الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حقيقة التّأويل
* يطلقُ على معانٍ ثلاثةٍ:
1ـ الحقيقةُ الَّتي يؤولُ إليهَا الكلامُ، كقوله تعالى:{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ} [الأعراف: 52ـ 53] ، وعامَّةُ ماوردَ في القرآنِ من لفظِ (التَّأويلِ) فهوَ بهذا المعنَى.
2ـ التَّفسيرُ، وهذا يقعُ في اصطلاحِ المفسِّرينَ للقُرآنِ، يقولونَ:(تأويلُ هذهِ الآيةِ كذا وكذَا) أيْ: تفسيرُهَا.
3ـ صرفُ اللَّفظِ عن ظاهرِهِ بدليلٍ، وهذا اصطلاحُ الأصوليينَ.
والأصلُ وُجوبُ العملِ بالظَّاهِر أو النَّصِّ وعدمُ اعتِبارِ مظِنَّةِ التَّأويلِ؛ حتَّى يوجدَ ما يصرفُ ذلكَ إلى معنى آخرَ.
وصِفَةُ هذا الصَّارفِ وُجوبُ كونِهِ دليلاً شرعيًّا، كنصٍّ، أو قياسٍ صحيحٍ، أو أصلٍ عامٍّ من أُصولِ التَّشريعِ، فإذَا لم يكُن دليلاً مُعتبرًا في الشَّرعِ كانَ هوًى يجبُ أن تُنزَّه عنهُ نصُوصُ الدِّينِ وَأدلَّتُهُ.
* أمثلةٌ للتَّأويلِ المُعتبر:
[1]
تخصيصُ الظَّاهرِ في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ، عن بيُوعٍ، كبيعِ الغَرَرِ، وبيعِ المعدُومِ، وبيعِ
الثَّمرِ قبلَ بُدُوِّ صلاحِهِ.
[2]
تقييدُ الإطلاقِ في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3]، بالدَّمِ المسفوحِ كما في قوله في الآية الأخرى:{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] .
[3]
تأويلُ قولهِ صلى الله عليه وسلم: ((وصاعًا من تمرٍ)) في حديثِ: ((لا تُصرُّوا الإبلَ والغَنَمَ، فمَنِ ابتَاعَهَا بعدَ ذلكَ فهوَ بِخيرِ النَّظرينِ بعدَ أن يحلُبَهَا: فإن رضِيَهَا أمسكَهَا، وإن سخِطَهَا ردَّهَا وصاعًا من تمرٍ)) [متفقٌ عليه] ، بقيمةِ التَّمرِ، حيثُ أنَّ المقصودَ العِوضُ بدلاً من اللَّبنِ الَّذي احتلبَهُ، وذلكَ يقعُ بالتَّمرِ وغيرِهِ، وهذَا تأويلٌ قدْ فُهمَ وجهُهُ من حِكمةِ الشَّرعِ، فكانَ ظُهورُ ذلكَ دليلاً على صحَّةِ التَّأويلِ.
ومثالُ التَّأويلِ بالهوَى:
تأويلُ صِفاتِ ربِّ العالمينَ تباركَ وتعالَبى، كتأويلِ اليَدِ بالقُدرَةِ والنِّعمَةِ، وتأويلِ الاستِواءِ على العرشِ بالاستيلاءِ عليهِ، وتأويلِ نزولِه تعالَى كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيَا بنُزولِ رحمتِهِ، فهذِهِ وأشبَاهُهَا من صُورِ التَّأويلِ تحكُّمٌ في الغيبِ وقولٌ على الله بغيرِ علمٍ، علَى أنَّ هذا ليسَ من قبيلِ الأحكامِ الَّتي يسوغُ فيها النَّظرُ والاستِنباطُ، بلْ هوَ مِمَّا يجبُ الوُقوفُ فيه عندَ نصِّهِ إثباتًا مع اعتقادِ التَّنزيهِ للهِ ربِّ العالمِينَ عن مُشابَهَةِ الخلقِ.