لهما، حيث أورده وأشار إلى علة أخرى.

وأما ما ذهب إليه ابن المديني، وتابعه الذهبي، في عدم صحة السماع، فغير مسلم به، لما أسلفت والله أعلم، ولذلك لم يجزم الحافظ رحمه الله بثبوت هذه العلة، كما سيأتي في الطريق القادم برقم (2).

ومع كون سماع مصعب بن سعد من حفصة ثابتًا، غير أن هذا الأثر معلول من جهة أخرى، وهي أن إسماعيل بن أبي خالد لم يسمعه من مصعب، وإنما سمعه من النُّعمان بن أبي خالد عن مصعب، وهذا الوجه هو الراجح، كما نص على ذلك الدارقطني.

وللأثر شواهد كما يلي:

أخرج ابن سعد في الطبقات (3/ 219)، قال أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: أصيب بعير من المال -زعم يحيى من الفيء- فنحره عمر، وأرسل إلى أزواج النبي منه، وصنع ما بقي فدعا عليه من المسلمين وفيهم يومئذٍ العباس بن عبد المطلب، فقال العباس: يا أمير المؤمنين، لو صنعت لنا كل يوم مثل هذا، فأكلنا عندك وتحدثنا، فقال عمر:"لا أعود لمثلها، إنه مضى صاحبان لي -يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم-وَأَبَا بكر- عَمِلا عَمَلًا. وسلكا طريقًا، وإنّي إن عملت بغير عملهما، سُلِكَ بي طريق غير طريقهما".

وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل، قال أبو حاتم: سعيد بن المسيب عن عمر. مرسل =

ص: 231

= (المراسيل ص 71).

وفي الباب عن عكرمة بن خالد، أخرجه معمر في الجامع (11/ 223) واللفظ له، ومن طريقه البيهقي في الشعب (5/ 35) عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، أن حفصة، وابن مُطيع، وعبد الله بن عمر كلَّموا عمر بن الخطّاب فقالوا: لو أكلت طعامًا طيبًا، كان أقوى لك على الحق. قال:"أكلكم على هذا الرأي؟ " قالوا: نعم. قال: "قد علمت أنه ليس منكم إلَّا ناصح، ولكني تركت صاحبي على الجادة، فإن تركت جادتهم، لم أدركهما في المنزل"، قال: وأصاب الناس سَنَة، فما أكل عامئذٍ سمنًا ولا سمينًا حتى أُحْيِيَ الناس.

وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات.

وفي معنى لفظ الباب، أخرج ابن المبارك (ص 204)، وأبو نُعيم في الحلية (1/ 49) واللفظ له عن جَرير بن حازم، ثنا الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "والله إني لو شئت، لكنت من ألينكم لباسًا، وأطيبكم طعامًا، وأرقكم عيشًا، وإن والله ما أجهل عن كَراكِر وأسنمة، وعن صِلاء وصِناب وصَلابق، ولكني سمعت الله عز وجل عيّر قومًا بأمر فعلوه، فقال:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} .

ولفظ ابن المبارك بأطول من هذا.

قلت: سنده منقطع، الحسن لم يلق عمر رضي الله عنه، قال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص 31): سئل أبو زُرعة: لقي الحسن أحدًا من البدريين؟ قال: رآهم رؤية، رأى عثمان بن عفان، وعليًا. قلت: سمع منهما حديثًا؟، قال: لا.

قلت: والكَراكِر: جمع كِركِرة وهي صدر كل ذي خف من البهائم (انظر النهاية 4/ 166). والصِّلَاء: الشِّواء (النهاية 3/ 50) والصِّناب، هو الخردل المعمول بالزيت، وهو صباغ يؤتدم به (النهاية 3/ 55)، والصَّلابق: هي الخبز الرُّقاق، كذا في لفظ ابن المبارك.

وبالجملة فإن هذا الأثر يرتقي إلى مرتبة الصحيح لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 232

3156 -

[2] رواه النسائيُّ في الْكُبْرَى عَنْ سُويد بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ المبارك، عن إسماعيل، أعن أخيه النُّعمان (1)].

* فإن كان مصعب سمعه من حفصة رضي الله عنهما، فَهُوَ صَحِيحٌ، وإلَاّ، فَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من جميع النسخ، والمثبت من مصادر التخريج.

ص: 233

3156 -

[2] الحكم عليه:

هذا الأثر بهذا الإسناد وإن كان محفوظًا عن إسماعيل بن أبي خالد، إلّا أنه ضعيف؛ لجهالة النُّعمان.

ص: 233

تخريجه:

تقدم في الطريق السابقة برقم (1)، وبه يرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره، والله الموفق سبحانه.

ص: 233

3157 -

[1] وقال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرير، ثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ محمَّد بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ محمَّد بْنِ كَعْبٍ، هو القُرَظي، قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يُحَدِّثُ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي غَدَاةٍ شَاتِيَةٍ مِنْ بيتي (1) جائعًا حَرِضًا (2) قد أذلقني البرد، فأخذت إهابًا معطوبًا قَدْ كَانَ عِنْدَنَا، فَجُبْتُهُ (3) ثُمَّ أَدْخَلْتُهُ فِي عنقي، ثم حزمته على صدري أستدفىء به، والله ما فِي بَيْتِي شَيْءٌ آكُلُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لبلغني، فخرجت في بعض نواحي المدينة فاطلعت إلى يهودي في حائط مِنْ ثُغْرَةِ جِدَارِهِ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَعْرَابِيُّ، هَلْ لَكَ فِي كُلِّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ (4)؟، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَافْتَحِ (5) الْحَائِطَ، فَفَتَحَ لِي، فَدَخَلْتُ، فجعلت أنزع دلوًا ويعطيني تمرة، حتى إذا مَلَأْتُ كَفِّي، قُلْتُ: حَسْبِي مِنْكَ الْآنَ، فَأَكَلْتُهُنَّ ثُمَّ كَرَعْتُ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلَّى (6) اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم (7) فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ في المسجد وهو صلى الله عليه وسلم في عِصابة من أصحابه رضي الله عنهم، إذ طلع (8) علينا مُصعب بن عُمير رضي الله عنه فِي بُردة لَهُ مَرْقُوعَةٍ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَرَأَى حَالَهُ (9) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، فَذَرَفَتْ (10) عَيْنَاهُ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ:"كيف أنتم إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّة وَرَاحَ فِي أُخْرَى، وسُترت بُيُوتُكُمْ كَمَا تُستر الْكَعْبَةُ؟ "، قُلْنَا: نحن يومئذٍ خير، نُكفى المؤنة، ونتفرغ للعبادة. قال [صلى الله عليه وسلم] (11):"أنتم اليوم خير منكم يومئذٍ".

