المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٧

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والأربعون باب الإضافة

- ‌[تعريفها - أثرها]

- ‌[الأثر المعنوي للإضافة ومواقعه]

- ‌[تقدم معمول المضاف إليه على المضاف وما يكتسبه الاسم بالإضافة]

- ‌[ما لازم الإضافة لفظا ومعنى وأحكامه]

- ‌[ما لازم الإضافة معنى فقط وأحكامه]

- ‌[من أحكام ما لازم الإضافة]

- ‌[من أحكام إضافة أسماء الزمان المبهمة]

- ‌[حذف أحد المتضايفات، والجر بالمضاف المحذوف]

- ‌[الفصل بين المتضايفين، وأحكامه]

- ‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

- ‌الباب الثاني والأربعون باب التّابع

- ‌[تعريفه، وأقسامه]

- ‌[فصل التابع من المتبوع وتقدم معموله عليه]

- ‌الباب الثالث والأربعون باب التّوكيد

- ‌[أقسامه، وذكر أحكام التوكيد بالنفس والعين]

- ‌[من أغراض التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام بعض ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام التوكيد المعنوي]

- ‌[من أحكام ألفاظ التوكيد المعنوي]

- ‌[التوكيد اللفظي: حقيقته، وبعض أحكامه]

- ‌[توكيد الضمير المتصل مرفوعا أو منصوبا]

- ‌الباب الرابع والأربعون باب النّعت

- ‌[تعريفه - وأغراضه]

- ‌[إتباع النعت منعوته وغيره]

- ‌[ذكر ما ينعت به، وأحكام الجملة الواقعة نعتا]

- ‌[بعض أحكام النعت المفرد]

- ‌[تفريق النعت وجمعه وإتباعه وقطعه]

- ‌[من أحكام النعت]

- ‌[أقسام الأسماء من حيث ما ينعت به وينعت]

- ‌[الاستغناء عن المنعوت، وعن النعت]

- ‌الباب الخامس والأربعون باب عطف البيان

- ‌[تعريفه، أغراضه، موافقته ومخالفته متبوعه]

- ‌[جواز جعل عطف البيان بدلا وعدمه]

- ‌الباب السادس والأربعون باب البدل

- ‌[تعريفه، موافقته ومخالفته المتبوع، الإبدال من المضمر والظاهر]

- ‌[أقسام البدل وما يختص به كل قسم]

- ‌[من أحكام البدل وحكم اجتماع التوابع]

- ‌الباب السابع والأربعون باب المعطوف عطف النّسق

- ‌[تعريفه، وذكر حروفه]

- ‌[معاني حروف العطف: الواو - الفاء - ثم - حتى - أم - أو - بل - لا]

- ‌[حديث خاص بالواو]

- ‌[حديث خاص بثم والفاء]

- ‌[حديث خاص بحتى وأم وأو]

- ‌[«إما» العاطفة معانيها، وأحكامها]

- ‌[من حروف العطف: بل، لكن، لا]

- ‌[ما لا يشترط وما يشترط في صحة العطف]

- ‌[العطف على الضمير المتصل، والعطف على عاملين]

- ‌[من أحكام الواو، والفاء، وأم، وأو

- ‌[عطف الفعل على الاسم والماضي على المضارع، وعكسه]

- ‌[الفصل بين العاطف والمعطوف]

- ‌الباب الثامن والأربعون باب النّداء

- ‌[بعض أحكامه من جر وحذف الحرف]

- ‌[بناء المنادى وإعرابه]

- ‌[أحكام المنقوص والمضموم المنون اضطرارا في النداء]

- ‌[من أحكام أسلوب النداء (لا ينادى ما فيه أل)]

- ‌[تابع المنادى وأحكامه]

- ‌[الضمير مع تابع المنادى]

- ‌[أحكام المنادى المضاف إلى ياء المتكلم]

- ‌[المنادى غير المصرح باسمه]

- ‌الباب التاسع والأربعون باب الاستغاثة والتعجّب الشبيه بها

- ‌[تعريف الاستغاثة وأحكامها]

- ‌الباب الخمسون باب النّدبة

- ‌[تعريف المندوب - مساواته للمنادى في أحكامه]

- ‌[من أحكام المندوب]

- ‌[من أحكام ألف الندبة]

- ‌[أحكام أخرى لألف الندبة]

- ‌الباب الحادي والخمسون باب أسماء لازمت النداء

- ‌[ذكرها وما يتعلّق بها من أحكام]

- ‌الباب الثاني والخمسون باب ترخيم المنادى

- ‌[ما يرخم، وما لا يرخم]

- ‌تقدير ثبوت المحذوف للترخيم

- ‌[أحكام آخر المرخم]

- ‌الباب الثالث والخمسون باب الاختصاص

- ‌[دواعيه وأحكامه]

- ‌الباب الرابع والخمسون باب التّحذير والإغراء وما ألحق بهما

- ‌[ما ينصب على ذلك - إظهار العامل وإضماره]

- ‌[ما يلحق بالتحذير والإغراء]

- ‌[مسائل وأمثلة أخرى في إضمار العامل]

الفصل: ‌[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

[الإضافة إلى ياء المتكلم وأحكامها]

قال ابن مالك: (فصل: الأصحّ بقاء إعراب المعرب إذا أضيف إلى ياء المتكلّم ظاهرا في المثنّى مطلقا، وفي المجموع على حدّه غير مرفوع، وفيما سواهما مجرورا، ومقدّرا فيما سوى ذلك، ويكسر متلوّها إن لم يكن حرف لين يلي حركة، وتفتح الياء أو تسكّن، وإن نودي المضاف إليها إضافة تخصيص جاز أيضا حذفها وقلبها ألفا، والاستغناء عنها بالفتحة، وربّما وردت الثّلاثة دون نداء، وقد يضمّ فيه ما قبل الياء المحذوفة وتنوى الإضافة، ويفتح في الحالين بعد حرف اللّين التّالي حركة، ويدغم فيها إن كان ياء أو واوا، وإن كان ألفا لغير تثنية جاز في لغة هذيل القلب والإدغام، وربّما كسرت مدغما فيها أو بعد ألف ويجوز في «أبي وأخي»: «أبيّ وأخيّ» وفاقا لأبي العبّاس، وحذف ميم الفم مضافا أكثر من ثبوته، و «فيّ» مع حذف الميم واجب).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): من المضاف إلى ياء المتكلم ما كان مبنيّا قبل الإضافة كـ «لدن» و «أحد عشر» وما كان معربا قبلها - وهو الكثير - فما كان مبنيّا لا يزال مبنيّا، وما كان معربا يعرض له تقدير الإعراب بعد أن كان ظاهرا ما لم يكن مثنى؛ فيظهر إعرابه في الأحوال الثلاثة، وكذا المجموع على حد التثنية في حالي الجر والنصب، وأما في حال الرفع فيقدر إعرابه كقول الشاعر:

3083 -

أودى بنيّ وأودعوني حسرة

عند الرّقاد وعبرة لا تقلع (2)

وزعم الجرجاني (3)، ووافقه ابن الخشاب (4)، والمطرزي (5)، وهو الظاهر من -

(1) شرح التسهيل (3/ 279).

(2)

من الكامل لأبي ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين (1/ 2) وفيه: «غصة» بدل «حسرة» و «بعد» بدل «عند» ، والأشموني (2/ 281)، والتصريح (2/ 61)، والعيني (3/ 498).

(3)

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني واضع أصول البلاغة، له الجمل في النحو، والتتمة، والمغني في شرح الإيضاح، والمقتصد مختصر المغني، وله في البلاغة: الدلائل، والأسرار، وغير ذلك (ت: 471 هـ) سبقت ترجمته.

(4)

عبد الله بن أحمد بن الخشاب البغدادي له المرتجل في شرح الجمل (ت: 567 هـ). الأعلام (4/ 191)، والإنباه (2/ 99) وانظر رأيه هذا في

شرحه على الجمل (362).

(5)

أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم الخوارزمي، تتلمذ على ضياء الدين المكي تلميذ الزمخشري. له -

ص: 3267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قول الزمخشري (1): إن المضاف إلى ياء المتكلم مبني. وفي كلام ابن السراج احتمال (2)، وسأبين مراده إن شاء الله تعالى.

