الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المنادى غير المصرح باسمه]
قال ابن مالك: فصل (يقال للمنادى غير المصرّح باسمه في التّذكير يا «هن» ويا «هنان» ويا «هنون» ، وفي التأنيث يا هنت ويا هنتان ويا هنات.
وقد يلي أواخرهن ما يلي آخر المندوب، ومنه يا هناه بالكسر والضمّ، وليست الهاء من اللّام خلافا لأكثر البصريين).
ــ
ثانيهما: أن يكون شبّه هذه الهاء بهاء طلحة فحذفها للترخيم، ثم ردها، وحركها بالفتح كما فعل في يا طلحة إذا فتحت [تاؤها] وقيل: فتحت لأن ياء الإضافة تفتح في [إحدى] اللغتين ولما كانت عوضا منها أعطيت حركتها. وقالوا: يا أم شبه التاء كما ذكرنا بتاء طلحة لما رآها متحركة فحذفها للترخيم وإن كانت عوضا من المضاف إليه، وهي في موضع خفض والمضاف لا يرخم ولا يجوز في غير الأم.
نصّ عليه سيبويه (1).
وجوز السيرافي ذلك في ياء أب كالأم وهو خلاف نص سيبويه (2). انتهى كلام ابن عمرون رحمه الله تعالى.
قال الشيخ: واقتصار المصنف على يا أبت ليس بجيد؛ إذ يا أمت مثله (3)[ولم يذكره]، وهذا عجب من الشيخ: فإن المصنف قد قال في الشرح، وقالوا في يا أبي ويا أمي: يا أبت ويا أمت وغاية الأمر أنه لم يذكر إحدى الكلمتين في المتن اكتفاء بذكره لها في الشرح.
قال ناظر الجيش: قال المصنف (4): قال أبو حاتم (5): تقول في نداء المذكر: يا هن، ويا هنان، ويا هنون، وفي نداء المؤنث: يا هنت، ويا هنتان بسكون ما قبل التاء ويا هنات. ومن العرب من يقول: يا هناه ويا هنانيه ويا هنوناه ويا هنتاه ويا هنتانيه، ويا هنانوه، وفي المضاف إلى الياء: يا هن ويا هني ويا هنت [4/ 199] ويا هنتي. -
(1) الكتاب (2/ 213).
(2)
لأن ذلك كثر في الأم دون الأب لاستغنائهم بالأم في المؤنث عن أبة، وانظر الكتاب (2/ 213).
(3)
التذييل (4/ 211).
(4)
شرح التسهيل (3/ 407).
(5)
سهل بن محمد السجستاني النحوي اللغوي المقرئ أخذ عن أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي، وعنه بن دريد والمبرد. الأعلام (ت. 255 هـ). الأعلام (3/ 210)، والإنباه (2/ 58)، والنزهة (ص 189).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا حاصل كلام أبي حاتم الذي عزاه له أبو علي القالي في الأمالي (1) وإلى قول بعض العرب: يا هناه إلى هنانوه أشرت بقولي: وقد يلي أواخرهن ما يلي آخر المندوب، ثم قلت: ومنه يا هناه بالكسر والضم، والأصل السكون لأنها هاء السكت لكنها أجري بالوصل بها وبأشباهها مجرى الوقف في الثبوت، فحركت لسكونها في الأصل وسكون ما قبلها. فمن حرّكها بالضم شبّهها بهاء الضمير، ومن حركها بالكسر فعلى أصل الساكنين.
وفي كسرها حجة بينة على أنها هاء سكت لا بدل من لام الكلمة. واستدل ابن السراج على زعم أنها بدل من اللّام بأن العرب لم تقل في تثنيته إلا يا هنان، ولو كانت بدلا لقيل: يا هنا هان (2) وفي هذا الاستدلال ضعف لأن العرب قد تستغني في ما فيه لغتان بتثنية أخصر اللفظين كقولهم في تثنية سواء سيان. وإنما الاستدلال القويّ على أن الهاء ليست بدلا من اللام بل هاء سكت بأن جوز كسرها كما جوز الكسر في غيرها من هاءات السكت المسبوقة بألف كقول الراجز:
3458 -
يا ربّ يا ربّاه إيّاك أسل
…
غفرا يا ربّاه من قبل الأجل (3)
روي بكسر الهاء وضمها. وقال الفراء: يقال: يا حسرتاه بكسر الهاء وضمها، والكسر أكثر (4) انتهى. قال الشيخ في قوله (5): وليست الهاء بدلا من اللام خلافا لأكثر البصريين: المذاهب في هذه الهاء خمسة. أحدها: أنها أصل وأن مادة الكلمة (هـ ن هـ) فتكون الكلمة مما اتفقت فيه الفاء واللام فيكون من باب سلس قال: وهذا مذهب أبي زيد. ثانيها: أن الهاء بدل من واو إذ معنى يا هن ويا هناه واحد ومادة (هـ ن و) موجودة ومادة (هـ ن هـ) بهذا المعنى مفقودة، فتكون اللام على هذا مما تعاور عليها الهاء والواو كسنة؛ قالوا في التصغير سنيّة وسنيهة، وقالوا: سانيت وسانهت.