(1) قوله "بيتي": بياض في نسخة (س)، وقال في الهامش: لعله بيتي.

(2)

في نسخة (و) و (س): "حرصا".

(3)

في نسخة (و): "فجئته".

(4)

في نسخة (و): "تمرة".

(5)

في نسخة (س): "فافتتح".

(6)

قوله "صلى": تكرر في نسخة (س).

(7)

زاد في نسخة (س): "وهو في المسجد".

(8)

في نسخة (و) و (س): "فاطلع".

(9)

في نسخة (و): "حالته".

(10)

في نسخة (س): "قدرقت".

(11)

ما بين المعقوفتين كتب في الأصل في الهامش.

ص: 234

3157 -

[1] الحكم عليه:

هذا إسناد ضعيف؛ لإبهام الرجل الذي يَروي عنه محمَّد بن كعب.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 314)، ثم قال: رواه أبو يعلى، وفيه راوٍ لم يسمّ، وبقية رجاله ثقات.

ص: 235

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى (1/ 387) من طريق يزيد بن رُومان عن رجل به، بلفظ قريب.

وسنده ضعيف، وقد ذكره الحافظ هنا، وهو الطريق القادم برقم (2).

وأخرج أوله -وهو قصة التمر- ابن إسحاق في السير (ص 194)، ومن طريقه: هنَّاد (2/ 385)، والترمذي (4/ 556) بلفظ قريب، ولفظ هنَّاد: خرجت في يوم شات من بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أخذت إهابًا معطوبًا، فَجَوَّبت وسطه فأدخلته عنقي، وشددت وسطي فحزمته بخوص النخيل، وإني لشديد الجوع، ولو كان فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طعام لطعمت منه، فخرجت ألتمس شيئًا، فمررت بيهودي في مال له وهو يسقي ببكرة له، فاطلعت من ثلمة في الحائط، فقال: مالك يا أعرابي، هل لك في دلو بتمرة؟، قلت: نعم، فافتح الباب حتى أدخل، ففتح، فدخلت، فأعطاني دلوه، فكلما نزعت دلوًا، أعطاني تمرة، حتى إذا امتلأت كفي، أرسلت الدلو وقلت: حسبي، فأكلتها ثم كرعت في الماء فشربت، ثم جئت المسجد فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه. =

ص: 235

= قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرج ابن ماجه (2/ 818) بعض قصة التمر من طريق حَنَش عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم خَصاصَة، فبلغ ذلك عليًا، فخرج يلتمس عملًا يصيب فيه شيئًا ليُقيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى بستانًا لرجل من اليهود، فاستقى له سبعة عشر دلوًا، كل دلو بتمرة، فخيره اليهودي من تمره سبع عشرة عجوة، فجاء بها إلى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 53): هذا إسناد ضعيف، حَنَشَ اسمه حسين بن قيس، ضعّفه أحمد وابن معين

أهـ.

وقوله "خَصاصَة": أي جوع وضعف (انظر النهاية 2/ 37).

وأخرج هنَّاد (2/ 389) من طريق عمار بن أبي عمار، أن عليًا أجر نفسه من يهودي بنزع كل دلو أو غَرْب بتمرة، فنزع له حتى ملأ نحوًا من المُد، فذهب به علي إلى فاطمة فقال: كلي وأطعمي صبيانك.

وسنده حسن؛ لوجود عمار بن أبي عمار، قال الحافظ صدوق ربما أخطأ (التقريب ص 408).

والغَرْب، بفتح الغين وسكون الراء: الدلو العظيمة (انظر ترتيب القاموس 3/ 377).

والمُد، بالضم: مكيال، وهو رِطلان، أو رِطل وثلث، أو ملء كف الإنسان المعتدل (ترتيب القاموس 4/ 215).

وكذلك أخرج الإمام أحمد بعض قصة التمر، وسيأتي الكلام على روايته -إن شاء الله تعالى- في الطريق القادم برقم (3).

وأخرج اللفظ المرفوع من المتن: ابن إسحاق في السير (ص 193)، ومن طريقه: هنَّاد (2/ 389)، والترمذي (4/ 558) بنحوه.

ولفظ هنَّاد: إنَّا لجلوس مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم-فِي المسجد، إذ طلع علينا مُصعب بن =

ص: 236

= عمير ما عليه إلَّا بُردة له مرقوعة بفرو، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بكى للذي كان فيه اليوم، وما رآه من النِعم قبل، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كيف بكم إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّة وَرَاحَ فِي حُلَّة، ووضعت بين يديه صَحْفَة، ورفعت أخرى، وسَترتم بيوتكم كما تُستر الكعبة؟ "، قالوا يا رسول الله، نحن يومئذٍ خير منا اليوم، نتفرغ للعبادة ونكفي المؤنة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا، أنتم اليوم خير منكم يومئذٍ".

قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرج الحاكم (3/ 628) من طريق مُوسَى بْنُ عُبيدة عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بن عُبيدة، عن عُروة بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالسًا بقُباء ومعه نفر، فقام مُصعب بن عُمير عليه بُردة ما تكاد تواريه، ونكّس القوم، فجاء فسلَّم فردوا عليه، فقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا وأثنى عليه، ثم قال:"لقد رأيت هذا عند أبويه بمكة يكرمانه وينعمانه، وما فتى من فتيان قريش مثله، ثم خرج من ذلك ابتغاء مرضاة الله، ونصرة رسوله، أما إنه لا يأتي عليكم إلّا كذا وكذا، حتى يفتح عليكم فارس والروم، فيغدو أحدكم في حُلَّة ويروح في حُلَّة، ويُغدى عليكم بقصعة ويُراح عليكم بقصعة"، قالوا: يا رسول الله، نحن اليوم خير أو ذلك اليوم؟، قال:"بل أنتم اليوم خير منكم ذلك اليوم، أما لو تعلمون من الدنيا ما أعلم، لاستراحت أنفسكم منها".

وسنده ضعيف؛ لضعف موسى بن عُبيدة (انظر التقريب ص 552).

وأخرج الحاكم أيضًا (3/ 200) من طريق محمَّد بن عمر، حدثني إبراهيم بن محمَّد العبدري عن أبيه قال: كان مصعب بن عُمير فتى مكة شبابا وجمالًا، وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وأرقه، وكان أعطر أهل مكة، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يذكره، ويقول:"ما رأيت بمكة أحسن لُمَّة، ولا أرق حُلَّة، ولا أنعم نعمة من مصعب بن عُمير".

