الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
حرف الطاء
-
580-
الطَّيّب بْن إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن خليفة [1] .
أبو حامد الْبَغْدَادِيّ، الحرْبيّ، القصير.
وُلِد سنة أربعٍ وعشرين، وسمع: أَبَا بَكْر قاضي المَرِسْتان، وعبد اللَّه وعبد الواحد ابنا أَحْمَد بْن يوسف.
وأصمّ فِي آخر عُمره، فكان يروي من لفظه.
روى عَنْهُ: الدُّبيثيّ، والضّياء.
وأجاز للفخر عليّ.
وتُوُفّي فِي جُمادى الآخرة.
-
حرف العين
-
581-
عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن الْإِمَام مُحَمَّد بْن القَاسِم بْن حبيب [2] .
العلّامة أبو سعْد ابن الصّفّار النَّيْسابوريّ، وَلدُ الإمام أبي جعفر.
ولد سنة ثمان وخمسمائة، وسع من: جدّه لأمّه الأستاذ أَبِي نصر بْن القُشَيْريّ وهو آخر من حدَّث عَنْهُ.
[1] انظر عن (الطيب بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 31 رقم 807، والمختصر المحتاج إليه 2/ 123 رقم 745، والمشتبه 1/ 326، وتوضيح المشتبه 4/ 239.
[2]
انظر عن (عبد الله بن عمر) في: التقييد 327 رقم 393، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 34، 35 رقم 817، والجامع المختصر 9/ 133، ودول الإسلام 2/ 80، والعبر 4/ 312، 313، والإعلام بوفيات الأعلام 247، والمعين في طبقات المحدّثين 184 رقم 1965، وسير أعلام النبلاء 21/ 403، 404 رقم 206، والإشارة إلى وفيات الأعيان 313، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 156 رقم 1152، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 144 رقم 744، والوافي بالوفيات 17/ 372 رقم 304، والنجوم الزاهرة 6/ 186، والعقد المذهب، ورقة 162، وشذرات الذهب 4/ 345.
وسمع من: الفُرَاويّ، وزاهر الشّحاميّ، وعبد الغافر بْن إِسْمَاعِيل الفارسيّ، وعبد الجبّار بْن مُحَمَّد الخُواريّ، وغيرهم.
قرأتُ بخطّ الحافظ ابن نُقْطَة [1] قال: أبو سعْد ابن الصّفّار سمع الكثير وكان إماما ثقة صالحا مُجْمَعًا على دِينه وأمانته.
حدَّث ب «صحيح مُسْلِم» عن الفُرَاويّ، وب «السُّنَن والآثار» للبَيْهَقي، بسماعه من الخُواريّ، وب «السُّنَن» لأبي دَاوُد، سمعه من عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل، بسماعه من نصر بْن عليّ الحاكميّ [2] .
تُوُفّي فِي سابع شعبان [3] .
وقال المنذريّ [4] : تُوُفّي فِي سابع عشر رمضان.
قلت: روى عَنْهُ: بَدَل بْن أَبِي المعمّر التّبْريزيّ، وإسماعيل بْن ظَفَر النّابُلسيّ، ونجم الكبراء أبو الجنّاب أَحْمَد بْن عُمَر الخبوقيّ، وأبو رشيد الغزّال، وابنه أبو بَكْر القاسم بْن عَبْد اللَّه، وجماعة.
وبالإجازة الشّيخ شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وفخر الدّين عليّ ابن البخاريّ.
وأنبأني أبو العلاء الفَرَضيّ قال: مجد الدّين أبو سعْد الصّفّار، كان إماما عالما بالأصول، فقيها، ثقة، من بيت العِلم والرواية.
سمع: أَبَاهُ، وعمّته عَائِشَة، وجدَّه لأمِّه أَبَا نصر عَبْد الرحيم، وجدّته دُردانة بِنْت إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الغافر الفارسيّ، والفُرَاويّ، وزاهرا، وأبا المعالي الفارسيّ، وهبة اللَّه السّيّديّ، وسهل بن إبراهيم المسجديّ، وجماعة.
[1] في التقييد 327.
[2]
التقييد 327.
[3]
التقييد 327.
[4]
في التكملة 2/ 34.
ومن سماع أبي سعد «سنن الدّار الدّارَقُطْنيّ» ، سمعه بفُوَيْتٍ على أَبِي القاسم الفضل بْن مُحَمَّد الأَبِيوَرْدِيّ، أَنَا أبو مَنْصُور النُّوقَانيّ، عَنْهُ. وسمع «السُّنَن الكبير» للبَيْهقيّ من زاهر.
وقد روى الفخر عليّ عَنْهُ هذين الكتابين بالإجازة [1] .
582-
عَبْد اللَّه بْن أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد [2] بْن عليّ بْن زبْرج [3] .
أبو المعالي ابن العتّابيّ، الفقيه الشّافعيّ.
كان يحج كل عام عن الخليفة المستضيء.
وأخطأ مَن سمع منه عن قاضي المَرِسْتان، فإنّه قال: هَذَا السّماع لأخي، وأنا وُلِدت بعد تاريخ هَذَا السّماع بثلاثِ سِنيْن.
تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة.
وقال ابن النّجّار: لم تكن سِيرته مَرْضِيَّة. ثُمَّ روى عَنْهُ من «أمالي» الجوهريّ.
583-
عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن ثابت بْن زَيْدِ بْن القاسم [4] .
أبو حامد بْن النخّاس، الْبَغْدَادِيّ، الوكيل، ويُعرف بابن جَوالق.
وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وخمسمائة، وأسمعه أَبُوهُ الفقيه أبو عَبْد اللَّه من القاضي الْأَنْصَارِيّ، وأبي القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبي منصور القزّاز، وأبي البركات الأنماطيّ، وجماعة.
[1] وقال ابن نقطة: وهو أكثر مشايخ خراسان سماعا، وأقدمهم سنّا وسندا.
[2]
انظر عن (عبد الله بن أبي منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 28 رقم 801، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 105، والعقد المذهب، ورقة 162، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 147 ب، وبغية الوعاة 2/ 55.
[3]
في طبقات الشافعية لابن كثير: «روح» وهو تصحيف.
[4]
انظر عن (عبد الله بن مسلم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 38 رقم 820، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 110، وسير أعلام النبلاء 21/ 415 دون ترجمة، والمختصر المحتاج إليه 2/ 173 رقم 813.
وحدَّث بالكثير.
روى عَنْهُ: الدُّبيثيّ، وقال: سمعت منه سنة ستّ وسبعين وخمسمائة، وابن خليل، والضياء، واليلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف.
وأجاز لابن أبي الخير، وشمس الدين بن أبي عمر، والفخر علي، والكمال عَبْد الرحيم ابن عَبْد الملك.
وكان يروي «تاريخ الخطيب» ، سوى جزءين منه، عن القزّاز.
تُوُفّي فِي العشرين من رمضان. وأبوه مُسْلم مخفّف، والنّخّاس بمعجمة.
584-
عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُحَمَّد بْن يَعْلَى [1] .
أبو الرضا المصريّ، الشّافعيّ، الْمُقْرِئ.
أَمَّ بمسجد الشّجاعة بمصر مدَّةً طويلة.
وسمع من: عَبْد اللَّه بْن رفاعة، وعليّ بْن نصر الأرتاحيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الكِيزانيّ.
قال المنذريّ: تُوُفّي فِي منتصف ربيع الأوّل. وحدَّثنا عَنْهُ غير واحد.
585-
عَبْد الباقي بْن عَبْد الجبّار بْن عَبْد الباقي [2] .
أبو أَحْمَد الهَرَويّ، الصُّوفيّ، الحُرْضيّ، والحُرْض الأشنان.
كان صاحبا لأبي الوقت السِّجْزيّ وخَدَمه فِي السَّفَر إِلَى بغداد، وحدَّث عَنْهُ.
وعن: أَبِي الخير الباغبان، ومسعود الثّقفيّ.
وسكن بغداد.
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 17 رقم 777.
[2]
انظر عن (عبد الباقي بن عبد الجبار) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) مادّة:
الحرضي، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 45، 46 رقم 838، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 181، والمختصر المحتاج إليه 3/ 85 رقم 909.
روى عَنْهُ: الضّياء، والنّجيب عَبْد اللّطيف، وإسحاق بْن محمود بْن بلكويْه البُرُوجرْديّ، وغيرهم.
وتُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من ذي القعدة.
وأجاز للفخر عليّ.
586-
عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
أبو القاسم الْقُرَشِيّ، الْمَصْرِيّ، المؤدّب، الفقيه الشّافعيّ.
سمع من: عشير بْن عليّ، وأبي الفضل الغَزْنَويّ، وطائفة.
وانقطع إِلَى الحافظ عَبْد الغنيّ فأكثر عَنْهُ ومعه، وكتب الكثير، وحصّل كتبا كثيرة من الحديث والفِقْه.
وعاجَلَتْه المَنِيَّة فِي هَذِهِ السّنة.
وكان يؤدّب الصّبيان ويؤمّ بمسجد المنارة.
587-
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مرشد بْن عليّ بْن منقذ [2] .
الأمير الكبير شمس الدّولة أبو الْحَارِث ابن الأمير نجم الدّولة الكِنانيّ الشَّيْزَرِيّ.
وُلِد بشَيْزَر سنة ثلاث وعشرين [3] وخمسمائة.
وسمع بالثّغر من أبي طاهر السِّلَفيّ.
