الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثنا عبيد الله بن جرير حدثنا أمية بن بسطام حدثنا معتمر حدثنا بيان عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى الظهر عند دلوكها ، وكان يصلى العصر بين صلاتيهم: الظهر والعصر ، وكان يصلى المغرب عند غيوبها ، وكان يصلى العشاء ـ
وهى التى يدعونها العتمة ـ إذا غاب الشفق ، وكان يصلى الغداة إذا طلع الفجر حين ينفسح البصر ، فما بين ذلك صلاته ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبيد الله ابن جرير وهو أبو العباس العتكى البصرى ترجمه الخطيب (10/325 ـ 326) . وقال: " وكان ثقة مات سنة 262 ".
وهذه الطريق قال الهيثمى (1/304) : " رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن ".
وعزا الزيلعى (239) الفقرة الأخيرة منه إلى الإمام أبى محمد القاسم بن ثابت السرقسطى من طريق محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر به بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الصبح حين يفسح البصر " وقال: " فقال: فسح البصر وانفسح إذا رأى الشىء عن بعد يعنى به إسفار الصبح ".
(تنبيه) هذا الحديث لاسيما على رواية لفظ أحمد دليل صريح لمشروعية الدخول فى صلاة الفجر فى الغلس ، والخروج منها فى الإسفار ، وهذا هو معنى الحديث الآتى:" أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " كما يأتى تحقيقه إن شاء الله تعالى.
(258) - (حديث: " أسفروا بالفجر فانه أعظم للأجر
" رواه أحمد وغيره (ص 72) .
* صحيح.
وهو من حديث رافع بن خديج ، يرويه عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عنه ، وله عن عاصم طرق:
الأولى: محمد بن عجلان عنه.
أخرجه أحمد (4/140) حدثنا سفيان عن ابن عجلان به ولفظه: " أصبحوا
بالصبح فإنه أعظم لأجوركم ، أو أعظم للأجر ".
وأخرجه أبو داود (424) والدارمى (1/277) وابن ماجه (672) والطبرانى كما يأتى والحازمى فى " الاعتبار "(ص 75) من طرق عن سفيان وهو ابن عيينة وقد تابعه سفيان الثورى.
أخرجه الطحاوى فى:" شرح المعانى "(1/105) والطبرانى فى " المعجم الكبير "(1/216/2) وأبونعيم فى " الحلية "(7/94) بلفظ: " أسفروا بصلاة الفجر ، فإنه أعظم للأجر " ، زاد الطحاوى " فكلما أسفرتم فهو أعظم للأجر أو لأجوركم ".
وقد جمعهما الطبرانى معا فى رواية فقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق عن الثورى وابن عيينة عن محمد بن عجلان به.
وتابعهما أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان.
أخرجه أحمد (4/142) وابن أبى شيبة فى " المصنف "(1/126/2) قالا: حدثنا أبو خالد به ، ولفظه:" أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ".
وتابعهم محمد بن إسحاق قال: أنبأنا ابن عجلان به ، مثل لفظ سفيان.
أخرجه أحمد (3/465) : حدثنا يزيد قال: أنبأنا محمد بن إسحاق ، وقد أسقط ابن إسحاق من السند مرة شيخه محمد بن عجلان فقال: عن عاصم بن عمر بن قتادة به.
أخرجه الدارمى والترمذى (1/289) والطحاوى والطبرانى من طرق عنه به ، وذلك من تدليسه الذى اشتهر به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: " وهذا إسناد صحيح فإن ابن عجلان ثقة ، وإنما تكلم فيه بعضهم لاضطرابه فى حديث نافع ولأنه اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبرى عن أبى
هريرة ، وليس هذا الحديث من ذاك ، على أنه لم يتفرد به ، بل تابعه جماعة كما يأتى.
الثانية: زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه من الأنصار مرفوعا بلفظ: " ما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم للأجر ".
أخرجه النسائى (1/91) والطبرانى (1/217/1) من طريق أبى غسان قال: حدثنى زيد بن أسلم به.
وهذا سند صحيح كما قال الزيلعى فى " نصب الراية "(1/238) ورجاله كلهم ثقات ، وأبو غسان اسمه محمد بن مطرف المدنى وهو ثقة حافظ.
وقد خالفه هشام بن سعد فقال: عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد به.
أخرجه الطحاوى وأحمد (4/143) من طريقين عن هشام به ، ولفظه عند أحمد مثل رواية الثورى ، ولفظ الطحاوى:" أصبحوا بالصبح فكلما أصبحتم بها فهو أعظم للأجر " ، لكن هشاما هذا فيه ضعف من قبل حفظه.
وقد تابعه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه به ، أخرجه أحمد (5/429) .
بيد أن عبد الرحمن هذا لا يستشهد به لشدة ضعفه.
وتابعه أيضا داود النصرى ولم أعرفه.
أخرجه الطبرانى والخطيب فى تاريخه (13/45) ، وفى رواية للطبرانى والطحاوى " أبو داود " بدل داود ، وأبو داود هذا الظاهر أنه نفيع بن الحارث الأعمى وهو كذاب ، فلا وزن لمتابعته.
ثم رأيت الزيلعى ذكر فى " نصب الراية "(1/236) أنه أبو داود الجزرى ، وهذا لم أجد من ذكره ، والله أعلم.
الثالثة: محمد بن عمرو بن جارية عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج به ، أخرجه الطبرانى.
وابن جارية هذا لم أعرفه ، وأنا أظن أن الصواب فيه (حارثة) ، هكذا أورده ابن أبى حاتم (4/1/31) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، والله أعلم.