والصحيح أن المكسور الآخر للإضافة معرب تقديرا في الرفع والنصب؛ لأن حرف الإعراب منه في الحالين قد شغل بالكسرة المجلوبة توطئة للياء، فتعذر اللفظ بغيرها؛ فيحكم بالتقدير كما فعل في المقصور. وأما حال الجر فالإعراب ظاهر للاستغناء عن التقدير، هذا عندي هو الصحيح، ومن قدر كسرة أخرى فقد ارتكب تكلفا لا مزيد عليه ولا حاجة إليه. ولم أوافق الجرجاني في بناء المضاف إلى الياء وإن كان في تقدير إعرابه تكلف يخالف الظاهر؛ لأن لبناء الأسماء أسبابا كلها منتفية منه فيلزم من الحكم ببنائه مخالفة النظائر، فلذلك أتبعته ردّا ولم أر من خلافه بدّا.

فإن زعم أن سبب بنائه إضافته إلى غير متمكن رد ذلك بثلاثة أمور:

أحدها: استلزامه بناء المضاف إلى سائر المضمرات، بل إلى سائر الأسماء التي لا تمكن لها وذلك باطل وما استلزم باطلا فهو باطل.

الثاني: أن ذلك يستلزم بناء المثنى المضاف إلى ياء المتكلم، وبناؤه باطل، وما استلزم باطلا فهو باطل.

الثالث: أن المضاف إلى غير متمكن لا يبنى لمجرد الإضافة؛ بل للإضافة مع كونه قبلها مناسبا للحرف في الإبهام والجمود كـ «غير» ، والمضاف إلى ياء المتكلم لا يشترط ذلك في كسر آخره؛ فدل ذلك على أنه غير مستحق للبناء. وقد ينتصر للجرجاني بأن يقال: لا أسلم انحصار ما يوجب بناء الأسماء في مناسبة الحرف بل يضاف إليها كون آخر الكلمة لا يتأتى فيه تأثر بعامل في تصغير وتكبير وتكسير وتأنيث وتذكير؛ فلزم من ذلك بناء المضاف المذكور وثبوت الفرق بينه وبين المقصور، فإن إعرابه يظهر في تصغيره كـ «فتيّ» وفي تكسيره كـ «فتية» وفي تأنيثه كـ «فتاة» والمضاف إلى ياء المتكلم لا يظهر له إعراب في الأحوال الخمسة. فمن ادعى فيه إعرابا مقدرا فقد ادعى ما لا دليل عليه بخلاف المقصور فإن ظهور إعرابه -

- المصباح، والمقدمة (ت: 610 هـ). إشارة التعيين لوحة (56)، والأعلام (8/ 289)، وانظر في رأي هؤلاء: التذييل (7/ 272).

(1)

المفصل بشرح ابن يعيش (3/ 31) وما بعدها.

(2)

الأصول (2/ 5)، (8).

ص: 3268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في الأحوال الثلاثة يدل على صحة تقديره في غيرها. وقد ينتصر له أيضا بأن يقال:

لا أسلم خلو المضاف إلى ياء المتكلم من مناسبة الحرف؛ لأنه شبيه بالذي في أن آخره ياء كالذي في كونها بعد كسرة لازمة وصالحة للحذف وغير حرف إعراب وفي أنه يتغير في التثنية تغيرا متيقنا وفي الجمع تغيرا محتملا والذي مناسب للحرف، ومناسب المناسب مناسب؛ فاستحقاق بناء المضاف إلى الياء بمناسبة الذي شبيه باستحقاق بناء «رقاش» بمناسبة «نزال» .

وهذا التوجيه والذي قبله من المعاني التي انفردت بالعثور عليها دون سبق إليها.

