الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم دعوة النساء بلا حجاب
السؤال: كنت راجع من الباكستان حديثا، جلست في الباكستان أربعين يوماً، وصار عندي حماسة وغيرة على الدين وحرقة، وكنت قوي في الدعوة، فكنت دائماً متحرك فيها، أدعو الجنسين الذكور والإناث، والحمد لله الله عز وجل وفق وأخذ باليد كثير من البنات احتشمن ولبسن الحجاب، وكذلك من الشباب، لكن مع كثرة الإمساس تقل الإحساس، يبدو أن العاطفة بدأت تَخِف شوي شوي، وبدأت أجد صعوبة في الكلام معهم، خاصة مع كثير من خلاف بعض العلماء لي، يقولوا: إنه لا يجوز وعظ البنات أو النساء بدون حجاب، ونحن موظفين مع بعض في غرفة واحدة .. بطبيعة العمل بدون حجاب، فهل لا يجوز المقابلة في الوعظ، بينما يجوز المقابلة في العمل؟ هذه نقطة، بس عندما أريد أن أتحدث في الدين أتحرج كثيراً؟
الشيخ: وهؤلاء الذين قالوا لك علماء؟
مداخلة: على الأقل يسموا أنفسهم علماء.
الشيخ: لا.
مداخلة: أنا حبيت أسترشد برأيك.
الشيخ: سأقول لك شيئاً لن تسمعه منهم، هم لو أرادوا نصيحتك، سيقولون لك: لا تقعد هذا المجلس، أي: طلق وظيفتك بالثلاثة.
فهم إذا قالوا لك هكذا، بعد ذلك يأتي كلامهم الذي أنت نقلته لي آنفاً، أما الكلمة الأولى لا يقولوها لك، وأنت تقول لهم الكلمة الذي قلتها لي، وهذا واقع أنك أنت عايش معهم، فلماذا لا يجوز؟
يمكن الأمر يحتاج إلى توضيح أليس كذلك؟
مداخلة: طبعاً.
الشيخ: يعني الاختلاط في الشرع ممنوع، وهناك فرق بين إنسان باستطاعته أن لا يختلط، وإنسان آخر يفرض عليه الاختلاط.
مثلاً: الواحد منا ينزل السوق، وخاصة إذا كان السوق مزدحم، تجد في الطريق نساء، شي هيك وشي هيك .. وإلى آخره، ماذا يفعل؟ كما قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30].
لكن إنسان يريد أن ينتمي لدراسة علم ما، إلى جامعة ما، والتدريس فيها مختلط، هنا لا يجوز له أن يطلب هذا العلم بهذا المختلَط، لأن الله لم يكلفه أن يرمي نفسه في الُّلجة قد ينجو، وقد لا ينجو، وكما قال عليه السلام:«ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه» .
فالآن أنت أو غيرك هذه الوظيفة الذي تعمل فيها، أنا أقول إما وإما، لأنه لا أريد أن أفرض رأيي على غيري، إما أن تكون أنت مضطر في هذا العمل فيجوز، وإلا غير مضطر فلا يجوز.
لو فرضنا، وقلت لي أنا مضطر، فأنا عندي استعداد أن أناقشك، لكن لا أريد أن أدخل هذا المدخل، ولا أريد أن ألج هذا المولج، فإذا كانت وظيفتك هذه من القسم الأول، يعني مضطر، حينئذٍ يأتي جوابك للمشايخ في محله.
وقولهم: لازم يكون بينك وبينهم حجاب، أنت لازم تعكس عليهم الأمر وتقول: قولوا للفتيات أنه لازم يضعوا بينا وبينهن حجاب، وليس نحن.
مداخلة: ما راح يستجيبوا.
الشيخ: لا، القضية الآن ليس الكلام مع الفتيات، الكلام مع هؤلاء الذي سميتهم علماء، أنه بدل ما يقولوا لك: أنت لا يجوز أن تتكلم إلا بينك وبينهم حجاب، نقول لهم: قولوا لهؤلاء الفتيات أن يتحجبوا.
