المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريفها - أثرها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٧

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والأربعون باب الإضافة

- ‌[تعريفها - أثرها]

- ‌[الأثر المعنوي للإضافة ومواقعه]

- ‌[تقدم معمول المضاف إليه على المضاف وما يكتسبه الاسم بالإضافة]

- ‌[ما لازم الإضافة لفظا ومعنى وأحكامه]

- ‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

- ‌[من أحكام ما لازم الإضافة]

- ‌[من أحكام إضافة أسماء الزمان المبهمة]

- ‌[حذف أحد المتضايفات، والجر بالمضاف المحذوف]

- ‌[الفصل بين المتضايفين، وأحكامه]

- ‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

- ‌الباب الثاني والأربعون باب التّابع

- ‌[تعريفه، وأقسامه]

- ‌[فصل التابع من المتبوع وتقدم معموله عليه]

- ‌الباب الثالث والأربعون باب التّوكيد

- ‌[أقسامه، وذكر أحكام التوكيد بالنفس والعين]

- ‌[من أغراض التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام بعض ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[التوكيد اللفظي: حقيقته، وبعض أحكامه]

- ‌[توكيد الضمير المتصل مرفوعا أو منصوبا]

- ‌الباب الرابع والأربعون باب النّعت

- ‌[تعريفه - وأغراضه]

- ‌[إتباع النعت منعوته وغيره]

- ‌[ذكر ما ينعت به، وأحكام الجملة الواقعة نعتا]

- ‌[بعض أحكام النعت المفرد]

- ‌[تفريق النعت وجمعه وإتباعه وقطعه]

- ‌[من أحكام النعت]

- ‌[أقسام الأسماء من حيث ما ينعت به وينعت]

- ‌[الاستغناء عن المنعوت، وعن النعت]

- ‌الباب الخامس والأربعون باب عطف البيان

- ‌[تعريفه، أغراضه، موافقته ومخالفته متبوعه]

- ‌[جواز جعل عطف البيان بدلا وعدمه]

- ‌الباب السادس والأربعون باب البدل

- ‌[تعريفه، موافقته ومخالفته المتبوع، الإبدال من المضمر والظاهر]

- ‌[أقسام البدل وما يختص به كل قسم]

- ‌[من أحكام البدل وحكم اجتماع التوابع]

- ‌الباب السابع والأربعون باب المعطوف عطف النّسق

- ‌[تعريفه، وذكر حروفه]

- ‌[معاني حروف العطف: الواو - الفاء - ثم - حتى - أم - أو - بل - لا]

- ‌[حديث خاص بالواو]

- ‌[حديث خاص بثم والفاء]

- ‌[حديث خاص بحتى وأم وأو]

- ‌[«إما» العاطفة معانيها، وأحكامها]

- ‌[من حروف العطف: بل، لكن، لا]

- ‌[ما لا يشترط وما يشترط في صحة العطف]

- ‌[العطف على الضمير المتصل، والعطف على عاملين]

- ‌[من أحكام الواو، والفاء، وأم، وأو

- ‌[عطف الفعل على الاسم والماضي على المضارع، وعكسه]

- ‌[الفصل بين العاطف والمعطوف]

- ‌الباب الثامن والأربعون باب النّداء

- ‌[بعض أحكامه من جر وحذف الحرف]

- ‌[بناء المنادى وإعرابه]

- ‌[أحكام المنقوص والمضموم المنون اضطرارا في النداء]

- ‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

- ‌[تابع المنادى وأحكامه]

- ‌[الضمير مع تابع المنادى]

- ‌[أحكام المنادى المضاف إلى ياء المتكلم]

- ‌[المنادى غير المصرح باسمه]

- ‌الباب التاسع والأربعون باب الاستغاثة والتعجّب الشبيه بها

- ‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

- ‌الباب الخمسون باب النّدبة

- ‌[تعريف المندوب - مساواته للمنادى في أحكامه]

- ‌[من أحكام المندوب]

- ‌[من أحكام ألف الندبة]

- ‌[أحكام أخرى لألف الندبة]

- ‌الباب الحادي والخمسون باب أسماء لازمت النداء

- ‌[ذكرها وما يتعلّق بها من أحكام]

- ‌الباب الثاني والخمسون باب ترخيم المنادى

- ‌[ما يرخم، وما لا يرخم]

- ‌تقدير ثبوت المحذوف للترخيم

- ‌[أحكام آخر المرخم]

- ‌الباب الثالث والخمسون باب الاختصاص

- ‌[دواعيه وأحكامه]

- ‌الباب الرابع والخمسون باب التّحذير والإغراء وما ألحق بهما

- ‌[ما ينصب على ذلك - إظهار العامل وإضماره]

- ‌[ما يلحق بالتحذير والإغراء]

- ‌[مسائل وأمثلة أخرى في إضمار العامل]

الفصل: ‌[تعريفها - أثرها]

‌الباب الحادي والأربعون باب الإضافة

(1)

[تعريفها - أثرها]

[4/ 65] قال ابن مالك: (المضاف هو الاسم المجعول كجزء لما يليه خافضا له بمعنى «في» إن حسن تقديرها وحدها، وبمعنى «من» إن حسن تقديرها مع صحّة الإخبار عن الأوّل بالثّاني، وبمعنى اللّام تحقيقا أو تقديرا فيما سوى ذينك، ويزال ما في المضاف من تنوين أو نون تشبهه، وقد يزال منه تاء التّأنيث أن أمن اللّبس).

