الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ساعات عمل مناسبة للعمال حتى يستطيع الاستمرار في العمل بحالة صحية جيدة بدون إرهاق. كذلك رسم الإسلام سياسة عادلة للأجور.
قالمقرر أن الأجور في الأعمال تقدر بقيمة العمل وبما يكفي العامل وأهله بالمعروف من غير تقتير ولا إسراف، ويختلف ذلك باختلاف الأعمال والأشخاص والأصول والأعراف. وتستحق الأجرة على العمل أو على الزمن.
ولذلك يقسمون العمل المأجور والعمال إلى قسمين:
أ- أجير عام: يستحق أجرته على العمل الذي يقوم به كالخياط مثلا.
ب- الأجير الخاص: وهو العامل الذي يأخذ أجره خلال زمن محدد كالعامل الذي أجرته على استمراره في العمل شهرًا أو أسبوعا أو يوما، فهو يستحق الأجرة على الزمن لا على حجم عمل معين.
ومن المقررات الشرعية أن العامل يجب أن يوفر له الغذاء الكافي الذي يحمي جسمه، والكساء الكافي والمسكن الذي يليق بمثله والذي تستوفي فيه كل المرافق الشرعية، ويجب أن تكون الأجرة محققة لهذا12.
ثالثا:
المخاطرة:
المخاطرة سبب من أسباب يقره الإسلام لأنه حلال، وأساسه الإتجار بنقل البضائع من مكان إلى مكان، وهي في أخص معناها نقل الأشياء من أقليم ينتجها إلى أقليم آخر لا ينتجها، ثم اتسع معناها حتى صارت تشمل البيع والشراء في الأقليم الواحد أو في المدينة أو القرية13. والإسلام يقر هذا الأسلوب لأنه يحقق صالح المجتمع وفائدة أبنائه ويلبي حاجاتهم إلى السلع، وهو يعلو بعلو العمل وبقدر المخاطرة المتحققة مخاطر الطريق والتعرض للخسارة أو لفساد البضائع أو نقصها بفعل المؤثرات الجوية
…
وقد شجع النبي -صلي الله عليه وسلم- البضائع من قطر إلى
قطر حيث قال عليه السلام: "الجالب مرزوق والمحتكر خاطئ" والجلب يعني الاستيراد بلغة العصر.
وإذا كان الإسلام قد أباح التجارة، فلأنها تشبع حاجة الناس دون أكل لأموال الناس بالباطل. لأنها تحقق التعاون والتكافل الاجتماعي بين البشر فهي تتيح فرص كتبادل الخيرات بين الأقاليم والدول كما تتيح فرص الاتصال الثقافي والتعارف ذلك التعارف الذي يحقق منافع اجتماعية واقتصادية متبادلة بين الناس.
ويضع الإسلام مجموعة من الضوابط للتجارة الشريفة أهمها التراضي بين البائع والمشتري في البيع والشراء وتحديد الثمن حرصًا على حرية التبادل. ولهذا حرم الإسلام الاحتكار، فقد روى ابن عمر أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال:"الجالب مرزوق والمحتكر محروم، ومن احتكر على المسلمين طعامًا ضربه الله بالإفلاس والجذام" وروى أبو سلمة أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "من احتكر يريد أن يغالي المسلمين فهو خاطئ، وقد برئ من ذمة الله" وأهم أسباب تحريم الاحتكار في الإسلام هي:
أولا: الإضرار بمصالح الناس حيث تحبس سلعة يحتاج إليها المسلمون حتى وقت الحاجة الشديدة إليها وخلو السوق منها لا يكون الثمن متعادلا مع قيمة السلعة المحتكرة، وهذا ما يجعل الاحتكار يقوم على الاضطرار من جانب المشتري فيفتقد شرط الرضا في التجارة الشريفة.
ثانيا: الكسب في حالة الاحتكار يتحقق بالانتظار، وهو كسب حرام فهو كسب يشبه الربا.
والأحاديث كثيرة في تحريم الاحتكار بغض النظر عن نوعية السلع -ما دام أن حبس السلع يضر بالناس
…
فكبار ملاك الأرض الأثرياء الذين
ينافسون صغار المزارعين في شراء كل قطعة تظهر للبيع فلا يستطيع صغار المزارعين منافستهم -لأنها منافسة غير متكافئة- وهنا يحق لولي الأمر التدخل. وقد اشترط الكثير من الفقهاء عدة شروط حتى يتحقق الاحتكار أهمها14:
أولا: أن يكون الشيء المحتكر فائضًا عن حاجة الشخص وحاجة يمونهم سنة كاملة، لأنه يجوز للإنسان أن يدخر حاجه أهله حيث ثبت عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه كان يحبس قوت سنتهم من الطعام إن تسنى له ذلك.