وهو الّذي وجَّهه صلاح الدّين فِي الرّسْليَّة إِلَى صاحب المغرب. وكان أديبا، عالما، نبيلا، شاعرا، مُحسِنًا، مترسِّلًا، من بيت الشّجاعة والإمرة [4] .
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 50، 51 رقم 852.
[2]
انظر عن (عبد الرحمن بن محمد بن مرشد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 52 رقم 856، والوافي بالوفيات 18/ 251، 252 رقم 301.
[3]
في الوافي: ولد سنة اثنتين وعشرين.
[4]
من شعره:
لام العذول على هواه
…
فقلت عذل لا يفيد
زادت ملاحته فقلّوا
…
من ملامي أو فزيدوا
588-
عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن علي بْن زَيْدِ بْن اللّتّي [1] .
مرّ، الرّقيقيّ.
حدَّث عن: أَبِي الوقت، وغيره.
وتُوُفّي فِي أواخر العام.
589-
عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد السّميع بْن مُحَمَّد بْن شجاع [2] .
الشّريف أبو الكَرَم الهاشميّ، الْبَغْدَادِيّ.
عاش ثلاثا وثمانين سنة. وسمع هبة اللَّه بْن أَحْمَد الحريريّ، وقاضي المَرِسْتان.
روى عَنْهُ: الدُّبيثيّ، وابن النّجّار.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
590-
عَبْد السّلام بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد [3] .
الأندلسيّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ الحربيّ، المعروف بابن الأرمنيّ.
روى عن: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يوسف.
وأجاز للزّكيّ عَبْد العظيم.
591-
عَبْد الغني بْن عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن سُرُور بْن رافع بْن حسن بْن جَعْفَر [4] .
[ () ]
قد جدّد الوجد القديم
…
لديّ عارضه الجديد
ومنه:
وأغيد مسب للعقول بوجهه
…
وثغر تبدّى درّه من عقيقه
إذا لدغت قلبي عقارب صدغه
…
فليس شفائي غير درياق ريقه
[1]
انظر عن (عبد الرحمن بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 51 رقم 853.
[2]
انظر عن (عبد الرزاق بن عبد السميع) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 24، 25 رقم 791، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 159، والمختصر المحتاج إليه 3/ 62 رقم 853.
[3]
انظر عن (عبد السلام بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 21، 22 رقم 784، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 141، والمختصر المحتاج إليه 3/ 38 رقم 806.
[4]
انظر عن (عبد الغني بن عبد الواحد) في: التقييد لابن نقطة 370 رقم 473، وذيل الروضتين
الحافظ الكبير، تقيّ الدّين أبو مُحَمَّد المقدسيّ الجمَّاعيليّ، ثُمَّ الدَّمشقيّ، الصّالحي، الحنبليّ.
وُلِد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وهو والشّيخ الموفَّق فِي عامٍ، وهما أبناء خالةٍ. وُلدا بجَمَّاعِيل.
سمع بدمشق: أَبَا المكارم عَبْد الواحد بْن هلال، وأبا المعالي بْن صابر، وسلمان بْن عليّ الرَّحْبيّ.
وببغداد: أَبَا الفتح بْن البطّيّ، والشّيخ عَبْد القادر، وأبا زُرْعة المقدسيّ، وهبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وَأَحْمَد بْن المقرّب، وأبا بَكْر بْن النَّقُّور، والمبارك بْن الْمُبَارَك السِّمسار، وَأَحْمَد بْن عَبْد الغنيّ الباجِسْرائيّ، ومَعْمَر بْن الفاخر، ويحيى بْن ثابت، والمبارك بْن خضر، ويحيى بْن عليّ الخَيْميّ، والمبارك بْن مُحَمَّد الباذرائيّ، وأبا مُحَمَّد بْن الخشّاب، وطبقتهم.
وبالموصل: أَبَا الفضل عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخطيب، وبهَمَذَان عَبْد الرّزّاق بْن إِسْمَاعِيل القُومِسانيّ، ونسيبه المُطَهَّر بْن عَبْد الكريم، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل القُومِسانيّ، وجماعة.
[ () ] 46، 47، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 278، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 519- 522، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 17- 19 رقم 778. والجامع المختصر 9/ 140، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 168، 169، رقم 124، والإشارة إلى وفيات الأعيان 313، ودول الإسلام 2/ 80، وتذكرة الحفاظ 4/ 1372، وسير أعلام النبلاء 21/ 443- 471، رقم 235، والإعلام بوفيات الأعلام 247، والعبر 4/ 313، ومرآة الجنان 3/ 499، والبداية والنهاية 13/ 38، 39، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 5- 34، والعسجد المسبوك 2/ 289، 290، والفلاكة والمفلوكين للدلجي 68، 69، وحسن المحاضرة 1/ 165، وطبقات الحفاظ 487، وتاريخ الخلفاء 457، وكشف الظنون 1013، 1164، 1509، 2053، وشذرات الذهب 4/ 345، وإيضاح المكنون 2/ 69، وهدية العارفين 1/ 589، وديوان الإسلام 3/ 277، والنجوم الزاهرة 6/ 185، والأعلام 4/ 34، ومعجم المؤلّفين 5/ 275، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 114 رقم 1077، وفهرس مخطوطات الظاهرية 72، 174، 210، 211، 306، فهرس المخطوطات المصوّرة 2/ 216، 217، 233، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) - القسم الثاني- ج 2/ 220- 222 رقم 557.
وبأصبهان: الحافظ أَبَا مُوسَى المَدِينيّ، وأبا سعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصّائغ، وأبا رشيد إِسْمَاعِيل بْن غانم البيّع، وأبا الفتح بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وأحمد بْن مَنْصُور التُّرْك، وأبا رشيد حبيب بْن إِبْرَاهِيم، وأبا غالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ناصر، وسُفيان وعليّا ابنَيْ أَبِي الفضل بْن أَبِي طاهر الخِرَقيّ، وبنيمان بْن أَبِي الفوارس السّبّاك، ومعاوية بْن عليّ الصُّوفيّ، وحمزة بْن أَبِي الفتح الطَبريّ، وغيرهم.
وبالإسكندريَّة: أَبَا طاهر السِّلَفيّ فأكثر، وأبا مُحَمَّد عَبْد اللَّه العثمانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن خَلَف اللَّه الْمُقْرِئ، وجماعة.
وبمصر: مُحَمَّد بْن عليّ الرَّحبّي، وعليّ بْن هبة اللَّه الكامليّ، وعبد اللَّه بْن برّيّ النّحويّ، وجماعة.
وحدَّث بأصبهان، وبغداد، ودمشق، ومصر، ودمياط، والإسكندريّة.
وكتب ما لا يوصف، وصنَّف التّصانيف المفيدة، ولم يزل يسمع ويسمع ويكتب ويجمع إلى أن توفّاه اللَّه تعالى إِلَى رحمته.
روى عَنْهُ: الشّيخ الموفّق، والحافظ عَبْد القادر الرُّهاويّ، وولداه أبو الفتح محمد وأبو موسى عبد الله، والحافظ الضّياء، والحافظ ابن خليل، والفقيه اليُونينيّ، وسليمان الأسْعَرْدِيّ، والزَّيْن بْن عَبْد الدّائم، وعثمان بْن مكّيّ الشّارعيّ الواعظ، وأحمد بْن حامد بْن أَحْمَد بْن حمْد الأَرْتَاحِيّ الْمُقْرِئ، وإسماعيل بْن عَبْد القويّ بْن عزّون، وأبو عِيسَى عَبْد اللَّه بْن علّاق، وسعد الدّين محمد بن مهلهل الجينيّ، وبقي هَذَا إِلَى ربيع الأوّل سنة أربعٍ وسبعين.
وبالإجازة: أَحْمَد بْن أَبِي الخير وغيره.
قال أبو عَبْد اللَّه بْن النّجار: حدَّث بالكثير، وصنَّف فِي الحديث تصانيف حسنة. وكان غزير الحِفْظ، من أَهْل الإتقان والتّجويد، قيّما بجميع فنون الحديث عارفا بقوانينه، وأصوله، وعِلَله، وصحيحه، وسقيمه، وناسخه، ومنسوخه، وغريبه، ومُشْكله، وفِقْهه، ومَعانيه، وضبْط أسماء رُواته. وكان
كثير العبادة، ورِعًا، متمسّكا بالسُّنَّة على قانون السَّلف. ولم يزل بدمشق- يَعْني بعد رجوعه من أصبهان- يحدّث وينتفع به النّاس، إِلَى أن تكلّم فِي الصّفات والقرآن بشيءٍ أنكره عليه أَهْل التّأويل من الفقهاء، وشنّعوا عليه، وعُقِد له مجلسٌ بدار السّلطان، حضره الفقهاء والقُضاة، فأصرَّ على قوله، وأباحوا إراقة دمه فشفع له جماعة إِلَى السّلطان من الأمراء الأكراد، وتوسّطوا فِي القضيَّة على أن يُخرَج من دمشق، فأُخرج إِلَى مصر، وأقام بها خاملا إِلَى حين وفاته.
أخبرنا يعيش بْن ملك الحنبليّ، أَنَا عَبْد الغنيّ. قلت: فذكر حديثا.
قرأتُ بخطّ العلّامة شيخ أصبهان أَبِي مُوسَى المَدِينيّ: يقول أبو مُوسَى عَفَا اللَّه عَنْهُ: قلَّ من قدِم علينا من الأصحاب يفهم هذا الشّأن كَفَهْم الشّيخ الْإِمَام ضياء الدّين أَبِي مُحَمَّد عَبْد الغنيّ بْن عَبْد الواحد المقدسيّ، زاده اللَّه تعالى توفيقا. وقد وُفِّق لتبيين هَذِهِ الغلطات على أنّ فِي الكُتُب المصنَّفة فِي معرفة الصّحابة غير هَذَا من الخطأ، ولا تنفكّ الكُتُب المجموعة فِي ذلك من ذلك، وما ذكره كما ذكره.
