المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌4ـ العلة تعريفها: هيَ الوصفُ الَّذي بُنيَ عليهِ حُكْمُ (الأصلِ) وبناءً على - تيسير علم أصول الفقه

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌أصول الفقه

- ‌الفرق بين القاعدة الأصولية والفقهية:

- ‌مباحث الأحكام

- ‌1ـ معنى الحكم

- ‌2ـ أقسام الحكم

- ‌الحكم التكليفي

- ‌1- الواجب

- ‌2ـ المندوب

- ‌3ـ الحرام

- ‌4ـ المكروه

- ‌5ـ المباح

- ‌الحكم الوضعي

- ‌1ـ السَّببُ

- ‌3ـ الشَّرط

- ‌3ـ المانع

- ‌4ـ الصحة والبطلان

- ‌5ـ العزيمة والرخصة

- ‌أسباب الرخص:

- ‌أنواعُ الرُّخص:

- ‌درجات الأخذ بالرخص:

- ‌هل يُمنعُ الأخذ بالرُّخص

- ‌3ـ الحاكم

- ‌ وظيفةُ العقل:

- ‌4ـ المحكوم فيه

- ‌ متى يلزم الفعلُ المكلف

- ‌أنواع الفعل المكلف به باعتبار من يُضاف إليه:

- ‌5ـ المحكوم عليه

- ‌6ـ الأهلية

- ‌ عوارض الأهلية:

- ‌1ـ عوارض كونية

- ‌1ـ الجنون:

- ‌2ـ العتَه:

- ‌3ـ النسيان:

- ‌4 ـ النوم والإغماء:

- ‌5ـ المرض:

- ‌6ـ الحيض والنفاس:

- ‌7ـ الموت:

- ‌2ـ عوارض مكتسبة

- ‌1ـ الجهل:

- ‌2ـ الخطأ:

- ‌3ـ الهزل:

- ‌4ـ السفه:

- ‌5ـ السكر:

- ‌6ـ الإكراه:

- ‌أدلة الأحكام

- ‌تمهيد

- ‌الدليل الأولالقرآن

- ‌ مسألة تأخير البيان:

- ‌الدليل الثانيالسنة

- ‌أقسام السنن

- ‌(1) سنة قولية

- ‌(2) سنة فعلية

- ‌قاعدة التروك النبويَّة

- ‌(3) سنة تقريرية

- ‌الوجوه التي تقع عليها التصرفات النبوية

- ‌حجيَّة السنة

- ‌طرق ورود السنن

- ‌1ـ السنة المتواترة

- ‌2ـ سنة الأحاد

- ‌أنواع الأحكام الواردة في السنة

- ‌دلالة السنن على الأحكام

- ‌الدليل الثالثالإجماع

- ‌ الإجماع السكوتي:

- ‌الدليل الرابعشرع من قبلنا

- ‌الدليل الخامسالقياس

- ‌أركان القياس

- ‌1ـ الأصل

- ‌2ـ الفرع

- ‌3ـ حكم الأصل

- ‌4ـ العلة

- ‌حجية القياس

- ‌مسألة الاستحسان

- ‌الدليل السادسالمصلحة المرسلة

- ‌ ضوابط الاحتجاج بالمصلحة المرسلة:

- ‌مسألة سد الذرائع

- ‌مسألة في أحكام الحيل

- ‌الدليل السابعالعرف

- ‌الدليل الثامنمذهب الصحابي

- ‌الدليل التاسعالاستصحاب

- ‌خلاصة القولفي الاحتجاج بالأدلة المتقدمة

- ‌قواعد الاستنباط

- ‌1ـ القواعد الأصولية

- ‌القسم الأولوضع اللفظ للمعنى

- ‌1ـ الخاص

- ‌المطلق والمقيد

- ‌الأمر

- ‌النَّهي

- ‌هل النَّهي يقتضي الفساد

- ‌الأمرُ بالشَّيءِ نهيٌ عن أضْدادِه

- ‌صيغة النفي:

