المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٧

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والأربعون باب الإضافة

- ‌[تعريفها - أثرها]

- ‌[الأثر المعنوي للإضافة ومواقعه]

- ‌[تقدم معمول المضاف إليه على المضاف وما يكتسبه الاسم بالإضافة]

- ‌[ما لازم الإضافة لفظا ومعنى وأحكامه]

- ‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

- ‌[من أحكام ما لازم الإضافة]

- ‌[من أحكام إضافة أسماء الزمان المبهمة]

- ‌[حذف أحد المتضايفات، والجر بالمضاف المحذوف]

- ‌[الفصل بين المتضايفين، وأحكامه]

- ‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

- ‌الباب الثاني والأربعون باب التّابع

- ‌[تعريفه، وأقسامه]

- ‌[فصل التابع من المتبوع وتقدم معموله عليه]

- ‌الباب الثالث والأربعون باب التّوكيد

- ‌[أقسامه، وذكر أحكام التوكيد بالنفس والعين]

- ‌[من أغراض التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام بعض ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[التوكيد اللفظي: حقيقته، وبعض أحكامه]

- ‌[توكيد الضمير المتصل مرفوعا أو منصوبا]

- ‌الباب الرابع والأربعون باب النّعت

- ‌[تعريفه - وأغراضه]

- ‌[إتباع النعت منعوته وغيره]

- ‌[ذكر ما ينعت به، وأحكام الجملة الواقعة نعتا]

- ‌[بعض أحكام النعت المفرد]

- ‌[تفريق النعت وجمعه وإتباعه وقطعه]

- ‌[من أحكام النعت]

- ‌[أقسام الأسماء من حيث ما ينعت به وينعت]

- ‌[الاستغناء عن المنعوت، وعن النعت]

- ‌الباب الخامس والأربعون باب عطف البيان

- ‌[تعريفه، أغراضه، موافقته ومخالفته متبوعه]

- ‌[جواز جعل عطف البيان بدلا وعدمه]

- ‌الباب السادس والأربعون باب البدل

- ‌[تعريفه، موافقته ومخالفته المتبوع، الإبدال من المضمر والظاهر]

- ‌[أقسام البدل وما يختص به كل قسم]

- ‌[من أحكام البدل وحكم اجتماع التوابع]

- ‌الباب السابع والأربعون باب المعطوف عطف النّسق

- ‌[تعريفه، وذكر حروفه]

- ‌[معاني حروف العطف: الواو - الفاء - ثم - حتى - أم - أو - بل - لا]

- ‌[حديث خاص بالواو]

- ‌[حديث خاص بثم والفاء]

- ‌[حديث خاص بحتى وأم وأو]

- ‌[«إما» العاطفة معانيها، وأحكامها]

- ‌[من حروف العطف: بل، لكن، لا]

- ‌[ما لا يشترط وما يشترط في صحة العطف]

- ‌[العطف على الضمير المتصل، والعطف على عاملين]

- ‌[من أحكام الواو، والفاء، وأم، وأو

- ‌[عطف الفعل على الاسم والماضي على المضارع، وعكسه]

- ‌[الفصل بين العاطف والمعطوف]

- ‌الباب الثامن والأربعون باب النّداء

- ‌[بعض أحكامه من جر وحذف الحرف]

- ‌[بناء المنادى وإعرابه]

- ‌[أحكام المنقوص والمضموم المنون اضطرارا في النداء]

- ‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

- ‌[تابع المنادى وأحكامه]

- ‌[الضمير مع تابع المنادى]

- ‌[أحكام المنادى المضاف إلى ياء المتكلم]

- ‌[المنادى غير المصرح باسمه]

- ‌الباب التاسع والأربعون باب الاستغاثة والتعجّب الشبيه بها

- ‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

- ‌الباب الخمسون باب النّدبة

- ‌[تعريف المندوب - مساواته للمنادى في أحكامه]

- ‌[من أحكام المندوب]

- ‌[من أحكام ألف الندبة]

- ‌[أحكام أخرى لألف الندبة]

- ‌الباب الحادي والخمسون باب أسماء لازمت النداء

- ‌[ذكرها وما يتعلّق بها من أحكام]

- ‌الباب الثاني والخمسون باب ترخيم المنادى

- ‌[ما يرخم، وما لا يرخم]

- ‌تقدير ثبوت المحذوف للترخيم

- ‌[أحكام آخر المرخم]

- ‌الباب الثالث والخمسون باب الاختصاص

- ‌[دواعيه وأحكامه]

- ‌الباب الرابع والخمسون باب التّحذير والإغراء وما ألحق بهما

- ‌[ما ينصب على ذلك - إظهار العامل وإضماره]

- ‌[ما يلحق بالتحذير والإغراء]

- ‌[مسائل وأمثلة أخرى في إضمار العامل]

الفصل: ‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

‌الباب التاسع والأربعون باب الاستغاثة والتعجّب الشبيه بها

[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

قال ابن مالك: (إن استغيث المنادى أو تعجّب منه جرّ باللام مفتوحة بما يجرّ في النّداء، وتكسر اللّام مع المعطوف غير المعاد معه «يا» ومع المستغاث من أجله وقد يجرّ بـ «من» ويستغنى عنه إن علم سبب الاستغاثة. وقد يحذف المستغاث فيلى «يا» المستغاث من أجله. وإن ولي «يا» اسم لا ينادى إلّا مجازا جاز فتح اللّام باعتبار استغاثته، وكسرها باعتبار الاستغاثة من أجله، وكون المستغاث محذوفا، وربما كان المستغاث مستغاثا من أجله تقريعا

وتهديدا. وليست لام الاستغاثة بعض «أل» خلافا للكوفيين.

وتعاقبها ألف كألف المندوب وربما استغني عنها في التّعجّب).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): الاستغاثة دعاء المستنصر المستنصر به، والمستعين المستعان به. والمعروف في اللغة تعدي فعله بنفسه (2) نحو: استغاث زيد عمرا قال الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ (3)، وقال تعالى:

فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ (4).

فالداعي مستغيث، والمدعو مستغاث. والنحويون [4/ 200] يقولون: استغاث به فهو مستغاث، وكلام العرب بخلاف ذلك، ومثال استغاثة المنادى قول أمير المؤمنين عمر - رضي الله تعالى عنه - لما طعنه فيروز لعنه الله: يا لله للمسلمين (5)، ومثله قول قيس بن ذريح (6): -

(1) ينظر في هذا الباب: الأشموني (3/ 162 - 166)، والأصول (1/ 277 - 281)، وأوضح المسالك (4/ 46 - 51)، والتصريح (2/ 180، 181)، والرضي (1/ 133 - 136)، وشرح الجمل (2/ 83 - 85)، وشرح المفصل (1/ 131)، والكتاب (2/ 215 - 220) والكفاية (ص 58 - 59)، والهمع (1/ 180، 181).

(2)

شرح التسهيل (3/ 409).

(3)

سورة الأنفال: 9.

(4)

سورة القصص: 15.

(5)

انظر كذلك: الجمل (ص 180)، والكامل (3/ 271)، واللامات (ص 82)، والمقتضب (4/ 254).

(6)

من بني كنانة أحد عشاق العرب وصاحبته لبنى شاعر أموي (ت 68 هـ) رغبة الآمل (5/ 242) والشعر والشعراء (2/ 628) وفوات الوفيات (2/ 134).

ص: 3591

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

3460 -

تكنّفني الوشاة فأزعجوني

فيا للنّاس للواشي المطاع (1)

ومثال المنادى المتعجب منه قول العرب: يا للعجب، ويا للفليقة، ويا للماء، ويا للدواهي، ومنه قول الشاعر:

3461 -

لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم

أدلّ وأمضى من سليك المقانب (2)

وقول ابن أبي ربيعة:

3462 -

أوانس يسلبن الحليم فؤاده

فيا طول ما شوق ويا حسن مجتلى (3)

وإن كان المستغاث قبل الاستغاثة معربا استصحب إعرابه كقولك في: يا غلام زيد: يا لغلام زيد، وإن كان مبنيّا بناء حادثا في النداء أعيد في الإعراب وجرته اللام بما كانت تجره في غير النداء كقولك في يا زيد ويا زيدان، ويا زيدون: يا لزيد ويا للزيدين ويا للزّيدين، وإن كان مبنيّا قبل النداء استصحب بناؤه وحكم بجره تقديرا كقولك: يا لرقاش ويا لهذا، وكذا إن كان مقصورا أو منقوصا أو مضافا إلى ياء المتكلم كقولك: يا لموسى، ويا للقاضي، ويا لصاحبي وكل هذه الأنواع منبه عليها بقولي: جر باللام مفتوحة بما يجر في غير النداء، وإن عطف على المنادى المستغاث غيره وأعيد معه يا فتحت اللام كقول الشاعر:

3463 -

يا لعطّافنا ويا لرياح

وأبي الحشرج الفتى النّفّاح (4)

ومثله:

3464 -

فيا لسعد ويا للنّاس كلّهم

ويا لغائبهم ويا لمن شهدا (5)

وإن لم يعد مع المعطوف «يا» كسرت اللام كقوله:

3465 -

يا لقومي وللّذين تولّو

هم لباغين بغيهم في ازدياد (6)

-

(1) من الوافر - العيني (4/ 259) والكتاب (1/ 319، 320) والمقرب (1/ 183)، وابن يعيش (1/ 131).

(2)

من الطويل لمرار الأسدي، أو لقيس بن الملوح، الكتاب (1/ 329) واللسان (برثن).

(3)

من الطويل وليس في ديوانه، وانظره في التذييل (4/ 217).

(4)

من الخفيف - الدرر (1/ 156)، وشرح المفصل (1/ 128)، والعيني (4/ 268)، والكتاب (1/ 319)، والمقتضب (4/ 257) والهمع (1/ 180).

(5)

من البسيط - التذييل (4/ 215).

(6)

من الخفيف - الأشموني (3/ 164)، والتصريح (2/ 181)، والعيني (4/ 256).

ص: 3592

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما المستغاث من أجله فلا بد من كسر لامه نحو:

3466 -

ألا يا لقومي للنّوائب والدّهر

وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري

وللأرض كم من صالح قد تلمّأت

عليه فوارته بلمّاعة قفر (1)

وقد يستغنى عنها بمن كقول الشاعر:

3467 -

يا للّرجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السّفه المردي لهم دينا (2)

ويستغنى كثيرا عن المستغاث من أجله للعلم به بظهور سبب الاستغاثة كقول الفرزدق:

3468 -

يا لتميم ألا لله درّكم

لقد رميتم بإحدى المصمئلّات (3)

وكقول عدي بن زيد:

3469 -

فهل من خالد إمّا هلكنا

وهل بالموت يا للنّاس عار (4)

وقد يكون المستغاث من أجله غير صالح لأن يكون مستغاثا، ويكون المستغاث مشاهدا فيستباح حذفه. ويتصل المستغاث من أجله بيا مجرورا باللام المكسورة كقول الشاعر:

3470 -

يا لأناس أبوا إلّا مثابرة

على التّوغّل في بغي وعدوان (5)

ويتعين في مثل هذا كسر اللام لأن مصحوبها غير صالح لأن يكون مستغاثا، بل مستغاثا من أجله، والمستغاث محذوف، والتقدير: يا لقومي لأناس، وروي عن العرب في: يا للعجب ويا للماء ونحوهما فتح اللام على أن مصحوبها مستغاث وكسرها على أن مصحوبها مستغاث من أجله، وعلى هذا النوع نبهت بقولي: وإن ولي يا اسم لا ينادى إلّا مجازا إلى آخر القول. ونبهت بقولي: وربما كان المستغاث مستغاثا من أجله على نحو قول القائل: يا لزيد لزيد أي: يا زيد أدعوك لتنصف من نفسك، ومنه قول مهلهل: -

(1) من الطويل لهدبة بن خشرم - الخصائص (3/ 171)، والسمط (ص 639).

(2)

من البسيط - الأشموني (3/ 165)، والهمع (1/ 180).

(3)

البيت في ديوانه (1/ 107)، والمصمئلات: الدواهي واحدتها: مصمئلة.

(4)

من الوافر - الدرر (1/ 156) والهمع (1/ 180).

(5)

من البسيط - الأشموني (3/ 167) والدرر (1/ 156)، والعيني (4/ 271)، والهمع (1/ 181).

ص: 3593

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

3471 -

يا لبكر انشروا لي كليبا

يا لبكر أين أين الفرار (1)

ولما كان ما ولي يا في الاستغاثة مستغاثا تارة ومستغاثا من أجله تارة فرقوا بين لاميهما بالفتح والكسر.

وخص الفتح بلام المستغاث لشبه ما هي فيه بضمير المخاطب ولاتصالهما بألف يا لفظا وتقديرا. وزعم الكوفيون أن أصل يا لفلان يا آل فلان ولذلك جاز أن يوقف عليها كقول الشاعر:

3472 -

فخير نحن عند النّاس منكم

إذا الدّاعي المثوب قال يا لا (2)

ولا حجة في هذا البيت لاحتمال أن يكون الأصل: يا قوم لا فرار، أو لا تفروا.