إِلَى أن قال: ولو كان الدّار الدَّارَقُطْنِيّ، وأمثاله فِي الأحياء لَصَوَّبوا فِعْله، وقلّ من يفهم فِي زماننا لِما فهمه. كتبه أبو مُوسَى.
قلت: هَذَا كتبه على ظهر كتاب «تبيين الإصابة لأوهامٍ حصلت فِي معرفة الصّحابة» الّذي جمعه الحافظ أبو نُعَيْم. وهو مجلّد صغير أبان فيه عن حِفْظٍ باهر، ومعرفةٍ تامَّة.
وقال الضّياء: ثُمَّ سافر الحافظ إِلَى أصبهان. وكان خرج وليس معه إلّا قليلُ فلوس، فسهّل اللَّه له مَن حمله وأنفق عليه، حتّى دخل أصبهان، وأقام بها مدَّة، وحصّل بها الكُتُب الجيّدة.
وكان ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إِلَى السُّمْرة، حَسَن الثَّغْر، كثّ اللّحية، واسع الجبين، عظيم الخلْق، تامّ القامة، كأنّ النّور يخرج من وجهه.
وكان قد ضعف بصره من كثرة البكاء والنَّسْخ والمطالعة.
ذكر تصانيفه رحمه الله كتاب «المصباح فِي الأحاديث الصِّحاح» فِي ثمانية وأربعين جزءا، يشتمل على أحاديث «الصّحيحين» ، كتاب «نهاية المراد فِي السّنن» نحو مائتي جزء، ولم يبيّضه، كتاب «اليواقيت» مجلّد، كتاب «تحفة الطّالبين فِي الجهاد والمجاهدين» مجلّد، كتاب «الروضة» أربعة أجزاء، كتاب «فضائل خير البريّة» أربعة أجزاء، كتاب «الذّكر» جزءان، كتاب «الإسراء» جزءان، كتاب «التّهجّد» جزءان، كتاب «الفرج» جزءان، كتاب «رحلات الأحياء إلى الأموات» جزءان، كتاب «الصّفات» جزءان، كتاب «محنة أَحْمَد» ثلاثة أجزاء، كتاب «ذمّ الرّياء» جزء، «ذمّ الغَيْبة» جزء، «التّرغيب فِي الدّعاء» جزء، «الأمر بالمعروف» جزء، كتاب «فضائل مكّة» أربعة أجزاء، «فضائل الحج» جزء، «فضائل رجب» جزء، «وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم» جزء، «أقسام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم» جزء، «الأربعون» جزء، أربعون أخرى، «الأربعون من كلام ربّ العالمين» جزء، أربعون حديثا بسندٍ واحد، «اعتقاد الشّافعيّ» جزء، كتاب «الحكايات» سبعة أجزاء، كتاب «غُنْيَة الحفّاظ فِي مشكل الألفاظ» فِي مجلّدتين، «ذِكر القبور» جزء، «مناقب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز» جزء، «أجزاء في الأحاديث والحكايات» أكثر من مائة جزء، وهذه كلّها بأسانيده.
ومن الكتب بلا إسناد: «الأحكام» فِي ستَّة أجزاء، «العمدة في الأحكام» جزءان، كتاب «درر الأثر» تسعة أجزاء، كتاب «السّيرة النّبويَّة» جزء كبير، «النّصيحة فِي الأدعية الصّحيحة» جزء، «الاعتقاد» جزء، «تبيين أوهام أَبِي نُعَيْم الحافظ فِي الصّحابة» جزء كبير، كتاب «الكمال فِي معرفة الرجال» عدَّة مجلّدات، وفيه إسناد.
قال: وكان لا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنْ حَدِيثٍ إِلا ذكره له وبيّنه. ولا يُسأل عن رَجُلٍ، إلا قال: هُوَ فُلان بْن فلان، وبيَّن نسبه.
قال: وأنا أقول: وكان الحافظ عَبْد الغنيّ المقدسيّ أمير المؤمنين فِي
الحديث. سمعته يقول: كنت عند الحافظ أَبِي مُوسَى فنَازَعَني رجلٌ فِي حديث فقال: هُوَ فِي البخاريّ. وقلت: ليس هُوَ فِيهِ.
قال: فكتب الحديث فِي رُقْعة، ورفعها إِلَى الحافظ أَبِي مُوسَى يسأله عَنْهُ، فناولني الحافظ الرُّقْعة وقال: ما تقول؟ هَلْ هَذَا الحديث فِي الْبُخَارِيّ أم لا؟ فقلت: لا. قال: فخجل الرجل.
وسمعتُ أَبَا الطّاهر إِسْمَاعِيل بْن ظَفَر يقول: جاء رجل إلى الحافظ، يعني عَبْد الغنيّ، فقال: رجلٌ حلف بالطّلاق أنّك تحفظ مائة ألف حديث.
فقال: لو قال أكثر لصَدَق.
شاهدتُ الحافظ غير مرَّةٍ بجامع دمشق يسأله بعض الحاضرين وهو على المنبر: اقرأ لنا أحاديث من غير الجزء. فيقرأ الأحاديث بأسانيدها عن ظهر قلبه.
وقيل إنّه سُئل: لِمَ لا تقرأ من غير كتاب؟ يعني دائما، قال: إنّي أخاف العُجْب.
وسمعت الْإِمَام أَبَا العبّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحافظ قال: سمعت عليّ بْن قفارس الزّجّاج العلثيّ الصّالح قال: لمّا جاء الحافظ من بلاد العجم قلت: يا حافظ ما حفظت بعدُ مائة ألف حديث؟ فقال: بلى. أو ما هَذَا معناه.
سمعتُ أَبَا مُحَمَّد عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الملك الشّيبانيّ يقول: سمعتُ التّاج الكِنْديّ يقول: لم يكن بعد الدّار الدَّارَقُطْنِيّ مثل الحافظ عَبْد الغنيّ، يعني المقدسيّ.
وقال الفقيه أبو الثّناء محمود بْن هَمّام الْأَنْصَارِيّ: سمعت التّاج الكِنْدي يقول: لم يَرَ الحافظ عَبْد الغنيّ مثلَ نفسه.
وقال أبو نزار ربيعة بن الحسين: قد رَأَيْت أَبَا موسى المدينيّ، وهذا الحافظ عَبْد الغنيّ أحفظ منه.
قال الضّياء: وكلّ من رأينا من المحدّثين ممّن رَأَى الحافظ عَبْد الغنيّ وجرى ذَكر حِفْظه ومُذَاكراته قال: ما رأينا مثله، أو ما يشبه هذا.
ثمّ ذكر الضّياء فصلا فِي حِرْصِه على الحديث وطلبه وتحريضه للطَّلَبَة، وقال: حرَّضني على السّفر إِلَى مصر، وسافر معنا ولده أبو سُلَيْمَان وله نحو عشر سنين. وسيّر قبلنا ولدَيْه محمدا وعبد اللَّه إِلَى أصبهان. ثمّ سفّر إسماعيل بن ظفر، وزوّده وأعطاه ما احتاج إليه، فسافر إِلَى بغداد، وأصبهان، وخُراسان. وقبلَ ذلك حرَّض أَبَا الحجّاج يوسف بْن خليل على السَّفَر.
وكان يقرأ الحديث يوم الجمعة بعد الصّلاة بجامع دمشق وليلة الخميس بالجامع أيضا. ويجتمع خلْق. وكان يقرأ ويبكي، ويُبكّي الناسُ بكاء كثيرا، وكان بعد القراءة يدعو دعاء كثيرا.
وسمعتُ شيخنا أَبَا الْحَسَن عليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المِنْبر: قد جاء الْإِمَام الحافظ وهو يريد أن يقرأ الحديث، فأشتهي أن تحضروا مجلسَه ثلاث مرّات، وبعدها أنتم تعرفونه، ويحصل لكم الرغبة.
فجلس أوّل يوم، وكنتُ حاضرا بجامع القرافة، فقرأ أحاديث بأسانيدها حِفْظًا، وقرأ جزءا. ففرح النّاس بمجلسه فَرَحًا كثيرا.
ثمّ سمعت ابن نجا شيخنا يقول: قد حصل الّذي كنت أريده فِي أول مجلس.
قال: وكان يجلس بمصر فِي غير موضعٍ يقرأ الحديث.
وكان رحمه الله لا يكاد يضيّع شيئا من زمانه بلا فائِدة. فإنّه كان يُصلّي الفجر، ويلقّن القرآن، وربّما لقّن الحديث. فقد حفَّظنا منه أحاديث جمَّة تَلْقِينًا. ثُمَّ يقوم فيتوضّأ، ويصلّي ثلاثمائة ركعة بالفاتحة والمعوَّذتين إِلَى قبل وقت الظُّهْر، ثُمَّ ينام نومة، ثُمَّ يُصلّي الظُّهر، ويشتغل إمّا بالتّسميع أو النَّسْخ إِلَى المغرب، فَإِنْ كان صائما أفطر، وإن كان مفطِرًا صلّى من المغرب إِلَى
العشاء الآخرة، فإذا صلّى العشاء نام إِلَى نصف اللّيل أو بعده. ثُمَّ قام فتوضّأ وصلّى لحظة، ثُمَّ توضّأ، ثُمَّ صلّى كذلك، ثُمَّ توضّأ وصلّى إِلَى قرب الفجر، وربّما توضّأ فِي اللّيل سبع مرّات أو أكثر. فَقِيل له فِي ذلك فقال: ما تطيب لي الصّلاة إلّا ما دامت أعضائي رطْبة. ثُمَّ ينام نومة يسيرة إِلَى الفجر. وهذا دأْبُه. وكان لا يكاد يُصلّي فريضتين بوضوءٍ واحد.