وسنده واهٍ، فيه محمَّد بن عمر، هو الواقدي، قال الحافظ: متروك مع سعة علمه (التقريب ص 498). =

ص: 237

= ويشهد للمرفوع من الأثر، ما رُوي عن قتادة، وسعد بن مسعود، والحسن البصري، كما يلي:

1 -

حديث قتادة: أخرجه أحمد في الزهد (ص 65) من طريق قتادة، قال: ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل على أهل الصفة، وكان يجتمع بها فقراء المسلمين، وكانوا يرقعون ثيابهم بأدم ولا يجدون رقاعًا، فقال:"أنتم اليوم خير أو يوم يغدو أحدكم في حُلَّة ويروح في أخرى، وتغدو عليه جَفْنَة ويُراح عليه بأخرى، ويستر بيته كما تُستر الكعبة؟ "، قالوا: بل نحن يومئذٍ خير، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا، بل أنتم اليوم خير".

وإسناده منقطع.

2 -

حديث سعد بن مسعود: أخرجه هنَّاد (2/ 390) من طريق الأفريقي عن سعد بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا شبعتم من ألوان الطعام؟ "، قالوا: ويكون ذاك يا رسول الله؟، قال:"نعم، كأنكم قد أدركتموه، أو من أدركه منكم فكبروا"، قال:"كيف أنتم إذا غدا أحدكم في ثياب وراح في أخرى؟ "، قالوا: ويكون ذاك يا رسول الله؟، قال:"كأنكم قد أدركتموه، أو من أدركه منكم فكبروا"، قال:"كيف أنتم إذا سترتم بيوتكم كما تُستر الكعبة؟ "، قال: فَفَرِقَ القوم، وقالوا: يا رسول الله، رغبةً عن الكعبة؟، قال:"لا، ولكن من فضل تجدونه"، فقالوا: نحن اليوم خير أم يومئذٍ؟، قال:"لا، بل أنتم اليوم أفضل".

وسنده ضعيف، فيه الأفريقي، هو عبد الرحمن بن أنعم: ضعيف في حفظه (التقريب ص 340).

3 -

حديث الحسن البصري: أخرجه هنَّاد (2/ 390) واللفظ له، ومن طريقه أبو نُعيم في الحلية (1/ 340) من طريق الأعمش، وهشام عن الحسن قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أهل الصفة فقال: "كيف أصبحتم؟ "، قالوا: بخير، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليوم خير أم إذا غُدِيَ على أحدكم بجَفْنَة ورِيح عليه بأخرى، =

ص: 238

= وستر أحدكم بيته كما تُستر الكعبة؟ "، قالوا: يا رسول الله، نصيب ذلك ونحن على ديننا؟، قال: "نعم"، قالوا: فنحن يومئذٍ خير، نصيب فنتصدق ونعتق، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا، بل أنتم اليوم خير، إنكم إذا طلبتموها، تقاطعتم، وتحاسدتم، وتدابرتم، وتباغضتم".

قال أبو نُعيم: كذا رواه أبو معاوية مرسلًا.

وأخرجه هنَّاد (2/ 391) من طريق أخرى عن الحسن البصري مرسلًا، ومن طريق هناد: أبو نُعيم في الحلية (1/ 340) بمعناه، مع زيادة ألفاظ في آخره.

وسنده ضعيف؛ لإرساله، ولجهالة الراوي عن الحسن، وهو سِنان بن سفيان الحنفي (انظر الجرح 4/ 253).

وأخرج بعض المرفوع من الأثر كل من:

أحمد (3/ 487) وابنه عبد الله في زوائد الزهد (ص 47)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 277)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (2/ 445) واللفظ له، وأخرجه الحاكم (4/ 548) من طريق داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الدَّيلي، عن طلحة النَّصْري قال: قدمت المدينة مهاجرًا، وكان الرجل إذا قدم المدينة فإن كان له عريف نزل عليه، وإن لم يكن له عريف نزل الصفة، فقدمتها وليس لي بها عريف، فنزلت الصفة، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يرافق بين الرجلين، ويقسم بينهما مُدًا من تمر، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلواته، إذ ناداه رجل، فقال: يا رسول الله، أحرق بطوننا التمر، وتخرقت عَنَّا الخُنُف. قال: وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه، وذكر ما لقي من قومه، ثم قال: -وفي آخره-"وسيأتي عليكم زمان أو من أدركه منكم، تلبسون أمثال أستار الكعبة، ويُغدى ويُراح عليكم بالجفان"، قالوا: يا رسول الله، نحن يومئذٍ خير أو اليوم؟، قال:"لا، بل أنتم اليوم خير، أنتم اليوم إخوان، وأنتم يومئذٍ يضرب بعضكم رقاب بعض".

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. =

ص: 239

= والخُنُف: جمع خنيف، وهو ضرب من أردأ الكتان (انظر النهاية 2/ 84). وأخرج ابن أبي عاصم في الزهد (ص 139) واللفظ له، والبزار: كما في الكشف (4/ 258) من طريق أبي أحمد الزبيري، أخبرنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أبي جُحيفة -قال لا أعلمه إلَّا عَنْ أَبِيهِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"ستفتح لكم الدنيا، حتى تُنَجِّدوا بيوتكم كما تُنَجَّدُ الكعبة"، قلنا: ونحن على ديننا اليوم؟، قال:"وأنتم على دينكم اليوم"، قلنا: فنحن يومئذ خير أم ذلك اليوم؟ قال: "بل أنتم اليوم خير".

قال البزّار: لا نعلمه يُروى عن أبي جُحيفة إلَّا بهذا الإسناد.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 323)، ثم قال: رواه البزّار، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الجبار بن العباس الشامي، وهو ثقة.

قلت: إسناده حسن، عبد الجبار بن العباس صدوق يتشيع (التقريب ص 332).

والتنجيد، هو ما يوضع في البيت من بسط، وفرش، ووسائد (انظر ترتيب القاموس 4/ 326).

ويأتي حديث عبد الله بن يزيد مرفوعًا في هذا البحث برقم (3207) وسنده صحيح ولفظه: "

تَطَالَعَتْ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا -أَيْ أَقْبَلَتْ- حَتَّى ظَنَنَّا أن تقع عَلَيْنَا، وَيَغْدُو أَحَدُكُمْ فِي حُلَّة وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى، وتستُرون بيوتكم كما تستُرون الكعبة".

