المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٧

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والأربعون باب الإضافة

- ‌[تعريفها - أثرها]

- ‌[الأثر المعنوي للإضافة ومواقعه]

- ‌[تقدم معمول المضاف إليه على المضاف وما يكتسبه الاسم بالإضافة]

- ‌[ما لازم الإضافة لفظا ومعنى وأحكامه]

- ‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

- ‌[من أحكام ما لازم الإضافة]

- ‌[من أحكام إضافة أسماء الزمان المبهمة]

- ‌[حذف أحد المتضايفات، والجر بالمضاف المحذوف]

- ‌[الفصل بين المتضايفين، وأحكامه]

- ‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

- ‌الباب الثاني والأربعون باب التّابع

- ‌[تعريفه، وأقسامه]

- ‌[فصل التابع من المتبوع وتقدم معموله عليه]

- ‌الباب الثالث والأربعون باب التّوكيد

- ‌[أقسامه، وذكر أحكام التوكيد بالنفس والعين]

- ‌[من أغراض التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام بعض ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[التوكيد اللفظي: حقيقته، وبعض أحكامه]

- ‌[توكيد الضمير المتصل مرفوعا أو منصوبا]

- ‌الباب الرابع والأربعون باب النّعت

- ‌[تعريفه - وأغراضه]

- ‌[إتباع النعت منعوته وغيره]

- ‌[ذكر ما ينعت به، وأحكام الجملة الواقعة نعتا]

- ‌[بعض أحكام النعت المفرد]

- ‌[تفريق النعت وجمعه وإتباعه وقطعه]

- ‌[من أحكام النعت]

- ‌[أقسام الأسماء من حيث ما ينعت به وينعت]

- ‌[الاستغناء عن المنعوت، وعن النعت]

- ‌الباب الخامس والأربعون باب عطف البيان

- ‌[تعريفه، أغراضه، موافقته ومخالفته متبوعه]

- ‌[جواز جعل عطف البيان بدلا وعدمه]

- ‌الباب السادس والأربعون باب البدل

- ‌[تعريفه، موافقته ومخالفته المتبوع، الإبدال من المضمر والظاهر]

- ‌[أقسام البدل وما يختص به كل قسم]

- ‌[من أحكام البدل وحكم اجتماع التوابع]

- ‌الباب السابع والأربعون باب المعطوف عطف النّسق

- ‌[تعريفه، وذكر حروفه]

- ‌[معاني حروف العطف: الواو - الفاء - ثم - حتى - أم - أو - بل - لا]

- ‌[حديث خاص بالواو]

- ‌[حديث خاص بثم والفاء]

- ‌[حديث خاص بحتى وأم وأو]

- ‌[«إما» العاطفة معانيها، وأحكامها]

- ‌[من حروف العطف: بل، لكن، لا]

- ‌[ما لا يشترط وما يشترط في صحة العطف]

- ‌[العطف على الضمير المتصل، والعطف على عاملين]

- ‌[من أحكام الواو، والفاء، وأم، وأو

- ‌[عطف الفعل على الاسم والماضي على المضارع، وعكسه]

- ‌[الفصل بين العاطف والمعطوف]

- ‌الباب الثامن والأربعون باب النّداء

- ‌[بعض أحكامه من جر وحذف الحرف]

- ‌[بناء المنادى وإعرابه]

- ‌[أحكام المنقوص والمضموم المنون اضطرارا في النداء]

- ‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

- ‌[تابع المنادى وأحكامه]

- ‌[الضمير مع تابع المنادى]

- ‌[أحكام المنادى المضاف إلى ياء المتكلم]

- ‌[المنادى غير المصرح باسمه]

- ‌الباب التاسع والأربعون باب الاستغاثة والتعجّب الشبيه بها

- ‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

- ‌الباب الخمسون باب النّدبة

- ‌[تعريف المندوب - مساواته للمنادى في أحكامه]

- ‌[من أحكام المندوب]

- ‌[من أحكام ألف الندبة]

- ‌[أحكام أخرى لألف الندبة]