قال ناظر الجيش: قال المصنف: الاسم المجعول كجزء لما يليه يعم الموصول، والمركب تركيب مزج، والموصوف بصفة لازمة ويخرج الثلاثة تقييد المجعول بكونه خافضا فيختص المضاف بالحد، وقلت: كجزء لما يليه، ولم أقل: كجزء اسم؛ لأن ثاني جزأي الإضافة قد يكون جملة وحرفا مصدريّا، وما يلي (يعم) الاسم وإياهما فكان بالذكر أولى، ثم بنيت أن الإضافة على ثلاثة أقسام: إضافة بمعنى «في» ، وإضافة بمعنى «من» ، وإضافة بمعنى اللام، وقد أغفل أكثر النحويين التي بمعنى «في» وهي ثابتة في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح كقوله تعالى: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (2)، وكقوله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (3)، وكقوله تعالى:

يا صاحِبَيِ السِّجْنِ (4)، وقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (5)، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«فلا تجدون أعلم من عالم المدينة» (6)، وقول العرب: شهيد الدار -

(1) ينظر في هذا الباب: الأشموني (2/ 237 - 282) وأوضح المسالك (3/ 81 - 200)، والتذييل (4/ 68 - 101)، والتصريح (2/ 23 - 61)، والرضي (1/ 26، 272 - 298)، ومواضع متفرقة في (جـ 2) منه، وشرح الجمل (2/ 70 - 77)، وشرح اللمع (ص 177 - 181) وشرح المفصل (2/ 117 - 133)، (3/ 2 - 38) والكافية الشافية (2/ 898 - 1011) والكتاب (1/ 42، 52، 53، 66، 176 - 180، 199، 201، 279، 425)، (ص 2/ 7، 223، 224، 280)، (3/ 81، 82، 117 - 119، 412 - 414، 335)، والكفاية (87 - 96)، والمقرب (1/ 209 - 218)، والهمع (2/ 45 - 55).

(2)

سورة البقرة: 204.

(3)

سورة البقرة: 226.

(4)

سورة يوسف: 39.

(5)

سورة سبأ: 33.

(6)

عن أبي هريرة أخرجه الترمذي في أبواب العلم: (18) برواية «فلا يجدون أحدا

».

ص: 3155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقتيل كربلاء، ومنه قول الشاعر:

2863 -

لهم سلف شمّ طوال رماحهم

يسيرون لا ميل الركوب ولا عزلا (1)

ومثله:

2864 -

مهادي النهار لجاراتهم

وباللّيل هنّ عليهم حرم (2)

ومثله:

2865 -

وغيث تبطّأت قريانه

بأجرد ذي ميعة منهمر

مسيح الفضاء كسيد الإباء

جمّ الجراء شديد الحضر (3)

ومثله:

2866 -

من الحور ميسان الضّحى بختريّة

ثقال متى تنهض إلى الشر تفتر (4)

ومثله:

2867 -

طفلة باردة الصّيف إذا

معمعان القيظ أضحى يتقد

سخنة المشتى لحاف للفتى

تحت ليل حين يغشاه الصّرد (5)

ومثله:

2868 -

تسائل عن قوم هجان سميدع

لدى البأس مغوار الصّباح جسور (6)

ومثله:

2869 -

وما كنّا عشيّة ذي طليح

لئام الروع إذا زمت إزام (7)

-

(1) من الطويل وانظره في التذييل (7/ 179).

(2)

من المتقارب - شرح العمدة: منسوبا للأعشى (227)، والكافية الشافية (2/ 907).

(3)

من المتقارب - شرح التسهيل (2/ 173) وفيه أنهما لابن أبي ربيعة، ولم أجدهما في ديوانه، والكافية الشافية (2/ 907).

(4)

من الطويل، وبخترية: متبخترة في مشيتها، وهذا والبيت لعمر بن أبي ربيعة ديوانه (ص 105) برواية «من البيض مكسال الضحى» ، والكافية الشافية (2/ 907).

(5)

من الرمل والمعمعان: شدة الحر، وانظره في التذييل (7/ 179).

(6)

من الطويل لحسان بن ثابت - ديوانه (186)، والعيني (3/ 358)، وهجان: كريم.

والسميدع: السيد الموطأ الأكناف.

(7)

وانظره في التذييل (7/ 179).