سَأَلت خالي الْإِمَام موفَّق الدّين عن الحافظ فقال وكتب بخطّه: كان رفيقي فِي الصِّبَى وَفِي طلب العِلم، وما كنّا نستبق إِلَى خيرٍ إلّا سبقني إليه إلّا القليل. وكمّل اللَّه فضيلته بابتلائه بأذى أَهْل البِدْعة، وعداوتهم له، وقيامهم عليه. ورُزِق العلم وتحصيل الكُتُب الكثيرة، إلّا أنّه لم يعمّر حتّى يَبْتَغِ غرضَه فِي روايتها ونشْرها.
قال الضّياء: وكان يستعمل السِّواك كثيرا، حتّى كأنّ أسنانه البرد.
سمعت محمود بن سلّامة الحرّانيّ التّاجر غير مرَّة يقول: كان الحافظ عَبْد الغنيّ نازلا عندي بأصبهان، وما كان ينام من اللّيل إلّا قليلا، بل يُصلّي ويقرأ ويبكي، حتّى ربّما مَنَعَنَا النّوم إِلَى السَّحَر. أو ما هَذَا معناه.
وكان الحافظ لا يرى مُنْكرًا إلّا غيّره بيده أو بلسانه. وكان لَا تأخذه فِي اللَّه لومَة لائم. رَأَيْته مرَّةً يُريق خمرا، فجبذ صاحبه السّيف، فلم يخف، وأخذه من يده. وكان قويّا فِي بَدَنه. وكثيرا ما كان بدمشق يُنْكر ويكسر الطّنابير والشّبّابات.
قال لنا خالي الموفَّق: كان لا يصبر عن إنكار المُنْكَر إذا رآه.
سمعت فضائل بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن سُرور المقدسيّ قال: سمعتهم يتحدّثون بمصر أنّ الحافظ كان قد دخل على الملك العادل، فلمّا رآه قام له.
فلمّا كان اليوم الثّاني إذا الأمراء قد جاءوا إلى الحافظ إِلَى مصْر، مثل سركس، وأُزْكش، فقالوا: آمنّا بكرامتك يا حافظ.
وذكروا أنّ العادل قال: ما خفتُ مِن أحدٍ ما خفتُ من هذا الرجل.
فقلنا: أيّها الملك، هَذَا رجلٌ فقيه، أيش خفتَ منه؟ قال: لمّا دخل ما خُيّل إليّ إلّا أَنَّه سَبُع يريد أن يأكلني. فقلنا: هَذِهِ كرامة للحافظ.
قال الضّياء: شاهدتُ بخطّ الحافظ قال: والملك العادل اجتمعت به، وما رَأَيْت منه إلّا الجميل، فأَقبل عليّ وأكرمني، وقام لي والتزمني، ودعَوْتُ له. ثُمَّ قلت: عندنا قُصُور فهو الّذي يوجب التّقصير. فقال: ما عندك لا تقصير ولا قُصُور.
وذُكر أمرُ السُّنَّة فقال: ما عندك شيءٌ تعابُ به فِي أمور الدّين ولا الدّنيا، ولا بُدّ للنّاس من حاسِدين.
وبلغني عَنْهُ بعد ذلك أنّه ذُكر عنده العِلماء فقال: ما رأيتُ بالشّام ولا مصر مثلَ فلان، دخل عليَّ فَخُيّل إليَّ أنّه أسد قد دخل عليَّ، وهذا ببركة دعائكم ودعاء الأصحاب.
قال الضّياء: وكان المبتدعة قد وغروا صدر العادل على الحافظ، وتكلّموا فِيهِ عنده. وكان بعضهم يقول إنّه ربّما قتله إذا دخل عليه. فسمعتُ بعضَهم أنّ بعض المبتدعة أرسل إِلَى العادل يبذل فِي قتْل الحافظ خمسة آلاف دينار.
وسمعتُ الشّيخ أَبَا بَكْر بْن أَحْمَد، الطّحّان قال: لكن فِي دولة الأفضل عليّ جعلوا الملاهي عند دَرَج جَيْرون، فجاء الحافظ فكسر شيئا كثيرا منها.
ثُمَّ جاء فصعِد على المِنبر يقرأ الحديث، فجاء إليه رسول القاضي يطلبه حتّى يُناظره فِي الدّفّ والشّبابة فقال الحافظ: ذاك عندي حرام. وقال: لا أمشي إليه، إنْ كان له حاجة فيجيء هو.
ثمّ تكلَّم على المِنْبر، فعاد الرَّسُول فقال: لا بُدّ من مجيئك قد بطلت هَذِهِ الأشياء على السّلطان. فقال الحافظ: ضربَ اللَّهُ رقبتَه ورقبة السّلطان.
فمضى الرَّسُول، وخِفْنا من فتنة، فَمَا جاء أحدٌ بعد ذلك.
سمعت محمود بْن سلامة الحرّانّي بأصبهان قال: كان الحافظ بأصبهان فيصطفّ النّاس فِي السّوق ينظرون إليه. ولو أقام بأصبهان مدَّةً وأراد أن يملكها لملكها. يعني من حُبّهم له ورغبتهم فِيهِ.
قال الضّياء: ولمّا وصل إِلَى مصر أخيرا كنّا بها، فكان إذا خرج يوم الجمعة إِلَى الجامع لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلْق، يتبرّكون به، ويجتمعون حوله. وكان سخيّا، جوادا، لا يدَّخر دينارا ولا درهما. ومهما حصل له أَخْرَجَهُ. ولقد سمعتُ عَنْهُ أنّه كان يخرج فِي بعض اللّيالي بقِفاف الدّقيق إِلَى بيوت المحتاجين، فإذا فتحوا له ترك ما معه ومضى لئلّا يُعرف. وكان يُفتح له بشيء من الثّياب والبُرد، فيعطيه للنّاس، وربّما كان عليه ثوب مرقَّع.
قال لي خالي الموفّق: كان جوادا، يؤثر بما تصل يده إِليه سرّا وعلانية.
وقال عبد الجليل الْجِيلانيّ: كنتُ فِي مسجد الوزير، فبقيت ثلاثة أيّام ما لنا شيء، فلمّا كان العصر يوم الجمعة سلّمت على الحافظ، ومشيت معه إِلَى خارج باب الجامع فناولني نفقة، فإذا هِيَ نحو خمسين درهما.
وسمعت بدْرَ بنَ مُحَمَّد الْجَزَريّ قال: ما رَأَيْت أحدا أكرم من الحافظ عَبْد الغنيّ، قد أوفى عنّي غير مرَّة.
سمعت سُلَيْمَان بْن إِبْرَاهِيم الأَسْعَرْدِيّ يقول: بعث الملك الأفضل إلى الحافظ بنفقة وقمح كثير. ففرّقه كلّه، ولم يترك شيئا.
سمعت أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه العراقيّ: حَدَّثَنِي مَنْصُور قال: شاهدتُ الحافظ فِي الغلاء بمصر، وهو ثلاث ليالٍ يؤثر بعَشَائه ويَطْوي.
سمعتُ الفقيه مقصد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد المصريّ قال: سمعتُ أنّ الحافظ كان زمان الغلاء يؤثر بعَشَائه. يعني غلاء مصر.
قال الضّياء: وقد فُتِح له بمصر بأشياء كثيرة من الذَّهب وغير ذلك، فَمَا كان يترك شيئا.
سمعت الرِّضَى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار: سمعتُ الحافظ يقول: سألتُ اللَّه أنْ يرزقني مثل حال الْإِمَام أَحْمَد، فقد رزقني صلاته.
قال: ثُمَّ أبتُليَ بعد ذلك وأُوذِيَ.
سمعت الْإِمَام أَبَا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْحَسَن الْجُبّائيّ [1] يقول: كان أبو نعيم قد أخذ على الحافظ ابن مَنْدَهْ أشياء فِي معرفة الصّحابة، فكان الحافظ أبو مُوسَى يشتهي أنْ يأخذ على أَبِي نُعَيْم فِي كتابه، فَمَا كان يجسر.
فلمّا جاء الحافظ عَبْد الغنيّ أشار إليه بِذَلِك، فأخذ على أَبِي نُعَيْم فِي كتابه «معرفة الصّحابة» نحوا من مائتين وتسعين موضعا. فلمّا سمع بِذَلِك الصّدر عَبْد اللّطيف بْن الخُجَنْدِيّ طلب الحافظ عَبْد الغنيّ، وأراد هلاكه، فاختفى الحافظ.
وسمعت مُحَمَّد بْن سلامة الحَرَّانيّ قال: ما أخرجنا الحافظ من أصبهان إلّا فِي إزار. وذلك أنّ بيت الخُجَنْدِيّ، أشاعِرة يتعصّبون لأبي نُعَيْم، وكانوا رؤساء أصبهان.
سمعت الحافظ يقول: كنّا بالمَوْصِل نسمع «الْجَرْح والتّعديل» للعُقَيْليّ، فأخذني أَهْل الموصل وحبسوني، وأرادوا قتلي من أجل ذِكر أَبِي حنيفة فِيهِ.
