الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - بَابُ مَا يُرَدُّ بِالدُّعَاءِ مِنَ الْبَلَاءِ
3369 -
[1] قَالَ إسحاق: أخبرنا شَبابة بن سَوَّار أبو عَمرو المدايني، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُلَيكي عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) قَالَ:"لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ".
* المُلَيكي ضَعِيفٌ، وَمَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ من معاذ رضي الله عنه.
[2]
وَقَدْ (2) رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عن معاذ رضي الله عنه بلفظ آخر (3).
(1) قوله "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم": ساقط من نسخة (س).
(2)
القائل هو: الحافظ رحمه الله.
(3)
يعني ابن حنبل رحمه الله، وسنده ضعيف؛ لأنه عن رواية إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ المكي، وإسماعيل ضعيف في روايته عن غير أهل الشام، ولأن فيه انقطاعًا، شَهْر بن حَوْشَب روايته عن معاذ بن جبل مرسلة. (انظر مراسيل العلائي ص 197).
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 146)، ثم قال: رواه أحمد، والطبراني، وشَهْر بن حَوْشَب لم يسمع من معاذ ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة.
وهو في مسند أحمد (5/ 234) قال: ثنا الحكم بن موسى، ثنا ابن عياش، به.
ولفظه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن ينفع حذر من قدر، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم بالدعاء عباد الله".
وقد خرَّجته مفصلًا في الطريق رقم (1)، وبه يرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره. =
3369 -
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف، فيه علتان:
1 -
عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو ضعيف.
2 -
الانقطاع، فمكحول لم يسمع من معاذ رضي الله عنه.
وقد نبه الحافظ رحمه الله على هاتين العلتين هنا في المطالب.
وذكره البوصيري في الإتحاف -خ- (3/ 14 أ) مختصر، ثم قال: رواه أبو يعلى الموصلي، واللفظ له، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه.
تخريجه:
أخرجه القُضاعي في مسند الشهاب (2/ 50) من طريق قُرْدوس الأشعري، نا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مُلَيكة، به، بمعناه، ووقع في سنده: عن مكحول، وشَهْر بن حَوْشَب.
ولفظه: "لن ينفع حذر من قدر، ولكن الدعاء لينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء".
وهذا الحديث مداره على عبد الله بن عبد، الرحمن بن أبي حسين، واختلف عنه، كما يلي:
1 -
فرواه عبد الرحمن بن أبي بكر المُلَيكي عنه، عن مكحول، عن معاذ، كما تقدم.
2 -
ورواه المُلَيكي أيضًا عنه، عن مكحول، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن معاذ بن جبل.
أخرجه البيهقي في القدر (ص 144)، والشجري في الأمالي (1/ 240)، كلاهما: من طريق ابن أبي فُدَيك عن عبد الرحمن بن أبي بكر، به بلفظ قريب من لفظ القُضاعي.
3 -
ورواه إسماعيل بن عياش عنه، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن معاذ بن جبل. =
= أخرجه أحمد (5/ 234)، وابنه عبد الله كلاهما: عن الحكم بن موسى، ومن طريقيهما: المقدسي في الترغيب في الدعاء (ص 12)، وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 103)، وفي الدعاء (2/ 800) من طريق سليمان بن عبد الرحمن، كلاهما: عن إسماعيل بن عياش، به بلفظ قريب من لفظ القُضاعي.
وقد ذكر الحافظ رحمه الله هذا الوجه هنا في المطالب، وهو الطريق الثاني.
والوجه الأوّل طريق الباب هو الوجه الراجح؛ لأنه رواية محفوظة عن عبد الرحمن بن أبي بكر المُلَيكي، حيث رواها عنه شَبابة بن سَوَّار، وهو ثقة حافظ كما تقدم، وأما الوجه الثاني، فهو مرجوح؛ لأنه رواية غير محفوظة لعبد الرحمن بن أبي بكر المُلَيكي، حيث رواها عنه ابن أبي فُدَيك، وهو صدوق (التقريب ص 468)، وكذلك الوجه الثالث مرجوح أيضًا؛ لأنه من رواية إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ المكي، وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، والله تعالى أعلم.
