الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظام الإسلامي لإنهاء العلاقات الزوجية مع محاولات العلاج:
أ- فإذا فشلت كل المحاولات الذاتية الداخلية، كذلك فشلت محاولة التحكيم الصادق ورفض الزوج أن يطلق سراح زوجته وأجبرها على البقاء معه وهى كارهة للمقام معه -دون إيذاء لها أو إضرار بها- فقد شرع الإسلام للزوجة أن تفتدي نفسها بمالها تقدم بعضه للزوج وهو ما يطلق عليه "الخلع" وروي أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت له: يا رسول الله: ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر في الإسلام -لا أطيقه بغضًا- فقال النبي صلي الله عليه وسلم:"أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فأمره رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزيد. وقال تعالى:{وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَاّ أَنْ يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] .
وشرط الخلع أن يكون بقيام المرأة بافتداء نفسها بإرادتها بدفع جزء من مالها للزوج بشرط عدم ظلمها أو إيذائها أو إجبارها على دفع هذا المال، أما إن قام الزوج بالاعتداء على زوجته وأجبرها على أن تعطيه من مالها كرها ثم طلقها كان الحكم فيما تختار، فالطلاق ينفذ تخليصًا للزوجة من ظلم الزوج، وعليه رد المال الذي أكرهها على دفعه، وهذا الأمر إذن لا يقع في دائرة الخلع الشرعي.
ب- وهناك التطبيق للضرر. فمن المحتمل ألا يكون لدى المرأة ما تفتدي به نفسها، وقد يكون لديها ولكن الزوج لم يقبل واستمر ممسكًا لها مع إيذائها وإلحاق الضرر بها، هنا يبيح الإسلام للمرأة أن تلجأ للقضاء الإسلامي مع إثبات أوجه الضرر والإيذاء الذي يوقعه بها زوجها، ويمكن للقاضي أن يحكم بتطليقها وإطلاق سراحها.
ج- وإذا كان الطلاق أبغض الحلال عند الله فإن الإسلام شرعه كعلاج عندما تستعصي الحياة الزوجية، ولم يشرع الإسلام الطلاق من أول وهلة، وإنما شرعه عندما تستعصي كل محاولات الإصلاح. وقد منح الإسلام الرجل حق الطلاق -دون مال تفتدي به الزوجة نفسها، ودون الرجوع للقاضي. ولكنه لم يجعل الطلاق كلمة يلقيها الزوج على الزوجة فيحرمان بعضهما على بعض تحريمًا أبديًّا لا رجعة فيه، لكنه جعله فترة يمكن للزوجين مراجعة نفسيهما والتبصر في أمورهما وما بينهما من ارتباطات -أبناء، وتاريخ، ومستقبل- فشرعه مفرقًا مرة بعد أخرى دفعات متعددة، فخلال الطلقة الأولى والثانية يدعو الإسلام الزوج بالرجوع إلى زوجته -من خلال المراجعة- دون تجديد عقد ما دامت في عدتها، قال تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] .
د- وَضَعَ الإسلام للطلاق الصحيح مجموعة من القيود بالنظر إلى لفظه وبالنظر إلى أهلية الزوج، وبالنظر إلى حالة الزوجة. فالطلاق الثلاث في كلمة واحدة لا يقع إلا واحدة، وجعل الإسلام الجمع لغوًا لا يقع به شيء. كذلك يجب ألا يعلق الطلاق على شيء بفعل منه أو منها كأن يقول:"إن فعلت كذا فأنت طالق"، ولا يقع الطلاق بالأمور الشائعة، كأن يقول الشخص: عليَّ الطلاق أن هذه السلعة بكذا" كذلك رسم الإسلام أن يكون الطلاق في طهر لم يمسها فيه
…
إلخ16.
هـ- يقول تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] . فبعد الطلقة الأولى والطلقة الثانية يحل لكل من