وثالثها: أن الهاء بدل من همزة، والهمزة بدل من واو. فالهاء بدل بدل، فلام الكلمة واو لقولهم: هنوات فبنوه على فعال فصار هناوا فجاءت واو متطرفة بعد ألف -
(1) أمالي القالي (2/ 13، 14).
(2)
الأصول (1/ 348).
(3)
انظره في إصلاح المنطق (ص 92)، وشرح شواهد الشافية (ص 228)، وشرح المفصل (9/ 47).
(4)
معاني القرآن له (1/ 394، 2/ 422).
(5)
شرح التسهيل (3/ 408).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زائدة فأبدلت همزة ثم أبدلت هاء، لأنها من مخرجها، ولأنها كثيرا ما تبدل منها، وهذا مذهب أبي الفتح (1).
رابعها: أن الألف والهاء زائدتان لكن في نفس البناء على حد زيادة الهمزة في أحمر فوزنه فعلاه إذ أصله هنوات تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فحذفت لالتقاء الساكنين، أو حذفت لام الكلمة أولا وزيد في بناء الكلمة الألف والهاء.
خامسها: أن تكون الهاء هاء السكت والألف قبلها الألف التي تلحق مثل يا زيدا إذا ندبت وضموا الهاء في الوصل تشبيها لها بالهاء الأصلية. وهذا مذهب الفراء.
وهو اختيار المصنف وابن عصفور (2) وقد رد مذهب من ادعى أنها أصلية بأنه ادعى مادة لم توجد بهذا المعنى وبأنه تكون المادة من باب سلس، وهو قليل، وبأنهم حين نادوه ضموا الهاء وكسروها ولو كانت أصلا لكان الاسم مبنيّا على الضم ولم يكن فيه الكسر.
وردّ مذهب من ادعى أنها بدل من أصل وهو الواو بأنه لم يوجد إبدال الهاء من الواو، وبأنه لو كانت بدلا من واو لوجب فيها الضم ولم يجيء فيها الكسر والصحيح مذهب الفراء، وهو مذهب الأكثرين (3).
ولا يقال: لو كانت هاء سكت لم تثبت في الأصل؛ لأنا نقول: الإجماع على ثبوتها وصلا في قوله تعالى: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ 28 هَلَكَ (4)، ومما يقوي كون الألف شبيهة بألف الندبة، والهاء للسكت أن الذين قالوا: يا هناه قالوا في التثنية يا هنانيه، وفي الجمع: يا هنوناه، وفي المؤنث: يا هنتاه، ويا هنتانيه، ويا هنانوه فألحقوه الألف في المفتوح والياء في المكسور والواو في المضموم على حد لحاقها في الندبة وألحقوها هاء السكت، فدلت التثنية والجمع على ذلك. وأما الضم والكسر فهو مسموع في هاء السكت مثبتة في الوصل في ما لا خلاف فيه. فمن الجائي في الوصل قول الراجز: -
(1) التذييل (4/ 212)، المحتسب (2/ 238) وما بعدها، والمصنف (3/ 143)، والأشموني (3/ 162).
(2)
شرح الجمل (2/ 79، 80).
(3)
التذييل (4/ 212).
(4)
سورة الحاقة: 28، 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3459 -
يا مرحباه بحمار ناجيه
…
إذا دنا قرّبته للسانيه (1)
ومن الجائي مكسورا في الوصل أيضا قول الآخر:
3459 م - يا ربّ يا ربّاه إيّاك أسل
…
غفرا يا ربّاه من قبل الأجل (2)
روي بضم الهاء، وكسرها.
وقال الفراء: يقال: يا حسرتاه بكسر الهاء، وضمها، والكسر أكثر (3).
وأما من زعم أن الهاء أصلية، أو بدل من أصل، أو بدل بدل من أصل، أو زائدة في البنية فإنه يقول في التثنية: يا هناهان، ويا هنتاهان، ويا هناهون، ويا هنتاهات. وهذا شيء لم يسمع من العرب وإنما المسموع ما حكاه أبو حاتم (4).
* * *
(1) انظر هذا الرجز في الحلل (ص 227) برواية أتى بدل دنا، والخزانة (1/ 400)، والخصائص (2/ 358)، والدرر (2/ 219)، والمصنف (3/ 142)، والهمع (2/ 157).
(2)
تقدم.
(3)
معاني القرآن (1/ 394، 2/ 422)، وقد تقدم ذلك.
(4)
التذييل (4/ 212). وهذا آخر الكلام في «النسختين» على هذا الفصل.