المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الشمس بسم الله الرحمن الرحيم سورة (الشمس) وهي مكية باتفاق، وآياتها - تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة - جـ ١٠

[محمد علي طه الدرة]

فهرس الكتاب

- ‌سورة التّحريم

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الملك

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة القلم

- ‌فائدة:

- ‌سورة الحاقّة

- ‌خاتمة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الجنّ

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثر

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌فائدة:

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبإ

- ‌سورة النّازعات

- ‌فائدة:

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التّكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطفّفين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌تنبيه بل فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌سورة الطّارق

- ‌تنبيه: بل خاتمة:

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌فائدة:

- ‌سورة البلد

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الشمس

- ‌تنبيه، وخاتمة:

- ‌سورة الليل

- ‌تنبيه بل فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة الشرح

- ‌سورة التّين

- ‌فائدة:

- ‌سورة العلق

- ‌الشرح

- ‌خاتمة:

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌سورة الزّلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌فائدة:

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة المسد

- ‌‌‌فائدةبل طرفة:

- ‌فائدة

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

- ‌خاتمة

- ‌ترجمة موجزة للشيخ المفسر النحويمحمد علي طه الدرة رحمه الله تعالى1340 -1428 هـ-1923 - 2007 م

- ‌حليته وشمائله:

- ‌مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة:

الفصل: ‌ ‌سورة الشمس بسم الله الرحمن الرحيم سورة (الشمس) وهي مكية باتفاق، وآياتها

‌سورة الشمس

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة (الشمس) وهي مكية باتفاق، وآياتها ست عشرة، وكلماتها أربع وخمسون، وحروفها مئتان وسبعة وأربعون. انتهى. خازن.

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَالشَّمْسِ وَضُحاها (1) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (2) وَالنَّهارِ إِذا جَلاّها (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (4) وَالسَّماءِ وَما بَناها (5) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (6) وَنَفْسٍ وَما سَوّاها (7)}

الشرح: {وَالشَّمْسِ..} . إلخ: أقسم الله تعالى بهذه الأشياء المذكورة في هذه السورة لشرف ذواتها، ولما فيها من الدلالة على عجيب صنعته، وقدرته، والمعنى: أقسم بالشمس، وبهذه الأشياء. ومثل هذا كثير في أوائل السور، وأثنائها. قال الشعبي-رحمه الله تعالى-: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي أن يقسم إلا بالخالق. وقال أبو حيان -رحمه الله تعالى-: أقسم الله بهذه الأشياء تشريفا لها، وتنبيها على ما يظهر فيها من عجائب صنع الله، وقدرته، وقوام الوجود بإيجادها. وقيل: فيه مضمر، تقديره: ورب الشمس، ورب القمر

إلخ.

{وَالشَّمْسِ وَضُحاها} أي: إذا بدا ضوءها. والضحى: حين ترتفع الشمس، ويصفو ضوءها.

وقيل: الضحى: النهار كله؛ لأن الضحى هو نور الشمس، وهو حاصل في النهار كله. وهو ما قيل به في سورة (الضحى). وقيل: الضحى: هو حر الشمس؛ لأن حرها، ونورها متلازمان، فإذا اشتد نورها قوي حرها. وهذا أضعف الأقوال. انتهى. خازن. هذا؛ والضحاء بالفتح، والمد: إذا امتد النهار، وكاد ينتصف، وفي القرطبي: والضحى مؤنثة، يقال: ارتفعت الضحى فوق الضحو. وقد تذكر، فمن أنث ذهب إلى أنها جمع: ضحوة، ومن ذكّر ذهب إلى أنها اسم على فعل مثل: حرد، ونغر. هذا؛ ويقال: ضحي للشمس يضحى: إذا برز لها، وظهر. قال تعالى:{وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى} ورأى ابن عمر رجلا يلبي؛ وقد أخفى صوته، فقال له:

اضح لمن لبّيت له؛ أي: اظهر. قال عمر بن أبي ربيعة: [الطويل]

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت

فيضحى وأيما بالعشيّ فيخصر

ص: 607

{وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها} أي: تبعها، وذلك في النصف الأول من الشهر؛ إذا غربت الشمس؛ تلاها القمر في الإضاءة، وخلفها في النور. وقيل: تلاها في الاستدارة، وذلك حين يكمل ضوءه، ويستدير، وذلك في الليالي البيض. وقيل:{تَلاها} تبعها في الطلوع، وذلك في أول ليلة من الشهر إذا غربت الشمس ظهر الهلال، فكأنه تبعها. انتهى. خازن. هذا؛ والشمس، والقمر، والليل، والنهار من نعم الله العظيمة على العباد، وقد سخرهن الله لمصالحهم. قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ..} . إلخ رقم [33].

