المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات: - بناء المجتمع الإسلامي

[نبيل السمالوطي]

فهرس الكتاب

- ‌ال‌‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌فهرس

- ‌الفصل الأول: الأسس البنائية للمجتمع الإسلامي

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة بين المفهوم الإسلامي والمفاهيم المعارضة:

- ‌المفهوم القرآني للعقيدة:

- ‌الفكر الاجتماعي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ نفي الحرج

- ‌ قلة التكاليف

- ‌ التدرج في الأحكام

- ‌ مسايرة مصالح الناس

- ‌ تحقيق العدالة بين الناس

- ‌أهداف الشريعة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ تهذيب الإنسان بالعبادات

- ‌ إقامة العدل في الجماعة الإسلامية

- ‌المصلحة

- ‌مدخل

- ‌ مرتبة الضروريات:

- ‌ مرتبة الحاجيات:

- ‌ مرتبة التحسينات:

- ‌أسس العلاقات الاجتماعية الصالحة

- ‌العدل واجتناب الظلم

- ‌ طاعة أولياء الأمور في غير معصية:

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ التخلق بالأخلاق الإسلامية:

- ‌التربية الإسلامية الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تربية تكاملية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية متوازية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية سلوكية وعملية:

- ‌ التربية الإسلامية تجمع بين الفردية والجماعية:

- ‌ التربية الإسلامية تركز على تقوية جانب المراقبة لله:

- ‌ التربية الإسلامية تربية لفطرة الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية توجه الإنسان نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تتسم بالعالمية والشمول:

- ‌ التربية الإسلامية محافظة ومجددة:

- ‌العلاقة بين العقيدة والشريعة

- ‌مدخل

- ‌ الجوانب السلوكية التي تحدد العلاقة بين الإنسان وربه

- ‌ الجوانب السلوكية الذاتية والاجتماعية

- ‌مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: الدراسة السوسيولوجية للنظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌تعريف النظام الاجتماعي:

- ‌خصائص النظم الاجتماعية

- ‌لكل نظام وظيفة أو مجموعة من الوظائف يؤديها داخل المجتمع

- ‌ يرتبط النظام بفكرة المعايير أو القواعد الضابطة للسلوك

- ‌التزام الناس بهذه القواعد يرتبط بفكرة الجزاءات الاجتماعية

- ‌ النظام هو السلوك الاجتماعي الذي يعترف به أبناء المجتمع

- ‌ أغلب النظم تتسم بدرجة عالية من التعقيد

- ‌ الترابط الوظيفي

- ‌ لكل نظام اجتماعي مجموعة من العناصر

- ‌أنواع النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ من حيث العمومية والخصوصية:

- ‌ من حيث الاستمرار والعرضية أو الوقتية في الحدوث:

- ‌ من حيث التلقائية والتقنين:

- ‌ من حيث المشروعية وعدم المشروعية:

- ‌ من حيث الهدف:

- ‌من حيث ما إذا كان النظام أساسي أو فرعى

- ‌ النظم الاختيارية والنظم الإجبارية

- ‌ يضيف بعض العلماء

- ‌أهداف النظم الاجتماعية:

- ‌تصنيف النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ النظم الاقتصادية والحكومية:

- ‌ النظام العائلي:

- ‌ نظام الدين:

- ‌ نظام التعبيرات الجمالية والعقلية والترويح:

- ‌أهمية دراسة النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ تدخل النظم الأساسية في تكوين البناء الاجتماعي

- ‌ تكشف النظم الاجتماعية للمجتمع عن أساليبَ لمواجهة حاجاته الجماعية

- ‌ تعد دراسة النظم الاجتماعية هي الأساس الأول للدراسة المقارنة بين المجتمعات

- ‌ تعد الدراسة العلمية للنظم الاجتماعية هي الأساس الأول لمواجهة المشكلات الاجتماعية

- ‌النظم وأوزانها داخل البناء الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ التيار الماركسي الملحد

