الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عطف الفعل على الاسم والماضي على المضارع، وعكسه]
قال ابن مالك: (ويعطف الفعل على الاسم، والاسم على الفعل، والماضي على المضارع، والمضارع على الماضي، إن اتّحد جنس الأوّل والثّاني بالتأويل).
ــ
منهما صالحا لتعلق المذكور بعد به.
ثم استثناء ابن عصفور أو بقوله: ولا يجوز أن يكون الضمير على حسب ما تقدم إلا في أو خاصة غير مرضي.
والآية الشريفة لا دليل له فيها على ما ادعاه؛ لأن الأئمة ذكروا أن فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما (1) جملة اعتراضية اعترض بها بين الشرط وجوابه وهذا هو الظاهر. وإذا كان كذلك لم يكن قوله تعالى: فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما مرتبطا بقوله تعالى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً (2)، فيلزم توحيد الضمير العائد على ما تقدم.
وأما ما ذكره من أن ثم محذوفا في قوله تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ (3) وكذا يقدر محذوف في قول الشاعر:
3368 -
إنّ شرخ الشّباب
…
..... البيت
فهو المشهور لكن المنقول عن الفارسي أنه إنما ساغ الإفراد في الآية الشريفة لأن إرضاء الرسول صلى الله عليه وسلم إرضاء الله تعالى فهما في حكم واحد وعلى هذا فلا حذف.
وكذا ذكر في قوله: إن شرخ الشباب
…
قال: لأن كلّا منهما بمعنى الآخر، ألا ترى أنهما لا يفترقان (4).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (5): يجوز عطف الفعل على الاسم وعطف الاسم على الفعل إذا سهل تأولهما بفعلين أو اسمين. فمن عطف الفعل على الاسم قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ (6)، وقوله تعالى:
فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً 3 فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (7) ومن عطف الاسم على الفعل قوله تعالى:
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ (8). وقول الراجز: -
(1) و (2) سورة النساء: 135.
(3)
سورة التوبة: 62.
(4)
راجع التذييل (4/ 180).
(5)
انظر شرح التسهيل (3/ 383).
(6)
سورة الملك: 19.
(7)
سورة العاديات: 3، 4.
(8)
سورة الأنعام: 95.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3369 -
يا ربّ بيضاء من العواهج
…
[أمّ] صبيّ قد حبا أو دارج (1)
ومثله قول الآخر:
3370 -
بات يعشّيها بعضب باتر
…
يقصد في أسؤقها وجائر (2)
وحسن ذلك سهولة تأول المخالف بموافق كتأول «ويقبضن» بقابضات و «أثرن» بالمثيرات و «مخرج» بيخرج. ونبهت أيضا على جواز عطف الفعل الماضي على المضارع والمضارع على الماضي إذا كان زمانهما واحد نحو قوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (3) وإِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (4). انتهى.
وعلم من قوله: إذا كان زمانهما واحدا [4/ 176] أن قوله: (إن اتّحد جنس الأول والثاني بالتأويل) راجع إلى (المسألتين)(5) أعني التعاطف بين الاسم والفعل والتعاطف بين الماضي والمضارع لأن الفعلين إذا اتحد زمانهما كان جنسهما متحدا.
قال ابن عصفور: ولا يجوز عطف الاسم على الفعل ولا الفعل على الاسم إلا في موضع يكون الفعل فيه في موضع الاسم أو الاسم في موضع الفعل. فالموضع الذي يكون فيه الاسم في موضع الفعل اسم الفاعل واسم المفعول اذا وقعا في صلة الألف واللام نحو: الضارب والمضروب فلذلك يجوز أن يعطف الفعل على الاسم هنا فتقول: جاءني الضارب وقام تريد الذي ضرب وقام.
وقام قال الله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً (6).
فـ (أقرضوا الله) معطوف على (المصّدّقين) كأنه قيل إن الذين تصدقوا وأقرضوا.
والموضع الذي يقع فيه الفعل في موضع الاسم أن يقع خبرا لذي خبر أعني خبرا لمبتدأ أو لكان وأخواتها أو لإن وأخواتها أو لما أو حالا لذي حال أو صفة لموصوف أو في -
(1) البيت من رجز الأشموني (3/ 120) والتصريح (1/ 142، 2/ 152)، والكافية الشافية (497)، واللسان: درج، وعهج.
(2)
رجز - الأشموني (3/ 120) والخزانة (2/ 345)، والشجري (2/ 167)، واللسان: عشا، كهل، ومعاني الفراء (2/ 198).
(3)
سورة الفرقان: 10.
(4)
سورة الشعراء: 4.
(5)
انظر شرح الجمل: (1/ 248).
(6)
سورة الحديد: 18.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
موضع المفعول الثاني من باب ظننت أو الثالث من باب أعلمت.
فمما جاء من عطف الاسم على الفعل لوقوع الفعل موقع الاسم قول القائل:
3371 -
فألفيته يوما يبيد عدوّه
…
وبحر عطاء يستخفّ المعابرا (1)
وقول الآخر:
3372 -
بات يعشّيها بعضب باتر
…
يقصد في أسؤقها وجائر (2)
يريد قاصد في أسؤقها وجائر.
ومما جاء من عطف الفعل على الاسم لكون الفعل في موضع الاسم أيضا قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ (3) التقدير وقابضات.
ولا يجوز عطف فعل على فعل إلا بشرط أن يتفقا في الزمان نحو: إن قام زيد ويخرج عمرو يقم خالد، ومن ذلك قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً (4) ومنه قول الشاعر:
3373 -
ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني
…
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني (5)
لأن أمر في المعنى ماض ألا ترى أن المعنى: ولقد مررت فعطفت عليه مضيت (6).
انتهى.
والتقييد الذي ذكره في التعاطف بين الاسم والفعل غير ظاهر، لأنه قال:
فالموضع الذي يكون فيه الاسم في موضع الفعل اسم الفاعل واسم المفعول
…
إلى آخره، وهذا يقتضي ألا يجوز عطف الفعل على الاسم في غير هذا، وقد قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ، ولا شك أن «صافّات» لم يكن واقعا موقع الفعل؛ لأنه حال والأصل في الحال الإفراد، وكذا قال في الشق الآخر: والموضع الذي يقع فيه الفعل في موضع الاسم أن يقع خبرا لذي خبر
…
-
(1) البيت من الطويل - العيني (4/ 176).
(2)
تقدم قريبا.
(3)
سورة الملك: 19.
(4)
سورة الحج: 63.
(5)
البيت من الكامل لرجل من بني سلول - الأشموني (3/ 60)، برواية «فأعف»
…
«أقول» بدل «فمضيت» «قلت» ، والتصريح (2/ 111) والدرر (1/ 4، 2/ 192)، والشجري (2/ 203) والكتاب (1/ 416)، والهمع (1/ 9)، (2/ 140).
(6)
شرح الجمل (1/ 250)، تحقيق: صاحب أبو جناح.