المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومن الثاني: مقسط. قال تعالى في سورة (الحجرات) رقم [9]: - تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة - جـ ١٠

[محمد علي طه الدرة]

فهرس الكتاب

- ‌سورة التّحريم

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الملك

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة القلم

- ‌فائدة:

- ‌سورة الحاقّة

- ‌خاتمة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الجنّ

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثر

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌فائدة:

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبإ

- ‌سورة النّازعات

- ‌فائدة:

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التّكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطفّفين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌تنبيه بل فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة الطّارق

- ‌تنبيه: بل خاتمة:

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌فائدة:

- ‌سورة البلد

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الشمس

- ‌تنبيه، وخاتمة:

- ‌سورة الليل

- ‌تنبيه بل فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة الشرح

- ‌سورة التّين

- ‌فائدة:

- ‌سورة العلق

- ‌الشرح

- ‌خاتمة:

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الزّلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌فائدة:

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة المسد

- ‌‌‌فائدةبل طرفة:

- ‌فائدة

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

- ‌خاتمة

- ‌ترجمة موجزة للشيخ المفسر النحويمحمد علي طه الدرة رحمه الله تعالى1340 -1428 هـ-1923 - 2007 م

- ‌حليته وشمائله:

- ‌مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة:

الفصل: ومن الثاني: مقسط. قال تعالى في سورة (الحجرات) رقم [9]:

ومن الثاني: مقسط. قال تعالى في سورة (الحجرات) رقم [9]: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} هذا هو المشهور خلافا للزجاج في جعلهما سواء، ومثل آية (الحجرات) قول الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته رقم [68]:[الخفيف]

ملك مقسط، وأكمل من يم

شي، ومن دون ما لديه الثّناء

{فَمَنْ أَسْلَمَ..} . إلخ: أي: فمن اهتدى واعتنق الإسلام، واهتدى بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وسار على منهاجه القويم، فأولئك الذين قصدوا الرشد، وأرادوا الفلاح، وسلكوا طريق السعادة، والنجاة. والتحري: بذل المجهود في الوصول إلى المقصود. هذا؛ ومن الثلاثي بمعنى:

الجور، والظلم قول الشاعر:[الكامل]

قوم هم قتلوا ابن هند عنوة

عمرا وهم قسطوا على النّعمان

‌فائدة:

يروى: أن الحجاج قال لسعيد بن جبير-رضي الله عنه-حين أراد قتله: ما تقول فيّ؟ قال: قاسط عادل، فقال من حوله: ما أحسن ما قال! حسبوا: أنه يصف الحجاج بالقسط، والعدل، فقال الحجاج: يا جهلة! إنه سماني ظالما مشركا، وتلا لهم قوله تعالى:{وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً،} وقوله تعالى في أول سورة (الأنعام): {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} . هذا؛ ولا تنس الطباق بين {الْمُسْلِمُونَ} و {الْقاسِطُونَ} .

الإعراب: {وَأَنّا:} الواو: حرف عطف. (أنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها.

{مِنَّا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْمُسْلِمُونَ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (أنّ)، والتي بعدها معطوفة عليها، فهي في محل رفع مثلها.

{وَأَنّا مِنَّا..} . إلخ معطوف على ما قبله على الوجهين المعتبرين فيه. {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف، وتفريع. (من): اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَسْلَمَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره:«هو» ، يعود إلى (من). {فَأُولئِكَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {تَحَرَّوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، التي هي فاعله، والألف للتفريق.

{رَشَداً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه: فقيل: جملة الشرط. وقيل: جملة الجواب. وقيل:

الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا فهو مبتدأ، وجملة:(أسلم) صلته، والجملة الاسمية: (أولئك

) إلخ في محل رفع خبره، واقترنت

ص: 223

بالفاء؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، وعلى الاعتبارين فالجملة الاسمية مستأنفة، ومفرعة عما قبلها، لا محل لها.

{وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (15)}

الشرح: {وَأَمَّا الْقاسِطُونَ:} الجائرون عن طريق الإيمان، والحق، والصواب. {فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً:} وقودا لجهنم. فإن قيل: الجن مخلوقون من النار، فكيف يكونون حطبا لها، أجيب بأنهم وإن خلقوا منها، لكنهم تغيروا عن تلك الكيفية، فصاروا لحما، ودما. هكذا قيل.

وأيضا النار قويها قد يأكل ضعيفها، فيكون الضعيف حطبا للقوي. انتهى. جمل بتصرف.