ويشهد لهذا الحديث ما رُوي عن عائشة، وأبي هريرة، وسلمان، وثوبان، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم كما يلي:
1 -
حديث عائشة: أخرجه البزّار: كما في الكشف (3/ 29) واللفظ له، والطبراني في الأوسط (3/ 242)، وابن عَدي (3/ 213)، والحاكم (1/ 492)، وعنه البيهقي في القدر (ص 143)، وأخرجه الصيداوي في معجم الشيوخ (ص 105)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 453)، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 359) من طريق زكريا بن منظور، حدثني عطاف عن هشام، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا ينفع حذر من قدر، والدعاء ينفع أحسبه قال: ما لم ينزل القدر، وإن الدعاء ليلقى البلاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة".
قال البزّار: لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا بهذا الإسناد.
قلت: قد رُوي بهذا اللفظ عن أبي هريرة، وسيأتي ذكره قريبًا إن شاء الله وممن =
= أخرجه البزّار نفسه؟!.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن هشام إلَّا عطاف، ولا عن عطاف إلَّا زكريا، تفرد به الحَجَبي.
قلت: لم يتفرد به الحَجَبي، ورواه عن هشام غير عطاف، كما سيأتي.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقَّبه الذهبي في التلخيص، والحافظ في التلخيص الحبير (4/ 121) بأن زكريا بن منظور أحد رجاله، وهو مجمع على ضعَّفه.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 146)، ثم قال: رواه الطبراني في الأوسط، والبزار بنحوه، وفيه زكريا بن منظور، وثَّقه أحمد بن صالح المصري، وضعّفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.
وقوله: "يعتلجان" أي: يتصارعان. (النهاية 3/ 286).
قلت: وهذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف، فيه عطاف، بتشديد الطاء، هو ابن خالد، وهو صدوق يهم، وفيه زكريا بن منظور، وهو ضعيف (التقريب ص 393، 216).
وقد رُوي عن زكريا بن منظور، عن فُليح بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا بلفظ قريب، أخرجه المقدسي في الترغيب في الدعاء (ص 14).
وفُليح هذا صدوق كثير الخطا (التقريب ص 448).
2 -
حديث أبي هريرة: أخرجه البزّار: كما في الكشف (3/ 29، 4/ 37) واللفظ له، والمقدسي في الترغيب في الدعاء (ص 12)، كلاهما: من طريق إبراهيم بن خُثيم بن عراك بن مالك عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا ينفع حذر من قدر، والدعاء ينفع ما لم ينزل القضاء، وإن البلاء والدعاء ليلتقيان بين السماء والأرض، فيعتلجان إلى يوم القيامة". =
= قال البزّار: لا نعلمه عن أبي هريرة مرفوعًا إلَّا بهذا الإسناد.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 209)، ثم قال: رواه البزّار، وفيه إبراهيم بن خُثيم، وهو متروك.
3 -
حديث سلمان: أخرجه الترمذي (4/ 390) واللفظ له، والطحاوي في مشكل الآثار (4/ 169)، والطبراني في الكبير (6/ 251)، وفي الدعاء (2/ 799)، والقُضاعي في مسند الشهاب (2/ 36) من طريقين، كلهم: من طريق يحيى بن الضّريس عن أبي مَودود، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النَّهْدي، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القضاء إلَّا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلَّا البر".
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب
…
وأبو مَودود، اثنان، أحدهما يقال له فِضة، وهو الذي روى هذا الحديث، اسمه فِضة: بصري، والآخر: عبد العزيز بن أبي سليمان، أحدهما بصري، والآخر مدني، وكانا في عصر واحد.
وقال الطحاوي: هو -يعني أبا مَودود- عبد العزيز بن أبي سليمان مولى هُذيل، وهو عند أهل الحديث ثقة، وهو من أهل البصرة، وهو خلاف أبي مَودود المدني.
