المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٧

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والأربعون باب الإضافة

- ‌[تعريفها - أثرها]

- ‌[الأثر المعنوي للإضافة ومواقعه]

- ‌[تقدم معمول المضاف إليه على المضاف وما يكتسبه الاسم بالإضافة]

- ‌[ما لازم الإضافة لفظا ومعنى وأحكامه]

- ‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

- ‌[من أحكام ما لازم الإضافة]

- ‌[من أحكام إضافة أسماء الزمان المبهمة]

- ‌[حذف أحد المتضايفات، والجر بالمضاف المحذوف]

- ‌[الفصل بين المتضايفين، وأحكامه]

- ‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

- ‌الباب الثاني والأربعون باب التّابع

- ‌[تعريفه، وأقسامه]

- ‌[فصل التابع من المتبوع وتقدم معموله عليه]

- ‌الباب الثالث والأربعون باب التّوكيد

- ‌[أقسامه، وذكر أحكام التوكيد بالنفس والعين]

- ‌[من أغراض التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام بعض ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[التوكيد اللفظي: حقيقته، وبعض أحكامه]

- ‌[توكيد الضمير المتصل مرفوعا أو منصوبا]

- ‌الباب الرابع والأربعون باب النّعت

- ‌[تعريفه - وأغراضه]

- ‌[إتباع النعت منعوته وغيره]

- ‌[ذكر ما ينعت به، وأحكام الجملة الواقعة نعتا]

- ‌[بعض أحكام النعت المفرد]

- ‌[تفريق النعت وجمعه وإتباعه وقطعه]

- ‌[من أحكام النعت]

- ‌[أقسام الأسماء من حيث ما ينعت به وينعت]

- ‌[الاستغناء عن المنعوت، وعن النعت]

- ‌الباب الخامس والأربعون باب عطف البيان

- ‌[تعريفه، أغراضه، موافقته ومخالفته متبوعه]

- ‌[جواز جعل عطف البيان بدلا وعدمه]

- ‌الباب السادس والأربعون باب البدل

- ‌[تعريفه، موافقته ومخالفته المتبوع، الإبدال من المضمر والظاهر]

- ‌[أقسام البدل وما يختص به كل قسم]

- ‌[من أحكام البدل وحكم اجتماع التوابع]

- ‌الباب السابع والأربعون باب المعطوف عطف النّسق

- ‌[تعريفه، وذكر حروفه]

- ‌[معاني حروف العطف: الواو - الفاء - ثم - حتى - أم - أو - بل - لا]

- ‌[حديث خاص بالواو]

- ‌[حديث خاص بثم والفاء]

- ‌[حديث خاص بحتى وأم وأو]

- ‌[«إما» العاطفة معانيها، وأحكامها]

- ‌[من حروف العطف: بل، لكن، لا]

- ‌[ما لا يشترط وما يشترط في صحة العطف]

- ‌[العطف على الضمير المتصل، والعطف على عاملين]

- ‌[من أحكام الواو، والفاء، وأم، وأو

- ‌[عطف الفعل على الاسم والماضي على المضارع، وعكسه]

- ‌[الفصل بين العاطف والمعطوف]

- ‌الباب الثامن والأربعون باب النّداء

- ‌[بعض أحكامه من جر وحذف الحرف]

- ‌[بناء المنادى وإعرابه]

- ‌[أحكام المنقوص والمضموم المنون اضطرارا في النداء]

- ‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

- ‌[تابع المنادى وأحكامه]

- ‌[الضمير مع تابع المنادى]

- ‌[أحكام المنادى المضاف إلى ياء المتكلم]

- ‌[المنادى غير المصرح باسمه]

- ‌الباب التاسع والأربعون باب الاستغاثة والتعجّب الشبيه بها

- ‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

- ‌الباب الخمسون باب النّدبة

- ‌[تعريف المندوب - مساواته للمنادى في أحكامه]

- ‌[من أحكام المندوب]

- ‌[من أحكام ألف الندبة]

- ‌[أحكام أخرى لألف الندبة]

- ‌الباب الحادي والخمسون باب أسماء لازمت النداء

- ‌[ذكرها وما يتعلّق بها من أحكام]

- ‌الباب الثاني والخمسون باب ترخيم المنادى

- ‌[ما يرخم، وما لا يرخم]