وفي النهي عن ستر الجدران: أخرج الإمام مسلم (3/ 1666) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: رأيته خرج في غزاته، فأخذتُ نَمَطًا فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النَّمَط، عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه، أو قطعه، وقال:"إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين". قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفًا، فلم يَعِبْ ذلك عليّ.

قلت: وبما سبق يرتقي إسناد الباب إلى الحسن لغيره، والله الموفق سبحانه.

ص: 240

3157 -

[2] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عُبيد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرير نَحْوَهُ.

* قُلْتُ: رواه الترمذي من طريق ابن إسحاق به (1) مختصرًا (2)

(1) قوله "به": ساقط من نسخة (و).

(2)

في السنن (4/ 556)، وتقدم ذكر هذه الرواية في تخريج الطريق الماضي برقم (1).

ص: 241

3157 -

[2] الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لعنعنة أبي إسحاق، ولجهالة الشيخ الذي روى عنه يزيد بن رُومان.

ص: 241

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (1/ 387).

ولفظه: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرجت في غداة شاتية جائعًا وقد أوبقني البرد، فأخذت ثوبًا من صوف قد كان عندنا ثم أدخلته في عنقي وحزمته على صدري أستدفىء به، والله ما فِي بَيْتِي شَيْءٌ آكُلُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شيء، لبلغني، فخرجت في بعض نواحي المدينة فانطلقت إلى يهودي في حائطه، فاطّلعت عليه من ثغرة جداره، فقال: مالك يا أعرابي، هل لك في دلو بتمرة؟ قلت: نعم، افتح لي الحائط، ففتح لي، فدخلت، فجعلت أنزع الدلو ويعطيني تَمْرَةً، حَتَّى مَلَأْتُ كَفِّي، قُلْتُ: حَسْبِي مِنْكَ الآن، فأكلتهن ثم جرعت من الماء، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إليه في المسجد وهو مع عصابة من أصحابه، فطلع عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمير فِي بُردة لَهُ مرقوعة بفروة، وكان أنعم غلام بمكة وأرفهه عيشًا، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم، ذَكَرَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَرَأَى حَالَهُ الَّتِي هُوَ عليها، فذرفت عيناه فبكى، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أنتم اليوم خير أم إذا غُدي على أحدكم بجفْنَة من خبز ولحم، ورِيح عليه بأخرى، وغدا في حُلَّة وراح في أخرى، وسَترتم بيوتكم كما =

ص: 241

= تستر الكعبة؟ "، قلنا: بل نحن يومئذٍ خير، نتفرغ للعبادة. فقال: "بل أنتم اليوم خير".

وبالشواهد المذكورة في الطريق السابق برقم (1)، يرتقي هذا الطريق إلى مرتبة الحسن لغيره.

ص: 242

3157 -

[3] ورَوى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه بعض قصة التمر.

ص: 243

3157 -

[3] الحكم عليه:

إسناده ضعيف؛ لانقطاعه، مُجاهد لم يسمع من علي رضي الله عنه.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 314)، ثم قال: رواه أحمد، ورجاله وثِّقوا إلَّا أن مجاهدًا لم يسمع من علي.

قلت: وفيه علة أخرى: في إسناده شَريك بن عبد الله النَّخَعي، وهو صدوق يخطئ كثيرًا. (التقريب ص 266).

ص: 243

تخريجه:

هو في مسند الأمام أحمد (1/ 90)، قال: ثنا أسود، ثنا شَريك عن موسى الصغير الطحان، عن مجاهد، قال: قال علي: "خرجت، فأتيت حائطًا، قال: فقال: دلو وتمر، قال: فدليت حتى ملأت كفي، ثم أتيت الماء فاستعذبت -يعني: شربت- ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأطعمته بعضه، وأكلت أنا بعضه".

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (ص 193)، ومن طريقه أبو نُعيم في الحلية (1/ 71) قال: حدثني علي بن حكيم الأوْدي، حدّثنا شَريك به، بلفظ قريب.

ولفظه: "جئت إلى حائط أو بستان، فقال لي صاحبه: دلوًا وتمرة، فدلوت دلوًا بتمرة، فملأت كفي ثم شربت من الماء، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بملء كفي، فأكل بعضه، وأكلت بعضه".

وأخرجه المُحاملي في أماليه (ص 171) من طريق يحيى الأموي قال: ثنا موسى الطحان به، بلفظ قريب.

وبالشواهد المذكورة في الطريق السابقة برقم (1)، يرتقي إلى الحسن لغيره، وبالله التوفيق.

ص: 243

3157 -

[4] وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سليمان، ثنا أبو رافع قال: سمعت محمَّد بن كعب القُرَظي يحدث بأن (1) أَهْلَ الْعِرَاقِ [أَصَابَتْهُمْ](2) أَزْمَة، فَقَامَ بَيْنَهُمْ عَلِيٌّ (3) رضي الله عنه فقال: أَيُّهَا النَّاسُ، أَبْشِرُوا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لا يمر عليكم (4) إلّا يَسِيرٌ حَتَّى تَرَوْا مَا يَسُرُّكُمْ مِنَ الرَّخَاءِ واليسر، قد رأيتني بكيت (5) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الدَّهْرِ مَا أَجِدُ شَيْئًا آكله (6) حتى خشيت أن يقتلني الجوع، فأرسلت فَاطِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تستطعمه لي، فقال صلى الله عليه وسلم:"يَا بُنَيَّةُ، وَاللَّهِ (7) مَا فِي الْبَيْتِ طَعَامٌ يأكله ذو كبد إلّا ما ترى -لِشَيْءٍ قَلِيلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ- وَلَكِنِ ارْجِعِي فَسَيَرْزُقُكُمُ الله تبارك وتعالى"، فلما جاءتني فأخبرتني، انقلبت وَذَهَبْتُ حَتَّى آتِيَ بَنِي قُريظة، فَإِذَا يَهُودِيٌّ عَلَى شَفِيرِ بِئْرٍ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، هَلْ لَكَ أَنْ تَسْقِيَ [نَخْلًا لِي](8) وَأُطْعِمُكَ؟، قُلْتُ: نَعَمْ. فَبَايَعْتُهُ عَلَى أَنْ أَنْزِعَ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، فَجَعَلْتُ أَنْزِعُ، فَكُلَّمَا نَزَعْتُ دَلْوًا أَعْطَانِي تَمْرَةً (9)، حَتَّى امْتَلَأَتْ يَدَايَ (10) مِنَ التَّمْرِ، فَقَعَدْتُ فَأَكَلْتُ ثُمَّ شَرِبْتُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا لَكَ بَطْنًا، لَقَدْ لَقِيتُ الْيَوْمَ خَيْرًا، ثم نزعت كذلك لِابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وَضَعْتُ فَانْقَلَبْتُ رَاجِعًا، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، إِذَا أَنَا بِدِينَارٍ مُلْقًى، فَلَمَّا رأيته وقفت انظر إليه وأؤامر نفسي لآخذه أم أذره، [فأبيت](11) إلا أخذه، وقلت: أستشير [بِنْتَ](12) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأخذته، فلما جئتها أخبرتها الخبر، فقالت: هذا رزق من الله تعالى فانطلق فاشترِ لنا دقيقًا، فانطلقت حتى جئت السوق، فإذا أنا بيهودي من يهود فَدَك يبيع دَقِيقًا مِنْ دَقِيقِ الشَّعِيرِ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ فَلَمَّا اكْتَلْتُ قَالَ: مَا أَنْتَ لِأَبِي الْقَاسِمِ؟، قُلْتُ: ابن عمي، وابنته امرأتي، فأعطاني الدينار، فجئتها فأخبرتها الخبر، فقالت: هذا رزق من اللَّهِ عز وجل، فَاذْهَبْ بِهِ (13) فَارْهَنْهُ بِثَمَانِيَةِ قراريط، ذهب في

