الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب إنصافه من نفسه صلى الله عليه وسلم
-
3804 -
قَالَ عَبْدٌ (1): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ ضَعِيفًا، وَكَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرَادَ أَنْ يَلْقَاهُ عَلَى خَلَاءٍ فَيُبْدِيَ لَهُ حَاجَتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَسْكِرًا بِالْبَطْحَاءِ (2)، وَكَانَ يَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الْفَجْرِ رَجَعَ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ.
قَالَ: فَحَبَسَهُ الطَّوَافُ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ، فلما استوى صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ عَرَضَ لَهُ الرَّجُلُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ ناقته فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أن لِي إِلَيْكَ حَاجَةً-، فَقَالَ: إِنَّكَ سَتُدْرِكُ حَاجَتَكَ. فَأَبَى (3)، فَلَمَّا خَشِيَ أَنْ يَحْبِسَهُ خَفْقَهُ (4) بِالسَّوْطِ خَفْقَةً، ثُمَّ مَضَى، فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ.
(1) المنتخب (296: 955).
(2)
البطحاء: الحصى الصغار، وبطحاء الوادي: حصاه اللين في بطن المسيل، والمراد مسيل وادي مكة. النهاية (1/ 134).
(3)
في (عم): "فأبى"، وفي (مح) و (سد):"فأبا".
(4)
أي ضربه بالدرة. النهاية (2/ 56).
فلما انفتل أقبل صلى الله عليه وسلم (5) بِوَجْهِهِ عَلَى الْقَوْمِ، وَكَانَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَرَفُوا أَنَّهُ حَدَثَ أَمْرٌ، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ حَوْلَهُ، فقال (6) صلى الله عليه وسلم: "أَيْنَ الَّذِي خَفَقْتُ آنِفًا؟ فَأَعَادَهَا، إِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ فَلْيَقُمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُولُ: أعوذ بالله ثم برسوله، وجعل رسول (7) الله صلى الله عليه وسلم يقول: ادْنُهْ، ادْنُهْ، حَتَّى دَنَا (8) مِنْهُ.
فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ، وناوله السوط. فقال: خذ بمجلدك (9) فَاقْتَصَّ. فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَجْلِدَ نَبِيَّهُ. قال صلى الله عليه وسلم (10): خُذْ بِمَجْلَدِكَ فَمَا بَأْسٌ عَلَيْكَ. قَالَ: أَعُوذُ بالله أن أجلد نبيه. قال صلى الله عليه وسلم: إِلَّا (11) أَنْ تَعْفُوَ (12) قَالَ: فَأَلْقَى السَّوْطَ وَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَامَ أَبُو ذر (13). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَذْكُرُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، كُنْتُ أسوقُ بِكَ، وكنتَ نَائِمًا، وكنتُ إِذَا أبطأَتْ. وَإِذَا أخذتُ بِخِطَامِهَا أعَرَضَتْ، فخفقتُك خَفْقَةً بِالسَّوْطِ، فَقُلْتُ: قَدْ أَتَاكَ الْقَوْمُ. فَقُلْتَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ.
خُذْ يَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتص. قال صلى الله عليه وسلم: قد عفوت. قال: اقتص. فإنه
(5) في (عم) و (سد): "فلما انتفل صلى الله عليه وسلم أقبل".
(6)
في (عم) و (سد): "فاجتمع القوم صلى الله عليه وسلم فقال".
(7)
في (سد): "وجعل الرجل"، وهو خطأ.
(8)
في (عم): "دنى"، وهو خطأ.
(9)
المجلد: جمعه مجالد. وهي خرق تمسكها النوائح إذا نحن بأيديهن. اللسان (3/ 125)، والمراد هنا أداة المجلد.
(10)
قوله: صلى الله عليه وسلم: ليس في (عم) و (سد)، والذي فيهما:"خذ بمجلدك لا بأس عليك".
(11)
في (عم): "لا. إلَّا أن تعفو".
(12)
"في جميع النسخ: "تعفوا".
(13)
في جميع النسخ: "أسود"، والصحيح ما أثبت كما في المنتخب والمجردة.
أَحَبُّ إلىَّ. فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَتَضَوَّرُ (14) مِنْهَا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أيها (15) الناس: اتقوا الله تعالى، فَوَاللَّهِ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنًا إِلَّا انْتَقَمَ الله تعالى له منه يوم القيامة.
(14) التضور: التلوي، والصياح، من وجع الضرب أو الجوع. اللسان (4/ 494).
(15)
في (عم): "ثم قال: يا أيها الناس"، وفي (سد):"ثم قال: أيها الناس".
3804 -
درجته:
شديد الضعف لحال أبي هارون العبدي لأنه متروك. وقد أورده البوصيري وقال: فيه أبو هارون العبدي، وهو ضعيف، لكن له شواهد. اهـ. وهو تساهل.
تخريجه:
لم أجده عند غير عبد بن حميد. وذلك بطوله.
وقَوَدُه صلى الله عليه وسلم من نفسه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقسم قسمًا أقبل رجل فأكب عليه، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه، فجرح بوجهه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تعال فاستقد. فقال: بل عفوت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أبو داود في كتاب الديات، باب القود من الضربة (4/ 673: 4536)، عن أحمد بن صالح، عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بكير بن الأشج، عن عبيدة بن مسافع، عن أبي سعيد باللفظ المتقدم.
وفيه عبيدة بن مسافع: مقبول. انظر: التقريب (1/ 547: 1599).
وأخرجه النسائي في السنن الصغرى، القسامة، باب القود في الطعنة (8/ 32)، من طريقين، عن بكير به بنحوه.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله تعالى، فوالله .. إلخ، أصله فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:"لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء". =
= أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم (5/ 443: 60)، وهو عند الترمذي في أبواب القيامة، باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص 4/ 37: 2535)، وعليه فاصل هذه الجملة في الصحيح.