المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة: - بناء المجتمع الإسلامي

[نبيل السمالوطي]

فهرس الكتاب

- ‌ال‌‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌فهرس

- ‌الفصل الأول: الأسس البنائية للمجتمع الإسلامي

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة بين المفهوم الإسلامي والمفاهيم المعارضة:

- ‌المفهوم القرآني للعقيدة:

- ‌الفكر الاجتماعي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ نفي الحرج

- ‌ قلة التكاليف

- ‌ التدرج في الأحكام

- ‌ مسايرة مصالح الناس

- ‌ تحقيق العدالة بين الناس

- ‌أهداف الشريعة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ تهذيب الإنسان بالعبادات

- ‌ إقامة العدل في الجماعة الإسلامية

- ‌المصلحة

- ‌مدخل

- ‌ مرتبة الضروريات:

- ‌ مرتبة الحاجيات:

- ‌ مرتبة التحسينات:

- ‌أسس العلاقات الاجتماعية الصالحة

- ‌العدل واجتناب الظلم

- ‌ طاعة أولياء الأمور في غير معصية:

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ التخلق بالأخلاق الإسلامية:

- ‌التربية الإسلامية الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تربية تكاملية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية متوازية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية سلوكية وعملية:

- ‌ التربية الإسلامية تجمع بين الفردية والجماعية:

- ‌ التربية الإسلامية تركز على تقوية جانب المراقبة لله:

- ‌ التربية الإسلامية تربية لفطرة الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية توجه الإنسان نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تتسم بالعالمية والشمول:

- ‌ التربية الإسلامية محافظة ومجددة:

- ‌العلاقة بين العقيدة والشريعة

- ‌مدخل

- ‌ الجوانب السلوكية التي تحدد العلاقة بين الإنسان وربه

- ‌ الجوانب السلوكية الذاتية والاجتماعية

- ‌مصادر الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني: الدراسة السوسيولوجية للنظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌تعريف النظام الاجتماعي:

- ‌خصائص النظم الاجتماعية

- ‌لكل نظام وظيفة أو مجموعة من الوظائف يؤديها داخل المجتمع

- ‌ يرتبط النظام بفكرة المعايير أو القواعد الضابطة للسلوك

- ‌التزام الناس بهذه القواعد يرتبط بفكرة الجزاءات الاجتماعية

- ‌ النظام هو السلوك الاجتماعي الذي يعترف به أبناء المجتمع

- ‌ أغلب النظم تتسم بدرجة عالية من التعقيد

- ‌ الترابط الوظيفي

- ‌ لكل نظام اجتماعي مجموعة من العناصر

- ‌أنواع النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ من حيث العمومية والخصوصية:

- ‌ من حيث الاستمرار والعرضية أو الوقتية في الحدوث:

- ‌ من حيث التلقائية والتقنين:

- ‌ من حيث المشروعية وعدم المشروعية:

- ‌ من حيث الهدف:

- ‌من حيث ما إذا كان النظام أساسي أو فرعى

- ‌ النظم الاختيارية والنظم الإجبارية

- ‌ يضيف بعض العلماء

- ‌أهداف النظم الاجتماعية:

- ‌تصنيف النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ النظم الاقتصادية والحكومية:

- ‌ النظام العائلي:

- ‌ نظام الدين:

- ‌ نظام التعبيرات الجمالية والعقلية والترويح:

- ‌أهمية دراسة النظم الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ تدخل النظم الأساسية في تكوين البناء الاجتماعي

- ‌ تكشف النظم الاجتماعية للمجتمع عن أساليبَ لمواجهة حاجاته الجماعية

- ‌ تعد دراسة النظم الاجتماعية هي الأساس الأول للدراسة المقارنة بين المجتمعات

- ‌ تعد الدراسة العلمية للنظم الاجتماعية هي الأساس الأول لمواجهة المشكلات الاجتماعية

- ‌النظم وأوزانها داخل البناء الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ التيار الماركسي الملحد

- ‌ التيار الديني أو القيمي

- ‌مصادر الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث: النظام العائلي

- ‌الأسرة

- ‌الأسرة أهميتها ووظائفها

- ‌أسس بناء الأسرة في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ التعرف:

- ‌ الرضا الكامل الذاتي من الطرفين

- ‌ الكفاءة:

- ‌ المهر:

- ‌الحقوق والواجبات الزوجية

- ‌نظام الأدوار والمراكز الاجتماعية داخل إطار العلاقات الأسرية

- ‌مدخل

- ‌ حقوق الزوجة على الزوج:

- ‌ حقوق الزوج على زوجته:

- ‌ حقوق الأولاد:

- ‌نظام المحرمات من النساء في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ المحرمات بسبب القرابة

- ‌ المحرمات بسبب المصاهرة

- ‌ المحرمات بسبب الرضاعة:

- ‌نظام التحريم على سبيل التأقيت:

- ‌النظام الإسلامي في مواجهة الخلافات والمشكلات الأسرية:

- ‌النظام الإسلامي لإنهاء العلاقات الزوجية مع محاولات العلاج:

- ‌الإسلام وقضية تعدد الزوجات:

- ‌مصادر الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع: النظام التربوي

- ‌مقدمة

- ‌نماذج قرآنية للتربية:

- ‌نماذج من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام:

- ‌أهداف التربية الإسلامية:

- ‌ميادين التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌الميدان الأول تلاوة الآيات

- ‌الميدان الثاني التزكية

- ‌الميدان الثالث تعليم الكتاب

- ‌الميدان الرابع تعليم الحكمة

- ‌أهم الأسس العامة التي تقوم عليها التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ التربية الإسلامية تحقق النمو المتكامل المتوازن لشخصية الإنسان:

- ‌ التربية الإسلامية تحقق للإنسان التوازن:

- ‌ التربية الإسلامية تربية فكرية وسلوكية وعملية معا:

- ‌تجمع التربية الإسلامية بين الطابع الفردى والاجتماعي معا

- ‌التربية الإسلامية تنشيء الفرد على مراقبة الله سبحانه

- ‌ التربية الإسلامية تحافظ على فطرة الإنسان النقية وتعلي غرائزه الفطرية:

- ‌ التربية الإسلامية تربية موجهة نحو الخير:

- ‌ التربية الإسلامية تربية مستمرة:

- ‌ التربية الإسلامية تربية عالمية منفتحة:

- ‌التربية الإسلامية تجمع بين المحافظة والتجديد

- ‌أساليب التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ أسلوب القدوة الصالحة:

- ‌ أسلوب الترغيب والترهيب:

- ‌ أسلوب التوجيه والموعظة الحسنة:

- ‌ أسلوب العقاب الفعلي:

- ‌ أسلوب القصة:

- ‌أسلوب التربية السلوكية باقتلاع العادات السيئة

- ‌ استخدام الأساليب الحسية:

- ‌ أسلوب النقاش والحوار

- ‌ أسلوب المحاولة والخطأ:

- ‌ أسلوب استخدام الأحداث والظروف والمواقف في مجال التعليم:

- ‌ توجيه طاقات الإنسان في مساراتها الصحيحة:

- ‌ أسلوب استثمار وقت الفراغ:

- ‌التربية الإسلامية وقضية الصحة النفسية

- ‌مدخل

- ‌ المعيار المثالي:

- ‌ المعيار الإحصائي:

- ‌ المعيار الحضاري:

- ‌ المعيار السيكولوجي أو الطبي النفسي:

- ‌ المعيار الإسلامي الصحيح:

- ‌مؤشرات الصحة النفسية بالمفهوم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ الإيمان الكامل اليقيني بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره

- ‌ التوافق الاجتماعي مع الغير:

- ‌ التوافق الذاتي:

- ‌ الشعور بالسموِّ والعزة والعلوِّ والقدرة على مواجهة الصعاب والأزمات

- ‌ الشعور بالرضا والسعادة:

- ‌ القدرة على العطاء والإنجاز والعمل:

- ‌مبادئ التعلم في النظرية التربوية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ الربط بين النظرية والتطبيق:

- ‌ مراعاة استعدادات المتعلم وقدرته الاستيعابية والإدراكية:

- ‌ تكوين الاتجاهات قبل الفهم واستيعاب المعلومات:

- ‌ تسهيل العملية التعليمية وتيسير حصولها:

- ‌التعزيز من خلال الاستفسار والمراجعة والمناقشة

- ‌مدخل

- ‌ التطور، سنة من سنن الحياة:

- ‌ التبصر في التراث وإعمال العقل وعدم التقليد الأعمي:

- ‌ الانفتاح العقلي على مختلف التجارب والخبرات البشرية

- ‌ التكامل بين العلم والإيمان:

- ‌ التكامل بين العقل والنقل أو الإيمان بالغيب ومنطق العلم:

- ‌ ضرورة أن يكون العلم موجهًا لما يرضي الله سبحانه:

- ‌ ضَرُورة العمل على نشر العلم وتعليم الناس:

- ‌ استمرارية التعلم وعدم تقيده بسن:

- ‌ إيجاد علاقة شخصية وطيدة بين المتعلم والمعلم:

- ‌نماذج من الآراء التربوية عند المسلمين

- ‌مدخل

- ‌ المستوى الفردي

- ‌ المستوى الاجتماعي العام

- ‌ المستوى الإنساني

- ‌مصادر الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس: النظام الاقتصادي

- ‌مقدمة

- ‌المنظور الإسلامي للمال أو الثروة المادية:

- ‌أساليب تحصيل الثروة والأموال

- ‌مدخل

- ‌ التجارة:

- ‌ الزراعة:

- ‌ الصناعة:

- ‌دعوة الإسلام إلي الاستثمار

- ‌مدخل

- ‌ دعوة الإسلام إلى العمل:

- ‌ تحريم الاكتناز والاستغلال:

- ‌ تحريم الاستثمار الاستغلالي:

- ‌الأسس البنائية للاقتصاد الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الاتفاق مع الطبيعية البشرية

- ‌ تحقيق التوازن بين الفرد والجماعة وبين دوافع الإنسان:

- ‌ الضوابط الاقتصادية:

- ‌ إطلاق الطاقات الاستثمارية وتشجيع النشاط الاقتصادي المنتج:

- ‌ الحيلولة دون التضخم المرضي للثروات الخاصة:

- ‌ المجتمع الإسلامي يقضي على الفقر ويعالج مشكلة الاحتياج:

- ‌نظام الملكية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌واجبات التملك

- ‌مدخل

- ‌ أداء الزكاة التي فرضها الله سبحانه:

- ‌ أداء واجبات التكافل الاجتماعي:

- ‌ضوابط الملكية الخاصة في الإسلام:

- ‌أساليب اكتساب الملكية

- ‌مدخل

- ‌ الكسب بالانتظار:

- ‌ العمل:

- ‌ المخاطرة:

- ‌ الزرع وإحياء الأرض الموات:

- ‌ العقود الناقلة للملكية:

- ‌ الميراث:

- ‌نظام المعاملات المالية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌نظام الزكاة: فلسفتها وأهدافها الاجتماعية:

- ‌علاقات العمل في الإسلام:

- ‌الواقعية الاقتصادية في الإسلام -تكافؤ الفرص وتفاوت الثروات

- ‌العدالة الاقتصادية في الإسلام:

- ‌أسلوب مواجهة الإسلام للمشكلات الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌مواجهة الإسلام لمشكلة الفقر

- ‌مدخل

- ‌ بيت مال المسلمين

- ‌ الزكاة:

- ‌ النفقات الواجبة:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة التمايز والصراع الطبقي:

- ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة:

- ‌تحقيق الاستقلال الاقتصادي للمجتمع الإسلامي:

- ‌التوجيه الاقتصادي في الإسلام:

- ‌الوظائف الاقتصادية للدولة طبقا للنظام الاقتصادي الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ حالات الاحتكار والاستغلال والإضرار:

- ‌ في حالة الربح الفاحش:

- ‌ في الحالات التي تستدعيها الضرورة:

- ‌مسئولية الدولة عن الأموال العامة:

- ‌مسئولية الدولة في مجال الضمان الاجتماعي ومعاونة الفئات المحتاجة

- ‌الملكية العامة في الإسلام وضوابطها

- ‌مدخل

- ‌ أرض الحمى:

- ‌ الأراضي الزراعية المفتوحة:

- ‌الفكر الاقتصادي في التراث الإسلامي:

- ‌مصادر الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس: قضايا التحديث والتنمية في علم الاجتماع مع طرح مدخل إسلامي مقترح

- ‌مقدمة

- ‌التحديث وارتباطه بالتصنيع:

- ‌التحديث والتغير الاجتماعي

- ‌التحديث الحضاري: شروطه، نماذجه، معوقاته

- ‌اتجاهات دراسة التحديث في الدول النامية

- ‌تحديث البناء الاجتماعي-التحديث الفردي

- ‌التحديث وقضية الالتزام الجماهيري بقضايا المجتمع والتنمية

- ‌نماذج من المعوقات الاستراتيجية أمام تحديث الدول النامية

- ‌التحديث والتنمية

- ‌العلاقة بينهما ومداخل الدراسة

- ‌مدخل

- ‌البعد العقائدي أو الإيديولوجي

- ‌ بعد النظم الاجتماعية:

- ‌ البعد التنظيمي:

- ‌ البعد الثقافي:

- ‌ البعد النفسي:

- ‌ بُعْد الإمكانات المتاحة:

- ‌ بُعْد المناخ الدولي أو النسق العالمي:

- ‌نحو مدخل إسلامي للتنمية

- ‌مصادر الفصل السادس

الفصل: ‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة:

