الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[التوكيد اللفظي: حقيقته، وبعض أحكامه]
قال ابن مالك: (فصل)(1): (التّوكيد اللّفظيّ إعادة اللّفظ أو تقويته بموافقه معنى، وإن كان المؤكّد به ضميرا متّصلا أو حرفا غير جواب لم يعد في غير ضرورة إلّا معمودا بمثل عامده أولا أو مفصولا.
وإن (عمد) أولا بمعمول ظاهر اختير عمد المؤكّد بضمير، وفصل الجملتين بثمّ إن أمن اللّبس أجود من وصلهما).
- لاجتماع في وقت وعدمه، وزعم الفراء أن أجمعين يفيد أنهم كانوا مجتمعين في وقت الفعل (2).
قال المصنف: والصحيح أن ذلك ممكن أن يراد وممكن أن لا يراد: فإمكان أن يراد مجمع عليه فأغنى ذلك عن دليل وإمكان أن لا يراد مستفاد من قوله تعالى لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (3) لأن إغواءهم لا يكون في وقت واحد (4). انتهى.
وأفهم كلامه في الشرح أن إفهام اتحاد الوقت من كلمة أجمعين غير لازم لكنه جائز. وأما في المتن فيستفاد ذلك من قوله: بل هو ككل في إفادة العموم مطلقا.
يعني أنك إذا قلت: جائني القوم كلهم جاز أن يكون مجيئهم في وقت واحد وأن يكون في أوقات متفرقة.
قال ناظر الجيش: لما أنهى الكلام على التوكيد المعنوي شرع في الكلام على اللفظي. وقد عرفت أن المعنوي هو
المعتد به في التوابع. فقول المصنف: إعادة اللفظ تعم إعادة المفرد اسما معرفة كان أو نكرة أو فعلا أو حرفا متصلا أو منفصلا وإعادة المركب كان جملة أو غير جملة. فإعادة الاسم المعرفة كقول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه:
3107 -
تيمّمت همدان الذّين هم هم
…
إذا ناب أمر جنّتي وسهامي (5)
-
(1) ليس في الأصل.
(2)
شرح التسهيل (3/ 301).
(3)
سورة الحجر: 39.
(4)
شرح التسهيل (3/ 301).
(5)
من الطويل - ديوانه (46)، والدرر (2/ 185) والهمع (2/ 125).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[4/ 111] وكقول الآخر:
3108 -
أخاك أخاك إن من لا أخا له
…
كساع إلى الهيجا بغير سلاح (1)
وكقول الآخر:
3109 -
أبوك أبوك أزيد غير شك
…
أحلك في المخازي حيث حلّا (2)
وإعادة النكرة كقول أعشى ميمون:
3110 -
أتيح لهم حبّ الحياة فأدبروا
…
ومرجاة نفس المرء ما في غد غد (3)
وقال تعالى: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا 21 وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (4) وإعادة الفعل كقول الشاعر:
3111 -
فأين إلى أين النّجاء ببغلتي
…
أتاك أتاك اللّاحقون احبس احبس (5)
وإعادة الحرف متصلا كقول أعرابي:
3112 -
فما الدّنيا بآتية بحزن
…
أجل لا لا ولا برخاء بال (6)
وكقول الآخر:
3113 -
لا لا أبوح بحبّ بثنة إنّها
…
أخذت عليّ مواثقا وعهودا (7)
وإعادة الحرف منفصلا كقول الكميت:
3114 -
ليت شعري هل ثمّ هل آتيتهم
…
أم يحولنّ دون ذاك حمامي (8)
-
(1) من الطويل لمسكين الدرامي - ديوانه (ص 29)، والتصريح (2/ 195)، والخصائص (2/ 480)، والكتاب (1/ 129).
(2)
انظره في التذييل (7/ 320).
(3)
من الطويل ديوانه (191) وشرح التسهيل (3/ 301).
(4)
سورة الفجر: 21، 22.
(5)
الدرر (2/ 145، 158) والشجري (1/ 243)، والهمع (2/ 111، 125).
