الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2ـ الناسخ والمنسوخ
* تعريف النسخ:
لغة: الرَّفعُ والإزالَةُ، ومنهُ يُقالُ:(نسَخَتِ الشَّمسُ الظِّلَّ) أزالتْهُ، و (نسخَ الكتَاب) رفعَ منهُ إلى غيرهِ.
واصطلاحًا: رفعُ حكمٍ شرعيٍّ عمليٍّ جُزئيٍّ ثبتَ بالنَّصِّ بحكمٍ شرعيٍّ عمليٍّ جزئيٍّ ثبتَ بالنَّصِّ وردَ على خلافِه مُتأخِّر عنهُ في وقتِ تشريعِه، ليسَ متَّصلاً بهِ.
فالرَّفعُ هو (النَّسخُ) ، والحُكمُ الشَّرعيُّ المرفوعُ هوَ (المنسوخُ) ، والحُكمُ الشَّرعيُّ المتأخِّرُ هو (النِّاسخُ) .
*
ثبوت النسخ في الكتاب والسنة:
النسخُ واقعٌ في نصُوصِ الوحيِ بدلالةِ الكتابِ والسُّنَّةِ، فمن ذلكَ قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:106]، وقوله:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 101ـ 102]، وقولهُ:{يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]، وقوله: {وَإِذَا
تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى} [يونس: 15] .
والأمثلةُ الآتية قريبًا من الكتابِ والسُّنَةِ على النسخِ قاطعةٌ بصحَّةِ وقوعِ ذلكَ فيهمَا، وتواترَ عن أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ذِكرُ النَّسخِ، وذهبَ إلى القولِ به عامَّةُ أئمَّةِ الإسلامِ من السَّلفِ والخلفِ، إلَاّ شِرذِمَةٌ عُرفتْ بالبِدعَةِ.
* حكمة النسخ:
النَّسخُ جارٍ على مقاصِدِ الشَّرعِ في تحقيقِ مصلحَةِ المُكلَّفِ، فقدْ ينزلُ الحُكمُ في أمرٍ شديدٍ يشقُّ على المؤمنينَ يُرادُ به اختبارُهم وامتِحانُ صِدقِ إيمانِهِم، كما في نُزُول قولهِ تعالى:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 284]، حتَّى إذا ظهرَ التَّسليمُ والانقِيادُ أنْزلَ الله عزَّوجلَّ تصديقَ ما في قُلوبِهِم:{آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] ، ونزلتِ الآيةُ بعدَهَا بالتَّخفيفِ، وتارةً يُرادُ به التَّدرُّجُ في التَّشريعِ لحدَاثةِ النَّاسِ بالجاهليَّةِ، فيُراعي الشَّارعُ استِعدَادُهم لذلكَ، كالتَّدرُّجِ