- ‌2ـ العام

- ‌ تخصيص العام

- ‌3ـ المشترك

- ‌القسم الثانياستعمال اللفظ في المعنى

- ‌1ـ الحقيقة والمجاز

- ‌2ـ الصريح والكناية

- ‌القسم الثالثدلالة اللفظ على المعنى

- ‌1ـ الواضح الدلالة

- ‌(1) الظاهر

- ‌(2) النص

- ‌حقيقة التّأويل

- ‌(3) المفسَّر

- ‌(4) المحكم

- ‌2ـ غير الواضح الدلالة

- ‌(1) الخفي

- ‌(2) المشكل

- ‌(3) المجمل

- ‌(4) المتشابه

- ‌القسم الرابعكيفية دلالة اللفظ على المعنى

- ‌1ـ عبارة النص

- ‌2ـ إشارة النص

- ‌3ـ دلالة النص

- ‌4ـ اقتضاء النص

- ‌5ـ مفهوم المخالفة

- ‌2ـ معرفة مقاصد التشريع

- ‌ أنواع المصالح المقصودة بالتشريع:

- ‌1ـ الضَّروريَّات:

- ‌2ـ الحاجيَّات:

- ‌3ـ التَّحسينيَّات:

- ‌ ترتيب المصالح:

- ‌ القواعد المبنيَّة على مراعاة مقاصد التشريع:

- ‌ منافاة البدعة لمقاصد التشريع:

- ‌3ـ تعارض الأدلة

- ‌1- إعمال الدليلين

- ‌2ـ الناسخ والمنسوخ

- ‌ ثبوت النسخ في الكتاب والسنة:

- ‌ شروط النسخ:

- ‌ أنواع ما يقع به النَّسخ:

- ‌ الوجوه التي يقع عليها النسخ في القرآن:

- ‌ طريقُ معرفة النسخ:

- ‌3ـ الترجيح

- ‌الاجتهاد والتقليد

- ‌1ـ الاجتهاد

- ‌ حكمه:

- ‌ الخطأ في الاجتهاد:

- ‌ ما يمتنع فيه الاجتهاد

- ‌ ما يجوزُ فيه الاجتهاد:

- ‌ المجتهدُ وشروطه:

- ‌1ـ معرفَة اللُّغَةِ العربيَّةِ

- ‌2ـ معرفَةُ القرآنِ

- ‌3ـ معرفة السُّنَّة

- ‌4ـ معرفةُ علمِ أُصولِ الفقه

- ‌5ـ معرفَةُ مواضعِ الإجمَاعِ

- ‌2ـ التقليد

- ‌ تقليد الفقهاء الأربعة:

الفصل: ‌ ‌4ـ العلة تعريفها: هيَ الوصفُ الَّذي بُنيَ عليهِ حُكْمُ (الأصلِ) وبناءً على

‌4ـ العلة

تعريفها:

هيَ الوصفُ الَّذي بُنيَ عليهِ حُكْمُ (الأصلِ) وبناءً على وجودِهِ في (الفرْعِ) يُسوَّى بـ (الأصلِ) في حُكمِهِ، وهي في المثالِ المتقدِّمِ التَّعويقُ عن حُضُورِ الجُمُعَةِ أو خوفُ تفويتهَا.

و (العلَّةُ) أعظمُ أركانِ القيَاسِ.

"الفرق بينها وبين الحكمة:

جميعُ أحكامِ شريعةِ الإسلامِ إنَّما شُرعتْ لتحقيقِ مصالحِ العبادِ في المعاشِ والمعادِ، فهيَ إمَّا لِجلبِ منْفَعَةٍ أو دفعِ مضرَّةٍ أو رفعِ حرجٍ.

وهذه المصالحُ هي مقاصدُ التَّشريعِ، وهي الحكمةُ منهُ، والقُرآنُ والسُّنَّةُ يُنبِّهانِ المُكلَّفين في كلِّ حكمٍ تشريعيٍّ على هذه المقاصِدِ.

فكتبَ الله القصاصَ في القتلَى حِفْظًا لحياةِ النَّاسِ، وحرَّم السَّرقَةَ وأوجبَ الحدَّ فيها حفظًا لأموالِ النَّاسِ، وحرَّم الزِّنا وقذْفَ المُحصنَاتِ الغافلاتِ حفظًا لأنسابِ النَّاسِ وأعراضِهِمْ، وحرَّم شُربَ الخمرِ وشدَّدَ فيها غايةَ التَّشديدِ حفظًا لعُقولِ النَّاسِ، كما جعلَ من مقاصِدِ العبادَاتِ ربْطَ العبادِ بهِ سُبحانَهُ وإشعارَهُم بالافتِقَارِ الدَّائمِ إليهِ ليُراقِبُوهُ ويخافُوهُ فيُحقِّقُوا العُبودِيَّةَ لهُ كما أرادَ منهُم ليَنالُوا بذلكَ رضَاهُ عنهُمْ في الدَّارينِ، كما أذِنَ لهُم فيما أذِنَ سُبحانَهُ رفعًا

