الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادي والخمسون باب أسماء لازمت النداء
(1)
[ذكرها وما يتعلّق بها من أحكام]
قال ابن مالك: (وهي «فل» و «فلة» و «مكرمان» و «ملأمان» و «ملأم» و «لؤمان» و «نومان» والمعدول إلى «فعل» في سبّ المذكّر وإلى «فعال» مبنيّا على الكسر في سبّ المؤنّث، وهو والّذي بمعنى الأمر مقيسان في الثّلاثي المجرّد وفاقا لسيبوبه. وقد يقال: رجل مكرمان وملأمان، وامرأة ملأمانة ونحو: «أمسك فلانا عن فل»، و «قعيدته لكاع» من الضّرورات).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): يقال في النداء: يا فل للرجل، ويا فلة للمرأة بمعنى يا فلان ويا فلانة وهما الأصل. ولا يستعملان منقوصين في غير نداء إلّا في ضرورة كقول الراجز:
3490 -
في لجّة أمسك فلانا عن فل (3)
ويقال أيضا في نداء العزيز الكريم: يا مكرمان وفي نداء ضده يا ملأمان، ويا ملأم ويا لؤمان. ويقال في نداء الكثير النوم: يا نومان، والمشهور أن لا يستعمل شيء من هذه الخمسة في غير نداء، وكذلك المعدول في سب الذكور إلى فعل نحو: يا غدر ويا فسق ويا خبث، وكذلك المعدول في سب الإناث إلى فعال نحو:
يا غدار ويا فساق ويا خباث.
وهذا الثاني وموازنة [4/ 206] الدال على الأمر كنزال وتراك ومناع لا يقتصر فيهما على السماع، بل يصاغان من كل فعل ثلاثي مجرد قياسا فيقال: يا لأم ويا نحاس ويا قذار بمعنى لئيمة ونحسة وقذرة، وكذلك ما أشبهها إذا كان الفعل ثلاثيّا -
(1) ينظر في هذا الباب: الأشموني (3/ 159 - 162)، والأصول (1/ 347) وما بعدها، وأوضح المسالك (4/ 42 - 46)، والتذييل (4 / ق/ 221 - 224)، والتصريح (2/ 179، 180)، والكتاب (2/ 187، 195، 197، 198)، والهمع (1/ 177 - 179).
(2)
انظر شرح التسهيل (3/ 419).
(3)
انظره في الحلل (ص 219)، والدرر (1/ 154)، والكتاب (1/ 333). والمقتضب (4/ 238)، والهمع (1/ 177).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مجردا من الزيادة، وكذا الأمر فتقول: جلاس وقوام ونطاق بمعنى اجلس وقم وانطق، فلو كان الفعل ثلاثيّ الأصول وليس مجردا من الزيادة كأكرم لم يبن منه فعال إلا بسماع كدراك بمعنى أدرك فهذا شاذ، لا يقاس عليه. ومن فعال الذي حقه الاختصاص بالنداء لكاع، وقد استعمل في الضرورة غير منادى كقول الشاعر:
3491 -
أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي
…
إلى بيت قعيدته لكاع (1)
وروى ابن سيده أنه يقال: رجل مكرمان وملأمان وامرأة ملأمانة (2)، والمشهور اختصاص مكرمان وملأمان بالنداء. انتهى (3).
ثم إنني أشير إلى أمور:
أحدها: أنك عرفت من كلام المصنف أن فل وفلة بمعنى فلان وفلانة، وهو قد قال في باب العلم: وكنوا بفلان وفلانة عن نحو: زيد وهند (4). بمعنى أنهما كنايتان عن علم من يعقل. وصرح هنا بأن فلانا وفلانة هما الأصل، يعني أنهما أصل فل وفلة.