- ‌ التيار الديني أو القيمي

- ‌مصادر الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث: النظام العائلي

- ‌الأسرة

- ‌الأسرة أهميتها ووظائفها

- ‌أسس بناء الأسرة في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ التعرف:

- ‌ الرضا الكامل الذاتي من الطرفين

- ‌ الكفاءة:

- ‌ المهر:

- ‌الحقوق والواجبات الزوجية

- ‌نظام الأدوار والمراكز الاجتماعية داخل إطار العلاقات الأسرية

- ‌مدخل

- ‌ حقوق الزوجة على الزوج:

- ‌ حقوق الزوج على زوجته:

- ‌ حقوق الأولاد:

- ‌نظام المحرمات من النساء في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ المحرمات بسبب القرابة

- ‌ المحرمات بسبب المصاهرة

- ‌ المحرمات بسبب الرضاعة:

- ‌نظام التحريم على سبيل التأقيت:

- ‌النظام الإسلامي في مواجهة الخلافات والمشكلات الأسرية:

- ‌النظام الإسلامي لإنهاء العلاقات الزوجية مع محاولات العلاج:

- ‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات:

- ‌مصادر الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع: النظام التربوي

- ‌مقدمة

- ‌نماذج قرآنية للتربية:

- ‌نماذج من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام:

- ‌أهداف التربية الإسلامية:

- ‌ميادين التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌الميدان الأول تلاوة الآيات

- ‌الميدان الثاني التزكية

- ‌الميدان الثالث تعليم الكتاب

- ‌الميدان الرابع تعليم الحكمة

- ‌أهم الأسس العامة التي تقوم عليها التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تحقق النمو المتكامل المتوازن لشخصية الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية تحقق للإنسان التوازن:

- ‌ التربية الإسلامية تربية فكرية وسلوكية وعملية معا:

- ‌تجمع التربية الإسلامية بين الطابع الفردى والاجتماعي معا

- ‌التربية الإسلامية تنشيء الفرد على مراقبة الله سبحانه

- ‌ التربية الإسلامية تحافظ على فطرة الإنسان النقية وتعلي غرائزه الفطرية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية موجهة نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تربية عالمية منفتحة:

- ‌التربية الإسلامية تجمع بين المحافظة والتجديد

- ‌أساليب التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ أسلوب القدوة الصالحة:

- ‌ أسلوب الترغيب والترهيب:

- ‌ أسلوب التوجيه والموعظة الحسنة:

- ‌ أسلوب العقاب الفعلي:

- ‌ أسلوب القصة:

- ‌أسلوب التربية السلوكية باقتلاع العادات السيئة

- ‌ استخدام الأساليب الحسية:

- ‌ أسلوب النقاش والحوار

- ‌ أسلوب المحاولة والخطأ:

- ‌ أسلوب استخدام الأحداث والظروف والمواقف في مجال التعليم:

- ‌ توجيه طاقات الإنسان في مساراتها الصحيحة:

- ‌ أسلوب استثمار وقت الفراغ:

- ‌التربية الإسلامية وقضية الصحة النفسية

- ‌مدخل

- ‌ المعيار المثالي:

- ‌ المعيار الإحصائي:

- ‌ المعيار الحضاري:

- ‌ المعيار السيكولوجي أو الطبي النفسي:

- ‌ المعيار الإسلامي الصحيح:

- ‌مؤشرات الصحة النفسية بالمفهوم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ الإيمان الكامل اليقيني بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره

- ‌ التوافق الاجتماعي مع الغير:

- ‌ التوافق الذاتي:

- ‌ الشعور بالسموِّ والعزة والعلوِّ والقدرة على مواجهة الصعاب والأزمات

- ‌ الشعور بالرضا والسعادة:

- ‌ القدرة على العطاء والإنجاز والعمل:

- ‌مبادئ التعلم في النظرية التربوية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ الربط بين النظرية والتطبيق:

- ‌ مراعاة استعدادات المتعلم وقدرته الاستيعابية والإدراكية:

- ‌ تكوين الاتجاهات قبل الفهم واستيعاب المعلومات:

- ‌ تسهيل العملية التعليمية وتيسير حصولها:

- ‌التعزيز من خلال الاستفسار والمراجعة والمناقشة

- ‌مدخل

- ‌ التطور، سنة من سنن الحياة:

- ‌ التبصر في التراث وإعمال العقل وعدم التقليد الأعمي:

- ‌ الانفتاح العقلي على مختلف التجارب والخبرات البشرية

- ‌ التكامل بين العلم والإيمان:

- ‌ التكامل بين العقل والنقل أو الإيمان بالغيب ومنطق العلم:

- ‌ ضرورة أن يكون العلم موجهًا لما يرضي الله سبحانه:

- ‌ ضَرُورة العمل على نشر العلم وتعليم الناس:

- ‌ استمرارية التعلم وعدم تقيده بسن:

- ‌ إيجاد علاقة شخصية وطيدة بين المتعلم والمعلم:

- ‌نماذج من الآراء التربوية عند المسلمين

- ‌مدخل

- ‌ المستوى الفردي

- ‌ المستوى الاجتماعي العام

- ‌ المستوى الإنساني

- ‌مصادر الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس: النظام الاقتصادي

- ‌مقدمة

- ‌المنظور الإسلامي للمال أو الثروة المادية:

- ‌أساليب تحصيل الثروة والأموال

- ‌مدخل

- ‌ التجارة:

- ‌ الزراعة:

- ‌ الصناعة:

- ‌دعوة الإسلام إلي الاستثمار

- ‌مدخل

- ‌ دعوة الإسلام إلى العمل:

- ‌ تحريم الاكتناز والاستغلال:

- ‌ تحريم الاستثمار الاستغلالي:

- ‌الأسس البنائية للاقتصاد الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الاتفاق مع الطبيعية البشرية

- ‌ تحقيق التوازن بين الفرد والجماعة وبين دوافع الإنسان:

- ‌ الضوابط الاقتصادية:

- ‌ إطلاق الطاقات الاستثمارية وتشجيع النشاط الاقتصادي المنتج:

- ‌ الحيلولة دون التضخم المرضي للثروات الخاصة:

- ‌ المجتمع الإسلامي يقضي على الفقر ويعالج مشكلة الاحتياج:

- ‌نظام الملكية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌واجبات التملك

- ‌مدخل

- ‌ أداء الزكاة التي فرضها الله سبحانه:

- ‌ أداء واجبات التكافل الاجتماعي:

- ‌ضوابط الملكية الخاصة في الإسلام:

- ‌أساليب اكتساب الملكية

- ‌مدخل

- ‌ الكسب بالانتظار:

- ‌ العمل:

- ‌ المخاطرة:

- ‌ الزرع وإحياء الأرض الموات:

- ‌ العقود الناقلة للملكية:

- ‌ الميراث:

- ‌نظام المعاملات المالية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌نظام الزكاة: فلسفتها وأهدافها الاجتماعية:

- ‌علاقات العمل في الإسلام:

- ‌الواقعية الاقتصادية في الإسلام -تكافؤ الفرص وتفاوت الثروات

- ‌العدالة الاقتصادية في الإسلام:

- ‌أسلوب مواجهة الإسلام للمشكلات الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌مواجهة الإسلام لمشكلة الفقر

- ‌مدخل

- ‌ بيت مال المسلمين

- ‌ الزكاة:

- ‌ النفقات الواجبة:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة التمايز والصراع الطبقي:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة:

- ‌تحقيق الاستقلال الاقتصادي للمجتمع الإسلامي:

- ‌التوجيه الاقتصادي في الإسلام:

- ‌الوظائف الاقتصادية للدولة طبقا للنظام الاقتصادي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ حالات الاحتكار والاستغلال والإضرار:

- ‌ في حالة الربح الفاحش:

- ‌ في الحالات التي تستدعيها الضرورة:

- ‌مسئولية الدولة عن الأموال العامة:

- ‌مسئولية الدولة في مجال الضمان الاجتماعي ومعاونة الفئات المحتاجة

- ‌الملكية العامة في الإسلام وضوابطها

- ‌مدخل

- ‌ أرض الحمى:

- ‌ الأراضي الزراعية المفتوحة:

- ‌الفكر الاقتصادي في التراث الإسلامي:

- ‌مصادر الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس: قضايا التحديث والتنمية في علم الاجتماع مع طرح مدخل إسلامي مقترح

- ‌مقدمة

- ‌التحديث وارتباطه بالتصنيع:

- ‌التحديث والتغير الاجتماعي

- ‌التحديث الحضاري: شروطه، نماذجه، معوقاته

- ‌اتجاهات دراسة التحديث في الدول النامية

- ‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي

- ‌التحديث وقضية الالتزام الجماهيري بقضايا المجتمع والتنمية

- ‌نماذج من المعوقات الاستراتيجية أمام تحديث الدول النامية

- ‌التحديث والتنمية

- ‌العلاقة بينهما ومداخل الدراسة

- ‌مدخل

- ‌البعد العقائدي أو الإيديولوجي

- ‌ بعد النظم الاجتماعية:

- ‌ البعد التنظيمي:

- ‌ البعد الثقافي:

- ‌ البعد النفسي:

- ‌ بُعْد الإمكانات المتاحة:

- ‌ بُعْد المناخ الدولي أو النسق العالمي:

- ‌نحو مدخل إسلامي للتنمية

- ‌مصادر الفصل السادس

الفصل: ‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات:

الزوجين مراجعة أنفسهما للزوج ردّ زوجته، أما إذا وقع الطلاق الثالث سقط هذا الحق إلا بشرط بالغ الصعوبة من شأنه أن يجعل الزوج يعيد النظر عدة مرات في الإقدام عليه، هذا الشرط عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230] . فحتَّى فِي هذه الحالة ومع هذا الشرط الصعب، وحتى آخر مرحلة يحافظ الإسلام على إعادة التماسك والتكامل الأسري.

و من كل هذا يتضح أن الطلاق الأول والثاني في الإسلام علاج لحالات مستعصية، ويحاول من خلالها الإسلام تقديم علاج قاسٍ عندما تفشل كل وسائل العلاج الأخرى. والطلاق أمر واقع حتى في المجتمعات والشرائع التي تحرمه، وهناك الانفصال الروحي والاجتماعي مع بقاء الارتباطات القانونية أو الجسدية، وهذه ظاهرة مرضية خطيرة تهدد الأبناء والأزواج والمجتمع، وتؤدي إلى انتشار السلوك الانحرافي كالزنا والبغاء، وجناح الأحداث وتفكك العلاقات الاجتماعية. ولعل هذا هو ما جعل بعض المجتمعات الغربية تعيد النظر في قضية الطلاق والأخذ ببعض جوانب الحل الإسلامي، ذلك الحل الذي يتسم بالمواجهة الواقعة والجذرية والصحية للمشكلات الاجتماعية بشكل يحفظ على كل من الرجل والمرأة كرامتهما، وعلى المجتمع تكامله، ويحول دون ظهور الانحرافات، وإن ظهرت يواجهها مواجهة شمولية جذرية.

ص: 103

‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات:

لقد حاول بعض المستشرقين وبعض الكتاب تشويه صورة النظام الأسري الإسلامي بالكثير من الدعاوي الباطلة حول الطلاق وتعدد

ص: 103

الزوجات، وقد عرضنا الأسلوب الإسلامي في إنهاء العلاقات الزوجية ومقتضياته وكيف أنه حل صحي وواقعي يتفق مع فطرة الإنسان، وهو حل لجَأَتْ إليه الدول غير الإسلامية عندما لم تجد حلًّا غيره. أما عن قضية تعدد الزوجات فقد أباحها الإسلام كحق للرجل، لحكمة تقتضي استخدام هذا الحق مع وضع شروط يجب تحقيقها. قال تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَاّ تَعُولُوا} [النساء: 3] . وجاء في نفس السورة قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 129] .

