الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب الوصايا النافعة
3122 -
وقال أبو بكر: حدّثنا أبو الأحوص عَنْ [مَنْصُورٍ](1)، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى (2) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أو غيره مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهم، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"ليتخذ أحدُكم لسانًا ذاكرًا، [أو قلبًا] (3) شاكرًا، أو زوجة مُؤْمِنَةً تُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ، أَوْ تُعِينُ أحدُكم على إيمانه".
* [أوردته](4) للشك فيه، وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه وحده، وسياقهما أتم.
(1) ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل، والنقل من باقي النسخ.
(2)
في نسخة (و): "توفي"، وهو تحريف.
(3)
في الأصل: "وقلبًا"، والتصويب من باقي النسخ.
(4)
في الأصل: "أوردت"، وفي نسخة (س):"أورد"، ثم بعدها بياض بقدر نصف كلمة، والمثبت من نسخة (و). والقائل هو: الحافظ رحمه الله.
3122 -
الحكم عليه:
هذا الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات، إلّا أنه منقطع، سالم لم يسمع من ثوبان رضي الله عنه. =
= تخريجه:
أخرجه أحمد (5/ 278)، وفي الزهد (ص 48)، والترمذي (5/ 259)، والطبري في التفسير (10/ 119)، وأبو نُعيم في الحلية (1/ 182)، وعمر النسفي في القند (ص 354) من طريق إسرائيل عن منصور، به. بلفظ قريب، وفي أوله قصة، عن ثوبان رضي الله عنه من غير شك، وكذلك في جميع الطرق التالية.
ولفظ أحمد: قال ثوبان: لما أنزلت: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: الآية 34] قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: قد نزل في الذهب والفضة ما نزل فلو أنا علمنا أي المال خير، اتخذناه، فقال:"أفضله لِسَانًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا شَاكِرًا، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُهُ على إيمانه".
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وأخرجه الطبري أيضًا في التفسير (10/ 119)، والمحاملي في الأمالي (ص 404)، وأبو نُعيم في الحلية (1/ 182) من طريق جَرير عن منصور، به بلفظ قريب، وفي أوله قصة.
وأخرجه أحمد (5/ 282)، ومن طريقه أبو نُعيم في الحلية (1/ 182)، وأخرجه ابن ماجه (1/ 596) والحافظ في الإمتاع (ص 46) من طريق عبد الله بن عَمرو بن مُرّة، وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس (1/ 277) من طريق الأعمش، كلاهما: عن عَمرو بن مُرَّة، عن سالم، به بلفظ قريب، وفي أوله قصة.
وأخرجه الأصبهاني في الترغيب (2/ 570) من طريق الأعمش عن سالم، به.
بنحوه، وفي أوله قصة.
وأخرجه الشجري في الأمالي (2/ 169)، من طريق عَمرو بن مُرَّة، عن ثوبان، فذكره بنحوه، وفي أوله قصة.
ورُوي عن سالم بن أبي الجعد مرسلًا، أخرجه الطبري في التفسير (10/ 119) من طريقين كما يلي: =
= الطريق الأولى: قال: حدّثنا محمَّد بن بشار قال: ثنا مُؤَمَّل قال: ثنا سفيان عن منصور عن الأعمش وعَمرو بْنِ مُرَّة، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة التوبة: الآية 34]. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبا للذهب، تبا للفضة"،-يقولها ثلاثًا- قال: فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فأي مال نتخذه؟ فقال عمر: أنا أعلم لكم ذلك. فقال: يا رسول الله، إن أصحابك قد شق عليهم، وقالوا: فأي المال نتخذ؟ فقال: "لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجة تعين أحدُكم على دينه".
وسنده ضعيف، فيه مُؤَمَّل هو ابن إسماعيل، قال الحافظ: صدوق سيء الحفظ (التقريب ص 555)، وهو منقطع؛ لأنه من مرسل سالم بن أبي الجَعد.
الطريق الثانية: أخرجها عبد الرزاق في التفسير (1/ 273)، ومن طريقه الطبري عن الثوري، به. بنحو لفظ الطريق الأولى، وليس في إسناده: الأعمش، وضعف هذه الطريق منحصر في الإرسال فقط.
ولحديث الباب شواهد: عن صحابي لم يسمّ، وعن أبي أمامة، وابن عباس، كما يلي:
1 -
حديثٌ عن صحابي لم يسمّ: أخرجه أحمد في الزهد (ص 38) من طريق شعبة عن سليمان، يعني ابن عبد الرحمن النَّخَعي عن عبد الله بن أبي الهُذَيْل، حدّثنا صاحب لي، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تبا للذهب والفضة" قال عمر: يا رسول الله، قولك تبًا للذهب والفضة، فما تأمرنا، أو ما نصنع؟ قال:"لسانا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجة تعين على الآخرة".
وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه أحمد (5/ 366) واللفظ له، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (11/ 231)، وأخرجه النسائيُّ في الكبرى: كما في تحفة الأشراف (11/ 176)، والبيهقيُّ في الشعب (1/ 419) من طريق شعبة، حدثني سَلْم قال: سمعت عبد الله بن =
= أبي الهُذَيْل قال: حدثني صاحب لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تبا للذهب والفضة" قال: فحدثني صاحبي أنه انطلق مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، قولك: تبا للذهب والفضة، ماذا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لسانا ذاكرًا، وقلبا شاكرًا، وزوجة تعين على الآخرة".
وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف سَلْم، وهو ابن عطية، قال الحافظ: لين الحديث (التقريب ص 246) لكن الحديث قد صح من طريق سليمان بن عبد الرحمن كما مر، والله الموفق.
2 -
حديث أبي أمامة: أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 242) واللفظ له، والبيهقيُّ في الشعب (4/ 104) من طريق عُبيد اللَّهِ بْنِ زَحْر عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: "يا معاذ، قلبًا شاكرًا، ولسانا ذاكرًا، وزوجة صالحة، تعينك على أمر دنياك ودينك، خير ما اكتسبه الناس".
وذكره الهيثمي في المجمع (4/ 273)، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد، وهو ضعيف، وقد وثق.
قلت: وفيه عُبيد الله بن زحْر، وهو ضعيف مثله، قال الحافظ: صدوق يخطئ. (التقريب ص 371).
3 -
حديث ابن عباس: أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 134) واللفظ له، ومن طريقه الشجري في الأمالي (1/ 256)، وأخرجه أبو نُعيم في الحلية (3/ 65)، والبيهقيُّ في الشعب (4/ 104) من طريق مُؤَمَّل بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، ثنا حميد الطويل عن طَلْق بن حبيب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"أربع من أعطيهن أعطي خير الدنيا والآخرة: قلبا شاكرًا، ولسانا ذاكرًا، وبدنًا على البلاء صابرًا، وزوجة لا تبغيه خِوَنًا في نفسها ولا ماله".
قال أبو نُعيم: غريب من حديث طَلْق، لم يروه متصلًا مرفوعًا، إلّا مُؤَمَّل عن حماد. =
= قلت: سنده ضعيف؛ لضعف مُؤَمَّل، قال الحافظ: صدوق سيء الحفظ (التقريب ص 555)، وفيه عنعنة حميد، وهو مدلس لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع (انظر طبقات المدلسين ص 38). وبالجملة، فحديث الباب يرتقي بهذه الشواهد إلى مرتبة الحسن لغيره، والله الموفق.
3123 -
وقال أحمد في الزهد: حدّثنا علي بن إسحاق، أنا عبد الله، أخبرنا يحيى بن أيوب ح قال: وحدثنا إبراهيم بن إسحاق، ثنا [ابْنُ الْمُبَارَكِ](1) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبيد اللَّهِ بْنِ زَحْر، عَنْ حِبَّانَ بن أبي جَبَلة، قَالَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: "تَلِدُون لِلْمَوْتِ وتعَمُرون لِلْخَرَابِ، وتحرُصون عَلَى مَا يَفْنَى، وَتَذَرُونَ مَا يَبْقَى، أَلَا حَبَّذَا إليكم من هذه الثلاث: الموتِ، والمرضِ، والفقرِ".
(1) في الأصل، ونسخة (س):"ابن مبارك"، والمثبت من نسخة (و).
3123 -
الحكم عليه:
هذا الأثر مداره على يحيى بن أيوب، بإسناده ضعيف؛ لوجود عُبيد الله بن زَحْر، وهو ضعيف.
تخريجه:
أشار إلى رواية أحمد هذه الحافظ في موافقة الخُبْر (2/ 299) من طريق ابن المبارك.
وأخرجه ابن المبارك (ص 88) قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، به. بلفظ قريب، وفي سنده: أن أبا ذر، أو أبا الدرداء قال.
وأخرجه أبو نُعيم في الحلية (1/ 163)، ومن طريقه الحافظ في موافقة الخُبر (2/ 299) من طريق أحمد بن سعيد، ثنا ابن وهب، به. بلفظ قريب، ولم يذكر حبّان بن أبي جَبَلة، في الإسناد.
قال الحافظ: هذا موقوف منقطع، وعُبيد الله بن زَحْر مختلف فيه.
قلت: وقد ذكر الحافظ هذه الطريق هنا في المطالب كما سيأتي بعد سطور.
ويشهد للشطر الأوّل منه ما يلي:
1 -
أخرج البيهقي في الشعب (7/ 396) من طريق موسى بن عُبيدة، نا محمَّد بن ثابت عن أبي حَكيم مولى الزبير، عن الزبير، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ما من =
= صباح يصبحه العباد، إلّا وصارخ يصرخ: يا أيها الناس، لِدُوا للتراب، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب".
وسنده ضعيف، قال الحافظ في موافقة الخُبْر (2/ 300): هذا حديث غريب، وموسى وشيخه ضعيفان، وأبو حَكيم مجهول.
وذكره السيوطي في الجامع الصغير، ورمز لضعفه (فيض القدير 5/ 485) وذكره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ص 749)، وقال: ضعيف.
2 -
وأخرج البيهقي أيضًا من طريق مُؤَمَّل، نا حماد بن سلمة، نا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن أبي رافع -أو ابن رَافِعٍ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَلَك بباب من أبواب السماء يقول: من يقرض اليوم يجد غدًا، ومَلَك بباب آخر يقول: اللهم أعط منفقًا خلفًا، وأعط ممسكا تلفًا، ومَلَك بباب آخر يقول: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم، فإن مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى، ومَلَك بباب آخر يقول: يا بني آدم، لِدُوا للتراب، وابنوا للخراب".
وسنده ضعيف، فيه مُؤَمَّل، هو ابن إسماعيل، قال الحافظ: صدوق سيء الحفظ. وفيه عبد الرحمن بن أبي رافع، قال الحافظ: مقبول (التقريب ص 555، 340).
3 -
وأخرج الطبري في تهذيب الآثار -مسند ابن عباس- (1/ 305) من طريق أبي السليل قال: كان أبو هريرة يقول: "ما صدقتم أنفسكم، تؤملون ما لا تبلغون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكُنون، وللخراب تبنون، وللموت تَلِدُون".
وإسناده ضعيف لانقطاعه، أبو السليل هو ضُريب بن نُقير، روايته عن أبي هريرة مرسلة (انظر التهذيب (4/ 401).
4 -
وأخرج أحمد في الزهد بسنده، قال عيسى عليه السلام:"يَا بَنِي آدَمَ، لِدُوا لِلْمَوْتِ، وَابْنُوا لِلْخَرَابِ، تفنى أرواحكم، وتبقى دياركم". =
= وسنده ضعيف، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الحديث الآتي برقم (3124).
ويشهد للشطر الثاني منه ما يلي:
1 -
أخرج أحمد في الزهد (ص 200) واللفظ له، وأبو نُعيم في الحلية (1/ 217) من طريق أبي الدرداء رضي الله عنه قال:"ثلاث يكرههن الناس، وأُحِبُّهُنَّ: الفقرُ، والمرضُ، والموتُ".
وسنده صحيح.
2 -
وأخرج ابن المبارك (ص 199) واللفظ له، ووكيع (1/ 358)، وعنه أحمد في الزهد (ص 288)، وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار -مسند ابن عباس- (1/ 299) من طريق يحيى بن واضح، والطبراني في الكبير (9/ 93)، وأبو نُعيم في الحلية (1/ 132)، كلاهما: من طريق عاصم بن علي، أربعتهم: عن المسعودي، عن علي بن بَذيمة، عن قيس بن. حَبْتَر الأسدي قال: قال عبد الله بن مسعود: "حبذا المكروهان: الموت والفقر، وأيم الله ما هو إلّا الغنى والفقر، وما أبالي بأيتهما ابتُليت؛ لأنّ حق الله في كل واحد منهما واجب: إن كان الغنى، إن فيه للعطف، وإن كان الفقر، ان فيه للصبر".
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 257)، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه المسعودي، وقد اختلط.
قلت: إسناده حسن، وقد ارتفع إيهام اختلاط المسعودي برواية وكيع عنه، لأنه سمع منه قبل الاختلاط.
قال أحمد: سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديمًا (العلل 1/ 95) وقال الحافظ: المسعودي صدوق اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد، فبعد الاختلاط (التقريب ص 344).
قلت: وبهذه الشواهد يرتقي الباب إلى مرتبة الحسن لغيره.
* قلت (1): وأخرجه (2) أبو نُعيم في ترجمة أبي ذر رضي الله عنه في (3) الحلية، من طريق عبد الله بن هب، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ [عُبيد اللَّهِ](4) بن زَحْر، قَالَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه قال (5): فذكره، ولكنه (6) قال في آخره:"ألا حبذا المكروهان (7): الموت والفقر"، ولم يذكر بين [عُبيد الله](8) وأبي ذر رضي الله عنه [أحدًا](9).
(1) القائل هو: الحافظ رحمه الله.
(2)
في نسخة (و): "أخرجه"، بدون واو العطف.
(3)
في نسخة (و) و (س): "من".
(4)
في الأصل: "عبد الله"، والمثبت من باقي النسخ.
(5)
لفظة "قال": ساقطة من نسخة (س).
(6)
في نسخة (و) و (س): "ولكن".
(7)
في نسخة (س): "المكروهات".
(8)
في الأصل: "عبد الله"، والمثبت من باقي النسخ.
(9)
في الأصل: "أحد أحد"، وفي نسخة (س):"أحد"، والمثبت من نسخة (و)، وجميع هذا النص جاء ذكره في نسخة (و) و (س) بعد الحديث الآتي برقم (3124).
[2]
الحكم عليه:
الحديث ضعيف؛ لضعف عُبيد الله بن زَحْر، ولانقطاعه، عُبيد الله لم يدرك أبا ذر رضي الله عنه.
تخريجه:
هو في الحلية لأبي نُعيم (1/ 163) ولفظه: "يولَدون للموت، ويعُمرون للخراب، ويحرِصون على ما يفنى، ويترُكون ما يبقى، إلَّا حبذا المكروهان: الموت والفقر".
وانظر تخريج الحديث الماضي وبه يرتقي إلى الحسن لغيره.