ومما يدل على ضعف ما ذهبوا إليه الرجوع إلى الكسر في العطف دون إعادة يا. ولو كانت بعض أل لم تدخل على ما لا تدخل عليه أل نحو: يا لله، ويا للناس، ويا لهؤلاء. وتعاقب هذه اللام ألف في الآخر كألف المندوب ولا يجوز الجمع بينهما كما لا يجوز الجمع بين هاء الجحاجحة وياء الجحاجيح. وكما لا يجوز الجمع بين ياء يمني وألف يمان. هذا معنى قول الخليل وسيبويه (3).

ولا بد من اللام عند حذف الألف ولا بد من الألف عند حذف اللام. وقد يستغنى عنهما في التعجب كقول عمر بن أبي ربيعة:

3473 -

أوانس يسلبن الحليم فؤاده

فيا طول ما شوق ويا حسن مجتلى (4)

هذا آخر كلام المصنف رحمه الله تعالى (5).

ويتعلق بما ذكره مباحث:

الأول:

أن الشيخ ناقش المصنف في قوله: والمعروف في اللغة تعدي فعل الاستغاثة بنفسه.

والنحويون يقولون: استغاث به فهو مستغاث به، وكلام العرب بخلاف ذلك. -

(1) من المديد - الخزانة (1/ 300) والخصائص (3/ 229) والعقد الفريد (5/ 478) والكتاب (1/ 318).

(2)

من الوافر لزهير الضبي - الخصائص (1/ 276، 2/ 375، 3/ 228)، والدرر (1/ 156)، والهمع (1/ 181).

(3)

الكتاب (2/ 218) - هارون.

(4)

تقدم قريبا.

(5)

شرح التسهيل (3/ 412).

ص: 3594

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال: ليس كما ذكر بل استغاث يتعدى تارة بنفسه وتارة بحرف الجر الذي هو الباء كما في لفظ سيبويه والنحويين في باب الاستغاثة (1). قال: فاستقراء المصنف لذلك غير تام (2). قال: ومما جاء من لسان العرب معدى

بالباء قول الشاعر:

3474 -

حتّى استغاثت بماء لا رشاء له

من الأباطح في حافاته البرك

مكلّل بأصول النّبت تنسجه

ريح خريق لضاحي مائة حبك

كما استغاث بشيء فزّ غيطلة

خاف العيون فلم ينظر به الحشك (3)

وقال آخر:

3475 -

قاد الجياد من الجولان فارطه

من بين منعله يرجى ومحبوب

حتى استغاثت بأهل الملح ما طعمت

في منزل طعم نوم غير تأويب (4)

انتهى. ولك أن تقول: قد تعرض النحاة إلى ذكر الأفعال التي تتعدى بنفسها تارة وبالحرف أخرى، ولم يذكروا أن فعل الاستغاثة من تلك الأفعال. ثم قد [4/ 201] ثبت بالكتاب العزيز تعديه بنفسه (5) فوجب أنه إذا ورد متعديا بحرف أن يدعى فيه التضمين. وعلى هذا يكون استغاث من قوله: حتى استغاثت بماء ضمّن معنى استعان؛ لأن الماء يستعان به ولا يستغاث، وكذا استغاث من قول الآخر: حتّى استغاث بأهل الملح ضمن معنى استعان أيضا، وكذا يحمل على التضمين المذكور قول الشاعر:

3476 -

إن يستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا

منّا معاقل عزّ زانها كرم (6)

فإن قيل: استعان متعد بنفسه - قيل: كما ورد متعديا بنفسه ورد متعديا بالحرف -

(1) التذييل (4/ 213) والكتاب (2/ 215).

(2)

التذييل (4/ 213).

(3)

من البسيط لزهير - ديوانه (ص 172، 176، 177)، وإصلاح المنطق (ص 29) والخصائص (2/ 334) والكتاب (1/ 100)، واللسان (حشك)، والمحتسب (2/ 287).

(4)

البيتان من البسيط وانظرهما مع النص - في التذييل (4/ 213).

(5)

كقوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ، وقوله سبحانه: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ، وقد تقدما، وانظر: القاموس، واللسان (غوث).