ص: 3156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فلا يخفى أن معنى «في» في هذه الشواهد كلها صحيح ظاهر لا غنى عن اعتباره وأن اعتبار معنى غيره ممتنع أو متوصل إليه بتكليف لا مزيد عليه فصح ما أردناه، والحمد لله، وأما الإضافة بمعنى «من» فمضبوطة، بكون المضاف بعض المضاف إليه مع صحة إطلاق اسمه عليه والإخبار به عنه كـ: ثوب خز، وخاتم فضة؛ فالثوب بعض الخز، ويصح إطلاق اسمه عليه والإخبار به عنه وكذا الخاتم بالنسبة إلى الفضة.

ومن هذا النوع إضافة الأعداد إلى المعدودات والمقادير إلى المقدرات فأما نحو:

يد زيد؛ فالإضافة فيه بمعنى اللام وبمعنى «من» لامتناع الإخبار فيها بالثاني عن الأول، وإن كان الأول بعضا للثاني.

وكذا الإضافة في نحو: يوم الخميس؛ هي أيضا بمعنى اللام لا بمعنى «من» لكون الأول ليس بعضا للثاني، وإن كان الإخبار فيها بالثاني عن الأول غير ممتنع، وهذا معنى قول ابن السراج (1) رحمه الله تعالى، وهو الصحيح لا قول ابن كيسان (2) والسيرافي (3)؛ فإنهما جعلا إضافة كل بعض بمعنى «من» على الإطلاق، وإذ قد انضبطت مواضع الإضافة التي بمعنى «في» ومواضع الإضافة التي بمعنى «من» فليعلم أن كل إضافة سواهما فهي بمعنى اللام، وإن لم يحسن تقدير لفظها نحو: زيد عند عمرو، وعمرو مع خالد؛ فلا يخفى أن لفظ اللام لا يحسن تقديره هنا، ومع ذلك نحكم بأن معناها مراد كما حكم بأن معنى «من» في التمييز مراد، وإن لم يحسن تقدير لفظها وأن معنى «في» في الظرف مراد، وإن لم يحسن تقدير لفظها، وقد يحسن تقدير «من» وتقدير اللام معا ويجعل الحكم للام؛ لأنها الأصل؛ فلذلك اختصت بجواز إقحامها بين المضاف والمضاف إليه في نحو:

2870 -

يا بؤس للحرب الّتي

وضعت أراهط فاستراحوا (4)

أراد: يا بؤس الحرب، ودخل في قولي:(ويزال ما في المضاف من تنوين) المنون لفظا كـ «غلام» والمنون تقديرا كـ «أساور» فإنك إذا قلت: أساور فضة، -

(1) الأصول (1/ 330).

(2)

الهمع (2/ 46).

(3)

انظر: السيرافي، وشرحه على الكتاب (2/ 141 / ب).

(4)

من الكامل لسعد بن مالك في حرب البسوس بين بكر وتغلب. الحلل (1/ 244)، والكتاب (1/ 315).

ص: 3157

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالنصب؛ فالتنوين مقدر الثبوت وإذا قلت: أساور فضة؛ بالجر فإن التنوين الذي كان ثبوته مقدرا صار حذفه مقدرا ولذلك لا ينون في الاضطرار بخلاف الذي تنوينه مقدر الثبوت، فإنه ينون في الاضطرار، ودخل في قولي:(أو نون تشبهه) نونا المثنى والمجموع كـ «صاحبين» ، و «مكرمين» ونونا الجاريين مجراهما في الإعراب كاثنين، وعشرين فإن نونيهما تحذفان للإضافة؛ لجريانهما مجرى المثنى والمجموع على حده، فيقال: أقبض اثنيك، وعشريك كما يقال: اذكر صاحبيك، ومكرميك ولا خلاف في إضافتهما إلى غير مميزهما وإنما يمتنع إضافتهما إلى مميزهما إلا في الاضطرار كقول الراجز:

2871 -

كأنّ خصييه من التّدلدل

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (1)

أو في ندور كرواية الكسائي إن بعض العرب يقول: عشرو درهم. وقد يحذف من المضاف تاء التأنيث إن لم يوقع حذفها في إلباس مذكر [4/ 66] بمؤنث كحذف تاء «ابنة» ، أو مفرد بجمع كحذف تاء «تمرة» ومن شواهد ذلك قراءة بعض القراء «ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عده» (2) ومنها قول الشاعر:

2872 -

إنّك أنت الحزين في أثر ال

قوم فإن تنوينهم تقم (3)

ومثله:

2873 -

إنّ الخليط أجدّوا البين وانجردوا

وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا (4)

ومثله:

2874 -

ونار قبيل الصبح بادرت قدحها

حيا النار قد أو قدتها للمسافر (5)

ومثله:

2875 -

ألا ليت شعري هل يفطن خالد

عيادي على الهجران أم هو آيس (6)

-

(1) لخطام المجاشعي، وقيل لغيره - التصريح (2/ 270)، والدرر (1/ 209)، والكتاب (2/ 177، 202)، والمقتضب (2/ 56)، والهمع (1/ 253).

(2)

البحر المحيط (5/ 48)، وفيه آراء وتوجيهات فانظرها هناك إذا شئت. هذا والآية في: التوبة: 46.