ص: 177

للحرجِ عنهُم، فإنَّ التَّكليفَ قدْ لا يُطاقُ، فخفَّفَ عنهُمْ، كما قال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] ، فأباحَ لهُم المحرَّم عندَ الضَّرُورةِ، وأسقطَ عنهُم بعضَ ما افترَضَ عليهِم عندَ العجزِ أو ورودِ المشقَّة، فخفَّف في الصَّومِ عن المسافرِ والمريضِ والحاملِ والمُرضِعِ.

هذه المعاني وشِبْهُهَا هي حكمةُ التَّشريعِ، وقد يكونُ للتَّشريعِ الواحدِ حِكمٌ كثيرةٌ، فتأمَّلْ قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90ـ 91] .

لكنَّ الشَّريعةَ لم تُعلِّقِ الأحكامَ بحِكَمِهَا، فإذا وُجِدَتْ وُجِدَ الحُكمُ وإنِ انتَفَتْ انتفَى، وذلكَ لأسبابٍ، منهَا:

1ـ أنَّ الحكمَةَ خفيَّةٌ يعسُرُ التَّحقُّقُ من وجودِهَا، مثلُ: حكمَةِ إباحةِ البيعِ، فإنَّها رفعُ الحرَجِ عن المكلَّفينَ بسدِّ حاجَاتِهِمُ المشروعَةِ، لكنَّ (الحَاجَة) أمرٌ خفيٌّ، فلذَا لم يُعلَّقْ بها حُكمُ إباحَةِ البيعِ، إنَّما نُظرَ في أمرٍ آخرَ ظاهرٍ مُنضَبِطٍ بُنيت الإباحَةُ عليهِ، فَوُجِدَ (الإيجابُ والقَبُولُ) بينَ المتبايِعينِ، لأنَّ ذلكَ دليلُ التَّراضِي بينهمَا، والتَّراضِي

ص: 178

علامَةٌ على وجُودِ الحَاجَّةِ لكلٍّ منهما، فعلِّقَ به الحُكمُ.

2ـ أنَّها غيرُ منضبِطَةٍ، فهيَ تختلفُ باختلافِ المكلَّفينَ وأحوالِهمْ، مثلُ: الرُّخصَةِ للمريضِ والمُسافِرِ بالفِطرِ في رمضانَ، فإنَّ الحكمَةَ (دفعُ المشقَّةِ) ، لكنْ قدْ لا يشقُّ عليهمَا الصَّومُ، وقدْ يشقُّ على غيرهِمَا، فلا يصلُحُ أن يكونَ (دفعُ المشقَّة) وصفًا صالحًا لتعليقِ الحُكمِ عليهِ لهذا الاضْطِرَابِ في وجودِهِ، فنُظرَ إلى الوصفِ المُنضبِطِ فوُجدَ (المرضُ والسَّفرُ) فعلِّقَ بهِ الحُكمُ.

فالحاصلُ في الفَرْقِ بينَ (الحِكمَة) و (العلَّة) أنَّ:

الحكمَةَ هي: المصلحَةُ الَّتي قصدَ الشَّارعُ تحقيقَهَا بتشريعِهِ الحُكمَ.

والعلَّةَ هي: الوصفُ الظَّاهرُ المُنضبِطُ الَّذي بُنيَ عليه الحُكمُ، ورُبطَ بهِ وجودًا وعدمًا.

والعلَّةُ مظِنَّةٌ لتحقيقِ الحِكمَةِ.

تُسمَّى (الحكمَةُ) : المِئَنَّة، كمَا تُسمَّى (العلَّةُ) : المَنَاط، والسَّببُ، والأمارَة.

* شروطها:

لا تصلُحُ (العلَّةُ) للقياسِ إلَاّ بأنْ تجمعَ الشُّرُوطَ التّاليةَ:

1ـ أن تكونَ وصفًا ظاهرًا.