قلت: قد وهم الطحاوي رحمه الله في الرجل، والصواب ما قاله الإمام الترمذي؛ لأنّ فِضة هو الذي يروي عن سليمان التيمي، وعنه يحيى بن الضَّريس، أما الآخر، فلم أجدهم نَصُّوا على أنه روى عن سليمان التيمي، ولا عنه ابن الضَّريس (انظر تهذيب الكمال -خ- (3/ 1651)، وبهذا يكون هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيفًا؛ لوجود أبي مَودود فِضة البصري، قال الحافظ: فيه لين. (التقريب ص 447).
4 -
حديث ثوبان: أخرجه وكيع (3/ 711) واللفظ له، وعنه أحمد (5/ 277، 282)، ومن طريقه كل من ابن ماجه (1/ 35)، وابن حبّان: كما في =
= الإحسان (2/ 116)، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (4/ 169) من طريق إبراهيم، والحاكم (1/ 493) من طريق قُبيصة بن عقبة، وأبي حذيفة، والقُضاعي في مسند الشهاب (2/ 35) من طريق خالد بن يزيد خمستهم: عن سفيان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الله بن أبي الجَعْد، عن ثوبان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما يزيد في العمر إلَّا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلَّا الدعاء".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص.
قلت: سنده ضعيف، فيه عبد الله بن أبي الجَعْد، قال الحافظ: مقبول. (التقريب ص 298).
5 -
حديث ابن عمر: أخرجه الترمذي (5/ 515) واللفظ له، والحاكم (1/ 493)، وعنه البيهقي في القدر (ص 144) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي المُلَيكي عن موسى بن عقبة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
…
أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء".
قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلَّا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، وهو ضعيف في الحديث، ضعَّفه بعض أهل العلم من قبل حفظه.
وسكت الحاكم، وتعقَّبه الذهبي بقوله: عبد الرحمن واه.
6 -
حديث أنس: أخرجه الطبراني في الدعاء (2/ 798) من طريق أبي إسحاق عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ادعوا، فإن الدعاء يرد القضاء".
وسنده ضعيف؛ لعنعنة أبي إسحاق، وهو السَّبيعي، وهو مدلس. (انظر طبقات =
= المدلسين ص 42).
وأخرجه المقدسي في الترغيب في الدعاء (ص 13) من طريق كثير بن عبد الله أبي هاشم قال: سمعت أنس ابن مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا بني، أكثر من الدعاء فإن الدعاء يرد القضاء المبرم".
وإسناده ضعيف أيضًا؛ لوجود كثير بن عبد الله. (انظر المغني 2/ 530).
وبمجموع ما سبق، يرتقي حديث الباب إلى مرتبة الحسن لغيره، والله الموفق، لا إله غيره.
3370 -
وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ:"لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَمِّنَ عَلَى دُعَاءِ الرَّاهِبِ إِذَا دَعَا لَكَ، وَقَالَ: إنهم مستجاب (1) لَهُمْ فِينَا، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ".
(1) قوله "مستجاب": في نسخة (و) و (س): "يستجاب".
3370 -
الحكم عليه:
هذا إسناد مقطوع، رجاله كلهم ثقات.
وذكره البوصيري في الإِتحاف -خ- (3/ 14 ب) مختصر، ثم قال: رواه إسحاق بن راهويه بسند صحيح.
تخريجه:
هو في مسند إسحاق (3/ 969).
وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 430) قال: حدّثنا عيسى بن يونس، به بلفظ قريب.
ولفظه: "لا بأس أن يؤمن المسلم على دعاء الراهب"، فقال:"إِنَّهُمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ في أنفسهم".
وأخرجه أبو نُعيم في الحلية (6/ 73) من طريق عقبة بن علقمة عن الأوزاعي، به بمعناه، وفي أوله قصة.
ولفظه: لقي حسان بن عطية راهبًا، فجعل الراهب يدعو له، وحسان يقول:"آمين"، فقالوا: يا أبا بكر، تؤمن على دعائه؟ قال:"أرجو أن يستجيب الله له فيَّ، ولا يستجيب له في نفسه".