قال: فجاءني رجلٌ طويل معه سيف، فقلت: لعلّه يقتلني وأستريح.
قال: فلم يصنع شيئا. ثُمَّ أُطلِقت.
وكان يسمع هُوَ وابن البرنيّ، فأخذ ابن البرنيّ الكرّاس الّتي فيها ذِكر أَبِي حنيفة، ففتّشوا الكتاب، فلم يجدوا شيئا، فهذا كان سبب خلاصه.
[1] كان أبوه راهبا، وهو نصرانيّ، أسلم. وهو من «جبّة بشريّ» من أعمال طرابلس الشام.
والصواب في نسبته: «الجبّيّ» . توفي سنة 605 هـ. انظر عنه في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم الثاني- ج 2/ 239- 249 رقم 586، وقد حشدت فيه مصادر ترجمته.
وستأتي ترجمته في الطبقة التالية من هذا الكتاب.
قلت: سمعت عَبْد الحميد بْن خَوْلان: سمعتُ الضّياء يقول: كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق، ويجتمع الخلْق عليه، فحُسِد، وشرعوا يعملون لهم وقتا فِي الجامع، ويقرأ عليهم الحديث، ويجمعون النّاس، فهذا ينام، وهذا قلْبه غير حاضر، فلم يشف قلوبهم، فشرعوا في مكيدةٍ، فأمروا النّاصح بْن الحنبليّ بأنْ يعِظ بعد الجمعة تحت النَّسْر، وقت جلوس الحافظ، فأخّر الحافظ ميعادَه إِلَى العصر. فلمّا كان فِي بعض الأيّام، والنّاصحُ قد فرغ، وقد ذكر الْإِمَام، فدسّوا إليه رجلا ناقص العقل من بيت ابن عساكر، فقال للنّاصح: ما معناه أنّك تقول الكذِبَ على المِنْبر؟ فضُرِب الرجل وهرب، وخبّيء فِي الكلّاسة، ومشوا إِلَى الوالي، وقالوا له: هؤلاء الحنابلة ما قصْدهم إلّا الفِتْنة. وهُمْ وهُمْ واعتقادهم. ثمّ جمعوا كُبَرَاءهم، ومضوا إِلَى القلعة، وقالوا للوالي: نشتهي أنْ تُحْضِر الحافظ.
وسمع مشايخنا، فانحدروا إِلَى المدينة، خالي الموفَّق، وأخي الشّمس البخاريّ، والفقهاء، وقالوا: نَحْنُ نُنَاظِرهم. وقالوا للحافظ: اقعد أنت لا تجيء، فإنّك حادّ، ونحن نكفيك.
فاتّفق أنّهم أرسلوا إِلَى الحافظ فأخذوه، ولم يعلم أصحابنا، فناظروه وكان أجهلهم يُغْري به، فاحتدّ. وكانوا قد كتبوا شيئا من اعتقادهم، وكتبوا خطوطهم فِيهِ، وقالوا له: اكتب خطَّك. فلم يفعل. فقالوا للوالي: قد اتّفق الفُقهاء كلّهم، وهذا يخالفهم. واستأذنوه فِي رفع مِنْبره. فأرسلوا الأسرى، فرفعوا ما فِي جامع دمشق من مِنْبرٍ وخزانة وقالوا: نريد أن لا نجعل فِي الجامع إلّا صلاة الشّافعيَّة، وكسروا منبر الحافظ، ومنعوه من الجلوس، ومنعوا أصحابنا من الصّلاة فِي مكانهم، ففاتهم الظُّهْر.
ثمّ إنّ النّاصح جَمَع البَنَويَّة وغيرهم، وقالوا: إنْ لم يُخَلُّونا نصلّي صلّينا بغير اختيارهم. فبلغ ذلك القاضي، وهو كان صاحب الفتنة، فإذِن لهم، وخاف أن يُصلّوا بغير إذنه.
وكان الحنفيَّة حَمَوْا مقصوراتهم بجماعةٍ من الْجُنْد.
ثُمَّ إنّ الحافظ ضاق صدره، ومضى إِلَى بَعْلَبَكّ، فأقام بها مدَّة، وتوجَّه إِلَى مصر، فبقي بنابلس مدَّةً يقرأ الحديث وكنتُ أَنَا فِي ذلك الوقت بمصر فجاء شابٌّ من دمشق بفتاوى إلى الملك عثمان الْعَزِيز، ومعه كتب أنّ الحنابلة يقولون كذا وكذا. وكان بنواحي الإسكندريَّة، فقال: إذا رجعنا من بلادنا مَن يقول بهذه المقالة؟
فاتّفق أنّه لم يرجع، وشَبَّ به فَرَسُه. وأقاموا ولده موضعه. ثُمَّ أرسلوا إِلَى الأفضل، وكان بصَرْخَد، فجاء وأخذ مصر. ثُمَّ انحرف إِلَى دمشق فاتّفق أنّه لقي الحافظ فِي الطّريق، ففرح به وأكرمه. ونفّذ يوصي به بمصر، فلمّا وصل الحافظ إِلَى مصر تُلُقِّيَ بالبِشْر والإكرام، وأقام بها يُسمع الحديث بمواضع ويجلس. وقد كان بمصر كثيرٌ من المخالفين، لكنْ كَانَتْ رائحة السّلطان تمنعهم.
ثُمَّ إنّ الأفضل حاصر دمشق، وردَّ عَنْهَا بعد أن أشرف على أخْذها، ورجع إِلَى مصر، فجاء العادل خلْفه فأخذ مصر. وبقي بمصر. وأكثَر المخالفون على الحافظ، حتّى استُدعيَ، ولم يحصل لهم بحمد اللَّه ما أرادوا.
وأكرمه العادل، وسافر إِلَى دمشق. وبقي الحافظ بمصر، وهم لا يتركون الكلام فِيهِ، فلمّا أكثروا عَزَم الكامل على إخراجه من مصر.
ثمّ إنّ الحافظ اعتُقِل فِي دارِ سبعَ ليالٍ فَسَمعت التّقيّ أَحْمَد بْن العزّ مُحَمَّد بْن عَبْد الغنيّ: حدَّثني الشّجاع بْن أَبِي زكريّ الأمير قال: قال: لي الكامل: هاهنا رجلٌ فقيه قَالُوا إنّه كافر. قلت: لا أعرفه. قال: بلى، هُوَ محدِّث.
فقلت: لعلّه الحافظ عَبْد الغنيّ؟ قال: نعم هُوَ هُوَ. فقلت: أيّها الملك، العلماء أحدهم يطلب الآخرة، والآخر يطلب الدّنيا. وأنت هاهنا باب الدّنيا، فهذا الرجل جاء إليك، أو أرسل إليك رُقعة؟ قال: لا. قلت: والله هؤلاء
يحسدونه. فهل فِي هَذِهِ البلاد أرفع منك؟ قال: لا. فقلت: هَذَا الرجل أرفع العلماء. فقال: جزاك اللَّه خيرا كما عرَّفْتني هَذَا.
وقال أبو المظفّر بْن الجوزيّ فِي تاريخه [1] : اجتمع قاضي دمشق محيي الدّين والخطيب ضياء الدين وجماعة، وصعدوا إِلَى مُتَولّي القلعة أنّ عَبْد الغنيّ قد أضلّ الناسَ ويقول بالتّشبيه، فعقدوا له مجلسا وأحضروه، فناظرهم، وأخذوا عليه مواضع، منها قوله: لا أُنَزِّهه تنزيها ينفي حقيقة النّزول ومنها:
كان اللَّه ولا مكان، وليس هُوَ اليوم على ما كان. ومنها مسألة الحرف والصَّوت.
فقالوا: إذا لم يكن على ما كان، فقد أثبت له المكان. وَإِذَا لم تنزّه تنزيها ينفي عَنْهُ حقيقة النّزول، فقد أجزت عليه حقيقة الانتقال. وأمّا الحرف والصّوت فإنّه لم يصحّ عن إمامك فِيهِ شيء وإنّما المنقول عَنْهُ أنّه كلام اللَّه لا غير.
وارتفعت الأصوات، فقال له صارم الدّين بزغش والي القلعة: كلّ هؤلاء على ضلالة، وأنت على الحقّ؟ قال: نعم. فأمر الأسارى، فنزلوا فكسروا مِنْبره، ومنعوا الحنابلة من الصّلاة، ففاتتهم صلاة الظُّهْر.
وقال أبو المظفّر [2] فِي مكانٍ آخر: اجتمع الشّافعيَّة، والحنفيَّة، والمالكيّة. بالملك المعظّم بدار العدل، وكان يجلس بها هُوَ والصّارم بزغش، فكان ما اشتهر من أمر عَبْد الغنيّ الحافظ، وإصراره على ما ظهر من اعتقاده، وإجماع الفقهاء على الفُتْيا بتكفيره، وأنّه مبتدِع لا يجوز أن يُترك بين المسلمين، فسأل أنْ يُمهل ثلاثة أيّام لينفصل عن البلد، فأجيب.
قلت: قوله وإجماع الفقهاء على الفُتيا بتكفيره كلامٌ ناقص، وهو كذِبٌ صريح، وإنّما أفتى بِذَلِك بعض الشّافعيَّة الّذين تعصّبوا عليه، وأمّا الشّيخ
[1] مرآة الزمان 8/ 520.
[2]
في مرآة الزمان 8/ 521.
الموفّق وأبو اليُمْن الكِنْديّ شيخا الحنفيَّة والحنابلة فكانا معه. ولكنْ نعوذ باللَّه من الظُّلْم والْجَهْل.