ص: 179

أيْ: يُمكنُ التَّحقُّقُ من وجودِهِ في كلٍّ من (الأصلِ) و (الفرعِ) بعلامةٍ ظاهرَةٍ.

مثالُه: (الإسكارُ) فإنَّه علَّةٌ يمكنُ التَّحقُّقُ من وجودِها في الخمرِ، كما يمكنُ التَّحقُّق من وجودِها في مطعومٍ مسكرٍ.

2ـ أن تكونَ وصفًا مُنضبطًا.

أيْ: له حقيقةٌ مُحدَّدَةٌ مُعيَّنةٌ لا تختلفُ باختلافِ الأشخاصِ والأحوالِ.

مثالهُ: (القتلُ) مانعٌ للقاتلِ من الإرثِ ممَّن قتلَ، وهو (علَّةُ) حرمَانِه حيثُ أرادَ استِعْجالَ الميراثِ، و (القتلُ) وصفٌ منضبطٌ لا يختلفُ باختلافِ القاتلِ والمقتولِ، فلو وُجِدَتْ هذه العلَّةُ في الموصِي والموصى لهُ، فقتلَ الموصَى لهُ الموصي كانَ (القتلُ) مانعًا لهُ من الوصيَّةِ بالقياسِ.

وهذا بخلافِ تعليلِ القصرِ في السَّفرِ بـ (المشقَّة) ، فإنَّ (المشقَّةَ) كما ت قدَّم وصفٌ غيرُ منضبِطٍ، لأنَّها تختلفُ باختلافِ الأشخاصِ والأحوالِ، ولذَا عُدِلَ عنها للتَّعليلِ بسببِهَا وهوَ (السَّفر) ، لأنَّهُ وُجدَ الحُكمُ دائرًا معهُ وجودًا وعدمًا، ولا يختلفُ باختلافِ الأشخاصِ أو الأحوالِ.

3ـ أن تكونَ وصفًا مُناسبًا للحُكمِ.

ص: 180

أي: أنَّ ربطَ الحُكمِ بتلكَ العلَّةِ وجودًا وعدَمًا من شأنِهِ أن يُحقِّقَ ما قصَدَهُ الشَّارعُ بتشريعِ الحُكمِ من جلْبِ نفعٍ أو دفعِ ضرَرٍ، لأنَّ (الحِكمَةَ) هي الباعثُ الحقيقيُّ على تشريعِ الحُكمِ.

ويُعرِّفُ العلماءُ (المُناسبَ) بأنَّهُ: ما يُفضي إلى ما يُوافقُ الإنسانَ تحصيلاً بجلْبِ المنفعَةِ، وإبقاءً بدفعِ المضرَّةِ.

مثالهُ: القتلُ العمدُ العُدوانُ مُناسبٌ لإيجابِ القِصاصِ، لأنَّ في بناءِ القصاصِ عليهِ حِفظُ حياةِ النَّاسِ، والسَّرقَةُ مناسبَةٌ لقطعِ يدِ السَّارقِ، لأنَّ في ذلكَ حفظُ أموالِ النَّاسِ، والسَّفرُ مناسبٌ لقصرِ الصَّلاةِ لأنَّهُ مظِنَّةٌُ المشقَّةِ والحرَجِ، وقدْ قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((السَّفرُ قِطْعَةٌ من العذابِ)) [متفقٌ عليه] .

وعلى هذا فإنَّ الأوصافَ (الطَّرديَّة) وهي الَّتي لا مُناسبَةَ بينَهَا وبين الحُكمِ؛ لا تصلُحُ أن تكونَ أوصافًا مُناسبَةً للتعليلِ بها، مثلُ كونِ الخمرِ أحمرَ، وكونَ القاتلِ أسودَ أو طويلاً أو رجلاً، وكونِ السَّارقِ غنيًّا والمسروقِ منهُ فقيرًا، وكونِ المواقعِ زوجتَهُ في نهارِ رمضانَ أعربيًّا، وهكذا سائرُ الأوصافِ الاتِّفاقيَّة.

4ـ أن تكونَ وصفًا متعدِّيًا.

أيْ: لا تكونُ العلَّةُ قاصرَةً على (حُكمِ الأصلِ) ، بلْ يمكنُ تعديتُها إلى الفرْعِ.

