الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُبهةً يُدرأُ بها الحدُّ.
* حكمه:
لايعملُ بهِ إلَاّ بعدَ إزالَبةِ الخفاءِ بالنَّظرِ والتَّأمُّلِ، فإنْ ظهرَ أنَّ اللَّفظَ يتناولهُ بوَجْهٍ من وُجوهِ الدَّلالةِ أخَذ حُكمَ ما دلَّ عليهِ ذلكَ اللَّفظُ، وإلَاّ لم يأخُذْ حُكمَهُ.
(2) المشكل
* تعريفه:
هوَ اللَّفظُ الَّذي لا يدلُّ بصيغتِهِ على المُرادِ منهُ، وإنَّما يتوقَّفُ فهمُ المُرادِ منهُ على قرينةٍ خارجيَّةٍ يُمكنُ التَّوصُّلُ إليها عن طريقِ البحثِ.
* مثاله:
يرِدُ في صُورتينِ:
1ـ اللَّفظُ المُشتركِ، كالَّذي تقدَّمً التَّمثيلُ لهُ بقولهِ تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] ، وأنَّ (القُرءَ) مُشتركٌ بين (الطُّهرِ) و (الحَيضِ) ، فأيُّهمَا المُرادُ؟ لا ريبَ أنَّ نفسَ لفظِ (قُروءٍ) في الآيةِ لا يرفَعُ الإشكالَ ويُبيِّنُ المُرادَ بنفسِهِ، بلْ يحتاجُ إلى قرينةٍ خارجيَّةٍ تعتَمِدُ على النَّظرِ والاجتهادِ، ولِذا كانَ من
موارِدِ اختلافِ الفُقهاءِ.
2ـ النّصَّينِ ظاهرُهُما التَّعارضُ:
ومثالُه من الكتابِ قولهُ تعالى في سورةِ السَّجدَةِ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5] مع قولِهِ عزَّوجلَّ في سورةِ المعارجِ {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] ، فهذا مُشكلٌ، ومنَ العُلماءِ من تقحَّم الجوابَ فقالَ باجتِهادِهِ، ومنهُم من توقَّفَ، وهذا شأنُ العالمِ عندَ العَجزِ عن التَّوفيقِ بينَ ما ظاهرُهُ التَّعارضُ، وهو واردٌ في الأحكامِ وفي غيرِهَا.
فمنَ الأقوالِ في رفعِ الإشكالِ: أنَّه في الموضعينِ يومُ القِيامَةِ، والمعنى: أنَّ الزَّمانَ يطولُ بحسبِ الشَّدائدِ الواقعَةِ فيهِ، فيطولُ على قومٍ ويقصُرُ على آخرينَ بحسبِ الأعمالِ.
وعنِ ابنِ أبي مُليكَةَ، قالَ: سألَ رجلٌ ابنَ عبَّاسٍ عن {يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} قالَ: فاتَّهمهُ، فقيلَ لهُ فيهِ، فقالَ: ما يومٌ {كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} ؟ فقالَ: إنَّما سألتُكَ لتُخبرَنِي، فقالَ: هُما يومانِ ذكرَهُما الله جلَّ وعزَّ، اللهُ أعلمُ بهمَا، وأكرهُ أن أقولَ في كتابِ الله بما لا أعلمُ [أخرجه جريرٍ في ((تفسيره)) 29/72 بسندٍ صحيحٍ] .
ومثالُه من السُّنَّةِ حديثُ أبي هريرَةَ رضي الله عنه قالَ: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: ((لا عَدوَى ولا صفرَ ولا هامَّةَ)) فقال أعرابيٌّ: يا رسول الله، فما بالُ إبلِي تكونُ في الرَّملِ كأنَّها الظِّباءُ، فيأتي البعيرُ الأجرَبُ فيدخُل بينهَا فيُجربُهَا، فقال:((فمن أعدَى الأوَّلَ؟)) [متفقٌ عليه]، معَ قولهِ صلى الله عليه وسلم في حديثِ أبي هريرةَ الآخرِ:((لاعدوى ولا طِيرةَ ولا هامَةَ ولا صفرَ، وفرَّ من المجذُومِ فِرَارَك من الأسدِ)) [علَّقهُ البُخاريُّ] .
دَلَالةُ الحديثِ الأوَّلِ أنَّ كُلَّ شيءٍ بقدرٍ، وأنَّهُ لا يُعدَى شيءٌ شيئًا بنفسِهِ، وليسَ فيه نفيُ أسبابِ انتِقالِ المرضِ إذا وُجِدَ، والحديثُ الثَّاني دلَّ على اتِّقاءِ ما وُجِدَ فيه سببُ الإعداءِ من الأمراضِ، إذْ وجودُ السَّببِ يُهيِّءُ وُجودَ المُسبَّبِ ويُساعِدُ عليهِ، وإن كانَ لا يقعُ الإعداءُ إلَاّ بمشيئةِ الله عزَّوجلَّ، لِذا فإنَّهُ قد يقعَ وقدْ لا يقعْ، فجاءَ الأمرُ باتِّقائِهِ متناسِقًا مع أصْلِ هذهِ الشَّريعَةِ في الأخذِ بالأسبابِ، وهذا شبيهٌ بقولهِ صلى الله عليه وسلم في الطَّاعونِ:((إذا سمِعتُم بهِ بأرضٍ فلا تقدَمُوا عليهِ، وإذا وقعَ بأرضٍ وأنتُم بها فلا تخرُجوا فِرارًا منهُ)) [متفقٌ عليه] .
وهذِهِ صُورةٌ من التَّأويلِ المُحتملِ لإعمالِ الدَّليلينِ وعَدمِ إهمالِ أحدِهِمَا.
* حكمه:
السَّبيلُ لإزالَةِ الإشكالِ في النُّصُوصِ هو الاجتِهادُ، فعلَى المجتهدِ