- ‌تقدير ثبوت المحذوف للترخيم

- ‌[أحكام آخر المرخم]

- ‌الباب الثالث والخمسون باب الاختصاص

- ‌[دواعيه وأحكامه]

- ‌الباب الرابع والخمسون باب التّحذير والإغراء وما ألحق بهما

- ‌[ما ينصب على ذلك - إظهار العامل وإضماره]

- ‌[ما يلحق بالتحذير والإغراء]

- ‌[مسائل وأمثلة أخرى في إضمار العامل]

الفصل: ‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

قال ابن مالك: فصل: (لا يباشر حرف النّداء في السّعة ذا الألف واللّام غير المصدّر بهما جملة مسمّى بها، أو اسم جنس مشبّه به، خلافا للكوفيين في إجازة ذلك مطلقا، ويوصف بمصحوبهما الجنسيّ مرفوعا، أو بموصول (مصدّر) بهما أو باسم إشارة «أيّ» مضمومة متلوّة بهاء التنبيه. وتؤنّث لتأنيث صفتها. وليست موصولة بالمرفوع خبرا لمبتدأ محذوف خلافا للأخفش في أحد قوليه، ولا جائزا نصب صفتها خلافا للمازني، ولا يستغنى عن الصّفة المذكورة ولا يتبعها غيرها. واسم الإشارة في وصفه بما لا يستغنى عنه كـ «أيّ» وكغيرها في غيره، وقيل: يا الله ويا ألله، والأكثر اللهمّ، وشذّ في الاضطرار يا اللهمّ).

ــ

واعلم أن الشيخ ذكر مسألة واضحة وهي أنك إذا نعت المنصوب من هذا النوع لم يجز في النعت إلّا النصب؛ لأن المنادى إذ ذاك معرب منصوب. فيقال يا زيد العاقل (1).

قال: وثمرة الخلاف تظهر في المقصور نحو: يا فتى، فمن اعتقد أنه مضموم جوّز في نعته الرفع والنصب، ومن اعتقد أنه منصوب لم يجوّز في نعته إلّا النصب (2).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (3): قال سيبويه: إذا قيل يا الرجل، فمعناه كمعنى يا أيها الرجل، فصار معرفة؛ لأنك أشرت إليه وقصدت قصده واكتفيت بهذا عن الألف واللام وصار كالأسماء التي هي للإشارة (4). ثم قال: وصار (هذا)(5) بدلا (في)(6) النداء من الألف واللام، واستغني به عنهما كما استغني بقولك:

اضرب عن لتضرب (7) فحاصل كلامه أن رجلا من قولك: يا رجل معرفة بالقصد والإشارة، فاستغني عن الألف واللام كما استغني باسم الإشارة وكما استغني باضرب عن لام الأمر. وأجاز سيبويه أن يقال: يا الرجل قائم في المسمى بالرجل -

(1) و (2) التذييل (4/ 197).

(3)

شرح التسهيل (3/ 398).

(4)

الكتاب (2/ 197).

(5)

من الكتاب.

(6)

الأصل: من.

(7)

الكتاب (2/ 197).

ص: 3556

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قائم لأن معناه يا مقولا له: الرجل قائم (1)، وقاس عليه المبرد دخول يا على ما سمي به من موصول مصدر

بالألف واللام نحو: يا الذي قام لمسمى به وهو قياس صحيح (2)، وأجاز محمد بن سعدان يا الأسد شدة، ويا الخليفة جودا، ونحوه مما فيه تشبيه (3)، وهو أيضا قياس صحيح لأن تقديره: يا مثل الأسد، ويا مثل الخليفة فحسن لتقدير دخول «يا» على غير الألف واللام.