(1) في نسخة (و): "عن".

(2)

في الأصل، ونسخة (س):"أصابهم"، والمثبت من نسخة (و).

(3)

في نسخة (س): "علي بن أبي طالب".

(4)

في نسخة (س): "بكم".

(5)

في نسخة (و): "نكيت"، و (س):"تنكبت".

(6)

قولها "آكله": ساقط من نسخة (و).

(7)

قوله "يا بنية والله ": في نسخة (س): "والله يا بنية".

(8)

في الأصل: "نخلاتي"، وفي نسخة (و):"نخلا"، والنقل من نسخة (س).

(9)

قوله "تمرة": ساقط من نسخة (و).

(10)

في نسخة (س): "يدي".

(11)

في الأصل: "قالت"، والمثبت من يأتي النسخ.

(12)

ساقط من جميع النسخ، والسياق يقتضيه.

(13)

قوله "به": ساقط من نسخة (و).

ص: 244

لَحْمٍ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُهَا بِهِ، فقطَّعته لَهَا، [ونَصَبَتْ](1)، ثم عجنت وَخَبَزْتُ، ثُمَّ صَنَعْنَا طَعَامًا وَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَجَاءَنَا، فَلَمَّا رَأَى الطَّعَامَ قَالَ:"مَا هَذَا؟ أَلَمْ تَأْتِنِي آنِفًا تَسْأَلُنِي؟ "، [فَقُلْنَا] (2): بَلَى، اجْلِسْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُخْبِرْكَ الْخَبَرَ، فَإِنْ رَأَيْتَهُ طيبًا، أَكَلْتَ وَأَكَلْنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ:"هُوَ طَيِّبٌ، فكلوا باسم الله"، ثم قام صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِأَعْرَابِيَّةٍ تَشْتَدُّ (3) كَأَنَّهُ نُزع فؤادها، فقالت: يا رسول الله، أبي (4) أُبْضِعُ مَعِي بِدِينَارٍ (5) فَسَقَطَ مِنِّي، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ سَقَطَ، فَانْظُرْ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْ يُذكر لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ادْعِي لِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالب"، فجئته صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اذْهَبْ إِلَى الْجَزَّارِ فَقُلْ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول لَكَ: إِنَّ قَرَارِيطَكَ عَلَيَّ، فَأَرْسِلْ بِالدِّينَارِ"، فأرسلَ به، فأعطاه الأعرابية، فذهبت.

(1) ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل، والمثبت من يأتي النسخ.

(2)

في الأصل: "فقلت"، والمثبت من باقي النسخ.

(3)

في نسخة (و) و (س): "تنشد".

(4)

في نسخة (و) و (س): "ان ".

(5)

في نسخة (س): "دينار".

ص: 245

3157 -

[4] الحكم عليه:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لأمرين:

1 -

ضعف إسماعيل بن رافع.

2 -

انقطاعه بين محمَّد بن كعب وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.

وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 103 ب) مختصر، ثم قال: رواه محمَّد بن يحيى بن أبي عمر، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى الموصلي، ولفظهما -فذكر لفظ الطريق الأوّل ثم قال-: ورَوى أحمد بن حنبل من طريق مجاهد عن علي بعض قصة التمر، ورواه الترمذي مختصرًا، ولم يسمِّ الراوي عن علي، وقال: هذا حديث حسن غريب، وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب.

ص: 246

تخريجه:

لم أجد من أخرج هذه القصة بكاملها، ويشهد لبعضها ما في تخريج الطريق الأولى.

وأخرج بعض قصة الدينار: هنَّاد (2/ 387) من طريق عطاء، قال: نبئت أن عليًا قال: مكثنا أيامًا ليس عندنا شيء، ولا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا أنا بدينار مطروح على الطريق، فمكثت هُنيئة أؤامر نفسي في أخذه أو تركه، ثم أخذته لما بنا من الجهد، فأتيت به الضَّفَّاطين فاشتريت به دقيقًا، ثم أتيت به فاطمة فقلت: اعجني واخبزي، فجعلت تعجن وإن قصتها لتضرب حرف الجَفْنَة من الجهد الذي بها، ثم خبزت، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال:"كلوا، فإنه رزق، رزقكم الله".

وإسناده ضعيف؛ للانقطاع بين عطاء، وهو ابن أبي رباح، وبين علي رضي الله عنه.

والضَّفَّاطين، قال ابن الأثير: الضَّافط والضَّفَّاط: الذي يجلب المِيرة والمتاع إلى المدن. (النهاية 3/ 94).