3124 -
ثنا (1) حُسَيْنُ بْنُ محمَّد، ثنا دُوَيْدٌ عَنْ عبد الواحد قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: "يَا بَنِي آدَمَ، لِدُوا لِلْمَوْتِ، وَابْنُوا لِلْخَرَابِ، تفنى أرواحكم، وتبقى دياركم".
(1) القائل هو: الإمام أحمد رحمه الله في الزهد.
3124 -
الحكم عليه:
هذا إسناد أتوقف في الحكم عليه؛ لوجود دويد. ولم أميزه.
ونقل القارئ عن الإمام أحمد أنه قال: هو مما يدور في الأسواق، ولا أصل له (الأسرار المرفوعة ص 276).
تخريجه:
ذكره الحافظ في موافقة الخُبْر (2/ 299) فقال: وأخرج أحمد في الزهد الكبير من طريق عبد الواحد بن زياد قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: "يَا بَنِي آدَمَ، لِدُوا لِلْمَوْتِ، وَابْنُوا لِلْخَرَابِ، تفنى نفوسكم، وتبلى دياركم".
وقال الحافظ أيضًا (2/ 300): وأنشدكم لنفسي في المعنى:
بني الدنيا أَقِلُّوا الهَمَّ فيها
…
فما فيها يؤول إلى الفوات
بناء للخراب، وجمع مال
…
ليفنى، والتوالد للممات
قلت: ولفظ الباب مطلع قصيدة لأبي العتاهية، وهي في ديوانه (ص 46)، ومنها:
لِدُوا للموت وابنوا للخراب
…
فكلكم يصير إلى تباب
لمن نبني، ونحن إلى تراب
…
نصير، كما خلقنا من تراب
ألا يا موت! لم أر منك بدا
…
أتيت، وما تحيف، وما تحابي =
= وقال العجلوني في كشف الخفاء (2/ 183): أخرج الثعلبي في تفسيره بإسناد واه جدًا عن كعب الأحبار قال: صاح ورشان عند سليمان بن داود، فقال:"أتدرون ما يقول هذا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"يقول: لِدُوا للموت وابنوا للخراب".
ويشهد له الحديث الماضي برقم (3123)، وما ذكر في تخريجه.
3125 -
[1] وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَرِي، ثنا الثوري عن عبد الرحمن بن عابس (1) حدثني [أبو إياس] (2) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: "إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ (3) اللَّهِ، وَأَوْثَقُ العُرى كَلِمَةُ التَّقْوَى، وخير الملل ملة إبراهيم عليه السلام، وَأَحْسَنُ الْقَصَصِ هَذَا الْقُرْآنُ، وَأَحْسَنُ السُّنَنِ سُنَّةُ محمَّد صلى الله عليه وسلم، وَأَشْرَفُ الْحَدِيثِ ذكر الله تعالى، وَخَيْرُ الْأُمُورِ عَزَائِمُهَا (4)، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَأَحْسَنُ الهَدي هَدي الأنبياء عليهم الصلاة (5) والسلام، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأغير (6) الضَّلَالَةِ الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَى، وَخَيْرُ الْعَمَلِ أَوِ (7) الْعِلْمِ -شَكَّ بِشْرٌ-، مَا نَفَعَ، وَخَيْرُ الهُدى مَا اتُّبِعَ، وَشَرُّ الْعَمَى عَمَى الْقَلْبِ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَمَا قَلَّ وكفى خير مما أكثر وألهى. ونفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها، وشر الغِيْلة الغِيْلة عِنْدَ حَضْرَةِ الْمَوْتِ، وَشَرُّ النَّدَامَةِ ندامةٌ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَأْتِي الْجُمُعَةَ أَوِ الصَّلَاةَ (8) إلَّا دُبُرا، وَلَا يَذْكُرُ (9) اللَّهَ تعالى إِلَّا هُجْرًا، وَأَعْظَمُ الْخَطَايَا (10) اللِّسَانُ الْكَذُوبُ (11) وَخَيْرُ الغنى غنى النفس، وخير الزاد
(1) في نسخة (و): "عائش".
(2)
في الأصل ونسخة (س): "أبا إياس"، والمثبت من نسخة (و)، وأبو إياس هو عامر بن عَبْدة.
(3)
في نسخة (و): "كتاب".
(4)
قوله "وخير الأمور عزائمها": كتب في هامش نسخة (و).
(5)
في نسخة (س): "الصلام".
(6)
في نسخة (و) و (س): "واعير".
(7)
في نسخة (س): "والعلم".
(8)
في نسخة (و): "والصلاة".
(9)
في نسخة (س): "ولا يذكرون".
(10)
في نسخة (س): "خطايا".
(11)
في نسخة (س): "الكذب".
التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله تعالى، وَخَيْرُ مَا أُلقي فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ، والرَّيب مِنَ الْكُفْرِ، والنَّوْح مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، والغَلول مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، وَالْكَنْزُ كَيٌّ (12) مِنَ النَّارِ، والشِعر مَزَامِيرِ إِبْلِيسَ، وَالْخَمْرُ جِمَاعُ الْإِثْمِ، وَالنِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ، وَالشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ، وَشَرُّ الْمَكَاسِبِ مكاسب الربا، وشر المآكل مأكل مَالِ الْيَتَامَى، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَإِنَّمَا يَكْفِي أحدَكم مَا قَنَعَتْ بِهِ نَفْسُهُ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ إلى موضع أربعة أذرع، وخير الأمر (13) ناجزه، وَأَمْلَكُ الْعَمَلِ خَوَاتِمُهُ، وَشَرُّ الرَّوَايَا رَوَايَا الْكَذِبِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، وَسِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ، وَأَكْلُ لَحْمِهِ مِنْ مَعَاصِي الله تعالى، ولحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتألَّ على الله تعالى يُكَذِّبْهُ، وَمَنْ يَغْفِرْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ يَعْفُ يَعْفُ (14) اللَّهُ عَنْهُ، وَمِنْ يَكْظِمِ الْغَيْظَ يأجره الله تعالى، ومن يصبر على الرزايا يعنه الله عز وجل، وَمَنْ يَعْرِفِ [الْبَلَاءَ](15) يَصْبِرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَا يعرفه ينكره ومن ينكره يضيعه (16) الله تبارك وتعالى، وَمَنْ يَتْبَع السُّمْعَةَ (17) يُسَّمعُ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ ينو الدنيا تعجزه، ومن يطع الشيطان يعص الله عز وجل (18)، ومن يعص الله تعالى يعذبه".
(12) في نسخة (و) و (س): "حى".
(13)
في نسخة (س): "الأمور".
(14)
في نسخة (و) و (س): "يعفو".
(15)
في الأصل: "البلايا"، والمثبت من باقي النسخ.
(16)
في نسخة (و): "يعص".
(17)
في نسخة (س): "السمع".
(18)
من قوله "ومن يَتْبَع السمعة
…
" إلى قوله "يعص الله عز وجل": ساقط من نسخة (و).
3125 -
[1] الحكم عليه:
هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 92 أ) مختصر، ثم قال: رواه محمَّد بن يحيى بن أبي عمر، وأحمد بن مَنيع بسند ضعيف.
قلت: حديث أحمد بن مَنيع ذكره الحافظ هنا في المطالب بسند ضعيف جدًا، وهو الطريق القادم.
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة (13/ 295)، وهنَّاد (1/ 286)، والبيهقيُّ في المدخل (ص 426)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (مطبوع)(29/ 126) من طريق الحسن بن علي بن عفان، ثلاثتهم: عن عبد الله بن نُمير قال: حدّثنا سفيان، به بألفاظ متقاربة.
وفي سند ابن أبي شيبة: عبد الله بن عائش، حدثني إياس. بدل: عبد الرحمن بن عابس، حدثني أبو إياس.
وفي سند هنَّاد والبيهقيُّ: حدثني ناس. بدل: حدثني أبو إياس.
وأخرجه أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين (ص 100) من طريق أبي حذيفة، حدّثنا سفيان، به ببعضه، وفي سنده: حدثني ناس.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (ص 283) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والخطابي في غريب الحديث (2/ 267) من طريق عبد الله بن نُمير، كلاهما: عن سفيان، به. مختصرًا.
وفي سند ابن أبي الدنيا: حدثني ناس، وفي سند الخطابي: حدّثنا إياس.
وأخرجه أبو نُعيم في الحلية (1/ 138) من طريق بكر بن بكار، ثنا عَمرو بن ثابت، ثنا عبد الرحمن بن عابس قال: قال عبد الله بن مسعود: فذكره بلفظ قريب، ولم يذكر بين عبد الرحمن بن عابس وابن مسعود أحدًا.
وهذا إسناد ضعيف، فيه بكر بن بكار هو القيسي، قال الذهبي: قال النسائيُّ: =
= ليس بثقة (المغني 1/ 112)، وفيه عَمرو بن ثابت هو ابن أبي المقدام، قال الحافظ: ضعيف، رُمي بالرفض (التقريب ص 419).
وهذه الطريق ذكرها ابن الجوزي في صفة الصفوة (1/ 216) عن عبد الرحمن بن عابس، به بلفظ قريب.
وقد رُوي هذا اللفظ تامًا عن ابن مسعود مرفوعًا، أخرجه الحِنائي في الفوائد -خ- (ج 7/ ح 22) من طريق الحسن بن عمارة عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة، عن أبيه عابس بن ربيعة قال: كان عبد الله يخطُبنا هذه الخُطبة في كل عشية خميس لا يدعها، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم-كان يخطُب بها، فذكره بلفظ قريب.
قال الحِنَّائي: هذا حديث حسن من حديث عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة النَّخَعي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
…
لانعرفه مرفوعًا إلّا من حديث الحسن بن عمارة أبي محمَّد مولى بَجيلة الكوفي، وكان يضعفه ابن عيينة، وقد رواه غيره موقوفًا من قول عبد الله، وهو الصواب.
قلت: الحسن بن عمارة ضعيف الحديث جدًا، قال الحافظ: متروك (التقريب ص 162)، فقول الحِنّائي رحمه الله: هذا حديث حسن، غير مستحسن.
وأخرج من الخُطبة عدة فقرات كل من:
البخاريُّ (فتح 10/ 509)، والبيهقيُّ في المدخل (ص 185) واللفظ له من طريق شعبة عن مُخارق عن طارق، عن عبد الله أنه قال:"إن أحسن الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الهَدي هَدي محمَّد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وإن السعيد من وعظ بغيره، فاتبعوا ولا تبتدعوا".
وأخرج نحو هذا اللفظ: معمر في الجامع (11/ 159)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (9/ 100) عن جعفر بن بُرقان، وأخرجه معمر أيضًا عن غير جعفر، وأخرجه معمر أيضًا (11/ 116)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (9/ 98) من طريق أبي الأحوص، وأخرجه الدارمي (1/ 80) من طريق بِلاز بن عِصْمة، والطبراني في =
= الكبير (9/ 100) من طريق أبي عُبيدة، جميعهم: عن ابن مسعود موقوفًا.
وأسانيدهم لا تخلو من ضعف، أما طريق أبي الأحوص، فلأنه من رواية أبي إسحاق السَبيعي عنه، والسَبيعي مدلس، لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع (انظر طبقات المدلسين ص 42)، وقد عنعنه هنا.
وأما طريق جعفر بن بُرْقان، فلأنه منقطع، جعفر لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وكذلك طريق أبي عُبيدة، وهو عامر بن عبد الله بن مسعود، قال العلائي في جامع التحصيل (ص 204): قال أبو حاتم والجماعة: لم يسمع من أبيه شيئًا.
وقال الهيثمي في المجمع (10/ 235) بعد أن ذكر هذا الحديث: رواه الطبراني بإسناد منقطع، ورجال إسناده ثقات.
وأما بِلاز بن عِصْمة، فقال الحافظ: مقبول (التقريب ص 129).
ولحديث الباب شواهد مرفوعة من حديث أبي الدرداء، وزيد بن خالد، وعقبة بن عامر رضي الله عنهم كما يلي:
1 -
حديث أبي الدرداء: أخرجه أبو الشيخ في الأمثال (ص 294) متن طريق عُبيد بن إسحاق، حدّثنا عَمرو بن ثابت، حدثني أبي قال: أعطى ابن أبي الدرداء عبد الملك كتابًا، ذكر أنه عن أبيه أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث بلفظ قريب.
قلت: إسناده ضعيف، عُبيد بن إسحاق هو العطار، قال الذهبي: ضعفوه (المغني 2/ 418)، وعَمرو بن ثابت هو ابن أبي المقدام، قال الحافظ: ضعيف رُمي بالرفض (التقريب ص 419).
2 -
حديث زيد بن خالد: أخرجه الأصبهاني في الترغيب (1/ 507) من طريق عبد الله بن مصعب عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: تلقفت هذه الخُطبة مِنْ فِيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بتبوك، سمعته يقول
…
فذكره بلفظ قريب، دون آخر المتن.
وأخرج القُضاعي في مسند الشهاب (1/ 67) عدة فقرات منه. =
= وأخرجه الدارقطني في السنن (4/ 247)، وابن عَدي (1/ 41) مختصرًا.
والإسناد ضعيف، قال الإمام الذهبي في الميزان (2/ 506): عبد الله بن مصعب بن خالد الجهني عن أبيه، عن جده، فرفع خُطبة منكرة، وفيهم جهالة.
3 -
حديث عقبة بن عامر: أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 241) من طريق يعقوب بن محمَّد الزهري قال: حدّثنا عبد العزيز بن عمران قال: حدّثنا عبد الله بن مصعب بن منظور بن جَميل بن سنان قال: أخبرني أبي قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فذكر الحديث بلفظ قريب.
وأخرجه ابن عَدي (1/ 41) مختصرًا.
قلت: سنده ضعيف جدًا، يعقوب بن محمَّد ضعيف (انظر المغني 2/ 759)، وعبد العزيز بن عمران هو الزهري، قال الحافظ: متروك (التقريب ص 358).
وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (5/ 13)، ثم قال: هذا حديث غريب، وفيه نكارة، وفي إسناده ضعف، والله أعلم بالصواب.
وقد جاءت عدة فقرات من الخُطبة في شواهد، كما يلي: قوله: "اليد العليا خير من اليد السفلى": أخرجه البخاريُّ (فتح 6/ 249) من حديث حَكيم بن حزام رضي الله عنه مرفوعًا في أثناء حديث طويل. وأخرجه مسلم (2/ 717) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا، ولفظه:"اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا: المُنْفِقَة، والسفلى: السائلة".
قوله: "مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى":
أخرجه أبو يعلى (2/ 319) من حديث أبي سعيد الخدري قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْأَعْوَادِ، وَهُوَ يَقُولُ:"مَا قَلَّ وكفى خير مما أكثر وألهى".
وسنده ضعيف، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الحديث الآتي برقم (3186). =
= وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (13/ 762) من طريق مُسَدَّد عن فُضيل بْنُ عِياض، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: فذكره موقوفًا، وفيه:"وَاعْلَمْ أَنَّ قَلِيلًا يُغْنِيكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يلهيك".
وإسناده صحيح، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الحديث الآتي برقم (3130 [2]).
