الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإجارة عقد لازم من الطرفين يقتضي تمليك المؤجر الأجر وتمليك المستأجر المنافع. ولا يفسخ إلا أن يجد العين معيبة تنقص بها المنفعة.
وهناك نوعان من الإجارة وهما:
أ- إجارة عين: وهي ما يمكن استيفاء المنفعة المباحة منها مع بقائهاكاستئجار الدار الصالحة للسكن -أما استئجار أرض لا تنبت للزرع أو لا ماء لها فلا يجوز. ويشترط في إجارة العين أن يعقد على نفع العين دون أجزائها، وأن ترى العين التي ستؤجر أو توصف وصفًا يحصل به المعرفة، وأن يكون المؤجر قادرًا على تسليمها، وأن تكون مشتملة على المنفعة، ومملوكة للمؤجر، أو مأذونًا له فيها. ويمكن أن تكون إجارة العين على مدة كإجارة المنزل شهرًا، كما يمكن أن تكون لمهمة أو عمل محدد كإجارة الدابة، أو السيارة للركوب إلى مكان محدد، ويشترط هنا معرفة العمل وضبطه بما يمنع الخلاف. ويلزم المؤجر مع الإطلاق كل ما يتمكن به من النفع مما جرت به عادة أو عرف.
ب- يطلق على النوع الثاني من الإجارة الأجير المشترك وهو عقد على منفعة في الذمة بالنسبة لشيء محدد وموصوف وبصفات يمكن ضبطها بالعمل أو المدة كخياطة ثوب أو صناعة أثاث
…
إلخ.
سادسًا:
الميراث:
يمكن تعريف الميراث بأنه انتقال الشيء من شخص إلى آخر سواء أكان هذا الشيء حسيًّا أو معنويًّا -يقال ورث فلان المال وورث المجد- ويراد بالميراث هنا انتقال المال من الميت إلى ورثته. وقد حددت الشريعة الإسلامية نظامًا دقيقًا للميراث يتضمن مجموعة من المعايير والقواعد والضوابط والأسس الثابتة تبين كيفية توزيع الميراث بين الورثة. ويقوم النظام الإسلامي في الميراث على مجموعة من المبادئ العامة نحددها كما يلي:
أولًا: الميراث إجباري بالنسبة للوارث والمورث:
فأحكام الميراث ثابتة لا يملك الوارث أو المورث أو القاضي أن يعدل أو يغير فيها. المورث لا يستطيع حرمان أحد الورثة من الإرث عن طريق توقيع وثيقة حرمان أو التوصية بذلك وإلا فإن الوصية بهذا المعنى لا قيمة لها لأن المال بعد الموت يعد من حق الورثة، ولا يمنع الوارث من الإرث إلا إذا توافرت أسباب معينة حددتها الشريعة. كذلك فإن الوارث لا يملك رفض الإرث لأن حصته من الإرث حق ثابت له بمقتضى الشرع ولا تتوقف على إرادته هو أو إرادة المورث المتوفى. ومن حق الشخص أن يتصرف في أمواله -بعد موته كوصية- في حدود الثلث فقط وفيما عدا الثلث فهو حق الورثة يوزع بينهم بنص القرآن الكريم.
ثانيًا: أسباب الميراث هي القرابة والزوجية:
يستحق الإنسان الإرث بسببين27.
أ- القرابة: وهي النسب الحقيقي الذي يتصل بالميت سواء من جهة الأصول أو الفروع، أو فروع أبيه أو فروع جده. وقد راعتِ الشريعة الإسلامية تقسيم المال بين الأقارب بحسب درجة القرابة ودرجة الحاجة، فالأقرب إلى الميت يحجب الأبعد
…
فالإسلام يعطي الميراث للأقرب الذي يعد شخصه امتدادًا في الوجود لشخص المورث بدون تفرقة بين الصغير والكبير. ولهذا كان الأولاد أكثر ذوي القربى حظًّا في الميراث. ويلاحظ أنه كلما كانت الحاجة أشد كان العطاء أكبر. وهذا هو سبب أن نصيب الأولاد أكثر من نصيب الأبوين لأن الأولاد وهم يستقبلون الحياة يحتاجون إلى المال أكثر من الأبوين اللذين يستدبران الحياة. وهذا هو سبب أن نصيب الذكر ضعف نصيب المرأة لأن أعباءه المالية أكثر28.
ب- عقد الزواج: حيث يرث بمقتضى هذا العقد كل من الزوج والزوجة.
فَلَوْ تَمَّ عقد الزواج وتوفي أحد الزوجين قبل الزفاف يرث الآخر. ولو طلقت المرأة من زوجها طلاقًا رجيعًّا ثم توفي عنها زوجها وهي في العدة فإنها ترث أيضًا، لأن الطلاق الرجعي لا يقطع الزوجية ولا يزيلها بخلاف الطلاق البائن.
ثالثًا: القتل مانع من الميراث:
لا يجوز في الشرع الإسلامي لمن يقتل إنسانًا أن يرث منه ولو كان أقرب الناس إليه بنص قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا يرث القاتل"، والمقصود هنا القتل العمد وليس الخطأ أو الدفاع عن النفس وإن كان بعض الفقهاء تشدد، فجعلوا جميع أنواع القتل مانعة من الإرث29.