ص: 246

3158 -

وقال عبد: حدّثنا يزيد بن هارون، أنا أَبُو العَطوف: الجَرًاح بْنُ مِنْهال عَنِ الزُّهري، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) حَتَّى دَخَلْنَا فِي بَعْضِ حِيطَانِ الأنصار، فجعلنا نلتقط من التمر ونأكل، فقال لي:"يا ابن عمر، مالك لَا تَأْكُلُ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أشتهيه. قال-صلى الله عليه وسلم:"لَكِنِّي أَشْتَهِيهِ، وَهَذِهِ صُبْحُ رَابِعَةٍ مُنْذُ لَمْ أَذُقْ طَعَامًا وَلَمْ أَجِدْهُ، وَلَوْ شِئْتُ دَعَوْتُ رَبِّي فَأَعْطَانِي مِثْلَ مُلْكِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَكَيْفَ بِكَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِذَا بَقِيتَ فِي قوم (2) [يخبئون] (3) رزق سنة وَيُضَعِّفُ الْيَقِينَ؟ "، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْنَا وَلَا ذَهَبْنَا حَتَّى نَزَلَتْ:{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَأْمُرْنِي بِكَنْزِ الدنيا (4) ولا اتباع الشهوات، فمن كنزها يريد بِهَا (5) حَيَاةً بَاقِيَةً، فَإِنَّ الْحَيَاةَ بِيَدِ اللَّهِ عز وجل، ألا لأني لَا أَكْنِزُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا أَخْبَأُ رزقًا لغد".

(1) كتب في الأصل فوق قوله "رسول الله ": "النبي".

(2)

قوله "في قوم": كتب في هامش الأصل.

(3)

في الأصل: "يجبون"، والمثبت من باقي النسخ.

(4)

في نسخة (س): "الدينار".

(5)

قوله "بها": ساقط من نسخة (س).

ص: 247

3158 -

الحكم عليه:

هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، فيه الجَرَّاح بن مِنْهال، وهو متروك، وفيه الزُّهري وهو مقبول، وفيه انقطاع، عطاء لم يسمع من ابن عمر رضي الله عنهما.

وذكره القرطبي في التفسير (7/ 5075)، ثم قال: هذا ضعيف، يضعِّفه أنه عليه السلام كان يدخر لأهله قوت سنتهم، اتفق البخاريّ عليه ومسلم، وكانت الصحابة =

ص: 247

= يفعلون ذلك، وهم القدوة وأهل اليقين، والأئمة لمن بعدهم من المتقين المتوكلين.

وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 104 ب) مختصر، ثم قال: رواه عبد بن حميد، وأبو الشيخ بن حبّان في كتاب "الثواب"، بسند فيه راو لم يسمّ.

ص: 248

تخريجه:

هو في المنتخب من مسند عبد (2/ 39).

وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي (ص 234)، ومن طريقه الواحدي في أسباب النزول (ص 396) من طريق عبد الواحد بن محمَّد البجلي، نا يزيد بن هارون، به بلفظ قريب، وسمَّى الرجل الذي يروي عن ابن عمر: عطاء.

وأخرجه البغوي في معالم التنزيل (4/ 384) من طريق إسماعيل بن زُرارة الرقي، أنبأنا أبو العَطوف الجَرَّاح بن مِنْهال، به بنحوه إلى قوله تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} . وسمَّى الرجل الذي يروي عن ابن عمر: عطاء بن أبي رباح.

وبمعنى آخر حديث عَمرو بن الحارث رضي الله عنه قال: "ما تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند موته درهمًا ولا دينارًا، ولا عبدًا ولا أمة، ولا شيئًا، إلّا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضا جعلها صدقة".

أخرجه البخاريُّ (فتح 5/ 356).

ص: 248

3159 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكير (1)، ثنا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ محمَّد، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (2) قَالَ: جَعَلَ عُروة بن الزبير رضي الله عنهما لعائشة رضي الله عنها طَعَامًا، فَجَعَلَ يَرْفَعُ قَصعة وَيَضَعُ قَصعة، قَالَ: فحوَّلت رضي الله عنها وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا عُروة رضي الله عنه: كدَّرت عَلَيْنَا (3). فَقَالَتْ: "وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا رأى المناخل منذ (4) بعثه الله تبارك وتعالى حتى قبض (5) ".

(1) في نسخة (و) و (س): "يحيى بن أبي بكر".

(2)

في نسخة (س): "عن أبي خازم".

(3)

زاد في بغية الباحث عدة أسطر.

(4)

في نسخة (و) و (س): "حين".

(5)

في نسخة (س): "إلى أن قبض".

ص: 249

3159 -

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد ضعيف، فيه سليمان بن محمَّد وهو مجهول، ولانقطاعه، أبو حازم لم يسمع من أحد من الصحابة غير سهل بن سعد رضي الله عنه.

وذكره مطولًا البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 104 ب) مختصر، ثم قال: رواه الحارث بن أبي أسامة، وفي الصحيح قصة الأهلة الثلاثة، ومنحه اللبن فقط.

ص: 249

تخريجه:

أخرجه الحارث بن أبي أسامة: كما في بغية الباحث (ص 1325) مطولًا، ولفظه: جعل عُروة بن الزبير طعامًا لعائشة، فجعلت ترفع قَصعة وتضع قَصعة قَالَ: فحوَّلت وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ تَبْكِي، فقال لها عُروة: كدَّرت علينا طعامنا. قالت: "تقولون ما يبكيني، ومض حبيبي خميص البطن من الدنيا، والله إن كان ليهل لنا أهلة ثلاثة وما أوقد في بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار". قال: ما كان معيشتكم؟ قالت: "كان لنا جيران من الأنصار فنعم الجيران، كانوا يمنحوننا شيئًا من ألبانهم، =

ص: 249

= وشيئًا من الشعير فنجشه" قالت: "تعجب، فوالذي بعثه بالحق، ما رأى المناخل بعينه حتى قبضه الله عز وجل".

وأخرج قولها: "مضى حبيبي خميص البطن من الدنيا" أبو يعلى، بلفظ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو خميص البطن.

وسنده ضعيف، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الحديث القادم برقم (1324).

وأخرج بعضه: البخاريُّ (فتح 11/ 283) واللفظ له، ومسلم (4/ 2283) من طريق أبي حازم عن أبيه، عن يزيد بن رُومان، عن عُروة، عن عائشة أنها قالت لعُروة:"ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار". فقلت: ما كان يعيشكم؟ قالت: "الأسودان: التمر والماء، إلّا أنه قد كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم، فيسقيناه".

ويشهد لآخره الحديث الماضي برقم (3155) عن أم سلمة، وما ذكر في تخريجه عن أبي الدرداء، وعائشة، وسهل، وأنس رضي الله عنهم.

وبما سبق يرتقي هذا الأثر إلى الحسن لغيره، والله الموفق.

ص: 250

3160 -

حَدَّثَنَا (1) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ عَنْ عَمرو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الحارث، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على فراش حشوه ليف، ووسادة حشوها ليف، فقام صلى الله عليه وسلم فأثر بجلده، فبكيت، فقال صلى الله عليه وسلم:"يا أم سلمة، ما يبكيك؟ "، فقلت: ما أرى من أثر هذا. فقال (2) صلى الله عليه وسلم: "لا تَبْكِي (3)، فَوَاللَّهِ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ تَسِيرَ مَعِي الجبال لسارت".