ص: 181

مثالُ العلَّةِ القاصرةِ: (السَّفرُ) و (المرض) علَّتانِ لإباحَةِ الفطرِ في رمضانَ للمُسافرِ والمريض، ولا توجدانِ إلَاّ في مُسافرٍ أو مريضٍ، فلا تتعدَّاهما إلى أصحابِ المِهنِ الشَّاقةِ مثلاً، لأنَّهم لا يوجدُ فيهِم علَّةُ (السَّفرِ) أو (المرضِ) .

ومن العللِ القاصرَةِ (الوِقاعُ في نهارِ رمضانَ) لإيجابِ الكفَّارَةِ، بدلالةِ حديثِ أبي هريرَةَ رضي الله عنه قالَ: بينمَا نحنُ جلوسُ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذْ جاءَهُ رجلٌ فقالَ: يا رسول الله، هلكتُ، قالَ:((مَا لكَ؟)) قال: وقعتُ على امرأتِي وأنا صائمٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هلْ تجدُ رقبةً تُعتِقُهَا؟)) قال: لا، قال:((فهلْ تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتتابِعينِ؟)) قالَ لَا، فقال:((فهلْ تجدُ إطعامَ ستيِّنَ مسكينًا؟)) قال: لَا، قالَ فمكثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فبينَا نحنُ على ذلكَ أُتِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بعرَقٍ فيه تمرٌ، والعرقُ: المِكتلَُ، قالَ:((أينَ السَّائلُ؟)) فقالَ: أنَا، قالَ:((خُذ هذا فتصدَّقْ بهِ)) ، فقالَ الرَّجلُ: أعلَى أفْقرَ منِّي يا رسول الله؟ فواللهِ ما بينَ لابتَيْهَا (يُريدُ الحرَّتينِ) أهلُ بيتٍ أفقرُ من أهلِ بيْتِي، فضَحكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى بدَتْ أنيابُهُ، ثمَّ قالَ:((أطْعمُهُ أهلكَ)) [متفقٌ عليه] .

فعلَّقَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الكفَّارَةَ على موردِ السَّببِ، وهو الوِقاعُ، فلمْ يصحَّ تعديَّةُ الكفَّارِ إلى الإفطارِ بالأكلِ والشُّربِ، هذا عندَ الشّافعيَّةِ والحنابلَة، خلافًا للحنفيَّةِ والمالكيَّةِ.

ص: 182

5ـ أن لا تكونَ وصفًا مُلغًى.

أيْ: ألغَتِ الشَّريعةُ اعتبارهُ وصفًا صالحًا لتعليقِ الحُكمِ عليهِ.

مثلُ: اعتبارِ اشتراكِ الذَّكرِ والأنثَى في البُنُوَّةِ وصفًا مُناسبًا للحُكمِ بالتَّسوية بنيهمَا في الميراثِ، فهذا وصفٌ ألغى الشَّارعُ اعتبارَهُ، كما قال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] .

* مسالك العلة:

مسالكُ العلَّةِ: الطُّرقُ الَّتي يُتوصَّلُ بها إلى معرفتِهَا في (الأصلِ) .

وهي على التَّحقيقِ طريقَانِ:

1ـ طريقُ النَّصِّ:

قدْ يدلُّ (النَّصُّ) من الكتابِ والسُّنَّةِ على (علَّة الحكمِ) صراحَةً أو إشارَةً، وقدْ تكونُ صراحتَهُ قطعيَّةً أو ظنِّيَّةً، فهذه ثلاثَةٌ أنواعٍ:

[1]

الدلالة الصَّريحةُ القطعيَّةُ، مثالُهَا:

(1)

قولهُ تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أدعيائهم إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: 37] .

ص: 183

(2)

قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّما جُعل الاستِئذأنُ من أجلِ البَصرِ)[متَّفقٌ عليه عن سهلِ بن سعدٍ] .

فقولهُ: {لِكَيْ لَا} ومن ((أجلِ)) لا يحتملُ غيرَ التَّعليلِ.

[2]

الدَّلالةُ الصَّريحةُ غيرُ القطعيَّةِ، مثالُهَا:

(1)

قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، وقوله عزَّوجلَّ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] .

(2)

وقوله عزَّوجلَّ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} [النساء: 160]، وقوله عزَّوجلّ:{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} [الأنعام: 146] .