(3)

من المنسرح للنابغة الجعدي - ديوانه (149) واللسان: «نوى» برواية: «الحي» بدل «القوم» .

(4)

من البسيط للفضل بن العباس .. التصريح (2/ 396)، والخصائص (3/ 171) ومعاني الفراء (2/ 254).

(5)

من الطويل لكعب بن زهير - ديوانه (ص 185)، وأساس البلاغة (ص 380)، وشرح العمدة (ص 228)، واللسان «حيا» .

(6)

كالسابق وانظره في التذييل (7/ 185).

ص: 3158

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله:

2876 -

وأحلى من التمر الجنيّ وفيهم

بسالة نفس إن أريد بسالها (1)

ومثل قول رؤبة:

2877 -

هاتكته حتى انجلت أكراؤه

وانحسرت عن معرفي نكراؤه (2)

فسهّل حذف التاء من هذه الأسماء أن حذفها لا يوقع في إلباس، لأنه لا يقال في العدّة: عدّ، ولا في النيّة: نيّ، ولا في العدة: عد، ولا في الحياة: حيا، ولا في العيادة: عياد، ولا في البسالة: بسال، ولا في المعرفة: معرف.

وجعل الفراء من هذا القبيل وَأَقامَ الصَّلاةَ * (3)، ووَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (4) بناء على أنه لا يقال دون الإضافة في الإقامة: إقام، ولا في الغلبة:

غلب (5). انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ويتعلق به أبحاث:

الأول:

أن التبويب إنما هو للإضافة ولم يجدها إنما ذكر حد المضاف، وقد ذكر الخضراوي لها حدّا فقال: الإضافة: ضم اسم غير موصول إلى غيره من اسم أو جملة للتعريف أو التخصيص ضمّا لا يجوز الفصل بينهما قياسا إلا بالظرف في ضرورة الشعر، قال:

فـ «غير موصول» تحرز من الموصلات؛ لأنها تضم إلى صلاتها من الجمل ولا يفصل بينهما وتتعرف بها في قول الأكثر. قال: و «للتعريف أو التخصيص» تحرز من ضم التركيب نحو: خمسة عشر، وبعلبك، وحضرموت، وما أشبهها. قال: و «ضمّا لا يجوز الفصل بينهما» تحرز من أنا قد نضم الصفة إلى الموصوف فيتخصص الأول بها نحو: رجل عالم أو الرجل العالم، لكن قد نقول: قام زيد عند عمرو العاقل في الكلام، وجاء زيد راكبا العالم. هذا ملخص كلام الخضراوي. -

(1) كذلك من الطويل، وفي التذييل (7/ 185).

(2)

ديوانه (ص 4)، والتذييل (7/ 185).

(3)

سورة الأنبياء: 73، وسورة النور: 37، ومعاني الفراء (2/ 254، 319)، وانظر: البحر المحيط (6/ 329) والتبيان (2/ 922).

(4)

سورة الروم: 3، وانظر المصادر السابقة، وكذا الأشموني (2/ 237).

(5)

شرح التسهيل لابن مالك (3/ 225).

ص: 3159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا يخفى ما في الحد الذي ذكره من القلق والطول. وفي شرح الشيخ أن بعضهم حد الإضافة بأنها: نسبة بين اسمين تقييدية توجب لثانيهما الجر أبدا.

فـ «بين اسمين» احتراز من: قام زيد و «تقييدية» من: زيد قائم، و «توجب لثانيهما الجر» احتراز من: زيد الخياط من قولنا: زيد الخياط منطلق، و «أبدا»:

احتراز من: مررت بزيد الخياط، ولا ترد الإضافة إلى الجملة؛ لأن الجملة المضاف إليها في تقدير اسم (1). ولا شك أن هذا أحسن من الحد الذي ذكره الخضراوي.

ولو قيل: الإضافة نسبة تقييدية بين شيئين: الأول منهما جار للثاني لفظا أو محلّا لكان أقرب وأخصر.

الثاني:

أن الأول من المركب تركيب مزج ليس هو كالجزء مما يليه؛ إنما هو أحد جزءي المركب، فهو جزء حقيقة؛ لأنه مسلوب الدلالة حال التركيب كما أن الجزء الثاني كذلك. والدال على المعنى المراد إنما هو المجموع. وأما الموصوف بصفة لازمة فلا يتحقق فيه ما ذكره؛ لأنه إن أراد به أن الصفة لا تنفرد عن الموصوف وذلك نحو قولهم: أبيض يقق وأحمر قان وأسود حالك، وكقولهم: حسن يسن؛ فالذي هو كالجزء في هذا إنما هو الصفة لا الموصوف؛ لأن الصفة في مثله هي التي لا تنفك عن موصوفها، وأما الموصوف فانفكا كه عن الصفة ظاهر، وإن أراد به أن الموصوف لا ينفرد عن الصفة كان متجها، وقد مثل لذلك في باب التابع بقولهم: الشعرى العبور، لكن إن كان المعتمد في إثبات الموصوف بصفة لازمة هذا المثال، فقد نوقش فيه فقيل: إن الشعرى لا يلزمها الوصف ويدل على ذلك قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (2)، وأما الموصول، وإن كان الجزء مما يليه فليس نظير المضاف؛ لأن الموصول لم يكن له حالة ليس هو فيها كالجزء فجعل جزءا إنما هو كالجزء دائما؛ لأنه وضع كذلك والمضاف إنما يصير كالجزء حال إضافته، فإذا انفصل عن الإضافة زال عنه هذا الوصف.