قوله: "نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها":
أخرج أحمد (2/ 75) من حديث عبد الله بن عَمرو قال: جَاءَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْنِي عَلَى شَيْءٍ أَعِيشُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يا حمزة، نفسك تُحْيِيهَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ نَفْسٌ تُمِيتُهَا؟ "، قَالَ: بل نفسي أحييها، قال:"عليك بنفسك".
وسنده ضعيف، وسيأتي في هذا البحث، وهو الحديث رقم (3219).
قوله: "شر الندامة ندامةٌ يوم القيامة" وقوله: "أعظم الخطايا اللسان الكذوب": أخرج ابن أبي الدنيا في الصمت (ص 282) من طريق أبي عَقيل عن محمَّد بن نُعيم مولى عمر بن الخطّاب، عن محمَّد بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب، عن جده علي رضي الله عنه قال:"أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب وشر الندامة ندامة يوم القيامة".
وسنده ضعيف، أبو عَقيل هو يحيى بن المتوكل، قال الحافظ: ضعيف (التقريب ص 596)، ومحمد بن نُعيم: مجهول (انظر المغني 2/ 640)، ومحمد بن عمر روايته عن جده علي رضي الله عنه مرسلة (انظر مراسيل العلائي ص 267).
قوله: "رأس الحكمة مخافة الله تعالى":
أخرج أحمد في الزهد (ص 117) قال: حدّثنا روح، ومحمد بن جعفر، حدّثنا عوف عن خالد- قال محمَّد: خالد بن ثابت الربعي قال: وجدت فاتحة الزبور الذي يقال له زبور داود عليه السلام: "أَنَّ رأس الحكمة خشية الرب عز وجل". =
= قلت: خالد بن ثابت لم أعثر له على ترجمة، وباقي رجال الإسناد ثقات.
قوله: "الرَّيب من الكفر، والنَّوح من عمل الجاهلية
…
" إلى قوله: "والشقي من شقي في بطن أمه":
أخرج أحمد في الزهد (ص 204) قال: حدّثنا هاشم، حدّثنا جَرير عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: قال أبو الدرداء: "الرَّيب من الكفر، والنَّوْح عمل الجاهلية، والشِعر مزامير إبليس، والغَلول جمر من جهنم، والخمر جماع كل إثم، والشباب شعبة من الجنون، والنساء حِبالة الشيطان، والكِبْر شر من الشر، وشر المآكل مال اليتيم، وشر المكاسب الربا، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ في بطن أمه".
وإسناده رجاله ثقات سوى جَرير، وهو ابن عثمان الرحبي، لم أعثر له على ترجمة.
قوله: "النَّوْح من عمل الجاهلية":
أخرج الإمام مسلم (2/ 644) بسنده عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة".
قوله: "الغلول من جمر جهنم":
أخرج البخاريُّ (فتح 7/ 487)، ومسلم (1/ 108) واللفظ له، بسنديهما عن أبي هريرة في قصة الغَالّ حين جاء بِشِراك أو شِراكين فقال: يا رسول الله، أصبتُ يوم خيبر. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"شِراك من نار، أو شِراكان من نار".
قوله: "الخمر جماع الإثم":
أخرج ابن ماجه (2/ 1339) من طريق راشد أبي محمَّد الحِمّاني عن شَهر بن حَوْشَب، عَنْ أُمِّ الدَرْداء، عَنْ أَبِي الدَرْدَاء، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم وفي آخره: "ولا نشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر".
وفي سنده: راشد الحِمَّاني، وهو ضعيف (انظر المغني 1/ 226).
[2]
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنيع: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عطية، ثنا أبو حمزة، هو الأعور اسمه مَيْمُونٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ (1) عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنه كان يخطُب كل عشية خَمِيسٍ بِهَذِهِ الخُطبة، قَالَ: وَكُنَّا نَرَى أَنَّهَا خُطْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "أَيُّهَا الناس، إن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهَدي هَدي محمَّد صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ألَاّ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَوْقُوفُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يَنْفُذُكُمُ الْبَصَرُ، ويُسْمِعُكم الْمُنَادِي، وَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وإن السعيد (2) من وُعظ بغيره".
(1) في نسخة (س): "بن".
(2)
في نسخة (و): "والسعيد".
3125 -
[2] الحكم عليه:
هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا، فيه يوسف بن عطية وهو متروك.
وأبو حمزة الأعور وهو ضعيف، وفيه انقطاع، إبراهيم بن يزيد لم يسمع من علقمة.
تخريجه:
أخرجه الأصبهاني في الترغيب (1/ 218) من طريق المصنف، وذكر أول الحديث، ولفظه:"أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الهَدي هَدي محمَّد، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
وأخرجه ابن ماجه (1/ 18)، وابن أبو عاصم في السنة (1/ 16)، والقُضاعي في مسند الشهاب (1/ 79)، من طريق أبو إسحاق عن أبو الأحوص، عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، وذكر ابن ماجه عدة فقرات منه، وذكر ابن أبو عاصم أول المتن، وذكر القُضاعي آخره.
وإسناده ضعيف؛ لعنعنة أبو إسحاق وهو مدلس، لا يقبل حديثه إلّا مُصَرَّحًا فيه بالسماع (انظر طبقات المدلسين ص 42). =
= وبعضه جاء في حديث لجابر رضي الله عنه أخرجه الإمام مسلم (2/ 592)، وَلَفْظِهِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا خطب، احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول:"صبَّحكم ومسَّاكم"، ويقول:"بُعثت أنا والساعة كهاتين" ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول:"أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهَدي هَدي محمَّد، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بدعة ضلالة"، ثم يقول:"أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالًا، فلأهله، ومن ترك دَينًا أو ضياعًا، فإليّ وعلىّ".
3126 -
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ السَّرِي، ثنا ابن لَهيعة، ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبيب عَنْ عِراك بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أبي البَخْتَرِي، عن الباهلي قَالَ: إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، مَدْخَلَهُمُ الشَّامَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: "تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ تُعرفوا بِهِ، وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا من أهله، وإنه لن (1) يَبْلُغْ مَنْزِلَةَ ذِي حَقٍّ أَنْ يُطَاعَ فِي معصية الله تعالى، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يُقرب مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبعد مِنْ رِزْقٍ قَوْلٌ بِحَقٍّ وَتَذْكِيرُ عَظِيمٍ، واعلموا أن بين (2) العبد وبين رزقه حجاب، قال: فيترأى له رِزْقُهُ وَإِنِ اقْتَحَمَ هَتَكَ الْحِجَابَ، وَلَمْ (3) يُدرِك فَوْقَ رِزْقِهِ، وأدِّبوا الْخَيْلَ، وَانْتَضِلُوا، وَانْتَعِلُوا [وتسوَّكوا](4)، وَتَمَعْدَدُوا، وَإِيَّاكُمْ وَأَخْلَاقَ الْعَجَمِ، وَمُجَاوِرَةَ الْجَبَّارِينَ، وَأَنْ يُرى بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ صَلِيبٌ، وَأَنْ تَجْلِسُوا عَلَى مائدة يُشرب عليها الخمر، وتدخلوا (5) الحمّام بغير إزار، وتدعوا نِسَاءَكُمْ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَكْسِبُوا مِنْ عِنْدِ الْأَعَاجِمِ بَعْدَ نُزُولِكُمْ فِي [بِلَادِهِمْ](6) مَا يَحْبِسُكُمْ فِي أَرْضِهِمْ، فإنكم يوشك أن ترجعوا إلى بلادكم، وإياكم والصفار (7) أَنْ تَجْعَلُوهُ فِي رِقَابِكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِأَمْوَالِ الْعَرَبِ الماشية [تزولون](8) بها حيث زلتم، واعلموا أن الأشربة
(1) في نسخة (و) و (س): "لم".
(2)
زاد في نسخة (و): "يدي".
(3)
في نسخة (و): "لم"، بدون حرف العطف.
(4)
في الأصل: "وتمسكوا"، والمثبت من باقي النسخ.
(5)
قوله "وتدخلوا": في نسخة (س): "ولا تدخلوا".
(6)
في جميع النسخ: "بلادكم"، والمثبت من الاتحاف.
(7)
في نسخة (و): "الصغار".
(8)
في الأصل: "يزولون"، والمثبت من باقي النسخ والإتحاف.
تصنع من الزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالتَّمْرِ، فَمَا عَتُقَ مِنْهُ، فَهُوَ خمر لا يحل، واعلموا أن الله تعالى لَا يُزَكِّي [ثَلَاثَةَ](9) نَفَرٍ (10)، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، ولا يقربهم يوم القيامة: رَجُلٌ أَعْطَى إِمَامَهُ صَفْقَةً يُرِيدُ بِهَا الدُّنْيَا، فَإِنْ (11) أَصَابَهَا وَفَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا [لَمْ يَفِ](12) لَهُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العصر، فحلف لقد أعطى بها كذا وكذا فاشتريت لقوله، وَسِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَهْجُرَ أَخَاكَ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَمَنْ أَتَى سَاحِرًا أَوْ كَاهِنًا أَوْ عرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
(9) في الأصل: "ثلاث"، والمثبت من باقي النسخ.
(10)
قوله "نفر": ساقط من نسخة (و) و (س).
(11)
قوله: "فإن"، في نسخة (س):"كان".
(12)
في الأصل: "لم يوف"، والمثبت من باقي النسخ.
3126 -
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإِسناد ضعيف؛ لوجود ابن لَهيعة. وهو ضعيف.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 92 ب) مختصر، ثم قال: رواه محمَّد بن يحيى بن أبي عمر، بسند ضعيف، لضعف ابن لَهيعة.
تخريجه:
لم أجد من أخرجه بتمامه، لكن جاءت بعض ألفاظه مفرقة عن عمر رضي الله عنه، كما يلي:
أخرج ابن أبي شيبة (10/ 484) من طريق ليث عن ابن شهاب قال: قال عمر: تعلموا كتاب الله تُعرفوا بِهِ، وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ".
وسنده ضعيف، لوجود ليث، وهو ابن أبي سُليم (انظر التقريب ص 464)، وفيه انقطاع، الحسن لم يدرك عمر رضي الله عنه. =
= وأخرج ابن قُتيبة في عيون الأخبار (3/ 183) قال: حدثني شيخ لنا عن عبد الرحمن المحاربي، عن الأعمش، عن مجاهد قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: "لَيْسَ من عبد إلَّا وبينه وبين رزقه حجاب، فإن اقتصد، أَتَاهُ رِزْقُهُ، وَإِنِ اقْتَحَمَ، هَتَكَ الْحِجَابَ، وَلَمْ يزد في رزقه".
وإسناده ضعيف؛ لجهالة شيخ المصنّف.
وأخرج أحمد (1/ 43) واللفظ له، وابن قُتيبة في عيون الأخبار (1/ 132)، وأبو يعلى (1/ 189) من طريق عاصم الأحول، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 251)، والبغويُّ في شرح السنة (12/ 46)، والسمعاني في أدب الإملاء (ص 118) من طريق قتادة، كلاهما: عن أبي عثمان النَّهْدي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال:"اتزروا، وارتدوا، وانتعلوا، وألقوا الخِفاف والسراويلات، وألقوا الركب، وانزوا نزوًا، وعليكم بالمَعَدِّيَّة، وارموا الأغراض، وذروا التنعّم وزي العجم، وإياكم والحرير، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه، وقال: لا تلبسوا من الحرير إلّا ما كان هكذا -وأشار رسول الله-صلى الله عليه وسلم بإصبعيه".
وسنده صحيح.
وأخرج عبد الرزاق (6/ 61) قال: أخبرنا معمر عن زيد بن رُفيع، عن حرام بن معاوية قال: كتب إلينا عمر بن الخطّاب: "لا يجاورنكم خنزير، ولا يُرفع فيكم صليب، ولا تأكلوا على مائدة يُشرب عليها الخمر، وأدِّبوا الخيل، وامشوا بين الغرضين".
وأخرجه البيهقي في الشعب (4/ 45) من طريق عبد الرزاق بلفظه، لكن أبهم اسم الراوي عن حرام بن معاوية، وأخرجه في السنن الكبرى (9/ 201) من طريق ابن المبارك، عن معمر به، ببعضه.
وإسناده ضعيف؛ لوجود زيد بن رُفيع، قال الذهبي: ليس بالقوي (المغني 1/ 247). =
= ويشهد لبعض ألفاظه ما يلي:
- فقرة: "تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ تُعرفوا بِهِ، وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا من أهله".
أخرج البخاريُّ (فتح 9/ 74) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه".
- فقرة: "وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يُقرب مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَعِّدُ مِنْ رزق
…
":
أخرج الطبراني في الأوسط (3/ 383) من طريق قَطَن بن نُسير قال: حدّثنا جعفر بن سليمان الضُّبعي قال: حدّثنا المعلّى بن زياد قال: حدثني الحسن عن أبي سعيد الخدري، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يقول بحق إذا رآه، أو يذكّر بعظيم، فإنه لا يُقرب من أجل، ولا يباعد من رزق، أن يقول بحق، أو يذكر بعظيم".
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن المعلّى إلَّا جعفر.
قلت: إسناده ضعيف؛ لوجود قَطَن بن نُسير، قال الحافظ: صدوق يخطئ (التقريب ص 456)، ولأن فيه انقطاعًا، الحسن لم يسمع من أبي سعيد رضي الله عنه، (انظر المراسيل ص 40).
وأخرجه أحمد (3/ 44) واللفظ له، والترمذي (4/ 419) في أثناء حديث، وابن ماجه (2/ 1328)، وابن حبّان: كما في الإحسان (1/ 246)، والبيهقيُّ في الشعب (6/ 90) من طريق أبي نَضْرة، يحدث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:"لا يمنعن رجلًا منكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه أو علمه".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
- فقرة: "أدّبوا الخيل".
أخرج الطيالسي (ص 135) واللفظ له، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 14)، وفي الشعب (5/ 236)، وأخرج معمر في الجامع (11/ 461)، ومن =
= طريقه البيهقي في الشعب (4/ 44)، وابن عساكر في الأربعين في الحث على الجهاد (ص 98)، وأخرج ابن أبي شيبة (9/ 22)، وعنه ابن ماجه (2/ 940)، وأخرج الترمذي (4/ 149) من طرق كثيرة عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلَّام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا، وكل شيء يلهو به الرجل باطل، إلّا رمي الرجل بقوسه، أو تأديبه فرسه، أو ملاعبته امرأته، فإنهن من الحق، ومن ترك الرمي بعد ما علمه، فقد كفر بالذي علمه".
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: سنده ضعيف؛ لوجود عبد الله بن زيد الأزرق، قال الحافظ: مقبول (التقريب ص 304).
وأخرجه ابن أبي شيبة (9/ 23)، ومن طريقه أبو نُعيم في رياضة الأبدان (ص 25) واللفظ له من طريق أبي سلّام الدمشقي عن خالد بن زيد الجهني قال: مر بي عقبة بن عامر فقال: أخبرك مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ليس هو إلّا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، ورميه بقوسه ونبله، وملاعبته أهله، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه، فإنها نعمة تركها، أو قال: كفر بها".