وكلام ابن عصفور يوافقه في أنهما - أعني فل وفلة - كنايتان عن علم من يعقل، ويخالفه في أن أصلهما فلان وفلانة فإنه قال:
وأما فل فهو كناية عن علم ولا يستعمل أبدا إلّا في النداء إلّا في ضرورة الشعر كقوله:
3492 -
في لجّة أمسك فلانا عن فل
وتقول للمؤنث يا فلة، واختلف فيه النحويون، فمذهب الفراء أنه مرخم من فلان (5) ومذهب سيبويه أنه غير مرخم وإنما هو اسم مختص بالنداء (6) وهو -
(1) من الوافر للحطيئة - ديوانه (ص 120)، والجمل (2/ 106)، والخزانة (1/ 408)، والمقتضب (4/ 238)، وابن يعيش (4/ 57).
(2)
الأشموني (3/ 159)، والهمع (1/ 178).
(3)
شرح التسهيل (3/ 420).
(4)
انظر باب العلم.
(5)
الأشموني (3/ 159)، والهمع (1/ 177).
(6)
الكتاب (2/ 198).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصحيح، ومذهب الفراء باطل؛ لأن أقل ما يبقى عليه الاسم بعد الترخيم ثلاثة أحرف .. فلو كان ترخيم فلان لقيل: يا فلا ولجاء على أصله في بعض المواضع فكان يقال: يا فلان (1).
وذكر الشيخ عن صاحب البسيط أنه ذهب إلى ما ذهبنا إليه من أنه كناية عن العلم في النداء كما أن فلانا كناية عن العلم قبل النداء. ثم قال الشيخ: وهؤلاء بمعزل عن كلام سيبويه ومذهبه وذلك أن قولك: يا فل ويا فلة ليسا كناية عن العلم بل هما كناية عن قولك: يا رجل ويا امرأة، فهما كناية عن نكرة من يعقل من جنس الإنسان (2).
قال: وفل مما حذف منه حرف وبقي على حرفين بمنزلة «دم» وليس أصله فلانا؛ إذ ليس أحد يقول: يا فلا أقبل، وإذا عنوا امرأة قالوا: يا فلة. وهذا الاسم اختص بالنداء وبنى على حرفين؛ لأنه موضع تخفيف ولا يكون إلّا كناية لمنادى نحو: يا هناه ومعناه يا رجل. وأما فلان فكناية عن اسم يسمى به المحدّث عنه خاص غالب، وقد اضطر شاعر فبقاه على حرفين في هذا الموضوع قال: في لجّة أمسك فلانا عن فل. هذا ملخص كلام سيبويه في هذه المسألة (3).
ولذلك لو سمي «بفل» المختص بالنداء ثم صغّر لقيل: فلي بجعله من باب دم لأن أصله فلان فتردّ النون؛ لأنه ليس محذوفا من فلان؛ إذ المعنى ليس المعنى ولا المادة، فحمله على الأكثر وهو أن تكون لامه المحذوفة حرف علة وليس بترخيم فلان. والحاصل أن تركيب فل:(فـ لـ ي)، وتركيب فلان:(فـ لـ ن)، ولما اضطر الشاعر وحذف من فلان وصيره في الشعر بلفظ فل الذي في النداء ذكر سيبويه فيه أن أصله فلان فلم يكن فل المختص بالنداء هو الذي في الرجز عند سيبويه (4) قال: وكأن المصنف وابن عصفور وقفا على كلام سيبويه في باب التصغير حيث قال في الباب المذكور في باب ما ذهبت لامه: ومن ذلك فل، -
(1) شرح الجمل (2/ 80).
(2)
التذييل (4/ 221)، والأشموني (3/ 159)، والهمع (1/ 177).
(3)
التذييل (4/ 222)، والكتاب (2/ 248).
(4)
التذييل (4/ 222).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تقول: فلين، وقولهم: فلان دليل على أن ما ذهب اللام وأنها نون. وفل وفلان معناهما واحد، قال أبو النجم:
3493 -
في لجّة أمسك فلانا عن فل (1).
قال (2): فإنما يعني سيبويه فلا الذي هو بمعنى فلان؛ ولذلك قال: ومعناهما واحد، ثم أنشد قول أبي النجم شاهدا على أن معناهما واحد، ولم يتعرض هنا لفل المختص بالنداء؛ لأن معناه غير معنى فلان وقد أوضح ذلك في باب الترخيم (3).
فابن مالك وابن عصفور لم يقفا على ما ذكره في باب الترخيم من الفرق بينهما.
