الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمطالب الحياة المتغيرة في كل عصر، بشرط الالتزام بالأصول العامة.
أساليب التربية الإسلامية
مدخل
…
أساليب التربية الإسلامية:
يعتمد النظام التربوي الإسلامي على مجموعة من الأساليب التي لم يصل إليها الفكر الغربي -كأساليب تربوية لتنمية الشخص تنمية متكاملة- إلا حديثًا. ونستطيع إيجاز أهم هذه الأساليب فيما يلي:
أولًا:
أسلوب القدوة الصالحة:
وهو أهم الأساليب فلا خير في مرب يتشدق بقيم واتجاهات لا يحققها سلوكيًّا في نفسه، وينهانا القرآن الكريم عن التناقض بين القول والفعل، يقول تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3] . وقد كان رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام القدوة الحسنة لكل المؤمنين، والمثل الذي يجب الاهتداء به قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21] . وعندما سُئِلَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ الرسول قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: "فإن خلق نبي الله صلي الله عليه وسلم كان القرآن" أخرجه مسلم 1/513. ويجب على كل مرب -أب أو مدرس أو واعظ- أن يضرب المثل بنفسه لكل ما يدعو إليه حتى يكون له الأثر الطيب في نفوس النشء، إلى جانب تخير الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الأطفال لما له من أثر في الصياغة الثقافية Cultural Moulding للفرد، ويجب أن تكون سيرة الرسول عليه السلام جزءًا دائمًا من منهج التربية ليكون قدوة حية أمام الناس للفرد. وقد سبق أن أشرنا إلى هذه النقطة.
ثانيًا:
أسلوب الترغيب والترهيب:
يعتمد الإسلام في صياغة الشخصية الإسلامية وتنمية التلميذ معرفيًّا
وعقليًّا ونفسيًّا على أسلوب الثواب والعقاب، وهو أسلوب يتفق مع طبيعة الإنسان حيثما كان، وفي أي مجتمع مهما كانت عقيدته ولونه وجنسه. فالإنسان يتحكم في سلوكه وفكره ويعدل فيهما بمقدار إدراكه لطبيعة أو نوعية ما يترتب عليهما من نتائج وخبرات -سارَّة أو مؤلمة- ويميل الإنسان إلى الخبرات والسلوك الذي يقترن بخبرات سارة، والتخلي أو رفض السلوك الذي يقترن بخبرات مؤلمة. ويستخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب حيث يحرص باستمرار على تأكيد أن هناك نتائج إيجابية للإيمان ومراقبة الله والتحلي بالقيم الإسلامية، وهناك نتائج سلبية سيئة للانحراف عن العقيدة سواء في الدنيا وفي الآخرة. يقول تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30-32] . ويقول تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ، لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَاّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ، فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الدخان: 51-75] .
وفي مقابل هذا الوضع والمصير الرائع للمؤمنين، هناك الوضع والمصير المزري للمشركين والكفار والمنحرفين، يقول تعالى:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ، وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: 19-20] . وإذا كان الإنسان معرضًا باستمرار إلى الزلل فيجب عليه أن يتوب من قريب، وأن يستغفر ربه بصفة مستمرة، فذلك هو أسلوب العودة إلى الله ونبذ السيئات، وهذا الأسلوب التربوي