وقولي: (ويكسر متلوها) أي: متلو الياء كقولك في «قلم» : قلمي، وتجري هذه الكسرة مجرى كسرة الإعراب في أنها تظهر في الحرف الصحيح كظهورها في ميم «قلم» وفي حرف العلة الجاري مجرى الصحيح كـ «ظبي» و «صبي» و «دلوي» و «فلوي». وتقدر في الحرف المعتل الذي لا يجري مجرى الصحيح ويتبعها ما قبلها كما يتبع ما قبل كسرة الإعراب فتقول: هذا ابنمي؛ بكسر النون كما تقول في الجر: مررت بابنم، ومن اتبع في الفم فقال: نظرت إلى فمه قال هنا: نظر إلى فمي، وتقول فيما آخره حرف علة بعد حركة: هذا داعيّ ومولاي، ويا ابنيّ ويا بني، ورأيت مصطفيّ، وجاء بنيّ ومصطفيّ [4/ 100] والأصل: جاء بنوي ومصطفوي؛ ففعل بهما من القلب والإدغام ما فعل بجمع الوي ومصدر «طويت» حين قيل فيهما: لي وطيّ بالقلب والإدغام.

وفي تحويل «بنوي» إلى «بنيّ» زيادة تبديل ضمة النون كسرة فأشبه شيء به «مرميّ» في أن أصله: «مرموي» فأبدلت الضمة كسرة والواو ياء وأدغمت، وكذا فعل بـ «بنوي» حين قيل فيه:«بنيّ» ومن قال: «غير ماضي» فأجرى المنقوص مجرى الصحيح في ظهور كسرة الإعراب لا يقول: «هذا ماضي» ؛ لأن كسرة الإعراب عارضة متعرضة لأن تخلفها الفتحة والضمة، وهذه الكسرة لازمة لا تخلفها مع الإضافة إلى الياء وغيرها فكانت أثقل؛ ولذلك لم تظهر في اختيار ولا اضطرار، بخلاف كسرة «ماضي» ونحوه، وقد دخل في حرف اللين الذي يلي حركة علامتا التثنية نحو: جاء غلاماي، وعلامتا الجمع نحو: جاء مكرميّ ومصطفيّ. ثم قلت:

(وتفتح الياء أو تسكن) فعلم من الإطلاق جواز الأمرين في نداء وغيره. -

ص: 3269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم قلت: (وإن نودي المضاف إليها إضافة تخصيص جاز أيضا حذفها وقلبها ألفا والاستغناء عنها بالفتحة). فعلم بهذا أن في الياء التي يضاف إليها غير المنادى وجهين وهما مشهوران، وفي التي يضاف إليها المنادى

خمسة أوجه؛ فيقال في غير النداء: جاء غلامي وغلامي، ويقال في النداء: يا غلامي ويا غلامي ويا غلام ويا غلاما ويا غلام بحذف الألف مع خفتها؛ لأنها بدل من الياء فجرت مجراها في الاستغناء عنها بحركة.

ثم قلت: (وربما وردت الثلاثة في غير نداء) فأشرت إلى نحو قوله تعالى:

فَبَشِّرْ عِبادِ 17 الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (1) بحذف الياء خطّا ووقفا، وإلى نحو قول الشاعر:

3084 -

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي

إلى أمّا ويرويني النّقيع (2)

وإلى نحو قول الآخر:

3085 -

فليس براجع ما فات منّي

بلهف ولا بليت ولا لو انّي (3)

أراد أن يقول: لهفا، والأصل: لهفي؛ فأبدل الياء ألفا دون نداء، ثم حذفها واستغنى بالفتحة؛ كما حذفت الياء واستغني بالكسرة. وقيدت الإضافة بأن تكون إضافة تخصيص؛ احترازا من نحو: يا مكرمي، وأنت تريد الحال أو الاستقبال؛ فإن إضافته إضافة تخفيف والياء في نية الاتصال كما تكون في نية الانفصال إذا قلت: يا مكرم زيد الآن أو غدا، وإذا كانت في نية الانفصال لم تمازج ما اتصلت به فتشبه بياء قاض فتشاركها في جواز الحذف.

والحاصل: أن ياء المتكلم المضاف إليها منادى هو اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال لا تحذف ولا تقلب ألفا، وإذا لم تقلب ألفا فلا يفتح ما قبلها. فليس لها حظ في غير الفتح والسكون، وقد يستغنى بنية إضافة المنادى إلى الياء فيجيء كأنه غير مضاف كما يفعل ذلك في غير النداء، أعني كون الاسم مضافا في المعنى مفردا في اللفظ. -

(1) سورة الزمر: 17، 18.