قال أبو المظفّر [1] : وسافر عَبْد الغنيّ إِلَى مصر، فنزل عند الطّحّانين، وصار يقرأ الحديث، فأفتى فقهاء مصر بإباحة دمه، فكتبوا إِلَى ابن شُكر الوزير يقولون: قد أفسد عقائدَ النّاسِ، ويذكر التّجسيم على رءوس الأَشْهاد. فكتب إِلَى والي مصر بنفْيه، فمات قبل وصول الكتاب رحمه اللَّه تعالى بمسجد المصنع.
قال: وكان يُصلّي كلّ يومٍ وليلة ثلاثمائة ركعة ورد الإمام أحمد. وكان يقوم اللّيل عامَّةَ دهره، ويحمل ما أمكنه إِلَى بيوت الأرامل واليتامى سرّا.
وكان أوحد زمانه فِي عِلم الحديث.
وقال الضّياء: سمعت بعض أصحابنا يقول: إنّ الحافظ أُمِرَ أنْ يكتب اعتقاده، فكتب: أقول كذا لقول اللَّه تعالى كذا، وأقول كذا لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم كذا. حتّى فرغ من المسائل الّتي يخالفونه فيها، فلمّا وقف عليها الملك الكامل قال: أيش أقول فِي هَذَا؟ يقولُ بقولِ اللَّه وقول رسول اللَّه؟ فخلّى عَنْهُ.
فصل قال: وسمعت أَبَا مُوسَى بْن عَبْد الغنيّ قال: كنت مع والدي بمصر وهو يذكر فضائل سُفْيان الثَّوريُّ. فقلت فِي نفسي: إنّ والدي مثله.
قال: فالتفت إليّ وقال: أَيْنَ نَحْنُ من أولئك؟.
سمعتُ الزّاهد إِبْرَاهِيم بْن محمود البَعْلَبَكّيّ [2] يقول: كنتُ يوما عند الشّيخ العماد، وقد جاء تجّار، فحدّثوه أنّهم رأوا، أو قال يُرى، النّور على قبر الحافظ عَبْد الغنيّ كلّ ليلة، أو كلّ جمعة. شكّ إبراهيم.
[1] في مرآة الزمان 8/ 521.
[2]
هو: أبو إسحاق إبراهيم بن محمود بن جوهر البعلبكي الدمشقيّ، المقرئ الحنبلي، عرف بالبطائحي. انظر عنه في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم 2 ج 1/ 253 رقم 54.
سمعت الإمام أبا العباس أحمد بن محمد بْن عَبْد الغنيّ قال: رأيتُ البارحة الكمال عبد الرّحيم، يعني أخي، وعليه ثوب أبيض. فقلت: أَيْنَ أنت؟
قال: فِي جنَّةِ عدْن. فقلت: أيّما أفضل الحافظ عَبْد الغنيّ، أو الشّيخ أبو عُمَر؟
قال: ما أدري، وأمّا الحافظ فكلّ ليلة جمعة يُنْصَب له كرسيّ تحت العرش، ويقرأ عليه الحديث، ويُنثر عليه الدّرّ، وهذا نصيبي منه. وكان فِي كُمّه شيء، وقد أمسك بيده على رأس الكُمّ.
وسمعتُ عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد الكرديّ. بحرّان قال: رَأَيْت الحافظ فِي المنام، فقلتُ له: يا سيّدي، أليس قد مُتّ؟ فقال: إنّ اللَّه أبقى [1] عليّ وِرْدي من الصّلاة. أو نحو هَذَا.
وسمعتُ القاضي أَبَا حَفْص عُمَر بْن عليّ الهكّاريّ بنابلس يقول: رَأَيْت الحافظ عَبْد الغنيّ فِي النّوم كأنّه قد جاء إِلَى بيت المقدس، فقلت: جئت غير رَاكب؟ فقال: أَنَا حملني النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
سمعت الحافظ أَبَا مُوسَى قال: حدَّثني رجلٌ من أصحابنا قال: رَأَيْت الحافظ فِي النّوم، وكان يمشي مستعجلا، فقلت: إِلَى أَيْنَ؟ قال: أزور النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: وأين هُوَ؟ قال فِي المسجد الأقصى. فإذا النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه. فَلَمَّا رَأَى الحافظ قامَ صلى الله عليه وسلم له وأجلسه إِلَى جانبه.
قال: فبقي الحافظ يشكو إليه ما لقي، ويبكي ويقول: يا رسول اللَّه كذّبت في الحديث الفلانيّ، والحديث الفلانيّ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
صدقتَ يا عَبْد الغنيّ، صدقتَ يا عَبْد الغنيّ.
سمعتُ أَبَا مُوسَى قال: مرض والدي مَرَضًا شديدا منعه من الكلام والقيام ستَّة عشر يوما. وكنتُ كثيرا ما أسأله: ما تشتهي؟ فيقول: أشتهي الجنَّة، أشتهي رحمة [2] الله. ولا يزيد على ذلك.
[1] في الأصل: «بقي» .
[2]
في الأصل: «رحمت» .
فلمّا كان يوم الإثنين جئتُ إليه، وكان عادتي أبعث كلّ يوم مَن يأتي بماءٍ من الحمّام بكرة يغسل به أطرافه. فلمّا جئنا بالماء مدَّ يده، فعرفت أنّه يريد الوضوء، فوضّأته وقت صلاة الصُّبح، فلمّا توضّأ قال: يا عبد الله قم فصلّ بنا وخفِّف.
فقمت وصلّيت بالجماعة، وصلّى معنا جالسا، فلمّا انصرفَ النّاس، جئتُ وقد استقبل القِبلة فقال: اقرأ عند رأسي «يس» . فقرأتُها، فجعل يدعو وأنا أؤمّن. فقلت له: هاهنا دواء قد عملناه، تشربه قال: يا بُنَيّ، ما بقي إلّا الموت.
فقلت: ما تشتهي شيئا؟ قال: أشتهي النَّظَر إِلَى وجه اللَّه سبحانه وتعالى. فقلت: ما أنت عنّي راضٍ؟ قال: بلى والله، أَنَا راضٍ عنك وعن إخوتك، وقد أجزتُ لك ولإخوتك، ولابن أخيك إبراهيم.
فقلت: ما توصي بشيء. قال: ما لي على أحد شيء، ولا لأحد عليّ شيء.
قلت: تُوصيني بوصيَّة. قال: يا بُنَيّ أُوصيك بتقوى اللَّه، والمحافظة على طاعته.
فجاء جماعة يعودونه، فسلّموا، فردّ عليهم، وجعلوا يتحدّثون ففتح عينيه وقال: ما هَذَا الحديث؟ اذكروا اللَّه، قولوا لا إله إلّا اللَّه. فقالوا، ثُمَّ قاموا، وجعل هو يذكر الله ويحرّك شفتيه، ويشير بعينيه. فدخل دِرع النّابلسيّ.
فسلَّم عليه وقال: ما تعرفني؟ قال: بلى.
فقمتُ لأناوله كتابا من جانب المسجد، فرجعت وقد خَرَجَتْ روحُه.
وذلك يوم الإثنين الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل. وبقي ليلة الثّلاثاء فِي المسجد، واجتمع الخلْقُ الغد، خلْق كثير من الأئمَّة والأمراء، وما لا يحصيهم إلّا اللَّه. ودفنّاه بالقرافة مقابل قبر أَبِي عَمْرو بْن مرزوق، فِي مكانٍ ذكر لي خادمه عَبْد المنعم أنّه كان يزور ذلك المكان، ويبكي فِيهِ إِلَى أن يبلّ الحصَى، ويقول: قلبي يرتاحُ إِلَى هَذَا المكان. فرحمه اللَّه ورضي عَنْهُ.
قال الضّياء: وتزوَّج ببنت خاله رابعة بِنْت أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، فولدت له مُحَمَّد، وعبد الرَّحْمَن، وفاطمة، وعاشوا حتّى كبروا. وتسرَّى بجاريةٍ فِي مصر، فلم توافقْه، ثُمَّ بأخرى، فولدت له بنتين ماتتا ولم تكبرا.
سمعت عَبْد الحميد بْن خَوْلان أنّ الضّياء أخبرهم قال: لمّا دخلنا أصبهان كنّا سبعة، أحدنا الْإِمَام أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحافظ، وكان طفلا، فسمعنا على المشايخ. وكان شيخنا مؤيَّد الدّين ابن الإخوة عنده جملة حَسَنَة من المسموعات، فسمعنا عليه قطعة، وكان يتشدّد علينا. ثُمَّ إنّه تُوُفّي، فضاق صدري لموته كثيرا، لأنّه كَانَتْ عنده مسموعات لم تكن عند غيره. وأكثر ما ضاق صدري لأجل ثلاثة كُتُب:«مُسْنَد العَدنيّ» ، و «مُعْجَم ابن الْمُقْرِئ» ، و «مُعْجم أَبِي يَعْلَى» . وكنت قد سمعت عليه فِي السَّفْرة الأولى «مُسْنَد العَدَنيّ» ولكن لأجل رفقتي، فرأيت فِي النّوم كأنّ الحافظ عَبْد الغنيّ رحمه الله قد أمسك رجلا، وهو يقول لي: أمّ هَذَا، أمّ هَذَا. والرجل الّذي أشار إليه هُوَ ابن عَائِشَة بِنْت عُمَر.