والمعنى: أن الله تعالى سخر الشمس، والقمر يجريان دائما فيما يعود إلى مصالح العباد لا يفتران إلى آخر الدهر. وقيل: يدأبان في سيرهما، وتأثيرهما في إزاحة الظلمة، وإصلاح النبات، والحيوان؛ لأن الشمس سلطان النهار، وبها تعرف فصول السنة، والقمر سلطان الليل، وبه يعرف انقضاء الشهور، وكل ذلك بتسخير الله عز وجل، وإنعامه على عباده. انتهى. خازن.

هذا؛ وقال الصابوني في صفوة التفاسير: وحكمة القسم بالشمس: أن العالم في وقت غيبة الشمس عنهم كالأموات، فإذا ظهر الصبح، وبزغت الشمس؛ دبت فيهم الحياة، وصار الأموات أحياء، فانتشروا لأعمالهم وقت الضحوة، وهذه الحالة تشبه أحوال القيامة، ووقت الضحى يشبه استقرار أهل الجنة فيها. والشمس والقمر مخلوقان لمصالح البشر، والقسم بهما للتنبيه على ما فيهما من المنافع العظيمة. انتهى. نقلا من حاشية الصاوي.

{وَالنَّهارِ إِذا جَلاّها:} يعني جلّى ظلمة الليل بضيائه، وكشفها بنوره، وهو كناية عن غير مذكور لكونه معروفا. وفي السمين: والضمير المنصوب، إما للشمس، وإما للظلمة، وإما للأرض، ومنه قول قيس بن الخطيم:[الطويل]

تجلّت لنا كالشمس تحت غمامة

بدا حاجب منها وضنّت بحاجب

وانظر ما ذكرته في سورة (القيامة) رقم [26].

{وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها:} يغطي الشمس بظلمته، فيزيل ضوءها، فالنهار يجليها، ويظهرها، والليل يغطيها، ففي ذلك مقابلة ظاهرة، وبين الشمس والقمر، والليل والنهار طباق، وكلاهما من المحسنات البديعية. قال الخازن: وحاصل هذه الأقسام الأربعة ترجع إلى الشمس في الحقيقة؛ لأن بوجودها يكون النهار، ويشتد الضحى، وبغروبها يكون الليل، ويتبعها القمر.

هذا؛ وقد جيء بالفعل هنا مضارعا دون ما قبله، وما بعده مراعاة للفواصل؛ إذ لو أتي به ماضيا؛ لكان التركيب: إذ غشيها، فتفاوت المناسبة اللفظية بين الفواصل، والمقاطع.

بعد هذا فالليل واحد بمعنى الجمع، واحدته: ليلة، مثل: تمر، وتمرة، وقد جمع على ليال كما في سورة (الفجر)، فزادوا فيه الياء على غير قياس، ونظيره: أهل، وأهال، والليل الشرعي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق، وهو أحد قولين في اللغة، والقول الآخر من

ص: 608

غروبها إلى طلوعها. هذا؛ والنهار ضد الليل، وهو لا يجمع كما لا يجمع العذاب، والسراب، فإن جمعته قلت في الكثير: نهر بضمتين، كسحاب، وسحب، وأنشد ابن كيسان:[الرجز]

لولا الثريدان لمتنا بالضّمر

ثريد ليل وثريد بالنّهر

وفي القليل: أنهر، والنهار من طلوع الشمس، أو طلوع الفجر على ما تقدم في نهاية الليل إلى الغروب، وقد يطلق عليهما اسم اليوم. هذا؛ والليل يطلق على الحبارى، أو على فرخها، وفرخ الكروان، والنهار يطلق على فرخ القطا. انتهى. قاموس، وقد ألغز بعضهم بقوله:[الوافر]

إذا شهر الصّيام إليك وافى

فكل ما شئت ليلا أو نهارا

{وَالسَّماءِ وَما بَناها} أي: ومن بناها. قاله الحسن، ومجاهد. وهو اختيار الطبري. أي: ومن خلقها ورفعها، وهو الله تعالى. ومثله ما بعده. وانظر ما ذكرته في سورة (البلد) رقم [3]. وقيل:(ما) مصدرية، التقدير: وبنائها، وطحوها؛ أي: بسطها، وتسوية خلقها في أحسن صورة. قال النسفي:

وليس بالوجه، لقوله:{فَأَلْهَمَها} لما فيه من فساد النظم، والوجه أن تكون موصولة، وإنما أوثرت على «من» لإرادة معنى الوصفية، كأنه قيل: والسماء، والقادر العظيم الذي بناها، ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها. وقال البيضاوي: وجعل (ما) مصدرية يجرد الفعل عن الفاعل، ويخل بنظمه. وكلاهما اقتبس قوله من الكشاف. هذا؛ وحكي عن أهل الحجاز قولهم: سبحان ما سبحت له؛ أي: سبحان من سبحت له، وقولهم: سبحان ما سخركن لنا؛ أي: من سخركن لنا.

{وَالْأَرْضِ وَما طَحاها:} هذا مثل {دَحاها} في سورة (النازعات) رقم [30] فالكلام فيها واف كاف. هذا؛ والطحو: البسط. يقال: طحا، يطحو طحوا، وطحى، يطحى طحيا. وقيل:

طحاها: خلقها. قال الشاعر: [الوافر]

وما تدري جذيمة من طحاها

ولا من ساكن العرش الرّفيع

وقال أبو عمرو: طحا الرجل: إذا ذهب في الأرض، يقال: ما أدري أين طحا؟! ويقال:

طحا به قلبه: إذا ذهب به في كل شيء. قال علقمة الفحل: [الطويل]

طحا بك قلب في الحسان طروب

بعيد الشّباب عصر حان مشيب

{وَنَفْسٍ وَما سَوّاها:} سوى خلقها، وعدله، هذا إن أريد بالنفس الجسد، كما في سورة (الانفطار) رقم [7] وإن أريد بها المعنى القائم بالجسد، فيكون معنى {سَوّاها} أعطاها القوى الكثيرة، كالقوة الناطقة، والسامعة، والباصرة، والمفكرة، والمخيلة، وغير ذلك من العلم والفهم. والله أعلم.

الإعراب: {وَالشَّمْسِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. {وَضُحاها:}

الواو: حرف عطف. (ضحاها): معطوف على (الشمس) مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة

ص: 609

على الألف للتعذر. {وَالْقَمَرِ:} معطوف أيضا. {إِذا:} ظرف زمان مجرد عن الشرطية مبني على السكون في محل نصب. وفي عامله أوجه، وعلى كل واحد منها إشكال: أحد الأوجه: أنه متعلق بفعل القسم المحذوف، التقدير: أقسم بالقمر وقت تلوه الشمس. قاله أبو البقاء، وغيره، وهو مشكل، فإن فعل القسم إنشاء، والإنشاء حال، و {إِذا} لما يستقبل من الزمان، فكيف يتلاقيان؟! الثاني: أن العامل فيه مقدر على أنه حال من القمر؛ أي: أقسم به حال كونه مستقرا في زمان تلوه الشمس، وهو مشكل من وجهين: أحدهما: أن القمر جثة، والزمان لا يكون حالا منها، كما لا يكون خبرا عنها، والثاني: أن {إِذا} للمستقبل، فكيف يكون حالا، وقد أجيب عن الأول بأن المراد بالقمر، ونحوه القطعة؛ أي: الضوء منه، وعن الثاني بأنها حال مقدرة.

الثالث: أن العامل نفس (القمر) ونحوه إذا أريد به الضوء. قاله أبو البقاء، وفيه نظر؛ لأن الضوء ونحوه لا يعمل في الظرف إذا أريد به الجمود، وقد يقال: إن القمر بمعنى المضيء، كأنه قيل:

والقمر المضيء في هذا الوقت. انتهى. جمل من سورة (النجم).

هذا؛ وقال الجلال: و {إِذا} في الثلاثة لمجرد الظرفية، والعامل فيها فعل القسم. قال المرحوم سليمان الجمل معلقا على قوله: استشكل بأن فعل القسم إنشاء، وزمانه الحال، فلا يعمل في {إِذا؛} لأنها للاستقبال، وإلا لزم اختلاف العامل، والمعمول في الزمان، وهو محال. وأجيب بأنه يجوز أن يقسم الآن بطلوع الشمس في المستقبل، فالقسم في الحال، والطلوع في المستقبل، ويجوز أن يقسم بالشيء المستقبل، كما تقول: أقسم بالله إذا طلعت الشمس، فالقسم متحتم عند طلوع الشمس، وإنما يكون فعل القسم للحال إذا لم يكن معلقا على شرط. انتهى. نقلا عن كرخي.