وأجاز الكوفيون دخول «يا» على الألف واللام مطلقا، وأنشدوا:

3433 -

فيا الغلامان اللّذان فرّا

إيّاكما أن تكسبانا شرّا (4)

وهذا عند غيرهم من الضرورات. وأنا لا أراه ضرورة لتمكن قائله من أن يقول:

فيا غلامان اللذان فرّا؛ لأن النكرة المعينة بالنداء توصف بذي الألف واللام الموصول وبذي الألف واللام غير الموصول كقول بعض العرب: يا فاسق الخبيث حكاه يونس (5) والذي أراه في: فيا الغلامان أن قائله غير مضطر ولكنه استعمل شذوذا ما حقه ألا يجوز مثله في الشذوذ قول الآخر:

3434 -

من أجلك يا الّتي تيّمت قلبي

وأنت بخيلة بالودّ عنّي (6)

والكلام الصحيح أن يتوصل إلى نداء ما فيه الألف واللام الجنسيتان بجعله صفة لأي متلوة بهاء التنبية نحو: يا أيها الرجل، ونبهت بجنسية واللام الألف على أنه لا يقال: يا أيها العباس، ولا: يا أيها الصعق؛ لأنهما علمان والألف واللام مع الأول للمح الصفة ومع الثاني للغلبة. وكذا لا يقال: يا أيها الزيدان ذكر ذلك الأعلم في «الرسالة الرشيدية» .

ويقوم مقام ذي الألف واللام الجنسيتين موصول مصدر بالألف واللام نحو: -

(1) السابق.

(2)

المقتضب (4/ 217، 243، 266).

(3)

الأشموني (3/ 146)، والهمع (1/ 174).

(4)

رجز - الأشموني (3/ 145)، والدرر (1/ 151)، برواية: تحدثان، والمقتضب (4/ 243)، والمقرب (1/ 177).

(5)

الكتاب (2/ 199).

(6)

من الوافر - الإنصاف (ص 209)، والخزانة (1/ 358)، والكتاب (1/ 310)، والمقتضب (4/ 241) ويروى «بالوصل» .

ص: 3557

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ (1) واسم إشارة عار عن الكاف كقول الشاعر:

3435 -

أيّهذان كلا زادكما

ودعاني واغلا في من يغل (2)

والأكثر أن يجمع بين اسم الإشارة وذي الألف واللام الجنسيتين كقول الفرزدق:

3436 -

ألا يا أيّها ذا السّائلي عن أرومتي

أجدّك لم تعرف فتبصره الفجرا (3)

وتؤنث أي لتأنيث صفتها نحو: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (4)، ويا أيتها التي لم تسمع، ويا أيتها ذي. وأجاز الأخفش أن تكون أي هذه موصولة والمرفوع بعدها خبر مبتدأ محذوف والجملة صلة أي (5)، ولو صح ما قال لجاز ظهور المبتدأ ولكان أولى من حذفه لأن كمال الصلة أولى من اختصارها، ولو صح ما قال لجاز أن يغنى عن المرفوع بعد أي جملة فعلية وظرف كما يجوز ذلك في غير النداء وفي امتناع [4/ 189] ذلك دليل على أن أيا غير موصولة. وأجاز المازني نصب صفة أي.

قال الزجاج: ولم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله ولا تابعه أحد بعده ..

فهذا مطرح مردود لمخالفة كلام العرب (6). ذكر هذا الزجاج في كتاب المعاني عند كلامه على قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ (7). ويساوي اسم الإشارة أيّا في وجوب رفع صفته واقترانها بالألف واللام الجنسيتين ويخالفها بجواز استغنائه عن الوصف وبجواز أن يتبع بغير وصف، وعلى هذا نبهت بقولي:

واسم الإشارة في وصفه بما لا يستغنى عنه كأيّ في وصفها، وكغيرها في غيره.

ولذلك قال الخليل: إذا قلت: يا هذا وأنت تريد أن تقف عليه، ثم تؤكده باسم يكون عطفا عليه، فأنت فيه بالخيار، إن شئت نصبت، وإن شئت رفعت، وذلك:

يا هذا زيد، وإن شئت قلت: زيدا كقولك: يا تميم أجمعون وأجمعين وكذلك -

(1) سورة الحجر: 6.

(2)

من الرمل - الشذور (ص 154)، والعيني (4/ 239)، والمجالس (ص 52)، والهمع (1/ 175).

(3)

من الوافر - ديوانه (ص 324) يريد أن أرومته أي أصله واضحة كالفجر.

(4)

سورة الفجر: 27.

(5)

التذييل (4/ 200).

(6)

نص عبارة الزجاج في معاني القرآن وإعرابه له (1/ 211)«وهذه الإجازة غير معروفة في كلام العرب، ولم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله ولا تابعه عليه أحد بعده فهذا مطروح مرذول لمخالفته كلام العرب والقرآن وسائر الأخبار» .

