الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المساواة والموازنة. وكأن كل واحد من الشركاء يسهم في الشركة عن طريق المال أو العمل2.
وتشير المضاربة أو القراض في الفقه الإسلامي إلى شكل مثمر صحي من أشكال الاستثمار حيث يتم الاشتراك بين عدة أطراف في العقد، طرف يقدم إسهاما ماليا ماديا، وطرف آخر يقدم الخبرة والجهد والعمل على أن توزع الأرباح بين الجميع بنسب محددة ينص عليها في العقد. وهذا الشكل الاستثماري أو من أشكال الشركات الاستثمارية يكفل تنمية الأموال للجميع ويحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية ويوفر الحافز المادي لدى العامل الذي يساهم بجهده ويدفعه للمزيد من الجهد لأنه يعلم أنه شريك في الأرباح*. وقد عرف الفقهاء عقد المضاربة بأنه عقد على شركة بمال من أحد الجانبين والعمل من الجانب الآخر3. وعرفه آخرون بأنه عقد يشتمل على توكيل المالك لآخر على أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه، والربح مشترك بينهما4.
والحكمة من الإقرار هذا الشكل من الاستثمار أن أصحاب المال قد لا تتوفر لهم الخبرة الاقتصادية والحنكة اللازمة للمشروعات، وأصحاب الخبرة والحنكة ومن لديهم الجهد للعمل المثمر قد لا تتوافر لهم الأموال اللازمة، وهنا يكون عقد المضاربة محققا لمصلحة الطرفين دون ظلم أو استغلال، على أن يتحمل كل طرف في الخسارة المحتملة ويقتسما الربح في حالة وجوده. وقد طبق عدد من الصحابة هذا الشكل الاستثماري فعلا.
* سوف يأتي تفصيل شركة المضاربة عند بيان أنواع العقود المشروعة في الإسلام.
الأسس البنائية للاقتصاد الإسلامي
مدخل
…
الأسس البنائية للاقتصاد الإسلامي:
يتميز الاقتصاد الإسلامي عن غيره من النظم الاقتصادية القديمة والحديثة بأنه جزء من عقيدة لا تقبل التجزئة ولا تحتمل الشرك، وهو
اقتصاد يحاول السمو بالإنسان إلى مرتبة المخلوق المتصل بخالقه أملا وعملا ومصيرا. والاقتصاد الإسلامي ينبذ النزعات الماكيافيلية التي تجعل سمو الهدف مبررا لدنو الوسيلة، ذلك لأنه يتسم بالواقعة الأخلاقية في وسائله وغاياته. وإذا كان الاقتصاد الإسلامي يدعونا إلى التملك والعمل والاستثمار وتعمير الأرض والضرب فيها
…
فإن هناك ضوابط دينية أخلاقية تحكمه تتمثل في قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ} [القصص: 77]، وهناك خمس اعتبارات يمكن استخراجها من هذه الآية وهي:
أ- إن الملك كله لله أساسا.
ب- يجب على الإنسان أن يبتغي وجه الله تعالى في كل أعماله.
ج- يجب ألا يهمل الإنسان حقه في الاستماع الحلال.
د- يجب على الإنسان أن يحسن إلى المحتاجين كما أحسن الله إليه.
هـ- أن يتجنب الإنسان توجيه ثرواته وأمواله وأعماله نحو الإفساد في الأرض أو إيذاء الآخرين.
ويشير الباحث الفرنسي جاك أوستروي في دراسة له بعنوان الإسلام أمام التطور الاقتصادي5 إلى أن الاقتصاد الإسلامي نظام وسط، وهو ينتقد المذاهب الاقتصادية المعاصرة بقوله: إنه لا توجد طريقة وحيدة ضرورية للإنماء الاقتصادي كما تريد أن تقنعنا المذاهب قصيرة النظر في النظامين السائدين يعني الرأسمالية والشيوعية في دعوى كل منهما بأنها المنهج الاقتصادي الأمثل. ويؤكد الباحث المذكور على ضرورة الاستفادة بالمذهب الثالث في الإسلام، ذلك المذهب الذي يقف موقفا وسطا بين الفردية والجماعية، ويجمع بين حسنات كل المذاهب الاقتصادية المعاصرة إلى جانب أنه يتغلب على جميع الصعوبات الاقتصادية التي يقف الاقتصاد الحديث عاجزا عن معالجتها. ويذهب ماسينيون المستشرق