{تَلاها:} فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (القمر)، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها. {وَالنَّهارِ إِذا جَلاّها (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (4) وَالسَّماءِ وَما بَناها (5) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (6) وَنَفْسٍ وَما سَوّاها} هذا الكلام كله معطوف على ما قبله، وهو مثله في إعرابه، وقد رأيت الأقوال في (ما) فعلى اعتبارها بمعنى «من» ، أو «الذي» مبنية على السكون في محل جر معطوفة على ما قبلها، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر معطوف على ما قبله.

تنبيه: قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: الأمر في نصب {إِذا} معضل؛ لأنك لا تخلو إما أن تجعل الواوات عاطفة، فتنصب بها، وتجر، فتقع في العطف على عاملين في نحو قولك: مررت أمس بزيد، واليوم عمرو، وإما أن تجعلهن للقسم، فتقع فيما اتفق الخليل، وسيبويه على استكراهه.

قلت: الجواب فيه: أن واو القسم مطّرح معها إبراز الفعل إطراحا كليا، فكان لها شأن خلاف شأن الباء، حيث أبرز معها الفعل، وأضمر، فكانت الواو قائمة مقام الفعل، والباء سادة

ص: 610

مسدهما معا، والواوات العواطف نوائب عن هذه الواو، فحققن أن يكنّ عوامل على الفعل والجارّ جميعا، كما تقول: ضرب زيد عمرا، وبكر خالدا، فترفع الواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملها. انتهى. كشاف، وخذ قول النسفي الملخص من الكشاف لعله أوضح.

فقال-رحمه الله تعالى-: والواو الأولى في نحو هذا للقسم بالاتفاق، وكذا الثانية عند البعض. وعند الخليل الثانية للعطف؛ لأن إدخال القسم على القسم قبل تمام الأول لا يجوز، ألا ترى: أنّك لو جعلت موضعها الفاء، أو ثم لكان المعنى على حاله، وهما حرفا عطف، فكذا الواو. ومن قال: إنها للقسم؛ احتج بأنها لو كانت للعطف؛ لكان عطفا على عاملين؛ لأن قوله: {وَاللَّيْلِ} مثلا مجرورا بواو القسم، و {إِذا يَغْشى} منصوب بالفعل المقدر الذي هو أقسم، فلو جعلت الواو في {وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى} للعطف؛ لكان النهار معطوفا على الليل جرا، و {إِذا تَجَلّى} على {إِذا يَغْشى} نصبا، فصار كقولك: إن في الدار زيدا، والحجرة عمرا. وأجيب بأن واو القسم تنزلت منزلة الباء، والفعل؛ حتى لم يجز إبراز الفعل معها، فصارت كأنها العاملة نصبا، وجرا، وصارت كعامل واحد، له عملان، وكل عامل له عملان يجوز أن يعطف على معموليه بعاطف واحد بالاتفاق، نحو: ضرب زيد عمرا، وبكر خالدا، فترفع بالواو وتنصب، لقيامها مقام: ضرب الذي هو عاملهما، فكذا هنا. انتهى. هذا؛ وخذ قول الأعور الشني، وهو الشاهد رقم [877/ 257] من كتابنا:«فتح القريب المجيب» فإن الكلام فيه مثل ما قال الزمخشري، والنسفي، رحمهما الله تعالى. [المتقارب]

هوّن عليك فإنّ الأمور

بكفّ الإله مقاديرها

فليس بآتيك منهيّها

ولا قاصر عنك مأمورها

{فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها (9) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها (10)}

الشرح: {فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها:} الفاعل يعود إلى الله، ولم يتقدم له ذكر لفهمه من المقام، انظر الآية رقم [26] من سورة (القيامة) وإن اعتبرت المقسم به في الآيات السابقة مضمر مقدر:

ورب الشمس

إلخ؛ فالفاعل عائد إليه، والضمير المنصوب، أو المجرور بالإضافة عائد إلى النفس. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-في معنى الآية: بين لها الخير، والشر، وعنه:

علمها الطاعة، والمعصية، وعنه: عرفها ما تأتي، وما تتقي. وعن محمد بن كعب القرظي؛ قال: إذا أراد الله عز وجل بعبده خيرا؛ ألهمه الخير، فعمل به، وإذا أراد به السوء؛ ألهمه الشر، فعمل به. وقال الفراء: عرفها طريق الخير، وطريق الشر، كما قال تعالى في سورة (البلد):

{وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} وروي عن أبي هريرة-رضي الله عنه. قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها} فقال: «اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها» .