(121)

وحديث جابر رضي الله عنه في قصة الجفنة في بيت فاطمة رضي الله عنها في مناقبها (4).

(1) القائل هو: الحارث بن أبي أسامة رحمه الله في مسنده.

(2)

في نسخة (و) و (س): "قال".

(3)

في نسخة (و) و (س)، وبغية الباحث:"فلا تبكي".

(4)

ذكره الحافظ في باب فضائل فاطمة صلى الله وسلم على أبيها وعليها رضي الله عنها وفضل ابنيها رضي الله عنهما حديث رقم (3958).

ص: 251

3160 -

الحكم عليه:

هذا إسناد موضوع، فيه عبد العزيز بن أبان وهو متروك، وعبد الغفار بن القاسم، وهو وضاع.

وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 104 ب) مختصر، ثم قال: رواه الحارث بن أبي أسامة.

ص: 251

تخريجه:

أخرجه الحارث في مسنده: كما في بغية الباحث (ص 1323).

وفي الباب ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 360) واللفظ له، وأحمد في الزهد (ص 30)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي (ص 136)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 102)، والبيهقيُّ في الشعب =

ص: 251

= (2/ 173)، وفي الدلائل (1/ 345)، والبغويّ في الأنوار (1/ 325) من طريق عباد بن عباد المُهَلَّبي عن مُجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلْتُ امرأة من الأنصار عليَّ فرأت فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية، فانطلقت فبعثت إليَّ بفراش حشوه صوف، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما هذا؟ " قلت: يا رسول الله، فلانة الأنصارية دخلت عليَّ فرأت فراشك فذهبت فبعثت بهذا. فقال:"رديه". فلم أَرُدَّة، وأعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال ذلك ثلاث مرات. فقال:"والله يا عائشة، لو شئت، لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة".

وسنده ضعيف، فيه مُجالد، وهو ابن سعيد، قال الحافظ: ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره (التقريب ص 520)، وقد ذكر له الذهبي هذا الحديث، وعدّه من أشد منكراته (الميزان 3/ 438).

وبنحو أوله حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أدم، وحشوه ليف". أخرجه البخاريُّ (فتح 11/ 282)، والأدم: الجلد (انظر لسان العرب 12/ 10).

وبنحو آخره حديث عمر رضي الله عنه:

أخرجه وكيع (1/ 338) واللفظ له، وابن سعد في الطبقات (1/ 361) عن طلحة بن عَمرو، عن عطاء، أن عمر دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مرمول بشريط، وإذا أُهُب مطروحة في ناحية البيت، فبكى عمر، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما يبكيك يا عمر؟ "، قال: يا رسول الله، ذكرت كسرى وقيصر وما هما فيه من أمر الدنيا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا عمر، لو شئت أن تسير الجبال الراسيات ذهبا وفضة لسارت".

وسنده ضعيف جدًا، فيه طلحة بن عَمرو، هو ابن عثمان: متروك (التقريب ص 283).

وقوله: "مرمول بشريط" أي كان السرير قد نسج وجهه بالسعف، ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير (النهاية 2/ 265).

ص: 252

3161 -

وقال مُسَدَّد: حدّثنا هُشيم عَنْ حُصين، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قال لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، قَالَ:"أَمُوتُ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما، أما أني لَمْ أَدَعْ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ، إِلَّا مَا في سيفي هذا، فبيعوه وكفنوني به".

ص: 253

3161 -

الحكم عليه:

رجال إسناده ثقات، لكنه ضعيف؛ لأنه من رواية هُشيم وهو مدلس، لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح فيه بالسماع، وقد عنعنه هنا.

ص: 253

تخريجه:

أخرجه ابن سعد في الطبقات (6/ 144) من طريق أبي عَوانة عن حُصين، به بلفظ قريب.

ولفظه: "اللهم لا أَمُوتُ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَبُو بَكْرٍ ولا عمر.

والله ما تركت صفراء ولا بيضاء عند أحد من الناس غير ما في سيفي هذا، فكفنوني به وسنده رجاله ثقات، أبو عَوانة هو الوضاح اليشكري ثقة ثبت (التقريب ص580)، لكن روايته عن حُصين بعد التغير، كذا يُفهم من كلام الحافظ في الهدي (ص 398)، حيث ذكره مع آخرين ممن أخرج حديثهم البخاريُّ، ثم قال: فأما شعبة، والثوري، وزائدة، وهُشيم، وخالد، فسمعوا منه أي من حُصين قبل تغيره

وأما محمَّد بن فضيل، ومن ذكر معه ومنهم أبو عَوانة، فأخرج من حديثهم ما توبعوا عليه. اهـ.

قلت: وبمجموع هذين الطريقين يرتقي طريق الباب إلى الحسن لغيره، والله الموفق.

ص: 253

3162 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنيع: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّة عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قال أبو بَرْزَة رضي الله عنه: "كَانَتِ الْعَرَبُ: تَقُولُ مَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ سَمِنَ، فلما افتتحنا (1) خَيْبَرَ، أَجْهَضْنَاهُمْ (2) عَنْ خُبْزَةٍ لَهُمْ، فَقَعَدْتُ عَلَيْهَا فَأَكَلْتُ حَتَّى شَبِعْتُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي عِطْفي، هل سمنت؟ ".

(1) في نسخة (و) و (س): "فتحنا".

(2)

في نسخة (و): "احهصناهما" وقال في الهامش: "كذا".

ص: 254

3162 -

الحكم عليه:

هذا الإسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع بين الحسن وبين أبي برزَة رضي الله عنه، (انظر علل ابن المديني ص 56).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 323)، ثم قال: رواه كله الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 254

تخريجه:

أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة -خ- (ق 195 ب) من طريق الحارث بن عمير عن أيوب السختياني به، بنحوه.

ولفظه: عن أبي بَرْزَة قال: "كنا نقول من أكل الخبز سمن، فلما كان يوم خيبر، أجهضنا اليهود عن خبزة لهم، فجعلنا نأكل وننظر هل سمنا؟ ".

وأخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (10/ 323) عن أبي بَرْزَة قال: "كنا في غزاة لنا، فلقينا أناسًا من المشركين فأجهضناهم عن ملة لهم، فوقعنا فيها، فجعلنا نأكل منها، وكنا نسمع في الجاهلية أن من أكل الخبز سمن، فلما أكلنا ذلك الخبز، شرع أحدنا ينظر في عِطْفيه هل سمن؟ ".