(3)

وعن أبي قتادَةَ رضي الله عنه قال: إنَّ رسو الله صلى الله عليه وسلم قال ـ يعني في الهرَّة ـ: ((إنَّها ليستْ بنجسٍ، إنَّها من الطَّوافين عليكمْ والطَّوافَّاتِ)) [حديثٌ صحيحٌ أخرجهُ أصحابُ السُّنن وغيرُهُم]، وقولهُ صلى الله عليه وسلم في المُحرِم الَّذي وقصَتْهُ دابَّتُهُ:((ولا تُخَمِّروا رأسَهُ فإنَّهُ يُبعثُ يومَ القيامَةِ مُلبيًّا)) [متفقٌ عليه من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ] .

فالدّلالة على العليَّةِ في هذه النُّصوصِ ظنيَّةٌ، وذلكَ في التَّعليلِ بـ (الّلامِ، والباءِ، وإنَّ) ، فإنَّ إفادَةَ ذلك التَّعليلِ وإن كانَ راجحًا هُنا إلَاّ أنَّه ليسَ دائمًا.

ص: 184

[3]

الدَّلالةُ إشارةً، كالدَّلالةِ المُستفادَةِ من ترتيبِ الحُكمِ على الوصفِ واقترانِه بهِ، بحيثُ يُفهمُ أنَّهُ لا فائدَةَ لهذا الاقترانِ إلَاّ إفادَةُ التَّعليلِ.

مثالهَا: قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وقوله صلى الله عليه وسلم:((لا وصيَّةَ لوارثٍ)) [حديثٌ صحيحٌ أخرجه أصحابُ السُّنن وغيرُهم] .

ويُلاحظُ أنَّهُ لا بدَّ من انطِباقِ شُروطِ العلَّةِ المتقدِّمةِ على ما يُعتبرُ علَّةً من الأوصافِ، فقوله صلى الله عليه وسلم:((لا يَحكمُ أحدٌ بين اثنينِ وهو غضبانُ)) [متفقٌ عليه من حديث أبي بكرة] ، علِّق الحُكم بوصفِ (الغضبِ) ، لكنَّهُ في التَّحقيقِ لا يصلُحُ علَّةً تُعدَّى إلى فرعٍ، إنَّما تكونُ من قبيلِ العلَّةِ القاصرَةِ، بلْ تكونُ من قبيلِ العلَّةِ غير المُناسبَةِ كذلكَ، ولذا أُقيمَ المُسبَّبُ مُقامه، فإنَّ الغضبَ لمَّا كانَ يقعُ به تشويشُ الفكرِ الَّذي قد يحولُ دونَ العدْلِ في القضاءِ، كانَ هو الوصفَ المُناسبَ للتَّعليلِ به دونَ نفسِ الغضبِ، فقيسَ عليه الجُوعُ المُفرِطُ ونحوُهُ ممَّا يُوجدُ معهُ هذا الوصفُ.

2ـ طريقُ السَّبرِ والتَّقسِيمِ:

ص: 185

وهيَ طريقٌ يسلُكهَا المجتهدُ لاستنباطِ العلَّةِ، حيثُ لم يأتِ بها النَّصُّ صراحةً أو إيماءً.

والسَّبرُ: هو الاختبارُ، والتَّقسيمُ: حصرُ الأوصافِ المحتمَلَةِ الَّتي يظُنُّها المجتهدُ صالحةً لأن تكونَ علَّةً للحُكمِ.

فهي عمليَّةُ تُتبُّعٍ للأوصاف في (الأصلِ) ثمَّ فحْصِهَا باستعمالِ شُروطِ (العلَّة) المتقدِّمة، فيستعبِدُ ما لا تنطَبِقُ عليه الشُّروطُ، ويستبَقي ما كانَ كذلكَ.

مثالٌ تقريبيٌّ:

هبْ أنَّه لم يبلُغْكَ قوله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ مِسكرٍ خَمرٌ)) [أخرجه مسلمٌ وغيره] ، وأردتَ استنباطَ علَّةِ تحريمِ الخمرِ، فتسلُكُ طريقَ التَّقسيمِ أوَّلاً، فتقولُ مثلاً: أوصافُ الخمرِ هيَ: (سائلٌ، من العنبِ، أحمرُ، لهُ رائحةٌ، مسكرٌ) ثمَّ تسلكُ طريقَ السَّبرِ مستعملاً شُروطَ العلَّةِ، فتخلُصُ إلى إلغاءِ جميع هذهِ الأوصافِ لعدَمِ انضِباطِها أو مُناسَبَتِها أو امتناعِ تعديتِهَا إلى (الفرعِ) إلَاّ وصفَ (الإسكار) .

