الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقتصر على أداء الزكاة، وإنما يمتد إلى الإسهام في خدمة المسلمين ودعم الروابط الأخوية وخدمة المجتمع وتحقيق الخير العام.
ضوابط الملكية الخاصة في الإسلام:
أقر الإسلام أن لكل شخص الحق في تحصيل الثروة والتملك تلبية للدوافع التي فطر الناس عليها -طالما أنه يؤدي واجباته الدينية والاجتماعية، واستغلال الآخرين، وطالما أنه لا يحصل ثروته وأملاكه من خلال وسائل غير أخلاقية كالإتجار في السلع الضارة بالناس والتي تضر بالمجتمع كالخمور والمخدرات وتهريب العملة والإتجار في الأعراض، وهنا العديد من النصوص التي تفرض ضوابط وقيودا على الملكية إذ ما امتدت لإحداث أضرار بالناس أو المجتمع "لا ضرر ولا ضرار". وقد عرف الإسلام فكرة الدفاع الاجتماعي قبل أن يعرفها الغرب بقرون طويلة، فالضرر بجميع أنواعه ممنوع في الإسلام ويجب اتخاذ التدابير الوقائية لمنع حدوثه وعلاج آثاره إذا دفع. والإسلام لم يكتف بتحريم التصرفات الضارة، لكنه حرم التصرفات المباحة أصلا والتي تقترن بنية الإضرار، إذ لا يجوز للإنسان أن يتعسف في استخدام حقه. فالتاجر الذي يستعمل ملكيته بنية الإضرار بجاره أو شريكه يقدم على عمل محرم.
وإذا كان الإسلام يحترم الملكية التي يحصلها الفرد من خلال الأساليب المشروعة -الميراث والجهد البشري المنتج- ويحميها ويصونها، فإنه يحرم الظلم بكل أشكاله وصوره، سواء أكان واقعًا على الفرد من قبل الدولة، أو على المجتمع من قبل الفرد. والأصل في الملكية المشروعة أن تحميها الدولة لصاحبها. لكن قد يكون من الحالات التي تستدعي نزع ملكية خاصة تحقيقًا للصالح العام بحيث يضار المجتمع لو لم تقم الدولة بنزع هذه الملكية- كما هو الحال عندما تتطلب الضرورة والمصلحة العامة إقامة سدود أو توسيع
طرق
…
وهنا يكون نزع الملكية جائز شرعًا9. ويروي المؤرخون أن عمر ابن الخطاب أراد أن يوسع المسجد الحرام فطلب شراء البيوت المحيطة بالكعبة ليضمها إلى المسجد، فوافق بعض أصحابها ورفض البعض الآخر. فقام عمر ابن الخطاب بأخذها جبرًا عن أصحابها ووضع قيمتها في خزانة الكعبة ليأخذها أصحاب الدور وقال لهم: "إنما نزلتم على الكعبة وهذا فناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم". على أن الإسلام لا يقر الظلم بأي شكل ولهذا فإن واجب الدولة في حالة نزع الملكية الخاصة للمصلحة العامة تعويض المالك بالثمن العادل لأملاكه.
أما بالنسبة للممتلكات التي تنمو من خلال طرق غير مشروعة كالربا والاحتكار والإضرار والرشوة والتهريب والامتناع عن أداء الزكاة والإتجار بالسلع المحرمة وتحقيق أرباح فاحشة نتيجة استغلال ظروف معينة مثل ظروف الحرب
…
فإن واجب السلطة العادلة أن تدرس كل حالة وتحدد الإجراء الذي يتخذ في كل حالة على حدة، فتصادر كليًّا ما جمع عن طريق الرشوة والربا والاحتكار، وتصادر جزئيًّا ما جمع عن طريق الاستغلال والربح الفاحش، ولها سلطة تقديرية في اتخاذ القرارات العادلة طبقًا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار مع مراعاة مبدأ العدالة في كل حالة10.
وإذا كان الإسلام يبيح نزع الملكية الخاصة تحقيقًا للصالح العام، فإنه يبيح نزعها في حالة إساءة استخدام الحق وعدم إمكان إيقاف سوء الاستخدام بوسائل أخرى. ويحفل التاريخ الإسلامي بالتطبيقات العديدة لهذا المبدأ. فقد كان لسمرة بن جندب نخل في بستان رجل من الأنصار، وكان سمرة يكثر من دخول البستان هو وأهله فيؤذي ذلك صاحب البستان، فشكا إلى الرسول -صلي الله عليه وسلم- فاستدعى سمرة وقال له:"بعه نخلك" فأبى، فقال:"فاقطعه"، فأبى. فقال:"هبه ولك مثله في الجنة"، فأبى، فقال عليه الصلاة والسلام:"أنت مضار" ثم التفت إلى الأنصاري وقال: "اذهب فاقلع نخله"* وهذا يعني أن
*مذكور في كتاب أبو زهرة ص22، العسال ص58.