الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسائل وأمثلة أخرى في إضمار العامل]
قال ابن مالك: (ويتصّل بهذه ما يستلزم عامله عامل ما قبله، أو يتضمّن معناه وضعا، وما هو في المعنى مشارك لما قبله في عامله أو فيما ناب عنه، ولا يمتنع الإظهار إن لم يكثر الاستعمال. وربّما قيل: «كلاهما وتمرا» و «كلّ شيء ولا شتيمة حرّ»، و «من أنت زيد؟» أي: كلاهما لي، وزدني تمرا، وكلّ شيء أمم ولا ترتكب، ومن أنت كلامك زيدا أو ذكرك).
ــ
3561 -
ديار سليمى إذ تصيدك بالمنى
…
وإذ حبل سلمى منك دان تواصله (1)
قال ناظر الجيش: الذي كنت أفهمه من هذا الكلام أن المراد منه أنه يتصل أي:
في وجوب إضمار العامل بهذه المذكورات، وهي التي من قوله:«كليهما وتمرا» إلى قوله: «وديار الأحباب» كلمات أخر مما ليس شيء منها مذكورا [في هذا الفصل، لكن كلام الشيخ ينحو إلى غير ذلك فإنه قال (2) الإشارة بهذه إلى ما] يتصل بأكثر هذه المنصوبات التي ذكرها في هذا الفصل، ولا يظهر ما قاله، فإن المتصل بالمنصوبات هي المعطوفات، والمعطوفات المذكورة لم يتصل بها شيء، إنّما هي المتصلة بغيرها، وكأن الشيخ أراد أن يقول: الإشارة بهذه إلى أكثر المنصوبات فسبق القلم فقال: إلى ما يتصل بأكثر المنصوبات، قال: فمثال ما استلزم عامله عامل ما قبله قولهم: «كلّ شيء ولا شتيمة حرّ» (3)[إذ] تقديره: ائت كلّ شيء ولا تأت شتيمة حرّ (4)، قال: فالأمر بإتيان كلّ شيء يستلزم الأمر بإتيان شتيمة حرّ إذ كان مندرجا في عموم كلّ شيء، لكنّه أخرجه عن العموم بالنهي عن شتيمته، فقد استلزم الأمر النّهي عن شتيمة حرّ، ومثال ما تضمّن معناه وضعا -
(1) البيت من الطويل وقائله طرفة وهو في ديوانه (ص 38).
الشاهد: قوله «ديار سليمى» حيث أضاف ديار إلى محبوبته فالمقصود به ديار الأحباب والبيت في التذييل (خ) 4 ورقة (245 / أ) والهمع (1/ 168) والدرر (1/ 145).
(2)
التذييل والتكميل (خ) 4 ورقة (245 / ب).
(3)
ابن عقيل في المساعد (2/ 158).
(4)
انظر الكتاب (1/ 281) وعبارته: «ائت كل شيء ولا ترتكب شتيمة حر، وانظر حاشية الصبان (3/ 194).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولهم: «امرأ ونفسه» (1) فقد اتصل بقوله «امرأ» قوله «ونفسه» وامرؤ متضمّن النفس، لأن المرء هو الرجل بدنا، ونفسا، فدلالته عليها بالمطابقة، فدلالته على أحدهما بالتّضمّن إذ أحدهما جزء المسمى. ومثال ما هو في المعنى مشارك لما قبله في العامل قوله:«الكلاب على البقر» (2) فقد اتصل بقوله «الكلاب» قوله «على البقر» والناصب لـ «الكلاب» هو الذي يتعلّق به الجارّ والمجرور الذي هو «على البقر» فقد اشتركا من حيث المعنى في [العامل]، وكذلك إن تأتني فأهل اللّيل وأهل النّهار (3) اتصل بقوله «فأهل اللّيل» قوله «وأهل النّهار» وكلاهما منصوب بتقدير «فتجد» قال: فقد اشتركا في العامل من حيث المعنى لا لفظا إذ لم يلفظ بالعامل، ومثال المشاركة
في ما ناب عن العامل لا في العامل قولهم «مرحبا» و «أهلا» (4) فقد اتصل بقوله «مرحبا» قوله «وأهلا» وعلى تقدير سيبويه لم يشتركا في العامل لكنهما اشتركا في ما ناب عن العامل إذ قدّر سيبويه «مرحبا» بقوله: رحبت بلادك فـ «مرحبا» ناب عن «رحبت» وقدّر سيبويه «وأهلا» بقوله: وأهلّت، فالناصب لقوله «وأهلا» هو قوله: وأهلّت [إذ] أناب «أهلا» عنه فقد اشترك «مرحبا» و «أهلا» في ما ناب عن العامل، وليس اشتراكهما أنّ الناصب لهما واحد، إنما معنى الاشتراك، أن كلّا منهما انتصب بالعامل الذي ناب عنه فانتصاب «مرحبا» بـ «رحبت» وانتصاب «أهلا» بـ «أهلّت» انتهى كلام الشيخ وفيه أمور:
منها: ما ذكرناه قبل من أنه جعل الإشارة بهذه في كلام المصنف إلى الثواني من الأمثلة المذكورة، أعني المعطوفات، ولا شك في أن ذلك فاسد وقد تقدم التنبيه عليه.