ص: 611

هذا؛ والإلهام في اللغة: إلقاء الشيء في الروع. قال الراغب: ويختص بما يكون من جهته تعالى، وجهة الملأ الأعلى. وفي الاصطلاح: إلقاء معنى في القلب بطريق الفيض من غير كسب، فيختص بالخير لعدم إطلاق الفيض على الشر، بل يطلق عليه اسم الوسوسة. هذا؛ وقد ذكرت لك في سورة (النحل) وسورة (القصص) أن إيحاء الله للنحلة، ولأم موسى إنما هو إلها. هذا؛ والفجور:

الخروج عن جادة الحق، والصواب. والفاجر: هو الذي يرتكب الأمور الفاحشة، ولا يتورع عن الأعمال الشريرة. والتقوى: حفظ النفس من العذاب الأخروي بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه.

وخذ قول توبة بن الحمير-وهو الشاهد رقم [95] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» - [الطويل]

وقد زعمت ليلى بأنّي فاجر

لنفسي تقاها أو عليها فجورها

هذا؛ وعن أبي الأسود الدؤلي-رحمه الله تعالى-قال: قال لي عمران بن حصين-رضي الله عنه: أرأيت ما يعمل الناس، ويكدحون فيه؛ أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر قد سبق؟ أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم، فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا، وقلت: كل شيء خلق الله، وملك يده، فلا يسأل عما يفعل، وهم يسألون، فقال لي: يرحمك الله، إني لم أرد بما سألتك إلا لأختبر عقلك، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه؛ أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر قد سبق؟! أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال:«لا بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: {وَنَفْسٍ وَما سَوّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها» }. أخرجه مسلم. وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: جاء سراقة بن مالك المدلجي-رضي الله عنه-فقال: يا رسول الله! بين لنا ديننا كأننا خلقنا الآن. فيم العمل اليوم فيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير، أو فيما يستقبل؟ قال:«لا، بل فيما جفت الأقلام، وجرت به المقادير» . قال: ففيم العمل؟ فقال: «اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له» . أخرجه مسلم.

انتهى. خازن، ومثله في القرطبي.

أقول: وهذا أعظم دليل لأهل السنة على أن العبد لا يخلق أفعال نفسه، وإنما يخلقها الله فيه بتوفيقه لأداء الطاعات، واجتناب السيئات. وفيه ردع، وزجر للمعتزلة الذين يقولون: إن العبد يخلق أفعال نفسه، وقد صفع ابن المنير الزمخشري صفعتين بكلتا يديه حيث حاول التملص من صريح الآيتين، وأخذ يحوّر معناهما، ويتأول مغزاهما حسب مذهبه الاعتزالي، فجزى الله ابن المنير خير الجزاء على ذلك.

{قَدْ أَفْلَحَ:} فاز، ونجا. {مَنْ زَكّاها} أي: طهّر نفسه من الذنوب، والمعاصي، وزكاها بالأعمال الصالحة، والعلم، والمعرفة، والعمل الصالح. وهذا على عود الفاعل إلى {مَنْ} وعلى عوده إلى (الله) فبتوفيق الله للطاعة، وبصرفه له عن المعاصي، والذنوب. {وَقَدْ خابَ مَنْ}

ص: 612

دَسّاها: خاب، وخسر من دنس نفسه بالذنوب، والمعاصي، وأفسدها بالسيئات، والمنكرات، وأصله من: دسّ الشيء: إذا أخفاه، والعاصي يحاول إخفاء عصيانه، والمجرم يحاول إخفاء إجرامه. قال الجلال: وأصله: دسّسها، أبدلت السين الثانية ألفا تخفيفا. وقال الجمل: مأخوذ من التدسيس، وهو إخفاء الشيء في الشيء. والمعنى: أخمدها، وأخفى مكانتها بالكفر، والمعصية. انتهى. نقلا من الخطيب.