(6)
البيت من الوافر وانظره في الإنصاف (75) برواية «بباقية» بدل «بآتية» ، والتذييل (7/ 320)، وشرح التسهيل (3/ 302).
(7)
من الكامل لجميل بثينة - ديوانه (79) والأشموني (3/ 84)، والدرر (2/ 159) والعيني (4/ 114) والهمع (2/ 125).
(8)
من الخفيف، وليس في ديوانه - الدرر (2/ 161)، والمغني (261)، والهمع (2/ 125).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإعادة المركب غير الجملة كقول الكميت:
3115 -
فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم
…
فحتّام حتّام العناء المطوّل (1)
وإعادة المركب الجملة كقول الشاعر:
3116 -
أيا من لست أقلاه
…
ولا في البعد أنساه
لك الله على ذاكا
…
لك الله لك الله (2)
وكقول الآخر:
3117 -
ألا حبّذا حبّذا حبّذا
…
حبيب تحمّلت منه الأذى (3)
وقول المصنف: أو تقويته بموافقة معنى يتناول توكيدا الضمير المستتر والبارز المتصل بالمنفصل نحو: قم أنت وقمت أنا
وتوكيد الفعل باسم الفعل كقول الشاعر:
3118 -
فرّت يهود وأسلمت جيرانها
…
صمّي لما فعلت يهود صمام (4)
وأشار المصنف بقوله: وإن كان المؤكّد به ضميرا متّصلا أو حرفا غير جواب إلى آخره إلى أن قاصد توكيد نحو تا فعلت بإعادة لفظة لا غنى له عن إعادة ما هو به متصل فيقول: فعلت فعلت ورأيتك رأيتك ومررت به به، وكذلك
يلزم في الحرف غير المجاب به فعلى قاصد إعادة في من قولك فيك نجابة أن يقول: فيك فيك نجا به، وعلى قاصد إعادة أن من قولك: إن زيدا منطلق أن يقول إن زيدا إن زيدا منطلق، وإن زيدا إنه منطلق، وإن كان مع ذلك فصل كان أحسن كقوله تعالى:
أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (5) فأكد أَنَّكُمْ ب أَنَّكُمْ مع الفصل. قال المصنف (6): ويجوز أن يجعل الثاني مبتدأ والخبر إذا -
(1) من الطويل - الارتشاف (857)، والأشموني (3/ 80). هذا: والبيت من هاشميات الكميت.
(2)
من الهزج الأشموني (3/ 80)، والدرر (2/ 160)، والعيني (4/ 97)، والكافية الشافية (3/ 1185)، والهمع (2/ 125).
(3)
الدرر (2/ 117)، والكامل (557)، والهمع (2/ 89).
(4)
انظره في التذييل (7/ 320).
(5)
سورة المؤمنون: 35.
(6)
لخطام المجاشعي، أو الأغلب الأشموني (3/ 83)، والتصريح (1/ 317)، (2/ 130)، والدرر (2/ 160)، والعيني (4/ 100)، والهمع (2/ 125).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
متم والجملة خبر أن الأولى والتوكيد أجود. يعني أن يجعل أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ مبتدأ خبره إِذا مِتُّمْ ثم هذه الجملة خبر أن الأولى. فإن لم يعد مع الحرف المؤكد ما اتصل بالحرف المؤكد فلا بد من الفصل بينهما بحرف عطف وإلى ذلك الإشارة بقوله: أو مفصولا بعد قوله: إلّا معمودا بمثل عامده أولا كقول الكميت:
هل ثمّ هل وكقول الراجز:
3119 -
حتّى تراها وكأنّ وكأن
…
أعناقها مشدّدات في قرن
واستثنى المصنف حرف الجواب. قال: لأنه قائم مقام جملة فلقاصد توكيده أن يكرره وحده كما له في الإجابة أن يجيب به وحده كقوله: أجل لا لا. ولا يكرر حرف غيره إلا في ضرورة. نص على هذا ابن السراج في الأصول. قال: وقد أشار الزمخشري في المفصل إلى توكيد الحرف الذي ليس من حروف الجواب بإعادته وحده نحو إنّ إنّ زيدا منطلق (1)، وقوله مردود لعدم إمام يستند إليه وسماع يعتمد عليه، ولا حجة في قول الشاعر:
3120 -
إنّ إنّ الكريم يحلم ما لم
…
يرين من أجاره قد ضيما (2)
فإنه من الضرورات وكذا قول الشاعر:
3121 -
فلا والله لا يلفي لما بي
…
ولا للما بهم أبدا دواء (3)
وإلى هذا أشرت بقولي: لم يعد في غير ضرورة إلّا معمودا بمثل عامده أولا أو مفصولا. فمن (المعمود) بمثل عامده أولا قول الشاعر:
3122 -
ليتني ليتني توفّيت منذ أي
…
فعت طوع الهوى وكنت منيبا (4)
والمفصول كقول الراجز:
3123 -
ليت وهل ينفع شيئا ليت
…
ليت شبابا بوع فاشتريت (5)
(1) المفصل (112).