وإذا كان الأمر كما قلناه فلم تدخل هذه الثلاثة تحت قوله: (كالجزء) حتى يكون قوله خافضا له مخرجا لها. وأما قوله: أنه عدل عن أن يقول: كجزء اسم -

(1) التذييل (7/ 178).

(2)

سورة النجم: 49.

ص: 3160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى قوله: كجزء لما يليه؛ لأن ثاني جزأي الإضافة قد يكون جملة وحرفا مصدريّا ففيه كلام؛ لأن الجملة المضاف إليها إنما هي في تأويل الاسم وكذا الحرف المصدري مع صلته أيضا فالإضافة في الحقيقة إنما هي إلى اسم. فلو قال: كجزء اسم؛ لكان كافيا سديدا أيضا. ثم إن في قوله: إن ثاني جزأي الإضافة يكون حرفا مصدريّا - مناقشة لفظية؛ لأن الحرف ليس مضافا إليه، فيقال: إنه ثاني جزأي الإضافة.

الثالث:

قد علم من قول المصنف: (المضاف هو الاسم المجعول) إلى آخره أن المضاف هو الأول والمضاف إليه هو الثاني، وهذا لا شبهة فيه؛ لكن ذكر الشيخ أنهم اختلفوا في إطلاق لفظ المضاف والمضاف إليه، كما اختلفوا في المسند والمسند إليه فقيل: المضاف هو الأول والمضاف إليه الثاني، وقيل عكسه (1)، قال: وجوز بعضهم أن يطلق الأمران على كلّ منهما (2).

وأقول: هذا شيء لا ينبغي التشاغل به، ولا أعرف [4/ 67] كيف يعقل في نحو: زيد قائم أن زيدا هو المسند ولا في نحو: غلام زيدان: غلاما هو المضاف إليه.

ثم عرف من قول المصنف: (خافضا له) أن المضاف هو العامل في المضاف إليه الجر، وذهب الزجاج إلى أن العامل فيه معنى اللام. قال: لأن الاسم لا يخفض، هكذا نقلوا عن الزجاج كما ذكره ابن عصفور وغيره (3).

ولم أتحقق مذهبه هل العامل الحرف الذي الإضافة بمعناه؟ أو معنى الإضافة أو غير ذلك؟ لكن صرح ابن عصفور في شرح الجمل دون نسبة إلى الزجاج أو غيره بأن منهم من زعم أن الجر بالحرف المحذوف (4).

والأصح أن الاسم المضاف هو العامل؛ بدليل اتصال الضمائر به، ولا تتصل الضمائر إلا بعواملها. قيل: والقياس أن لا يعمل الاسم الجر؛ لأن الاسم إنما يعمل لشبه الفعل، والفعل لا حظ له في عمل الجر إنما يعمل رفعا ونصبا. وأجيب عن -

(1) التذييل (7/ 178).

(2)

السابق.

(3)

سر النحو له (2/ 7)، وانظر: الأشموني (2/ 237)، والتصريح (2/ 25)، وشرح الجمل (2/ 75).

(4)

شرح الجمل (2/ 75).

ص: 3161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك بأن عمل الجر في الأصل إنما هو للحرف، ولكن العرب تحذف حروف الجر في مواضع (1)، وفي هذا الباب لما حذف الحرف ناب الاسم المضاف منابه فعمل عمله (2). أشار إلى ذلك ابن عصفور في شرح الإيضاح.

وأقول: لا يخفى ضعف هذا الجواب. وأما السؤال فمدفوع من أصله؛ وذلك أن العمل الذي يكون الاسم فيه محمولا على الفعل إنما هو العمل الذي يستحقه الفعل وهو الرفع والنصب؛ ففي عمل هذين يقال: الاسم إنما يعمل لشبه الفعل، وأما الجر فليس من مستحقات الفعل. ولا شك أن الجر أحد أنواع الإعراب الثلاثة التي تكون في الاسم، فلا بد له من عامل، والفعل لا مدخل له في عمل الجر؛ فوجب أن يكون عمل الجر ناشئا إما عن حرف وإما عن اسم، فكان العمل للحرف في نحو: نظرت إلى زيد، ومررت بعمرو، ورغبت في الخير، وللاسم في نحو: غلام زيد، وضارب عمرو، وذلك أن موجب العمل الاقتضاء، فإذا اقتضى شيء شيئا وجب أن يعمل فيه؛ فالحرف اقتضى اسما يباشره ليوصل إليه معنى الفعل الذي تعلق به، والاسم الذي هو المضاف اقتضى اسما يضاف هو إليه ليتخصص به، فوجب أن يكون كل منهما عاملا في ما اقتضاه وكان العمل الجر؛ لأن الرفع والنصب اللذين هما النوعان الآخران إنما يسبقهما الفعل وما أشبهه من الأسماء والحروف.