ومنها: تمثيله لما استلزم عامله عامل ما قبله بقولهم: كلّ شيء ولا شتيمة حرّ ذاهبا إلى أن الأمر بإتيان كلّ شيء يستلزم الأمر بإتيان شتيمة حرّ، وأنه خرج بالنهي عن شتيمته قال (5):«فقد استلزم الأمر النّهي عن شتيمة حرّ» ولا يخفي أنّ الأمر ليس كذلك فإن العامل المقدّر الذي هو: ترتكب لم يستفد النهي عنه إلّا من كلمة -
(1) انظر الكتاب (1/ 274).
(2)
هذا مثل يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة يعني لا ضرر عليك فخلهم.
ونصب «الكلاب» على معنى أرسل الكلاب. انظر مجمع الأمثال (3/ 22).
(3)
انظر الكتاب (1/ 295).
(4)
انظر المرجع السابق.
(5)
التذييل والتكميل (خ) 4 ورقة (245 / ب) وانظر الصفحة السابقة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«لا» [الدالة] على النهي لا من الأمر بإتيان كلّ شيء.
ومنها: تمثيله لما تضّمن معناه وضعا بقولهم: «امرأ ونفسه» ذاهبا إلى أنه قد اتصل بقوله «امرأ» قوله «ونفسه» قال: «وامرؤ يتضمّن النّفس إلى آخر كلامه» فإنه كلام عجيب لأن كلام المصنف إنما هو في العامل؛ إذ مراده أن العامل في المعطوف عليه يتضمّن معنى العامل [في المعطوف] وضعا، [وامرأ] معمول لا عامل، وكأن الشيخ جعل الضميرين في «يتضمن» وفي «معناه» راجعين إلى الاسمين المعطوف أحدهما على الآخر، حيث جعل الاسم الأول متضمنا معنى الاسم الثاني، وهذا في غاية الفساد؛ لأن الكلام إنما هو في العامل، ودليله أن الذي ذكره
المصنف أربع مسائل: فالأولى والثالثة قد صرح فيهما بذكر العامل، والرابعة ذكر فيها ما ناب عن العامل، فتعيّن أن تكون الثانية مرادا بها ما أريد بأخواتها، ثم إن كون الاسم الأول يتضمّن الاسم الثاني لا أثر له في ما الكلام الآن فيه.
ومنها: تمثيله لما هو في المعنى مشارك لما قبله في العامل بقولهم: «الكلاب على البقر» قائلا: إنّ الناصب للكلاب هو الذي يتعلّق به الجار والمجرور الذي هو «على البقر» ، وما قاله لا يظهر؛ لأن «على البقر» من مطلوب «أرسل» الناصب لـ «الكلاب» (1) لا يتم المقصود من المعنى المراد إلّا به، ولا يقال في مثل هذا: إنه مشارك لما قبله في العامل، بل يقال: إنه من تتمّة ما يطلبه العامل.