وعن زيد بن أرقم-رضي الله عنه-قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمّ إنّي أعوذ من العجز، والكسل، والبخل، والهرم، وعذاب القبر. اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها، أنت خير من زكّاها، أنت وليّها، ومولاها. اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها» . أخرجه مسلم.

الإعراب: {فَأَلْهَمَها:} الفاء: حرف عطف. (ألهمها): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) تقديره:«هو» ، والهاء مفعول به أول. {فُجُورَها:} مفعول به ثان. (تقواها): معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، و (ها) في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فلها حكمه. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَفْلَحَ:} فعل ماض. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

{زَكّاها:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر و (ها): مفعول به، والفاعل مستتر تقديره:«هو» . انظر الشرح لعوده على (الله) أو على {مَنْ،} والجملة الفعلية جواب القسم في أول السورة وما عطف عليه، وحذفت اللام منه لطول الكلام؛ إذ الأصل: لقد أفلح

إلخ.

وقيل: الجواب محذوف، التقدير: لتبعثن. وقدره الزمخشري بقوله: ليدمدمن الله على كفار مكة؛ لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دمدم على ثمود؛ لأنهم كذبوا صالحا، وتبعه البيضاوي، والنسفي على ذلك، وجملة:{وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (11) إِذِ اِنْبَعَثَ أَشْقاها (12)}

الشرح: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها:} بطغيانها، وهو خروجها عن الحد في العصيان. وقيل:

هو مصدر، وخرج على هذا المخرج؛ لأنه أشكل برؤوس الآي، فهو كالرجعى، والحسنى، وشبههما من المصادر، والواو مبدلة من ياء، مثل: التقوى، وهذا إن كان من: طغى، يطغى، وأما إن كان من: طغى يطغو، فالواو أصلية. وقد قرئ بضم الطاء، وفتحها. وقيل: هما لغتان.

{إِذِ انْبَعَثَ:} قام، ونهض، وأسرع. {أَشْقاها:} أشقى قبيلة ثمود، وهو قدار بن سالف، أو هو ومن مالأه على قتل الناقة. قال تعالى في سورة (القمر) رقم [29]:{فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ} وقد ذكرت قصة قوم ثمود مفصلة في سورة (الأعراف)، و (هود) و (الشعراء)، وفي سورة (القمر)، وفي سورة (الفجر) مختصرة.

ص: 613

الإعراب: {كَذَّبَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، {ثَمُودُ:} فاعل، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {بِطَغْواها:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر، و (ها): في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {إِذِ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل {كَذَّبَتْ} أو بالمصدر قبله. {اِنْبَعَثَ:} فعل ماض، {أَشْقاها:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، و (ها) في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذِ} إليها.

{فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (13)}

الشرح: {فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ} أي: نبيهم صالح على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {ناقَةَ اللهِ} أي: ذروا ناقة الله، وابتعدوا عنها، لا تؤذوها! وإنما قال لهم ذلك لما عرف منهم: أنهم قد عزموا على عقرها. وإنما أضافها إلى الله تعالى لتشريفها، كبيت الله.

{وَسُقْياها} أي: وشربها، وذروا شربها، ولا تتعرضوا للماء في يوم شربها! وهذا التحذير من صالح لقومه ورد في سورة (هود) رقم [64]:{وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ} وفي سورة (الأعراف) رقم [72].

هذا؛ ولقد كانت هذه الآية المعجزة برهانا ساطعا، وحجة واضحة على صدق نبي الله صالح على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، كما كانت بطلب منهم؛ حيث وعدوه باتباعه، والإيمان به إن هو شقّ لهم الصخر، وأخرج منه ناقة عشراء. وأشاروا إلى صخرة عظيمة، ووصفوا الناقة بأوصاف معلومة، وأعطوه العهود، والمواثيق على الإيمان بالله، فقام إلى مصلاه، فصلى، ودعا الله عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأجاب الله دعاءه، وحقق رجاءه، فانشقت الصخرة عن ناقة عظيمة عشراء على الوجه المطلوب، فلما عاينوها؛ رأوا أمرا عظيما، ومنظرا هائلا، وقدرة باهرة، ودليلا ساطعا، فآمن بعضهم، واستمر أكثرهم على الكفر، والضلال، والعناد. قال تعالى في سورة (الإسراء) رقم [59]:{وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها} .

