المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحقوق والواجبات الزوجية - بناء المجتمع الإسلامي

[نبيل السمالوطي]

فهرس الكتاب

- ‌ال‌‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌فهرس

- ‌الفصل الأول: الأسس البنائية للمجتمع الإسلامي

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة بين المفهوم الإسلامي والمفاهيم المعارضة:

- ‌المفهوم القرآني للعقيدة:

- ‌الفكر الاجتماعي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ نفي الحرج

- ‌ قلة التكاليف

- ‌ التدرج في الأحكام

- ‌ مسايرة مصالح الناس

- ‌ تحقيق العدالة بين الناس

- ‌أهداف الشريعة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ تهذيب الإنسان بالعبادات

- ‌ إقامة العدل في الجماعة الإسلامية

- ‌المصلحة

- ‌مدخل

- ‌ مرتبة الضروريات:

- ‌ مرتبة الحاجيات:

- ‌ مرتبة التحسينات:

- ‌أسس العلاقات الاجتماعية الصالحة

- ‌العدل واجتناب الظلم

- ‌ طاعة أولياء الأمور في غير معصية:

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ التخلق بالأخلاق الإسلامية:

- ‌التربية الإسلامية الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تربية تكاملية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية متوازية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية سلوكية وعملية:

- ‌ التربية الإسلامية تجمع بين الفردية والجماعية:

- ‌ التربية الإسلامية تركز على تقوية جانب المراقبة لله:

- ‌ التربية الإسلامية تربية لفطرة الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية توجه الإنسان نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تتسم بالعالمية والشمول:

- ‌ التربية الإسلامية محافظة ومجددة:

- ‌العلاقة بين العقيدة والشريعة

- ‌مدخل

- ‌ الجوانب السلوكية التي تحدد العلاقة بين الإنسان وربه

- ‌ الجوانب السلوكية الذاتية والاجتماعية

- ‌مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: الدراسة السوسيولوجية للنظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌تعريف النظام الاجتماعي:

- ‌خصائص النظم الاجتماعية

- ‌لكل نظام وظيفة أو مجموعة من الوظائف يؤديها داخل المجتمع

- ‌ يرتبط النظام بفكرة المعايير أو القواعد الضابطة للسلوك

- ‌التزام الناس بهذه القواعد يرتبط بفكرة الجزاءات الاجتماعية

- ‌ النظام هو السلوك الاجتماعي الذي يعترف به أبناء المجتمع

- ‌ أغلب النظم تتسم بدرجة عالية من التعقيد

- ‌ الترابط الوظيفي

- ‌ لكل نظام اجتماعي مجموعة من العناصر

- ‌أنواع النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ من حيث العمومية والخصوصية:

- ‌ من حيث الاستمرار والعرضية أو الوقتية في الحدوث:

- ‌ من حيث التلقائية والتقنين:

- ‌ من حيث المشروعية وعدم المشروعية:

- ‌ من حيث الهدف:

- ‌من حيث ما إذا كان النظام أساسي أو فرعى

- ‌ النظم الاختيارية والنظم الإجبارية

- ‌ يضيف بعض العلماء

- ‌أهداف النظم الاجتماعية:

- ‌تصنيف النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ النظم الاقتصادية والحكومية:

- ‌ النظام العائلي:

- ‌ نظام الدين:

- ‌ نظام التعبيرات الجمالية والعقلية والترويح:

- ‌أهمية دراسة النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ تدخل النظم الأساسية في تكوين البناء الاجتماعي

- ‌ تكشف النظم الاجتماعية للمجتمع عن أساليبَ لمواجهة حاجاته الجماعية

- ‌ تعد دراسة النظم الاجتماعية هي الأساس الأول للدراسة المقارنة بين المجتمعات

- ‌ تعد الدراسة العلمية للنظم الاجتماعية هي الأساس الأول لمواجهة المشكلات الاجتماعية

- ‌النظم وأوزانها داخل البناء الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ التيار الماركسي الملحد

- ‌ التيار الديني أو القيمي

- ‌مصادر الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث: النظام العائلي

- ‌الأسرة

- ‌الأسرة أهميتها ووظائفها

- ‌أسس بناء الأسرة في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ التعرف:

- ‌ الرضا الكامل الذاتي من الطرفين

- ‌ الكفاءة:

- ‌ المهر:

- ‌الحقوق والواجبات الزوجية

- ‌نظام الأدوار والمراكز الاجتماعية داخل إطار العلاقات الأسرية

- ‌مدخل

- ‌ حقوق الزوجة على الزوج:

- ‌ حقوق الزوج على زوجته:

- ‌ حقوق الأولاد:

- ‌نظام المحرمات من النساء في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ المحرمات بسبب القرابة

- ‌ المحرمات بسبب المصاهرة

- ‌ المحرمات بسبب الرضاعة:

- ‌نظام التحريم على سبيل التأقيت:

- ‌النظام الإسلامي في مواجهة الخلافات والمشكلات الأسرية:

- ‌النظام الإسلامي لإنهاء العلاقات الزوجية مع محاولات العلاج:

- ‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات:

- ‌مصادر الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع: النظام التربوي

- ‌مقدمة

- ‌نماذج قرآنية للتربية:

- ‌نماذج من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام:

- ‌أهداف التربية الإسلامية:

- ‌ميادين التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌الميدان الأول تلاوة الآيات

- ‌الميدان الثاني التزكية

- ‌الميدان الثالث تعليم الكتاب

- ‌الميدان الرابع تعليم الحكمة

- ‌أهم الأسس العامة التي تقوم عليها التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تحقق النمو المتكامل المتوازن لشخصية الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية تحقق للإنسان التوازن:

- ‌ التربية الإسلامية تربية فكرية وسلوكية وعملية معا:

- ‌تجمع التربية الإسلامية بين الطابع الفردى والاجتماعي معا

- ‌التربية الإسلامية تنشيء الفرد على مراقبة الله سبحانه

- ‌ التربية الإسلامية تحافظ على فطرة الإنسان النقية وتعلي غرائزه الفطرية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية موجهة نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تربية عالمية منفتحة:

- ‌التربية الإسلامية تجمع بين المحافظة والتجديد

- ‌أساليب التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ أسلوب القدوة الصالحة:

- ‌ أسلوب الترغيب والترهيب:

- ‌ أسلوب التوجيه والموعظة الحسنة:

- ‌ أسلوب العقاب الفعلي:

- ‌ أسلوب القصة:

- ‌أسلوب التربية السلوكية باقتلاع العادات السيئة

- ‌ استخدام الأساليب الحسية:

- ‌ أسلوب النقاش والحوار

- ‌ أسلوب المحاولة والخطأ:

- ‌ أسلوب استخدام الأحداث والظروف والمواقف في مجال التعليم:

- ‌ توجيه طاقات الإنسان في مساراتها الصحيحة:

- ‌ أسلوب استثمار وقت الفراغ:

- ‌التربية الإسلامية وقضية الصحة النفسية

- ‌مدخل

- ‌ المعيار المثالي:

- ‌ المعيار الإحصائي:

- ‌ المعيار الحضاري:

- ‌ المعيار السيكولوجي أو الطبي النفسي:

- ‌ المعيار الإسلامي الصحيح:

- ‌مؤشرات الصحة النفسية بالمفهوم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ الإيمان الكامل اليقيني بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره

- ‌ التوافق الاجتماعي مع الغير:

- ‌ التوافق الذاتي:

- ‌ الشعور بالسموِّ والعزة والعلوِّ والقدرة على مواجهة الصعاب والأزمات

- ‌ الشعور بالرضا والسعادة:

- ‌ القدرة على العطاء والإنجاز والعمل:

- ‌مبادئ التعلم في النظرية التربوية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ الربط بين النظرية والتطبيق:

- ‌ مراعاة استعدادات المتعلم وقدرته الاستيعابية والإدراكية:

- ‌ تكوين الاتجاهات قبل الفهم واستيعاب المعلومات:

- ‌ تسهيل العملية التعليمية وتيسير حصولها:

- ‌التعزيز من خلال الاستفسار والمراجعة والمناقشة

- ‌مدخل

- ‌ التطور، سنة من سنن الحياة:

- ‌ التبصر في التراث وإعمال العقل وعدم التقليد الأعمي:

- ‌ الانفتاح العقلي على مختلف التجارب والخبرات البشرية

- ‌ التكامل بين العلم والإيمان:

- ‌ التكامل بين العقل والنقل أو الإيمان بالغيب ومنطق العلم:

- ‌ ضرورة أن يكون العلم موجهًا لما يرضي الله سبحانه:

- ‌ ضَرُورة العمل على نشر العلم وتعليم الناس:

- ‌ استمرارية التعلم وعدم تقيده بسن:

- ‌ إيجاد علاقة شخصية وطيدة بين المتعلم والمعلم:

- ‌نماذج من الآراء التربوية عند المسلمين

- ‌مدخل

- ‌ المستوى الفردي

- ‌ المستوى الاجتماعي العام

- ‌ المستوى الإنساني

- ‌مصادر الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس: النظام الاقتصادي

- ‌مقدمة

- ‌المنظور الإسلامي للمال أو الثروة المادية:

- ‌أساليب تحصيل الثروة والأموال

- ‌مدخل

- ‌ التجارة:

- ‌ الزراعة:

- ‌ الصناعة:

- ‌دعوة الإسلام إلي الاستثمار

- ‌مدخل

- ‌ دعوة الإسلام إلى العمل:

- ‌ تحريم الاكتناز والاستغلال:

- ‌ تحريم الاستثمار الاستغلالي:

- ‌الأسس البنائية للاقتصاد الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الاتفاق مع الطبيعية البشرية

- ‌ تحقيق التوازن بين الفرد والجماعة وبين دوافع الإنسان:

- ‌ الضوابط الاقتصادية:

- ‌ إطلاق الطاقات الاستثمارية وتشجيع النشاط الاقتصادي المنتج:

- ‌ الحيلولة دون التضخم المرضي للثروات الخاصة:

- ‌ المجتمع الإسلامي يقضي على الفقر ويعالج مشكلة الاحتياج:

- ‌نظام الملكية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌واجبات التملك

- ‌مدخل

- ‌ أداء الزكاة التي فرضها الله سبحانه:

- ‌ أداء واجبات التكافل الاجتماعي:

- ‌ضوابط الملكية الخاصة في الإسلام:

- ‌أساليب اكتساب الملكية

- ‌مدخل

- ‌ الكسب بالانتظار:

- ‌ العمل:

- ‌ المخاطرة:

- ‌ الزرع وإحياء الأرض الموات:

- ‌ العقود الناقلة للملكية:

- ‌ الميراث:

- ‌نظام المعاملات المالية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌نظام الزكاة: فلسفتها وأهدافها الاجتماعية:

- ‌علاقات العمل في الإسلام:

- ‌الواقعية الاقتصادية في الإسلام -تكافؤ الفرص وتفاوت الثروات

- ‌العدالة الاقتصادية في الإسلام:

- ‌أسلوب مواجهة الإسلام للمشكلات الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌مواجهة الإسلام لمشكلة الفقر

- ‌مدخل

- ‌ بيت مال المسلمين

- ‌ الزكاة:

- ‌ النفقات الواجبة:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة التمايز والصراع الطبقي:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة:

- ‌تحقيق الاستقلال الاقتصادي للمجتمع الإسلامي:

- ‌التوجيه الاقتصادي في الإسلام:

- ‌الوظائف الاقتصادية للدولة طبقا للنظام الاقتصادي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ حالات الاحتكار والاستغلال والإضرار:

- ‌ في حالة الربح الفاحش:

- ‌ في الحالات التي تستدعيها الضرورة:

- ‌مسئولية الدولة عن الأموال العامة:

- ‌مسئولية الدولة في مجال الضمان الاجتماعي ومعاونة الفئات المحتاجة

- ‌الملكية العامة في الإسلام وضوابطها

- ‌مدخل

- ‌ أرض الحمى:

- ‌ الأراضي الزراعية المفتوحة:

- ‌الفكر الاقتصادي في التراث الإسلامي:

- ‌مصادر الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس: قضايا التحديث والتنمية في علم الاجتماع مع طرح مدخل إسلامي مقترح

- ‌مقدمة

- ‌التحديث وارتباطه بالتصنيع:

- ‌التحديث والتغير الاجتماعي

- ‌التحديث الحضاري: شروطه، نماذجه، معوقاته

- ‌اتجاهات دراسة التحديث في الدول النامية

- ‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي

- ‌التحديث وقضية الالتزام الجماهيري بقضايا المجتمع والتنمية

- ‌نماذج من المعوقات الاستراتيجية أمام تحديث الدول النامية

- ‌التحديث والتنمية

- ‌العلاقة بينهما ومداخل الدراسة

- ‌مدخل

- ‌البعد العقائدي أو الإيديولوجي

- ‌ بعد النظم الاجتماعية:

- ‌ البعد التنظيمي:

- ‌ البعد الثقافي:

- ‌ البعد النفسي:

- ‌ بُعْد الإمكانات المتاحة:

- ‌ بُعْد المناخ الدولي أو النسق العالمي:

- ‌نحو مدخل إسلامي للتنمية

- ‌مصادر الفصل السادس

الفصل: ‌الحقوق والواجبات الزوجية

مما ينعكس سوءًا على حالته النفسية والاقتصادية وموقفه من زوجته الأمر الذي يهدد العلاقات الأسرية نفسها.

ص: 83

‌الحقوق والواجبات الزوجية

الحقوق الواجبات الزوجية:

أ- إذا تحقق التعرف والاختبار والرضا والكفاءة والمهر مع تيسيره، تم عقد الزواج -بشهادة الشهود- ويترتب على هذا العقد الذي أطلق عليه القرآن الكريم "الميثاق الغليظ" مجموعة من الحقوق والواجبات المتبادلة تضمن تماسك الأسرة واستمرارية العلاقات الزوجية وسيادة المودة والرحمة والتفاهم المتبادل. وقد كرَّمَ الإسلام المرأة بعد أن كانت كمًّا مهملًا في الجاهلية، وهذا التكريم لم يرقَ إليه أكثر القوانين الغربية المعاصرة التي تدعي أنها منحت المرأة كل حريتها. ويتضح هذا التكريم القرآني للمرأة من القاعدة القرآنية الكريمة:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة: 228] .

ويذهب الإمام الشيخ محمد عبده إلى أن الدين الإسلامي رفع النساء إلى درجة سامية لم تصل إليها أمة سواء قبل الإسلام أو بعده. ففي بعض الدول الأوروبية تحصل المرأة على نصف أجر الرجل على الرغم من قيامها بنفس العمل المهني للرجل. كذلك فإن قوانين بعض هذه الدول تمنع المرأة من حق التصرف في مالها دون إذن زوجها. أما الإسلام فقد أعطى المرأة استقلالها الاقتصادي ومنع الرجل من أن يأكل من مال المرأة، فضلًا عن تملكه أو التصرف فيه، أو فرض الوصاية عليها. ولا يحق للرجل أخذ شيء من مال زوجته إلا إذا كان عن طيب نفس منها {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] . وقد كان النساء يعانين حتى أقل من قرن في أوروبا من جاهلية -فكرية واجتماعية- ليست بأحسن من جاهلية ما قبل الإسلام، فقد كانت المؤتمرات تعقد في أوروبا لبحث قضية وهي:

ص: 83

"هل المرأة إنسان أم حيوان"؟ وبالتالي هل يحق لها التمتع بحقوق الإنسان أم لا؟.

ب- يقول تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة: 228] . وهذا يعني أن الأساس الذي يرجع إليه تقرير الحقوق والواجبات هو العرف الذي تقضي به فطرة المرأة وفطرة الرجل. وقد أفاض الفقهاء في بيان حقوق كل من الزوج والزوجة، والحق الذي تقضي به الفطرة السليمة هو ما قضى به النبي عليه الصلاة والسلام، بين عليٍّ وابنته فاطمة، حيث قضى على ابنته بخدمة البيت ورعايتِهِ، -تدبير المنزل ورعاية الأطفال- وعلى زوجها بالعمل والسعي والكسب خارج البيت. ويقضي الإسلام بالتعاون بين الزوجين إذا دعت الضرورة حيث يساعد كل زوج زوجته في تدبير ورعاية البيت، وتساعد كل زوجة زوجها في عمله، وهذا هو التعاون الذي يطالبنا به ديننا الحنيف {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] .