(2)

من الوافر لنقيع بن جرموز الجاهلي. الأشموني (2/ 282)، والدرر (2/ 69)، والنوادر (19)، والهمع (2/ 53) ويروي:«بيت» موضع «أما» .

(3)

من الوافر. التصريح (2/ 177)، والخصائص (3/ 135)، والشجري (2/ 74)، والمحتسب (1/ 277). هذا، وفي الأصل: ولا بلهف، وزيادة:«ولا» هنا حشو مخل.

ص: 3270

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن ورود المنادى المضاف إلى الياء مكتفيا بالنية قراءة بعض القراء: (ربّ السجن أحبّ إليّ)(1)، وأصله: يا رب بكسر الباء؛ ولذلك حسن حذف حرف النداء؛ لأنه لو حذف حرف النداء والإضافة غير منوية لكان مثل قولهم: افتد مخنوق (2)، وهو قليل بخلاف الاستغناء بنية الإضافة عن المضاف إليه؛ فإنه كثير، والحمل على ما كثرت نظائره أولى من الحمل على ما قلت نظائره، وأيضا لو كان غير منوي الإضافة لكان في الأصل صفة لـ «أي» كما

أن «مخنوق» في الأصل صفة لـ «أي» وأسماء الله تعالى لا يوصف بها «أي» فيتعين كون الأصل:

يا رب. وقولي: (ويفتح في الحالين بعد حرف اللين التالي حركة ويدغم فيها إن كان ياء أو واوا) نبهت به على أنه يقال في «القاضي، واثنين، وابنين، ومصطفين، وبنين، وعشرين» : قاضيّ واثنيّ وابنيّ ومصطفيّ وبنيّ وعشريّ.

وكذا: «بنون وعشرون ومصطفون» ؛ لأنه تلتقي فيهن الياء والواو فتقلب الواو ياء ويفعل بها من الإدغام وفتح الياء ما فعل مع الياءين اللتين لم تكن إحداهما واوا.

وقصدت بـ (الحالين) حال النداء وحال غير النداء. وسكت عن التالية ألفا عند ذكر الإدغام فعلم أن حكمها التخفيف والفتح مطلقا نحو: غلاماي، وفتاي.

ثم نبهت على أن هذيلا يقلبون ألف المقصور ياء، ويدغمون ومنه قراءة الحسن:

(يا بشريّ هذا غلام)(3)، وقول الشاعر:

3086 -

سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع (4)

وفي دعاء بعض العرب: يا سيديّ وموليّ. وقولي: (وربما كسرت مدغما فيها أو بعد ألف) أشرت به إلى قراءة حمزة (5): وما أنتم بمصرخي (6) -

(1) ينظر: الإتحاف (264)، والبحر المحيط، (5/ 306، 307).

(2)

ينظر: مجمع الأمثال (2/ 78)، والمستقصى (1/ 265).

(3)

انظر البحر المحيط (5/ 290)، وحجة ابن خالوية (194)، والهمع (2/ 53).

(4)

من الكامل لأبي ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين (1/ 3)، والتصريح (2/ 61)، وشرح المفصل (3/ 33)، والمحتسب (1/ 76)، والهمع (2/ 53).

(5)

ابن حبيب التميمي الكوفي أحد القراء السبعة، عنه أخذ الكسائي (ت: 156 هـ). ميزان الاعتدال (1/ 284)، ووفيات الأعيان (1/ 167).

(6)

سورة إبراهيم: 22، وانظر: الإتحاف (272)، وحجة ابن زنجلة (377، 378) والنشر (1/ 298).

ص: 3271

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(بالكسر)(1)، وإلى قول بعض العرب (في) (2) عصاي: عصاي، وقرأ بها الحسن وأبو عمرو في شاذه، وهي لغة قليلة أقل من كسر المدغم فيها (3).