* فائدة:

ومن المسائلِ المشهورةِ الَّتي اختلفَ فيها الفُقهاءُ بسببِ اختلافِهِم في استنباطِ العلَّة: علَّةُ تحريمِ الرِّبا في الأصنافِ الرِّبويَّةِ السِّتَّةِ الواردَةِ في قوله صلى الله عليه وسلم: ((الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفضَّةُ بالفضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ

ص: 186

بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالملحِ، مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواءٍ، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفَتْ هذه الأصنافُ فبِيعُوا كيفَ شئتُمْ إذا كانَ يدًا بيدٍ)) [أخرجه مسلمٌ وغيرُهُ من حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ]، على ثلاثةِ مذاهبِ:

[1]

الحنفيَّة: العلَّةُ هي اتِّحادُ الجنسِ من الكيلِ أو الوزنِ، فقاسُوا عليها كلَّ مكيلٍ وموزونٍ.

[2]

الشّافعيَّة: بلْ هي اتِّحادُ الجنسِ مع الطُّعمِ أو الثَّمنيَّة، فقاسوا عليها كلَّ مطعومٍ وثمنٍ.

[3]

المالكيَّة: بلْ هي اتِّحادُ الجنسِ مع كونِهَا قوتًا مدَّخرًا أو ثمنًا، فقاسُوا عليها الأقواتَ الَّتي تُدَّخرُ والأثمانُ.

* تتمة:

يستعملُ الأصوليُّون ثلاثةَ مُصطلحاتٍ في مبحثِ (العلَّة) إليكَ ذكرَها ومعانيهَا:

1ـ تنقيحُ المناطِ:

التَّنقيحُ لغَّةً: التَّمييزُ والتَّهذيبُ، والمناطُ هو (العلَّة)، فـ (تنقيحُ المناطِ) هو: تهذيبُ العلَّةِ ممَّا علِقَ بها من الأوصافِ الَّتي لا مدخلَ لها في العلِيَّة.

ص: 187

وهذا من موارِدِ اختلافِ الفُقهاءِ، فلو أخذْتَ لها صورةً حقيقيَّةً بقصَّةِ المُواقعِ امرأتَهُ في نهارِ رمضانَ، فإنَّ من الأوصافِ أنَّهُ كان رجلاً، وأنَّهُ أعرابيٌّ، وأنَّه فقيرٌ، وأنَّهُ أفطرَ، وأنَّه جامعَ، فاستُبْعِدَتْ جميعُ الأوصافِ، إلَاّ (أنَّه أفطرَ) عندَالحنفيَّةِ والمالكيَّةِ فعلَّقُوا به الكفَّارةَ، فقالوا: من أفطرَ متعمِّدًا في نهارِ رمضانَ بجماعٍ أو أكلٍ أو شُربٍ فَعليْهِ الكفَّارةُ، وحذفَ الشَّافعيَّةُ والحنابلةُ جميعَ الأوصافِ إلَاّ (أنَّهُ جامعَ) فعلَّقوا الكفَّارةَ بالجِماعِ خاصَّةً، دونَ الأكلِ والشُّربِ.

2ـ تخريجُ المناطِ:

هوَ: استِخراجُ (العلَّةِ) أيْ: استِنباطُهَا بطريقِ (السَّبر والتَّقسيمِ) حينَ لا يدلُّ عليها دليلٌ، وإنَّما يستفيدُهَا الفقيهُ بطريقِ النَّظرِ.

3ـ تحقيقُ المناطِ:

هوَ نظرُ الفقيهِ في تحقيقِ (العَّةِ) في (الفرعِ) أو عدمِ تحقُّقها.