الرابع:

قد علم من كلام المصنف أن الإضافة ثلاثة أقسام: إضافة بمعنى «في» . وإضافة بمعنى «من» ، وإضافة بمعنى اللام. فليعلم أن الإضافة التي بمعنى أحد هذه الأحرف الثلاثة هي الإضافة المحضة التي هي المعنوية. وأما الإضافة اللفظية فليست بمعنى حرف؛ لأن المقصود بها إنما هو تخفيف اللفظ، ومعنى الإضافة فيها مفقود؛ فمن أين يجيء معنى حرفها؟ وكلام المصنف في هذا الكتاب وفي بقية كتبه يوهم أن الإضافة معنوية كانت أو لفظية تقدر بحرف، وليس كذلك؛ فكان الأولى أن يقول أولا: الإضافة لفظية ومعنوية، والمعنوية إما بمعنى «في» أو «من» أو اللام؛ ليعلم -

(1) يكثر ذلك ويطرد مع «أن» و «أنّ» نحو: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ونحو: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ، وجاء في غيرهما نحو: قَدَّرْناهُ مَنازِلَ أي قدرنا له. وراجع المغني (2/ 172) - الأمير.

(2)

وهو مذهب سيبويه. راجع الكتاب (1/ 209).

ص: 3162

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منه أن اللفظية لا مدخل لها في ذلك.

الخامس:

لم يذكر الجماعة الإضافة بمعنى «في» ، وقد أثبتها المصنف واستدل بما تقدم ذكره بعد أن قال: قد أغفل ذلك أكثر النحويين.

قال الشيخ: لا أعلم أحدا ذهب إلى أن الإضافة بمعنى «في» غيره - يعني غير المصنف - قال: وهذه الشواهد التي ذكرها لا دليل فيها، إذ كثير مما استدل به هو من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة لأنه قصد بها التخفيف وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (1) فإن الحذاق يقولون: إن هذا من إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز (2). انتهى.

أما قوله: إنه لا يعلم أحدا ذهب إلى ذلك غير المصنف؛ فيعطي أن المصنف هو المنفرد بهذا القول، ولكن قول المصنف: قد أغفل ذلك أكثر النحويين؛ يفهم منه أن أقلهم لم يغفله بل ذكره، ثم إن ابن الحاجب ذكر المسألة في مقدمته (3) وربما اتبع في ذلك الزمخشري (4). وأما قوله: إن أكثر ما استدل به المصنف من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة؛ فكلام صحيح لما عرفت من أن الإضافة اللفظية لا تقدر بحرف.

وأما قوله: وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وأن هذا من باب إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز؛ فكلام صحيح أيضا. وقد تقدم قول المصنف في باب الظرف:(ويتوسع في الظرف المتصرف)(5)، ولكن لا يلزم من هذا أنه يمنع الإضافة إلى الظرف.

بل له أن يقول: قد يتوسع في الظرف، وقد لا يتوسع بل يبقى على حاله ظرفا، فإن أضيف إليه وقد يتوسع فيه فالإضافة بمعنى اللام، وإن كان باقيا على ظرفيته دون توسع فالإضافة بمعنى «في» حينئذ. وعلى هذا لا منافاة بين قوله هنا: إن إضافة الشيء إلى ظرفه تكون بمعنى «في» وقوله في باب الظرف: إنه قد يتوسع فيه -

(1) سورة سبأ: 33.

(2)

التذييل (7/ 180).

(3)

الكافية بشرح الرضي (1/ 273).

(4)

المفصل (2/ 118)، وراجع: الأشباه (2/ 192)، والتصريح (2/ 26)، والخصائص (3/ 26)، والمقتضب تعليق الشيخ عضيمة (4/ 143).

(5)

شرح التسهيل (99) وما بعدها.

ص: 3163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فينتصب مفعولا به ويسند إليه ونحو ذلك.

لكن من منع كون الإضافة تكون بمعنى «في» قال: إن الإضافة إلى الظرف وهو باق على الظرفية يلزم منها محذور وهو أن المنصوب [4/ 68] على الظرفية لا بد فيه من تقدير «في» فلو أضيف إليه مع بقائه على الظرفية لزم أن تكون «في» مقدرة؛ لأن الظرف شأنه ذلك، ومتى كانت «في» مقدرة لزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه بذلك الحرف المقدر، وإذا ثبت هذا انتفى أن يكون ثم إضافة بمعنى «في» . انتهى ما استدلوا به.

