الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - باب ذكر الأبدال
3197 -
[1] قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، أو عبد الله بن صفوان، قال: قال رجل يوم صِفِّين: اللهم العن أهل الشام. فقال علي رضي الله عنه: "لَا تَسُبُّوا أَهْلَ الشَّامِ جَمًّا غَفِيرًا، فَإِنَّ بها الأبدال". قالها ثلاثًا.
* أخرجه أحمد في مسند علي رضي الله عنه مرفوعًا.
3197 -
[1] الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد صحيح.
وذكره البوصيري في الإِتحاف -خ- (3/ 83 ب) مختصر، ثم قال: رواه إسحاق، ورواته ثقات، وأحمد بن حنبل.
تخريجه:
هذا الأثر رواه الزهري، واختلف عليه فيه كما يلي:
1 -
فرواه معمر عنه، عن عبد الله بن صفوان به.
2 -
ورواه معمر أيضًا، وصالح بن أبي الأخضر، وصالح بن كَيسان عنه، عن صفوان بن عبد الله به.
3 -
ورواه زياد بن سعيد عنه، عن أبي عثمان بن سَنَّة به. =
= 4 - ورواه الأوزاعي عنه فقصَّر به، لم يذكر ابن صفوان، ولا أبا عثمان بن سَنَّة.
أما الوجه الأوّل، فأخرجه معمر في الجامع (11/ 249) عنه به، بلفظ قريب، ومن طريقه كل من: أحمد في فضائل الصحابة (2/ 905)، وابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 154).
قال ابن عساكر: خالف عبد الله بن المبارك المروزي، ومحمد بن كثير المِصِّيصي عبد الرزاق بن همام عن معمر، وصالح بن كَيسان في "عبد الله بن صفوان" فقالا:"صفوان بن عبد الله".
وأما الوجه الثاني، فأخرجه ابن المبارك في الجهاد (ص 171)، وعنه نُعيم في الفتن (1/ 235)، ومن طريقه ابن عساكر أيضًا. وأخرجه الذهلي في علل حديث الزهري: كما في فضائل الشام (ص 26)، ومن طريقه كل من الضياء في المختارة (2/ 111)، وابن عساكر أيضًا قال: ثنا محمَّد بن كثير الصنعاني، كلاهما: عن معمر، وأخرجه إسحاق: كما في المطالب (ق 112 أ) من طريق صالح بن أبي الأخضر، وأخرجه الذهلي أيضًا: كما في المختارة للضياء (2/ 111)، ومن طريقه ابن عساكر أيضًا من طريق صالح بن كَيسان، ثلاثتهم: عنه به، بنحوه.
وقد ذكر الحافظ رواية إسحاق، ورواية الذهلي الأولى، هنا في المطالب، وهما الطريقان القادمان برقم (2) و (3).
وأما الوجه الثالث، فأخرجه الفسوي في المعرفة (2/ 305)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 153) من طريق زياد بن سعيد عنه به، بلفظ قريب.
وأما الوجه الرابع، فأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 154) من طريق الأوزاعي عنه به، بلفظ قريب.
قلت: ويظهر أن أرجح الأوجه هو الوجه الثاني؛ لكثرة الرواة له عن الزهري، =
= وفيهم صالح بن كَيسان، وهو ثقة، ثبت. (التقريب ص 273)، ومعمر بن راشد على الرواية المحفوظة عنه، حيث رواها عنه ابن المبارك، ومحمد بن كثير.
وأما الوجه الأوّل، فمرجوح؛ لأنه رواية غير محفوظة عن معمر، حيث لم أجد من رواها عنه غير عبد الرزاق، وقد خالف ابن المبارك، ومحمد بن كثير، كما تقدم.
وأما الوجه الثالث والرابع، فمرجوحان، حيث لم أجد من رواهما عن الزهري إلَّا راوٍ واحد لكل وجه، فالوجه الثاني يرجح عليهما بالكثرة، والله تعالى أعلم.
ورُوي هذا الأثر من غير طريق الزهري:
فأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 152) من طريق عبد الله بن صالح، حدثني أبو شُريح، أنه سمع الحارث بن يزيد يقول: حدثني عبد الله بن زُرير الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: "لا تسبّوا أهل الشام، فإن فيهم الأبدال، وسبّوا ظلمتهم".
وأخرجه الحاكم (4/ 553) من طريق عياش بن عباس عن الحارث بن يزيد به، بنحوه، في أثناء لفظ طويل.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وهو كما قالا.
ورُوي من هذه الطريق مرفوعًا: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 152) من طريق الوليد بن مسلم، نا ابن لَهيعة، حدثني عياش بن عباس عن عبد الله بن زُرير به، بنحوه، في أثناء لفظ طويل.
وأخرجه ابن عساكر أيضًا من طريق الطبراني، من طريق زيد بن أبي الزرقاء، نا ابن لَهيعة به.