وممن روى كسر المدغم فيها أبو عمرو بن العلاء (4)، والفراء (5)، وقطرب (6)، ومن شواهدها قول الراجز:

3087 -

قال لها هل لك يا تافيّ

قالت له ما أنت بالمرضيّ (7)

ومنها قول الشاعر:

3088 -

عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة

لوالده ليست بذات عقارب (8)

كذا روي بكسر الياء من عليّ واللغة الجيدة أن يقال في إضافة «أب وأخ» مضافين إلى الياء: أبي وأخي من غير رد اللام كما جاء في القرآن العزيز، ويجوز عند أبي العباس أن يقال أبيّ وأخيّ برد اللام وإدغامها في ياء المتكلم (9)، والذي رآه مسموع في «الأب» مقيس في «الأخ» ومن شواهد «أبيّ» قول الراجز:

3089 -

كأنّ أبيّ كرما وسودا

يلقي على ذي اللّبد الجديدا (10)

والاستشهاد [4/ 101] هذا أقوى من الاستشهاد بقول الآخر:

3090 -

[قدر أحلّك ذا المجاز وقد أرى]

وأبيّ مالك ذو المجاز بدار (11)

-

(1) من (أ) وشرح التسهيل لابن مالك.

(2)

من هامش المخطوط.

(3)

ينظر: الأشموني (2/ 283)، والتصريح (2/ 60).

(4)

الأشموني (2/ 283)، والتصريح (2/ 60).

(5)

معاني القرآن (2/ 76).

(6)

محمد بن المستنير أبو علي البصري، أخذ عن سيبويه الذي سماه بذلك؛ لأنه كان يراه بالأسحار على بابه (ت: 206 هـ). الأعلام (7/ 315)، والإنباه (3/ 219)، وانظر: الأشموني (2/ 283)، والتصريح (2/ 60)، والمحتسب (2/ 49)، ومعاني الفراء (2/ 76).

(7)

للأغلب العجلي. الخزانة (2/ 257)، والدرر (2/ 69)، وشرح العمدة (254).

(8)

من الطويل للنابغة الذبياني. ديوانه (3)، والشجري (2/ 180)، والهمع (2/ 53).

(9)

المقتضب (4/ 249، 273).

(10)

انظره في: الدرر (2/ 70)، والكافية الشافية (2/ 1010)، والهمع (2/ 54).

(11)

من الكامل لمؤرج السلمي. الخزانة (2/ 272)، والشجري (2/ 37)، والمغني (520).

ص: 3272

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لاحتمال أن يريد قائل هذا الجمع، والذي قبله يتعين فيه الإفراد بـ «يلقي» إذ لو قصد قائله الجمع لقال: يلقون، ولم

أجد شاهدا على «أخي» لكن أجيزه قياسا على «أبي» كما فعل أبو العباس المبرد. وإذا أضيف «الفم» إلى ظاهر أو ضمير جاز أن يضاف بالميم ثابتة فيقال: كلمته من فمي إلى فمه، وجاز أن يضاف عاريا من الميم فيقال: كلمته من في إلى فيه، والأصل: فيّ؛ بياءين: أولاهما عين الكلمة، والثانية ياء المتكلم؛ فأدغمت الأولى في الثانية، ولا يجوز التخفيف كما جاز مع «الأب، والأخ» ؛ لأن «الأب، والأخ» إذا وليتهما الياء مخففة كانا على حرفين: أحدهما فاء الكلمة، والآخر عينها، ولو فعل ذلك بـ «في» بقي على حرف واحد مع أنه اسم متمكن وليس في الأسماء المتمكنة ما هو على حرف واحد؛ فاجتنب ما يلزم منه عدم النظير. ويجوز أن يقال: كلمته من فمي إلى فمه، وفم زيد أحسن من فم عمرو، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لخلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك» (1)، ولم يقل: لخلوف في الصائم، وهذا يدل على قلة علم من زعم أن ثبوت الميم مع الإضافة لا يجوز إلا في ضرورة شعر كقول الشاعر:

3091 -

صفحنا عن بني دهل

وقلنا القوم إخوان

عسى الأيّام أن ترجع

ن قوما كالّذي كانوا

فلمّا صرّح الشّرّ

فأمسى وهو عريان

ولم يبق سوى العدوا

ن دنّاهم كما دانوا

بضرب فيه توهين

وتخضيع وإقران

وطعن كفم الزّقّ

غدا والزّقّ ملآن (2)

-

(1) البخاري: كتاب الصوم (2، 9)، وأبو داود: حدود (23)، وابن ماجه: صيام (1)، ومسلم: صيام (161)، والموطأ: صيام (58)، والنهاية (2/ 67). هذا، وهو جزء من حديث عن أبي هريرة

(2)

من الهزج للفند الزماني. الأشموني (2/ 159)، والحماسة (32، 35)، والخزانة (2/ 57)، والدرر (2/ 134)، وشرح المفصل (2/ 27)، والعيني (3/ 22)، والمغني (319)، والهمع (2/ 93)، ويروي «غضبان» بدل «عريان» ، «وإذعان» بدل «وإقران» .