ثانيها: أن الكلمات التي ذكرها المصنف في هذا الفصل تسع، وهي: فل وفلة ومكرمان وملأمان وملأم ولؤمان ونومان والمعدول إلى فعل في سبّ الذكور والمعدول إلى فعال في سب الإناث، وذكر أن المقيس منها فعال، لا غير، فدل على أن باقي الكلمات التي ذكرها موقوفة على السماع، لكن ذكر ابن عصفور أن المقيس منها ثلاث كلمات، قال:«وهي ما عدل إلى فعال أو فعل أو (مفعلان) (4). ودل كلامه على أن مفعلان معدول أيضا كفعال وفعل فعلى ما قاله يكون الموقوف على السماع مما ذكره المصنف خمس كلمات لا غير، وهي: فل، وفلة، وملأم، ولؤمان، ونومان» .
ثم إن المغاربة كابن عصفور وغيره ذكروا من الموقوف على السماع كلمات أخر، وهي: اللهم، ويا هناه، ويا أبت، ويا أمت (5). والحق: أن ذكر هذه الكلمات غير محتاج إليه؛ أما اللهم: فلا يقال إنه مختصّ بالنداء، بل يقال إن حرف النداء يجوز أن يباشر الاسم المعظم، ثم إنه يجوز حذفه ويعوض عنه الميم المشددة في الآخر ويلزم من هذا أن اللهم لا يستعمل إلا في النداء، فهذا اللزوم إنما هو من هذه الحيثية، لا أن الاسم مخصوص بالنداء في أول وضعه وأيضا فإن الميم عوض عن حرف النداء.
فقولنا: اللهم بمنزلة قولنا: يا لله فاللهم منادى كما أن «الله» منادى، وإذا كان -
(1) الكتاب (3/ 452).
(2)
أي أبو حيان في التذييل (4/ 222).
(3)
الكتاب (2/ 248).
(4)
الأصل: ملأمان - والنص في شرح الجمل (2/ 82).
(5)
شرح الجمل (2/ 79).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كذلك فلا يقال [4/ 207] في المنادى إنه مختص بالنداء.
وأما أبت وأمت فالأصل فيهما أبي وأمي، وفي النداء يجوز أن يعوض عن الياء التاء فالتاء إنما جاءت في الاسم
بعد أن نودي فلزم أن أبت لا يكون إلّا في النداء من هذه الجهة لا أن أبت اختص بالنداء من الأصل.
وأما هناه فلم يظهر فيه كونه مختصّا بالنداء؛ لأن هذه الكلمة تستعمل في غير النداء، وذلك أن هنا كنية عن الشيء لا تذكره باسمه.
ثالثها: قد عرفت أن المصنف لم يذكر بزنة مفعلان سوى مكرمان، وملأمان، وأنه غير منقاس عنده، وأن ابن عصفور ذكر أنه يقاس عليه فيقال: يا مكذبان ويا مخبثان، وإذا أريد المؤنث قيل: يا مخبثانة (1). وقال بعضهم: وأما مفعلان فالذي جاء منه مكرمان، وملأمان، ومخبثان، ومكذبان، وملكعان، ومطنبان.
وهذا يدفع قول ابن عصفور، ويقوّي قول المصنف أنه غير مقيس، ومنهم من خصّ مفعلان بالذمّ وليس بصحيح فقد جاء مكرمان .. قالوا: وذكره سيبويه، ولم ينص على الذم فيه (2). وقد عرفت أيضا أن المصنف لا يرى القياس في فعل أيضا، وأن ابن عصفور يخالف فيقيس عليه (3).
وقد نقل الشيخ عن بعض النحاة أنه قال: المسموع فيه يا لكع، يا فسق، يا خبث، يا غدر (4).
وهذا يعضد قول المصنف: ولكع معدول عن اللكع، وهو اللئيم الأصل، وفسق عن فاسق، وخبث عن خبيث، وغدر عن غادر، لكن قال: إنها كلها معدولة عن معارف. ولم أتحقق ذلك.
ثم لا يتوهم في ما ورد في الحديث: «لا تقوم السّاعة حتّى يلي أمر النّاس لكع بن لكع» (5).