(6)

من البسيط - الأشموني (4/ 31) برواية: تستغثوا - بغير ياء وبالخطاب في المضارعة، والتصريح (2/ 254)، والعيني (4/ 452) والمغني (ص 614).

ص: 3595

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل (1) الله وإذا استعنت فاستعن بالله» (2) فيمكن أن يكون في أصل الوضع متعديا بالحرف وأنه يصل إلى نصب متعلقه بإسقاط الخافض، ولا يمكن أن يدعى ذلك في استغاث؛ لأن المستغاث منادى. وقد علم أن المنادى مفعول بفعل مقدر. فإذا قيل: يا زيد فالتقدير أدعو زيدا، تقدم لنا ذكر ذلك.

ثم إن الشيخ ناقش المصنف ثانيا في قوله: إذا استغثت المنادى أو تعجبت منه.

قال: لأن كلامه يقتضي أن المستغاث به والمتعجب منه يكون منادى. قال:

والمنادى لا يكون ذلك إلا في ما استثني (3). انتهى.

وكان الشيخ فهم أن مراد المصنف بقوله: المنادى الاسم الذي من شأنه أن ينادي وليس مراده ذلك. إنما المراد بالمنادى الاسم الذي تطلب إقباله عليك، ولهذا قال في شرح الكافية:«إذا نودي المنادى ليخلص من شدة أو يعين على دفع مشقة فنداؤه استغاثة وهو مستغاث (أو مستغاث به)» (4).

فبين بهذا الكلام أن المنادى كما أنه مطلوب إقباله فالمستغاث مطلوب منه الإقبال أيضا، لكن ليخلص المنادى مما هو فيه أو يعينه على دفع ما يكره. ثم حكم المستغاث بعد ذلك أن يجر بلام أو يختم بألف، وقد يخلو عنهما إذا دلّ على الاستغاثة دليل وهو أن يذكر بعد الاسم المنادى مستغاثا من أجله كما سيأتي.

ولا يفهم من هذا أن الاسم المستغاث هو الاسم الذي ينادى حتى يورد على هذا أن المنادى لا يكون ذا «ال» والمستغاث قد يكون ذا «ال» .

الثاني:

نصّوا على أنه لا ينادى على سبيل الاستغاثة إلّا «بيا» من بين سائر حروف النداء قالوا: لأنها أم الباب. وندر قول عمر - رضي الله تعالى عنه - لعمرو بن العاص:

«وا عجبا لك يا ابن العاص» (5). ثم كون يا لا يجوز حذفها مع المستغاث قد عرف في أول الباب. -

(1) الأصل: فسل.

(2)

انظره في الترمذي: صفة القيامة، باب (59).

(3)

التذييل (4/ 213).

(4)

شرح الكافية الشافية (3/ 1334).

(5)

البخاري: المظالم (46)، وشواهد التوضيح (ص 210).

ص: 3596

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحكم التعجب في الأمرين المذكورين حكم الاستغاثة. ثم إن المصنف لم يتعرض في شيء من كتبه إلى ذكر ما تتعلق به لام الجر الداخلة على المستغاث، ولا إلى ذكر ما تتعلق به اللام الداخلة على المستغاث من أجله. وقد تعرض إلى ذلك أبو الحسن ابن عصفور فذكر أن في اللام الداخلة على المستغاث ثلاثة أقوال.

قيل: إنها تتعلق بما في «يا» من معنى الفعل. قال: وهو رأي ابن جني (1)، وردّه ابن عصفور بأن معاني الحروف لا تعمل في الظروف ولا المجرورات. وقيل: بأن اللام زائدة وردّه بأن الأصل عدم الزيادة، وقيل: إنها تتعلق بالفعل الذي قلناه إنه يعمل في المنادى، واختاره ابن عصفور (2)، قال الشيخ وابن الضائع أيضا: وهو مذهب سيبويه (3).

قال ابن عصفور: فإن قيل: الفعل الذي يعمل في المنادى يعمل بنفسه فكيف يصل هذا باللام ثم أجاب عن ذلك بأن الفعل المتعدي إلى مفعول يجوز أن يتعدى بنفسه وبحرف الجر نحو: ضربت زيدا وضربت لزيد. قال: وهذا قليل مع ظهور الفعل، فإذا كان الفعل مضمرا كان أقوى (4). انتهى.

ولو قدر الفعل بعد وقال: إن وجود اللام داخلة على الاسم مع الفعل المتعدي أوجب لنا أن نقدر العامل مؤخرا لكان أولى. فإن من المعلوم أن المعمول إذا تقدم على الفعل المتعدي جاز دخول الحرف؛ قال تعالى: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (5).