- ‌الباب الحادي والخمسون باب أسماء لازمت النداء

- ‌[ذكرها وما يتعلّق بها من أحكام]

- ‌الباب الثاني والخمسون باب ترخيم المنادى

- ‌[ما يرخم، وما لا يرخم]

- ‌تقدير ثبوت المحذوف للترخيم

- ‌[أحكام آخر المرخم]

- ‌الباب الثالث والخمسون باب الاختصاص

- ‌[دواعيه وأحكامه]

- ‌الباب الرابع والخمسون باب التّحذير والإغراء وما ألحق بهما

- ‌[ما ينصب على ذلك - إظهار العامل وإضماره]

- ‌[ما يلحق بالتحذير والإغراء]

- ‌[مسائل وأمثلة أخرى في إضمار العامل]

الفصل: ‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

قال ابن مالك: (ولازمتها معنى لا لفظا أسماء كـ «قبل» و «بعد» وك «آل» بمعنى أهل ولا يضاف غالبا إلّا إلى علم من يعقل وك «كلّ» غير واقع توكيدا أو نعتا، وهو عند التّجرّد منويّ الإضافة فلا يدخل عليه «ال» وشذّ تنكيره وانتصابه حالا، ويتعيّن اعتبار المعنى فيما له من ضمير وغيره إن أضيف إلى نكرة، وإن أضيف إلى معرفة فوجهان. وإفراد ما لـ «كلا» و «كلتا» أجود من تثنيته، ويتعيّن في نحو: كلانا كفيل صاحبه).

ــ

2951 -

فأيّي ما وأيّك كان شرّا

فقيد إلى المقامة لا يراها (1)

ومثل قولهم: المال بين زيد وبين عمرو، كما قال أعشى همدان:

2952 -

بين الأشجّ وبين قيس باذخ

بخ بخ لوالده وللمولود (2)

ثم المنقول عن الكوفيين أنهم أجازوا إضافة «كلا وكلتا» إلى نكرة، ولا معول على مذهبهم في ذلك (3).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (4): «قبل» و «بعد» اسمان متقابلان يلزمهما الظرفية ما لم ينجرّا بـ «من» وتلزمهما الإضافة معنى ولفظا في أكثر الاستعمال ويقطعان عن الإضافة لفظا وينوى معناهما إذا علم المضاف إليه ولم يقصد إيهام كقوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (5) أي: لله الأمر من قبل الحوادث ومن بعدها، وقد يقطعان عن الإضافة لفظا ومعنى فينكران؛ وذلك لقصد الإيهام أو لعدم دليل على المضاف إليه. ويستوجبان البناء على الضم إذا قطعا لفظا لا معنى؛ وذلك أن لهما مناسبة للحرف معنوية ولفظية. أما المعنوية فمن قبل أنهما لا يفهم تمام ما يراد بهما إلا بما يصحبهما، وأما اللفظية فمن قبل جمودهما وكونهما لا يثنيان ولا يجمعان ولا ينعتان ولا يخبر عنهما ولا ينسب إليهما ولا يضاف. ومقتضى هاتين المناسبتين أن يبنيا على الإطلاق لكنهما أشبها الأسماء -

(1) من الوافر وانظره في التذييل (4/ 81)، والمقرب (1/ 212).

(2)

من الكامل. وانظره في التذييل (4/ 81)، والشاهد «بين الأشج وبين قيس» .

(3)

التذييل (4/ 81).

(4)

شرح التسهيل لابن مالك (3/ 242).

(5)

سورة الروم: 4.

ص: 3205

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتمكنة بقبول التصغير والتعريف والتنكير؛ فاستحقا إعرابا في حال وبناء في حال.