وأما قوله بعد ذلك: وكذا إن تأتني فأهل اللّيل وأهل النّهار
…
إلى آخر كلامه، وقوله «فقد اشتركا في العامل من حيث المعنى لا لفظا إذ لم يلفظ بالعامل» ففي غاية البعد بل هو فاسد؛ لأن العامل المقدّر في حكم الملفوظ، وإذا كان كذلك فالمعمولان مشتركان فيه لفظا، ثم إن «وأهل النّهار» إنما هو معطوف على «أهل اللّيل» [5/ 2] فهو معمول للعامل في المعطوف عليه، وإذا كان العامل واحدا فهو مشارك في اللفظ لما قبله في عامله فكيف يمثل به لما هو مشارك في المعنى؟ لأن مفهوم قولنا: مشارك في المعنى أنه لا مشاركة له في اللفظ، والغرض أن الثاني في المثال المذكور مشارك للأول في العامل مشاركة لفظية. -
(1) انظر مجمع الأمثال (3/ 22)، والهمع (1/ 168).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما تمثيله للمشارك ما قبله في ما ناب عن العامل لا في العامل بقولهم «مرحبا وأهلا» ذاهبا إلى ما قرّره في كتابه (1) فلم أتحققه، ولا شك أنّ قدر الشيخ أجلّ من أن يحمل كلام المصنف على ما حمله عليه، على أنه رحمه الله تعالى في آخر كلامه قال:«وكلام المصنف هنا قلق غريب لا يكاد يفهم ولا تحته طائل، فإن كان أراد ما شرحناه به، فذلك هو المقصود وإن كان غير ما شرحناه فيحتاج إلى كشف ينبيء عنه» .
وهذا من الشيخ دليل على أنه لم يقل ما قاله في شرح هذا الموضع عن يقين منه.
وبعد فقد يمكن أن يمثّل لما يستلزم عامله عامل ما قبله بقوله تعالى: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (2)، فإن النهي عما لا يليق يستفاد منه أن الناهي يأمر المنهيّ بخير، ويكون المصنف [قد] عبّر عن الاستفادة بالاستلزام.
وأن يمثّل لما يتضمّن معناه بقول العرب: «حسبك خيرا لك» (3) لأن تقديره:
حسبك الذي فعلت وائت خيرا، ومعنى حسبك: كفّ، فحسبك يتضمّن معنى العامل في خير وهو «ائت» لأن معناه
كفّ كما قلنا، والكفّ هو الانتهاء، وقد قلنا: إن النهي عن شيء يلزم منه أي يستفاد الأمر بخير، وإنّما خالف بين العبارتين فعبّر في المسألة الأولى بقوله:«يستلزم» وفي الثانية بقوله: «يتضمّن» لأن الأمر بخير في المسألة الأولى يستفاد من «انتهوا» وفي المسألة الثانية يستفاد من «كفّ» لكنه لم يذكر وإنما ذكر «حسبك» فلم يكن الأمر بخير مستفادا من «حسبك» إنّما «حسبك» يتضمن معنى «كفّ» و «كفّ» هو المستفاد منه ذلك.
وأن يمثّل لما هو في المعنى مشارك لما قبله في عامله بقولهم «وراءك أوسع لك» (4)، فإن «وراءك» بمعنى: تأخّر و «أوسع» منصوب بفعل مضمر تقديره: -
(1) يقصد التذييل والتكميل انظر 4 ورقة (245 / ب).
(2)
سورة النساء: 171، قال سيبويه في الكتاب (1/ 282):«ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ ووراءك أوسع لك، و «حسبك على خيرا لك» إذا كنت تأمر».
(3)
من أمثلة سيبويه انظر الكتاب (1/ 282).
(4)
هذا مثل أي: تأخر تجد مكانا أوسع لك ويقال في ضده: أمامك أي: تقدّم، انظر مجمع الأمثال (3/ 439)، وهو من أمثلة الكتاب (1/ 282).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وخذ، أو ائت مكانا أوسع لك (1)، فكأن «أوسع» في المعنى مشارك لما قبله في عامله لأن الآمر إنما أمره بالتّأخّر حذرا عليه من المتقدم، وتحذيره من الضيق إنما هو للضيق بدليل أمره بإتيان ما هو أوسع له، ولا شكّ أن الأمر بتجنّب الضيق يستفاد منه قصد طلب السّعة، على أن هذا الذي قلته لم أقله جازما به بل يبعد عندي أن يكون مراد المصنف، ولم يتحقق لي وجه مرضيّ في قوله:«في عامله» إن جملنا كلامه على أن المراد به المثال الذي قلناه وهو: «وراءك أوسع لك» ، والظاهر أن مراد المصنف بما قاله غير المثال المذكور والله تعالى يعلم ما نخفي وما نعلن.