ثم إن الشيخ بحث في ما ذكره ابن عصفور فقال: لابن جني أن يقول: الحرف يعمل بما فيه من معنى الفعل فقد عملت كأن بما فيها من معنى التشبيه في الحال، وكذا هاء التنبيه تعمل في الحال أيضا، كما عرفت ذلك في بابه. وقال: وأما نسبتهم العمل في الفعل المقدر، واعتذارهم عن دخول اللام ففيه تكلف. قال:

والأولى القول بالزيادة فيقال: زيدت اللام لمدّ الصوت قال: والدليل على زيادتها -

(1) المنصف (3/ 61، 62)، والأشموني (3/ 164).

(2)

شرح الجمل (2/ 109 - 111).

(3)

انظر على الترتيب التذييل (4/ 12)، وشرح الجمل لابن الضائع لوحة (ص 55، 56)، والكتاب (2/ 215 - 218، 219).

(4)

شرح الجمل (2/ 109).

(5)

سورة يوسف: 43.

ص: 3597

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معاقبتها في آخره فزادوا الحرفين لمدّ الصوت. قال: ولما كان معناهما واحدا في الزيادة تعاقبا فلم يجز الجمع بينهما (1). انتهى.

ولقائل أن يقول: أما كون بعض الحروف يعمل بما فيه من معنى الفعل فصحيح.

ولكن يتعذر ذلك في نحو: يا لزيد؛ لأن القائل بأن العامل معنى الحرف إما أن يقدر فعلا أو لا.

فإن قدر الفعل وجب أن يكون هو العامل؛ لأننا إنما نعمل الحرف بما فيه من معنى حيث لا يكون معنا عامل صالح، لأن العامل المعنوي إنما يحتاج إليه عند فقد العامل اللفظي، وإن لم يقدر الفعل أشكل الأمر لأنه يلزم من ذلك أن يكون كلام تام مركبا من اسم وحرف، وامتناع ذلك معلوم. وأما كون اللام تكون زائدة فإن القول به يقتضي جواز مراعاة عامل المحل في مدخولها، ولا يظهر جواز اعتبار المحل في الاسم المستغاث مجرورا باللام.

ولا شك أن عدم جواز مراعاة محله دليل على أن اللام ليست زائدة، نعم إن قيل بأن له محلّا فربما يتم ما قاله. وسيذكر بعد أن بعضهم [4/ 202] جعل له محلّا، وأما لام المستغاث من أجله ذكروا أنها متعلقة بفعل مضمر تقديره أدعوك لكذا. هكذا ذكر ابن عصفور (2).

وزعم ابن الضائع أنها تتعلق بفعل النداء. وقال آخرون: أنها تتعلق بمحذوف في موضع الحال فالتقدير: يا لزيد مدعوّا لعمرو، [و] هو مبني على أن الحال تجيء من المنادى وعلى ما قال ابن عصفور يكون الكلام جملتين وهو بعيد.

وقول ابن الضائع يلزم منه تعلق حرفي جر بعامل واحد. قد يقال: ليس ذلك بممتنع لأن الحرفين إذا اختلف معناهما جاز أن يتحد ما تعلقا به. ثم إنك قد عرفت أن اللام مع المستغاث مفتوحة ومع المستغاث من أجله مكسورة، وأن الفتح مع المستغاث إنما كان لوقوعه موقع ضمير الخطاب. ومنهم من يقول: إن الفتح للفرق بينها، وبين لام المستغاث من أجله.

والحق أن علة الفتح مجموع الأمرين. والأمران هما شبه المضمر، والفرق؛ -

(1) كلّ في التذييل (4/ 214).

(2)

شرح الجمل (2/ 109).

ص: 3598

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليندفع سؤال الدور. وهو لم لم يكن الأمر بالعكس لو عللنا بمجرد الفرق. ولو عللنا بمجرد شبه المضمر لورد على ذلك المعطوف في مثل: يا لزيد ولعمرو، فإن الثاني أيضا منادى ولم تفتح معه اللام؛ لأنه قد علم بالعطف أنه

مستغاث لكن كسر اللام مع المستغاث من أجله إنما هو بالنسبة إلى الأسماء الظاهرة. وأما بالنسبة إلى المضمرات فاللام مفتوحة إلا أن يكون الضمير ياء المتكلم فإنها تكسر كما مع الظاهر فعلى هذا إذا قلت: يا لك احتمل أن يكون مستغاثا ومستغاثا من أجله. وكذا إذا قلت: «يا لي» احتمل الأمرين.