وقال الخازن: فإن قلت: قد تمسك بظاهر هذه الآية من لا يرى لمؤمني الجن ثوابا، وذلك؛ لأن الله تعالى ذكر عقاب الكافرين منهم، ولم يذكر ثواب المؤمنين منهم، قلت: ليس فيه تمسك له، وكفى بقوله تعالى:{فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً} فذكر سبب الثواب، والله أعدل، وأكرم من أن يعاقب القاسط، ولا يثيب الراشد. انتهى. هذا؛ وذكرت لك مرارا: أنهم يثابون على الأعمال الصالحة.

الإعراب: {وَأَمَّا:} الواو: حرف استئناف. (أمّا): أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد، أما كونها أداة شرط؛ لأنها قائمة مقام أداة الشرط، وفعله بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل مهما يك من شيء؛ فالقاسطون

إلخ. فأنيبت (أمّا) مناب «مهما، ويك من شيء» فصار: وأما القاسطون

إلخ. وأما كونها أداة تفصيل؛ لأنها في الغالب تكون مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. وأما كونها أداة توكيد؛ لأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنه واقع لا محالة؛ لكونها علقته على أمر متيقن. {الْقاسِطُونَ:} مبتدأ. {فَكانُوا:} الفاء: واقعة في جواب (أمّا). (كانوا): فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {لِجَهَنَّمَ:}

جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من {حَطَباً،} كان صفة له، فلما قدم عليه؛ صار حالا، على القاعدة:«نعت النكرة إذا تقدم عليها؛ صار حالا» وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {حَطَباً:} خبر (كان)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية (أما القاسطون

) إلخ مستأنفة.

تنبيه: لقد ذكرت لك: أن (أنّا، وأنّهم، وأنّه) ونحو ذلك فيه وجهان: أحدهما: فتح الهمزة على تأويل مصدر في محل رفع عطفا على المصدر المعتبر في محل رفع نائب فاعل في الآية الأولى. وثانيهما: كسر الهمزة على اعتبار الجملة اسمية في محل نصب مقول القول عطفا على قوله تعالى: {إِنّا سَمِعْنا} في الآية الأولى أيضا، ويستثنى من ذلك قوله تعالى:{وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ..} . إلخ، {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما..} . إلخ، فهاتان الآيتان معترضتان؛ لأنهما ليستا من كلام الجن.

ص: 224

{وَأَنْ لَوِ اِسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (16)}

الشرح: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} أي: لو آمن هؤلاء الكفار، واستقاموا على شريعة الله تعالى. {لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً} أي: لبسطنا لهم في الرزق، ووسعنا عليهم في الدنيا زيادة على ما يحصل لهم في الآخرة من النعيم المقيم، وبذلك يحوزون عز الدنيا، وسعادة الآخرة. هذا؛ وقيل: المراد بقوله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا:} الجن القاسطون؛ الذين تقدم ذكرهم، ووصفهم، والمعنى لو استقام الجن على الطريقة المثلى الحسنى؛ لأنعمنا عليهم، وإنما ذكر الماء كناية عن طيب العيش، وكثرة المنافع. والمعتمد الأول، فهو كقوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [96]:

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ،} وقال تعالى في حق أهل الكتابين في سورة (المائدة) رقم [66]: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} .

هذا؛ والغدق بفتح الدال، وكسرها لغتان في الماء الغزير، ومنه: الغيداق للماء الكثير، وللرجل الكثير العدد، والكثير النطق، ويقال: غدقت عينه، تغدق، أي: هطل دمعها غدقا. والله أعلم، وأجل، وأكرم، ولا تنس: أن الله تعالى كنى عن رخاء العيش بكثرة المطر؛ لأنه سببه.

هذا؛ ومصدر استقام: استقامة، والأصل: استقوام، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى القاف قبلها، وتحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها بحسب الحال، فقلبت ألفا، فاجتمع ألفان: الألف المنقلبة، وألف الاستفعال. فحذفت ألف الاستفعال لالتقاء الساكنين، وعوض عنها التاء في الآخر، وقد يستغنى عن هذه التاء في حال الإضافة، ومنه قوله تعالى:{رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ} أي: إقامتها. والإعلال المتقدم إنما هو بالنقل والقلب والحذف معا، ومثل هذا المصدر: استعانة، واستعاذة، ونحوهما.

الإعراب: {وَأَنْ لَوِ} الواو: حرف عطف. (أن): حرف مشبه بالفعل مخفف من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: ولو أنهم. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.

{اِسْتَقامُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {عَلَى الطَّرِيقَةِ:}

متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لَأَسْقَيْناهُمْ:} اللام: واقعة في جواب (لو). (أسقيناهم): فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {ماءً:} مفعول به ثان. {غَدَقاً:} صفة {ماءً،} والجملة الفعلية جواب (لو)، لا محل لها، ولو ومدخولها في محل رفع خبر (أن) المخففة، والمصدر المؤول من:(أن) المخففة واسمها المحذوف وخبرها معطوف على ما قبله على مثال ما رأيت سابقا.