وسنده ضعيف، فيه خالد بن زيد، قال الحافظ: مقبول (التقريب ص 188)، وبمجموع الطريقين يرتقي حديث عقبة هذا إلى الحسن لغيره.
- فقرة: "لا تدخلوا الحمام بغير إزار
…
":
أخرج الطبراني في الأوسط (1/ 349)، والحاكم (4/ 288) واللفظ له من طريق أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فلا يدخل حليلته الحمّام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدخل الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليوم الآخر، فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر". =
= قال الحاكم: هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص.
قلت: أبو الزبير، هو محمَّد بن مسلم بن تدرس، وهو لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع (انظر طبقات المدلسين ص 45)، وقد عنعنه هنا.
وأخرجه الترمذي (5/ 104)، والطبراني في الأوسط (1/ 350) من طريق ليث بن أبي سُليم عن طاوس، عن جابر مرفوعًا، فذكره بلفظه، مع تقديم وتأخير.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث طاوس عن جابر إلّا من هذا الوجه.
قلت: ليث هذا ضعيف (انظر التقريب ص 464)، فهذا الحديث ضعيف لوجوده.
- ففرة: "واعلموا أن الله تعالى لا يزكي ثلاثة نفر
…
":
أخرج مسلم (1/ 103) بإسناده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلًا بسلعة بعد العصر، فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه، وهو على غير ذلك، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلّا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف".
- فقرة: "وَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَهْجُرَ أَخَاكَ فَوْقَ ثلاث":
في الصحيحين (البخاريُّ فتح 10/ 492، ومسلم 4/ 1984) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال:"لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
- فقرة: "من أتى ساحرًا أو كاهنًا أو عرّافًا
…
":
أخرج أحمد (2/ 429) بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا: "من أتى =
= كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم".
وسنده صحيح.
وبما سبق ترتقي ألفاظ هذا الأثر إلى مرتبة الحسن لغيره.
3127 -
[1] وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنيع: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا الْعَلَاءُ أَبُو محمَّد الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا عَلَّمَنِي أَنْ قَالَ لِي:"يَا بُنَيَّ، أَحْكِمْ وُضُوءَك"، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ (1):"وَلَا تَبِيْتَنَّ ولا تُصبِحَنَّ يَوْمًا وَفِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسلام، فَإِنَّ هَذَا مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَخَذَ بسنتي، فقد أحبني، ومن أَحَبَّنِي، فَهُوَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ، يَا بُنَيَّ، فَإِذَا عَمِلْتَ بِهَذَا وَحَفِظْتَ وَصِيَّتِي، فَلَا يكوننَّ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ فِيهِ راحتك".
(1) قوله "وفي آخره": كتب في هامش الأصل.
3127 -
[1] الحكم عليه:
هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا؛ لحال العلاء بن زَيْدَل.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 52) سألت أبي وأبا زُرعة عن أحاديث تُروى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في إسباغ الوضوء يزيد في العمر، وذكرت لهما الأسانيد المروية في ذلك، فضعفاها كلَّها، وقالا: ليس في إسباغ الوضوء يزيد في العمر حديث صحيح.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 93 أ) مختصر، ثم قال: رواه أحمد بن مَنيع بسند ضعيف؛ لضعف العلاء أبي محمَّد الثقفي.
وقال ابن عِلَّان في الفتوحات الربانية (1/ 399): وقضية كلام الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف ضعف الخبر، والله أعلم، وقد سُئل عن حاله أيضًا فصنَّف فيه جزءًا أورده السخاوي فيما جمعه من فتاوى الحافظ ابن حجر
تخريجه:
أخرجه أحمد بن مَنيع في مسنده: كما في اللآلئ المصنوعة (2/ 380). =
= ولفظه كما في الإتحاف -خ- (3/ 93 أ) مختصر:
خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا عَلَّمَنِي أَنْ قَالَ لِي:"يَا بُنَيَّ، أَحْكِمْ وُضُوءَك لصلاتك، تحبك حفظتك ويزاد في عمرك، يا بني، يا أنس، الغسل من الجنابة، فبالغ فيها، فإن تحت كل شعرة جنابة"، قال: قلت: يا رسول الله، وكيف أبالغ فيها؟ قال:"روِّي أصول الشعر، وأنق بشرتك، تخرج من مغتسلك وقد غُفر لك كل ذنب، يا بني، لا تفوتك ركعتا الضحى، فإنها صلاة الأوابين، يا بني، وكثر الصلاة في الليل والنهار، فإنك ما دمت في صلاة، فإن الملائكة تصلي عليك، يا بني، وإذا قمت في الصلاة، فانصب نفسك لله، فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وفرّج بين أصابعك، وارفع عَضُدَك عن جنبيك، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فقم حتى يرجع كل عضو إلى مكانه، وإذا سجدت، فألزق وجهك بالأرض، ولا تنقر نقر الغراب، ولا تبسط ذراعيك بسط الثعلب، فإذا رفعت رأسك، فلا تُقْعِ كما يُقعي الكلب، ضع إليتيك بين قدميك، وألزق ظاهر قدميك بالأرض، فإن الله لا ينظر إلى صلاة عبد لا يتم ركوعها وسجودها، وإن استطعت أن تكون على وضوء من يومك وليلتك، فإن يأتك الموت وأنت على ذلك، لم تَفُتْكَ الشهادة، يا بني، وإذا دخلت بيتك فسلم، تكثر بركتك وبركة بيتك، يا بني، وإذا خرجت لحاجة، فلا يقعن بصرك على أحد من أهل دينك إلّا سلمت عليه، تدخل حلاوة الإيمان قلبك، وإن أصبت دنيا في مخرجك رجعت وقد غفر لك، يا بني، ولا تبيتن ولا تصبحن يَوْمًا وَفِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسلام، فإن هذا أمر سنتي، ومن أخذ بسنتي فقد أحبني، ومن أَحَبَّنِي فَهُوَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ، يَا بُنَيَّ، فَإِذَا عَمِلْتَ بِهَذَا وَحَفِظْتَ وَصِيَّتِي، فَلَا يَكُونَنَّ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ فِيهِ راحتك".
وأخرجه أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين (ص 113) من طريق عيسى بن أحمد العسقلاني، حدّثنا يزيد بن هارون به، بلفظ قريب. =
= وأخرجه ابن سعد في الطبقات (7/ 12)، والطبراني في الكبير (1/ 249) من طريق الحسين بن محمَّد بن شيبة، وأبو نُعيم في معرفة الصحابة (2/ 203) من طريق أحمد بن عبد الرحمن الصقلي، ومحمد بن رافع، أربعتهم: عن يزيد بن هارون به، بأوله.
ولفظ ابن سعد: "خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين".
وتوبع العلاء الثقفي على رواية هذا الحديث، كما يلي:
1 -
أخرج أبو يعلى (6/ 306) من طريق محمَّد بن الحسن بن أبي يزيد الصُدائي، حَدَّثَنَا عَبَّاد المِنْقَري عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَنَسٍ بْنِ مالك مرفوعًا، فذكره مطولًا، وفي أوله قصة.
وسنده ضعيف؛ لضعف محمَّد بن الحسن، وعَبَّاد المِنْقَري، وعلي بن زيد، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الطريق الآتي برقم (2).
وأخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب -خ- (ق 139 أ) من طريق حسين بن عبد الأوّل قال: ثنا محمَّد بن أبي يزيد به، بلفظ:"اكتم سري تكن مؤمنًا".
وأخرجه أبو نُعيم في معرفة الصحابة (2/ 202) من طريق إسحاق بن عمر المُكتِب، ثنا محمَّد بن الحسن الهَمْداني به، وذكر أوله.
ولفظه: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن تسع سنين".
وأخرجه أبو نُعيم أيضًا في دلائل النبوة (ص 121) من طريق الحسن بن حماد الكوفي قال: ثنا محمد بن الحسن بن يزيد الهَمْداني به، ولفظه: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سنين، فما سبني سبة قط، ولا ضربني ضربة، ولا انتهرني، ولا عبس في وجهي، ولا أمرني بأمر فتوانيت فيه فعاتبني عليه، فإن عاتبني عليه أحد من أهله، قال:"دعوه، فلو قُدِرَ شيء لكان".
وأخرجه الطبراني في الصغير (ص 312) من طريق عبد الله الأنصاري عن علي بن زيد بن جُدْعَان به مطولًا. =
= قال الطبراني: لا يُروى عن أنس بهذا التمام إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به مسلم الأنصاري، وكان ثقة.
قلت: بل رُوي بهذا التمام بغير هذا الإسناد كما تقدم وكما سيأتي.
وأخرجه الترمذي (5/ 44، 56)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول كما في اللآلئ المصنوعة (2/ 380) من طريق عبد الله الأنصاري عن علي بن زيد بن جُدعان به مختصرًا.
قال الترمذي: وفي الحديث قصة طويلة، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وقال في الموضع الثاني: حديث حسن غريب.
وأخرجه الأصبهاني في الترغيب (1/ 133)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 187) من طريق بشر بن إبراهيم، نا عباد بن كثير عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيّب به مطولًا.
قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع، وفي هذه الطريق آفات. أهـ. ثم ساق الأقوال في ضعف كل من: عبد الرحمن بن حرملة، وعباد بن كثير، وبشر بن إبراهيم.
وأخرجه أبو الحسن القطان في المطولات، والطيالسي، وسعيد بن منصور في السنن، جميعهم كما في الكنز (15/ 911) من طريق سعيد بن المسيّب به مطولًا.
2 -
وأخرج أبو يعلى كما في المطالب، وهو الطريق القادم برقم [3] من طريق الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ حفص بن عُبيد الله، عن أنس بن مالك مرفوعًا مطولًا.
وسنده ضعيف جدًا، لحال الربيع بن بدر.
3 -
وأخرج ابن حبّان في المجروحين (2/ 223)، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 187) من طريق كثير بن عبد الله الأُبُّلِي عن أنس بن مالك، مرفوعًا مطولًا وفي أوله قصة. =
= قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، قال ابن حبّان: أبو هاشم الأُبُّلِي كان يضع الحديث على أنس، لا يحل كتب حديثه إلّا اعتبارًا.
قلت: كثير بن عبد الله هذا، ذكره الذهبي في ضعفائه، ونقل عن البخاريُّ قوله: منكر الحديث، وعن النسائيُّ قوله: متروك (المغني 2/ 530)، فهذا الحديث بهذا الإسناد لأجله ضعيف جدًا.
ومن هذه الطريق أخرجه ابن عَدي (6/ 65) وذكر أوله، والبيهقيُّ في الشعب كما في اللآلئ المصنوعة (2/ 380) وذكر بعضه.
4 -
وأخرج أبو يعلى (7/ 272) من طريق عمر بن أبي خليفة عن ضرار بن مسلم، عن أنس مرفوعًا ببعضه. وسنده ضعيف، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الطريق القادم برقم (4).
5 -
وأخرج العُقيلي (1/ 119) وابن عَدي (1/ 418)، ومن طريقه البيهقي في الشعب (6/ 428) وأخرجه القُضاعي في مسند الشهاب (1/ 376) من طريق يحيى بن سُليم الطائفي عن الأزور بن غالب، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك مرفوعًا ببعضه.
قال العُقيلي: لم يأت به عن سليمان التيمي غير الأزور هذا، ولهذا الحديث عن أنس طرق، ليس منها وجه يثبت.
وذكره الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف (ص 121) وأعلَّه بأزور بن غالب.
قلت: وفيه يحيى بن سُليم الطائفي، قال الحافظ: صدوق سيء الحفظ (التقريب ص 591).
6 -
وأخرج العُقيلي (3/ 445) وابن الأعرابي في المعجم (2/ 50) من طريق الفضل بن العباس أبي العباس، والعُقيلي أيضًا (1/ 148) من طريق بكر بن الأعنق، والقُضاعي في مسند الشهاب (1/ 376) من طريق الأزور بن غالب، ثلاثتهم: عن ثابت، عن أنس مرفوعًا ببعضه. =
= قال العُقيلي في الموضع الأوّل: الرواية في هذا متقاربة في الضعف.
وقال في الموضع الثاني: ليس لهذا المتن عن أبي إسناد صحيح.
وذكره الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف (ص 120)، وأعلَّه بالفضل بن العباس فقال: مجهول.
قلت: وفيه بكر بن الأعنق، قال الذهبي: لا يصح حديثه (المغني 1/ 114)، والأزور بن غالب، قال الذهبي: منكر الحديث (المغني 1/ 65).
وأخرجه البيهقي في الشعب (6/ 428) من طريق أشعث بن بَرَاز عن ثابت به ببعضه.
ومن هذه الطريق أخرجه ابن عَدي (1/ 375)، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 349) فذكر أوله.
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.
وذكره الحافظ ابن حجر في الفتاوى (ص 23) وضعَّفه لوجود أشعث هذا.
7 -
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى (ص 78)، وابن سعد الكنجرودي كما في اللآلئ المصنوعة (2/ 382)، والحافظ في نتائج الأفكار (2/ 179)، ثلاثتهم: من طريق مسلم بن إبراهيم، والعُقيلي (2/ 106) من طريق محمَّد بن سعيد الأثرم، وابن عَدي (3/ 364) من طريق النمر بن قادم وطالوت بن عباد -فرقهما- والبيهقيُّ في الشعب (6/ 428) من طريق عبد الله بن عصمة، جميعهم: عن سعيد بن زون، عن أبي مرفوعًا ببعضه.
قال العُقيلي: وهذا المتن لا يعرف له طريق عن أبي يثبت.
قلت: مدار هذه الطريق على سعيد بن زون، وهو ضعيف (انظر المغني 1/ 259).
8 -
وأخرج ابن الأعرابي في المعجم -خ- (ق 142 ب) من طريق أبي مروان المؤذن، قال: سمعت أنس بن مالك، فذكره مرفوعًا ببعضه. =
= وأبو مروان هذا لم أجد له ترجمة.
9 -
وأخرج البزّار كما في تفسير ابن كثير (3/ 317)، وأبو يعلى (7/ 197) وابن حبّان في المجروحين (2/ 192)، والطبراني في الأوسط (3/ 385)، وابن عَدي (5/ 382)، والشيرازي في الألقاب كما في اللآلئ المصنوعة (2/ 383) من طريق عَوبد بن أبي عمران الجوزي قال: حدثني أبي عن أنس بن مالك مرفوعًا ببعضه.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي عمران إلّا ابنه عَوبد.
قلت: بل رواه غير ابنه، كما سيأتي.
وهذا الإسناد ضعيف جدًا؛ لوجود عَوبد بن أبي عمران، قال الذهبي: قال النسائي وغيره: متروك (المغني 2/ 495)، ولوجوده ضعَّفه الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف (ص 120).
وأخرجه البيهقي في الشعب (6/ 429) من طريق بشر بن حازم قال: نا أبو عمران الجوني به، ببعضه. وبشر بن حازم هذا لم أعثر له على ترجمة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في الفتاوى (ص 24) ثم قال: وبشر مجهول.