والأحوال ثلاث: حال التصريح بترك الإضافة عند قصد التنكير، وحال ترك الإضافة لفظا وإرادتها معنى فكان البناء مع هذه الحال أليق؛ لأنهما على خلاف الأصل، وبناء الاسم على خلاف الأصل فجمع بينهما التناسب، وتعين الإعراب مع الحالتين الأخريين؛ لأنهما على وفق الأصل وإعراب الاسم على وفق الأصل وكان بناؤهما على حركة؛ لأن لهما أصلا في التمكن ولولاه لم يفارقهما البناء وكانت الحركة ضمة؛ لئلا يلتبس الإعراب بالبناء، وذلك أنهما إذا كانا معربين فلا تدخلهما ضمة وإنما تدخلهما فتحة أو كسرة كنحو: جئت قبلك ومن قبلك، ومن الملازمة

للإضافة معنى لا لفظا «آل» بمعنى أهل (1) وأصله فأبدلت هاؤه همزة وأبدلت الهمزة ألفا بدلا لازما؛ لسكونها بعد همزة مفتوحة في كلمة واحدة ويدل على أن أصلها «أهل» قول العرب في تصغيره: أهيل وقالوا أيضا: أويل ح فاعتبروا فيه اللفظ متناسين الأصل ويقل استعماله غير مضاف لفظا ومضافا إلى ضمير ومضافا إلى اسم جنس ومضافا إلى علم ما لا يعقل فمن ترك اضافته لفظا قول الشاعر:

2953 -

نحن آل الله في بلدتنا

لم نزل آلا على عهد إرم (2)

ومن استعماله مضافا إلى ضمير قول الشاعر:

2954 -

أنا الفارس الحامي حقيقة والدي

وآلي فما تحمي حقيقة آلكا (3)

ومن استعماله مضافا إلى اسم جنس قول عبد المطلب (4):

2955 -

لا يغلبنّ صليبهم

ومحالهم عدوا محالك

وانصر على آل الصّليـ

ـب وعابديه اليوم آلك (5)

ومن إضافته إلى علم ما لا يعقل قول الشاعر: -

(1) لكن «آل» تستعمل غالبا في الأشرف. ومنه مثلا سورة آل عمران. وراجع اللسان «أهل» .

(2)

من الرمل. الدرر (2/ 62)، والكافية الشافية (2/ 955)، والهمع (2/ 50)، والشاهد قوله:

«ألا» ؛ حيث جاء غير مضاف لفظا.

(3)

من الطويل لخفاف بن ندبة. الاقتضاب (8)، والبحر المحيط (1/ 188)، والكافية الشافية (2/ 954).

(4)

عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف زعيم قريش في الجاهلية (ت: 45 ق هـ). الأعلام (4/ 299).

(5)

من م الكامل. الأشموني (1/ 13)، والحيوان (7/ 198)، والدرر (2/ 62)، والهمع (2/ 50).

ص: 3206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2956 -

من الجرد من آل الوجيه ولا حق

تذكّرنا أوتارنا حين تصهل (1)

ومن الملازمة للإضافة معنى لا لفظا «كل» غير الواقع توكيدا ولا نعتا. فإن رفع توكيدا أو نعتا كان مثل «كل» في ملازمة الإضافة لفظا ومعنى فالتوكيد كقولك:

مررت بهم كلهم، والنعت نحو: زيد الرجل كل الرجل، أي: الكامل الرجولية؛ فلا يجوز إفراد «كل» في هذين

الموضعين. وقد أجاز الفراء (2) والزمخشري (3) الإفراد في التوكيد وحمل على ذلك قراءة بعض القراء إنا كلا فيها إن الله قد حكم بين العباد (4)، ولا خلاف في منع إفراد المنعوت به. والصحيح عندي منع إفراد المؤكد به؛ لأن ألفاظ التوكيد على ضربين: مضاف ومفرد؛ فالمفرد (5) كـ: أجمع وجمعاء لا يجوز أن يضاف بإجماع والمضاف غير «كل» كالنفس والعين و «كلا» لا يجوز إفراده بإجماع فإجازة إفراد «كل» تستلزم مخالفة النظائر في الضربين فوجب اجتنابها. وأما النصب في إنا كلا فيها فيخرج على أن (كلا) حال والعامل فيه (فيهآ) كما عمل «فيهم» في قول النابغة:

2957 -

رهط ابن كوز محقبي أدراعهم

(فيهم ورهط ربيعة بن حذار)(6)

في «محقبي» وقد بسطت القول على هذه المسألة في باب الحال. وأما «كل» غير الواقع توكيدا ولا نعتا فإنه ملازم الإضافة معنى لا لفظا لكنه لا يجرد عن الإضافة لفظا إلا وهو مضاف معنى؛ فلذلك لا تدخل عليه «ال» وقد أدخلها عليه أبو القاسم الزجاجي في جمله ثم اعتذر عن ذلك (7). وشذ تنكيره وانتصابه حالا فيما حكاه أبو الحسن الأخفش (8)؛ فعلى هذا لا يمتنع أن تدخل عليه «ال» -

(1) وانظره في التذييل (7/ 225).

(2)

التصريح (2/ 122، 123)، والكشاف (4/ 133).

(3)

المصدرين السابقين.

(4)

سورة غافر: 48. وانظر البحر المحيط (7/ 469)، والكشاف (4/ 133).

(5)

هنا انتهى سقط في المخطوط أشرنا إليه (ص 3204).

(6)

من الكامل، ليس في ديوانه. التذييل (7/ 298).

(7)

قال في الجمل (10): وتبدل البعض من الكل .. و .. إنما يبدل البعض من الكل مجازا، وعلى استعمال الجماعة له مسامحة وهو في الحقيقة غير جائز وأجود من هذه العبارة: ويبدل الشيء من الشيء وهو بعضه.

(8)

الارتشاف (2/ 516).

ص: 3207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن أضيف إلى نكرة تعين اعتبار المعنى في ما له من ضمير وإخبار وغير ذلك فتقول:

كل رجلين أتياك فأكرمهما، وكل رجال أتوك فأكرمهم، وكل امرأة أتتك فأكرمها، ومنه قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (1). وإذا أضيف إلى معرفة لفظا أو نية جاز اعتبار المعنى واعتبار اللفظ؛ فمن اعتبار المعنى قوله تعالى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (2)، ومن اعتبار اللفظ قوله تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (3) وإفراد ما لـ «كلا» و «كلتا» أجود من تثنيته ولذلك جاء القرآن العزيز بالإفراد قال الله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها (4).

فقال آتَتْ ولم يقل: آتتا، وقد اجتمع الوجهان في قول الشاعر:

2958 -

كلاهما حين جدّ الجري بينهما

قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي (5)

ويتعين إفراد الخبر في نحو: كلانا كفيل صاحبه؛ لإضافته إلى «صاحبه» إذ لو ثني الخبر فقيل: كلانا كفيلا صاحبه؛ لزم الجمع بين تثنية وإفراد في خبر واحد وفي الإفراد السلامة من ذلك فكان متعينا، ولأن إضافة «كفيل» إلى «صاحب» وهو مضاف إلى ضمير «كلا» بمنزلة تثنيته، فلو ثني لكان ذلك بمنزلة تثنيته مرتين فلم يجز ذلك. انتهى كلامه رحمه الله تعالى (6).

ويتعلق به أبحاث:

أولها:

قوله في «قبل» و «بعد» أنهما يلزمهما الظرفية ما لم ينجرّا بـ «من» ظاهر، ولكن الجماعة كأنهم لا يحكمون لهما بذلك. ولهذا قال الشيخ: إنهما صفتان للظرف وليسا بظرفين، وأن الأصل في نحو: جاء زيد قبل عمرو: جاء زيد زمنا قبل زمن مجيء عمرو، وكذا «بعد» التقدير فيها: زمنا بعد زمن مجيء عمرو (7).

ولا يخفى بعد هذا التقدير، ثم إن الموصوف الذي قدروه لم ينطق به أصلا والذي يظهر أنهما أنفسهما ظرفان، فـ «قبل» في قولنا: جاء زيد قبل عمرو؛ اسم زمن -

(1) سورة آل عمران: 185، وسورة الأنبياء: 35، وسورة العنكبوت:57.

(2)

سورة النمل: 87.