وأما قوله: «أو في ما ناب عنه» فمعرفة المراد منه موقوفة على معرفة المراد بالمذكور قبله على الحقيقة.
وأما قوله: «ولا يمتنع الإظهار إن لم يكثر الاستعمال» فقال الشيخ فيه (2):
لا يمكن عود هذا الكلام إلى المنصوبات التي تقدّم ذكرها في هذا الفصل؛ لأنه قد نصّ على التزام إضمار الناصب فيها، وأيضا فكلّها كثر استعمالها. ثم قال:
ومثال ما لم يكثر استعماله فجاز إضمار العامل فيه وإظهاره قولهم (3): ائته أمرا قاصدا. انتهى.
والمصنف قد ذكر هذا المثال في الباب الذي تقدمت الإشارة إليه - أعني باب «تعدّي الفعل ولزومه» فقال (4) عند
ذكر الاقتصار على المفعول: فإن كان الذي اقتصر فيه على المفعول مثلا أو جاريا مجرى المثل في كثرة الاستعمال امتنع الإظهار ولزم الاقتصار، فالمثل كقولهم:«كلّ شيء ولا شتيمة حرّ» (5) و «هذا ولا زعماتك» (6) و «كليهما وتمرا» (7)، والجاري مجرى المثل قولهم: -
(1) قال سيبويه في الكتاب (1/ 283)«وإنما نصبت خيرا لك وأوسع لك لأنك حين قلت: «انته» فأنت تريد أن تخرجه من أمر وتدخله في آخر، وقال الخليل: كأنك تحمله على ذلك المعنى» وانظر ابن يعيش (2/ 28).
(2)
التذييل والتكميل (خ) 4 ورقة (246 / أ).
(3)
في الكتاب (1/ 284): «ائته يا فلان أمرا قاصدا» .
(4)
انظر شرح التسهيل لابن مالك (ح) ورقة 91 وقد تصرف المؤلف في نقله.
(5)
انظر الكتاب (1/ 281).
(6)
من أمثلة الكتاب (1/ 280).
(7)
انظر الكتاب (1/ 280).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«حسبك خيرا لك» (1) و «وراءك أوسع لك» (2) وقوله تعالى: فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ (3) وانْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (4) قال سيبويه (5): وحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه في الكلام ولعلم المخاطب أنه محمول على أمر حين قال: ائته فصار بدلا من قوله: ائت خيرا، قال: ونظير ذلك من الكلام قولهم: ائته أمرا قاصدا كأنه قال: ائته وائت أمرا قاصدا إلا أن هذا يجوز لك فيه إظهار الفعل» يعني أن قول من قال: ائته أمرا قاصدا ليس مثل: ائته خيرا لك في كثرة الاستعمال فيلزم إضمار الفعل فيه كما لزم إضمار الفعل في ذلك، وقد غفل الزمخشريّ عن كلام سيبويه فجعل (6) انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ و «انته أمرا قاصدا» «سواء» انتهى، وتبع الزمخشريّ في ذلك الجزوليّ، قال الأستاذ أبو علي مشيرا إلى الجزوليّ:
ذكر هذه اللفظة في جملة ما انتصب على إضمار فعل لا يظهر، غلط منه تقدّمه إليه الزمخشريّ، وأظنّه الذي غلّط أبا موسى، لا أعرف من غلط فيه غيرهما، وليس كما قالاه، والذي غلّطهما أن سيبويه ذكر (7) هذه اللفظة في هذا الباب ليمثل بها في وجه آخر غير التزام الإضمار لا في التزام الإضمار.
وأما قوله - أعني المصنف: «وربّما قيل: كلاهما وتمرا إلى آخره» فواضح (8)، واستفيد من قوله «وربّما» أن الرفع قليل في ما ذكره، قال الشيخ (9):
«وقد جاء في بعض المنصوبات المذكورة في هذا الفصل الرفع (10) في غير هذه -
(1) انظر الكتاب (1/ 282).
(2)
هذا مثل وليس جاريا مجرى المثل. انظر مجمع الأمثال (3/ 439).
(3)
سورة النساء: 170.
(4)
سورة النساء: 171.
(5)
الكتاب (1/ 283، 284).
(6)
انظر المفصل (ص 49).