(7)

سورة البقرة: 153.

ص: 3558

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يا هذا زيد وعمرو وإن شئت زيدا وعمرا فتجري ما يكون عطفا على الاسم مجرى ما يكون وصفا (1).

وقال سيبويه: واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادي اسما فيه الألف واللام البتة إلّا أنهم قد قالوا: يا الله اغفر لي وذلك من قبل أن الألف واللام لا يفارقانه وهما فيه خلف عن همزة إله، وليس بمنزلة الذي قال؛ لأن الذي قال وإن كان لا يفارقانه الألف واللام ليس اسما غالبا، كزيد وعمرو لأنك تقول: يا أيها الذي قال كما تقول: يا أيها الرجل فامتنع يا الذي كما امتنع يا الرجل. ولا يجوز يا الصعق وإن كانت الألف واللام لا تفارقانه لأنهما غير عوض عن شيء هو من (الاسم نفسه)(2) بخلاف اللّذين هما في الله فإنهما خلف عن همزة إله.

هذا حاصل كلامه.

والأكثر في نداء الله أن يقال: اللهم بتعويض الميم من يا. وقد اجتمعا للضرورة في قول الراجز:

3437 -

إنّي إذا ما حدث ألمّا

أقول يا اللهمّ يا اللهمّا (3)

انتهى كلامه رحمه الله تعالى (4).

ثم إننا نشير إلى أمور:

منها: أن الشيخ قال في قول المصنف: وقاس عليه المبرد دخول يا على ما سمي به من موصول مصدر بالألف واللام نحو: يا الذي قام لمسمّى به، وهو قياس صحيح: هذا خلاف ما نص عليه سيبويه، فإنه قال: ولو سميته الرجل منطلق جاز أن تناديه، فتقول: يا الرجل منطلق؛ لأنك سميت بشيئين كل واحد منهما اسم تام، والذي مع صلته بمنزلة اسم واحد نحو: الحارث، فلا يجوز فيه النداء كما لا يجوز فيه قبل أن يكون اسما، وأما الرجل منطلق فإنه بمنزلة تأبط شرّا؛ لأنه -

(1) الكتاب (2/ 192).

(2)

والعجيب أن سيبويه استعمل مثل ذلك في تلك العبارة فقال .. «من نفس الحروف» . الكتاب (2/ 195).

(3)

انظره في أسرار العربية (ص 232)، والإنصاف (ص 341)، والشجري (2/ 103)، والمقتضب (4/ 242)، والنوادر (ص 165).

(4)

شرح التسهيل لابن مالك (3/ 401).

ص: 3559

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يتغير عن حاله لأنه قد عمل بعضه في بعض انتهى (1).

ولكن الشيخ لم يتعرض إلى إجازة ابن سعدان من يا الأسد شدة ويا الخليفة جودا.

وكان مقتضى التعليل الذي ذكره سيبويه أن يمنع ذلك لأنه اسم واحد كما أن الذي مع صلته اسم واحد.

ولا شك أن مقتضى تعليل المصنف جواز المسألتين؛ لأن التقدير في الأولى:

يا مقولا له الذي قام، وفي الثانية: يا مثل الأسد.

ومنها: إن المصنف أطلق على تابع أي أنه وصف وكذا فعل سيبويه (2). ومن ثمّ قال ابن عمرون: إنما توصف أي بأسماء الأجناس وإن كان اسم الجنس مشتقّا فعلى حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، لكنه قال: وإذا قلت: يا أيها الرجل، فأي منادى معرفة بالإشارة والقصد و «ها» مقحمة بين أي وصفتها، والرجل عطف بيان، ومن ذكر أنه وصف فتسامح. نص عليه ابن جني وغيره انتهى (3). وكذا قال ابن السيد: الظاهر أنه عطف بيان؛ لأنه ليس مشتقّا وما كان منه مشتقّا فيتأول بغير المشتق، وليست الصفة كذلك. وقد تقدم الكلام على هذه المسألة في باب النعت (4) واتفقوا على أنه لا يكون بدلا لعدم استقلال أي بالنداء.

ومنها: أن الشيخ قال مشيرا إلى البيت الذي هو:

3438 -

أيّهذان كلا زادكما

.........

