المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي - بناء المجتمع الإسلامي

[نبيل السمالوطي]

فهرس الكتاب

- ‌ال‌‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌فهرس

- ‌الفصل الأول: الأسس البنائية للمجتمع الإسلامي

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة بين المفهوم الإسلامي والمفاهيم المعارضة:

- ‌المفهوم القرآني للعقيدة:

- ‌الفكر الاجتماعي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ نفي الحرج

- ‌ قلة التكاليف

- ‌ التدرج في الأحكام

- ‌ مسايرة مصالح الناس

- ‌ تحقيق العدالة بين الناس

- ‌أهداف الشريعة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ تهذيب الإنسان بالعبادات

- ‌ إقامة العدل في الجماعة الإسلامية

- ‌المصلحة

- ‌مدخل

- ‌ مرتبة الضروريات:

- ‌ مرتبة الحاجيات:

- ‌ مرتبة التحسينات:

- ‌أسس العلاقات الاجتماعية الصالحة

- ‌العدل واجتناب الظلم

- ‌ طاعة أولياء الأمور في غير معصية:

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ التخلق بالأخلاق الإسلامية:

- ‌التربية الإسلامية الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تربية تكاملية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية متوازية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية سلوكية وعملية:

- ‌ التربية الإسلامية تجمع بين الفردية والجماعية:

- ‌ التربية الإسلامية تركز على تقوية جانب المراقبة لله:

- ‌ التربية الإسلامية تربية لفطرة الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية توجه الإنسان نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تتسم بالعالمية والشمول:

- ‌ التربية الإسلامية محافظة ومجددة:

- ‌العلاقة بين العقيدة والشريعة

- ‌مدخل

- ‌ الجوانب السلوكية التي تحدد العلاقة بين الإنسان وربه

- ‌ الجوانب السلوكية الذاتية والاجتماعية

- ‌مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: الدراسة السوسيولوجية للنظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌تعريف النظام الاجتماعي:

- ‌خصائص النظم الاجتماعية

- ‌لكل نظام وظيفة أو مجموعة من الوظائف يؤديها داخل المجتمع

- ‌ يرتبط النظام بفكرة المعايير أو القواعد الضابطة للسلوك

- ‌التزام الناس بهذه القواعد يرتبط بفكرة الجزاءات الاجتماعية

- ‌ النظام هو السلوك الاجتماعي الذي يعترف به أبناء المجتمع

- ‌ أغلب النظم تتسم بدرجة عالية من التعقيد

- ‌ الترابط الوظيفي

- ‌ لكل نظام اجتماعي مجموعة من العناصر

- ‌أنواع النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ من حيث العمومية والخصوصية:

- ‌ من حيث الاستمرار والعرضية أو الوقتية في الحدوث:

- ‌ من حيث التلقائية والتقنين:

- ‌ من حيث المشروعية وعدم المشروعية:

- ‌ من حيث الهدف:

- ‌من حيث ما إذا كان النظام أساسي أو فرعى

- ‌ النظم الاختيارية والنظم الإجبارية

- ‌ يضيف بعض العلماء

- ‌أهداف النظم الاجتماعية:

- ‌تصنيف النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ النظم الاقتصادية والحكومية:

- ‌ النظام العائلي:

- ‌ نظام الدين:

- ‌ نظام التعبيرات الجمالية والعقلية والترويح:

- ‌أهمية دراسة النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ تدخل النظم الأساسية في تكوين البناء الاجتماعي

- ‌ تكشف النظم الاجتماعية للمجتمع عن أساليبَ لمواجهة حاجاته الجماعية

- ‌ تعد دراسة النظم الاجتماعية هي الأساس الأول للدراسة المقارنة بين المجتمعات

- ‌ تعد الدراسة العلمية للنظم الاجتماعية هي الأساس الأول لمواجهة المشكلات الاجتماعية

- ‌النظم وأوزانها داخل البناء الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ التيار الماركسي الملحد

- ‌ التيار الديني أو القيمي

- ‌مصادر الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث: النظام العائلي

- ‌الأسرة

- ‌الأسرة أهميتها ووظائفها

- ‌أسس بناء الأسرة في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ التعرف:

- ‌ الرضا الكامل الذاتي من الطرفين

- ‌ الكفاءة:

- ‌ المهر:

- ‌الحقوق والواجبات الزوجية

- ‌نظام الأدوار والمراكز الاجتماعية داخل إطار العلاقات الأسرية

- ‌مدخل

- ‌ حقوق الزوجة على الزوج:

- ‌ حقوق الزوج على زوجته:

- ‌ حقوق الأولاد:

- ‌نظام المحرمات من النساء في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ المحرمات بسبب القرابة

- ‌ المحرمات بسبب المصاهرة

- ‌ المحرمات بسبب الرضاعة:

- ‌نظام التحريم على سبيل التأقيت:

- ‌النظام الإسلامي في مواجهة الخلافات والمشكلات الأسرية:

- ‌النظام الإسلامي لإنهاء العلاقات الزوجية مع محاولات العلاج:

- ‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات:

- ‌مصادر الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع: النظام التربوي

- ‌مقدمة

- ‌نماذج قرآنية للتربية:

- ‌نماذج من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام:

- ‌أهداف التربية الإسلامية:

- ‌ميادين التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌الميدان الأول تلاوة الآيات

- ‌الميدان الثاني التزكية

- ‌الميدان الثالث تعليم الكتاب

- ‌الميدان الرابع تعليم الحكمة

- ‌أهم الأسس العامة التي تقوم عليها التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تحقق النمو المتكامل المتوازن لشخصية الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية تحقق للإنسان التوازن:

- ‌ التربية الإسلامية تربية فكرية وسلوكية وعملية معا:

- ‌تجمع التربية الإسلامية بين الطابع الفردى والاجتماعي معا

- ‌التربية الإسلامية تنشيء الفرد على مراقبة الله سبحانه

- ‌ التربية الإسلامية تحافظ على فطرة الإنسان النقية وتعلي غرائزه الفطرية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية موجهة نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تربية عالمية منفتحة:

- ‌التربية الإسلامية تجمع بين المحافظة والتجديد

- ‌أساليب التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ أسلوب القدوة الصالحة:

- ‌ أسلوب الترغيب والترهيب:

- ‌ أسلوب التوجيه والموعظة الحسنة:

- ‌ أسلوب العقاب الفعلي:

- ‌ أسلوب القصة:

- ‌أسلوب التربية السلوكية باقتلاع العادات السيئة

- ‌ استخدام الأساليب الحسية:

- ‌ أسلوب النقاش والحوار

- ‌ أسلوب المحاولة والخطأ:

- ‌ أسلوب استخدام الأحداث والظروف والمواقف في مجال التعليم:

- ‌ توجيه طاقات الإنسان في مساراتها الصحيحة:

- ‌ أسلوب استثمار وقت الفراغ:

- ‌التربية الإسلامية وقضية الصحة النفسية

- ‌مدخل

- ‌ المعيار المثالي:

- ‌ المعيار الإحصائي:

- ‌ المعيار الحضاري:

- ‌ المعيار السيكولوجي أو الطبي النفسي:

- ‌ المعيار الإسلامي الصحيح:

- ‌مؤشرات الصحة النفسية بالمفهوم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ الإيمان الكامل اليقيني بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره

- ‌ التوافق الاجتماعي مع الغير:

- ‌ التوافق الذاتي:

- ‌ الشعور بالسموِّ والعزة والعلوِّ والقدرة على مواجهة الصعاب والأزمات

- ‌ الشعور بالرضا والسعادة:

- ‌ القدرة على العطاء والإنجاز والعمل:

- ‌مبادئ التعلم في النظرية التربوية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ الربط بين النظرية والتطبيق:

- ‌ مراعاة استعدادات المتعلم وقدرته الاستيعابية والإدراكية:

- ‌ تكوين الاتجاهات قبل الفهم واستيعاب المعلومات:

- ‌ تسهيل العملية التعليمية وتيسير حصولها:

- ‌التعزيز من خلال الاستفسار والمراجعة والمناقشة

- ‌مدخل

- ‌ التطور، سنة من سنن الحياة:

- ‌ التبصر في التراث وإعمال العقل وعدم التقليد الأعمي:

- ‌ الانفتاح العقلي على مختلف التجارب والخبرات البشرية

- ‌ التكامل بين العلم والإيمان:

- ‌ التكامل بين العقل والنقل أو الإيمان بالغيب ومنطق العلم:

- ‌ ضرورة أن يكون العلم موجهًا لما يرضي الله سبحانه:

- ‌ ضَرُورة العمل على نشر العلم وتعليم الناس:

- ‌ استمرارية التعلم وعدم تقيده بسن:

- ‌ إيجاد علاقة شخصية وطيدة بين المتعلم والمعلم:

- ‌نماذج من الآراء التربوية عند المسلمين

- ‌مدخل

- ‌ المستوى الفردي

- ‌ المستوى الاجتماعي العام

- ‌ المستوى الإنساني

- ‌مصادر الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس: النظام الاقتصادي

- ‌مقدمة

- ‌المنظور الإسلامي للمال أو الثروة المادية:

- ‌أساليب تحصيل الثروة والأموال

- ‌مدخل

- ‌ التجارة:

- ‌ الزراعة:

- ‌ الصناعة:

- ‌دعوة الإسلام إلي الاستثمار

- ‌مدخل

- ‌ دعوة الإسلام إلى العمل:

- ‌ تحريم الاكتناز والاستغلال:

- ‌ تحريم الاستثمار الاستغلالي:

- ‌الأسس البنائية للاقتصاد الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الاتفاق مع الطبيعية البشرية

- ‌ تحقيق التوازن بين الفرد والجماعة وبين دوافع الإنسان:

- ‌ الضوابط الاقتصادية:

- ‌ إطلاق الطاقات الاستثمارية وتشجيع النشاط الاقتصادي المنتج:

- ‌ الحيلولة دون التضخم المرضي للثروات الخاصة:

- ‌ المجتمع الإسلامي يقضي على الفقر ويعالج مشكلة الاحتياج:

- ‌نظام الملكية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌واجبات التملك

- ‌مدخل

- ‌ أداء الزكاة التي فرضها الله سبحانه:

- ‌ أداء واجبات التكافل الاجتماعي:

- ‌ضوابط الملكية الخاصة في الإسلام:

- ‌أساليب اكتساب الملكية

- ‌مدخل

- ‌ الكسب بالانتظار:

- ‌ العمل:

- ‌ المخاطرة:

- ‌ الزرع وإحياء الأرض الموات:

- ‌ العقود الناقلة للملكية:

- ‌ الميراث:

- ‌نظام المعاملات المالية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌نظام الزكاة: فلسفتها وأهدافها الاجتماعية:

- ‌علاقات العمل في الإسلام:

- ‌الواقعية الاقتصادية في الإسلام -تكافؤ الفرص وتفاوت الثروات

- ‌العدالة الاقتصادية في الإسلام:

- ‌أسلوب مواجهة الإسلام للمشكلات الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌مواجهة الإسلام لمشكلة الفقر

- ‌مدخل

- ‌ بيت مال المسلمين

- ‌ الزكاة:

- ‌ النفقات الواجبة:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة التمايز والصراع الطبقي:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة:

- ‌تحقيق الاستقلال الاقتصادي للمجتمع الإسلامي:

- ‌التوجيه الاقتصادي في الإسلام:

- ‌الوظائف الاقتصادية للدولة طبقا للنظام الاقتصادي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ حالات الاحتكار والاستغلال والإضرار:

- ‌ في حالة الربح الفاحش:

- ‌ في الحالات التي تستدعيها الضرورة:

- ‌مسئولية الدولة عن الأموال العامة:

- ‌مسئولية الدولة في مجال الضمان الاجتماعي ومعاونة الفئات المحتاجة

- ‌الملكية العامة في الإسلام وضوابطها

- ‌مدخل

- ‌ أرض الحمى:

- ‌ الأراضي الزراعية المفتوحة:

- ‌الفكر الاقتصادي في التراث الإسلامي:

- ‌مصادر الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس: قضايا التحديث والتنمية في علم الاجتماع مع طرح مدخل إسلامي مقترح

- ‌مقدمة

- ‌التحديث وارتباطه بالتصنيع:

- ‌التحديث والتغير الاجتماعي

- ‌التحديث الحضاري: شروطه، نماذجه، معوقاته

- ‌اتجاهات دراسة التحديث في الدول النامية

- ‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي

- ‌التحديث وقضية الالتزام الجماهيري بقضايا المجتمع والتنمية

- ‌نماذج من المعوقات الاستراتيجية أمام تحديث الدول النامية

- ‌التحديث والتنمية

- ‌العلاقة بينهما ومداخل الدراسة

- ‌مدخل

- ‌البعد العقائدي أو الإيديولوجي

- ‌ بعد النظم الاجتماعية:

- ‌ البعد التنظيمي:

- ‌ البعد الثقافي:

- ‌ البعد النفسي:

- ‌ بُعْد الإمكانات المتاحة:

- ‌ بُعْد المناخ الدولي أو النسق العالمي:

- ‌نحو مدخل إسلامي للتنمية

- ‌مصادر الفصل السادس

الفصل: ‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي

جعل لجنة التنمية الدولية توصي بضرورة قيام الدول الصناعية بتخصيص 1% من ناتجها القومي العام* G.N.P للدولة منخفضة الدخل من أجل تيسير عملية التنمية داخلها19. وفي سنة 1968 خصصت كل من فرنسا والبرتغال حوالي 0.68% من ناتجها القومي للمعونات، وخصصت الدول الغربية الأخرى نسبًا أقل وكان ترتيب الولايات المتحدة التاسع حيث خصصت 0.41% فقط من ناتجها القومي20.

* Commision of international development

ص: 304

‌اتجاهات دراسة التحديث في الدول النامية

‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي

اتجاهات دراسة التحديث في المجتمعات النامية

-تحديث البناء الاجتماعي- التحديث الفردي

وإذا كانت العوامل الاقتصادية "توافر رأس المال والتراكم الرأسمالي والعملات الصعبة وكم وكيف المواد المصدرة والهياكل الأساسية والمستوى التكنولوجي المستخدم ونوعية الصناعات" تلعب دورًا مهمًّا في عمليات التنمية، فإن هذا لا يعني أن قضية التحديث قضية اقتصادية خالصة. فالعوامل غير الاقتصادية -الاجتماعية والسياسية التربوية والنفسية.. تحتل الدرجة نفسها من الأهمية. وهناك شبه اتفاق بين الدارسين على أهمية العوامل التي أوردها "روستو" في هذا الصدد مثل: ضرورة توافر صفوة حديثة تقود عمليات التحديث Modernizing elite وارتفاع مستوى الطموح لدى الجماهير، وانتشار التعليم العام الفني، والتنمية السياسية في مجال الحكم والمشاركة والسلوك السياسي

وهذا يعني أن التحديث له جانبان -جانب بنائي- Structural وجانب فردي سيكولوجي اجتماعي Social Psychological وبالنسبة للعوامل البنائية التي تتعلق بطبيعة النظم والتنظيمات والوحدات الاجتماعية التي تتسم بالاستمرار النسبي -كالجماعات القرابية والسياسية والاقتصادية.. وأساليب

ص: 304

الضبط وطبيعة الأدوار الاجتماعية والبناء الطبقي أو التدرج الاجتماعي السائد، وموجهات السلوك كالمعتقدات والقيم والتصورات

نجد أن التحديث بكل أشكاله يمكن أن يتعثر في ظل سيادة نظم اقتصادية معينة -مثل نظم معينة للحيازة الزراعية- أو نظم سياسة معينة أو نظم معينة للتدرج الاجتماعي مثل النظام الطائفي. ويرتبط التحديث بطبيعة العلاقات الاجتماعية وموجهات السلوك العقائدية والقيمية، كما يرتبط بطبيعة التنظيمات الطوعية السائدة ومدى تطبيق نظم مركزية أو لا مركزية، ومدى تطبيق نظام الاقتصاد الحر والأخذ بفكرة الحوافز الفردية ونظام الملكية السائد. يضاف إلى هذا ارتباط التحديث بنوعية الصفوات التي تتبنى التحديث سواء كانت الصفوات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية من حيث طبيعة انتماءاتها الإيديولوجية والطبقية والاجتماعية، ومدى تمتعها بالقدرات الكارزمية التي تحدث عنها "ماكس فيبر" M. Weber وإلى جانب هذه المتغيرات البنائية الأساسية فإن عملية التحديث تتوقف بشكل مباشر على طبيعة الجهاز البيروقراطي للدولة من حيث درجة استقراره Stability وكفايته Efficiiency وفعاليته Effectiveness ونوعية الكوادر الإدارية العليا التي ترسم له خططه وأهدافه21

ومن ضمن العوامل البنائية الأساسية التي تحكم حركة التحديث داخل المجتمعات النامية -قضية الصراعات والانقسامات البنائية للجماعات المكونة للمجتمع- فهناك مجتمعات تشيع داخلها الصراعات الداخلية بين وحداتها البنائية -مثل بعض المجتمعات الأفريقية- وهذا أمر معوق للتحديث أو التنمية22.