وأخيراً أنا أقول بدون ما أدخل بتفاصيل، أنت مضطر أو غير مضطر، لريثما
يتسنى لك عمل شرعي أكثر من الذي أنت فيه، وفي حكم عملك هذا كما قلت آنفاً، فأنت مجتمع مع الجمع فيه شباب في شابات في شبان في فتيات .. إلى آخره، لا أرى مانعاً أبداً أنك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر مع غض البصر.
مداخلة: .. منهم من مضى علينا معهم ثلاث سنوات، والنصائح والمواعظ متتالية، ولكن ليس هناك استجابة.
الشيخ: الله أكبر.
مداخلة: وبعضهم أعمل معه في نفس المهنة عمل ميداني وعمل مكتبي، وخلال العمل الميداني في النهار الساعة عشر أو إحدى عشر يومياً الليل على المطعم
…
، فمثل هذا وهو مكب على المعصية ورافض الاستجابة، هل يجوز الأكل معه، مؤاكلته ومشاربته؟
الشيخ: أنت مستمر في نصيحته أو تركته؟
مداخلة: مستمر.
الشيخ: من جملة استمراريتك أن تُؤاكله وتشاربه وتناصحه. واضح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: لكن لو فرضنا -لا سمح الله- أنك يئست منه، نفضت إيدك منه، هذا لا تخالطه بالمرة.
مداخلة: لا الحمد لله ما وصلنا لهذا.
الشيخ: الحمد لله، وذلك ما نبغي، ولذلك فأكلك وشربك معه جائز تماماً.
مداخلة: في بعض الزملاء من طبعه الفكاهة والمرح وأحياناً تكون الفكاهة على شكل استهزاء وسخرية بالدين.
الشيخ: الله أكبر.
مداخلة: فمثلاً الاستهزاء باللحية بالثوب، الاستهزاء بالمُتديِّن بشكل عام، الاستهزاء بالدين على أساس أنه موديل قديم وموضة.
فأيهما أفضل: أن نسايره وأن نداريه بالكلام اللطيف، أو نضغط عليه ونشد عليه بالكلام، نشدد عليه؟
الشيخ: هذا بارك الله فيك، يختلف إذا كنت حديث عهد بالاتصال به.
مداخلة: لا قديم.
الشيخ: إذا كنت قديم الاتصال به، فلا بد أنك أسمعته ما يجب له عليك من النصيحة.
مداخلة: الحمد لله ما قصرت معه، لكن أريد الأسلوب الأمثل
…
الشيخ: أنا آتيك بالكلام، فأنا أقول: لا بد أنك أسمعته ما يجب من النصيحة والموعظة الحسنة، فنفس الكلام الذي قلته لك بالنسبة للشخص الذي بتعيش أنت وإياه بعملك، قلت لك: إنه إذا يئست منه وإلا، فأيضاً نفس الكلام يقال لك بالنسبة لهذا النوع الثاني، فأنت نصحته مرة بعد مرة وكرة بعد كرة، فإذا وصلت إلى اليأس منه وتنفض يدك منه، اعمل له اللازم من الكلام الذي يجرح .... ؛ لأنه كما قيل:
العبد يُقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة
واضح؟
مداخلة: واضح.
الشيخ: ولا بد أنك فهمته، من جملة ما فهمته أنه يا أخي صحيح أنك تمزح، لكن أنت في علمك أنت أنك رجل مسلم، فأنت تسخر من الدين وأهل الدين، ألا تعرف أن هذا يخرجك من الدين كما تخرج الشعرة من العجين، أو أن هذا لا يهمك حرام حلال، تكفر أو لا تكفر، على ضوء ما يسمعك تسمعه، إذا قال لك: أعوذ بالله أنا لا أريد كذا .. إلى آخره، تستعمل اللين معه، وإذا رأيت منه لا مبالاة فتقسو عليه.
مداخلة: لا، هو من الجزء الأول الذي ذكرته، لكن متأمل دائماً برحمة الله وعفو