ص: 3273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعاب بعض أصحاب هذا الرأي على الحريري (1) قوله: أدخله في فمه، وقرنه بتوأمه (2)، ولا عيب فيه؛ لما قد ذكرته. والله أعلم. انتهى كلام المصنف رحمه الله تعالى (3).

وقد عرفت ما أبطل به مذهب الجرجاني من القول ببناء المضاف إلى الياء، ثم ما انتصر به له من التوجيهين اللذين

ذكر أنهما من المعاني التي انفرد بالعثور عليها دون سبق إليها. وهو كلام تميل النفوس إليه ويشفي غليل الواقف عليه.

ولكن ما ذهب إليه من أن حركة آخر المضاف إلى الياء في نحو: مررت بصاحبي، ورأيت ابن غلامي - حركة إعراب، وأن - إعراب جمع المذكر الذي هو على حد المثنى إذا كان مرفوعا مقدر غير ملفوظ به غير مسلم.

أما الأمر الأول: فلأن حركة الإعراب هي التي يجتلبها العامل، ولا شك أن هذه الحركة موجودة مع عاملي الرفع والنصب، وإذا كان كذلك فالعامل لم يحدث شيئا، ثم الحركة التي هي إعراب لا بد أن تكون ناشئة عن عامل؛ فهي إنما تكون بعد التركيب، ومعلوم أن الحركة المذكورة كانت قبله؛ فكيف ينسب حدوثها إلى العامل؟!

والحق أن ما اختاره المصنف في هذه المسألة ضعيف؛ لقيام الدليل على خلافه وكأنه قول لبعض النحاة لكن لا معول عليه. وقد قال الشيخ: إن هذا الذي قاله المصنف مخالف لمذاهب الناس في المسألة (4).

وأما الأمر الثاني: فلأن الواو التي كانت علامة الإعراب في الجمع باقية لم تزل وإنما تغيرت صفتها؛ فهي موجودة، والمقدر لا يكون موجودا. ورأي ابن الحاجب (5) في المسألة كرأي المصنف فيها. وقد استدرك المنتقدون ذلك على ابن الحاجب رحمه الله تعالى. -

(1) القاسم بن علي أبو محمد الحريري البصري الأديب. له درة الغواص، والمقامات (ت: 516 هـ).

الأعلام (6/ 12)، ومفتاح السعادة (1/ 179)، والنزهة (379).

(2)

درة الغواص (90 - 92).

(3)

انظر: شرح التسهيل لابن مالك (3/ 285).

(4)

التذييل (7/ 272).

(5)

الكافية بشرح الرضي (1/ 293) وما بعدها.

ص: 3274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحق أنه لا فرق في المجموع المذكور بين المرفوع وغيره؛ فالإعراب ملفوظ به في حالة الرفع كما هو ملفوظ به في حالتي النصب والجر. وقد انتقد الشيخ على المصنف ما ذكره وأوضح وجه الانتقاد إيضاحا حسنا (1).

ثم إننا نشير إلى أمور:

منها: أن ابن جني ذهب إلى أن المضاف إلى الياء لا يتصف بإعراب ولا بناء (2) فأثبت قسما من الأسماء لا معربا

ولا مبنيّا ولا يخفى ضعف هذا الرأي وأنه لا ينبغي التشاغل بمثله.

ومنها: أن الذي قاله المصنف من أن الإعراب ظاهر في مثل: مررت بغلامي وبابن غلامي؛ شبيه بما ذهب إليه بعض الناس في المحكي بـ «من» إذا كان المحكي مرفوعا كقولك لمن قال: قام زيد: من زيد؟ وقد عرفت ما رد به القول في المضاف، فليرد بذلك القول في المحكي أيضا.