وهذا الذي أنشده المصنف وغيره دليلا على أن أيا توصف باسم الإشارة وحده دون وصف بما فيه (ال) قد بنى عليه المصنف وابن عصفور جواز: يا أيهذا دون وصف (5) قال: وهو بيت في غاية الندور وينبغي ألّا تبنى عليه قاعدة، وأن يتأول على حذف الوصف ضرورة تقديره: أيهذان والمسموع من لسان العرب أن أيا إذا وصفت باسم الإشارة جاء بعدهما ذو «أل» . قال الفرزدق (6): -

(1) التذييل (4/ 197)، والكتاب (2/ 195) وما بعدها.

(2)

في الكتاب (2/ 106، 188) وما بعدها.

(3)

الأشموني (3/ 152)، والتذييل (4/ 198، 200).

(4)

انظر الباب المذكور في الجزء الثاني عشر.

(5)

التذييل (4/ 198، 199).

(6)

في الأصل طرفة، وما أثبتناه هو الصواب.

ص: 3560

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

3439 -

ألا أيّهذا السّائلي عن أرومتي

أجدّك لم تعرف فتبصره الفجرا (1)

وقال آخر:

3440 -

ألا أيّهذا المنزل الدّارس الّذي

كأنّك لم يعهد بك الحيّ عاهد (2)

قال: وقال شيخنا أبو الحسن ابن الضائع: شرط نعت أي باسم الإشارة أن يكون اسم الإشارة منعوتا بما فيه الألف واللام (3) انتهى.

ويؤيد ما ذكره الشيخ في هذه المسألة أن ابن عمرون قال: وتوصف أي أيضا بأسماء الإشارة كقولك: يا أيهذا الرجل فذا صفة أي مثل الرجل في يا أيها الرجل، ولما كان اسم الإشارة مبهما شارك أيا فجاز جريه عليه صفة. والمراد صفة اسم الإشارة؛ لأن اسم الإشارة يوصف بما توصف به أي فقولهم: يا أيهذا الرجل كان اسم الإشارة توكيدا لأي. قال ابن جني: أصحابنا يستضعفون وصف أي في النداء بهذا، لأنها مبهمة ومحتاجة إلى الصفة، وهذا مبهم محتاج إلى موضح فلم يكن في القياس أن ينفي الإبهام بمعرف في الإبهام [4/ 190] لكنه لما كان هذا هنا موصوفا بما فيه الألف واللام صار الاعتماد على الصفة واستهلك هذا بينهما» (4) انتهى كلام ابن عمرون.

وأنت إذا تأملت كلام ابن جني هذا علمت أنه كلام من وفق وسدد وأطلعه الله تعالى على خفايا الحكمة من اللغة العربية.

ومنها: أن ابن عمرون لما تكلم في شرح المفصل على المنادى المبهم قال:

الإبهام: الإغلاق، وأمر مبهم: لا مأتى له، وسمي هذا مبهما لاحتياجه إلى ما يفسره فهو كالمغلق والمبهم نوعان، أي اسم الإشارة وغيرهما من المبهمات الموصولات، وهي على ضربين منها ما لا يفتقر إلى أي كمن يقول: يا من لا يزال محسنا أحسن إليّ، وما كان فيه اللام من الموصولات فلا بد قبله من أي كقوله -

(1) تقدم.

(2)

من الطويل لذي الرمة ديوانه (ص 122)، والشجري (2/ 152)، وشرح المفصل (2/ 7)، والكتاب (1/ 308)، والمقتضب (4/ 219).

(3)

التذييل (4/ 199)، وشرح الجمل لابن الضائع لوحة (51، 52).

(4)

التذييل (4/ 198)، بغير نسبة لأحد إلا «وقال بعض أصحابنا» ، والأشموني (3/ 52).

ص: 3561

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (1) وإنما اقتصروا من المبهم على أي واسم الإشارة؛ لأنه يقع وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام، والدليل على أن «أيا» وصلة لزوم ها وهو حرف تنبيه قبل الرجل، وذلك كاستئناف نداء وإعلام أنه لا يجوز الاقتصار على المنادى قبله وإذا لم يجز ذلك فيه كما جاز في سائر المنادى علم أنه أتى بأي وصلة إلى نداء غيرها. قال سيبويه: وأما الألف والهاء اللتان لحقتا أيّا توكيدا فكأنك كررت يا مرتين إذا قلت: يا أيها وصار

الاسم بينهما (2). انتهى.