والواقع أن الإسلام لم يستحدث نظام الزواج ولا نظام التعدد وإنما شرع ما يحقق الوسطية وتجنب الانحراف والميل وما يتفق مع الطبيعة الإنسانية في فطرتها السليمة. فقد كان هناك زواج وهناك تعدد وأباحته كثير من الشرائع السماوية كما يحدثنا التاريخ عن سيدنا إبراهيم ويعقوب وداود وسليمان وغيرهم من الأنبياء والمرسلين. وقد كان التعدد شائعًا في الجاهلية إلى غير ما عدد. وكان التعدد شائعًا في أوروبا حتى عهد شرلمان الذي كان متزوجًا بأكثر من واحدة، ثم أشار رجال الدين في ذلك الوقت على المتزوجين بأكثر من واحدة أن يخصصوا منهن واحدة كزوجة ويطلق على غيرها اسم "خدن". وهذا الاسم الأخير هو ما يطلق عليه الآن الخليلة أو الصديقة أو المعشوقة

وهي نظم تعرفها بعض الدول الغربية، ويحق للشخص أن يمارس معهن الجنس، وهي صورة مسرفة من الانحراف عن الفطرة السليمة. فالتعدد عند مثل هذه الدول ممنوعٌ من خلال الارتباط الشريف، مباحٌ من خلال العلاقات غير الشرعية. وهذا يعني تحريم الممارسة المشروعة للجنس وإباحتها من خلال الوسائل غير المشروعة عن طريق الاختلاط المحرم تحت زعم الحريات الشخصية.

ص: 104

وقد تعرض موضوع تعدد الزوجات لهجوم زائف على الإسلام، وقد كانت نقطة الانطلاق في الهجوم الفهم الخاطئ للإسلام أو محاولة التشوية المتعمد للإسلام، مع إعطاء أمثلة من الممارسات السيئة لحق الرجال في التعدد، تلك الممارسات التي قد تبتعد عن الصورة الإسلامية الصحيحة التي استهدفتها الشريعة. والواقع أن قضية التعدد كثيرًا ما تكون في صالح المرأة وتكريمًا لها ولأولادها. فإذا ما كان الزوج يرى في زواجه بواحدة إشباعًا لحاجاته الجسمية وحاجاته النفسية وحاجاته إلى الولد والمودة والرحمة والسكن قضي الأمر، لكن في بعض الحالات تعجز الزوجة الأولى عن الوفاء بكل حاجات الزوج -سواء الجسمية "الغريزية" أو النفسية "لا يجد معها إشباعاته النفسية"- أو حاجاته إلى الولد والذرية الصالحة إما بسبب المرض أو العجز أو سوء الخلق والمعاملة

إلخ. هنا يكون التعدد يقينًا لصالح المرأة -الزوجة الأولى- حيث يبقي عليها مع البحث عن إشباع حاجاته من خلال الزواج الثاني. يضاف إلى هذا الحاجة النفسية لدى الرجل للتعدد وهنا بدلًا من أن يتصل الرجل - إشباعًا لحاجاته النفسية والجسمية- بالنساء بشكل غير مشروع أباح له الإسلام حق التزوج ثانية ليعصم نفسه من الانحراف والزلل. والتعدد ظاهرة شائعة في العالم كله- حتى في البلاد التي تحرمه قانونًا- والفرق أن بعض الرجال هناك يمارسونه فعلًا بشكل غير مشروع، أما الإسلام فإنه يبيحه بشكل مشروع وبشروط معينة بكل ما يترتب عليه من حقوق مشروعة للزوجة والأبناء- مع الاحتفاظ للزوجة الأولى بكرامتها وحقوقها كاملة- وقيل في تفسير التعدد: إنه يتفق مع طبيعة القدرة الجنسية عند الرجل والمرأة، فقدرة الرجل متصلة، أما المرأة فتتعرض لفترات يحرم ممارسة الجنس معها، وتنعدم خلالها قابليتها. كفترات الحيض والحمل والوضع والنفاس، هذا إلى جانب أن قابليتها للممارسة تقل أو تنعدم بعد بلوغ سن معينة. وهناك من الرجال ما لا يحتمل الانقطاع- هنا وحتى يحمي الرجل نفسه من الانحراف لا بأس من استخدام حقه في التعدد- يضاف إلى هذا- أي حق الرجل-