ويشير أنصار الاتجاه الوظيفي إلى أن التحديث الحضاري هو في واقع الأمر إحداث تحولات في بعض الأبعاد البنائية أو في وظائف النظم والجماعات والعلاقات داخل المجتمع. ويذهب "تالكوت بارسونز" T. Parsons في دراسة له حول "بناء الفعل الاجتماعي"* إلى أن التغير الاجتماعي يرتبط بالتباين البنائي. وقد استخدم هذا المفهوم عند تحليله

* The structure of Social System

ص: 305

للنظم الاقتصادية والتنظيمات البيروقراطية في علاقتها بالنسق الاجتماعي العام -وقد طبق هذه الأفكار عند دراسة التغيرات البنائية في المجتمع الأمريكي بشكل عام، والأسرة الأمريكية بشكل خاص- ويركز بعض الدارسين على عوامل ينظرون إليها بوصفها عوامل بنائية استراتيجية لانطلاق عمليات التحديث، مثال هذا ما يطلق عليه "كارل دويتش" K. Duetsch التعبئة الاجتماعية Mobilization بوصفها مدخلًا للتنمية السياسية وهذا هو عنوان مقالته التعبئة والتنمية السياسية23. وهو يعرف التعبئة بأنها العملية التي تتحطم فيها جميع الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية القديمة، ويصبح الناس على استعداد لتقبل أنماط جديدة من التنشئة الاجتماعية ومن السلوك وأشار إلى أنه إلى جانب هذا المتغير المحوري هناك عوامل أخرى تسهم في حدوث التحديث مثل التعرض للعناصر الحديثة كالأجهزة والمباني والمنتجات الاستهلاكية والتعرض لوسائل الاتصال الجماهيري ولمختلف عمليات التحضر، وتطوير التعليم وحدوث حراك مهني وارتفاع الدخل. وإلى جانب هذه العوامل فإن التحديث يفترض حدوث تحولات في النظم الاجتماعية بحيث تصبح قادرة على التوافق واستيعاب التغيرات القادمة. والتحول أو التغير هنا يتسم بالغائبة بمعنى أنه يستهدف تحقيق هدف مرسوم مقدمًا.

ويجب التنبيه هنا إلى نقطة مهمة هي أن تغير النظم لا يعني أن التحديث يحقق إحداث تحولات جذرية في كل نظم المجتمع، فالتحديث في المجتمعات الإسلامية يتم في إطار التمسك بالنظام العقائدي والقيمي والسلوك الديني، كما أن التحديث في اليابان تم في إطار النظم والقيم التقليدية في المجال الأسري والقيمي والعقائدي وبعض النماذج السلوكية التقليدية. وهذا يثير نقطة أخرى أن الحداثة المادية لا تتعارض في كل الحالات مع التقليدية القيمية بحيث يمكن أن يتعايشا معًا. فالحرص على مواعيد الزراعة والري ومقاومة الآفات والقيام مبكرًا لأداء الأعمال في المجتمعات الريفية، والحرص على أداء الصلاة في مواعيدها في المجتمع

ص: 306

المسلم أو لدى المسلمين. وحرص المسلم على مراقبة الله في السر والعلن وعلى قيم الحق والعدل والأخوة والإخلاص والتكافل الاجتماعي وإفشاء السلام والسعي لكسب الرزق بالحلال والإحسان إلى الجار

إلخ، كل هذه الأمور هي من صميم التحديث والتنمية، وهي من صميم المعتقدات الإسلامية في الوقت نفسه. والواقع أنه لا يوجد مجتمع تقليدي 100% ولا مجتمع حديث 100% حيث غالبًا ما تجتمع التقليدية والحداثة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة. وغالبًا ما يكون للتحديث جوانب سلبية تنال من الجوانب الإيجابية للمجتمع التقليدي -ترابط الأسرة- الاستقرار النفسي -صلات الرحم- رعاية الآباء للأبناء، القناعة والرضى النفسي

إلخ- وهذا يعني أن التمايز البنائي أو الانتقال من التجانس إلى اللاتجانس والحراك الاجتماعي وإن كانا ضرورة من ضرورات التحديث إلا أنه يؤدي إلى الكثير من السلبيات التي تخلو منها المجتمعات التقليدية إلى حد كبير.