وقد وقع القناع عن هذه المسألة بما ذكره، وزاد الجلاء بما ذكره عن إمام الصناعة سيبويه رحمه الله تعالى.

ثم قال في شرح المفصل أيضا: وأي أشد إبهاما من أسماء الإشارة؛ لأنها لا تثنى ولا تجمع ولشدة إبهامها لزمها النعت بخلاف أسماء الإشارة، فإنها تكون وصلة تارة وأخرى غير وصلة.

فإذا لم تكن وصلة لم يلزمها الوصف، قال: وأي بلفظ واحد مع الاثنين والجميع على المختار، أما مع المؤنثة الواحدة فالمختار يا أيتها المرأة بالتاء، انتهى.

وقال الله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (3) وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ (4)، وكلام المصنف يعطي أن تأنيث أيّ لتأنيث صفتها واجب، وكلام ابن عمرون قد أفهم أنه مختار. ثم قال ابن عمرون:

وما روي عن ابن عامر من ضمة الهاء (5) فوجهه أن هذا الحرف قد صار في موضع من المواضع بمنزلة ما هو من ذات الكلمة حتى دخل عليه العامل كقولك:

مررت بهذا الرجل، وقالوا: هلم فبنوه مع لم، فلما أجري في أول الكلمة مجرى بعض الكلمة أجري في آخر الكلمة ذلك المجرى فحذفت الألف من أيها كما حذفت من هلم، وأجري الإعراب على الهاء لأنها قد صارت كحرف من الاسم -

(1) سورة البقرة: 104 وغيرها من آي، وسور القرآن الكريم.

(2)

الكتاب (2/ 197).

(3)

سورة الرحمن: 31.

(4)

سورة النور: 31.

(5)

قرأ ابن عامر أيه المؤمنون السابقة، بضم الهاء، وكذلك «أيّه الساحر» في الزخرف: 49، وأيه الثقلان السابقة، راجع البحر (6/ 450)، وابن زنجلة (ص 497).

ص: 3562

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما حركة الياء قبلها بالضم في يا أيّه فإنها للإتباع كحركة راء امرئ.

ومنها: أنك قد عرفت أن الأخفش يدعي موصولية أي.

وقد عرفت ما ردّ به المصنف ذلك. ثم إن الزجاج رد ذلك من وجه آخر، وهو أنها لو كانت موصولة وما بعدها صلة لزم فيها النصب لخبر من زيد. قال: وإن أراد الأخفش أنه مثل الذي، فالصلة لا تكون بالمفردات في غير اللام،

وإن جعله جملة احتاج إلى حذف مبتدأ لم يظهر قط، ولو قيل: يا أيها الرجل لكان عيّا (1) انتهى.

وفي شرح الشيخ أن في الاسم الواقع بعد أي في النداء أربعة أقوال: صفة لأي على قول البصريين، وخبر لمبتدأ مقدر على قول الأخفش، وصفة لخبر مبتدأ محذوف على قول الكوفيين، ونعت لاسم إشارة إما ملفوظ به وإما محذوف نابت «ها» منابه (2).

ومنها: أنك قد عرفت أن المازني يجيز نصب صفة أي، وأن الزجاج يقول: إن أحدا من النحويين قبله لم يجز ذلك ولا تابعه أحد بعده، وقد علل امتناع النصب بأمرين:

أحدهما: أن النصب إنما هو بالحمل على الموضع ولا يكون إلّا بعد تمام الكلام والنداء لم يتم بيا أيها فلم يجز الحمل على موضعها.

ثانيهما: أن المقصود بالنداء هو الرجل وإنما أتي بأي ليتوصّل بها إلى ندائه فجعلوا لفظه كلفظ المنادى المفرد؛ إذ هو في التقدير المنادى.

وقد نبه ابن الحاجب على هذين الأمرين بأخصر عبارة وألطف إشارة؛ حيث قال بعد يا أيها الرجل ويا هذا الرجل ويا أيهذا الرجل: والتزموا رفع الرجل؛ لأنه المقصود، وتوابعه؛ لأنها توابع معرب (3).