مثلُ: عَلِمَ الفقيهُ أنَّ علَّةَ وجوبِ اعتِزالِ النِّساءِ في المحيضِ هي (الأذَى) ، فيُنظرُ هل تُوجدُ هذه العلَّةُ في (النِّفاسِ) و (إتيانِ موضعِ الدُّبُرِ) ، أم لا، فإنْ وُجِدَتْ في هذينِ الفرعينِ صحَّ لهُ تعديةُ حُكمِ وجوبِ الاعتزالِ، وإلَاّ فلَا.

* تنبيه:

علِمتَ أنَّ مبنى (القياسِ) على اشتراكِ (الفَرْعِ) معَ (الأصلِ)

ص: 188

في (العلَّة) وهذا هو القياسُ الَّذي إذا اجتمعَتْ أوصافُه على ما تقدَّم بيانُهُ فهو (القياسُ الصَّحيحُ) .

غيرَ أنَّهُ جديرٌ بكَ أن تعلمَ أنَّ مُسمَّى (القياس) قدْ أطلقَهُ كثيرٌ من العلماءِ على:

1ـ ما يُلحقُ (الفرعُ) فيه بـ (الأصلِ) بمُقتضَى اللُّغةِ، ولا يتوقَّفُ على استنباطٍِ، وهو نوعانِ:

[1]

قياسُ الأولى:

مثالهُ قولهُ تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] ، فحرَّم الله التَّأفيفَ للوالدينِ، والعلَّةُ (إيذاؤهُمَا) ، وهذهِ العلَّةُ في ضربِهما وشَتْمِهمَا أقوى منها في التَّأفيفِ، فيكونُ الضَّربُ والشَّتمُ أولى بالتَّحريمِ من قولِ (أُفٍّ) ، ولا يتوقَّفُ فهمُ ذلكَ على نظرٍ واستنباطٍ، بلْ هوَ مُتبادرٌ من النّصِّ نفسِهِ.

[2]

قياسُ المُساواةِ:

مثالُهُ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] ، علَّةُ تحريمِ أكلِ أموالِ اليتامَى ظلمًا هي (الاعتداءُ عليها بالإتلافِ) ، وهذا المعنى ذاتُهُ موجودٌ في إتلافها بالإحراقِ.

ويُتصوَّرُ أن تكونَ (العلَّة) في (الفرعِ) ، أضعفَ منها في (الأصلِ) ،

ص: 189

ممَّا سمَّاهُ البعضُ بـ (قياس الأدنى) لكنْ لا ينبغي تصحيحُ هذهِ الصُّورةِ من القياسِ، لأنَّ ضعفَ العلَّةِ في الفرعِ يعني تخلُّفَ بعضِ معانيهَا أن توجدَ فيه، وهذا ينفي المثليَّة بينَ المقيسِ والمقيسَ عليهِ.

2ـ ما يُلحقُ (الفرعُ) فيه بـ (الأصلِ) بناءً على نوعِ شبهٍ بينهُمَا ليسَ هوَ علَّةً للحُكمِ، وهذا يُسمَّى بـ (قياس الشَّبه) .

ممَّا يُمثِّلُ لهُ به من يذْهبُ إليهِ: قياسُ الوُضوءِ على الصَّلاةِ في التَّرتيبِ والمُولَاةِ، بجامعِ كونِهِمَا عبادَةً تبْطلُ بالحَدَثِ.

ومن أمثلتِهِم لهُ: (العبدُ المملوكُ) لوْ أتلفَ شيئًا فهلْ عليهِ ضمانٌ أم لا؟ والتَّردُّدُ فيه حاصلٌ من جهةِ بمنْ يُلحقُ، أبا الحُرِّ لشبَهِهِ بهِ في الآدميَّةِ؟ أمْ بالبهيمَةِ لشَبَهِهِ بها في المِلكيَّة؟

هذا القياسُ مع ظُهورِ فسادِهِ فقد ذهب إلى القولِ بهِ جماعَةٌ من الفُقهاءِ، منهُمُ الشَّافعيُّ.

ويستدلُّ بعضُ أهلِ العلمِ لسُقوطِهِ بأنَّهُ لم يأتِ لهُ مثلٌ في كتابِ الله تعالى إلَاّ في موضعِ الذَّمِّ، وذكرَ من ذلكَ قولَ إخوَةِ يُوسفَ عن يوسُفَ عليه السلام:{إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77]، وقوله تعالى عن الكُفَّارِ في قولِهِم لنوحٍ عليه السلام:{مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} [هود: 27] .

ص: 190