(3)

سورة مريم: 95.

(4)

سورة الكهف: 33.

(5)

من البسيط وانظره في التذييل (7/ 228).

(6)

شرح التسهيل (3/ 246).

(7)

التذييل (7/ 223).

ص: 3208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سابق، أي: متقدم على زمن مجيء عمرو.

ثانيها:

أن هذا الفصل إنما هو [4/ 82] معقود لذكر أسماء لازمت الإضافة، وأن منها ما لا يقطع عنها فهو ملازم لها لفظا، ومنها ما يقطع عنها لفظا فهو ملازم لها معنى.

أما كون ما يقطع منها يعرب بعد القطع أو مبني فليس الفصل معقودا له؛ لأن المصنف أورد الكلام في ذلك مستوفى في الفصل الذي يلي هذا الفصل لكنه مع هذا تعرض هنا إلى الكلام على حكم هاتين الكلمتين - أعني قبلا وبعدا - بالنسبة إلى الإعراب والبناء حال قطعهما عن الإضافة.

ثم إن الشيخ لم يقتصر على ذكر هاتين الكلمتين كما فعل المصنف بل ذكر الكلمات المشاركة لهما في هذا الحكم (1) ورأيت تأخير ذلك إلى أن يحصل الكلام في الفصل الآتي؛ فإنه أمسّ بذلك.

ثالثها:

أن المصنف قد قال مشيرا إلى «آل» : (ولا يضاف غالبا إلا إلى علم من يعقل) فقال الشيخ: لو قال: إلا إلى علم من يعلم كان أجود؛ لأنهم أضافوه إلى الله تعالى.

رابعها:

قد عرفت قول المصنف في متن الكتاب مشيرا إلى «كل» : (وهو عند التجرد منوي الإضافة، فلا يدخل عليه «ال» وشذ تنكيره وانتصابه حالا). وقد استشكلت كلامه هذا من حيث إنه غير محتاج إليه؛ لأن الكلام الآن إنما هو في الكلمات اللازمة للإضافة في المعنى دون اللفظ وإذا كان الكلام في ما هو كذلك؛ فأي فائدة في قوله:

(وهو عند التجرد منوي الإضافة)؟ لا يقال: إنما ذكر ذلك؛ لأنه قد قال في «قبل» و «بعد» إنهما قد يقطعان عن الإضافة لفظا ومعنى، فينكران؛ فخشي أن يتوهم أن كلمة «كل» كذلك؛ لأنا نقول: الأصل أن جميع الكلمات التي ذكرها وإن قطعت عن الإضافة لفظا أن إضافتها معنى مرادة لقوله: (ولازمتها معنى لا لفظا أسماء)؛ فمن أين يعلم أنهما ينكران؟ ولو لم ينبه في الشرح على أن هاتين الكلمتين يفعل بهما -

(1) التذييل (223) وما بعدها.

ص: 3209

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك ما علمناه، وإذا كان كذلك فهو مستغن عن قوله في «كل»: إنه (عند التجرد منوي الإضافة)، وقد يقال: إنما ذكر المصنف ذلك؛ لأن من الناس من يزعم أن «كلّا» نكرة إذا قطعت عما تضاف إليه.

قال الشيخ: اختلف النحويون في «كل» و «بعض» هل هما معرفتان أو نكرتان؟ فذهب سيبويه (1) والجمهور إلى

أنهما معرفتان تعرفا بنية الإضافة؛ لأنهما لا يكونان أبدا إلا مضافين .. وقالوا: مررت بكل قائما وببعض جالسا.

وذهب الفارسي إلى أنهما نكرتان، وألزم من قال بتعريفهما بنية الإضافة القول بأن نصفا وثلثا وسدسا معارف؛ لأنها في المعنى مضافات (2)، وبإجماع منا أن هذه نكرات؛ فكذلك «كل» و «بعض» فلا تكون الإضافة من طريق المعنى توجب التعريف، ورد بأن العرب تحذف المضاف إليه وتريده نحو قوله:

2959 -

أقبّ من تحت عريض من عل (3)

وقد لا تريده كقوله:

2960 -

[مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا]

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل (4)

ووجدناهم يجيئون بآحاد منها في كثير من الكلام فدل على أن العرب لحظت المضاف إليه فيما ذكر واستدل أيضا على تنكير «كل» بقولهم: مررت بهم كلّا؛ فنصبوها حالا، وأجيب بأنه شاذ (5). انتهى.