قال الطبراني لم يرو هذا الحديث إلَّا زيد بن أبي الزرقاء. أهـ. وتعقبه ابن عساكر فقال: هذا وهم من الطبراني، فقد رواه الوليد بن مسلم أيضًا عن ابن لَهيعة كما تقدم. =
= قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لوجود ابن لَهيعة. (انظر ترجمته في الحديث الماضي برقم 8).
وقد ذكر الحافظ طريق عبد الله بن زُرير الغافقي الموقوفة هنا، وهي الطريق القادم برقم (3).
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 153) من طريق الطيالسي عن الفرج بن فَضالة، نا عروة بن رُويم اللَّخْمي عن رجاء بن حَيْوة، عن الحارث بن حَرْمَل، عن علي بن أبي طالب قال:"لا تسبّوا أهل الشام، فإن فيهم الأبدال".
وأخرجه ابن عساكر أيضًا من طريق يَسْرَة، نا فرج بن فَضالة به، بلفظ:"يا أهل العراق، لا تسبّوا أهل الشام، فإن فيهم الأبدال".
ومدار هذين الإسنادين على الفرج بن فَضالة، وهو الحمصي، قال الحافظ: ضعيف. (التقريب ص 444)، وفيه الحارث بن حَرْمَل، وهو مجهول. (انظر الجرح 3/ 72).
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 134) من طريق حَبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل، قال: خطبنا علي، فذكر الخوارج، فقام رجل فلعن أهل الشام، فقال له:"ويحك، لا تعم، إن كنت لاعنًا، ففلانًا وأشياعه، فإن منهم الأبدال، ومنكم العَصَب".
وسنده ضعيف؛ لعنعنة حَبيب، وهو مدلس، لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع. (انظر طبقات المدلسين ص 37).
وقوله: "منكم العَصَب"، أي: الذين يتجمعون للحروب، وقيل: جماعة من الزهاد؛ لأنه قرنهم بالأبدال. (انظر النهاية 3/ 243).
وأخرج ابن عساكر أيضًا، قال: قرأت على أبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل السوسي عن أبي الفرج سهل بن بشر الإِسفرايني، أنا أبو الحسن علي بن مُنَيِّر بن أحمد الخلال، أنا الحسن بن رَشيق، نا أبو علي الحسين بن حميد الكعبي، نا =
= زهير بن عباد، نا الوليد بن مسلم عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القِتْباني، أن علي بن أبي طالب قال:"الأبدال من الشام، والنجباء من أهل مصر، والأخيار من أهل العراق".
وسنده ضعيف، عياش بن عباس لم يدرك عليًا رضي الله عنه. (انظر التهذيب 8/ 176)، وفيه عنعنة الوليد بن مسلم، وهو مدلس، لا يقبل حديثه إلّا إذا صرح بالسماع. (انظر طبقات المدلسين ص 51)، وفيه الحسين بن حميد الكعبي، قال الذهبي: ضعف. (المغني 1/ 170)، وفيه شيخ المصنِّف: نصر بن أحمد، قال الذهبي: شيخ مستور، لم يكن الحديث من شأنه. (السير 20/ 248).
ورُوي عن علي رضي الله عنه مرفوعًا، كما يلي:
أخرج أحمد (1/ 112)، وفي فضائل الصحابة (2/ 906)، ومن طريقه الضياء في المختارة (2/ 110)، وابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 130) من طريق شُريح بن عُبيد، قال: ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين. قال: لَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"الأبدال يكونون بالشام، وهم أربعون رجلًا، كلما مات رجل، أبدل الله مكانه رجلًا، يُسقى بهم الغيث، ويُنتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب".
وأخرجه ابن عساكر أيضًا بسند آخر من طريق شُريح بن عُبيد عن علي مرفوعًا بلفظ قريب. ثم قال: هذا منقطع بين شُريح وعليّ، فإنه لم يلقه.
وذكره ابن القيم في المنار المنيف (ص 136)، وابن عبد الهادي في فضائل الشام (ص 27)، وضعفاه لانقطاعه.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 62)، وأوهم بالاتصال، فكان له رحمه الله أن ينبه على انقطاعه، مع كون رجاله ثقات.
وذكره المِدراسي في ذيل القول المسدد (ص 110)، ثم قال: رجاله رجال الصحيح غير شُريح، وهو ثقة. =
= ويشهد للفظ الباب ما يلي:
1 -
حديث عوف: أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 65)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 131) من طريق عَمرو بن واقد عن يزيد بن أبي مالك، عن شَهْر بن حَوْشَب قال: لما فتحت مصر، سبّوا أهل الشام، فأخرج عوف بن مالك رأسه من تُرس، ثم قال: يا أهل مصر، أنا عوف بن مالك، لا تسبّوا أهل الشام، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"فيهم الأبدال، وبهم تنصرون، وبهم ترزقون".
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 63)، ثم قال: رواه الطبراني، وفيه عَمرو بن واقد، وقد ضعفه جمهور الأئمة، ووثقه محمَّد بن المبارك الصوري، وشَهْر اختلفوا فيه، وبقية رجاله ثقات.