وفي رواية: "كنا يوم خيبر مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأجهضناهم عن خبزة لهم من نِقّي".

ص: 254

3163 -

وقال أبو يعلى: حدّثنا محمَّد، هُوَ المُقَدَّمي، ثنا فُضيل بْنُ سُلَيْمَانَ، حدثني فائد مولى عَبادل، حدثني [عُبيد الله بن علي] (1) قال: أَنَّ جَدَّتَهُ سَلْمَى أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم، فَقَالُوا: اصْنَعِي لَنَا طَعَامًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يَأْكُلَهُ. قَالَتْ لِلْحَسَنِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّا لَا نَشْتَهِيهِ الْيَوْمَ. فَأَخَذَتْ شَعِيرًا فَطَحَنَتْهُ وَنَسَفَتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خُبْزَةً، وَجَعَلَتْ أدْمَهُ الزَّيْتَ، وَنَثَرَتْ عَلَيْهِ فُلْفُلًا، وَقَرَّبَتْهُ إِلَيْهِمْ، وَقَالَتْ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يحب هذه، ويحسن أكلها".

* أخرجه الترمذي في الشمائل.

(1) في جميع النسخ: "عبد الله بن علي"، والمثبت من كتب التراجم، والحديث.

ص: 255

3163 -

الحكم عليه:

هذا إسناد ضعيف، لضعف فُضيل بن سليمان، وعُبيد الله بن علي.

وذكره المنذري في الترغيب (4/ 197)، ثم قال: رواه الطبراني بإسناد جيد. أهـ. وهو من تساهله.

ص: 255

تخريجه:

أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 299) قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمَّد بن أبي بكر المُقَدَّمي به، بلفظ قريب، وسقط من سنده: عُبيد الله بن علي.

ولفظه: دخلت عَلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر، وعبد الله بن عباس، فقالوا: صفي لنا طعامًا مما كان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم أكله، فقالت:"يا بني إذا لا تشتهونه اليوم، فقمت فَأَخَذَتْ شَعِيرًا فَطَحَنَتْهُ وَنَسَفَتْهُ وَجَعَلَتْ مِنْهُ خُبْزَةً، وكان أدمه الزيت، ونثرت عليه الفلفل فقربته إليهم، وقلت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ هذا".

وأخرجه الترمذي في الشمائل (ص 155)، ومن طريقه البغوي في الأنوار =

ص: 255

= (2/ 625) قال: حدّثنا الحسين بن محمَّد البصري، حدّثنا الفُضيل بن سليمان به، بنحوه.

ولفظه: أن الحسن بن علي، وابن عباس، وابن جعفر، أتوها، فقالوا لها: اصنعي لنا طعامًا مما كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحسن أكله، فقالت:"يا بني لا تشتهيه اليوم"، قال: بلى اصنعيه لنا. قال: فقامت، فأخذت شيئًا من الشعير فطحنته، ثم جعلته في قدر، وصبَّت عليه شيئًا من زيت، ودّقَّت الفلفل والتوابل فقربته إليهم، فقالت:"هذا مما كان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم ويحسن أكله".

ص: 256

3164 -

وقال أحمد في الزهد: حدّثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكير، ثنا مَهْدِيُّ عَنْ محمَّد بْنِ سِيرين قَالَ: أَعْرَسَ ابْنُ أُخْتٍ لَنَا فَصَنَعَ طَعَامًا، فَقَالَ ابْنُ سِيرين: "كَانَ الرجل مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْكُثُ أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ، فَإِذَا وَجَدَ جَلْدة، اجتزأ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، عَصَبَ (1) عَلَى بَطْنِهِ حجرًا.

(1) في الأصل: "صلى الله عليه وسلم". ولا محل لها.

ص: 257

3164 -

الحكم عليه:

هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.

ص: 257

تخريجه:

هو في الزهد للإمام أحمد (ص 434).

وأخرجه ابن أبي شيبة (14/ 12)، قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا مهدي بن ميمون به، بنحوه. ولفظه:"كان الرجل من أصحاب محمَّد تأتي عليه الثلاثة الأيام لا يجد شيئًا يأكله، فيجد الجلدة فيشويها، فيجتزىء بها، وإذا لم يجد شيئًا، عمد إلى حجر فشد به بطنه".

ص: 257

3165 -

وقال الحارث: حدّثنا يَعْقُوبُ بْنُ محمَّد الزُّهْرِيُّ، ثنا محمَّد بْنُ فُليح، ثنا أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبيعة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبيعة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-في سرية نخلة وَمَعَنَا عَمرو بْنُ سُراقة، وَكَانَ رَجُلًا لَطِيفَ الْبَطْنِ طَوِيلًا، فَجَاعَ فَانْثَنَى صُلْبُهُ، فَكَانَ لَا يستطيع أن يمشي فسقط علينا، [فأخذنا](1) صفيحة من حجارة، فربطناها على بطنه، ثم [شددناها](2) إِلَى صُلْبِهِ فَمَشَى مَعَنَا، فَجِئْنَا حَيًّا مِنَ العرب فضيفونا، فمشى معنا، ثم (3) قال:"كنت أحسب الرجلين يحملان (4) البطن، فإذا البطن يحمل (5) الرجلين".

(1) في الأصل: "فأخذ"، والمثبت من باقي النسخ.

(2)

في الأصل: "شددنا"، وفي نسخة (و) و (س)، وبغية الباحث:"شددناه"، والمثبت من الإصابة (7/ 109).

(3)

قوله "ثم": ساقط من نسخة (و) و (س).

(4)

في نسخة (و): "تحملان".

(5)

في نسخة (و): "تحمل"

ص: 258

3165 -

الحكم عليه:

الأثر بهذا الإسناد ضعيف، فيه علتان:

1 -

يعقوب بن محمَّد الزهري، وهو ضعيف.

2 -

أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ، ولم أر من ترجم له.

وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 104 ب) مختصر، ثم قال: رواه الحارث بن أبي أسامة.

ص: 258

تخريجه:

هو في مسند الحارث كما في بغية الباحث (ص 1328). =

ص: 258

= وذكره الحافظ في الإصابة (7/ 109) عن الحارث بنفس السند.

وأخرجه من طريق المصنِّف: أبو نُعيم في معرفة الصحابة -خ- (2/ 86 ب).

وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (4/ 227) عن عامر بن رَبيعة بلفظ قريب.

وذكره العجلوني في كشف الخفاء (2/ 170) وعزاه للحارث.

ص: 259