بالباب أبو سفيان وبلال فغضب الإمام التقي لأنه قدم أبا سفيان على بلال في الذكر، وقال له قل بالباب بلال وأبو سفيان، وأذن لبلال ولم يأذن لأبي سفيان. وقد منع عمر كبار قريش من أن يذهبوا إلى الأقاليم حتى لا يشكبوا فيه طبقة من الأشراف يتحكمون في الناس باسم السلطان. وقد عمل الإسلام على إزالة الطبقية الاقتصادية من خلال نظم الزكاة والنفقات وكفالة الدولة للفقراء والمحتاجين من العجزة الذين ليس لم أقارب أغنياء، ومن خلال وضع ضوابط للملكية الخاصة، ومن خلال تفتيت ثروة كل جيل بالميراث، كما عمل على إزالة الطبقية النفسية من خلال العبادات الإسلامية، ففي الصلاة يقف الفقير بجوار الغني يجمعها الخضوع للديان، يقولان معا الله أكبر ليشعروا جميعا بالتضامن وقوة الله وجبروته.

ويمحي الحج كل الفروق الاجتماعية بين الناس بسبب الملكية أو المهنة أو الجنس أو اللون. ذلك لأن جميع الحجاج ضيوف على الرحمن في بيته الحرام بملابس واحدة يؤدون نفس الشعائر بخشوع يشرعون بعضهم أمام خالقهم مالك كل شيء يطلبون رحمته ويخشون عذابه

أما الطبقية المعرفية أو العلمية، فالإسلام لا يستخدم مصطلح الطبقة الاجتماعية، إنما يستخدم مفهوم الدرجات، فقد رفع الله العلماء على غيرهم درجات وأوجب عليهم الانتفاع بالعلم في الصالح العام واستعاذ الرسول عليه الصلاة والسلام من شر علم لا ينفع. ويوجب الإسلام على العلماء نشر العلم بين الناس وأفضل الناس من تعلم العلم وعلمه.

ص: 257

ثالثا:‌

‌ مواجهة الإسلام لمشكلة البطالة:

حارب الإسلام البطالة والتسول وأوجب العمل على كل قادر عليه، لأن العمل هو السبيل الوحيد لتحقيق الآمال وصنع الحضارة الإنسانية وتحقيق التقدم المادي والاجتماعي. وسبق أن أشرنا إلى موقف الإسلام من العمل متمثلا في التوجيهات القرآنية الكريمة والنبوية الشريفة، سواء بالنسبة للعمل الديني أو اليدوي أو العقلي المهني الفني.... وقد لفت القرآن

ص: 257

الكريم أنظار المسلمين إلى مختلف جوانب العمل التي يجب على الإنسان أن يطرقها حيث أبرز للمؤمنين الكنوز التي في الأرض وموارد الرزق في البحار والأسرار التي في الكون، وأشار القرآن الكريم إلى ضرورة إعمال العقل والحواس التي وهبها الله للإنسان -لا ليعبث بها أو يوجهها في الشر- ولكن كي يستخدمها للانتفاع بالكون وما فيه، ذلك أن الكون الذي سخره الله لخدمة الإنسان قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]، وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} [الحج: 65]، وقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ} [الجاثية: 12] . فبين بذلك -وغيره- موارد الرزق على كثرتها ومصادر الثروة على اختلافها، وما على الناس بعد ذلك إلا العمل والسعي لاستغلال هذه الموارد الاقتصادية والتمتع بزينة الحياة الدنيا وطيباتها.

وقد أمر الإسلام كل مسلم أن يعمل، قال تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]،وقال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15] ، وإذا كان الإسلام قد طالب كل قادر على العمل أن يعمل لما يحقق له الخير ولمجتمعه، فهناك من يقدرون على العمل لكنهم لا يجدونه43. هنا يأتي دور الحاكم أو الدولة ممثلة في جهاز الحكم. وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من أموال الصدقة فنظر إليه الرسول الكريم فوجده إنسانا قويا قادرا على العمل، فقال له:"ألك شيء في بيتك؟ " قال: جلس نجلس عليه وإناء نشرب منه، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:"ائتني بهما". فأتاه الرجل بهما فقال: من يشتري، فدفع أحدهما درهما، فقال من يزيد فقال آخر: درهمين، فدفعهما إليه وأعطى الدرهمين له فقال:"اشتر بأحدهما قدوما وحبلا وبالآخر طعاما لعيالك" فاشترى بالدرهم الفأس والحبل فشد النبي صلى الله عليه وسلم على الفأس ثم قال: "اذهب فاحتطب وبعه ولا تأتني إلا بعد خمسة عشر يوما". فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم بعد خمسة عشر يوما ومعه عشرة

ص: 258

دراهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا خير". ويستنتج الفقهاء من هذا الحديث أن من واجب الحاكم الإسلامي تأمين العمل للقادر عليه أي تأمين الناس ضد البطالة، وعلى الدولة تأمين وسائل العمل للعمال، بغض النظر عن درجة بساطتها وتعقيدها. وقد ترك الحديث للحاكم طريقة تأمين العمل على حسب الظروف المتغيرة للحياة الاجتماعية.