(7)
انظر الكتاب (1/ 284).
(8)
قال سيبويه في الكتاب (1/ 281): «ومن العرب من يقول: كلاهما وتمرا، كأنه قال: كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا» . وقال الفراء: «وكلاهما منصوب على لغة من يجعل كلا بالألف في كل حال» انظر المساعد (خ) ورقة (220 / ب).
(9)
التذييل (خ) ورقة (246 / ب) وقد نقله المؤلف بتصرف.
(10)
قال سيبويه في الكتاب (1/ 295): «ومنهم من يرفع فيجعل ما يضمره هو ما أظهر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المسائل الثلاث، فمنه قولهم: الكلاب على البقر (1)، وكذلك: ديار سلمى (2)، وكذلك: مرحبا يقولون: مرحب وقالوا: أهل ومرحب، قال الشاعر (3):
3562 -
إذا جئت بوّابا له قال: مرحبا
…
ألا مرحب واديك غير مضيق (4)
كأنه قال: ألا هذا مرحب أو لك مرحب (5)، فهو إما خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ لخبر محذوف (6) وأنشد سيبويه (7):
3563 -
وبالسّهب ميمون النّقيبة قوله
…
لملتمس المعروف أهل ومرحب (8)
-
(1) هذا مثل قد سبق ذكره. وقال سيبويه في الكتاب (1/ 273): ومن العرب من يرفع فيقول:
غضب الخيل على اللّجم، فرفعه كما رفع بعضهم. الظباء على البقر.
(2)
قال سيبويه في الكتاب (1/ 281): «ومن العرب من يرفع الديار كأنه يقول تلك ديار فلانة» .
(3)
هو أبو الأسود كما في الكتاب (1/ 296).
(4)
البيت من الطويل وهو في ديوان أبي الأسود (ص 65).
الشرح: «المضيق» مكان الضيق وصدره في الديوان:
ولمّا رآني مقبلا قال مرحبا
وقبل البيت:
جزى الله ربّ الناس خير جزائه
…
أبا ماعز من عامل وصديق
قضى حاجتي بالحق ثم أجازها
…
بصدق وبعض القوم غير صديق
والمعنى: يذكر أبا ماعز وهو عامل كان لعبيد الله بن زياد على جند نيسابور، وكان صديقا لأبي الأسود فقصده فأكرمه وألطفه وأحسن جائزته.
الشاهد فيه: على رفع «مرحب» واديك مبتدأ وخبره: مرحب، وغير مضيق: وصف لمرحب وهو كقولك: ألا واسع واديك، ومن روي: ألا مرحبا نصبه بإضمار فعل وجعل واديك مبتدأ وغير مضيق خبره، راجع ابن السيرافي (1/ 72: 73) والأعلم (1/ 149)، والهمع (1/ 169) وهو بكامله في الدرر (1/ 145).
(5)
انظر الكتاب (1/ 296) والهمع (1/ 169).
(6)
انظر ابن يعيش (2/ 29) والهمع (1/ 169).
(7)
الكتاب (1/ 296).
(8)
هذا البيت من الطويل وقائله كما في الكتاب (1/ 295) طفيل الغنوي وهو في ديوانه (ص 19).
الشرح: «السّهب» سبخة بين الحمتين والمضياعة تبيض بها النعام، و «الميمون»: المبارك، والنقيبة:
الطبيعة، والمعنى: يرثى رجلا دفن بالسّهب، ويروي: ميمون الخليقة.
والشاهد: رفع «أهل» و «مرحب» بتقدير مبتدأ، أي: هذا أهل ومرحب، انظر ابن يعيش (2/ 29)، والهمع (1/ 169) والدرر (1/ 145).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انتهى.
وإذا كان المرفوع من هذه الكلمات [5/ 3] يجب معه حذف الجزء الآخر مبتدأ كان ذلك الجزء أو خبرا كما كان يجب حذف الناصب تعيّن أن يكون أهل في البيت المذكور خبرا لمبتدأ محذوف أو مبتدأ لخبر محذوف كما قيل في:
3564 -
ألا مرحب واديك غير مضيق
و «مرحب» معطوف على «أهل» ولا يقال إن «أهل» خبر «لقوله» المتقدم، بل الجملة بتمامها هي الخبر عن «قوله» .
* * *