(2)
من الخفيف - الأشموني (3/ 82) والتصريح (2/ 130) والدرر (2/ 161) برواية: أضيما، والهمع (2/ 125) مثله.
(3)
من الوافر لمسلم بن معبد الوالبي الأشموني (3/ 83) والمحتسب (2/ 256) والمصادر السابقة ومعاني الفراء (1/ 68).
(4)
من الخفيف وانظره في التذييل (7/ 322).
(5)
لرؤبة - الأشموني (2/ 63)، والتصريح (1/ 294)، والدرر (2/ 222) والهمع (2/ 156).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأكد ليت بليت وفصل بينهما بـ «هل ينفع شيئا ليت» .
ومن الفصل المسموع الفصل بالوقف كقوله:
3124 -
لا ينسك الأسى تأسّيا فما
…
ما من حمام أحد معتصما (1)
وما ليس معمودا ولا مفصولا فهو ضرورة نحو: إن إن الكريم، ولا للما بهم.
وإن كان العامد اسما ظاهرا فالمختار أن يعمد المؤكد بضمير فقولك: مررت بزيد به، أجود من قولك: مررت بزيد بزيد ومن المختار قوله تعالى: فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (2) قال ابن السراج: إلا أن الحرف لا يكرر إلا مع ما يتصل به لا سيما إذا كان عاملا ومثل بقولك في الدار زيد قائم فيها (3) وقال: فتعيد فيها توكيدا. وقال تعالى وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها (4) فجعل فيها توكيدا وفي الجنة مؤكدا (5). وكذا أقول، ومن حكم على شيء من هذا بالبدلية فليس بمصيب وإن حظي من الشهرة بأوفر نصيب. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وأشار بقوله: وفصل الجملتين بثمّ أجود إلى أن المؤكد والمؤكد إن كانا جملتين وأمن توهم كون الثانية غير مؤكدة فالأجود الفصل بينهما بعاطف كقوله تعالى:
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ 4 ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (6)، وكقوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ 17 ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (7) فلو خيف توهم كون الثانية غير مؤكدة نحو:
ضربت زيدا ثم ضربت زيدا ترك العاطف لأن ذكره يخل بالتوكيد ويوهم وأن الضرب الثاني غير الأول.
قال المصنف: وقد جعل ابن السراج من التوكيد اللفظي قول الشاعر:
3125 -
ألا يا اسلمى ثمّ اسلمي ثمّت اسلمى
…
ثلاث تحيّات وإن لم تكلّمي (8)
-
(1) رجز - الأشموني (3/ 83)، والعيني (4/ 110) والهمع (2/ 125) ويس (2/ 130).
(2)
سورة آل عمران: 107.
(3)
الأصول (2/ 12).
(4)
سورة هود: 108.
(5)
الأصول (2/ 17، 18).
(6)
سورة النبأ: 4، 5.
(7)
الانفطار: 17، 18.
(8)
من الطويل لحميد بن ثور - ديوانه (/ 133) والتذييل (7/ 323) وشرح المفصل (3/ 39)، هذا ورواية الديوان «بلى فاسلمي» . والبيت - والرأي - في الأصول (2/ 12).