ومن حسن العشرة والعلاقات الاجتماعية الطيبة عدم قيام أي طرف بتكليف الطرف الآخر ما لا يطيق {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] ، ومن حسن العشرة استمرار الود والحب والمودة والرحمة، فالأسرة في نظر الإسلام ليست مؤسسة اقتصادية ولا مؤسسة سكن بالمعنى الحرفي فحسب، لكنها تنظيم يهيئ الجو الملائم لحياة الإنسان حياة مريحة يشبع من خلالها كلٌّ من الزوجين حاجاته النفسية إلى الحب والأمن والتقدير وإثبات الذات والتعبير عنها، والحاجة إلى الذرية الصالحة، والحاجة إلى المودة والرحمة إلى جانب إشباع الحاجات المادية.

ج- وإذا كان الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات فإنه جعل القوامة للرجل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] ، فالرجل

ص: 84

هو المسئول عن المرأة مكلف بالإنفاق عليها وصيانتها ودفع الشر عنها، فهي مسئولية قوامة وتكليف وليست مسئولية سيطرة وسلطان وقهر. وهذه المسئولية تقتضيها ضرورة الاجتماع. فأي جماعة لا بد لها من قائد ومدير ومتصرف {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] . وليس معنى هذا إعفاء المرأة من المسئولية، فعن ابن عمر رضي عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال:"كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" متفق عليه5.

فالمرأة مسئولة ومشاركة للرجل في المسئولية وأعباء المنزل. وإذا كان الإسلام قد منح الرجل القوامة فلأنه قادر على القيام بمشاق الأمور بسبب ما أودعه الله سبحانه فيه من قوة جسيمة وتحكيم العقل وعدم الانقياد للعواطف، وقدرته أو مسئوليته عن الإنفاق ورعاية الأسرة كلها. وهذا يعنى أن حق اتخاذ القرار النهائي Decision Making يكون للرجل، ولكن هذا القرار لا يصدر عن تسلط ولكن عن شورى وتبادل للرأي وإقناع واقتناع. وعلى هذا فإن المرأة تعد قوة من قوى تشكيل القرار Decision Shaping. وهذه الاستراتيجية الأسرية كفيلة بدوام الأسرة واستمراريتها وتماسكها.

د- وقد سبق أن أشرنا إلى أن قوامة الرجل وقيامه باتخاذ القرارات لا يعني التسلط، وإنما يقوم على أحد المبادئ الإسلامية الخالدة لبناء العلاقات الاجتماعية على مستوى الجماعة Group Level أو مستوى التنظيم Organization Level أو مستوى المجتمع المحلي Community Level أو مستوى المجتمع العام Society Level، وهو مبدأ الشورى وتبادل الرأي والمشاركة الإيجابية Positive Participation من جانب الأعضاء. فأمر المؤمنين شورى بينهم كما يحدثنا القرآن الكريم

ص: 85

{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم} [الشورى: 38] . وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يشاور أصحابه إشعارًا لهم بأهميتهم في إتخاذ القرارات، فقال تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر} [آل عمران: 159] ، وليست الشورى كنظام قاصر على المستوى السياسي أو مستوى الدولة، لكنه يمتد ليطبق داخل كل الجماعات الاجتماعية Social Groups على اختلاف مستوياتها وليست الجماعة الأسرية استثناءً من هذه القاعدة.

وقد جاء ذلك صريحاً في القرآن الكريم في مجال الحق في إبداء الرأي بشأن رضاع الأبناء الأطفال وفطامهم، فليس من حق الرجل منفردًا أو المرأة منفردة حق الاستئثار باتخاذ القرار دون الرجوع للطرف الآخر، قال تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَاّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] ، وقد وضع القرآن الكريم هذا المبدأ ليطبق في كل أمر يحتاج إلى تفاهم وتشاور داخل الحياة الأسرية. وقد أثبتت دراسات ديناميات الجماعة Group Dynamics أن درجة رضا عضو الجماعة وصحته النفسية وإنتاجيته تتناسب طرديًّا مع شعوره بالمشاركة في اتخاذ القرارات داخل الجماعة، وقد أقر الإسلام هذا المبدأ منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا. وعلى هذا فالتسلط والاستبداد بالرأي من جانب الزوج أمر مرفوض في الإسلام يتنافى مع قوله تعالى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُن} [البقرة: 187]، وقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] .

هـ- توصي التعاليم الإسلامية بحسن المعاشرة بين الزوجين، ووصايا الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الصدد منها: "استوصوا

ص: 86