وعلى هذا الذي قرره ابن الحاجب ينبني الحكم في الوصف إذا كرّر في هذه المسألة. فإنك إن جعلته وصفا لوصف، أي فالرفع إن كان الوصف مضافا تقول: -

(1) معاني القرآن وإعرابه (1/ 211)، والتذييل (4/ 200).

(2)

التذييل (4/ 200).

(3)

الكافية لابن الحاجب (ص 91) تحقيق: طارق نجم عبد الله (مكتبة دار الوفاء جدة).

ص: 3563

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يا أيها الرجل الطويل.

ويا أيها الرجل ذو الجمّة؛ لأن المتبوع الذي هو نعت أيّ معرب وليس له محل يتبع عليه، فوجب إعراب تابعه مفردا كان أو مضافا بإعرابه. وإن جعلت الوصف الثاني صفة لأي، فإن كان مضافا فالنصب، تقول: يا أيها الرجل ذا الجمّة، والظاهر أن الموجب لذلك ما ذكر في وجوب رفع الأول، وهو أنه المقصود بالنداء، ولا شك أن المنادى المضاف واجب النصب.

لكن قال الشيخ: إن النصب فيه على الموضع، ولم يتجه لي ذلك؛ لأنه لو جاز مراعاة الموضع بالنسبة إلى الثاني

لجاز مراعاته بالنسبة إلى الأول. وإن كان الوصف مفردا فالظاهر وجوب الرفع حملا على لفظ أي. لكن الشيخ ذكر أن النصب جائز حملا على موضع أي (1) ولم يظهر لي وجه ذلك، وكيف يكون لأيّ موضع بالنسبة إلى الوصف الثاني ولا يكون لها موضع بالنسبة إلى الوصف الأول. إلّا أن يقال: لما تم الكلام بذكر الوصف الأول أمكن مراعاة الموضع لأن الموضوع إنما يراعى بعد تمام الكلام كما تقدم.

وفي ذلك نظر، لأن أيّا إنما أتي بها وصلة [4/ 191] لنداء ما بعدها فصورتها صورة المنادى، وليست بمناداة، وإذا لم تكن مناداة فكيف يتحقق لها موضع ثم قال الشيخ: وذكر ابن أصبع أن جواز النصب في الصفة المكررة باتفاق من النحويين.

قال: ويعني إذا كانت الصفة محمولة على أي على موضعها، وإذا كانت غير مضافة فإنها إن تنعت الصفة الأولى رفعت وصفا لها، وإن كانت مضافة نصبت (2).

ومنها: أن المصنف قال مشيرا إلى أي في نحو: يا أيها الرجل: ولا يستغني عن الصفة المذكورة ولا يتبعها غيرها. والظاهر أن هذا الذي قاله لا حاجة إليه، بل لا فائدة له، وذلك أن أيا إنما أتى بها وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام الجنسيّتان فهي لا تفرد بالنداء حتى يقال: إنها لا تستغني عن الصفة. ثم إنها إذا لم تؤنث بهاء إلّا لأجل نداء ما فيه «أل» الجنسية وحينئذ تكون أل ما فيه صفة لها، فكيف يوصف بغيره، وما برحت أعجب من قوله في الألفية: -

(1) التذييل (4/ 200).

(2)

المرجع السابق.

ص: 3564

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأيّها مصحوب «ال» بعد صفة

يلزم ذا الرفع لدى ذي المعرفة

وأيّهذا أيّها الّذي ورد

ووصف أي بسوى هذا يرد

حيث قال بلزوم الوصف لها وإنها لا توصف بغير ذلك. ثم قال الشيخ: ويعني المصنف بذلك من الصفات التي لم تتكرر فإن تكررت الصفة فقد ذكرنا أنها يجوز أن تكون مضافة.

قال: ولا يعني المصنف: ولا يتبعها غيرها من التوابع؛ لجواز يا أيها الرجل وزيد أقبلا (1). انتهى.

وقد يقال ما ذكر الشيخ من جواز العطف يشكل بقول المصنف في الشرح مشيرا إلى ما يخالف اسم الإشارة فيه أيّا ويخالفها بجواز استغنائه عن الوصف، ويجوز أن يتبع بغير وصف. فإن مقتضاه أن أيّا في النداء لا يتبع إلّا

بوصف. وقد تعرض الشيخ بعيد كلامه الأول إلى هذا الذي أشرت إليه، فقال: إن قول المصنف:

ويجوز أن يتبع بغير وصف دليل على أن أيّا لا يتبع إلّا بوصف.