قلت: عَمرو بن واقد هو الدمشقي، قال الحافظ: متروك. (التقريب ص 428)، فالإسناد لأجله ضعيف جدًا.
2 -
حديث أنس: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 131) من طريق عبد الملك -كذا، والصواب: عبد الله- بن مَعْقِل عَنْ يَزِيدَ الرَّقاشي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"دعائم أمتي عصائب اليمن، وأربعون رجلًا من الأبدال بالشام، كلما مات رجل، أبدل الله مكانه، أما إنهم لم يبلغوا ذلك بكثرة صلاة، ولا صيام، بفناء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصيحة للمسلمين".
وسنده ضعيف، يزيد الرَّقَاشي هو ابن أبان، قال الحافظ: زاهد ضعيف. وفيه عبد الله بن مَعْقِل، قال الحافظ: مجهول. (التقريب ص 599، 324).
وأخرجه ابن عَدي (5/ 220) واللفظ له، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 151)، وأخرجه الخلال في كرامات الأولياء: كما في تخريج الأربعين السُّلَمية (ص 102)، كلاهما: عن محمَّد بن زهير، زاد الخلال: وحمزة بن داود الأُّبُّلي، وأبو عبد الرحمن السلمي: كما في تخريج الأربعين السُّلَمية =
= (ص 102)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق -خ- (1/ 131) من طريق أحمد بن عيسى بن هارون، والديلمي في مسنده: كما في تخريج الأربعين السُّلَمية (ص 102) من طريق محمَّد بن موسى الجوهري، أربعتهم: عن عَمرو بن يحيى الأيّلي، قال: ثنا العلاء بن زَيْدل عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"البدلاء أربعون: اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات منهم واحد، بدل الله مكانه آخر، فإذا جاء الأمر، قبضوا كلهم، فعند ذلك تقوم الساعة".
وأعلَّه ابن الجوزي بالعلاء بن زَيْدل، ونقل عن ابن المديني رميه بالوضع، ونحوه عن ابن حبّان.
قلت: العلاء بن زَيْدل ضعيف جدًا، قال الحافظ: متروك، ورماه أبو الوليد بالكذب. (التقريب ص 435).
3197 -
[2] أخبرنا (1) النَّضْرُ عَنِ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ [ابن شهاب](2)، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مثله.
(1) القائل هو: إسحاق رحمه الله في مسنده.
(2)
في جميع النسخ: "ابن عياش"، وهو تحريف، والمثبت هو الصواب.
3197 -
[2] الحكم عليه:
هذا الإِسناد ضعيف، فيه صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف.
تخريجه:
تقدم في تخريج الطريق السابقة برقم (1)، وبشواهده يرتقي هذا الأثر إلى مرتبة الحسن لغيره، والله الموفِّق سبحانه.
3197 -
[3] رَوَاهُ (1) الذُّهْلِيُّ (2) فِي "عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ" عَنْ محمد بن كثير، عن معمر، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بِهِ.
* وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ [ابْنِ زُرير](3) الغافقي عن علي رضي الله عنه مَوْقُوفًا (4) أَيْضًا، رَوَاهُ ابْنُ يُونُسَ فِي "تَارِيخِ مصر"(5).
(1) القائل هو: الحافظ رحمه الله.
(2)
في نسخة (و) و (س): "الهذلي"، وهو تحريف.
(3)
في الأصل: "أبي رزين"، وفي باقي النسخ:"أبي زُرير"، والمثبت هو الصواب.
(4)
في نسخة (س): "موقوف".
(5)
يظهر أن هذا الكتاب في حكم المفقود، حيث قال فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي (قسم التدوين التاريخي 1 - 2/ 238): لم يصل إلينا كتاباه في التاريخ وهما: كتاب مصر، وكتاب الغرباء. أهـ. وقال ابن خلكان (3/ 137): جمع لمصر تاريخين: أحدهما -وهو الأكبر- يختص بالمصريين، والآخر -وهو صغير- يشتمل على ذكر الغرباء الواردين على مصر. أهـ.
وقال الذهبي في السير (15/ 579): وقد اختصرت "تاريخه" وعلقت منه غرائب.
قلت: وقد اعتمده ابن ماكولا كمصدر رئيسي في كتاب "الإكمال"، واقتبس منه الحافظ اقتباسات كثيرة في كتاب "الإصابة".
3197 -
[3] الحكم عليه:
الأثر بهذا الإِسناد ضعيف؛ لوجود محمَّد بن كثير بن أبي عطاء، وهو ضعيف.
تخريجه:
هو في علل محمَّد بن يحيى الذهلي: كما في فضائل الشام لابن عبد الهادي (ص 26).
ولفظه: قام رجل يوم صِفِّين، فقال: اللهم العن أهل الشام، فقال علي:"مه، لا تسب أهل الشام جَمًّا غفيرًا، فإن فيهم الأبدال".
وبشواهده المتقدمة يرتقي طريق الباب إلى الحسن لغيره، والله الموفق.