الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألةِ إلى حدِّ مخالفةِ الدَّليلِ، وهذا إنَّما يُنكرُ باعتبارِهِ (مصلحةً مُلغاةً) ولا يصحُّ أن يكونَ من قبيلِ (المصالحِ المُرسلَة) .
والواقعُ العمليُّ يُؤكّدُ أنَّ جميع فُقهاء المذاهبِ أخذُوا بالمصلحة المرسلةِ في كثيرٍ من الفُروعِ.
*
ضوابط الاحتجاج بالمصلحة المرسلة:
1ـ أن تكونَ مُلائمةً لمقاصدِ الشَّرعِ، بأنْ تكونَ من جنسِ المصالحِ الَّتي جاء بهَا، لا تُخالفُ أصلاً من أصولهِ ولا تُنافي دليلاً من أدلَّةِ أحكامِهِ.
2ـ أن تكونَ فيما عُقل معناهُ وأُدركَ وجهُهُ على وجهِ التَّفصيلِ، لا في التَّعبُّداتِ أو ما يجري مجراهَا، كالوُضوءِ والصَّلاةِ والصَّومِ، فإنَّ التَّعبدَّاتِ لا تُدركُ معانيها على وجهِ التَّفصيلِ، إذْ لا تُدركُ وجوهُ المصالحَ فيها بغيرِ دلالةِ الشَّرعِ.
3ـ أن ترجعَ إلى حفظِ ضروريٍّ كحِفظِ الدِّينِ والأنفُسِ والأموالِ، أو رفعِ حرجٍ لازمٍ في الدِّين تخفيفًا وتيسيرًا.
* من أمثلة المصالح المرسلة:
1ـ جمعُ المصحف، اتَّفق عليه الصَّحابةُ ولا نصَّ عليهِ، إنَّما اقتضَتْهُ مصلحةُ حفظِ الدِّينِ.
2ـ جلدُ شاربِ الخمرِ ثمانينَ جلدةً تعزيرًا، اتَّفق عليه الصَّحابةُ في عهدِ عُمرَ لأنَّهُم رأوْا أنَّ الشَّريعةَ لم تأتِ فيه بحدِّ مُقدَّرٍ، ومصلحةُ دَرءِ المفسَدَةِ اقتضَتْ ذلكَ، وهذا في حفظِ ضروريِّ وهو العقلِ.
3ـ لو تعسَّر على أهلِ بلدٍ وجودُ الحلالِ الطَّيِّب في الأموالِ أو المكاسِبِ، وانتشرَ وجودُ الحرامِ، ومسَّتِ الحاجَةُ إلى الزِّيادَة على سدِّ الرَّمقِ في الطَّعامِ والشَّرابِ والمَلبسِ والمسكَنِ، جازَ سدُّ تلك الحاجَةِ فيما يزيدُ على الضَّرورةِ ولا يصلُ إلىالتَّنعُّمِ والتَّرفُّهِ، وإباحتُه عندَ الفُقهاءِ بمُقتضَى المصلحةِ رفعًا لحرجٍ لازمٍ، وهوَ أصلٌ جاءتْ به الشَّريعةُ من حيثُ الجملَةُ، فليسَ هو بهذا الاعتبارِ مصلحةً مُلغاةً، لرُجحانِ جانبِ المصلحَةِ على المفسدةِ، وهذا المثالُ صحيحٌ مُتصوَّرٌ في الرِّبا ونحوِهِ، لكنَّهُ ممتنِعٌ فيما كانَ أذًى للغيرِ محضًا أو غالبًا كالغضبِ والسَّرقةِ.
* تنبيه:
للأصُوليِّين والفُقهاء ألقابٌ أخرى لـ (المصلحة المُرسلَة) منها: الاستِصلاح، والاستدلال، واستحسانُ الضَّروةِ، وقياسُ المناسبة.
* * *