ص: 105

فقد يمر المجتمع بظروف تختل فيها نسبة الإناث إلى الرجال بسبب ما يتعرض له الرجال من ظروف شاقة في العمل ومن إبادة في الحروب، هنا بدلًا من لجوء النساء -اللائي لا يجدن زواجًا- للانحراف يكون العلاج في التعدد.

وإذا كان التعدد ظاهرة تاريخية ومعاصرة لم يخل منها مجتمع -سواء بشكل مشروع أو غير مشروع- فإن الإسلام وضع لها ضوابط وقواعد تجعل منه علاجًا لمشكلة أو وقاية من انحراف. هذه الضوابط تتمثل في أمرين أساسيين هما:

أ- وضع حدٍ أعلى للتعدد يكفل حاجة الرجل بشكل يتخطى الفترات التي تنعدم فيها قابلية المرأة.

ب- أوجبت على الرجل أن يعدل في مطالب الحياة بين هذه الزوجات تحقيقًا للهدوء والاطمئنان وتجنبًا للظلم والميل والانحراف: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: 129] . وليس معنى هذا تحريم التعدد لكن إباحته بشرط تحقيق العدالة بين الزوجات بمعنى ألا يميل الزوج إلى إحداهن كل الميل بحيث يترك الثانية كالمعلقة. وفي ظل هذا المبدأ عدد النبي -صلي الله عليه وسلم- زوجاته وعدد الأصحاب والتابعون زوجاتهم17.

وتتضح عظمة وواقعية الإسلام في أن كثيرًا من المجتمعات تحاول مراجعة تشريعاتها اليوم للاستفادة بالحلول الإسلامية، ذلك لأن منع التعدد أدى إلى الكثير من الظواهر الانحرافية -في المجتمعات الغربية- منها البغاء وارتفاع نسبة اللقطاء وتفكك العلاقات، وانتشار الأمراض النفسية والجنسية. مثال هذا أنه في مؤتمر عقد في فرنسا سنة 1901- لمواجهة انتشار الفسق -وجد أن عدد اللقطاء المودعين في ملاجئ في إحدى المقاطعات "السين" وحدها والذين يتلقون معاشهم على

ص: 106

نفقة المقاطعة بلغ 50.000 لقيط، علما أن اللقطاء من الإناث يمارسون الرذيلة "البغاء"، ومن الذكور -يمارسون الجنسية المثلية.

وقد دعا بعض المصلحين الغربيين -من غير المسلمين- إلى ضرورة الأخذ بفكرة إباحة التعدد مثل "توماس" للقضاء على العديد من الظواهر الانحرافية السائدة في بريطانيا -كالبغاء وكثرة اللقطاء والأمراض الجنسية- يقول تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24] . ويقول تعالى: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25] . فالإسلام لا ينهى عن التعدد لكنه ينهى عن السفاح والمخادنة والبغاء. وإذا كان بعض الرجال يسيئون استخدام هذا الحق -لا يراعون في هذا حقًّا ولا خلقًا- فإن مثل هذا الاستهتار محرم في الإسلام. ومن حق ولاة الأمور التصدي لهذا الاستهتار.

ص: 107