أنه من هذا الذي نحن فيه، أعني من فعل المخصوص بالنداء؛ لأنه ليس بمعدول. -
(1) شرح الجمل (2/ 82).
(2)
الكتاب (4/ 263).
(3)
شرح الجمل (2/ 105).
(4)
التذييل (4/ 222).
(5)
ينظر ابن حنبل (2/ 326)، والروض الأنف (2/ 140)، والنهاية لابن الأثير (268)، وكذا:
اللسان «لكع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قالوا: لأنه مصروف فهو وصف كحطم. وأما قول بعضهم:
3494 -
يدعوه سرّا وإعلانا ليرزقه
…
شهادة بيدي ملحادة غدر (1)
فاستعمل في غير النداء للضرورة كان معرفة في النداء فنقل إلى الصفة فصار نكرة لخروجه عن الإشارة فنعت به
ولحق برجل حطم، ومال لبد.
رابعها: قال الشيخ: في قول المصنف: وهو والذي بمعنى الأمر مقيسان وفاقا لسيبويه إشعار بأن الخلاف فيهما (2). قال: ولا نعلم خلافا في اقتباس فعال الذي في النداء في سبّ الأنثى. وأما الذي بمعنى الأمر فخالف فيه المبرد وزعم أنه موقوف على السماع (3)، ثم قال: وأهمل المصنف قيدين آخرين في جواز بناء فعال بمعنى الأمر: أن يكون الثلاثي المجرد تامّا فلا يجوز في الناقص، لا يقال كوان منطلقا، ولا بيات ساهرا بمعنى كن منطلقا وبت ساهرا، وأن يكون متصرفا فلا يجوز: وذار زيدا، ولا وداع عمرا بمعنى ذر زيدا، ودع عمرا (4) انتهى.
وفي هذا الثاني نظر؛ لأن عدم تصرف الفعل مانع أن يبنى منه فعال؛ لأن ذلك تصرف.
خامسها: أنك تعرف من قول المصنف مشيرا إلى فعال مبنيّا على الكسر أن فعلان وفعل يبنيان على الضم؛ لأنهما معربان فيعطيان ما للمنادى. لكن الظاهر أن الضمّ منوي في فعال كما تقول: إنه ينوي في نحو: [هؤلاء] إذا نودي. وعلى هذا فإذا أتبع نحو: يا فساق بتابع مفرد جاز فيه الرفع والنصب كغيره من توابع المنادى المفرد.
سادسها: قد ذكر المصنف عن ابن سيده أنه يقال: رجل مكرمان، وملأمان، وامرأة ملأمانة، فأورد هذه الألفاظ تابعة للنكرة لكن المنقول عن أبي حاتم السجستاني أنه ذكرها تابعة لمعرفة قال: يقال هذا زيد ملأمان وهذه هند ملأمانة غير مصروفين (5)، -
(1) من البسيط لأم عمران بن الحارث - الدرر (1/ 154)، والهمع (1/ 178).
(2)
التذييل (4/ 223)، والكتاب (2/ 198).
(3)
المقتضب (4/ 238).
(4)
التذييل (4/ 233).
(5)
قرر الزمخشري أن هذا من الأشياء التي لا تكاد تقع إلا في النداء. الفائق (2/ 475).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حكى ذلك عن العرب وزعم أن ذلك صفة (1). لكن ناقشه ابن عصفور، فقال:
ملأمان وملأمانة في هذا علمان لكونهما تابعين للعلم. ولهذا يمتنعان من الصرف للعلمية والزيادة في ملأمان والعلمية والتأنيث في ملأمانة. قال: والعلم لا يكون صفة للتنافي فلم يبق إلا أن تكون التبعية في هذا زيد ملأمان، وهذه هند ملأمانة على طريق البدل إلا أن ابن عصفور قال أيضا في هذا زيد ملأمان: فإن قيل: لعله صفة وامتنع من الصرف للزيادة والصفة. فالجواب: أن شرط منع الزيادة مع الوصف الصرف عدم قبول الكلمة تاء التأنيث
وملأمان يقبل بدليل ملأمانة فثبت أنه يعني ملأمان امتنع الصرف للعدل والعلمية» (2) انتهى.