ولقائل أن يقول: قد يكون المضاف إليه «كل» و «بعض» نكرة ويقطعان عن الإضافة إلى تلك النكرة وينوى إضافتهما إليها ولا يمكن الحكم بتعريفهما بنية الإضافة؛ لأن الإضافة هذه لو صرح بها ما تعرف المضاف فكيف وهي منوية؟! وإذا كان كذلك فكان ينبغي التقييد فيقال: إنهما معرفتان بنية الإضافة إذ كان -

(1) الكتاب (1/ 273) بولاق، (2/ 114، 115).

(2)

التذييل (4/ 83)، والتصريح (2/ 35).

(3)

رجز لأبي النجم العجلي يصف فرسا. الأشموني (2/ 268)، والخصائص (2/ 363)، والعيني (3/ 448)، والكتاب (2/ 46).

(4)

عجز بيت من الطويل لامرئ القيس ذكرنا صدره. التصريح (2/ 45)، والدرر (1/ 117)، والكتاب (2/ 309)، والمحتسب (2/ 342)، والهمع (1/ 210).

(5)

التذييل (7/ 225، 226).

ص: 3210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المضاف إليه المحذوف معرفة. أما أن يقال: إنهما معرفتان على الإطلاق فغير ظاهر إلا أن يدعى أن المضاف إليه «كل» و «بعض» لا يحذف إلا إذا كان معرفة، وأما إذا كان نكرة، فلا يجوز حذفه وذلك بعيد؛ إذ لا يمتنع أن يقال في كل أحد يموت: كل يموت، ولا في كل إنسان يبعث ويحاسب: كل يبعث ويحاسب.

خامسها:

أن المصنف قد قال في «كل» : (وإن أضيفت إلى معرفة فوجهان) أي: يجوز أن يعتبر في الضمير والإخبار

وغيرهما بالمعنى كما في قوله تعالى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (1) وأن يعتبر اللفظ كما في قوله تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (2) فقال الشيخ:

سوى بين ما أضيف إلى معرفة لفظا وبين ما أضيف إليها نية لا لفظا (3). قال: والذي دل عليه الاستقراء أنهما ليسا سواء، بل إذا كان مضافا إلى معرفة نية فالحكم ما ذكر يعني من جواز اعتبار المعنى واعتبار اللفظ؛ فمن مراعاة المعنى قوله تعالى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (4)، وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (5)، ومن مراعاة اللفظ قوله تعالى:

فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ (6)، قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ (7)، وقال الشاعر:

2961 -

فكيف وكلّ ليس يعد وحمامه

وما لامرئ عمّا قضى الله مرحل (8)

وإن كان مضافا إلى معرفة لفظا فالسماع مراعاة اللفظ وهو الإفراد قال الله تعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً 93 لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا 94 وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (9)، وقال الشاعر:

2962 -

وكلّهم حاشاك إلّا وجدته (10)

ولا يكاد يوجد في لسان العرب: كلهم يقومون، ولا: كلهن قائمات، وإن كان موجودا ذلك في تمثيل كثير من النحاة (11). -

(1) سورة النمل: 87.

(2)

سورة مريم: 95.

(3)

التذييل (7/ 228).

(4)

سورة يس: 40.

(5)

سورة الأنفال: 54.

(6)

سورة العنكبوت: 40.

(7)

سورة الإسراء: 84.

(8)

من الطويل. التذييل (7/ 227).

(9)

سورة مريم: 93 - 95.

(10)

بعده في التذييل (7/ 227): كعين الكذوب. ولم يوجد في غيره.

(11)

التذييل (7/ 227).

ص: 3211