10 -
وأخرج الطبراني في الصغير (ص 301)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (2/ 593)، وأبو نُعيم في أخبار أصبهان (2/ 163)، والبيهقيُّ في الشعب (6/ 427)، وابن قدامة في المتحابين في الله (ص 32) من طريق علي بن الجَنَد عن عَمرو بن دينار، عن أنس بن مالك، مرفوعًا ببعضه.
قال الطبراني: لم يروه عن عَمرو إلَّا علي بن الجَنَد، ولا رواه عن علي إلّا مُسَدَّد ومحمد بن عبد الله الرقاشي.
قلت: إسناده ضعيف جدًا، لوجود علي بن الجَنَد، قال البخاريُّ: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: خبره كذب (المغني 2/ 444).
وذكره الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف (ص 120) فقال: رواه الطبراني في الصغير من رواية عَمرو بن دينار عن أنس، والراوي عنه ساقط. أهـ. يعني ابن الجَنَد. =
= 11 - وأخرج السهمي في تاريخ جرجان (ص 453)، والبيهقيُّ في الشعب (6/ 427)، والثعلبي كما في تخريج أحاديث الكشاف (ص 120) من طريق اليسع بن زيد القرشي، حدّثنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك مرفوعًا ببعضه.
وضعفه الحافظ؛ لوجود اليسع بن زيد، وهو ضعيف الحديث جدًا، ذكره الذهبي في المغني (2/ 756) وقال: خبره موضوع.
وقال الحافظ في اللسان (6/ 365): اليسع عن ابن عيينة بخبر باطل
…
وأخرج حديثه البيهقي في الشعب، وحمزة الجُرجاني في تاريخ جرجان، وهو منكر. أهـ.
ورويت بعض ألفاظ هذه الوصية مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 185) من طريقين، ثم قال: هذا حديث ليس له أصل، وفي إسناده جماعة مجاهيل لا يعرفون أصلًا، ولا نشك أنه من وضع بعض القُصَّاص أو الجهَّال، وقد خَلَّطَ الذي وضعه في الإسناد، ومن المعروفين في إسناده: حماد بن عَمرو، قال يحيى: كان يكذب ويضع الحديث، وقال ابن حبّان: كان يضع الحديث وضعًا على الثقات، لا يحل كتب حديثه إلّا على وجه التعجّب. أهـ.
والخلاصة أن طريق الباب لا يثبت، لشدة ضعفه، والله تعالى أعلم.
3127 -
[2] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا محمَّد الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، ثنا عَبَّاد المِنْقَري عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيّب، عن أنس رضي الله عنه، نذكر مثله، وأتمَّ منه.
3127 -
الحكم عليه:
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف محمَّد بن الحسن، وعَبَّاد المِنْقَري، وعلي بن زيد.
وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 271)، ثم قال: رواه أبو يعلى، والطبراني في الصغير
…
وفيه محمَّد بن الحسن بن أبي يزيد، وهو ضعيف.
وقال البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 93 أ) مختصر: رواه أبو يعلى الموصلي بسند فيه علي بن زيد بن جُدْعَان.
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (6/ 306)، ولفظه: قال أنس بن مالك: قَدِمَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن ثمان سنين، فأخذَت أمي بيدي، فانطلقَت بي إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنه لم يبقَ رجل ولا امرأة من الأنصار إلّا قد
أتحفتك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلّا إبني هذا، فخذه، فليخدمك ما بدا لك. فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما ضربني ضربة، ولا سبني سبة، ولا انتهرني، ولا عبس في وجهي، وكان أول ما أوصاني به أن قال:"يا بني، اكتم سري تك مؤمنًا، فكانت أمي وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنني عن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أخبرهم به، وما أنا بمخبر سر رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا أبدًا. وقال: "يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ يُحِبَّكَ حَافِظَاكَ، ويزاد في عمرك. ويا أنس، بالغ في الاغتسال من الْجَنَابَةِ، فَإِنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ مُغْتَسَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ ذَنْبٌ، وَلَا خَطِيئَةٌ". قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ الْمُبَالَغَةُ يا رسول الله؟ قال: "تبل أصول الشعر، وتنقي البشرة. ويا بني، إن استطعت أن لا تزال أبدًا على وضوء، فإنه من يأته الموت وهو على وضوء، يعط الشهادة. ويا بني، إن استطعت أن لا تزال تُصَلِّي، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْكَ مَا دُمْتَ تصلي، ويا أنس، إذا ركعت، فأمكن كفيك من ركبتيك، وفرِّج بين أصابعك، وارفع مرفقيك عن جنبيك. =
= ويا بني، إذا رفعت رأسك من الركوع، فأمكن كل عضو منك موضعه، فإن الله لا ينظر يوم القيامة إلى من لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده. ويا بني، فإذا سجدت، فأمكن جبهتك وكفيك من الأرض، ولا تنقر نقر الديك، ولا تُقْعِ إقعاء الكلب -أو قال: الثعلب- وإياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لا بد، ففي النافلة، لا في الفريضة. ويا بني، وإذا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ، فَلَا تَقَعَنَّ عَيْنُكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، إِلَّا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ، فإنك ترجع مغفورًا لك. ويا بني، وإذا دَخَلْتَ مَنْزِلَكَ، فَسَلِّمْ عَلَى نَفْسِكَ، وَعَلَى أَهْلِكَ. وَيَا بُنَيَّ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكَ فِي الْحِسَابِ. وَيَا بُنَيَّ، إِنِ اتَّبَعْتَ وَصِيَّتِي، فَلَا يَكُنْ شَيْءٌ أحبَّ إِلَيْكَ مِنَ الموت".
وقد تقدم ذكر طرقه في تخريج الطريق الماضي برقم (1).
3127 -
[3] حدّثنا (1) خَالِدُ بْنُ مِرداس، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عن أبي حازم، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبيد اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، فذكره وزاد فيه:"وسلم في بيتك [يَزِدْ] (2) الله تعالى فِي بَرَكَاتِكَ، ووقِّر كَبِيرَ الْمُسْلِمِينِ، وَارْحَمْ صَغِيرَهُمْ، أجيء أنا وأنت كهاتين". وجمع صلى الله عليه وسلم-بين أصابعه.
(1) القائل هو: أبو يعلى رحمه الله في المسند.
(2)
في جميع النسخ: "يزيد"، والمثبت من حيث اللغة هو الصواب.
3127 -
الحكم عليه:
هذا إسناد ضعيف جدًا، فيه الربيع بن بدر، وهو متروك.
تخريجه:
لم أجده في المطبوع من مسند أبي يعلى، وتقدم ذكر طرقه في تخريج الطريق الأوّل، وبالله التوفيق.
3127 -
[4] حدّثنا (1) مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ أبي خليفة (2) عن ضرار بن مسلم، قال: سمعته يذكره عن أنس رضي الله عنه، قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وفي آخره:" [إن نمت (3) وَأَنْتَ طَاهِرٌ فمِتَّ، مِتَّ] (4) شَهِيدًا، يَا أَنَسُ، وقِّر الكبير، وارحم الصغير".
(1) القائل هو: أبو يعلى رحمه الله في مسنده.
(2)
في نسخة (س): "خليف".
(3)
في نسخة (و): "من".
(4)
ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل، والنقل من باقي النسخ.
3127 -
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لحال عمر بن أبي خليفة، وفيه ضرار بن مسلم وهو مجهول.
وقد ذكر الحافظ هذه الطريق في تخريج أحاديث الكشاف (ص 120) فقال: ورواه أبو يعلى من رواية عَمرو بن أبي خليفة عن ضرار بن عَمرو، عن أنس، وإسناده ضعيف جدًا.
قلت: ضرار بن عَمرو هذا هو المَلَطي، قال الذهبي: متروك الحديث (المغني 1/ 312)، لكنه ليس هو المذكور في طريق الباب، ولعله من أوهام الحافظ رحمه الله.
تخريجه:
هو في مسند أبي يعلى (7/ 272).
ولفظه: قال أنس: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أنس، أسبغ الوضوء يزد في عمرك، يا أنس، صل صلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين من قبلك، يا أنس، سلم على أهل بيتك تكثر حسناتك، يا أنس، سلم على من لقيت من أمتي، تكثر حسناتك =
= يا أنس أكثر الصلاة بالليل والنهار يحبك حافظاك، يا أنس، بت وأنت طاهر، فإن مِتَّ مِتَّ شَهِيدًا، يَا أَنَسُ، وَقِّرِ الْكَبِيرَ وَارْحَمِ الصغير".
وتقدم ذكر طرقه في تخريج الطريق الماضي رقم (1)، والله الموفق، لا إله غيره.
3128 -
[1] وقال عبد: حدّثنا محمد بن كثير، أنا هشام بن زياد، هو أَبُو الْمِقْدَامِ عَنْ محمَّد بْنِ كَعْبٍ القُرَظي، قال: عهدت عمر بن عبد العزيز (1) رضي الله عنه، وَهُوَ عَلَيْنَا عَامِلٌ (2) بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ شَابٌّ غَلِيظُ البضعة، ممتلىء الجسم، فبما استُخلف وَقَاسَى مِنَ الْعَمَلِ وَالْهَمِّ مَا قَاسَى، تغيَّرت حَالُهُ (3)، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ لَا أَكَادُ أصرف بصري [عنه](4)، فَقَالَ: يَا ابْنَ كَعْبٍ، إِنَّكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ نظرًا ما كنت تنظره إِلَيَّ مِنْ قَبْلَ، قَالَ: قُلْتُ: تُعْجِبُنِي (5). قَالَ: وما عَجَبُكَ؟ قَالَ: لِمَا حَالَ مِنْ لَوْنِكَ، وَنُفِيَ من شعرك، ونحل من جسمك، قال: وكيف (6) لو رأيتني بعد ثلاث، حين تسيل حدقتاي عَلَى وَجْهِي، [وَيَسِيلُ](7) مَنْخَرَايَ وَفَمِي (8) صَدِيدًا وَدُودًا، أكنت (9) لِي أَشَدَّ نُكْرَةً؟ أَعِدْ (10) عَلَيَّ حَدِيثًا كُنْتَ حدثتنيه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما، وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم-قَالَ:"إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفًا، وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَإِنَّمَا يُجالس (11) بِالْأَمَانَةِ، وَاقْتُلُوا الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي صَلَاتِكُمْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ الناس، فليتق الله تعالى، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ، فَلْيَتَوَكَّلْ على الله عز وجل، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ، فَلْيَكُنْ [بما في] (12) يد الله تبارك وتعالى أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ. أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَزَلَ وَحْدَهُ وَمَنَعَ رَفْدَه، وَجَلَدَ عَبْدَهُ. ألا أنبئكم بشر من هذا؟ " قالوا: بلى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"من يبغض الناس ويبغضونه (13). أفلا (14) أنبئكم بشرٍّ من هذا؟ "، قالوا: بلى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ لَمْ يقُل عَثْرَةً، وَلَمْ يَقْبَلْ مَعْذِرَةً، ولم يغفر ذنبًا. أفلا أنبئكم بشرٍّ من هذا؟ "، قالوا: بلى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ-صلى الله عليه وسلم: "من لم يُرْجَ خيره،
(1) قوله "عبد العزيز": كتب في نسخة (س)"في الهامش".
(2)
في نسخة (و): "وهو عامل علينا".
(3)
في نسخة (و) و (س): "حالته".
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمثبت من باقي النسخ.
(5)
في نسخة (و): "يعجبني".
(6)
في نسخة (و) و (س): "فكيف".
(7)
في الأصل: "تسيل"، والمثبت من باقي النسخ.
(8)
في نسخة (و): "على فمي".
(9)
في نسخة (و): "كنت"، بدون الألف.
(10)
في نسخة (س): "أحد".
(11)
في نسخة (و): "تجالس".
(12)
في الأصل: "ما في"، والمثبت من باقي النسخ.
(13)
قوله "ألا أنبئكم بشر من هذا
…
" إلى قوله "من يبغض الناس ويبغضونه": ساقط من نسخة (س).
(14)
في نسخة (س): "ألا".
ولم يُؤْمَنْ شره، إن عيسى بن مريم عليه السلام قَامَ فِي قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَا تكلَّمُوا [بِالْحِكْمَةِ](1) عِنْدَ الْجَاهِلِ فَتَظْلِمُوهَا، وَلَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلَا تَظْلِمُوا، وَلَا تُكَافِئُوا ظالمًا [بظلم](2)[فَيَبْطُلَ](3) فضلكم عن رَبِّكُمْ، يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، الْأَمْرُ ثَلَاثَةٌ: أَمْرٌ بيِّن رشدُه فَاتَّبِعُوهُ، وَأَمْرٌ بيِّن غيُّه فَاجْتَنِبُوهُ، وَأَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ".
[2]
وَقَالَ الحارث: حدّثنا [سُريج](4) بْنُ يُونُسَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثنا أَبُو الْمِقْدَامٍ (5) عَنْ محمَّد بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: عَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العزيز رضي الله عنه، وهو علينا عامل بالمدينة زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ شَابٌّ، فَذَكَرَهُ.
* قُلْتُ: فِي السُّنَنِ شَيْءٌ مِنْ أَوَائِلِهِ.
(1) في الأصل: "الحكمة"، والمثبت من باقي النسخ.
(2)
في الأصل: "يظلم"، والمثبت من باقي النسخ.
(3)
في جميع النسخ: "فيعضل"، والمثبت من مصادر التخريج.
(4)
في جميع النسخ: "شريح "، والتصويب من كتب التراجم.
(5)
في نسخة (و) و (س): "المقدام".
3128 -
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا؛ لحال هشام بن زياد، وهو متروك.
وذكر الهيثمي في المجمع (8/ 59) طرفه، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه هشام بن زياد أبو المقدام، وهو متروك.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 93 ب) مختصر، ثم قال: رواه عبد بن حميد، والحارث بن أبي أسامة، ومدار إسناديهما على هشام بن زياد أبي المقدام، وهو ضعيف، ورواه أبو داود، وابن ماجه مختصرًا.
قلت: وفيه علة أخرى، وهي الانقطاع، هشام لم يسمع هذا الحديث من محمد بن كعب.
قال مسلم في مقدمة صحيحه (1/ 18): سمعت الحسن بن علي الحُلْواني يقول: رأيت في كتاب عفان حديث هشام أبي المقدام، حديث عمر بن عبد العزيز، قال هشام: حدثني رجل يقال له: يحيى بن فلان عن محمَّد بن كعب قال: قلت لعفان: إنهم يقولون هشام سمعه من محمَّد بن كعب فقال: إنما ابتُلِيَ من قِبَلِ هذا الحديث، كان يقول: حدثني يحيى عن محمَّد، ثم ادّعى بعدُ أنه سمعه من محمَّد.
تخريجه:
هو في المنتخب من مسند عبد (1/ 571).
