الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السابع
العرف
* تعريفه:
هوَ ما ألِفَهُ النَّاسُ واعتَادُوهُ من الأقوالِ والأفعالِ.
وهوَ (العَادَة) عندَ الفُقهاء.
مثالهُ: تعارُفُ النَّاسِ على إطلاقِ لفظِ (الوَلَد) على الذَّكرِ دونَ الأنثى، وتقسِيمهِم الصَّداقَ إلى مُقدَّمٍ ومؤخَّرٍ.
ويكونُ العُرفُ عامًّا شائعًا، كما في المِثالينِ المذْكُورَينِ، وكمَا تقُولُ العامَّةُ للطَّبيبِ (دكتور) ، وكما يصطلِحُونَ على أزياءٍ مُعيَّنَةٍ يلبسُونَهَا.
ويكونُ خاصًّا بفريقٍ من المجتمعِ، كأصحابِ الحِرَفِ من الصُّنَّاعِ والفلَاّحينَ وغيرِهِم، أو أصحابِ العُلومِ المتخصِّصة كالمحدِّثينَ والمفسِّرينَ والأصوليينَ والفُقهاءِ والأطِّباءِ والمُهندِسِّينَ والصَّيادِلةِ، وعُرفُهُم هو اصْطلاحَاتُهُم الخاصَّةُ بعلومِهِم أو مِهنِهِم الَّتي تعارفُوا عليهَا ممَّا يستعملونَهُ بينَهُم من الأقوالِ والأفْعالِ.
* أقسامُه:
(العُرفُ) لا يخْفَى مجيئُهُ على وِفاقِ الشَّرعِ أو خلَافِهِ، فهوَ باعتبَارِ
هذَا المعنَى قِسمانِِ:
1ـ عُرفٌ صحيحُ:
وهو العادَةُ الَّتي لا تُخالفُ نصًّا من نصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا تُفوِّتُ مصلحَةً مُعتبرَةً، ولا تجلبُ مفسَدَةً راجِحَةً.
مثالهُ: تعارُفُ النَّاسِ على دَفعِ أثمانِ المبيعاتِ باستخْدَامِ بِطاقاتِ الدَّفعِ، وتعارُفهُم على بيعِ العُملاتِ، وتعارُفُهُم على التِّجارةِ بالأسهُمِ، وعلى ألفاظٍ عُرفيَّةٍ في التَّحيَّةِ مع لفْظِ السَّلامِ.
2ـ عرفٌ فاسدٌ:
وهوَ العَاد
…
ةُ تكونُ على خلافِ النَّصِّ، أو فيها تفويتُ مصلحةٍ معتبرةٍ أو جلبُ مفسدَةٍ راجِحَةٍ.
مثالُهُ: تعارفُ النَّاسِ على الافتِراضِ من المصارفِ الرِّبويَّةِ، وتعارُفُهمْ على إقامةِ مجالسِ العزَاءِ، وتعارُفُهُم على استعمالِ ألفاظِ البذاءِ عندَ التَّلاقِي.
وجميعُ الأعرافِ الَّتي تتَّصلُ بإثباتِ تعبُّدٍ لا نصَّ عليه فهيَ أعرافٌ فاسدَةٌ، لأنَّ العبادَاتِ توقيفيَّةٌ، وقدْ قال النَّبيّ- صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهُوَ رَدٌّ)) [متفقٌ عليه] .
* حجيته:
(العُرفُ) ليسَ دليلاً من أدلَّةِ الأحكامِ في طريقةِ عامَّةِ العلماءِ، ولكنَّهُ عندَهُم أصلٌ من أُصولِ الاستِنباطِ تجبُ مُراعَاتُهُ في تطبيقِ الأحكامِ، وإن سماهُ بعضُهُم (دليلاً) فإنَّما أرادَ هَذا المعنى.
و (العُرفُ) الَّذي يُراعى إنَّما هو (العُرفُ الصَّحيحُ) لا (الفاسِد) .
ومن قواعِدِ الفُقهاءِ في ذلكَ قولُهُم: (العادَةُ محَكَّمةٌ) ، فلو شتَمَ إنسانٌ إنسانًا بلفظٍ، فادَّعَى المشتوم أنَّ الشَّاتم قذَفهُ، روعيَ في ذلكَ ما جرى بهِ العُرفُ في استخدَامِ ذلكَ اللَّفظِ.
وكذا فيهِ قولُهُم: (المعروفُ عُرفًا كالمشرُوطِ شرْطًا) ، فلوِ اختلفَ المُستأجِرُ معَ صاحبِ المنزلِ في إصلاحِ تلفٍ في المنزلِ منْ يقومُ بهِ أو يدفعُ أُجرتَهُ، كان الحُكمُ فيهِ بينهما بالعُرفِ.
* تنبيه:
(العُرفُ) متغيِّرٌ بتغيُّرِ الزَّمانٍ والمكانِ، وما يتمُّ تطبيقُهُ على وَفْقِهِ من الأحكامِ يختلفُ باختلافِهِ، وكثيرٌ من فتاوَى الفُقهاء بُنيَتْ على مُراعَاةِ الزَّمانِ الَّذي كانو فيه، والبَلَد الَّذي عاشُوا فيهِ، فلا تصلحُ تعديَةُ ما أثَّر فيه العُرفُ من الفتاوى والأحكامِ إلى غيرِ أهلِ العُرفِ الَّذي أثَّر فيها، إنَّما تُعتبرُ خاصَّةً بذلكَ الزَّمانِ أو المكانِ، ويُراعَى
العُرفُ المستجدُّ في تطبيقِ الأحكامِ على ما يُناسبُهُ.
ورُبَّما أطْلقَ في هذا بعضُ أهلِ العلمِ عبارةَ: (الأحكامُ تتغيَّرُ بتغيُّرِ الزَّمانِ والمكانِ) ، وإنَّما هذا مُرادُهُم.
وفي هذا إبطالٌ لمسالكِ كثيرٍ من أهلِ زَمَانِنَا ممَّنْ يلجَأُ إلى فتاوى ناسبَتْ ظرفًا وحالاً ليسَ بظرْفنَا وحالِنَا يُريدُ أن يجعلَ تلكَ الفَتَاوى كأحكامِ الله الثَّابتَةِ!
* * *