وهو كلام مقبول ظاهرا إلا أن لك أن تقول: إن «في» إنما تقدر حال كون الكلمة منصوبة على الظرف؛ لأن الظرف الصناعي هو المنصوب على تقدير «في» ، ومتى لفظ بـ «في» خرجت الكلمة المجرورة بها عن أن تكون ظرفا صناعيّا، فكذا يقال: إذا جر الظرف بإضافة شيء إليه وجب لزوال نصبه خروجه عن الظرفية؛ ومتى خرج عن الظرفية امتنع تقدير «في» ، وحينئذ لا يكون بين المضاف والمضاف إليه فاصل. فيبطل الاستدلال المذكور.

وقال الإمام بدر الدين ابن المصنف رحمهما الله تعالى: أكثر المحققين (1) على أن الإضافة لا تعدو أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى «من» . وموهم الإضافة بمعنى «في» محمول على أنها فيه بمعنى اللام على المجاز ويدل على ذلك أمور:

أحدها: أن دعوى كون الإضافة بمعنى «في» يستلزم دعوى كثرة الاشتراك في معناها وهو على خلاف الأصل فيجب اجتنابها.

الثاني: أن كلّ ما ادّعي فيه أن إضافته بمعنى «في» حقيقة يصح فيه أن يكون بمعنى اللام مجازا فيجب حمله عليه لوجهين:

أحدهما: أن المصير إلى المجاز خير من المصير إلى الاشتراك.

والثاني: أن الإضافة لمجاز الملك والاختصاص ثابتة باتفاق كما في قوله:

2878 -

إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

[سهيل أضاعت غزلها في القرائب](2)

-

(1) في شرح الألفية لبدر الدين (ص 381)، (والذي عليه سيبويه وأكثر المحققين ....).

(2)

صدر بيت من الطويل ذكرنا عجزه. وكوكب الخرقاء: امرأة كان في عقلها نقصان، يريد أنها كانت تنام حتى إذا طلع النجم «سهيل» فرقت غزلها بين قرائبها، ويروى «أذاعت» وانظر: العيني -

ص: 3164

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله:

2879 -

[إذا قال قدني قال بالله حلفة]

لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا (1)

والإضافة بمعنى «في» مختلف فيها والحمل على المتفق عليه أولى من الحمل على المختلف فيه.

الثالث: أن الإضافة في نحو: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (2) إما بمعنى اللام على جعل الظرف مفعولا به على السعة، وإما بمعنى «في» على بقاء الظرفية؛ لكن الاتفاق على جعل الظرف مفعولا به على السعة كما في: صيد عليه يومان، وولد له ستون عاما، والاختلاف في جواز الإضافة بمعنى «في» فرجح الحمل على الأول دون الثاني (3). انتهى كلام بدر الدين.

وقد كان رحمه الله تعالى أجلّ وأكبر من أن يستدل على مدعاه بما ذكر.

السادس:

ما ذكره المصنف ضابطا للإضافة بمعنى «في» فيه قلق. ولو جعل الضابط لذلك كون المضاف إليه جنسا للمضاف كما جعله غيره. وقد قال ابن الحاجب بعد ذكر الإضافة المعنوية: وهي بمعنى اللام فيما عدا جنس المضاف وظرفه أو بمعنى «من» في جنس المضاف، أو بمعنى «في» في ظرفه وهو قليل مثل: غلام زيد، وخاتم فضة، وضرب اليوم فأشار إلى المقصود بعبارة لطيفة وطريقة سهلة. ثم قد عرفت أن المصنف جعل من التي بمعنى «من» إضافة الأعداد إلى المعدودات والمقادير إلى المقدرات؛ فقال الشيخ: هذا مذهب ابن السراج (4)، قال: وذهب الفارسي إلى أنها بمعنى اللام (5). انتهى.

والظاهر ما قاله ابن السراج؛ فإن الإضافة في نحو: ثلاثة أثواب، ومائة درهم، وذراع حرير؛ إنما هي إضافة الشيء إلى جنسه؛ لأن الثلاثة والمائة والذراع يحتمل -

- (3/ 359)، والمقرب (1/ 213)، والمحتسب (2/ 228).

(1)

عجز بيت من الطويل ذكرنا صدره، وقد تقدم.

(2)

شرح الألفية له (ص 381 - 383).

(3)

سورة سبأ: 33.

(4)

ينظر: الأشموني (2/ 239)، والأصول (2/ 7)، والتذييل (4/ 69).

(5)

ينظر: المصادر السابقة.

ص: 3165

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كل منها أن يكون من جنس ما أضيف له ويحتمل أن يكون من غيره.

ثم قال الشيخ: فإن أضفت العدد إلى عدد آخر كانت الإضافة عندهما على معنى «من» نحو: ثلاثة مائة؛ لأن «مائة» بمعنى: مئين، والثلاث من المئين مئون (1)، ثم قال: ومن الإضافة بمعنى اللام إضافة «كل» إلى ما بعده لا بمعنى «من» (2). قال:

لأن «من» تعطي التبعيض (و)(3) كل الشيء لا يتصور أن يكون بعضا له و «كل» اسم لأجزاء الشيء (4). وقد ثبت أن إضافة الجزء إلى المتجزئ بمعنى اللام كـ: يد زيد؛ فوجب أن يكون ما هو اسم للأجزاء نحو «كل» بمعنى اللام.