وأخرجه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث (ص 1278)، ومن طريقه أبو نُعيم في الحلية (3/ 218) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، والأصبهاني في =
= الترغيب (1/ 283) من طريق عبد الله بن سَوَّار العنبري، وداود بن إبراهيم، ثلاثتهم: عن هشام بن زياد به، بلفظ قريب.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (ص 415) من طريق جعفر بن سليمان، والحاكم (4/ 270)، من طريق عُبيد الله بن محمَّد العَبْسي، وأبو نُعيم في الحلية (3/ 218) من طريق عُبيد الله بن محمَّد، وموسى بن خلف، وعبد العزيز بن عبد الصمد، وعبّاد بن عبّاد، والقُضاعي في مسند الشهاب (1/ 234) من طريق عبَّاد ابن عبَّاد، والأصبهاني في الترغيب (1/ 282) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، كلهم: عن هشام بن زياد به، بألفاظ متقاربة، دون القصة التي بين محمَّد بن كعب وعمر بن عبد العزيز.
وسكت الحاكم، وقال الذهبي في التلخيص: هشام متروك.
وأخرجه ابن عَدي (7/ 106) من طريق حَوْثَرة بن أشرس، ثنا هشام بن زياد به، وذكر أول القصة، وأول المرفوع، ثم قال: فذكره بطوله.
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار -مسند عمر- (1/ 269) من طريق علي بن كرَّام القُشيري والطبراني في الكبير (10/ 389) من طريق أبي صالح الحَرَّاني، والقُضاعي في مسند الشهاب (2/ 123)، ومن طريقه السمعاني في أدب الإملاء (ص 44) من طريق حبَّان بن هلال، والقُضاعي أيضًا (2/ 124) من طريق عبّاد بن عبّاد، والخطيب في الجامع (2/ 61) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، جميعهم: عن هشام بن زياد به، بأوله دون القصة.
وأخرجه الطبراني في الكبير (10/ 386) من طريق موسى بن خلف عن أبي المقدام به، وذكر آخر المتن.
وأخرجه ابن حبّان في المجروحين (3/ 88) من طريق عائشة، وابن عَدي (7/ 106) من طريق موسى بن خلف، وأبو نُعيم في أخبار أصبهان (2/ 363) من طريق عبد الله بن بكر السهمي، والقُضاعي في مسند الشهاب (1/ 234) من طريق حبّان بن هلال، أربعتهم: عن هشام به، ببعضه. =
= وأخرجه ابن ماجه (1/ 308) من طريق زيد بن الحُباب، حدثني أبو المقدام به، لكن في النهي عن الصلاة خلف المتحدث والنائم.
وأخرجه أبو داود (1/ 185) من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، وابن عَدي (7/ 106) من طريق موسى بن خلف، كلاهما: عمن حدثهما، عن محمَّد بن كعب به ببعضه.
قال ابن عَدي: وقوله عن من حدثه: إنما يريد به أبا المقدام.
وأخرجه أبو داود أيضًا (2/ 78) من نفس الطريق السابقة، بلفظ:"لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه، فإنما ينظر في النار، سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم، فامسحوا بها وجوهكم".
قال أبو داود: رُوي هذا الحديث من غير وجه عن محمَّد بن كعب، كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضًا.
قلت: الرجل المبهم هو هشام بن زياد، وقد أشار إلى هذا الحافظ في التهذيب (12/ 398).
ورُوي بذكر واسطة بين هشام وبين محمَّد بن كعب، أخرجه ابن سعد في الطبقات (5/ 287) قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدّثنا أبو المقدام هشام قال: حدثني يحيى بن فلان قال: قدم محمَّد بن كعب القُرَظي على عمر بن عبد العزيز قال: فذكر القصة، دون المرفوع من لفظ الباب.
وتوبع هشام بن زياد على رواية هذا الحديث كما يلي:
أخرج الحاكم (4/ 269) من طريق محمَّد بن معاوية، ثنا مصادف بن زياد المَديني قال: سمعت محمَّد بن كعب به، بنحوه دون آخر المتن مع زيادة.
وسكت الحاكم، وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: محمَّد بن معاوية كذبه الدارقطني، فبطل الحديث.
قلت: وفيه أيضًا مصادف، لا يفرح به متروك. انظر المغني (2/ 659). =
= وأخرج الطبراني في مسند الشاميين (2/ 328) من طريق عبد الوهاب بن محمَّد الأوزاعي، حدثني عَمرو بن المهاجر قال: قدم محمَّد بن كعب القُرَظي على عمر بن عبد العزيز يسامره، فذكر القصة وبعض المرفوع.
وعبد الوهاب الأوزاعي هذا لم أجد له ترجمة.
وأخرج ابن سعد في الطبقات (5/ 287) من طريق عيسى بن ميمون قال: أخبرنا محمَّد بن كعب به، فذكر القصة، وأول المرفوع مع زيادة.
وعيسى بن ميمون هو المَديني، قال الذهبي: تركوه (المغني 2/ 502)، فهذا الإسناد لأجله ضعيف جدًا.
ومن هذه الطريق أخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار (2/ 302) فذكر القصة دون المرفوع، والعُقيلي (3/ 387)، وذكر أول المرفوع دون القصة.
وأخرج ابن سعد في الطبقات (5/ 288) قال: أخبرنا محمَّد بن يزيد بن خُنيس المكي، عن وُهيب بن الورد قال: بلغنا أن محمَّد بن كعب القُرَظي دخل على عمر بن عبد العزيز، فذكر القصة مطولة بمعناها دون المرفوع.
ومحمد بن يزيد هذا، قال الحافظ: مقبول (التقريب ص 513).
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى (ص 160) من طريق تمام بن بَزيع، والطبري في تهذيب الآثار -مسند عمر- (1/ 269)، وابن عَدي (4/ 52)، والخطيب في الجامع (2/ 62)، ثلاثتهم: من طريق صالح بن حسان، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (7/ 272) من طريق القاسم بن عروة، ثلاثتهم: عن محمَّد ابن كعب به، أول الحديث دون القصة.
قال البيهقي: لم يثبت في ذلك إسناد.
قلت: وهذه الأسانيد لا تخلو من ضعف، أما تمام وصالح بن حسان، فمتروكان (انظر المغني 1/ 118، التقريب ص 271)، وأما القاسم بن عروة، فلم أجد له ترجمة. =
= وأخرج أبو عُبيد في الخطب والمواعظ (ص 191) من طريق وَطَر بن خليفة عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لعمر بن عبد العزيز: حدّثنا ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله بلفظ قريب.
ووَطَر هذا لم أعرفه، إلّا أن يكون الاسم تحرف من: فِطْر بن خليفة، فهو صدوق رمي بالتشيّع (التقريب ص 448)، وباقي رجال إسناده ثقات.
ورُوي آخره مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، مرفوعًا، ذكره ابن ودعان في
الأربعين (ص 36) ولفظه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أيها الناس، لا تعطوا الحكمة غير
أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تعاقبوا ظالمًا فَيَبْطُل فضلكم، ولا تراؤوا الناس فيحبط عملكم، ولا تمنعوا الموجود فيقل خيركم، أيها الناس إن الأشياء ثلاثة: أمر استبان رشدُه فاتبعوه، وأمر استبان غيُّه فاجتنبوه، وأمر اختلف عليكم فردوه إلى الله تعالى، أيها الناس، ألا أنبئكم بأمرين، خفيف مُؤْنَتُهُما، عظيم أجرُهما، لم يُلْقَ الله بمثلهما: الصمت، وحسن الخلق".
وفي قوله: "ألا أنبئكم بشراركم
…
مَنْ نَزَلَ وَحْدَهُ، وَمَنَعَ رَفْدَه، وَجَلَدَ عَبْدَهُ" حديث ابن عمر، أخرجه ابن حبّان في المجروحين (1/ 139)، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 28) من طريق إسحاق بن وهب الطُّهُرْمُسِي، عن ابن وهب، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شرار الناس، من نزل وحده، وجلد عبده، ومنع رَفْدَه".
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قلت: سنده واهٍ لوجود إسحاق بن وهب (انظر الميزان 1/ 203).
3129 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا هُشيم عَنِ الْكَوْثَرِ بْنِ حَكيم، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا قَوْمٌ يَتَحَدَّثُونَ أَضْحَكَهُمْ حَدِيثُهُمْ، فَوَقَفَ فسلَّم فَقَالَ:"اذْكُرُوا هاذِم اللذَّات، الموت". وخرج صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ خَرْجَةً أُخْرَى، فَإِذَا قَوْمٌ يَتَحَدَّثُونَ وَيَضْحَكُونَ فَقَالَ:"أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فَإِذَا قَوْمٌ يَتَحَدَّثُونَ وَيَضْحَكُونَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قال:"ألا إن الإِسلام بدأ غريبًا، وسيعود غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قِيلَ لَهُ: ومن الغرباء يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "الذين إذا فسد الناس صَلَحُوا".
3129 -
الحكم عليه:
هذا الحديث بهذا الإِسناد ضعيف جدًا، فيه ثلاث علل:
1 -
الكوثر بن حكيم، وهو متروك.
2 -
روح بن حاتم، وهو ضعيف.
3 -
عنعنة هُشيم، وهو مدلس.
وقال العراقي: أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف (المغني مع الإحياء 4/ 451).
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 101 أ) مختصر، ثم قال: رواه أبو يعلى بسند فيه كوثر بن حكيم، وهو ضعيف.
تخريجه:
أخرجه أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين (ص 123) من طريق ابن أبي غالب، حدّثنا هُشيم به، بلفظ قريب.
وأخرجه تمام في الفوائد (2/ 199)، والطبراني في الأوسط كما في مجمع =
= البحرين -خ- (ق 275 أ)، والقُضاعي في مسند الشهاب (1/ 392)، من طريق عُبيد الله بن عمر، عن نافع به، وذكر بعضه.
ولفظ تمام: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فإذا قوم يتحدثون ويضحكون، فقال:"اذكروا الموت، أما والذي بعثني بالحق لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا".
قال الطبراني: لا يُروى عن ابن عمر إلّا بهذا الإسناد.
ولم أجد من أخرج هذا الحديث بطوله غير المصنف، لكن وجدته مفرقًا في أحاديث كما يلي:
الشطر الأوّل: "اذكروا هاذِم اللذات، الموت".
رُوي عن أبي هريرة، وأنس، وعمر رضي الله عنهم، كما يلي:
1 -
حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (2/ 292) واللفظ له، ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد (1/ 384)، وأخرجه الترمذي (4/ 479)، والنسائيّ (4/ 4)، وابن ماجه (2/ 1422)، وابن عَدي (5/ 222)، والحاكم (4/ 321)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 470)، والبيهقيُّ في الزهد الكبير (ص 266، 267) من طريقين، والقُضاعي في مسند الشهاب (1/ 391) من طريق محمَّد بْنِ عَمرو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذِم اللذات".
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال الحاكم -ووافقه الذهبي-: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
قلت: بل هو حسن، لحال محمَّد بن عَمرو بن علقمة (انظر الميزان 3/ 673).
2 -
حديث أنس: أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 131)، والطبراني في الأوسط (1/ 395)، واللفظ له، وأبو نُعيم في الحلية (9/ 252)، والحسن بن الخَلَّال في الأمالي (ص 84)، وأبو عساكر الدمشقي في تعزية المسلم (ص 46)، من طريق مُؤَمَّل بن إسماعيل، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 72)، من طريق عبد الأعلي بن =
= حماد، كلاهما: عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بقوم من الأنصار يضحكون، فقال:"أكثروا ذكر هاذِم اللذات".
قال أبو حاتم: هذا حديث باطل لا أصل له.
وقال الشيخ الألباني في الإرواء (3/ 145): سند صحيح على شرط مسلم.
3 -
حديث عمر: أخرجه أبو نُعيم في الحلية (6/ 355)، من طريق عبد الملك بن يزيد، ثنا مالك بن أنس، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيّب، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذِم اللذات" قلنا: يا رسول الله! وما هاذِم اللذات؟ قال: (الموت).
قال أبو نُعيم: غريب من حديث مالك، تفرد به جعفر عن عبد الملك.
قلت: إسناده ضعيف، فيه عبد الملك، بن يزيد، قال الذهبي: لا يُدرى من هو (الميزان 2/ 667).
الشطر الثاني: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا".
رُوي عن أبي هريرة، وأنس رضي الله عنهما، كما يلي:
1 -
حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (2/ 312)، والبخاري (فتح 11/ 524) والترمذي (4/ 482) ولفظ أحمد: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا".
قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
2 -
حديث أبي: أخرجه أحمد (3/ 193) واللفظ له، وابن ماجه (2/ 1402)، وأبو يعلى (5/ 418)، من طريق همام قال: سمعت قتادة قال: ثنا أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا".
وإسناده صحيح.
الشطر الثالث: "ألا إن الإِسلام بدأ غريبًا
…
". =
= رُوي عن ابن مسعود، وسهل، وواثلة، وعبد الرحمن بن سَنَّة، وعَمرو بن عوف رضي الله عنهم، مرفوعًا، ورُوي عن عبد الله بن عَمرو موقوفًا، كما يلي:
1 -
حديث ابن مسعود: أخرجه أبو عَمرو الداني في السنن الواردة في الفتن -خ- (1/ 25) قال: حدّثنا محمَّد بن خليفة، وسلمة بن سعيد قالا: حدّثنا محمَّد بن الحسين، حدّثنا عبد الله بن أبي داود، حدّثنا محمَّد بن آدم المصيصي، حدّثنا حفص بن غياث عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الأحوص، عن عبد الله -يعني ابْنِ
مَسْعُودٍ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن الإِسلام بدا غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ،
فطوبى للغرباء". قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "الذين يصلُحون إذا فسد الناس".
وسنده صحيح.
2 -
حديث سهل: أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 192)، وابنِ عَدي (2/ 29) من طريق بكر بن سُليم المَديني قال: حدّثنا أبو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: فذكره بلفظ قريب من لفظ أبي عَمرو الداني.
وإسناده ضعيف، لضعف بكر، قال الحافظ: مقبود (التقريب ص 126)، ويؤكد ضعفه أنه روى هذا الحديث أيضًا عن أبي حازم، عن الأعرج، عن أبي هريرة، (انظر ابن عَدي 2/ 29)، وهذا من اضطراب بكر فيه.
3 -
حديث واثلة: أخرجه تمام في الفوائد (2/ 14) من طريق سليمان بن سلمة الخبائري، ثنا المُؤَمَّل بن سعيد الرَحَبي عن إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن واثلة بن الأسقع، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بدأ الإِسلام غريبًا وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء"، فقيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال:"الذين يصلُحون إذا فسد الناس".
وسنده ضعيف جدًا، الخبائري، تركه أبو حاتم (انظر المغني 1/ 280).
4 -
حديث عبد الرحمن بن سَنَّه: أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (4/ 73) واللفظ له، ونُعيم بن حماد في الفتن -خ- (ق 137 أ)، وابن عَدي (4/ 307) من طريق إسماعيل بن عياش عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ =
= يوسف بن سليمان، عن جدته ميمونة، عن عبد الرحمن بن سَنَّة، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
يقول: "بدأ الإِسلام غريبًا ثم يعود غريبًا كلما بدأ، فطوبى للغرباء"، قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال:"الذين يصلُحون إذا فسد الناس، والذي نفسي بيده، لينحازن الإيمان إلى المدينة، كما يجوز السيل، والذي نفسي بيده، ليأزَرن الإِسلام إلى ما بين المسجدين، كما تأزَر الحية إلى جحرها".