هذا؛ ولقد كان لهذه الناقة بعض الأمور العجيبة الغريبة؛ التي تدل بحق على صدق صالح، عليه الصلاة، والسّلام، وعلى أنها آية من عند الله تعالى، منها: أنها خرجت من الصخر، وهو حجر أصم من الجماد، فكيف يخرج منه الحيوان؟ ومنها: أنها كانت تشرب ماء القبيلة بأجمعه في يوم شربها، وتعطيهم من الحليب بقدر الماء الذي شربته. قال تعالى في سورة (الشعراء) رقم [155]:{قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} . انتهى. بتصرف كبير من النبوة والأنبياء.

وانظر الآية رقم [48] و [49] من سورة (النمل) تجد ما يسرك.

الإعراب: {فَقالَ:} الفاء: حرف عطف، (قال): فعل ماض. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رَسُولُ:} فاعل (قال)، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {ناقَةَ:}

ص: 614

منصوب على التحذير بفعل محذوف، التقدير: احذروا الناقة، و {ناقَةَ:} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملة في محل نصب مقول القول، وجملة:{فَقالَ..} . إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَسُقْياها:} الواو: حرف عطف. (سقياها): معطوف على {ناقَةَ} منصوب مثله

إلخ، والهاء في محل جر بالإضافة.

{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها (14) وَلا يَخافُ عُقْباها (15)}

الشرح: {فَكَذَّبُوهُ} أي: كذبوا نبي الله صالحا في قوله: إنكم تعذبون؛ إن عقرتم الناقة؛ ولم تؤمنوا بالله. {فَعَقَرُوها} أي: عقرها الأشقى، وأضيف إلى الكل؛ لأنهم رضوا بفعله. وقال قتادة: ذكر لنا: أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم، وكبيرهم، وذكرهم، وأنثاهم. والذي باشر العقر اسمه: قدار بوزن غراب ابن سالف، ويضرب به المثل، فيقال: أشأم من قدار، وهو أشقى الأولين، وكان رجلا أشقر أزرق قصيرا. وروى الضحاك عن علي-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أتدري من أشقى الأولين؟» . قلت: الله ورسوله أعلم! قال: «عاقر الناقة» . قال: «أتدري من أشقى الآخرين؟» . قلت: الله ورسوله أعلم! قال: «قاتلك» . وكان عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي، لعنه الله تعالى! وهناك من يقدسه، ويعظمه! هذا؛ والعقر: الجرح. وعقر البعير، والفرس بالسيف فانعقر. أي: ضرب به قوائمه. وبابه: ضرب. انتهى. مختار. انظر الآية رقم [65] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام تجد ما يسرك.

{فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ} أي: أهلكهم، وأطبق عليهم العذاب بذنبهم الذي هو الكفر، والتكذيب، والعقر. وحقيقة الدمدمة: تضعيف العذاب، وترديده، والدمدمة إهلاك باستئصال، من غير إبقاء أحد حيا. {فَسَوّاها:} فسوى الدمدمة عليهم جميعا، وعمّهم بها.

وقيل: فسوى بين الأمة، وأنزل بصغيرهم، وكبيرهم، وغنيهم، وفقيرهم العذاب. وقيل: سوى عليهم الأرض، فجعلهم تحت التراب. {وَلا يَخافُ عُقْباها} أي: لا يخاف الله تبعة من أحد في هلاكهم. كذا قال ابن عباس-رضي الله عنهما. وقال السدي، والضحاك، والكلبي: ترجع إلى العاقر؛ أي: لم يخف الذي عقرها عقبى ما صنع. وعليه ففي الكلام تقديم، وتأخير، مجازه: إذ انبعث أشقاها، ولا يخاف عقباها. وقيل: لا يخاف رسول الله صالح عاقبة إهلاك قومه، ولا يخشى ضررا يعود عليه من عذابهم؛ لأنه قد أنذرهم، ونجاه الله تعالى حين أهلكهم، ولم يؤذه أحد منهم. هذا؛ وفي الجملة استعارة تمثيلية لإهانتهم، وأنهم أذلاء عند الله.

هذا؛ و (العقبى) جزاء الأمور، وآخر كل شيء، و (العقبى): الآخرة، وفي سورة (الرعد):

{أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ} . هذه في حق أولي الألباب الموصوفين بصفات ثمانية. و {وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النّارُ} ولفظ (العاقبة) ذكر في كثير من الآيات القرآنية.

ص: 615