البحث الثالث:

البيت الذي أنشده المصنف مستشهدا به على التعجب وهو قول الشاعر:

3477 -

لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم

أدلّ وأمضى من سليك المقانب (1)

أنشده ابن عصفور أيضا مستشهدا به لذلك، وأنشد بعده:

3478 -

تزورنها ولا أزور نساءكم

ألهفا لأولاد الإماء الحواطب (2)

قال: فنادى برثن مستغيثا بمن لم يزر امرأته منهم على من زارها ومتعجبا من فعل بعضهم معه (3). وكأنه قال: يا لبرثن امنعوا من زيارتها بعضكم وذلك أنه اتهم قوما من بني برثن كانوا يزورون امرأته لفساد بينهم وبينها؛ ولذلك شبههم بسليك في دقة حيلتهم في الفساد. قيل: وإنما اشتركت الاستغاثة والتعجب في هذه الصورة؛ لمشاركتها في بعض المعنى؛ إذ سببها أمر عظيم عند المنادى، أما الاستغاثة فلوقوع أمر يطلب دفعه أو المعونة عليه، وأما التعجب فالنداء فيه على وجهين: أحدهما: أن يرى أمرا عظيما فيتعجب منه فينادى جنسه ليحضر نحو:

يا للماء، ويا للعجب. والثاني: أن يرى أمرا يستعظمه فينادي من له نسبة إليه ومكنة فيه بوجه ما كأن يرى جهّالا أخذوا المناصب، فيقول: يا للعلماء أي:

يا قوم عجبا لهذا الأمر، ولهذه العظام.

(1) تقدم.

(2)

انظر البيت السابق في المقرب (1/ 183).

(3)

المصدر السابق، وشرح الجمل (2/ 110).

ص: 3599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البحث الرابع:

ذكر الشيخ عن «صاحب البسيط» أنه قال: المستغاث به والمتعجب منه منادى، وعلة البناء موجودة فيه، فهلّا بقي على بنائه حين دخلت عليه لام الجر كما تقول لهذا، ومن قبل، ومن بعد. فالجواب أن «يا» صار حكمها في النداء حكم العامل؛ إذ النداء فيها شبيه بالإعراب، فلما دخل الحرف لمعناه زال عمل «يا» لفظا وصار بمنزلة ما زيد

بجبان، فعلى هذا له موضع رفع، فإذا نعت كان فيه ثلاثة أوجه (1) انتهى.

ولا يخفى بعد ما ذكره ويدل على ضعفه، أنه قال بعد ذلك: وقيل: كان الأصل البناء إلّا أنه لما دخلت عليه لام الجر وحرف الجر خاص بالأسماء مع أن بناء المنادى ليس ببناء أصلي روعي فيه أصله فعمل (2). ولا شك أن هذا كلام حسن وهو أولى مما قاله أولا.

ثم قال: وقيل: لمّا دخلت عليه صار عاملا ومعمولا، فأشبه المضاف فلم يعمل فيه النداء فعمل الجار. قال: فعلى هذين التعليلين لا موضع رفع له. فإذا نعت كان في جر أو نصب كما تقول: مررت بزيد وعمرا، والجر أحسن (3). انتهى.

وقد تقدم لنا البحث في أن اعتبار المحل غير ظاهر. فأما اعتباره رفعا فقد صرح الآن بأنه غير جائز. وأما اعتباره نصبا ففيه نظر يلتفت إلى اشتراط المحرر وعدمه.

وأما تنظيره بقوله: مررت بزيد وعمرا فالمحققون لا يجيزون ذلك كما تقدم لنا في أوائل الكتاب، فإن بنى جواز يا لزيد وعمرا على مسألة: مررت بزيد وعمرا منعت المسألة لامتناع ما بنيت عليه.

البحث الخامس:

قد عرفت أن المستغاث قد يحذف ويلي المستغاث من أجله إذا علم أنه غير صالح لأن يكون مستغاثا، وأنشد المصنف على ذلك يا لأناس أبوا إلّا مثابرة. -

(1) التذييل (4/ 215)، وتقدم لنا أن صاحب البسيط هو «ابن العلج» ، وانظر الهمع (1/ 181).