ومنها: أن تقييد المنادى المضاف إلى الياء بكون إضافته إضافة تخصيص من خصائص المصنف، وأما غيره من النحاة فلم يقيد ذلك. ومن ثم قال الشيخ عند ذكر هذه المسألة: وقد أطلق النحويون غيره في جواز الأوجه الخمسة في المنادى المضاف إلى الياء (3).

ومنها: أن اللغة التي نسبها المصنف إلى هذيل لم ينسبها سيبويه إليهم بل قال:

وناس من العرب يفعلون كذا (4). وكذا ذكر الشيخ في شرحه (5). وهو كلام عجيب؛ فإن عدم نسبتها إلى هذيل في كلام سيبويه لا ينافي نسبتها إليهم في كلام المصنف. غاية ما في الباب أن سيبويه لم يعين أهل اللغة المذكورة والمصنف عيّنهم. -

(1) قال أبو حيان في التذييل (7/ 273): (وهذا لا تحقيق فيه؛ لأن التقدير للشيء هو خلو المحل من المقدر ولا يتأتى ذلك في «زيدي»؛ لأن تلك الواو انقلبت ياء واستحالت إليها فلم تنعدم إنما تبدل وضعها إذ هي والياء حرفا علة وما كان هكذا لا يقال فيه: إن الواو مقدرة، ولأن الياء مقدرة ألا ترى أنا لا نقول في «ميزان» إن الواو مقدرة وإن كان الأصل: موزانا) اه.

(2)

الأشموني (2/ 283)، والتذييل (7/ 272).

(3)

التذييل (7/ 275).

(4)

الكتاب (3/ 414).

(5)

التذييل (7/ 278).

ص: 3275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نعم لو عيّن سيبويه قوما آخرين (1) غير هذيل كان بين النقلين تعارض.

ومنها: أن الشيخ قال: كان ينبغي للمصنف أن يستثني «لدى» و «على» الظرفية؛ فإن ألفيهما يقلبان ياء مع ياء المتكلم فيقال: لديّ وعليّ، في أشهر اللغات (2). قال: فهذه ألف ليست للتثنية وتقلب ياء وبعض العرب يقول: لداي وعلاي، وليس قلب (ألف «لدى») (3) ياء مخصوصا بياء المتكلم؛ بل الضمائر كلها نحو: لديك، ولديه، وعليك، وعليه (4). انتهى.

والعجب من الشيخ كيف توهم أن ذلك وارد على المصنف حتى إنه يلزمه أن يستثنيه فإن المصنف لما ذكر «لدى» باب المفعول المسمّى ظرفا قال: وتعامل ألفها معاملة ألف [4/ 102]«إلى» و «على» فتسلم مع الظاهر وتقلب ياء مع المضمر غالبا (5).

فعرفنا حكم ألف «لدى» فيما تقدم. ثم إن قلب ألفها ياء لم يكن مختصّا بضمير بل هو عام بالنسبة إلى الضمائر كلها وهي ظرف. فكان الواجب ذكرها في باب الظروف دون هذا الباب. وأما على الظرفية فلا شك أن حكم ألفها مع الضمير حكم ألف «على» التي هي حرف فلم يحتج إلى ذكرها. هذا إذا قلنا: إن هاتين الكلمتين - أعني «لدى» ، و «على» الظرفية - معربتان. أما إن كانا مبنيين فالإيراد مدفوع من أصله؛ لأن الفصل إنما هو معقود للمضاف - الذي هو معرب - إلى الياء؛ لقول المصنف في أوله: الأصح بقاء إعراب المعرب. فكلامه في بقية الفصل إنما يرجع إلى المعرب.

* * *

(1) في التصريح (2/ 61): (ولا يختص قلب ألف المقصور ياء بلغة هذيل بل حكاها عيسى بن عمر عن قريش وحكاها الواحدي في البسيط عن طيئ).

(2)

التذييل (7/ 278).

(3)

من التذييل، وفي الأصل:«ألفها» .

(4)

التذييل (7/ 278).

(5)

انظر: تسهيل الفوائد (ص 97) تحقيق د/ محمد كامل بركات.

ص: 3276