رابعًا: اختلاف الدين يمنع من الإرث:
فاختلاف الدين مانع من التقاء الأهداف والتعاون في تنفيذ أهداف الإسلام ولهذا فلو تزوج مسلم من كتابية ثم توفي أحدهما فلا يرث الآخر منه -كما لا ترث الأم الكتابية من أولادها المسلمين لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم". كذلك فإن الردة تمنع الميراث.
خامسًا: للذكر مثل حظ الأنثيين:
وهذا أمر منطقي وواقعي لأن تكاليف الرجل أكبر وأعباءه أشد، وقد أوجب الإسلام على الرجل لصالح المرأة أمورًا كثيرة سواء في طفولتها أو شبابها أو كهولتها كالنفقات والمهور. والرجل مسئول عن زواجه وعن زوجته وأولاده وأسرته وهو مسئول عن كل محتاج من أبويه وأقاربه. ويمثل الإسلام الاتزان والوسطية عندما أعطى للمرأة حق الإرث بمقدار نصف الذكر فهو لم يحرمها تمامًا كما فعلت بعض الشرائع قبل الإسلام، ولم
يساويها بالذكر لأنها هي نفسها تقع ضمن الرجل، والدها أو زوجها.
سادسًا: المساواة بين الصغير والكبير في الميراث:
لم يفرق الإسلام بين الصغير والكبير أو بين الجنين والشاب. فالكل مع تساوي الدرجة -يأخذون مقدارًا واحدًا لا تفاوت فيه قضاء على الأحقاد والصراعات المحتملة بين الأقارب ولا يحق للزوج أو الأب أن يخص بعض الورثة- زوجات أو أبناء -بمقدار زائد عن حصته في الإرث حتى لا يكون للعواطف أثرها في تمزيق الروابط الأسرية وإثارة الأحقاد.
سابعًا: إجازة الوصية بثلث المال:
إذا كان للإنسان الحق في التصرف في ماله في أثناء حياته، فإنه بعد الموت لا يحق له أن يتصرف -بوصيته- بعد الموت إلا في حدود الثلث حتى لا يضار الورثة قال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] . ولا يجوز أن تكون الوصية لأحد الورثة لأن الله سبحانه وتعالى تولى تحديد مقادير الإرث للأقارب بما يحقق العدل بينهم فلا يجوز للإنسان تغييرها حفاظًا على حدود الله وحكمته العليا.
ثامنًا: حقوق الدائنين مقدمة على حقوق الورثة:
فلا يجوز للورثة أخذ أنصبتهم سداد جميع الديون. فسداد الديون مقدم على توزيع الإرث على مستحقيه.
تاسعًا: تبين الشريعة الورثة الدائمون الذين لا يجرى عليهم الحجب:
تضع الشريعة الإسلامية قواعد دقيقة لعملية الميراث وعمليات الحجب. فالقريب قد يرث في حالات محددة وقد يحجب من الإرث في
حالات أخرى كالجد فإنه لا يرث إلا عند عدم وجود الأب -وابن الأب لا يرث إلا عند عدم وجود الابن
…
وهناك طبقة من الأقارب لا يحجبون عن الميراث إطلاقا إلا إذا كانت هناك عوامل أخرى مانعة- كالقتل أو اختلاف الدين
…
وهم الأبناء والبنات والزوجات والأبوان -فهؤلاء يرثون في كل الأحوال لا يحجبهم أحد بخلاف الجد وأبناء الابن والإخوة وأبنائهم والأعمام وأبنائهم- فهؤلاء لا يرثون إلا عند عدم وجود من هو أقرب إلى الميت.
عاشرًا: ترث الدولة من لا وارث له:
تمثل الدولة الخزانة العامة التي ينفق منها على الصالح العام -فإذا لم يكن للميت وارث يرث ماله فإن أمواله لأقاربه غير الوارثين من ذوي الأرحام، فإن لم يكن له أحد ترد أمواله إلى بيت مال المسلمين لينتفع بها المسلمون وحتى توظف في تحقيق الخير العام لهم30.
حادي عشر:
تتجه الشريعة الإسلامية إلى توزيع الثروة بعد الوفاة لا إلى تركيزها وتجميعها في يد أو أيدي محددة كما كانت تفعل بعض الشرائع السابقة حيث تقتصر الإرث على الابن الأكبر أو على الذكور دون الإناث. ولهذا لم تجعل الشريعة الإسلامية وارثًا واحدًا ينفرد بالإرث دون غيره.
ويختلف النظام الإسلامي في مجال الميراث عن المذاهب الوضعية المتطرفة. فالماركسية تلغي الملكية أصلا وبالتالي تلغي الميراث كلية، والرأسمالية تجعل للمورث السلطان الكامل في ماله بعد وفاته- تمامًا كما أن له سلطانًا عليه في حياته. وبهذا الشكل أهمل المذهبان الأسرة وحاجاتها وحقوق الأقارب فالماركسية لم تعترف بهذه الحقوق على الإطلاق، أما الرأسمالية فقد وضعت أفراد الأسرة تحت رحمة المورث إن