قال: فيكون قوله: ولا يتبعها غيرها يعني من التوابع. فتكون أي لا يعطف عليها عطف نسق ولا بيان ولا يبدل منها ولا تؤكد، ويكون اسم الإشارة يجوز فيه هذا إذا لم يكن وصلة لنداء ما فيه «ال» قال: والذي تقتضيه القواعد وإطلاق النحاة أنه يجوز ذلك في أي، أعني أن يعطف عليها عطف بيان، وعطف نسق، وتؤكد ويبدل منها كاسم الإشارة وذلك بعد وصفها بأحد أوصافها الثلاثة (2).

ومنها: أن الشيخ ناقش المصنف في قوله: واسم الإشارة في وصفه بما لا يستغنى عنه كأي. فيقال: لا يصح هذا الإطلاق، لأن أيّا توصف باسم الجنس ذي «أل» والموصول ذي «ال» ، واسم الإشارة، واسم الإشارة يوصف بالأولين لا باسم الإشارة. والجواب أن اسم الإشارة لا يوصف بمثله، ولما كان ذلك مما لا يخفى استغنى المصنف عن التقييد.

وقد أنشد الشيخ في شرحه شاهدا على جريان اسم الإشارة في النداء مجرى أي قول الشاعر: -

(1) التذييل (4/ 201).

(2)

المرجع السابق.

ص: 3565

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

3441 -

يا ذا المخوّفنا بمقتل شيخه

حجر تمنّي صاحب الأحلام (1)

وقول الآخر:

3442 -

يا ذا المخوّفنا بقت

لـ أبيه إذلالا وحينا (2)

ومنها: أن ابن عمرون قال: تقول يا هذا ذا الجمّة فيعرب التابع بدلا لأن اسم الإشارة لا يوصف بالمضاف. قال: ومنع بعضهم أن يكون ذا الجمة عطفا. قال:

فإنه يكون بالجوامد وهذا بمعنى المشتق. قال ابن عمرون: وليس ما شرط بلازم لأن ابن السراج قال في يا هذا الطويل: ليس بنعت ولكنه عطف عليه وهو الذي يسمى عطف البيان؛ لأن هذا وسائر المبهمات إنما يبين بالأجناس (3).

ومنها: أنك قد عرفت أن الميم في قولنا: اللهم عوض عن ياء: قال ابن عمرون:

والتزموا حذف حرف النداء في اللهم لوقوع الميم خلفا عنه والضمة في الهاء هي ضمة المنادى والدليل على إرادة العرب العوض أنهم لا يجمعون بين الميم وما في غير ضرورة خلافا للكوفيين فإنهم يزعمون أن الميم ليست عوضا وأصله عندهم يا الله أمنا بخير غير أنه كثر على ألسنتهم فخففوه. قال: ولو كان الأمر كما زعموا لما حسن: اللهم أمنا بخير لأنه تكرار، ولا اللهم العن الكافر لأنه يكون تقديره: اللهم أمنا بخير العن الكافر، وهذا لا يحسن ولو كانت الميم من أمنا لما احتاج الشرط إلى جواب في قوله تعالى: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ (4)؛ لأن الفعل حينئذ يكون الجواب وهو أمنا قال: واختلف في وصفه، فمنعه سيبويه (5) وأجازه الفراء والمبرد مستدلّين بقوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (6) والأصح ما ذهب إليه سيبويه لأن المنادى أشبه الضمير، والضمير لا يوصف؛ ولذا قيل: إن وصف المنادى على خلاف الدليل وانضمّ إلى ذلك في اللهم -

(1) من الكامل لعبيد بن الأبرص مخاطبا امرأ القيس ديوانه (ص 130)، والشجري (2/ 320)، والكتاب (1/ 306)، هذا والبيت في التذييل (4/ 201).

(2)

من الكامل وانظره - كذلك - في التذييل (4/ 198).

(3)

الأصول (1/ 368).

(4)

سورة الأنفال: 32.

(5)

الكتاب (2/ 196، 197).

(6)

سورة الزمر: 46، انظر في ذلك المقتضب (4/ 239)، والأشموني (3/ 146، 147)، والهمع (1/ 179).

ص: 3566