الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} [الأنعام- 114]
- {أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} [الأنعام- 14]
- {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام- 164]
- {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} [الأنعام- 71]
- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ
…
} [الزمر- 38]
- {وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس- 22]
- {أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات- 125]
- {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل- 17]
- {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور- 35]
العقيدة بين المفهوم الإسلامي والمفاهيم المعارضة:
تحتل العقيدة مكانة كبرى لدى كل إنسان -حتى الملحد- ولدى كل المجتمعات، حتى تلك التى لا تعترف بالأديان. وتعد العقيدة الموجه الأساسي لسلوك الفرد، حيث تتحول إلى موجهات قيمية Value Orientations تترجم إلى واقع سلوكي. فالمعتقدات هى التي تحكم وتصبغ وتحدد القيم، وهذه الأخيرة هى التي تحدد مسارات السلوك وتضبطه وتحكمه وتوجهه.2
ويطلق مفهوم العقيدة faith على التصديق الناشيء عن إدراك شعوري أو لاشعوري يقهر صاحبه على الإذعان لقضية ما3. وقد اهتم العلماء الغربيون والمسلمون بقضية العقيدة لأسباب دينية وفلسفية وفقهية، ومن الغربيين الذين اهتموا بدراسة هذا الموضوع جوستاف لوبون j.Lobon الذي يُعرِّف العقيدة بأنها: "إيمان ناشئ عن مصدر لا شعوري يكره الإنسان على التصديق بقضية من
القضايا من غير دليل" ويلاحظ هنا: أن لوبون يحيل العقائد إلى قضايا لا شعورية مفروضة على الإنسان لا دليل عليها، قد تطابق الواقع وقد لا تطابقه*. ويميز لوبون بين العقيدة faith والمعرفة Knowledge فالأولى عبارة عن إلهام لا شعوري يصدر عن أسباب خارجية دون إرادة الإنسان، أما المعرفة فهي علم يحصل بفعل التفكير العقلي المتزن، ويذهب الباحث المذكور إلى أنه كثيرًا ما يحدث أن تنشأ العقيدة في النفس دون دليل، ثم يحاول الإنسان إيجاد ما يبررها عقليًّا. وهذه العملية -عملية التبرير rationalization- هي إحدى ميكانزمات الدفاع اللاشعورية Defence Mechanism التي يلجأ إليها الإنسان للدفاع وتبرير بعض الدوافع اللاشعورية غير المعقولة.
ويحاول "لوبون" تفسير كيفية ظهور المعتقدات من خلال الرجوع إلى عدة عوامل، مثل: طبيعة الشعوب وما تتسم به من طبائع وأخلاقيات وتقاليد، وما يسودها من نظم -اجتماعية اقتصادية وسياسية وعائلية
…
- وتوجيهات ومضامين تربوية.. هذا على مستوى المجتمع؛ أما على مستوى الأفراد، فإن أهم العوامل التي تسهم في تشكيل العقائد لدى الأفراد هي الأخلاق الموروثة والمكتسبة4، والمثل العليا لهؤلاء الأفراد والمنافع والحاجات. هذا إلى جانب أثر الإطار الثقافي والاجتماعي لهؤلاء الأفراد، ومختلف عوامل صياغة وتشكيل الفكر والرأي، ومسائل اتصال جمعية وشخصية**.
ويشير "لوبون" إلى حاجة الإنسان إلى العقيدة؛ لأنها تمثل الغذاء الروحي والفكري له، وتحقق له الهدوء والاستقرار النفسي، ولعل هذا هو ما يفسر سعي
* يلاحظ هنا أن لوبون يقدم تعريفًا عامًّا للعقيدة -سواء الصحيحة أو الزائفة- لكنه أخطأ عندما حولها إلى قضايا لاشعورية مفروضة على الإنسان.
** واضح هنا: الخلط وعدم الدقة العلمية فلا يوجد ما يطلق عليه الأخلاق الموروثة، فهناك دوافع عامة موروثة، وهي عامل مشترك بين البشر جميعًا -وضمن هذه الدوافع دافع التدين والارتباط بالخالق- أما الأخلاق بمعنى الموجهات السلوكية والمعايير ونماذج السلوك الفاضل -حسب معتقد الشخص وحسب معايير الاستواء والانحراف- فهي كلها أمور يكتسبها الإنسان من بيئته الاجتماعية من خلال عملية الصياغة الثقافية والتنشئة الاجتماعية.
الإنسان المستمر للارتباط بعقيدة ما من أجل إشباع الحاجة النفسية للعقيدة.