قال ابن أبي حاتم في الجرح (5/ 238): عبد الرحمن بن سَنَّة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا ليس إسناده بالقائم؛ لأنّ راويه إسحاق بن أبي فروة.
قلت: سنده ضعيف جدًا، إسحاق بن أبي فروة متروك (انظر المغني 1/ 71).
5 -
حديث عَمرو بن عوف: أخرجه الترمذي (5/ 19) واللفظ له، وابن عَدي (6/ 59)، وأبو نُعيم في الحلية (2/ 10) من طريق كثير بن عبد الله بن عَمرو بن عوف بن زيد بن مِلْحة عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إن الدين ليأزر إلى الحجاز كلما تأزَر الحية إلى جحرها، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأُرْوِية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريبًا ويرجع غريبًا، فطوبى للغرباء، الذين يُصلِحون ما أفسد الناس من بعدي من سنّتي".
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: سنده ضعيف؛ لضعف كثير بن عبد الله (انظر التقريب ص 460)، وأما ما كان من الإمام الترمذي رحمه الله، فإنه قد جرى على تحسين حديث كثير هذا، بل وتصحيحه أحيانًا (انظر الترمذي 2/ 361، 3/ 634، 5/ 44)، وهو مما نوزع فيه، ومذهب كبار أئمة النقد على ضعف كثير بن عبد الله، فقد اتفق على ذلك إمامًا هذا الفن: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين (انظر الكامل 6/ 57، والميزان 3/ 407).
6 -
أثر عبد الله بن عَمرو: أخرجه أبو عَمرو الداني في الفتن -خ- (2/ 25) من طريق شُرَحْبيل بن شَريك، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: سمعت عبد الله بن عَمرو بن العاص يقول: "طوبى للغرباء، الذين يصلُحون عند فساد الناس".
وإسناده لا بأس به، شُرَحْبيل صدوق، قاله الحافظ (التقريب ص 265).
3130 -
[1] وقال مُسَدَّد: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ عن رجل من النَّخَع قال: شهدت أبا الدرداء رضي الله عنه، حين حضره الموت فقال: إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: "اعْبُدِ اللَّهَ تعالى كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يراك، وعُدَّ نفسك في الموتى، واتق دعوات (1) المظلوم فإنها تستجاب، وَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَشْهَدَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَصَلَاةَ الْغَدَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، فَلْيَفْعَلْ وَلَوْ حَبْوًا".
* صحيح لولا المبهم.
(1) في نسخة (و) و (س): "دعوة".
3130 -
[1] الحكم عليه:
هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف، فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو مدلس لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع، وفيه راو مبهم.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 92 أ) مختصر، ثم قال: رواه مُسَدَّد بسند فيه راو لم يسمّ.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (19/ 303) من طريق المصنف بلفظ قريب.
وأخرجه البيهقي في الشعب (7/ 349)، وابن عساكر أيضًا من طريق أبي داود الطيالسي، نا سلَّام، يعني أبا الأحوص به، بنحوه.
ولفظ البيهقي: "اعبد الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، واعدد نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم فإنها مستجابة، ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين: العشاء والصبح ولو حبوا، فليفعل".
ورُوي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، موقوفًا إلى قوله:"المظلوم" مع زيادة =
= في آخره بسند صحيح، وقد ذكره الحافظ هنا، وهو الطريق القادم برقم (2).
ويشهد لأول المتن، ما يلي:
1 -
حديث زيد بن أرقم: أخرجه نُعيم في زوائده على زهد ابن المبارك (ص 63)، وأبو نُعيم في الحلية (2/ 208) واللفظ له من طريق عبد العزيز بن أبي رَوَّاد عن أبي سعيد، عن زيد بن أرقم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اعبد الله كأنك تراه، فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك، وكأنك ميت".
وقال خلَّاد في حديثه: "واحسب نفسك مع الموتى" وزاد: "واتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة".
قال أبو نُعيم: تفرّد به أبو إسماعيل الأيلي.
قلت: أبو إسماعيل هذا غير مذكور في الإسناد، فلعله من أوهام النسَّاخ.
وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (3/ 460): أبو سعيد هذا لم أعرفه.
قلت: سنده ضعيف، فيه عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، قال الذهبي: صالح الحديث، ضعَّفه ابن الجنيد (المغني 2/ 397)، وأبو سعيد هو الأزدي، ذكره البخاريُّ في التاريخ الكبير (8/ كني 36) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول.
وقد تحرَّف في إسناد نُعيم إلى: سعد، وأخرجه موقوفًا على زبد بن أرقم.
2 -
حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (2/ 243) متن طريق عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا ابن آدم، اعمل كأنك ترى، وعُدَّ نفسك مع الموتى، وإياك ودعوة المظلوم".
وإسناده ضعيف؛ لضعف علي بن زيد، وهو ابن جُدْعَان (انظر التقريب ص 401)، ولإبهام شيخه.
3 -
حديث معاذ: أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (ص 44) واللفظ له، والشاشي -خ- (ق 198 أ)، والطبراني في الكبير (20/ 175) من طريق محمَّد بن =
= عمرو عن أبي سلمة، أن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: يا رسول الله، أوصني، قال:"اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وان شئت أنبأتك بما هو أملك بك من هذا كله. قال: هذا". وأشار بيده إلى لسانه.
ولفظ الشاشي والطبراني بأطول من هذا اللفظ.
وذكره المنذري في الترغيب (4/ 243)، ثم قال: رواه الطبراني بإسناد جيد، إلّا أن فيه انقطاعاً بين أبي سلمة ومعاذ.
ووافقه الهيثمي في المجمع (4/ 218).
وأخرجه ابن أبي شيبة (13/ 225) من طريق أبي معاوية قال: قال معاذ بن جبل: أي رسول الله أوصني. قال: "اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك من الموتى، واذكر الله عند كل حجر وشجر، وإذا عملت السيئة، فأعمل بجنبها حسنة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية".
وأبو معاوية هذا لم أعرفه.
وأخرجه البيهقي في الشعب (1/ 405) من طريق الوليد بن أبي ثور عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال:"اعبد الله ولا تشرك به شيئاً، واعمل لله كأنك تراه، واذكر الله عند كل حجر وشجر، وإن عملت سيئة في سر، فاتبعها حسنة في سر، وإن عملت سيئة علانية، فأتبعها حسنة في علانية، واتق الله، وإياك ودعوة المظلوم".
وسنده ضعيف، فيه الوليد بن أبي ثور، قال الحافظ: ضعيف (التقريب ص 582)، وفيه عبد الملك بن عُمير هو القِبْطي، مدلس من الثالثة، (انظر طبقات المدلسين ص 41) وقد عنعنه هنا، وفيه إبهام شيخه.
ويشهد لقوله: "اعبد الله تعالى كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يراك" ما يلي: أخرج البخاريُّ (فتح 1/ 114)، ومسلم (1/ 39) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وفيه، قال -أي جبريل عليه السلام: ما الإحسان؟ قال: "أن تعبد =
= اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنه يراك".
وأخرجه مسلم أيضًا (1/ 36) من حديث عمر رضي الله عنه.
ويشهد لقوله: "وعُدَّ نفسك في الموتى" ما يلي: أخرج وكيع (1/ 230) واللفظ له، وعنه أحمد (2/ 24) من طريق لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال: "يا عبد الله، كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، واعدد نفسك مع الموتى".
وسنده ضعيف؛ لضعف ليث (انظر المغني 2/ 536)، وتابعه أبو يحيى القتَّات، أخرجه ابن عَدي (3/ 238) بنحو لفظ وكيع.
وأبو يحيى هذا ضعيف، قال الحافظ: لين الحديث (التقريب 684).
وبمجموع هذين الطريقين، يرتقي حديث ابن عمر هذا إلى الحسن لغيره.
ويشهد لقوله: "واتق دعوات المظلوم، فإنها تستجاب" ما يلي:
أخرج البخاريُّ (فتح 5/ 100)، من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ معاذا إلى اليمن فقال:"اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب".
ويشهد لآخر المتن ما يلي:
أخرج عبد الله في زوائد المسند (5/ 141) من طريق الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن عبد الله بن أبي بَصير، عن أبيّ بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في العشاء وصلاة الغداة من الفضل في جماعة، لأتوهما ولو حبوا".
وسنده ضعيف؛ لحال الحجاج بن أرطاة، قال الحافظ: صدوق كثير الخطأ والتدليس (التقريب ص 152) وذكره في المرتبة الرابعة من طبقات المدلسين (ص 49).
وفيه أيضًا عنعنة أبي إسحاق، وهو من أهل المرتبة الثالثة من طبقات المدلسين =
= (ص 42)، فلا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع.
وأخرج البخاريُّ فتح (2/ 141) من حديث أبي هريرة قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبوا، لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم، ثم آمر رجلًا يؤم الناس، ثم آخذ شُعَلًا من نار فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد".
وأخرج مسلم (1/ 454) من حديث عبد الرحمن بن أبي عَمْرة، قال: دخل عثمان بن عفان المسجد بعد صلاة المغرب فقعد وحده، فقعدت إليه فقال: يا ابن أخي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله".
وبما سبق يرتقي حديث الباب إلى مرتبة الحسن لغيره، والله الموفق.
3130 -
[2] حدثنا (1) فضيل بن عِياض عن منصور، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قال:"اعبد الله تعالى كَأَنَّكَ تَرَاهُ"، فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا إِلَى قَوْلِهِ:"الْمَظْلُومِ"، وَزَادَ: "وَاعْلَمْ أَنَّ قَلِيلًا يُغْنِيكَ خَيْرٌ مِنْ كثير يلهيك، وإن الدَّين لا يَبلى، وإن البر لا يُنسى (2).
(1) القائل هو: مُسَدَّد رحمه الله في مسنده.
(2)
قوله "وإن الدين لا يبلى، وإن البر لا ينسى": كذا في جميع النسخ، وأخرجه ابن عساكر من طريق المصنف بلفظ:"وإن البر لا يبلى، وإن الإثم لا ينسى"، وهذه العبارة هي المذكورة في أغلب مصادر التخريج.
3130 -
[2] الحكم عليه:
هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (13/ 762) من طريق المصنف، وقال:"وإن البر لا يبلى، وإن الإثم لا ينسى" بدل "وإن الدين لا يبلى، وإن البر لا ينسى".
وأخرجه ابن عساكر أيضًا من طريق عبد العزيز بن مُسْلِم، نا منصور بن المُعتَمِر به، بلفظ قريب.
وأخرجه وكيع (1/ 234)، وعنه كل من: ابن المبارك (ص 405)، وأحمد في الزهد (ص 197)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (13/ 761)، وأخرجه ابن أبي شيبة (13/ 305)، ومن طريقه: أبو نُعيم في الحِلية (1/ 211)، وأخرجه أحمد في الزهد (ص 197)، وهَنَّاد (1/ 290)، ثلاثتهم: عن أبي معاوية.
وأخرجه البيهقي في الشعب (7/ 381)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (13/ 761) من طريق القاسم بن مَعْن، ثلاثتهم: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ مُرَّة به، بنحوه. =
= ولفظه: "اعبدوا الله كأنكم ترونه، وعدوا أنفسكم في الموتى، واعلموا أن قليلًا يغنيكم خير من كثير يلهيكم، واعلموا أن البر لا يَبلى، وأن الإثم لا يُنسى".
ووقع في إسناد هنَّاد: عَمرو بن مُرَّة، بدل: عبد الله بن مُرَّة، وكلاهما من شيوخ الأعمش، (انظر تهذيب الكمال 12/ 76) وإن صح ذلك، فإن إسناد هنَّاد هذا منقطع، عَمرو بن مُرَّة لم يسمع من أبي الدرداء رضي الله عنه، (انظر المراسيل ص 147).
وأخرج ابن المبارك (ص 542) واللفظ له، والخطيب في اقتضاء العلم العمل (ص 27) من طريق يزيد بن إبراهيم عن الحسن قال: قال أبو الدرداء: "ابن آدم، اعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (13/ 762) من طريق قتادة عن الحسن، أن أبا الدرداء كان يقول:"اعمل كأنك تراه عز وجل واعدد نفسك من الموتى، وإياك ودعوة المظلوم، وكنا نتحدث أن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء".
وأخرجه ابن عساكر أيضًا من طريق يزيد بن هارون عن الحسن قال: قال أبو الدرداء: فذكره بمثل لفظ ابن المبارك.
وأسانيدهم ضعيفة؛ للانقطاع بين الحسن وأبي الدرداء رضي الله عنه، (انظر المراسيل ص 44).
وأخرج الإمام أحمد في الزهد (ص 206) قال: حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني المثنَّى بن عوف، حدثني أبو عبد الله -يعني الجَسَري- أن رجلًا انطلق إلى أبي الدرداء فسلم عليه، فقال: أوصني فإني غازٍ، فقال له:"اتق الله كأنك تراه حتى تلقاه، وعُدَّ نفسك في الأموات ولا تعدها في الأحياء، وإياك ودعوة المظلوم".
ورجال إسناده ثقات، إلّا أنه منقطع، أبو عبد الله هو حميري، لم يسمع من أبي الدرداء رضي الله عنه، (انظر مراسيل العلائي ص 168).
وأخرج البيهقي في الشعب (7/ 382) واللفظ له، وابن عساكر في تاريخ دمشق =
= -خ- (13/ 762)، من طريق عاصم عن أبي وائل، عن أبي الدرداء قال:"اعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك مع الموتى، وإياك ودعوات المظلوم، فإنهن يصعدن إلى الله عز وجل، كأنهن شرارات نار".
وسنده ضعيف، عاصم هو ابن بَهْدَلة، قال الحافظ: صدوق له أوهام (التقريب ص 285)، وأبو وائل لم يسمع من أبي الدرداء رضي الله عنه، (انظر المراسيل ص 88).
ويشهد له ما رُوي عن زيد بن أرقم، وأبي هريرة، ومعاذ رضي الله عنهم، وقد تقدم ذكر هذه الروايات في تخريج الطريق الماضي برقم (1).
وبنحو قوله: "وَاعْلَمْ أَنَّ قَلِيلًا يُغْنِيكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يلهيك" أخرج أبو يعلى (2/ 319) من حديث أبي سعيد الخدري، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْأَعْوَادِ، وَهُوَ يَقُولُ:"مَا قلَّ وكفى خير مما أكثر وألهى".
وسنده ضعيف، وقد ذكره الحافظ هنا في المطالب، وهو الحديث الآتي برقم (3186).
ويشهد لقوله: "وإن الدين لا يبلى، وإن البر لا ينسى" ما يلي:
أخرج معمر في الجامع (11/ 178) واللفظ له، ومن طريقه كل من: البيهقي في الأسماء والصفات (1/ 140)، وفي الزهد (ص 277)، وعمر النسفي في القند (ص 272)، وابن الجوزي في ذم الهوى (ص 169) عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابة قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا يموت، فكن كما شئت، كما تدين تدان".