وإذا كانت مسارات التحديث مختلفة وليست كما يذهب "شلز" الذي يقصرها على الصياغة الغربية للمجتمعات، فإنه يمكن أن تتعايش التقليدية مع التحديث بأشكال مختلفة -كما حدث في تجربة التنمية في المجتمعات الإسلامية وكما حدث في التجربة اليابانية. وكما حدث في التجربة السوفيتية التي ينظر إليها "شلز" بوصفها تحديثًا مشوهًا. وإذا كان بعض الدارسين حاولوا إيجاد العلاقة بين المتغيرات خلال عملية التحديث مثل العلاقة بين التصنيع والأسرة أو التحضر والقيم، أو التعليم والسلوك أو التصنيع والتحضر من جهة وبين جانب الضبط الاجتماعي من جهة أخرى.. فإن هذه المحاولات ونظرًا لاختلاف نماذج التحديث واختلاف مساراته. كذلك فقد كانت المنطلقات التاريخية للتحديث مختلفة، فقد بدأت عمليات التحديث في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الْأُسْكُنْدِنَافِيَّة على يد جماعات نشطة في المجال الاقتصادي والثقافي وبدرجة أقل في المجال السياسي، الأمر الذي جعل جماهير هذه المجتمعات تنخرط في الأنشطة

ص: 307

الاقتصاد قبل السياسة بمدة طويلة. وعلى العكس من ذلك فإن دول أوروبا الوسطى والشرقية والدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بدأت التحديث من منطلقات سياسية تتمثل في الحصول على الاستقلال أو الثوارت الوطنية، والتطلعات الوطنية للحاق بالمستويات المعيشية في الدول المتقدمة ودعم استقلالها السياسي بمضمون اقتصادي واجتماعي. وقد تم ذلك على مستوى الجماعات الصغيرة الواعية أو الصفوات أولًا ثم على مستوى الجماهير بعد ذلك. وهذا وغيره من العوامل هو الذي يفسر اختلاط الأنماط البنائية في عملية التحديث بين مختلف المجتمعات24. وخلاصة الأمر بالنسبة للاتجاه البنائي في دراسة عمليات التحديث أن هذه العمليات تتطلب إحداث تغيرات في التشكيل البنائي للمجتمع، أي تغيير بعض المكونات البنائية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث سلسلة متتابعة من المتغيرات الاجتماعية والثقافية. وهذا يعني بشكل آخر أن هناك ظروفًا بنائية Structural conditions تسهم في حدوث التنمية وظروفًا أخرى تعوق التنمية وهناك ظروفٌ بنائية تدعم التحديث وإن اتسمت بانعدام عدالة التوزيع والعكس ممكن.

وفي الاتجاه المقابل نجد أنصار فكرة التحديث الضروري الذين يرون أن نقطة الانطلاق هي من حيث معتقداته وقيمه واتجاهاته وسلوكياته، وهذه يجب أن توجه في الاتجاه الذي يخدم عمليات التنمية. والواقع أن العوامل الاجتماعية والنفسية ترتبط في عمليات التحديث بالعوامل البنائية. فهذه العوامل البنائية تؤثر في الترتيبات البنائية Inistittutional arrangment، وهذه الترتيبات البنائية النظامية ترتبط بدورها بالقيم والعقائد ومختلف الموجهات السلوكية القائمة وتتفاعل معها سلبًا وإيجابًا. وإذا كانت العوامل السيكو- اجتماعية هي إفراز للواقع البنائي والنظامي للمجتمع فإنها قادرة على تحريك هذا الواقع وتغييره. في حالة تغيرها سواء بشكل تلقائي أو مخطط بفعل عوامل داخلية أو خارجية. وهنا تظهر مشكلة التفاعل والدعم المتبادل بين العوامل الاجتماعية والنفسية والواقع البنائي، وهي ما يطلق عليها الحلقات المفرغة الخبيثة. وهذه هي المشكلة التي يشير إليها "لوير" عندما

ص: 308