ص: 225

هذا؛ وقال الأنباري: ومن كسر الحروف، وفتح:(وأن لو استقاموا) أضمر يمينا تاما، تأويلها: والله أن لو استقاموا على الطريقة. كما يقال في الكلام: والله أن قمت لقمت، وو الله لو قمت لقمت. قال الشاعر:[الوافر]

أما والله أن لو كنت حرّا

وما بالحرّ أنت ولا العتيق

وهذا الشاهد رقم [41] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» ، انظر شرحه، وإعرابه، ومحل الشاهد فيه هناك.

{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (17)}

الشرح: {لِنَفْتِنَهُمْ} أي: لنختبرهم كيف شكرهم فيه على تلك النعم. والمعتمد: أن المراد بالضمير المنصوب: كفار قريش، بعد أن حبس الله عنهم المطر سبع سنين، والمراد بالضمير المجرور: الماء. قال عمر-رضي الله عنه: أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة. وقال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، وقتادة، ومقاتل، وعطية، وعبيد بن عمير، والحسن-رضي الله عنهم: كان والله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، ففتحت عليهم كنوز كسرى، وقيصر، والمقوقس، والنجاشي، ففتنوا بها، فوثبوا على إمامهم، فقتلوه. يعني: عثمان-رضي الله عنه.

{وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ:} يعني القرآن. قاله ابن زيد. وفي إعراضه عنه وجهان: أحدهما:

عن القبول؛ إن قيل: إنها في أهل الكفر. الثاني: عن العمل؛ إن قيل: إنها في أهل الإيمان.

وقيل: يعرض عن طاعة الله، وعبادته. {يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً:} يدخله ربه عذابا شديدا شاقا لا راحة فيه. وقال عكرمة: هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم. قال تعالى في سورة (المدثر):{سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} انظر شرحها هناك، فإنه جيد، وخذ مما يناسب فحوى الآية.

فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا» . قالوا: وما زهرة الدّنيا؟ قال: «بركات الأرض» . أخرجه مسلم. وأخرج البخاري، ومسلم من حديث عمرو بن عوف الأنصاري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أبشروا، وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم!» .

الإعراب: {لِنَفْتِنَهُمْ:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره:«نحن» ، والهاء مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل:(أسقيناهم). {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان

ص: 226

بالفعل قبلهما. {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُعْرِضْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من)، تقديره:«هو» .

{عَنْ ذِكْرِ:} متعلقان بما قبلهما، و {ذِكْرِ} مضاف، و {رَبِّهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {يَسْلُكْهُ:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم، والفاعل يعود إلى (من) أيضا، والهاء مفعول به أول. {عَذاباً:} مفعول به ثان على تضمين الفعل معنى: ندخله. وقيل:

منصوب بنزع الخافض. {صَعَداً:} صفة {عَذاباً،} والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب:«إذا» الفجائية، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [14]، والجملة الاسمية: (من يعرض

) إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (18)}

الشرح: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ} أي: مختصة لله، فلا يجوز أن يشرك معه أحد في المساجد، ولذا قال:{فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} أي: فلا تعبدوا فيها إلا الله تعالى. قال قتادة: كان اليهود، والنصارى إذا دخلوا كنائسهم، وبيعهم؛ أشركوا بالله فيها، فأمر الله المؤمنين أن يخلصوا الدعوة لله، إذا دخلوا المساجد كلها. وروي عن سعيد بن جبير-رضي الله عنه: أن المراد بالمساجد:

الأعضاء التي يسجد عليها الإنسان، وهي سبعة: الجبهة، واليدان، والركبتان، والقدمان.

والمعنى: أن هذه الأعضاء؛ التي يقع عليها السجود مخلوقة لله، فلا تسجدوا عليها لغيره.

فعن العباس-رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفّاه، وركبتاه، وقدماه» . والآراب: الأعضاء. أخرجه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما-قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نسجد على سبعة أعضاء، وأن لا نكفّ شعرا، ولا ثوبا: الجبهة، واليدين، والركبتين، والقدمين، كف الشعر: عقصه، وغرز طرفه في أعلى الضفيرة، وقد نهى عن ذلك. وقيل: أراد بالمساجد كلها: بقاع الأرض كلها؛ لأن الأرض كلها جعلت مسجدا للنبي صلى الله عليه وسلم. والمعتمد الأول. وخذ ما يلي:

فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الرّجل يعتاد المساجد؛ فاشهدوا له بالإيمان. قال الله عز وجل: إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر» . أخرجه الترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتوضأ أحدكم، فيحسن وضوءه فيسبغه، ثمّ يأتي المسجد، لا يريد إلاّ الصّلاة، إلاّ يتبشبش الله إليه، كما يتبشبش أهل

ص: 227