فلمّا استيقظت قلتُ فِي نفسي: ما قال هَذَا إلّا لأجل شيء. فوقع فِي قلبي أنّه يريد الحديث، فمضيت إِلَى دار بني مَعْمر وفتَّشْت الكُتب، فوجدتُ «مُسْنَد العَدَنيّ» سماع عَائِشَة مثل ابن الإخوة، فلمّا سمعناه عليها قال لي بعض الحاضرين: إنْ لها سماعا بمُعْجَم ابن الْمُقْرِئ. قلت: أَيْنَ هُوَ؟ قال: عند فلان الخبّاز. فأخذناه وسمعناه منها. وبعد أيّام ناولني بعض الإخوان «مُعْجَم أَبِي يَعْلَى» سماعها. فسمعناه.
أنشدنا ابن خَوْلان: أنشدنا أبو عَبْد اللَّه الحافظ سنة ستٍّ وعشرين وستّمائة: أنشدنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سعْد بْن عَبْد اللَّه لنفسه يرثي الحافظ:
هذا الّذي كنت يوم البين أحتسب
…
فلْيَقْض دمعُك عنّي بعض ما يجبُ
لم يُبْقِ فيَّ الأَسَى والسّقْمِ جارحةٍ
…
نفسٌ تذوبُ وقلبٌ بعد ذا يجبُ
تا اللَّهِ لا رُمْتُ صبرا عنهمُ أَبدًا
…
وَفِي الحياة فَمَا لي دونهم أربُ
لا تَعْجَبَنّ لوفاتي بعدهُم أَسَفًا
…
وإنّما فِي حياتي بعدهُم عَجَبُ
سَقْيًا ورَعْيًا لأيّام لنا سَلَفَتْ
…
والشّمْل مجتمعٌ والأُنْس منتسبٌ
والعَيْشُ غَضٌّ وعين الدَّهر راقدةٌ
…
والبَيْنُ رَثٌّ وأثواب الهَوَى قُشُبُ
والدّارُ ما نزحَتْ والوُرْقُ ما صَدَحَتْ
…
وحبَّذا بكم الأجراع والكُتُبُ
إنْ تُمسِ دارُهُم عنّي مُباعِدةً
…
فإنّ مسكنَهُمْ فِي القلبِ مُقْتَربٌ
يا سائرين إِلَى مصرَ سألتُكُم
…
رِفْقًا عليَّ فإنّ الأمرَ مُكتسبُ
قولوا لساكنها: حُيِّيتَ من سَكَنٍ
…
يا مُنْية النَّفسِ ماذا الصَّدُّ والغضبُ
بالشّام قومٌ وَفِي بغدادَ قد أسِفُوا
…
لا البُعدُ أخلقَ بَلْواهُم ولا الحقبُ
منها:
لولاك مادَ عمُود الدّين وانهدمَتْ
…
قواعدُ الحقّ واغتالَ الهُدَى عَطَبُ
فاليومَ بعدَكَ جمرُ الغَيّ مُضْطَرِمُ
…
بادي الشّرار ورُكْن الرُّشْد مضطّربُ
فليبكينّك رسولُ اللهِ ما هَتَفَتْ
…
وُرْقُ الحَمَام وتبكي العُجْم والعربُ
لم يفترقْ بكما حالٌ فموتُكُما
…
نفي الشَّهْر واليوم هَذَا الفَخْرُ والحَسَبُ
أَحْيَيْتَ سُنّتَه من بعد ما دُفِنَتْ
…
وشُدْتَها وقد انهدّتْ لها رُتبُ
يا شامِتين وفينا ما يسؤهُم
…
مسْتَبْشرينَ وهذا الدَّهرُ محتسبُ
ليس الفناء بمقصورٍ على سببٍ
…
ولا البقاءُ بممدودٍ له سببُ
مَن لم يعِظْه بياضُ الشَّعْر أيْقَظَهُ
…
سوادُ عَيْشٍ فلا لَهْوٌ ولا طربُ
الصَّبرُ أهْوَنُ ما تُمطى غَوارِبُهُ
…
والأجر أعذب ما يجنى وتحتلب
إن تحسبوه كريه الطّعم أيسره
…
سم مذاف ففي أعقابه الضّربُ
ما ماتُ من كان عزّ الدّين يَعقُبُه
…
وإنّما الميت منكم مَن له عقِبُ
ولا تَقَوَّض بيتُ كان يَعْهَدُهُ
…
مثل العماد ولا أودى له طنب
على العلى بجمال الدّين بعدكما
…
يحيي العلوم بمحيي الدّين والقربُ
مثل الدّراري والسّواري شمْلُها أبدا
…
نجمٌ يغور وتبقى بعده شُهُب
مِن مَعشَرٍ هجروا الأوطانَ وانتهكوا
…
حِمَى الخُطُوبِ وأبكار العُلا خطبوا
شُمُّ العَرانين يلحُّ لو سألتَهُمْ
…
بذلَ النُّفُوسِ لَمَا هابوا بأنْ يهبوا
بِيضٌ مَفَارقُهم سودٌ عواتِقُهُم
…
يُمْسي مُسابِقُهُم من حظّه التّعب
نورٌ إذا سألوا، نارٌ إذا حملوا،
…
سحبٌ إذا نزلوا، أُسْدٌ إذا ركبوا
هَذَا الفَخَارُ، فإنْ تجزع فلا جَزَعٌ
…
على المحبّ، وإنْ تصبرْ فلا عجبُ
الموقدون، ونارُ الخيرِ خامدةٌ
…
والمقدمون، ونار الحرب تلتهبُ
كملت.
592-
عَبْد القادر بْن خَلَف بْن أَبِي البركات يحيى بْن فضلان [1] .
أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ، الأَزَجيّ، المشاهر، المؤدّب.
سمع من: أَبِيهِ، وابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وأبي الفتح الكَرُّوخيّ، وأبي الوقت السِّجْزيّ.
روى عَنْهُ: الدُّبيثيّ، والضّياء، وآخرون.
وأجاز للفخر عليّ.
تُوُفّي فِي ذي الحجَّة.
593-
عَبْد الملك بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن سعْد.
أبو مُحَمَّد المقدسيّ.
قُتِلَ بقرية الهامة فِي شوّال.
وهو والد الزّين أَحْمَد، والجمال عَبْد اللَّه.
594-
عَبْد الملك بْن مظفّر بْن عَبْد اللَّه [2] .
أبو غالب الحربيّ، شيخ صالح.
سمع: أَحْمَد بْن أبي غالب الزّاهد، وسعيد بن البنّاء، وجماعة.
روى عَنْهُ: الحافظ الضّياء، والشَّرَف عَبْد اللَّه بْن أَبِي عُمَر، وابن عمّه المجد عيسى، وغيرهم.
[1] انظر عن (عبد القادر بن خلف) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 47، 48 رقم 843، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 178، والمختصر المحتاج إليه 3/ 81 رقم 901.
[2]
انظر عن (عبد الملك بن مظفّر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 41 رقم 827، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 139، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (الظاهرية) ورقة 23، والمختصر المحتاج إليه 3/ 33، 34 رقم 798.
وأجاز للفخر عليّ، والكمال عَبْد الرحيم بْن عَبْد الملك.
وتُوُفّي فِي شوّال.
595-
عَبْد الملك بْن مواهب بْن مُسلّم بْن الرَّبِيع [1] .
أبو مُحَمَّد، وأبو القاسم السُّلَميّ، الْبَغْدَادِيّ، النَّصْريّ، الورّاق، الشّيخ الصّالح الّذي كان يذكر أنّه رَأَى الخَضِر.
روى عن: القاضي أَبِي بَكْر الأنصاريّ.
قال الدُّبيثيّ: كان صالحا، حَسَن الطّريقة. تُوُفّي فِي تاسع ربيع الآخر.
روى عَنْهُ: هُوَ، وابن خليل، والنّجيب بْن الصَّيْقل.
وقرأت بخطّ شيخنا ابن الظّاهريّ قال: كان صالحا مستجابَ الدّعوة، يأكل من كسب يده، وكان يزعم أنّه يرى الخضر عليه السلام.
قلت: أجاز للفخر عليّ، ولجماعة رحمه الله.
596-
عَبْد الملك بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن [2] .
أبو عليّ المؤذّن، الدّار قزّي، المعروف بابن القُشُوريّ.
ذكر أنّه سمع من: أَبِي القاسم بْن الحُصَيْن، وقاضي المَرِسْتان.
وحدَّث عن: أَبِي غالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أسد العُكْبَرِيّ، شيخ روى عن أَبِي الفتح بْن عِمْرَانَ.
روى عَنْهُ: الدُّبيثيّ وقال: تُوُفّي في صفر، وابن النّجار وقال: صدوق.
[1] انظر عن (عبد الملك بن مواهب) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 21 رقم 783، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 139، وذيل تاريخ بغداد لابن البخاري (الظاهرية) ورقة 23، والجامع المختصر 9/ 128، وسير أعلام النبلاء 21/ 415 دون ترجمة، والمختصر المحتاج إليه 3/ 33 رقم 797، وتوضيح المشتبه 1/ 550 و 3/ 247، وتاج العروس (خضر) 3/ 183.
[2]
انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 11 رقم 771، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 139، والمختصر المحتاج إليه 3/ 33 رقم 796، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام، لابن النجار (الظاهرية) ورقة 19.
597-
عَبْد المنعم بْن الفقيه أَبِي نصر هبة الكريم بْن خَلَف بْن الْمُبَارَك بْن البَطِر [1] .
أبو الفضل الْبَغْدَادِيّ، البيّع، المعروف بابن الحنبليّ.
حدَّث عن: أَبِي الفضل الأَرْمَوِيّ.
وكان أَبُوهُ يروي عن قرابته أَبِي الخطّاب نصر بْن البَطِر.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.