والعقيدة عامل ضابط Controling Factor في حياة الفرد وسلوكه، وكلما ازداد يقين الفرد بعقيدة معينة، زاد التزامه فكريًّا وسلوكيًّا بمقتضياتها. ونلاحظ صدق هذه الفكرة واضحًا في إقدام أصحاب العقيدة إلى التضحية بأنفسهم في سبيل عقيدتهم -سواء أكانت عقيدة صحيحة أم فاسدة- ومن نماذج التضحية بالنفس في سبيل العقيدة الصحيحة: إقدام المسلم على الاستشهاد في سبيل الله واستعذابه للموت دفاعًا عن دينه. ومن أبرز نماذج التضحية بالنفس في سبيل العقائد الزائفة: إقدام بعض فرق البوذية في جنوب شرق آسيا على الانتحار الجماعي بالحرق، تنفيذًا لبعض تعاليم البوذية.
وإذا كانت العقيدة تسهم في صياغة الشخصية المتماسكة، فإنها تسهم كذلك في تحقيق تماسك الجماعة Group Cohesion وتحقيق التكامل الاجتماعي Social Integration على مستوى المجتمع كله، لما تحققه من الشعور بالترابط والتقارب والإلفة والقوة بين أبناء العقيدة الواحدة؛ نتيجة لوحدة المنطلق ووحدة الهدف.
والعقيدة في نظر الإسلام هي الجانب النظري الذي يطلب إلى المسلم الإيمان به أولًا وقبل كل شيء إيمانا لا يرقى إليه شك، ولا تؤثر فيه شبهة. ومن طبيعتها: تضافر النصوص الواضحة على تقريرها، وإجماع المسلمين عليها من يوم أن ابتدأت الدعوة، مع ما حدث بينهم من اختلاف بعد ذلك فيما وراءها، وهي دعوة كل الرسل السابقين كما أخبرنا القرآن الكريم نفسه5:
ويشير المدلول اللغوي لكلمة -عقيدة- إلى ما انعقد عليه القلب وتمسك به وصعب تغييره، سواء نتيجة لوهم زائف أو نتيجة لدليل صادق. كذلك يصح استخدام -عقيدة- لغويًّا بمعنى الاقتناء حيث يقال:"اعتقد ضيعة أو مالًا" أي:
اقتناهما6. ويعرف علماء الكلام العقيدة بأنها "الإيمان المطابق للواقع الثابت بدليل أو الإدراك المطابق للواقع الناشئ عن دليل". وواضح هنا الفرق بين هذا التعريف للعقيدة عند علماء الكلام، وتعريف بعض علماء الغرب -مثل بين هذا التعريف للعقيدة عند علماء الكلام، وتعريف بعض علماء العرب- مثل "لوبون" - فهذا التعريف الذي أورده علماء الكلام لا ينطبق إلا على الإسلام -وهو العقيدة الصحيحة- ولا ينطبق على الاعتقادات المخالفة للإسلام؛ لأنه ينقصها الدليل، ولا تطابق الواقع. وقد اختلف العلماء عند بحث قضية التقليد في الاعتقاد، فمنهم من أوجب التقليد حتى لا يكون البحث العقلي مؤديًا إلى الضلال. لكن القرآن الكريم نفسه ينعي على المقلدين تقليدهم، ويدعو إلى إعمال العقل والنظر في الآفاق وفي النفس؛ حتى يتبين للناس أن الله هو الحق، لكن القرآن الكريم يطالب المؤمن أن يكون على يقين بالغيب. ولا يناقش بعض الأمور التي تتجاوز عقله المحدود ويختص بها سبحانه فقط، كالروح مثلًا، وذات الله
…
إلخ. ومن العلماء من أجاز التقليد وأجاز البحث عن الدليل، طالما أن الغاية الأساسية هي الوصول إلى الإيمان الصحيح والقناعة العقلية والوجدانية. فلو وصل الإنسان إلى هذه الغاية عن طريق التقليد جاز ذلك، ولو أراد النظر والبحث جاز ذلك لحصول المقصود في كلتا الحالتين. قال الإمام الغزالي7: "إن الإيمان نور يقذفه الله تعالى في قلب عبده عطية وهدية من عنده، تارة بتنبيه في الباطن لا يمكن التعبير عنه، وتارة بسبب رؤيا في المنام، وتارة بسبب مشاهدة حال رجل متدين وسراية نوره إليه عند صحبته ومجالسته، وتارة بقرينة حال....
والحق الصريح أن كل من اعتقد فيما جاء به عليه الصلاة والسلام، اشتمل عليه المستمد من الدليل الكلامي ضعيف جدًّا مشرف على الزوال بأقل شبهة، والإيمان الراسخ إيمان العوام الحاصل على قلوبهم في الصبا بتواتر السماع، أو الحاصل بعد البلوغ بقرائن أحوال لا يمكن التعبير عنها.
وهناك من علماء المسلمين من أجاز التقليد وأوجب إعمال العقل، حيث يجب على من كان من أهل النظر القادرين أن يعمل نظره، وحجتهم أن النظر