ثانيا: أن يكون المحتكر ينتظر فرصة لارتفاع ثمن السلعة حتى يبيعها بأثمان فاحشة حين تشتد حاجة الناس إليها. وهنا يجد الغني سبيلا إلى شرائها وسد حاجته منها ولا يجدها الفقير أو غير الميسور.
ثالثا: أن يكون الاحتكار في وقت احتاج الناس إلى الشيء المحتكر، فلو كان الشيء أو السلع في أيدي عدد من التجار، ولكن لا يوجد ضيق عند الناس، فلا يعد ذلك احتكارًا؛ لأن السبب في المنع هو رفع الضرر عن الناس*.
وفي سبيل مواجهة المشكلات الاقتصادية في مجال المعاملات بالبيع والشراء فقد وضع الإسلام مجموعة من الضوابط أهمها:
أولا: منع الاحتكار بأن تباع السلع المحتكرة جبرًا عن صاحبها بالسعر
* ويضيف بعض الفقهاء مثل أبي حنيفة شرط رابع وهو أن تكون السلعة المحتكرة مشتراة من ذات الإقليم الذي ظهرت فيه الضائقة، أما إذا كانت مجلوبة من إقليم آخر، أو كانت إنتاجًا للمالك الذي انفرد بالملكية فإن أبا حنيفة لا يعده احتكارًا. وقد بنى رأيه على احترام الملكية الفردية وعدم التعرض لها إلا ثبت ضرر مؤكد، وهو لا يعتبر أن انفراد الشخص ببيع بضاعته المجلوبة أو التي أنتجها بالزراعة ضررًا لأن الجلب ذاته خير والإنتاج خير للجماعة، ولو أجبر الجالب على البيع بأسعار ما قبل الندرة لامتنع الناس عن الجلب أو عن الاستيراد مما يزيد في ضائقة الناس. كذلك الأمر في الإنتاج الذي يجب تشجيعه15.
المعقول أو يجبر هو على البيع -تحت تهديد العقوبة- دون استغلال.
ثانيًا: كثرة الجلب أو استيراد السلع تطبيقًا لقانون العرض والطلب الذي عرفه المسلمون قبل الغرب بعدة قرون.
وقد لجأ عمر بن الخطاب إلى الإكثار من الجلب من الأقاليم الإسلامية الخصبة خلال عام الرمادة -فقد أرسل إلى عمرو بن العاص والى مصر يقول له: "الغوث الغوث" فأجابه عمرو: "ستكون عير أولها عندك وآخرها عندى".
ثالثًا: وضع تسعيرة محددة للسلع تحدد أثمانها بشكل يحقق كسبًا محدودًا للتجار بحيث لا يظلم المالك ولا المشتري. وهناك من الفقهاء من أجاز التسعير لأنه يدفع الأذى عن الناس ويمنع الاحتكار ويمكن المستهلك من الحصول على ما يحتاجه من سلع بأجر معقول، ولأنه هو السبيل لإجبار التجار على البيع بأسعار معقولة، ولأن واجب الحاكم تأمين حاجة الناس حسبما يستطيعون وهذا لا يتحقق إلا من خلال تسعيرة السلع. ولكن هناك من الفقهاء مثل أبي حنيفة من لا يجيز التسعير لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا تسعروا فإن المسعر هو الله" ولأن التسعير يؤدي إلى اختفاء البضائع من السوق الظاهرة وظهورها في السوق الخفية السوداء. وفي هذه الحالة الأخيرة تكون المغالاة في الأسعار أشد مما يضر بالفقراء. ويذهب بعض الفقهاء إلى رأي وسط وهو التسعير علاج مؤقت مع العمل على غمر الأسواق بالسلع من خلال الجلب، لأن التسعير وحده دون جلب يؤدي إلى ظهور السوق السوداء، أما كثرة الجلب سوف تؤدي إلى كثرة العرض حتى يكون أكثر من الطلب فيتنافس التجار على البيع، كل هذا لصالح المستهلك.
ونخلص مما سبق إلى أن الإسلام أباح التجارة ورغب فيها وباركها