الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2ـ التقليد
* تعريفه:
هُو اتِّباعُ الإنسانِ غيرَهُ ممَّنْ يعتقِدُ فيه الدِّينَ، والصَّلاحَ والعلمَ في قولٍ أو فعلٍ معتقِدًا للحقيقةِ فيهِ، من غيرِ علمٍ بدليلِ ذلكَ الغيرِ على قولهِ أو فعلهِ، وكأنَّ هذا المتَّبع جعلَ قولَ الغيرِ أو فعلهُ قلَادَةً في عُنُقِهِ.
هذا التَّعريفُ يخرجُ مُتابعَةَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، لأنَّ قولهُ وفعلَهُ دليلٌ لذاتِه، وإنَّما يندرجُ تحتَهُ مُتابعَةَ من سواهُ ممَّن يفتقِرُ قولهُ أو فعلهُ إلى الدَّليلِ، فيُتابعهُ المُقلِّدُ من غيرِ علمِ بالحُجَّةِ الَّتي استَنَدَ إليهَا في ذلكَ القولِ أوِ الفعلِ.
* حكمه:
النَّاسُ في هذه المسألةِ على خُصومَةٍ شديدةٍ وآراءٍ عديدَةٍ، والأمرُ فيها سهلٌ قريبٌ، فإنَّ النِّقمَةَ 'لى (التَّقليدِ) لا تليقُ أن تكونَ بِسببِ اللَّفظِ، لما يُعلمَ بالاتِّفاقِ أنَّ المُصطلحاتِ بحسبِ ما قُصدَ بهَا.
فإذاَ كانتْ حقيقَةُ (التَّقليدِ) مُتابعَةَ المُجتهِدينَ من علماءِ الأمَّةِ ومفتيهَا في اجتهادَاتِهم من غيرِ علمٍ بأدلَّتهمْ على تلكَ الاجتِهادَاتِ من الكتابِ والسُّنَةِ، فلنُحاكمْ هذا المعنَى بأدلَّةِ الشَّريعَةِ نفسِهَا، فإنْ صحَّحَهُ الدَّليلُ قبلنَاهُ وإلَاّ أنكرناهُ.
وللجوابِ عن ذلكَ أُذكِّرُ بمقدِّماتٍ سبقتْ تُساعدُ على معرفَةِ حكمِ هذه القضيَّةِ، منهَا:
تعريفُ الفقهِ بأنَّه فهمُ الدَّليلِ، وأنَّ الله تعالى لم يُكلِّفِ النَّاسَ جميعًا أن يكونُوا فُقهاءَ مُنقطعينَ لذلكَ، وإنَّما أوجبَ تحصيلَ الكِفايَةِ من الفقهَاءِ لحاجَةِ العامَّةِ، وأنَّ طُرقَ النَّظرِ في الأدلَّةِ ليستْ ممْكنَةً لكلِّ أحدٍ؛ إلَاّ ما علمهُ النَّاسُ بالضَّرورَةِ من دينِهم وهو خارجٌ عن موضوعِ الاجتهادِ والتَّقليدِ، وأنَّ للاجتهادِ شُروطًا لا يُتصوَّرُ أن تُكلِّفَ بها الشَّريعَةُ الرَّحيمَةُ كلَّ أحدٍ وهي الَّتي من أعظمِ مبادئهَا رفعُ الحرجِ عن عُمومِ المكلَّفينَ.
إلى غيرذلكَ من المقدِّمات المسلَّماتِ السَّالفة في علمِ الأصولِ، والَّتي تجعلُ المسمينَ صنفينِ بالضَّرورةِ، همَا: قادرٌ على فهمِ الدَّليلِ والتَّفقُّع فيع بجمعِه لأسبابِ الفقهِ وآلتِهِ، أو عاجزٌ عن ذلك، فالأوَّلُ لا عُذْرَ لهُ اتِّفاقًا في تركِ الاجتهادِ فيما أمكنَهُ فهمُهُ بآلتِهِ، فإن عجزَ في شيءٍ انتقلَ ليكونَ في الصِّنفِ الثَّاني، وهو العاجزُ، وهذا الثَّاني مُحالٌّ بأمر الله تعالى لهُ على الفُقهاءِ المجتهدينَ القادرينَ على استِنباطِ الشَّرائع كما قال عزَّوجلَّ:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] ، فهلْ للتَّقليدِ صورةٌ في الحقيقةِ إلَاّ هذه؟
فإذا ظهر هذا فقدْ دلَّ على أنَّ التَّقليدَ للعاجزِ عن الاجتهادِ مأمورٌ