ويظهر أن القول في ملأمان بالعدل أقرب من القول بالعلمية.
ثم قال ابن عصفور: ولا يكون هذا على ما ذكره أبو حاتم ردّا لما ذهب إليه النحاة من [أن] هذه الكلمة مخصوصة بالنداء؛ لأن الذي يختص عندهم بالنداء إنما هو الصفة لما ذكرنا وهذا الذي حكاه أبو حاتم من قبيل الأسماء الأعلام (3) انتهى.
ولا يخفى ما في كلامه من التدافع.
وقد قال ابن الضائع مشيرا إلى تفرقة ابن عصفور: هذه التفرقة فاسدة فإن الذي في النداء أيضا علم بدليل منع يا أيها المخبثان وكل نكرة تعرفت في النداء بالإقبال والخطاب يجوز نداؤها بأي. قال: وكذلك يقول النحاة في يا فسق [ويا فساق] إنهما علمان. نعم أصلهما الصفة وجعلا علمين مبالغة [فسقط هذا التفريق].
فينبغي أن يقال إن ملأمان ويا فسق ويا لكع كثير في النداء فهو مما اختص به عند أكثر العرب على ما روى الأئمة.
ورواية من رواها في غير النداء ليست ردّا على من ذهب [4/ 208] إلى أن ذلك لا يستعمل إلّا في النداء (4) انتهى.
ومراده أن النحاة إنما أرادوا بقولهم: إن الكلمات المذكورة مختصة بالنداء، أن ذلك هو الكثير في لغة العرب ولا يمنع ذلك استعمالها في غير النداء على قلة. -
(1) شرح الجمل (2/ 108).
(2)
المرجع السابق.
(3)
شرح الجمل (2/ 108).
(4)
شرح الجمل لابن الضائع، لوحة (54).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم قال الشيخ: والذي يظهر أن دعوى العلمية في [يا فسق] ويا فساق بعيدة؛ لأن دلالتهما على معنى الفسق دلالة ظاهرة، وكذلك يا خبث ويا خباث دلالتهما على معنى الخبيث ظاهرة أيضا، والعلمية تذهب بمعنى الاشتقاق، ولا يلاحظ فيها شيء منه إذ يصير جزئيّا لا كليّا، وإنما امتنع أن يوصف بهما أي؛ لأن ذلك إخراج لهما عمّا وضعا عليه من الاختصاص بالنداء (1).
ثم قال: وأما ما ذكره المصنف من أنه يقال: رجل مكرمان، وملأمان، وامرأة ملأمانة فتتبع النكرة فلم يبيّن على أي وجه تبعته.
وعلى ما زعموا من العلمية يكون بدل معرفة من نكرة، ولا يجوز كونه صفة يعني بتقدير انتفاء العلمية؛ لأن التأنيث لا يمنع الصرف مع الصفة؛ ولأن الزيادة لا تمنع الصرف مع الصفة إلّا في فعلان ذي (فعلى) (2). قال: والذي أذهب إليه في تخريج ما حكاه أبو حاتم من تبعية المعرفة وغيره من تبعية النكرة أنه أضمر فيه القول وحرف النداء. فقولهم: هذا زيد ملأمان، تقديره: هذا زيد المقول فيه أو المدعو يا ملأمان وكذا في المؤنث. وقولهم: رجل مكرمان وملأمان، تقديره:
مقول فيه أو مدعو: يا مكرمان ويا ملأمان.
قال: وكذا يقدر القول في قول الشاعر: قعيدته لكاع التقدير: قعيدته يقال لها أو تدعى يا لكاع (3). انتهى. وهذا التخريج غير ظاهر فإن قائل: رجل مكرمان، أو ملأمان إنما يريد إثبات ذلك الوصف لمن أجرى عليه، وتقدير الشيخ يخرج الكلام عن هذا المراد.
* * *
(1) النص في التذييل (4/ 223).
(2)
الأصل: فعلا - تحريف، التذييل (4/ 223).
(3)
التذييل (4/ 223، 224).