(2)

التذييل (4/ 215).

(3)

التذييل (4/ 315).

ص: 3600

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال: التقدير يا لقومي لأناس. وقد جعل ابن عصفور من ذلك قول الراجز:

3479 -

يا عجبا لهذه الفليقة

هل تذهبنّ القوباء الرّيقة (1)

قال يزيد: يا قوم عجبا. وما قاله غير ظاهر، فإنه لا معنى للاستغاثة في هذا البيت، بل هو إما نداء محض نادى قومه ثم أخبر أنه تعجب لهذا الأمر. فالتقدير:

يا قوم أعجب عجبا، فقوله: عجبا منصوب على المصدر. هذا إن كانت الرواية بالتنوين، وإن كانت بغير تنوين فيكون التقدير يا عجبي، ثم إنه حذف وعوض عنها الألف كما يقال في يا عبدي: يا عبدا ويكون نداء أريد به

التعجب. فالحق أن لا استغاثة في البيت.

ثم اعلم أن ابن جني أجاز في قول الشاعر:

3480 -

فيا شوق ما أبقى ويا لي من النّوى

ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبى (2)

أن يكون يا لي مستغاثا به كأنه استغاث بنفسه من النوى قال: ويمكن أن يكون استغاث لنفسه وحذف المستغاث به .. انتهى (3).

وإنما جوز ابن جني الأمرين؛ لأن لام المستغاث من أجله إنما تكون مع ياء المتكلم [2/ 203] مكسورة مستغاثة كانت أو مستغاثا من أجلها، كما أنها مع الضمير غير الياء إنما تكون مفتوحة مستغاثا ما هو متصل به كان أو مستغاثا به نحو: يا لك كما تقدم تقدير هذا، لكن قال ابن عصفور: الأصح عندي أن «يا لي» حيثما وقع يكون الضمير فيه مستغاثا له، والمستغاث به محذوف؛ لأن العامل في المستغاث به إنما هو الفعل المضمر الذي قام حرف النداء مقامه (4). وقد نص على ذلك سيبويه في باب الجر (5). -

(1) رجز لابن قنان - إصلاح المنطق (ص 344)، والحلل (ص 225)، وشرح شواهد الشافية (ص 399)، واللسان: قوب، والمنصف (3/ 61).

(2)

من الطويل للمتنبي - ديوانه (1/ 40)، والأشموني (3/ 163)، والعيني (4/ 266)، والمغني (1/ 183) الأمير، برواية:«ما أقسى» بدل «ما أصبى» .

(3)

المصادر السابقة.

(4)

شرح الجمل (2/ 111)، والمغني (1/ 183).

(5)

الكتاب (1/ 421).

ص: 3601

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإذا جعلت الضمير في قولك: «يا لي» واقعا على المستغاث به لزم أن يكون التقدير: يا أدعو لي فيؤدي ذلك إلى تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضمير المتصل، وذلك لا يجوز إلّا في باب ظننت، وفقدت، وعدمت، قال الشيخ:

وهذا الذي قال - يعني ابن عصفور - صحيح على مذهب سيبويه: فأما ابن جني فلا يلزمه ذلك؛ لأن اللام تتعلق عنده بما في يا من معنى الفعل ولا يجري يا مجرى صريح الفعل؛ لأنها لا تتحمل ضميرا، كما لا تتحمله هاء التنبيه إذا عملت في الحال قال: وأما على رأي من يقول بزيادة اللام - وهو ابن خروف - فيطيح رد ابن عصفور ومنعه (1).

البحث السادس:

في شرح الكافية:

يا يزيد الآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان (2)

وذكر في الشرح المذكور أن المستغاث قد يخلو من اللام ومن الألف كقول الشاعر:

3481 -

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب (3)

ولم يذكر ذلك في التسهيل، ولا في شرحه، وإنما قال أنهما قد يستغنى عنهما في التعجب، مقتصرا على ذلك.

ثم إن المستغاث إذا لحقته الألف فالظاهر أن له حكم نفسه من بناء أو إعراب، وكأنه يصير كالمندوب، والمتعجب منه كالمستغاث في ذلك.

* * *

(1) التذييل (4/ 216).

(2)

شرح الكافية الشافية (3/ 1337).

(3)

من الوافر - الأشموني (3/ 166)، والتصريح (2/ 181)، والعيني (4/ 263)، وانظر شرح الكافية الشافية (3/ 1338).

ص: 3602