الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غلبَ جانبُ المفسَدَةِ بالتَّركِ فالسُّنَّةُ الفِعلُ.
(3) سنة تقريرية
* المقصودُ بها:
سكوتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتركُهُ الإنكارَ على قولٍ أوفعلٍ وقعَ بحضْرتِهِ، أو في غيبتِهِ وبلغَه، أو تأكيدُهُ الرِّضا بإظهارِ الاستِبشَارِ بهِ أو استِحسَانِهِ.
ومن أمثلةِ ذلكَ:
1ـ حديثُ عائشة رضي الله عنها: أنَّها ذكرَ عندَهَا ما يقطعُ الصَّلاةَ، فقالوا: يقطَعُها الكَلبُ والحمارُ والمرأةُ، قالتْ: لقدْ جعلتُمونَا كِلابًا، لقدْ رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وإنِّي لبيْنَهُ وبينَ القِبلةِ وأنَا مُضطَجِعَةٌ على السَّريرِ، فتكونُ لي الحَاجَةُ فَأكرَهُ أن أسْتَقْبِلَهُ، فأنْسَلُّ انسِلَالاً [متفقٌ عليه] .
2ـ حديثُ أبي سعيدٍالخُدريِّ رضي الله عنه: أنَّ ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتَوْا على حيٍّ من أحياءِ العربِ، فلمْ يقرُوهُم، فبينمَا همْ كذلكَ إذْ لُدِغً سيِّدُ أولئكَ، فقالُوا: هلْ معَكُم من دواءٍ، أو راقٍ؟ فقالوا: إنَّكُم لم تقرُونَا، ولا نفعلُ حتَّى تجعلُوا لنَا جُعلاً، فجعلُوا لهُم قطيعًا من الشَّاءِ فقالوا: لا نأخُذُهُ حتَّى نسألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم -
فسألوهُ، فضحِكَ، وقالَ:((وما أدراكَ أنَّها رُقيةٌ، خذُوهَا واضْرِبُوا لي بِسهمٍ)) [متفقٌ عليه] .
وممَّا يندجرُ تحتَ السُّنَّةِ التَّقريريَّة:
[1]
أنْ يقعَ الفعلُ في زمانهِ صلى الله عليه وسلم، ويكونَ مشهورًا لا يخفى مثلُهُ في العادَةِ أن يبلُغَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم.
مثلُ: قصَّةِ مُعاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنه أنَّهُ كان يُصلِّي مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ يرجعُ فيؤمُّ قومَهُ [متفقٌ عليه من حديث جابرِ بن عبد الله] ، فهذا دليلٌ على جوازِ أن يؤمَّ المتنفِّلُ المفترضينَ، وأنَّه لا يضرُّ اختلافُ نيَّةِ الإمامِ والمأمومِ.
[2]
أنْ يقعَ الفعلُ في زمانهِ صلى الله عليه وسلم، وليسَ مثلُهُ مظِنَّةَ الاشتِهارِ في العادَةِ، فلا يُدرى أعَلِمَ به النَّبي صلى الله عليه وسلم أم لا، فهذا عندَ طائفَةٍ ليسَ بحُجَّةٍ، وذهبً بعضُ العلماءِ إلى أنَّهُ حجَّةٌ مالم يُعارضْ بنصٍّ أقوَى، لأنَّ الله تعالى مُطَّلعٌ، وجبريلُ ينزلُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالشَّرائع.
والقولُ بحُجيَّتِهِ أصحُّ، وقد مضى الحالُ من أصحابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في حياتهِ على إدراكِ هذه الحقيقةِ، فكانُوا يعلمونَ أنَّهُم لن يُقَرُّوا على باطلٍ ما دامَ القُرآن ينزلُ وإن كانَ ذلكَ مِمَّا لا يطَّلع عليهِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في العادَةِ، كما صحَّ عن عبد الله بن عُمرَ رضي الله عنهما قالَ: كُنَّا نتَّقِي كثيرًا من الكلامِ والانبِساطِ إلى نسائنَا على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافَةً