الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخمسون باب النّدبة
(1)
[تعريف المندوب - مساواته للمنادى في أحكامه]
قال ابن مالك: (المندوب هو المذكور بعد «يا» أو «وا» تفجّعا لفقده حقيقة أو حكما أو توجّعا؛ لكونه محلّ ألم أو سببه، ولا يكون اسم جنس مفردا ولا ضميرا، ولا اسم إشارة ولا موصولا بصلة لا تعيّنه.
ويساوى المنادى في غير ذلك من الأقسام والأحكام ويتعيّن إيلاؤه «وا» عند خوف اللّبس).
قال ناظر الجيش: قال المصنف في شرح الكافية (2): الندبة إعلان المتفجع باسم من فقده بموت أو غيبة كأنه يناديه، والقصد الإعلام بعظمة المصاب، وقال في شرح التسهيل (3): المذكور تفجعا لفقده حقيقة كقول الباكي على ميت اسمه زيد: يا زيدا أو وا زيدا. ومنه قول جرير يرثي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (4):
3482 -
تنعى النّعاة أمير المؤمنين لنا
…
يا خير من حجّ بيت الله واعتمرا
حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له
…
وقمت فيه بأمر الله يا عمرا (5)
ومثله قول الآخر:
3483 -
وا هنيّا أطمعت مذينت أعدا
…
ي وقدما أو سعتهم بك قهرا (6)
-
(1) ينظر في هذه الباب: الأشموني (3/ 167 - 170)، والأصول (1/ 355 - 358)، وأوضح المسالك (4/ 52 - 54)، والتذييل (4 / ق 217/ 221)، والتصريح (2/ 181 - 184)، والرضى (1/ 156 - 159)، وشرح الجمل (2/ 127 - 133)، وشرح المفصل (2/ 13 - 15)، والكتاب (2/ 220 - 229، 231، 4/ 165، 236)، والكفاية (57، 58)، والهمع (1/ 179، 180).
(2)
شرح الكافية الشافية (3/ 1341).
(3)
شرح التسهيل (3/ 413).
(4)
أمير المؤمنين وكان يدعى أشج بني أمية وهو خامس الخلفاء الراشدين رمحته دابة وهو شاب فشجته (ت 101 هـ) صفة الصفوة (2/ 63)، وفوات الوفيات (2/ 105).
(5)
من البسيط - ديوانه (ص 235)، والدرر (1/ 155)، والعيني (4/ 229، 273)، والمغني (411)، والهمع (1/ 180).
(6)
من الخفيف - التذييل (4/ 217).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمندوب تفجعا لكونه في حكم المقصود كقول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: واعمراه واعمراه حين أعلم بجدب شديد أصاب قوما من العرب. وكقول الخنساء ومن أسر معها من آل صخر وصخر غائب غير مرجو الحضور: واصخراه واصخراه.
والمندوب توجعا لكونه سببا للألم كقول قيس العامري:
3484 -
فواكبدا من حبّ من لا يحبّني
…
ومن عبرات ما لهنّ فناء (1)
والمندوب توجعا لكونه سببا للألم كقول ابن قيس الرقيات:
3485 -
تبكيهم دهماء معولة
…
وتقول سلمى وا رزيّتيه (2)
ولا يندب اسم جنس مفرد ولا ضمير ولا اسم إشارة ولا موصول بصلة لا يتعين بها المندوب فلا يقال في رجل: وارجلاه ولا في أنت: واأنتاه ولا في هذا: وا هذاه ولا في من ذهب: وا من ذهباه. ويندب اسم الجنس المضاف نحو: وا غلام زيداه والموصول بصلة تعين الموصول نحو: وا من حفر بئر زمزماه. ونبهت بقولي:
(ويساوي المنادى في غير ذلك من الأقسام) على أنه قد يكون علما واسم جنس مضافا وموصولا بصلة معينة. ومن مساواته المنادى في الأحكام أنه إذا لم يل آخره الألف ضم إن كان مما يضم في النداء نحو: وا زيد، ونصب إن كان مما ينصب في النداء نحو: واعبد الله، وواضروبا رؤوس الأعداء، وواثلاثة وثلاثين، ويلحق الزيادة وا ثلاثة وثلاثيناه، ومن مساواته إياه في الأحكام أنه إذا دعت الضرورة إلى تنوينه جاز استصحاب ضمته [وتبدل
فتحه بها] (3) كقول الراجز:
3486 -
وا فقعسا وأين منّي فقعس
…
[أإبلي يأخذها كروّس](4)
كذا روي منصوبا ولو قيل بالضم وا فقعس لجاز. وإذا أمن أن يلتبس المندوب بمنادى غير مندوب جاز وقوعه بعد يا ووا نحو: من حفر بئر زمزم. فلو قيل هنا:
يا من حفر بئر زمزم لم يخف لبس فاستعمال يا ووا فيه جائز بخلاف قولك: وا زيد، -
(1) من الطويل ديوانه (ص 41)، والأغاني (1/ 176)، والتصريح (2/ 181).
(2)
من الكامل ديوانه (ص 99)، والتصريح (2/ 181)، والكتاب (1/ 321)، والمقتضب (4/ 272).
(3)
الأصل: وتبديلها بفتحة - خطأ لغوي، فالياء تدخل على المتروك.
(4)
انظر هذا الرجز - وقد ذكرنا تتمته - في الأشموني (3/ 168)، والعيني (4/ 272)، والمجالس (ص 542)، والهمع (1/ 172، 179).