وللحديث طريق أخرى عن رافع ، قال الطيالسى فى مسنده (961) :" حدثنا أبو إبراهيم عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج مرفوعا بلفظ قال: قال لبلال: " أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواقع نبلهم ".
قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى فإن هرير بن عبد الرحمن ثقة كما روى ابن أبى حاتم (4/2/131) عن ابن معين.
لكنه ذكر أنه يروى عن أبيه وعن بعض بنى سلمة.
فظاهره أنه ليس من التابعين ، ولذلك أورده ابن حبان فى أتباعهم من كتابه " الثقات " وقال (2/300) :" يروى عن أبيه عن جده. روى عنه عبد الحميد بن أبى عيسى وابنه عبد الله بن هرير ".
وعليه فيخشى أن يكون منقطعا ، لكن قد صرح بسماعه من جده فى رواية كما يأتى ، فإذا ثبت ذلك فهو متصل.
وأما أبو ابراهيم هذا ، فلم أعرفه ، ولعل كلمة (أبو) زيادة ووهم من بعض النساخ ، فإن الحديث معروف من رواية أبى إسماعيل المؤدب عن هرير ، كما يأتى وأبو إسماعيل اسمه إبراهيم بن سليمان بن رزين فالظاهر أنه هذا ، وهو ثقة كما قال الدارقطنى وابن معين وغيرهما.
وقال ابن أبى حاتم فى " العلل "(1/139) :
" سألت أبى عن حديث رواه أبو نعيم عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع
عن هرير بن عبد الرحمن عن جده رافع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال (قلت: فذكر الحديث) ؟ قال أبى: حدثنا هارون بن معروف وغيره عن أبى إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب عن هرير وهو أشبه ".
يعنى أن قول أبى نعيم " إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع " وهم من أبى نعيم كما صرح بذلك فى مكان آخر (1/143 ـ 144) وقال: " يعنى أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب وغلط فى نسبته ونسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ".
فيستفاد من ذلك أن الحديث من رواية أبى إسماعيل إبراهيم لا من رواية أبى إبراهيم.
وقد وقع فيه خطأ آخر ، فقال الزيلعى فى " نصب الراية " (1/238) :
" روى ابن أبى شيبة وإسحاق بن راهوية وأبو داود الطيالسى فى مسانيدهم والطبرانى فى معجمه ، قال الطيالسى حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدنى ، وقال الباقون: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدنى حدثنا هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج سمعت جدى رافع بن خديج يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال ".
قلت: فذكر الحديث ، ثم نقل كلام أبى حاتم فى تخطئة أبى نعيم ثم رده بقوله:" قلت: قد رواه أبو داود الطيالسى فى مسنده وكذلك إسحاق بن راهويه والطبرانى فى معجمه عن إسماعيل بن إبراهيم كما رواه أبو نعيم وقد قدمناه والله أعلم ".
قلت: هكذا وقع فى " الزيلعى ": " إسماعيل بن إبراهيم " فى كل المواضع حتى فيما نقله عن ابن أبى حاتم والذى عنده كما رأيت " إبراهيم بن إسماعيل " على القلب ، فلا أدرى الوهم ممن ، والله أعلم فإن الموضع يحتاج إلى
تحرير ، فعسى أن نتمكن من ذلك فيما بعد.
وللحديث شاهد من حديث بلال:
أخرجه الطحاوى (1/106) والطبرانى (1/51/2) وفيه أيوب بن سيار وهو ضعيف
ومن حديث أنس:
رواه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان "(1/95) وكذا البزار كما فى " المجمع "(1/315) وفيه يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل وهو ضعيف أيضا.
ولفظ أبى نعيم " يغفر الله لكم " وهو منكر كما حققته فى " الضعيفة "(2766)
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة وفى أسانيدها كلها ضعف كما بينه الزيلعى والهيثمى وغيرهم ، والعمدة فيه حديث رافع بن خديج فإنه صحيح كما تقدم وقد صححه جماعة منهم الترمذى وابن حبان وشيخ الاسلام ابن تيمية فى " الفتاوى "(1/67) وغيرهم وحسنه الحازمى وأقر الحافظ فى " الفتح "(2/45) تصحيح من صححه.
(تنبيه) : قال الترمذى عقب الحديث: " وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، والتابعين الإسفار بصلاة الفجر.
وبه يقول سفيان الثورى. وقال الشافعى وأحمد وإسحاق: معنى الإسفار أن يضح الفجر ، فلا يشك فيه (1) ولم يرو أن معنى الإسفار تأخير الصلاة ".
قلت: بلى المعنى الذى يدل عليه مجموع ألفاظ الحديث إطالة القراءة فى الصلاة حتى يخرج منها فى الإسفار ومهما أسفر فهو أفضل وأعظم للأجر. كما هو صريح بعض الألفاظ المتقدمة ، فليس معنى الإسفار إذن هو الدخول فى الصلاة فى وقت الإسفار كما هو المشهور عن الحنفية ، لأن هذا السنة الصحيحة العملية التى جرى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما تقدم فى الحديث الذى قبله ، ولا هو التحقق من دخول الوقت كما هو ظاهر كلام أولئك الأئمة ، فإن التحقق فرض لابد منه ، والحديث لا يدل إلا على شىء هو أفضل من غيره لا على ما لابد منه كما هو صريح قوله "
…
فإنه أعظم للأجر " ، زد على ذلك أن هذا
(1) وكذا روى إسحاق المروزي في مسائله (ص 11) عن أحمد وإسحاق ، وهي تحت الطبع في المكتب الإسلامي بتحقيق زهير الشاويش.