598-
عَبْد المنعم بْن يَحْيَى بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه [2] .
الأَزَجيّ، البيّع.
حدَّث عن: ابن ناصر، وأبي الوقت.
ومات أيضا فِي ذي القعدة رحمه اللَّه تعالى.
599-
عَبْد الواحد بْن سعْد بْن يحيى [3] .
أبو الفتح الْبَغْدَادِيّ، الصّفّار.
من أَهْل نهر القلّايين.
سمع: أَبَا بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وهبة اللَّه بْن الطّبر، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الجبّار بْن أَحْمَد بْن تَوْبة الأَسَديّ، وعبد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القزّاز، وجماعة.
وكان شيخا صالحا. عاش اثنتين وثمانين سنة.
[1] انظر عن (عبد المنعم بن هبة الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 46 رقم 840، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 186، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام لابن النجار، ورقة 31، والمختصر المحتاج إليه 3/ 902 رقم 924.
[2]
انظر عن (عبد المنعم بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 44، 45 رقم 836، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 186، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام لابن النجار (الظاهرية) ورقة 31.
[3]
انظر عن (عبد الواحد بن سعد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 6 رقم 760، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 172، 173، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار، ورقة 42، والمختصر المحتاج إليه 3/ 75 رقم 183.
ومات فِي رابع المحرَّم.
ذكره الحافظ زكيّ الدّين وقال: لنا منه إجازة.
600-
عتيق بْن عليّ بْن سعَيد بْن عَبْد الملك بْن رزين [1] .
أبو بَكْر العَبْدريّ، الطّرْطُوشيّ، القاضي المعروف بابن العقّار.
ذكره ابن الأَبّار وقال: أصله من طرطُوشَة، ونشأ بمَيُورْقَة، واستوطن بَلَنْسِية.
وقرأ على: أَبِي الْحُسَيْن بْن هُذَيْل، وابن النّعمة، وأبي بَكْر بْن نَمَارة.
وسمع منهم، ومن غيرهم.
وأجاز له أبو طاهر السِّلَفيّ، وجماعة.
وقعد للتّعليم بالقرآن، وكان من أَهْل التّجويد والتّحقيق والتّقدُّم فِي الإقراء، مع الفِقْه والبَصَر بالشُّرُوط.
وُلّي قضاء بَلَنْسِيَة وخَطَابتها وقْتًا. وكانت فِي أحكامه شدَّة، وَفِي أخلاقه حدَّة.
أَخَذَ النّاس عَنْهُ القراءات والحديث.
وُلِد سنة ثلاثٍ وثلاثين وخمسمائة.
وتُوُفّي فِي ذي الحجَّة [2] .
601-
العراقيّ بْن مُحَمَّد بن العراقيّ [3] .
[1] انظر عن (عتيق بن علي) في: صلة الصلة لابن الزبير 57، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1938، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ 124، 125 رقم 239.
[2]
وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان مقرئا مجوّدا، متحقّقا بالأداء، متقدّما في صناعة الإقراء، قعد لذلك مدة طويلة، وكان فاضلا ديّنا، فقيها، حافظا، ذاكرا للمسائل، بصيرا بعقد الشروط، حسن الخط، جيد الضبط، خطب بجامع بلنسية وشوور بها، واستقضي.
[3]
انظر عن (العراقي بن محمد) في: التدوين في أخبار قزوين 3/ 308، ووفيات الأعيان 2/ 421، والعبر 4/ 313، والإعلام بوفيات الأعلام 247، وسير أعلام النبلاء 21/ 353 رقم 183، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 146، ومرآة الجنان 3/ 498، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 176- 178 رقم 793، والبداية والنهاية 13/ 40، وطبقات الشافعية
العلّامة ركن الدّين، أبو الفضل القزوينيّ، الطّاووسيّ، صاحب الطّريقة.
كان إماما كبيرا، مناظِرًا، محْجاجًا، قيّما بعِلم الخلاف، مفحِمًا للخصوم. أَخَذَ ذلك عن الشّيخ رضيّ الدّين النّيسابوريّ الحنفيّ صاحب الطّريقة، فَبَرع فِي الفنّ، وصنَّف ثلاث تعاليق. وازدحم عليه الطّلبة بَهَمَذان، ورحلوا إليه من النّواحي، واشتهر اسمه.
ومن أصحابه نجم الدّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف المقدسيّ، اشتغل عليه حتّى صار مُعِيده.
تُوُفّي رُكْن الدّين فِي رابع عشر جُمادى الآخرة بهَمَذَان [1] .
602-
عزيزة بِنْت عليّ بْن أَبِي مُحَمَّد يحيى بْن عليّ بْن الطّرّاح المُدِير [2] .
أخت ستّ الكَتَبَة.
حَدّثت عن: جدّها.
روى عَنْهَا: الحافظ الضّياء، والنّجيب الحرّانيّ، وغيرهما.
[ () ] لابن قاضي شهبة 2/ 365، 366 رقم 332، وديوان الإسلام 3/ 230، 231 رقم 1362، وشذرات الذهب 4/ 346، وهدية العارفين 1/ 662، ومعجم المؤلفين 6/ 275.
واسمه: «عزيز بن محمد» .
[1]
وقال الرافعي القزويني: تفقّه بقزوين، ثم بهمذان، ثم بخراسان، وما وراء النهر، وبرع في علم النظر واشتهر به، وله طريقة فيه جيدة، وأقبلت عليه الطلبة، وتخرّج به جماعة، وسكن بعد رجوعه من ما وراء النهر همدان يدرّس بها، وبها كانت وفاته. وكان سهل الأخلاق، ليّن الجانب، سليم الصدر، وسمع صحيح مسلم من أبي القاسم عبد الله بن حيدر سنة إحدى وستين وخمسمائة، والخائفين من الذنوب لابن أبي زكريا من أبي سليمان الزبيدي، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
سمع والدي الأربعين المشتمل كل حديث منه على ذكر الأربعين من جمعه سنة سبع وخمسين وخمسمائة. (التدوين) .
[2]
انظر عن (عزيزة بنت علي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 34 رقم 816، والمشتبه 2/ 457 و 581، وتوضيح المشتبه 8/ 99، والمختصر المحتاج إليه 3/ 267، 268 رقم 1421.
وأجازت للفخر عليّ، وللشّيخ شمس الدين، ولإسماعيل العسقلانيّ.
وماتت فِي نصف شعبان.
603-
عليّ بْن الأجلّ أَبِي طاهر أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أيّوب [1] .
أبو الْحَسَن الكَرْخيّ، الكاتب.
وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين، وسمع: أَبَا بَكْر الأنصاريّ، وأبا مَنْصُور ابن زُرَيْق القزّاز.
روى عنه: الدبيثي، والضياء، والنجيب عبد اللطيف.
وتُوُفّي فِي سَلْخِ ربيع الأوّل.
604-
عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن بْن طاهر [2] .
أبو حَفْص بْن الحصْنيّ، الحَمَويّ، ثُمَّ الدَّمشقيّ.
سمع من: عليّ بْن الْحُسَيْن بْن اشليها، ونصر اللَّه بْن مُحَمَّد المصّيصيّ، وأبي يَعْلَى حَمْزَة بْن الحُبُوبيّ.
روى عَنْهُ: ابن خليل، والضّياء، والشّهاب القُوصيّ.
وأجاز لأحمد بْن أَبِي الخير.
605-
عُمَر بْن عليّ بْن مُحَمَّد [3] .
أبو حَفْص الحربيّ، الإسكاف.
سَمِع: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يوسف.
روى عنه: يوسف بن خليل.
[1] انظر عن (علي بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 19 رقم 779، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 214، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (الظاهرية) ورقة 156، والمختصر المحتاج إليه 3/ 116 رقم 978.
[2]
انظر عن (عمر بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 35 رقم 818.
[3]
انظر عن (عمر بن علي بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 20 رقم 782، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (باريس) ورقة 114، 115.
وأجاز لابن أَبِي الخير.
606-
عُمَر بْن عليّ بْن المظفَّر [1] .
أبو حَفْص الأشْتَريّ، الصُّوفيّ، نفيس الدّين، الخادم بخانقاه سَعِيد السُّعداء بالقاهرة.
سمع: سَعِيد بْن سهل الفَلَكيّ، وأبا طاهر السِّلَفيّ.
وحدَّث.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
607-
عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه [2] .
الأَزَجيّ، القطّان، المعروف بحُريرة. شيخ مُسْنِد مشهور.
حدّث عَنْ: أَبِي القاسم بْن الحُصَيْن، وأبي غالب محمد بن الحسن الماورديّ، وأبي بكر الأنصاريّ.
روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والنجيب عبد اللطيف.
وأجاز لابن أبي الخير، وللفخر بن البخاريّ.
وتوفّي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة.
608-
عمر بن الإمام أبي المحاسن يوسف بن عبد الله بن بندار [3] .
الفقيه أبو حفص الدّمشقيّ.
تفقّه على والده ببغداد.
[1] انظر عن (عمر بن عليّ بن المظفّر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 16، 17 رقم 775.
[2]
انظر عن (عمر بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 27 رقم 798، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 201، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 130، والمختصر المحتاج إليه 3/ 106، رقم 952، والعبر 4/ 314، والمعين في طبقات المحدّثين 184 رقم 1956 وفيه:«عمر بن محمد بن الحسان» ، والألقاب للسخاوي، ورقة 20، وتاج العروس 3/ 97.
[3]
انظر عن (عمر بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 10 رقم 769، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 125.