السابع:

ذهب ابن الصائغ إلى أن الإضافة بمعنى اللام خاصة، وتكلف في تقدير جعل الخز مستحقّا للثوب بما أنه أصله في قولنا: ثوب خز، حتى قال: إن الإضافة بمعنى اللام على كل حال، ومعنى اللام الاستحقاق على كل حال، والملك من أنواع الاستحقاق كما أن الجنسية معنى من معانيه (5). انتهى.

ولا يخفى بعد ما ادعاه مع ما فيه من تكلف التقدير ومخالفة الجمهور.

قال الشيخ: والذي أذهب إليه أن الإضافة تفيد الاختصاص، وأنها ليست على تقدير حرف مما ذكروه ولا على نيته، وأن جهات الاختصاص متعددة يبين كل جهة منها الاستعمال؛ فالإضافة في «غلام زبد» و «دار عمرو» للملك، وفي «سرج الدابة» و «حصير المسجد» للاستحقاق، وفي «شبح أخيك» لمطلق الاختصاص. انتهى.

ولا أعلم ما الذي أوجب له مخالفة النجاة في ما قالوه مع أنه لم يستدل على ذلك بشيء على أن هذا الذي ذهب إليه من أن الإضافة ليست على تقدير حرف هو مذهب ابن درستويه نقله هو عنه (6). ومستند ابن درستويه أنه يلزم من التقدير بحرف أن يكون المضاف - في قولنا: ثوب الخز، وغلام زيد - نكرة؛ لأنهم يقدرون: ثوب من خز، وغلام لزيد، والغرض أن المضاف في هذين المثالين معرفة، -

(1) التذييل (7/ 182).

(2)

السابق.

(3)

من التذييل، وهامش المخطوط.

(4)

التذييل (7/ 182).

(5)

انظر: رأيه في التذييل (7/ 183)، وهو شيخ لأبي حيان.

(6)

التذييل (7/ 183).

ص: 3166

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فدل ذلك على أن الإضافة ليست على معناهما أي: بمعنى الحرفين اللذين هما من اللام (1). والجواب عن ذلك: أن المراد بالتقدير أن المعنى في الإضافة على ذلك إلا أن لنا حرفا مقدرا؛ إذ لو كان الحرف مقدرا مرادا كان في حكم الثابت. وقد قلنا: إن العامل [4/ 69] في المضاف إليه هو المضاف؛ فكيف كان يصح للمضاف العمل والحرف فاصل بينه وبين ما يعمل فيه؟!

وحاصل الأمر: أن المراد بقولهم: الإضافة تكون بمعنى اللام أو «من» أو «في» تفسير المعنى المقصود من الإضافة، وتفسير المعنى لا يلزم التصريح به نطقا كما في غالب المسائل.

وأما قول الكوفيين: إن الإضافة تكون بمعنى «عند» فشيء لا يعول عليه، وأما استدلالهم بقول العرب: هذه ناقة رقود الحلب، أي: عند الحلب كما قالوا؛ فالجواب عنده واضح وهو أن المراد: أنها رقود للحلب؛ فالإضافة بمعنى اللام. وقال ابن عصفور: إن «رقود الحلب» مثل «حسن الوجه» فيكون في اللفظ للأول وفي المعنى للثاني والأصل: ناقة رقود حلبها؛ فهو من باب الصفة المشبهة، وإنما وصفت الحلب بأنه رقود لما كان الرقاد عنده فجعل رقودا مبالغة (2).

الثامن:

الموجب لحذف التنوين والنون من المضاف أن تمام الاسم الأول إنما حصل بتمام نسبة التقييدية بذكر الثاني؛ فصار آخر الاسم وسطا، والتنوين إنما يلحق منتهى الاسم.

واعلم أن الشيخ قال في قول المصنف: (وقد يزال منه تاء التأنيث): وهذا الذي ذكره هو قول الفراء (3)، ولا يذهب أصحابنا إلى ذلك، بل حذف هذه التاء لم يكن لأجل الإضافة؛ وإنما ذلك على سبيل الترخيم الواقع في غير النداء ضرورة (4). انتهى.

وأقول: إنما يتم ما ذكره الشيخ عن المغاربة في هذه المسألة إن استعمل حذف التاء من نحو: إقامة وعدة وحياة وبسالة مثلا دون إضافة بأن يقال: إقام الصلاة واجبة، وعد الأمر حاصل، وبسال زيد معروفة، أما إن لم يرد حذف التاء إلا مع الإضافة فالظاهر بل المتعين ما قاله المصنف من أن الحذف للإضافة.

(1) السابق.

(2)

شرح الجمل (2/ 74).

(3)

الأشموني (2/ 237).

(4)

التذييل (7/ 186).

ص: 3167