قال البيهقي: هذا مرسل. أهـ. وأعلَّه كذلك بالإرسال الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف (ص 3)، ومعمر في روايته عن البصريين ضعف (انظر التقريب ص 541) وشيخه هنا بصري، وذكره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ص 350) وقال: ضعيف. أهـ. =
= وقد أخرجه الإمام أحمد في الزهد (ص 206) من طريق معمر عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابة قَالَ: قَالَ أبو الدرداء: فذكره موقوفًا.
وإسناده ضعيف لانقطاعه، أبو قِلابة لم يسمع من أبي الدرداء (انظر تخريج أحاديث الكشاف ص 3).
وأخرج أبو حنيفة في المسند (شرح القاري ص 194) واللفظ له، وابن عَدي (6/ 158) عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البر لا يبلى، والإثم لا ينسى".
ولفظ ابن عَدي: "الذنب لا ينسى، والبر لا يبلى، والديان لا يموت، فكن كما شئت، فكما تدين تدان".
وإسناد أبي حنيفة صحيح.
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده كما في الإصابة (11/ 70)، قال: حدّثنا أحمد بن حنبل، حدّثنا الحارث بن النعمان عن أبي هريرة الحمصي، حدثني علي بن أبي طلحة عن سالم بن أبي الجَعْد، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "البر لا يبلى والإثم لا ينسى، والذنب لا يفنى".
قال الحافظ: الحارث بن النعمان ضعيف، وشيخه ما عرفته. أهـ. وأعلّه أيضًا بالإرسال؛ لكون والد سالم بن أبي الجَعْد، وهو أبو الجَعْد الغَطَفاني، لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم.
3131 -
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أبي زكريا الكوفي، عن رجل حدثه قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهى رجلًا عن ثلاث، وأوصاه بثلاث، فأما [التي](1) نَهَاهُ عَنْهَا (2)، فَقَالَ:"لَا تَنْقُضْ عَهْدًا وَلَا تُعن عَلَى نَقْضِهِ، وَلَا تَبْغِ، فَإِنَّ مَنْ بُغي عليه لينصرنَّه الله تعالى، وإياك ومكر السيء، فإنه لا يحيق المكر السيء إلّا بأهله، ولهن من الله تعالى طالب"، وأما التي أوصاه بها:"أن تكثر (3) ذِكْرَ الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ يسلِّيك عَمَّا سِوَاهُ، وَعَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَتَى يُسْتَجَابُ لَكَ، وَعَلَيْكَ بِالشُّكْرِ، فَإِنَّهُ زِيَادَةٌ"، ثُمَّ قَرَأَ سُفْيَانُ:" [لإن] (4) شكرتم لأزيدنكم"(5).
(1) في جميع النسخ: "الذي"، والمثبث هو الصواب.
(2)
في نسخة (و) و (س): "عنه".
(3)
في نسخة (و) و (س): "يكثر".
(4)
في جميع النسخ: "ولإن"، بزيادة واو العطف.
(5)
سورة إبراهيم: الآية 7.
3131 -
الحكم عليه:
أتوقف في الحكم على هذا الحديث؛ وذلك لأنّ فيه راويا لم أقف له على ترجمة وهو أبو زكريا الكوفي، وشيخه مبهم لم يتبين لي.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 92 أ) مختصر، ثم قال: رواه محمَّد بن يحيى بن أبي عمر.
تخريجه:
ذكره ابن كثير في التفسير (3/ 569) قال: قال ابن أبي حاتم: ذكر علي بن الحسين، حدّثنا ابن أبي عمر به، ببعضه.
ولفظه: "إياك ومكر السيء، فإنه لا يحيق المكر السيء إلَّا بأهله، ولهم من الله طالب". =
= وذكره أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين (ص 237) قال: ورَوى حُميد عن أنس رضي الله عنه، قال: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا، فذكره بنحوه مع تقديم وتأخير.
وأخرج شطره الأوّل: ابن أبي الدنيا في ذم البُغي (ص 51)، قال: حدّثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدّثنا سفيان بن عيينة قال: حدثني رجل من أشياخنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى رجلًا فقال: "أنهاك عن ثلاث: لَا تَنْقُضْ عَهْدًا وَلَا تُعن عَلَى نَقْضِهِ، وإياك والبغي، فإن من بُغي عليه لينصرنه الله عز وجل، وإياك والمكر، فإن المكر السيء لا يحيق إلّا بأهله، ولهم من الله عز وجل طالب".
وفي سنده جهالة وانقطاع.
كما أخرجه ابن المبارك (ص 252) من طريق الزهري قال: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمكر ولا تُعن ماكرًا، فإن الله يقول:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} ولا تبغ ولا تُعن باغيًا، فإن الله تعالى يقول:{إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} ولا تنكث ولا تُعن ناكثًا، فإن الله تعالى يقول:{فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} .
وإسناده منقطع.
وأخرج شطره الثاني: ابن أبي الدنيا في الشكر (ص 150) قال: حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا سفيان قال: حدثني رجل من أسناننا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى رجلًا بثلاث، قال:"أكثر ذكر الموت، يُسْلِيكَ عَمَّا سِوَاهُ، وَعَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّكَ لَا تدري متى يستجاب لك، وعليك بالشكر، فإن الشكر زيادة".
وفي سنده جهالة وانقطاع.
كما أخرجه الأصبهاني في الترغيب (2/ 652) من طريق إبراهيم بن الأشعث قال: قال فضيل بن عياض: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أوصى رجلًا فقال له: "أكثر ذكر الموت، يشغلك عما سواه، وأكثر الدعاء، فإنك لا تدري متى يستجاب لك، وأكثر الشكر، فإنه زيادة". =
= وسنده ضعيف لانقطاعه، ولوجود إبراهيم بن الأشعث (انظر الجرح 2/ 88، والمغني 1/ 10).
ويشهد لقوله: "لا تنقض عهدًا .. " حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
أخرجه البخاريُّ (فتح 1/ 89).
والغدر: ترك الوفاء (الصحاح 2/ 766).
ويشهد لقوله: "وَلَا تَبْغِ، فَإِنَّ مَنْ بُغي عَلَيْهِ لينصرنَّه الله" حديث أبي بكْرَة رضي الله عنه، أخرجه الحاكم (2/ 338) من طريق عيينة بن عبد الرحمن الغَطَفاني قال: سمعت أبي يحدث عن أبي بكْرَة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تبغ ولا تكن باغيًا، فإن الله يقول: إنما بغيكم على أنفسكم".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص.
قلت: عيينة بن عبد الرحمن صدوق، قاله الحافظ (التقريب ص 441)، فالإسناد لأجله حسن.
ويشهد لقوله: "أن تكثر ذكر الموت، حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذِم اللذات".
وإسناده حسن، وقد تقدم ذكره في تخريج الحديث رقم (3129) مع أحاديث أخرى.
ويشهد لقوله: "وَعَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَتَى يُسْتَجَابُ لك. وعليك بالشكر، فإنه زيادة، ما يلي:
أخرج الطبراني في الصغير (ص 363) واللفظ له، ومن طريقه الخطيب في =
= تاريخ بغداد (1/ 247)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 355)، وأخرجه البيهقي في الشعب (4/ 126) من طريق محمود بن العباس، صاحب ابن المبارك، حدّثنا هُشيم عن الأعمش، عن إبراهيم النَّخَعي، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أُعطي أربعًا، أُعطي أربعًا، وتفسير ذلك في كتاب الله عز وجل: من أعطي الذكر ذكره الله؛ لأنّ الله تعالى يقول: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ، ومن أعطي الدعاء، أعطي الإجابة؛ لأنّ الله تعالى يقول:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، ومن أعطي الشكر، أعطي الزيادة؛ لأنّ الله تعالى يقول:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} ، ومن أعطي الاستغفار، أعطي المغفرة؛ لأنّ الله تعالى يقول:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)} .
قال الطبراني: لم يروه عن الأعمش إلّا هُشيم، تفرد به محمود بن العباس.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، تفرد به محمود بن العباس، وهو مجهول.
قلت: وعدَّ الذهبي هذا الحديث من منكرات محمود (انظر الميزان 4/ 77).
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 149)، ثم قال: رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، وفيه محمود بن العباس، وهو ضعيف.
وأخرج البيهقي في الشعب (4/ 125) من طريق عبد العزيز بن أبان القرشي عن سفيان بن سعيد الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود قالا: قال عبد الله بن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فذكره بنحو لفظ الطبراني، وسنده واهٍ، عبد العزيز بن أبان، متروك، وكذبه ابن معين وغيره (التقريب ص 356).
وأخرج البيهقي في الشعب (4/ 124) من طريق أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن، نا إبراهيم بن الحسن، نا خلف، يعني ابن خالد المصري، نا الليث بن سعد عن عبد الله بن صالح، عمن أخبره يرفع الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فذكره بنحو لفظ الطبراني. =
= وسنده ضعيف جدًا، ذكره الذهبي في السير (10/ 406)، ثم قال: مرسل، بل معضل.
قلت: وفيه أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عُبيد الأسدي، كذاب (انظر المغني 2/ 378).
3132 -
وقال أبو يعلى: حدثنا عبد الأعلى، ثنا [مُعْتَمِر] (1) قال: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ محمَّد الْمَدَنِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَم، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"عند الله تبارك وتعالى خزائن (2) للخير والشر، مفاتيحها الرجال".
(1) في جميع النسخ: "معمر"، والمثبت من مسند أبي يعلى.
(2)
في نسخة (و): "جزائين".
3132 -
الحكم عليه:
الحكم على هذا الحديث متوقف على معرفة حال عقبة بن محمَّد المدني، حيث لم أجد من ترجم له، وفيه عبد الرحمن بن زيد وهو ضعيف.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (1/ 29 ب) مختصر، ثم قال: رواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أَسْلَم، ورَوى ابن ماجه منه:"فطوبى لمن جعلته مفتاحًا للخير".
وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 129)، وأعلّه بعبد الرحمن بن زيد.
وذكره الشيخ الألباني في صحيح الجامع (2/ 755)، ثم قال: حسن.
تخريجه:
الحديث في مسند أبي يعلى (13/ 521)، وزاد في آخره:"فطوبى لمن جعلته مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشر، وويل لمن جعلته مغلاقًا للخير، مفتاحًا للشر".
وأخرجه الطبراني في الكبير (6/ 150)، وفي مكارم الأخلاق (ص 71) قال: حدّثنا محمَّد بن الفضل السَّقَطي، ثنا عبد الأعلي بن حماد النَرْسي به، بلفظ قريب، وسقط من إسناده: عقبة بن محمَّد المدني.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/ 126) عن محمَّد بن يحيى بن ميمون، =
= والطبراني في الكبير (6/ 189) من طريق محمَّد بن بكير، كلاهما: عن مُعْتَمِر به، بلفظ قريب.
وسقط من إسناد الطبراني قوله: عبد الرحمن بن زيد بن أَسْلَم، وجاء في إسناد ابن أبي عاصم: زيد بن أسْلَم -كذا- دون: عبد الرحمن.
وقد توبع عقبة بن محمَّد المدني بما أخرجه ابن ماجه (1/ 87) من طريق عبد الله بن وهب، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 128) من طريق إسحاق بن إدريس، والخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى (ص 130) من طريق إسماعيل بن أبي أُويس، وابن عَدي (4/ 273) من طريق إسماعيل بن زكريا، كلهم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَم به، بألفاظ متقاربة.
ولفظ ابن أبي عاصم: "إن لله تبارك وتعالى خزائن من الخير، مفاتيحها الرجال، فطوبى لمن جعله الله مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشر، وويل لمن جعله مغلاقًا للخير، مفتاحًا للشر".
ويشهد للحديث ما رُوي عن أنس، وأبي الدرداء، وابن مسعود رضي الله عنهم، كما يلي:
1 -
حديث أنس: أخرجه الطيالسي في المسند (ص 277) واللفظ له، ومن طريقه كل من: ابن أبي عاصم في السنة (1/ 128)، والبيهقيُّ في الشعب (1/ 455)، وأخرجه الحسين المروزي في زوائد زهد ابن المبارك (ص 344) عن محمَّد بن أبي عديّ، وعنه ابن ماجه (1/ 86)، وأخرجه ابن عَدي (6/ 197) من طريق ابن وهب، ثلاثتهم: عن محمد بن أبي حُميد قال: أخبرني حفص بن عُبيد اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن من الناس ناسًا مفاتيحًا للخير، مغاليقًا للشر، وإن من الناس ناسًا مفاتيحًا للشر، مغاليقًا للخير، فطوبى لمن كان مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل مفاتيح الشر على يديه".
وهذا الإسناد ضعيف؛ لوجود محمَّد بن أبي حُميد، قال الحافظ: ضعيف =
= (التقريب ص 475) وبه أعلّه السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 129).
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/ 127) من هذه الطريق لكن زاد في الإسناد فقال:
…
ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش، عَنْ محمَّد بْنِ أبي حُميد المَديني، عن موسى بن وَردان ....
وعلّق الشيخ الألباني على هذه الزيادة في ظلال الجنة في تخريج السنة (1/ 128)، فقال: إسماعيل بن عَيَّاش ضعيف في روايته عن المدنيين، وهذه منها، وقد زاد في السند: موسى بن وَردان، خلافًا للثقات.
وأخرجه البيهقي في الشعب (1/ 455) من طريق حُميد المزني عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن من الرجال مفاتيحًا للخير، مغاليقًا للشر، وإن من الناس مغاليقًا للخير، مفاتيحًا للشر". وحُميد المزني هذا مجهول (المغني 1/ 196).
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى (ص 130) من طريق خالد بن خِداش، نا حمّاد بن زيد عن أبيه قال: قال أنس بن مالك: "إن للخير مفاتيح، وإن ثابتًا البناني من مفاتيح الخير".
وسنده ضعيف، والد حمّاد هو زيد بن درهم مقبول، وخالد بن خِداش صدوق يخطئ (التقريب ص 223، 187).
2 -
أثر أبي الدرداء: أخرجه ابن المبارك (ص 332) واللفظ له، ومن طريقه كل من: الأصبهاني في الترغيب (1/ 291)، وابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (13/ 753) من طريق مكحول، أن أبا الدرداء كان يقول:"من الناس مفاتيح للخير، ومغاليق للشر، ولهم بذلك أجر، ومن الناس مفاتيح للشر، ومغاليق للخير، وعليهم بذلك إصر، وتفكر ساعة خير من قيام ليلة".
قال ابن صاعد: تفرّد به ابن المبارك، غريب الإسناد صحيح.
قلت: مسنده منقطع، مكحول هو الشامي لم يسمع من أبي الدرداء رضي الله عنه، (انظر جامع التحصيل ص 285). =
= 3 - حديث ابن مسعود: أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 253) واللفظ له، والبيهقيُّ في الشعب (1/ 455) من طريق زيد بن الحُباب، ثنا سُفْيَانُ عَنْ حَبيب بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن من الناس مفاتيح لذكر الله، إذا رؤوا ذُكر الله".
وإسناده ضعيف، زيد بن الحُباب صدوق يخطئ في حديث الثوري (التقريب ص 222).