فالحديث قد وضع القاعدة العامة، وترك أمر التطبيق مرنا. حيث يمكن تشغيل العمال بتأمين المال لهم أو وسيلة العمل أو تشغيلهم في مشروعات الدولة. وقد خول الفقه الإسلامي للحاكم المسلم الحق في إلزام أصحاب الأعمال -إذا امتنعوا عن تشغيل العمال ظلما- بالعمال الذين يجيدون هذه الأعمال وله الحق كذلك في إلزام العمال الراغبين عن العمل -بضرورة ممارسة العمل- إذا اقتضت المصلحة ذلك. فقد ذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه "الطرق الحكيمة" بعض ما بين أن بعض الأعمال قد تكون فرض عين على بعض الأشخاص القادرين عليها في حال عدم وجود غيرهم، وقد تكون فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين فقال: فإذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صارت هذه الأعمال متحتمة عليهم ويجبرهم ولي الأمر على فعلها بعوض المثل، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم، كما إذا احتاج الجند المرصدون للجهاد إلى فلاحة أرضهم ألزم من صناعة الفلاحة أن يقوم بها وألزم الجند ألا يظلموا الفلاح كما يلزم الفلاح أن يفلح، فإن الجند في هذه الحالة إذا احتاجوا إلى فلاحة الأرض فقد يلزم الحاكم من صناعته الفلاحة أن يقوم بها. وهؤلاء العمال ليسوا من الذين أجروا عقد العمل مع صاحب الأراضي الزراعية إنما الحاكم هو الذي يقوم بتوزيع العمال على هذه الأراضي بشرط أن يعطي العمال أجر المثل بلا وكس ولا شطط، حتى لا يهضم حق أحد الطرفين، العامل الزراعي وصاحب الأرض. ويستطيع الحاكم تنظيم مكاتب لتسجيل العمال العاطلين الراغبين في العمل، ويلزم

ص: 259

أصحاب الأعمال في بعض الصناعات أو الأعمال باستخدام العمال وفقا لقرار من الحاكم تحقيقا للمصحلة العامة.

وقد نبه الإسلام إلى خطورة البطالة وإلى ما يمكن أن تؤدي إليه من انحرافات فكرية وسلوكية وإلى الجرائم، فقد قال الإمام أحمد:"إذا جلس الرجل ولم يحترف دعته نفس إلى ما يأخذ ما في أيدي الناس". فالبطالة مدعاة إلى ارتكاب جريمة السرقة كما قال الإمام أحمد، وكثيرا ما تصاحب جرائم السرقة جرائم قتل، حيث يدبر السارقون القتل إخفاء لمعالم الجريمة. وقد سأل بعض الصحابة عروة بن الزبير فقال: ما شر شيء في العالم؟ قال البطالة44.

ويصنف الإسلام البطالة إلى قسمين وهما:

أ- بطالة المضطر: وتتمثل في اضطرار الناس إلى البطالة مع وجود القدرة على العمل والرغبة فيه والحاجة إليه نتيجة لعدم وجود فرص للعمل، أو الرغبة فيه والحاجة إليه نتيجة لعدم وجود فرص للعمل، أو الرغبة في العمل مع وجود مانع في العجز أو المرض يمنع صاحبه من إمكانية ممارسة العمل.

ب- بطالة الكسول: فالكسول هو الشخص القادر الذي يجد أن أبواب العمل مفتوحة أمامه لكنه مع هذا يتوانى عن الالتحاق به كسلا ويعيش عالة على الناس دون استحياء، وقد يلجأ، في سبيل التعيش إلى الأساليب غير المشروعة دون وازع من دين أو خلق.

والإسلام يحارب البطالة بكل أشكالها وأنواعها، فبطالة المضطر تواجهها الدولة فالحاكم مسئول عن تدبير عمل شريف لكل قادر عليه. أما بطاقة الكسول فإن الإسلام ينكرها ويحاسب عليها الدولة والفرد معا، فالإسلام يحارب البطالة ولو كانت بحجة التفرغ للعبادة. وقد قال عمر بن الخطاب إني لأرى الرجل يعجبني فأقول: هل له حرفة؟ فإن قيل لا سقط من عيني.

ص: 260